
الصديقي: المهرجان يحتفي بمحبي «أبو الفنون».. «كون سيئ السمعة» يدشن انطلاقة «الدوحة المسرحي»
محمد عابد
انطلقت الليلة الماضية فعاليات الدورة السابعة والثلاثين من مهرجان الدوحة المسرحي، الذي تنظمه وزارة الثقافة ممثلة في مركز شؤون المسرح، بالتعاون مع مركز قطر للفعاليات، على خشبة مسرح 'يوفينيو'، للعام الثاني على التوالي.
وطرح عبد الرحيم الصديقي، مدير مركز شؤون المسرح ورئيس المهرجان في كلمة افتتاحية مؤثرة، تساؤلات وجودية حول سر استمرار الناس في ارتياد المسرح رغم تغيّر الذائقة العامة وهيمنة 'الترندات' و'الهاشتاغات'، وأجاب: هل هو سحر المكان؟ أم شعور الانتماء إلى الجماعة؟ أم هو ذلك الإحساس النقي بالممثل وهو يواجه المتلقي مباشرة بلا وسيط؟ أو ربما لأن المسرح، بطبيعته، هو الفن الذي يجمع بين كل الفنون؟'
وأكد الصديقي أن المهرجان لا يقتصر على تقديم العروض، بل هو احتفاء بحضور المسرح نفسه، وبالحراك الثقافي، وبالفنانين الذين ما زالوا يعشقون خشبة «أبو الفنون» وأضاف: 'في هذا المهرجان، نحتفل بالخطأ كما نحتفل بالصواب، لأن المسرح في جوهره تجربة إنسانية كاملة، فيها ما يُضحك وما يُبكي، ما يُحرّك الفكر وما يُشعل الوجدان.'
ووجه الصديقي دعوة مفتوحة للجمهور 'تعالوا إلى المسرح.. لتضحكوا، لتبكوا، لتفكروا.. ولتقولوا من قلوبكم: الحمد لله على نعمة المسرح.'
واقع مرير
وافتُتحت العروض المتنافسة بمسرحية 'كون سيئ السمعة'، من تأليف وإخراج حمد الرميحي، وإنتاج شركة الموّال للإنتاج الفني.
وقال الرميحي في تصريح لـ'العرب' إن المسرحية تعكس الواقع المرير الذي تعيشه الإنسانية في زماننا المعاصر، 'زمن ماتت فيه الإنسانية، ومات فيه الضمير الإنساني، وضمير العالم'. وأشار إلى أن العمل يحمل العديد من الإسقاطات المرتبطة بالأوضاع الراهنة، وما نشهده من كوارث إنسانية وحروب، في ظل صمت دولي.
ويعود الرميحي في عمله إلى فترة ما قبل الإسلام، مسلطًا الضوء على مملكة 'الفرح' التي تشهد ثورة من سكانها. ويقوم الملك (سالم الجحوشي) باستدعاء عرّافة (تجسد دورها الفنانة حنان صادق) لتنبؤ ما سيحدث في المستقبل، فتنطلق الأحداث بتسارع درامي، حيث تقع ابنة الملك في حب الحكيم 'ماعش'، الذي قام بدوره الفنان محمد أنور ويؤدي دورًا إصلاحيًا رافضًا للظلم والعدوان، ممزقًا بين قلبه الذي يحب ابنة الملك، وعقله الذي يعارض والدها الظالم.
ورغم ازدياد أنصار الحكيم، إلا أنهم يواجهون قبضة الملك الغاشمة. وتبلغ الأحداث ذروتها عندما يتنازل الملك عن العرش لابنته، والتي لعبت دورها فاطمة يوسف، لتجد نفسها في صراع بين حبها لـ'ماعش' وولائها لمملكتها المهددة من قبل جماعة تُعرف بـ'المعاشيين'، بينما تواصل والدتها، الملكة السابقة، تحريضها على قتل الحكيم، وعندما تنجح قوى من المملكة في قتل 'ماعز'، تنتحر الملكة الشابة. ويستغل أحد أعوان الملكة السابقة الفوضى للانقلاب على الحكم، فيعدمها، ويعم الفساد البلاد. وتُختتم المسرحية بمشهد رمزي يحمل رسالة واضحة:'عندما يحكم العالم مجموعة من المجانين، لا يهتمون سوى بمصالحهم، يصبح الكون سيئ السمعة.'
العروض المتنافسة
تتواصل العروض المتنافسة ضمن المهرجان، حيث تُعرض مساء اليوم الخميس مسرحية 'غرق' لفرقة الوطن المسرحية، من تأليف طالب الدوس وإخراج محمد البلم، فيما تقدم فرقة قطر المسرحية غدًا الجمعة عرضها 'الساعة التاسعة'، من تأليف مريم نصير، وسينوغرافيا وإخراج محمد يوسف الملا.
أما السبت 24 مايو، فتقدم شركة تذكار للإنتاج الفني مسرحية 'أنتم مدعوون إلى حفلة'، من تأليف فاطمة العامر وإخراج فيصل العذبة. ويليها يوم الأحد المقبل عرض مسرحية 'الغريب'، من تأليف تميم البورشيد، وإخراج محمد الملا، وتنتجها شركة إشهار.
كما يُعرض يوم الاثنين 'الربان' لشركة جسور، تأليف الدكتور خالد الجابر، وإخراج علي ميرزا محمود. ويليه مساء الثلاثاء عرض 'نخل' من تأليف وإخراج فيصل رشيد، وتقدمه شركة فضائية.
وتقدم فرقة الدوحة المسرحية مساء الأربعاء 28 مايو مسرحية 'ريحة الهيل' من تأليف وإخراج عبدالرحمن المناعي، وتعرض شركة السعيد للإنتاج الفني مساء الخميس 29 مايو مسرحية 'مطلوب مهرجين'، من تأليف تغريد الداوود، وإخراج فالح فايز.
ويُختتم جدول العروض 30 مايو بمسرحية 'البهلول' لشركة مشيرب، تأليف طالب الدوس، وإخراج جاسم الأنصاري.
ويُقام الحفل الختامي مساء السبت 31 مايو، متضمنًا تتويج الفائزين، بالإضافة إلى عرض استعراضي ختامي بعنوان 'المسرح جمهور'.
فعاليات مصاحبة وتكريم رموز المسرح
يتضمن المهرجان ندوات تطبيقية تعقب بعض العروض المسرحية، بالإضافة إلى ندوتين تطبيقيتين الأولى مساء الجمعة، والثانية مساء الأربعاء 27 مايو، يشارك فيهما عدد من النقاد والمسرحيين.
وسوف يتم خلال اليوم الختامي تكريم عدد من الفنانين المسرحيين الذين رشحتهم الفرق المشاركة، وهم: الفنان يوسف أحمد (فرقة الوطن)، الفنان سعد البورشيد (فرقة قطر المسرحية)، والفنان أحمد المفتاح (فرقة الدوحة المسرحية).
وتتألف لجنة التحكيم من: الدكتورة هدى النعيمي (رئيسة)، والمخرج سالم ماجد المرزوقي، والدكتور عبد الكريم جواد (سلطنة عمان)، والدكتور موسى آرتي (الكويت)، والمخرج عصام السيد (مصر).
كما يشهد المهرجان تدشين كتابين أصدرهما مركز شؤون المسرح يوثقان السيرة الذاتية لاثنين من رموز الحركة المسرحية في قطر، وهما: الناقد الدكتور حسن رشيد، والمخرج والفنان فالح فايز، تقديرًا لإسهاماتهما في تطوير المشهد المسرحي المحلي.
ويجسّد مهرجان الدوحة المسرحي رؤية وزارة الثقافة في دعم وتطوير الحركة المسرحية في قطر، عبر تشجيع التجارب الفنية المتنوعة، ورعاية المبدعين القطريين في مختلف مجالات الفنون الأدائية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 2 أيام
- العرب القطرية
كيف روى «الفن السابع» درب النور لرحلة غيرت تاريخ العالم .. الهجرة النبوية في السينما العربية.. أيقونات خالدة
محمد عابد احتفت السينما العربية بعدد من الأعمال التي تناولت الهجرة النبوية الشريفة، ذلك الحدث المفصلي في تاريخ الدعوة الإسلامية، والذي احتفى به المسلمون أمس الخميس. ورغم ندرة الإنتاج، فقد شكّلت هذه الأعمال علامات فارقة في مسيرة الفن الديني، وسعت إلى غرس قيم التضحية والصبر والتعايش، في ظل تحديات فنية وفقهية وإنتاجية مستمرة، وفي هذا الصدد عرضت منصة الجزيرة 360 مؤخرا الفيلم الوثائقي» هجرة غيرت التاريخ « من إنتاج الجزيرة الوثائقية عام 2011، في ثلاثة أجزاء. الفيلم تم بالتعاون مع السلطات السعودية في تصوير الأماكن التي مر بها النبي في رحلة الهجرة من مكة إلى المدينة حيث يوثق الآثار والشواهد التاريخية والسيرة المكانية لرحلة الهجرة النبوية على امتداد نحو 450 كيلو مترا. وقد أعاد الفيلم إلى الأذهان السؤال عن السينما والهجرة النبوية، وكيف عالجت السينما هذا الحدث الذي غير مجرى التاريخ من خلال تأسيس دولة الإسلام. ولم تكن الهجرة النبوية جرد انتقال جغرافي، بل كان تحولًا حضاريا، وانبعاثا لمجتمع قائم على الإيمان والعدل والحرية. وهو ما دفع السينما العربية وبل والعالمية على استحياء، إلى محاولة معالجة هذا الحدث المفصلي، عبر أعمال حملت في طياتها رسائل روحية وتربوية وقيمية تتجاوز حدود الشاشة. بالرجوع إلى تاريخ السينما العربية نجد أنها تناولت الهجرة النبوية من خلال ثمانية أفلام رئيسية بين عامي 1951 و1976، ضمن مسار إنتاجي نادر لما يُعرف بـ'السينما الدينية'، والذي لم يتجاوز حتى الآن على اقصى تقدير 30 فيلما طوال تاريخ السينما العربية، ومع ذلك فقد سجلت بعض الأفلام سجلا من نور لهذه الرحلة المباركة، وتحولت بعض الأفلام إلى أيقونات سينمائية دينية لعل أهمها على الإطلاق فيلم الرسالة للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد. التأريخ بالفن ويرى النقاد أن أول فيلم عن الهجرة كان 'ظهور الإسلام' (1951)، وهو عمل اقترب من السرد الديني عبر نص أدبي متين، مستوحى من 'الوعد الحق' للدكتور طه حسين، حيث يروي التحولات التي سبقت البعثة، ويمهد لخروج الدعوة الإسلامية إلى النور. وحسب النقاد فإن الفيلم اعتمد على النمط المسرحي واللغة الخطابية، ليبني صورة رومانسية للمجتمع التوحيدي الوليد. في العام 1953، جاء فيلم 'بلال مؤذن الرسول'، الذي اختار أن يسرد الحدث من زاوية مختلفة، عبر سيرة الصحابي بلال بن رباح، والذي رافق النبي في الهجرة وكان أول مؤذن في الدولة الجديدة. فتظهر سيرة الصحابي بلال بن رباح مدخلا إلى فهم القيم الكبرى للهجرة: الحرية، الكرامة الإنسانية. ورغم أن بعض الأفلام مثل 'بيت الله الحرام' (1957) و'مولد الرسول' (1960) لم تتناول الهجرة بشكل مباشر، إلا أنها أرست السياق التاريخي والنفسي الذي يجعل من الهجرة نتيجة منطقية لكفاح طويل ضد الجهل والاضطهاد. ثم جاء فيلم 'هجرة الرسول' (1964) للمخرج إبراهيم عمارة ليحمل الاسم والمضمون، ويتناول رحلة الهجرة كعلامة على انتقال الدعوة من ضيق الاستضعاف إلى رحابة التمكين ويعتبر واحدا من الأفلام التي تناولت الحدث فنيا بعمق من خلال شخصية الأمة حبيبة وهي واحدة من المستضعفين الذين آمنوا بالله ورسوله وتتحمل الأذى في سبيل الدفاع عن معتقدها وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصولا إلى الهجرة المباركة التي تفتح بابا جديدا نحو النور. وجاء من بعده فيلم يظل علامة فارقة في السينما العربية هو فيلم الشيماء اخت الرسول عام 1972م، للمخرج المصري حسام الدين مصطفى، عن شخصية الشيماء أخت الرسول صلى الله عليه وسلم في الرضاعة، وتؤمن مع أسرتها بدعوة محمد، إلا بجاد زوج الشيماء العنيد الذي يكره محمد صلى الله عليه وسلم كرهًا وحقدًا دفينًا، تنتشر أخبار الدعوة الإسلامية، ويتحالف بجاد مع أعداء النبي صلى الله عليه وسلم في سبيل القضاء على دعوته سواء في مكة أو في المدينة. فيظهر الفيلم التحديات التي واجهت المجتمع المؤمن وكيف خرج منها في هجرات متتالية وصولا إلى الهجرة الكبرى إلى المدينة المنورة. «الرسالة» والذروة الفنية لكن الذروة الفنية الحقيقية كانت في فيلم 'الرسالة' (1976)، للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، والذي يُعد بحق الملحمة السينمائية الأضخم في تاريخ السيرة النبوية. تعامل العقاد مع الهجرة باعتبارها حدثًا يتجاوز الزمان والمكان، واختار أن يُجسدها دون أن يُجسد صاحبها فنجح في تسجيلها كذاكرة حية لدى المشاهدين حتى اليوم.. وكان بنسختين، واحدة باللغة الإنجليزية، لعب الدور الرئيس فيها الممثل العالمي أنتوني كوين، وثانية باللغة العربية مثل فيها نجوم عرب على رأسهم الفنان المصري الكبير عبد الله غيث. الرسالة القيمية ولم تكن هذه الأفلام مجرد تسجيل لحادثة تاريخية، بل حملت في طياتها رسائل قيمية رفيعة، حاولت أن تُترجم روحية الهجرة إلى دروس بصرية وإنسانية. فقد جسّدت قيمة التضحية من خلال مشاهد التخلي عن الديار والمال، وقيمة الصبر والثبات عبر رصد ملامح المعاناة اليومية للمسلمين في مكة، وقيمة التوكل المقترن بالتخطيط، كما رأينا في تفصيلات الرحلة. وأبرزت الأعمال كذلك قيمة الأخوة المؤسِّسة للدولة الإسلامية، حيث صوّرت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار كلبنة أولى لبناء مجتمع متكافل، يتجاوز القبيلة والدم. كما حملت مشاهد إقامة وثيقة المدينة - التي أُشير إليها في بعض الأفلام والوثائقيات - دعوة ضمنية إلى قيم التعدد والعيش المشترك والتسامح الديني. الهجرة في الوثائقيات بينما ظل الخيال الدرامي السينمائي مكبلًا بقيود فقهية وإنتاجية، فتحت الأفلام الوثائقية العربية، خصوصًا تلك التي أنتجتها قنوات كـ'الجزيرة الوثائقية'، الباب واسعًا لتناول الهجرة النبوية بحرية أكبر، عبر سرد تحليلي معزز بالخرائط والمخطوطات والآراء التاريخية. ومن أبرز الأمثلة على المعالجة الغربية للحدث، الفيلم الوثائقي الأمريكي 'الإسلام: إمبراطورية الإيمان' (2000)، الذي سعى لتقديم السيرة النبوية، بما فيها الهجرة، بلغة سردية معاصرة، تستهدف المتلقي الغربي وتضع الإسلام في سياقه الحضاري والإنساني. الهجرة النبوية ليست مجرد حدث، بل علامة فارقة في الوعي الإسلامي. ولذلك، فإن الأعمال السينمائية التي تناولتها حاولت – بدرجات متفاوتة – أن تزرع في وجدان المتلقي مجموعة من القيم من أهمها التضحية والوفاء والشراكة والتخطيط الاستراتيجي وأن بناء المجتمع يقوم على المؤاخاة والحب والتعاون. ورغم أهمية الموضوع وقيمته التربوية والدرامية، فإن السينما العربية لم تُنتج عملًا جديدًا عن الهجرة منذ عقود. لا تزال 'الرسالة' تُعرض عامًا بعد عام، وكأن الزمن توقّف عند تلك المحاولة الجبارة. لقد خسرنا فرصة توظيف أدوات العصر، من الرسوم المتحركة إلى الواقع الافتراضي، في تقديم سيرة الهجرة للأجيال الجديدة بلغة يفهمونها.


العرب القطرية
منذ 4 أيام
- العرب القطرية
العرض ينطلق الليلة بمسرح يوفينيو ولمدة يومين .. «الجابلة» تواجه الشعوذة بالكوميديا
الدوحة_العرب تعرض المسرحية الكوميدية « الجابلة» مساء غد الخميس على مسرح يوفينيو لمدة يومين. تأتي المسرحية وهي من إنتاج شركة ديب للإنتاج الفني، في قالب كوميدي اجتماعي من تأليف راشد العبد الرحمن وإخراج إبراهيم لاري. ويشارك في التمثيل كل من: خالد الحميدي، إبراهيم لاري، إبراهيم مبروك، موري، هدى المالكي، جمعة الأحمد، راشد العبد الرحمن ويستمر عرضها ثلاثة أيام. وتدور المسرحية في قالب كوميدي اجتماعي تعالج عددا من القضايا الاجتماعية، مشيرا إلى أن أحداث المسرحية تدور في أحد البيوت الشعبية القديمة والمتهالكة نوعاً ما التي تسكن فيها شخصية الملا بلال الذي بدوره يقوم بإدارة فرقة غنائية مختصة في نوع من أغاني التحضير والشعوذة. وتقدم المسرحية في قالب كوميدي وتحتوي على مجموعة من الخدع المسرحية البصرية والحركية بالإضافة الى استخدام تقنيات مسرحية حديثة في العرض المسرحي وذلك للزيادة من نسبة الترفيه في العرض، حيث تحاول إظهار حقيقة الدخال ونفسيته غير السوية وانه مجرد دمية في يد راعي البيت الذي يظهر بشكل مغاير فهو قوي الشخصية وفي ظاهره الطيبة لكنه يضمر الاستغلالية والانتهازية ويقتات على تجارة الخوف عن طريق خادمه الملا بلال. وتعتمد المسرحية في رؤيتها الإخراجية على تقنيات مسرحية وكذلك على الجانب الموسيقي والغنائي بما يساهم في تحقيق رسالة العرض المسرحي وهي أن الجهل يؤدي إلى الفساد وأن التعليم واتباع تعاليم الدين تنجي الإنسان من المهالك وتجعل منه شخصا سويا وقدوة حسنة وان المال الحرام لا يدوم. الجدير بالذكر ان المسرحية عرضت من قبل على خشبة مسرح الدراما بالمؤسسة العامة للحي الثقافي كتارا في ابريل الماضي.


العرب القطرية
منذ 4 أيام
- العرب القطرية
يجسد قصة وطن وتاريخ شعب .. متحف قطر الوطني يحتفي بنصف قرن من الإرث والابتكار
محمد عابد بجماله الأخاذ، يقف متحف قطر الوطني أو «وردة الصحراء» شامخا في قلب الدوحة، وقد أصبح أيقونة ثقافية ومعمارية تجسد قصة وطن وتاريخ شعب. ففي هذا الشهر، يحتفل متحف قطر الوطني بمرور خمسين عامًا على افتتاحه الأول في يونيو 1975، مكرّسًا نصف قرن من الزمن لصون الهوية القطرية وتوثيق الذاكرة الوطنية. ويمثل متحف قطر الوطني درة تاج الثقافة القطرية، ويعكس تصميمه الهوية القطرية؛ إذ تتداخل فيه ملامح الأصالة والمعاصرة. وقد نشرت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر مؤخرا على صفحاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تجمع بين افتتاح المتحف في عام 1975، وبين إعادة افتتاحه بعد التجديد في عام 2019م. «العرب» بهذه المناسبة تسلط الضوء على هذا الصرح الثقافي الوطني الذي يحتفي بمرور نصف قرن على إنشائه ليبقى شامخا وحاملا للثقافة والتراث القطري؛ فقبل خمسة عقود، وبالتحديد في يونيو عام 1975، افتُتح المتحف الوطني في مبناه الأول الذي كان قصرًا تاريخيًا للشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، نجل مؤسس الدولة الحديثة. وقد شكّل هذا القصر النواة الأولى للمتحف، حيث احتضن بدايات العرض المتحفي في البلاد، وعكس اهتمام الدولة المبكر بحفظ التراث القطري في وقت كانت المنطقة تشهد تحولات اقتصادية واجتماعية كبرى. تحفة معمارية في قلب الدوحة في مارس 2019، دشن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، النسخة المعاصرة من المتحف بعد إعادة بنائه على مدى ثمانية أعوام من العمل والإبداع. تولّى تصميمه المعماري العالمي جان نوفيل، الفائز بجائزة بريتزكر المرموقة، مستلهمًا وردة الصحراء، تلك التكوينات الكريستالية الطبيعية التي تنبت في باطن الرمال القطرية والمعروفة باسم «وردة الصحراء»، التي تظهر في المناطق الساحلية القاحلة، وتنشأ من خلال تفاعل الرياح ورذاذ البحر والرمال عبر آلاف السنين. ويتناغم طلاء السطح الخرساني للمتحف مع البيئة الصحراوية القطرية، حيث يأخذ لونًا شبيهًا بالرمال، ليبدو المبنى كأنه نبت خارج من الأرض ومتوحّد معها، كما تبدو وردة الصحراء تمامًا، وبمقاربة فنية عبقرية، تحوّل المتحف إلى منحوتة عملاقة من أقراص خرسانية منحنية ومتشابكة، يظنها الناظر من بعيد جزءًا من الطبيعة لا بناء من صنع الإنسان هذا التماهي مع البيئة منح المتحف شهادات ريادة بيئية عالمية، منها تصنيف 'ليد' الذهبي وشهادة 'جي إس إيه إس' من فئة الأربع نجوم، ليغدو أول متحف وطني في العالم يحقق هذا الإنجاز البيئي. متحف يروي قصة وطن يمتد متحف قطر الوطني اليوم على مساحة 40 ألف متر مربع، ويضم 11 صالة عرض تُشكل مجتمعة سردية تفاعلية تحاكي تطوّر قطر عبر الزمن. تبدأ الرحلة من التاريخ الجيولوجي لشبه الجزيرة، وتمر بفصول ما قبل التاريخ، والتاريخ البحري، والتحولات الاجتماعية والسياسية، لتصل إلى النهضة المعاصرة ورؤية الدولة المستقبلية. وتتميز كل صالة بشخصيتها المستقلة وبيئتها المتكاملة، إذ تروي كل واحدة فصلًا من فصول قصة قطر عبر مزيج مميز من الوسائل المختلفة تتنوع بين الموسيقى والشعر والمرويات التاريخية والروائح المثيرة للذكريات والأعمال الفنية المصمّمة خصيصًا للعرض في المتحف، إلى جانب الأفلام الفنية التي تعرض على جدران الصالات بأحجامها الهائلة، وغير ذلك من الوسائل. كما تحتوي صالات العرض على مجموعة مذهلة من المقتنيات الأثرية والتراثية، من بينها سجادة بارودة الشهيرة المصنوعة من اللؤلؤ، التي صمّمت عام 1865، والمُطرّزة بأكثر من 1.5 مليون لؤلؤة خليجية عالية الجودة ومزينة بالزمرد والماس والياقوت، إلى جانب المخطوطات والوثائق، والصور والجواهر والأزياء. كهف النور وعلى غرار تصميم المتحف المستوحى من الطبيعة، يأتي تصميم متجر الهدايا الذي استوحاه المصمم الياباني كويتشي تاكادا من دحل المسفر (كهف النور) الواقع في قلب دولة قطر، ويجسد هذا التصميم رؤية تاكادا حول العلاقة التي تربط بين الناس والطبيعة من خلال تصميم رائع للقطع الخشبية المتشابكة والمنحنية ذات اللون العسلي. ويتكون التصميم الداخلي للمتجر من 40 ألف قطعة خشبية تم تجميعها باليد مثل قطع «البازل» من قبل خبير النجارة الإيطالي كلاوديو ديفوتو وفريقه من الحرفيين. تقدم كل صالة عرض منظوراً فريداً لإحدى الحقب الزمنية التي مرت بها قطر منذ الأزل، وتربط الزوار بتجارب الشعب القطري بين البر والبحر. وتشرك جميع الحواس عبر مزيج إبداعي من المشاهد والأصوات وحتى الروائح المفعمة بالحيوية. وتعرض العديد من صالات العرض أفلاماً لمخرجين عالميين بارزين طُلبَ منهم صناعة تجارب حية وغامرة، بإنتاج من مؤسسة الدوحة للأفلام، وتُعرض هذه الأفلام بحجم كبير وجودة فائقة على جدران صالات العرض، مما يصهر مادية الجدران في جو المشاهد المتحركة بما فيها من ضوء وصوت وصورة. الذاكرة الوطنية ولا يقتصر دور المتحف على حفظ الذاكرة، بل يشكّل مركزًا تفاعليًا للتعلّم والاكتشاف، يستقبل الزوار من مختلف الأعمار، ويقدّم برامج تعليمية وورش عمل وأنشطة تتنوع بين التراث والفن والتكنولوجيا. كما يُستخدم كمنصة لعرض الفنون المعاصرة وإقامة الفعاليات الثقافية الوطنية والدولية. على غرار إبداع المتحف المعماري، يحكي متجر الهدايا قصة بصرية أخرى. فقد صمّمه الياباني كويتشي تاكادا مستلهمًا من كهف 'دحل المسفر'، فجاء فضاؤه الداخلي مكوّنًا من 40 ألف قطعة خشبية مصنوعة يدويًا، تبدو كأنها موجات متداخلة من الضوء والظل، تتناغم مع فلسفة التصميم البيئي. وفي ذكرى نصف قرن على تأسيسه، لا يبدو أن المتحف بلغ ذروته، بل يواصل رحلته بوصفه رمزًا للنهضة الثقافية القطرية، وتعبيرًا حيًّا عن روح وطن لا ينسى ماضيه، ولا يتوقف عن بناء مستقبله. وقد حاز العديد من الجوائز سواء الفنية أو المعمارية أو جوائز استدامة وغيرها مثل جائزة Wallpaper Design Awards 2019 في فئة Best Roofscape تقديراً لتصميمه الفريد المُستلهم من 'وردة الصحراء»، وجائزة Aga Khan للعمارة 1980 لمبنى المتحف القديم (القصر)، ولقب أحد 'أعظم الأماكن في العالم' وفق Time عام 2019 نظرًا لتجربته الغامرة ومن أبرز الجوائز الثقافية العالمية أوسكار المتاحف في 2020 إلى جانب جوائز الاستدامة والبيئة ومنها شهادات 'ليد' الذهبي و4 نجوم من GSAS، ليكون أول متحف وطني يحقق هذه الرُتب البيئية فضلا عن جائزة المباني الخضراء الجميلة (UK) عام 2023م، وكذلك شهادة الحياد الكربوني في نفس العام.