logo
تونس تُفكّك إرث "النّهضة": ملف التّعيينات في قلب معركة استعادة الدّولة

تونس تُفكّك إرث "النّهضة": ملف التّعيينات في قلب معركة استعادة الدّولة

النهار٠٧-٠٦-٢٠٢٥
منذ استبعادهم وحلفاءهم من الحكم في عام 2021، تحاول السلطات التونسية تفكيك إرث الإسلاميين من أجل استعادة السيطرة على جميع مفاصل الدولة التي يُتّهمون بالاستيلاء عليها.
وفي هذا الإطار، يأتي ملف تطهير الإدارة كواحد من الملفات الحسّاسة التي تدخل في سياق تصفية "تركة النهضة" الثقيلة، خصوصاً أن هذا المطلب يُعدّ "استحقاقاً وطنياً" في نظر شقّ واسع من التونسيين.
تحت أنظار البرلمان
الجمعة الماضي، عاد ملف تطهير الإدارة التونسية إلى الواجهة، بعدما عقدت لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد في البرلمان جلسة استماع إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة خُصّصت لمتابعة ملف التدقيق الشامل في عمليات تعيين وتوظيف إسلاميين وموالين لهم في مؤسسات الدولة بعد 2011، بطرق غير قانونية.
وناقشت اللجنة، بحسب ما أكده مقررها النائب بوبكر يحيى لـ"النهار"، ما تم إنجازه في سياق عملية التدقيق التي صدر بشأنها قانون منذ عام 2023.
وكشف ممثلو الحكومة، وفق المتحدث، عن تطور عملية التدقيق في جميع الانتدابات منذ عام 2011، والصعوبات التي اعترضت أعمال لجان التدقيق، التي يزيد عددها عن 26 لجنة وضمت أكثر من 436 مراقباً وخبيراً من مختلف الأجهزة الرقابية.
ولفت إلى أن ممثلي الحكومة أكدوا الانتهاء من التقرير الخاص بعملية التدقيق، من دون تقديم أرقام تفصيلية، لكنهم شددوا على أنها "كبيرة".
نظرية التمكين
تُتَّهم حركة "النهضة"، في إطار ما يُعرف بـ"نظرية التمكين"، وهي واحدة من أدبيات "الإخوان المسلمين"، بتعيين أنصارها بعد تسلمها الحكم في تونس عام 2011 في وظائف حكومية، دون أن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة، أو باعتماد شهادات مزورة.
وتسبب ذلك، وفق يحيى، في إغراق الإدارات التونسية بموظفين يفتقرون إلى الكفاءة، مقابل إغلاق باب التوظيف أمام عموم التونسيين.
ومكّن مرسوم عُرف بـ"العفو التشريعي العام"، صدر في 19 شباط / فبراير 2011، حركة "النهضة" من انتداب الآلاف من أنصارها دون الالتزام بالقوانين المعمول بها في التوظيف بالقطاع الحكومي، ما ساهم في سيطرتها على مفاصل الدولة في تلك الفترة.
وعلاوة على كلفتها المادية الكبيرة، التي قدّرها خبراء بمئات ملايين الدولارات، تسببت تعيينات الإسلاميين في تسخير مؤسسات الدولة لخدمة مصالح الحزب الإسلامي، وكانت على سبيل المثال وراء ظهور جهاز أمني موازٍ داخل وزارة الداخلية، اتُّهم بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية التي عاشتها تونس عام 2013.
وتنفي "النهضة" التهم الموجهة إليها، وتقول إنها تدخل في إطار تصفية حسابات سياسية.
أعداد كبيرة
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد أول من دعا إلى فتح هذا الملف، ومنذ عام 2023 انطلقت تونس في عملية تدقيق واسعة لجميع الانتدابات التي تمت بعد 2011.
وتتضارب الأرقام بشأن عدد التعيينات حسب الولاءات بعد 2011، ويتحدث البعض عن مئات الآلاف من الأنصار الذين انتُدبوا وفق مبدأ الولاء الحزبي.
واستناداً إلى تقرير صادر عن "المرصد التونسي للاقتصاد" عام 2017، شهدت أعداد الانتدابات ارتفاعاً كبيراً في فترة حكم الإسلاميين، وبلغ إجمالي الانتدابات خلال الولاية الأولى لحزب النهضة نحو 72 ألفاً.
وارتفع عدد الموظفين في القطاع الحكومي في تونس من 217 ألفاً قبل 2011 إلى نحو 800 ألف موظف بعد 2011، ما ساهم في عجز المؤسسات عن أداء مهامها وإفلاس عدد منها.
وفي لقاء سابق برئيس لجنة التدقيق، كشف الرئيس قيس سعيد عن وجود أكثر من 2700 عملية انتداب تمّت بناءً على شهادات علمية مزورة.
مطلب شعبي
يقول النائب بدر الدين القمودي لـ"النهار"، إن ملف الانتدابات المشبوهة خلال فترة حكم الإسلاميين هو محل متابعة من سعيد شخصياً، ويشدد على أن الجميع ينتظر إحالتها إلى القضاء لمحاسبة المخالفين.
ويوضح: "التدقيق في انتدابات عشرية النهضة هو تلبية لمطلب المحاسبة الشعبي الذي رفعه التونسيون منذ 25 تموز/يوليو 2021".
ووفق النائب التونسي، فإن هذا المطلب يدخل، من جهة أولى، في باب العدالة والإنصاف، ويعزز مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. ومن جهة ثانية، يُغلق الباب مستقبلاً أمام كل محاولة لتسلّق الوظائف والمناصب في الدولة من باب الولاءات لهذا الطرف السياسي أو ذاك.
من جهته، يشدد النائب بوبكر يحيى على أن أعضاء اللجنة البرلمانية طالبوا بالمضي قدماً في هذا المسار، لأنه يبعث برسالة مهمة للرأي العام.
ويضيف: "يُنتظر أن يُشرع قريباً في عمليات انتداب جديدة بالقطاع الحكومي، ومن المؤكد أن محاسبة كل من خالفوا القانون سابقاً ستبعث برسالة رادعة لكل من يفكر في تجاوزه مستقبلاً".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تونس: حكم غيابي بحق المنصف المرزوقي
تونس: حكم غيابي بحق المنصف المرزوقي

الديار

time٢١-٠٦-٢٠٢٥

  • الديار

تونس: حكم غيابي بحق المنصف المرزوقي

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أصدرت محكمة تونسية حكما غيابيا بسجن الرئيس السابق المنصف المرزوقي لمدة 22 عاما بتهم تتعلق بالاعتداء على أمن الدولة، في خطوة تعزز مخاوف المعارضة من تصاعد حملة ضد منتقدي الرئيس قيس سعيد. وفي أول تعليق له على الحكم، قال المرزوقي "أقول لهؤلاء القضاة: أحكامكم باطلة وأنتم باطلون… وستُحاكمون". وأضاف في منشور على صفحته الرسمية على فيسبوك "الديمقراطية ستعود". وهذا ثالث حكم بالسجن غيابيا ضد المرزوقي، إذ سبق أن صدر ضده حكمان بالسجن لمدة 4 سنوات و8 سنوات في قضايا منفصلة. ويعد المرزوقي، الذي تولى رئاسة البلاد من 2011 إلى 2014، من أبرز المنتقدين للرئيس قيس سعيد. ويتهمه بتفكيك مؤسسات الدولة الديمقراطية منذ أن قام بحل البرلمان وبدأ الحكم بالمراسيم في عام 2021 وسيطر منذ ذلك الوقت على معظم السلطات. ودافع سعيد عن قراراته واعتبرها ضرورية لاستعادة الاستقرار والنظام في تونس التي تعاني من أزمات سياسية واقتصادية متتالية منذ سنوات. وفي سياق متصل أصدرت محكمة تونسية أخرى حكما بالسجن 15 عاما على الصحبي عتيق، القيادي البارز في حزب النهضة المعارض، بتهمة غسيل الأموال، حسب ما ذكر محاميه لرويترز. ويأتي هذا الحكم ضمن سلسلة من القضايا التي استهدفت معارضين، إذ أصدرت محكمة تونسية في نيسان الماضي أحكاما بالسجن وصلت إلى 66 عاما على عدد من قادة المعارضة ومحامين ورجال أعمال بتهم التآمر على أمن الدولة. ويقبع معظم قادة الأحزاب السياسية حاليا في السجون، من بينهم عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر وراشد الغنوشي الزعيم التاريخي لحركة النهضة وكلاهما من أبرز معارضي سعيد.

رفيق عبد السلام في بلا قيود: قيس سعيّد أرجعنا إلى المربع الأول
رفيق عبد السلام في بلا قيود: قيس سعيّد أرجعنا إلى المربع الأول

سيدر نيوز

time١٣-٠٦-٢٠٢٥

  • سيدر نيوز

رفيق عبد السلام في بلا قيود: قيس سعيّد أرجعنا إلى المربع الأول

BBC يرى د. رفيق عبد السلام عضو المكتي السياسي لحركة النهضة في تونس أنّ الحركة ستبقى رغم ما تتعرض له من صعوبات وتحدّيات لأنها ليست مجرد تنظيم بل فكرة وجزء من المجتمع التونسي. وصف الدكتور رفيق عبد السلام عضو المكتب السياسي لحركة النهضة في تونس الوضع السياسي في بلاده وما تراه الأحزاب السياسية ومن بينها المعارضة تضييقا مجرد مرحلة عابرة سيتم تجاوزها. ويرى الدكتور رفيق عبد السلام أنّ حركة النهضة ليست مجرد تنظيم بل فكرة وجزء من المجتمع التونسي، مشيرا إلى أنّ بقية الأحزاب السياسية والمنظمات والهيئات المعارضة تتعرض أيضاً لمحنة بشكل أو بآخر 'الآن في السجون السياسية تلتقي أغلب القيادات السياسية، لأنّ قيس سعيّد أرجعنا إلى المربع الأول' حسب تعبيره وفيما يتعلق ببعض الأحكام القضائية الموجهة ضد بعض قيادات حركة النهضة ومن بينها تهم بالإرهاب أو السماح للشباب التونسي بالسفر إلى مناطق التوتر والصراعات المسلحة، وصف عضو المكتب السياسي لحركة النهضة القضاء في بلاده بأنه مسيّس وأنه أداة في يد الرئيس قيس سعيّد. ويرى الدكتور رفيق عبد السلام أنّ حركة النهضة تعاني مما يعاني منه الإسلام المعتدل حيث تواجه اتهامات من طرفي التشدد سواء الديني أو العلماني ' فتعتبرها جهات دينية متشددة، حركة علمانية ، أما بعض الحركات العلمانية فيعتبرونها حركة دينية متشددة' حسب قوله. وفي رده على الانتقادات الموجهة للأحزاب ذات الخلفية الإسلامية وما يقال عن فشلها في الممارسة السياسية، قال الدكتور رفيق إنّها كبقية الأحزاب قد تفوز مرة وقد تتراجع أخرى. فكيف ينظر القيادي في حركة النهضة التونسية للواقع الاقتصادي في بلاده؟ وما قوله في رفض الرئيس التونسي الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي؟ وهل من دور للرئيس قيس سعيّد في 'قافلة الصمود' التي انطلقت من تونس وتسعى للوصول إلى غزة عبر معبر رفح المصري ؟ هذه التساؤلات وغيرها تجدون الأجوبة عليها في برنامج بلا قيود لهذا الأسبوع. تبث الحلقة يوم السبت في الساعة الخامسة والنصف مساء بتوقيت غرينتش. يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج في الرابط التالي.

ماهر فرغلي عن قوافل الصمود : اتفاقات سرية بين الإخوان والمخابرات البريطانية للضغط على مصر
ماهر فرغلي عن قوافل الصمود : اتفاقات سرية بين الإخوان والمخابرات البريطانية للضغط على مصر

صدى البلد

time١٣-٠٦-٢٠٢٥

  • صدى البلد

ماهر فرغلي عن قوافل الصمود : اتفاقات سرية بين الإخوان والمخابرات البريطانية للضغط على مصر

أكد ماهر فرغلي، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد انتفاضة داخلية لتصحيح المسار في مصر، بل كانت تحولا استراتيجيًا غير وجه المنطقة بأكملها، وأسقط مخططا صهيونيا واسعا كان يستهدف تقسيم الدول العربية لصالح تمدد إسرائيل. وأوضح ماهر فرغلي في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن جماعة الإخوان كانت تمثل "العمود الفقري" في مشروع الإسلام السياسي، وكانت الخطة الصهيونية تقضي بتمكين هذا التيار من حكم مصر باعتبارها الدولة العربية الأكبر لتُستكمل بعدها عملية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وتفكيك الجيوش الوطنية، وتنصيب إسرائيل كقوة مهيمنة داخل كيانات عربية ممزقة. وأشار إلى أن النماذج التي نراها اليوم في ليبيا والسودان والصومال وسوريا تقدم دليلاً حيًا على الفوضى التي خلفها مشروع الإسلام السياسي، لافتًا إلى أن الجيش السوري دُمر في أقل من عشر ساعات، وأن إسرائيل تمادت في عملياتها داخل سوريا دون رادع بسبب وجود هذا التيار المتواطئ مع المشروع الصهيوني. وشدد على أن الجماعات الإسلامية المسلحة لا تؤمن بمفهوم الدولة ولا بالحدود الوطنية، بل تسعى للبقاء في الحكم حتى لو كان الثمن هو التنازل عن الأرض والسيادة، تمامًا كما ظهر في رسائل قيادات الإخوان إلى قادة الاحتلال، والتي كشفت عن صفقة خبيثة لتوطين الفلسطينيين في سيناء كـ"وطن بديل"، مقابل استمرار الجماعة في السلطة. وأوضح أن ما يسمى بـ"قوافل الصمود" ومحاولات اقتحام الحدود ليست إلا أدوات للضغط على مصر وجرها إلى مأزق أمني، مؤكدا أن الجماعة الدولية للإخوان مرتبطة باتفاقيات سرية مع أجهزة استخبارات غربية، وعلى رأسها المخابرات البريطانية. وأكد ماهر فرغلي أن الجماعة عندما وصلت إلى الحكم عام 2012، لم تكن تمتلك أي مشروع وطني حقيقي، بل رفعت شعارات فضفاضة مثل "مشروع النهضة" الذي وصفه بـ"الفنكوش"، في حين كان هدفهم الأساسي هو تغيير هوية الشعب المصري وفرض نمطهم العقائدي والسياسي بالقوة. كما أشار إلى أن جماعة الإخوان سعت لتفكيك مؤسسات الدولة عبر "أخونتها" بسرعة غير مسبوقة، مستخدمة شعارات دينية زائفة لا علاقة لها بالدعوة أو التفسير الإسلامي الصحيح، بل مجرد لافتات لتحقيق أهداف سياسية بحتة، أهمها البقاء في الحكم بأي ثمن، حتى لو كان الثمن هو التنازل عن حلايب، أو سيناء، أو حتى القاهرة نفسها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store