
صوت غزة حين تُبكي الكلمات
ما أعظم المأساة، وما أشد القهر!. إنها مأساة أمة، فقدت الإحساس بالشعور، وتخلت عن المسؤولية، وتاهت في دروب الضياع والغثائية والكسل وبلادة الضمير، وتسويغ العجز بالأعذار الواهية.
في خطابه الأخير، الذي جاء بعد صمت طويل، كانت كلمات الناطق الرسمي باسم كتائب عز الدين القسام "أبو عبيدة" تقطر أسًى وحزنًا، تُبكي الحجر وتُذيب القلوب، تحسّر فيها ما على ما وصل إليه حال أمته.
لم تكن رسائله هذه المرة سياسية وعسكرية- كما عودنا- فحسب، بل كانت نفثة مصدور، وصيحة مخذول، تقرع كلماتها آذاننا الصماء وضمائرنا الميتة.
لقد كان عتابه هذه المرة لاذعًا، يحمل في طياته مرارة الخذلان، وخيبة الأمل، وكان وقع كلماته شديدًا على القلوب.
وضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية، ولم يعفِ أحدًا من تلك المسؤولية حين قال:
" إننا نقول وبكل مرارة وألم: يا قادة هذه الأمة الإسلامية والعربية، ويا نخبها وأحزابها الكبيرة، ويا علماءها، أنتم خصومنا أمام الله عز وجل، أنتم خصوم كل طفل يتيم، وكل ثكلى، وكل نازح ومشرد، ومكلوم وجريح ومجوع.. إن رقابكم مثقلة بدماء عشرات الآلاف من الأبرياء الذين خُذلوا بصمتكم".
كم كانت تلك الكلمات مفعمة باللوم والعتب، ومثقلة بالحزن والأسى! وكم كانت أسئلته مريرة حين تساءل ولا جواب: "كيف لأمة عظيمة، يبلغ تعداد أفرادها مليارَي نسمة، وتمتلك من المقدرات والإمكانات ما تمتلك، كيف لها أن تعجز عن إدخال شربة ماء أو كسرة خبز أو حبة دواء لأشقائها في الدين والعروبة، وهم يُقتلون ويُجوعوَّن على مرأى ومسمع من الجميع"!
لقد أسـمعـت لو ناديت حيــًّا ولـكـن لا حيــاة لمـن تنادي
إعلان
ولو نارًا نفخت بها أضاءت ولـكـن أنت تنـفـخ في رمـاد
آن الأوان للخروج من منطقة الراحة والأماني إلى ساحة البذل والعطاء والنصرة الحقيقية؛ إعذارًا إلى الله، ودفاعًا عن مقدساتنا المستباحة، وانسجامًا مع إنسانيتنا المهدورة
أين نحن من نخوة أهل الجاهلية وأنفتهم، حين تحدوا تلك الصحيفة الظالمة فمزقوها وقالوا: "والله لا نأكل الطعام وبنو هاشم جوعى في الشِّعب"؟!
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم قتـلى وأســرى فما يهـتـز إنـسـان
ما ذا التقــاطع في الإسـلام بيـنكم وأنــــتــم يـــا عبــاد الله إخــــوان
ألا نفـــوس أبيــــّات لهـــا هِــمــم أما على الـخيـــر أنصار وأعـوان
إن صمتنا وعجزنا وتقصيرنا هو ما شجع الكيان المجرم- كما يقول أبو عبيدة- على القيام بإبادة شعب بأكمله؛ لأنه أمن العقاب، واطمأن للصمت، واستند إلى الخذلان.
إن مما ميز خطاب "أبو عبيدة" الأخير هو الإحساس بخيبة الأمل، والشعور بمرارة العجز والخذلان.. لقد كانت كلماته شديدة الوقع على القلوب، جديرة بأن توقظ نيام الضمائر.
ليست صرخة "أبو عبيدة" في وجه أمته صرخة فرد، بل هي صرخة كل أرملة وثكلى، وكل يتيم وجائع على ثرى غزة، وثغور عسقلان، يشعر أنه تُرك وحيدًا يواجه آلة القتل ويقاسي ألم الجوع.
هي صرخة في وجه أمة خلعت كرامتها وألِفت الذل، واستغرقت في سباتها، متغاضية عن شلال الدماء الذي ينزف على ثرى أرض الرباط الطاهرة.. إنها صرخة تترك غصة في حلق كل مؤمن صادق. وتشعل نار الغضب في قلوب المخلصين.
إن صمتنا وعجزنا أمام هذه المأساة سيبقى وصمة عار في جبيننا، ولن يغسلنا منه إلا تحرك عاجل لإغاثة الملهوفين، والاستجابة لصرخاتهم.
إنه آن الأوان للخروج من منطقة الراحة والأماني إلى ساحة البذل والعطاء والنصرة الحقيقية؛ إعذارًا إلى الله، ودفاعًا عن مقدساتنا المستباحة، وانسجامًا مع إنسانيتنا المهدورة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 39 دقائق
- الجزيرة
مسؤول سوري: انتخابات مجلس الشعب بين 15 و20 سبتمبر
توقع رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري محمد طه الأحمد، اليوم الأحد، أن تُجرى العملية الانتخابية بين 15 و20 سبتمبر/أيلول القادم لاختيار أعضاء المجلس. وبيّن أنه سيسمح بمراقبة العملية الانتخابية، الأولى منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، من قبل المجتمع والمنظمات الدولية بالإشراف والتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات إضافة إلى ضمان حرية الطعن في القوائم والنتائج. وأعلن الأحمد زيادة عدد مقاعد المجلس من 150 مقعدا إلى 210، بينهم 70 عضوا يعينهم الرئيس أحمد الشرع ، مشيرا إلى أن نسبة مشاركة المرأة في الهيئات الناخبة تصل إلى 20% على الأقل. ووفقا لوكالة الأنباء السورية (سانا)، أكد الشرع ضرورة "استبعاد كل من وقف مع المجرمين وأيدهم"، إضافة إلى الأشخاص الذين يدعون إلى التقسيم والطائفية والمذهبية. ووجه الشرع، الذي تسلم النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، بمواصلة التقدّم في مسار العمل لضمان مشاركة شاملة تُعبّر عن إرادة السوريين. وقال الأحمد إن الرئيس الشرع أُطلع على أهم التعديلات التي أُقرت على النظام الانتخابي، بعد جولات اللجنة ولقاءاتها مع شرائح المجتمع السوري وفعالياته. وأضاف أنه بعد توقيع المرسوم الخاص بالنظام الانتخابي المؤقت، سنحتاج إلى مدة أسبوع لاختيار اللجان الفرعية، ثم نمنح هذه اللجان 15 يوما لاختيار الهيئة الناخبة، وبعد ذلك نفتح باب الترشح مع منح المرشحين أسبوعا لإعداد برامجهم الانتخابية، ومن ثم تُجرى مناظرات بين المرشحين وأعضاء اللجان والهيئات الناخبة. والتقت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، الأسبوع الماضي، عددا من ممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في سوريا ، بهدف إطلاعهم على مراحل العملية الانتخابية. يذكر أنه في 18 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا بدء أعمالها، ورجحت تشكيل مجلس الشعب الجديد خلال 60 إلى 90 يوما.


الجزيرة
منذ 39 دقائق
- الجزيرة
نتنياهو يتوعد حماس ويهاجم الأمم المتحدة
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، اليوم الأحد، إن حكومته تواصل التقدم في العمليات العسكرية و"ستدمر" حركة حماس في قطاع غزة ، بالتوازي مع مفاوضات تهدف إلى إعادة المحتجزين الإسرائيليين من القطاع. وجاءت تصريحات نتنياهو خلال زيارة إلى قاعدة "رامون" الجوية (جنوب) التابعة لسلاح الجو، برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس ، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت". وأضاف نتنياهو: "نقاتل في قطاع غزة، وللأسف لدينا قتلى ومصابون، وأكد أن الهدف واضح، وهو القضاء على حركة حماس، وسنحققه مهما طال الزمن". وادعى نتنياهو الاستمرار في إدخال ما سماه "الحد الأدنى" من المساعدات الإنسانية، واتهم الأمم المتحدة بـ"اختلاق الأعذار وترويج الأكاذيب ضد إسرائيل"، وفق قوله. وزعم رئيس الحكومة الإسرائيلية أن هناك مسالك آمنة للمساعدات كانت موجودة طوال الوقت، واليوم أصبحت رسمية. ولا مجال للأعذار بعد الآن، حسب زعمه. وتأتي هذه التصريحات، بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي، "سماحه" بإسقاط كميات محدودة من المساعدات على غزة، وبدء ما أسماه "تعليقا تكتيكيا محليا للأنشطة العسكرية" في مناطق محددة بقطاع غزة. وتتزامن تلك الخطوة الإسرائيلية مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع، إلى جانب استهداف الجيش الإسرائيلي المجوّعين من منتظري المساعدات. وانتقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" الإنزال الجوي الإسرائيلي للمساعدات في غزة، مؤكدة أنه "لن ينهي" المجاعة المتفاقمة. ومطلع مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق نار وتبادل أسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واستأنفت الإبادة، ومنذ ذلك الحين ترفض جميع المبادرات والمطالبات الدولية والأممية لوقف إطلاق النار. وحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة بغزة، صباح الأحد، ارتفع عدد الشهداء جراء المجاعة وسوء التغذية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا. وتغلق إسرائيل منذ 2 مارس/آذار الماضي، جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول معظم المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، مخلفة أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.


الجزيرة
منذ 39 دقائق
- الجزيرة
ما أسباب حظر مؤسسة "القرض الحسن" في لبنان؟
بيروت – في خطوة تعكس تحولًا لافتًا في سياسة مصرف لبنان تجاه المؤسسات المالية غير النظامية، أصدر المصرف المركزي قرارًا يقضي بحظر التعامل مع عدد من الهيئات غير المرخصة، في مقدّمتها "جمعية القرض الحسن" التابعة ل حزب الله ، مما فتح الباب أمام سجال واسع حول قانونية هذه المؤسسات ودورها في المنظومة المالية الموازية التي نشأت في ظل الانهيار المصرفي اللبناني. وتُعد الجمعية من أبرز الركائز الاقتصادية التي يعتمد عليها حزب الله في تمويل أنشطته الاجتماعية وتقديم الخدمات المالية. ونشأت في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 تحت غطاء جمعية خيرية، قبل أن تحصل على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987، مما أتاح لها العمل بشكل قانوني ضمن الإطار الرسمي للجمعيات. ورغم أنها لا تخضع لقانون النقد والتسليف اللبناني الذي ينظم عمل المصارف، فقد تمكنت "القرض الحسن" من ترسيخ حضورها في السوق المالية اللبنانية، حيث تدير أكثر من 30 فرعًا موزعة على مختلف المناطق. وخلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، تحولت الجمعية إلى هدف مباشر للغارات الإسرائيلية، حيث استُهدفت معظم فروعها بالقصف، مما اعتُبر رسالة واضحة إلى البنية الاقتصادية الداعمة للحزب. تنظيم مالي يعلّق الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان على القرار بالقول إنه "خطوة إيجابية في سياق الحد من تمدد اقتصاد الكاش في لبنان"، لكنه يلفت في المقابل إلى أن التعميم الصادر عن مصرف لبنان لا يطول مؤسسة "القرض الحسن" فقط، بل يشمل المؤسسات والمصارف المالية الخاضعة لرقابته. ويُوضح أبو سليمان للجزيرة نت أن "القرض الحسن" هي جمعية مرخّصة من وزارة الداخلية، وبالتالي فإن أي إجراءات بحقها -إن ثبت أنها تمارس أنشطة مالية خارج الأطر القانونية- تُعدّ من مسؤولية السلطات المحلية، نظرًا إلى أن تقديم أي خدمات مالية يتطلب ترخيصًا رسميًا من المصرف المركزي. إعلان ويضيف أن هذا التعميم لا يُتوقع أن تكون له تداعيات مباشرة على الاقتصاد اللبناني، سواء سلبًا أو إيجابًا، بل يُقرأ بوصفه "إشارة سياسية موجّهة إلى الخارج، تفيد بأن لبنان بصدد تنظيم قطاعه المالي ووقف التعامل مع أي كيانات لا تخضع للرقابة". ويشير إلى أن القرار لا يترك تأثيرًا يُذكر على القطاع المصرفي، "إذ إن المصارف اللبنانية أساسًا لا تتعامل مع مؤسسة القرض الحسن، ولا تقدم لها أي خدمات". ازدواج مالي من جانبه، يقول خبير الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور عماد عكوش للجزيرة نت، إن فهم الفروقات الجوهرية بين عمل المصارف وجمعية القرض الحسن يتطلب أولًا الإلمام بالإطار القانوني الذي ينظم القطاع المصرفي في لبنان. فمن أبرز القوانين التي تحكم عمل المصارف: قانون النقد والتسليف الصادر عام 1963، قانون السرية المصرفية لعام 1956، قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 44 لعام 2015، يُضاف إليها قانون دمج المصارف، ومشروع قانون إعادة هيكلة القطاع الذي لا يزال قيد البحث في البرلمان، فضلًا عن سلسلة تعاميم صادرة عن مصرف لبنان، وقانون حماية المستهلك الذي يفرض معايير للشفافية والإفصاح في التعاملات المصرفية. لكن عكوش يشدد على أن هذه المنظومة القانونية لا تنطبق على "جمعية القرض الحسن"، التي تُصنّف خارج النظام المالي الرسمي، والاختلاف لا يقتصر على الإطار القانوني فحسب، بل يتعدّاه إلى الوظيفة. فالمصارف، بحسب عكوش، تستقبل الودائع بأنواعها كافة وتمنح قروضًا بفوائد، وتُعنى بأنشطة التمويل، والخصم، والضمانات المصرفية، وتسهيل عمليات الدفع، إلى جانب المتاجرة بالعملات والمعادن وتقديم الخدمات البنكية التقليدية. في المقابل، تقتصر وظيفة الجمعية على منح قروض بلا فوائد وبمبالغ محدودة، في سياق دعم الفئات الفقيرة والمجتمعات الهشّة. من هذا المنطلق، يرى عكوش أن تعميم مصرف لبنان رقم 169، الذي يمنع التعامل مع الجمعية، يأتي في سياق سياسي أكثر منه ماليا، إذ يستهدف ما يُعرف بـ"السلاح المالي لحزب الله" عبر تقويض الشبكة الاقتصادية التي ينسجها خارج النظام المصرفي الرسمي. وبرغم الطابع الخيري الذي تتسم به خدمات الجمعية، فإن الخبير الاقتصادي يشير إلى أنها تواجه اتهامات بأنها تُستخدم ذراعا تمويلية للحزب، ويأتي قرار الحظر في ظلّ أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة، مما قد يفاقم الضغوط المعيشية على آلاف العائلات التي كانت تعتمد على هذه القروض الصغيرة لتسيير شؤونها اليومية. ويرى الخبير أن هذا القرار يشكّل رسالة سياسية موجّهة من مصرف لبنان إلى الخارج، بهدف الدفع نحو شطب اسم لبنان من "اللائحة الرمادية" التابعة لمجموعة العمل المالي (FATF)، التي تضم الدول المقصّرة -بحسب المفهوم الغربي- في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. رقابة مشددة وأبعاد سياسية يقول الباحث المالي والاقتصادي الدكتور عماد فران إن مؤسسة "القرض الحسن" لم تكن يومًا على ارتباط مباشر بالمصارف أو تملك حسابات مصرفية فيها، بل تتعامل غالبًا مع مؤسسات الصرافة، ومن هنا فإن التعميم يُعد إجراءً رقابيًا ضمن صلاحيات مصرف لبنان، يهدف إلى ضبط حركة الأموال خارج النظام المصرفي الرسمي. ويوضح أن الجمعية، رغم نشاطها المالي الواسع، فإنها لا تُعد مؤسسة مصرفية مرخّصة، بل تُشبه في طبيعة عملها بعض شركات التمويل أو الاستثمار، مما يضعها خارج المظلّة القانونية التي يخضع لها القطاع المصرفي اللبناني. لكن الإشكالية، بحسب فران، لا تنحصر في البعد التنظيمي أو المالي، بل تتجاوز ذلك إلى أبعاد سياسية، إذ يرى أن هناك ضغوطًا خارجية تُمارس على لبنان لوضع نظامه المصرفي تحت رقابة صارمة، بذريعة مكافحة تمويل جهات معيّنة أو الالتزام بالمعايير الدولية. ويعتبر أن ما يصدر عن مصرف لبنان أو لجنة الرقابة على المصارف، وحتى الجهات الدولية، يحمل في طيّاته رسائل سياسية واضحة تتصل بإعادة رسم التوازنات في المنطقة. ويحذر فران من أن هذا المسار قد يُفضي إلى ارتدادات داخلية، إذ إن أي توتر سياسي أو اجتماعي سيلقي بثقله على الوضع الاقتصادي الهش أصلًا. أما في ما يخص القطاع المصرفي، فيرى فران أنه لا يتأثر مباشرة بهذه التطورات، لكن استعادة الثقة به ستبقى مرهونة بقرارات مصرف لبنان، لا سيما ما يتعلق بأموال المودعين وإعادة تفعيل دور المصارف في تمويل الاستثمارات. ويؤكد أن هذه العودة مشروطة بتوفر التمويل بالدولار، وهو ما يفتقده لبنان حاليًا في ظل غياب "الدولار الاستثماري" الضروري لتحريك العجلة الاقتصادية.