logo
منظم مناخ العالم.. "تيار الأطلسي" لن ينهار بشكل كبير بسبب الاحتباس الحراري

منظم مناخ العالم.. "تيار الأطلسي" لن ينهار بشكل كبير بسبب الاحتباس الحراري

الشرق السعودية٢٩-٠٥-٢٠٢٥

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أن نظام التيارات المحيطية المعروف باسم "الدوران الانقلابي لخط الطول الأطلسي" (AMOC)، الذي ينقل الحرارة من نصف الكرة الجنوبي إلى الشمالي، وينظم المناخ العالمي، من غير المرجح أن ينهار بشكل كبير بسبب تغير المناخ، عكس بعض التوقعات السابقة.
وبينما تؤكد النماذج المناخية الحالية أن الاحتباس الحراري سيضعف التيار، تشير الدراسة الجديدة المنشورة في مجلة "نيتشر جيوساينس" (Nature Geoscience) إلى أن هذا الضعف سيكون محدوداً نسبياً.
يؤثر التغير المناخي على تيار الأطلسي بشكل مباشر من خلال ذوبان الجليد في جرينلاند، والقارة القطبية الجنوبية، حيث يضخ كميات هائلة من المياه العذبة الباردة إلى شمال المحيط الأطلسي، ما يقلل من ملوحة وكثافة المياه السطحية، ويضعف عملية الغوص العميق للمياه التي تشكل المحرك الرئيسي للتيار.
ارتفاع درجة حرارة المحيطات
كما أن ارتفاع درجات حرارة المحيطات يقلل من التباين الحراري بين المناطق الاستوائية والقطبية الذي يُعتبر القوة الدافعة للتيار، بالإضافة إلى ذلك فإن التغيرات في أنماط الرياح، وتوزيع الأمطار الناتجة عن الاحتباس الحراري تؤثر على ديناميكية التيار.
وسجلت القياسات الحديثة بالفعل ضعفاً في التيار بنسبة 15% منذ منتصف القرن العشرين، وتشير النماذج المناخية إلى أن استمرار الانبعاثات الكربونية بمعدلاتها الحالية قد يؤدي إلى مزيد من الضعف، مع احتمالية وصول التيار إلى نقطة التحول الحرجة التي قد تسبب انهياره الكامل، ما سيكون له عواقب كارثية على المناخ العالمي.
وأشارت الدراسة إلى أن الانخفاض سيحدث بشكل تدريجي في قوة وسرعة تدفق تيار الأطلسي مقارنة بحالته الراهنة.
وقال الباحثون إن تيار الأطلسي سيضعف بنسبة تتراوح بين 18% و43% بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، وهي نسبة أقل بكثير من بعض التقديرات السابقة.
جاءت هذه التقديرات كتعديل مهم للتوقعات المناخية السابقة التي كانت تتوقع ضعفاً شديداً يتراوح بين 50% و60%، أو حتى انهياراً كاملاً (100%)، ما يشير إلى أن التيار سيحافظ على أكثر من نصف قوته حتى نهاية القرن.
مرونة غير متوقعة
ويُظهر هذا الفرق الجوهري بين مفهومَي "الضَّعف" الذي يعني استمرار عمل التيار بكفاءة مخفضة وبين "الانهيار" الذي يعني توقفاً تاماً مع عواقب كارثية.
وأظهرت الدراسة مرونة غير متوقعة لنظام التيار المحيطي، حيث تبعد نقطة التحول لانهياره أكثر مما اعتُقد سابقاً، مؤكدة أن تأثيرات التغير المناخي ستكون تدريجية.
وذكرت الدراسة أن هذا الضعف المحدود سيُترجم إلى تغيرات مناخية أقل حدة في أوروبا وشمال أميركا، مع استقرار نسبي في الأنماط المطرية الاستوائية، وارتفاع بحري معتدل على السواحل الشرقية لأميركا، ما يخفف من سيناريوهات الكارثة المناخية السابقة، دون أن يلغي تماماً مخاطر الضعف التدريجي الذي سيظل مؤثراً على المناخ العالمي.
يعتمد هذا الاستنتاج على نموذج فيزيائي مبسط طوَّره الباحثون يأخذ في الاعتبار العلاقة بين اختلافات الكثافة وعمق التيار، بالإضافة إلى بيانات رصدية حقيقية تم جمعها على مدى 20 عاماً عبر شبكات مراقبة المحيط.
تنبؤات النماذج المناخية
ووجد الفريق البحثي أن النماذج المناخية التي تحاكي تياراً أعمق في الوقت الحالي تميل إلى التنبؤ بضعف أكبر في المستقبل؛ لأن التغيرات في درجة حرارة السطح، وملوحة المياه تؤثر على طبقات أعمق. في المقابل، فإن النماذج التي تفترض تياراً ضحلاً تُظهر مقاومة أكبر.
والدوران الانقلابي لخط الطول الأطلسي هو نظام معقد من التيارات المحيطية، يعمل كمحرك رئيسي للمناخ العالمي.
ويعمل النظام كحزام ناقل ضخم ينقل المياه الدافئة من المناطق الاستوائية نحو الشمال عبر سطح المحيط الأطلسي، بينما ينقل المياه الباردة والمالحة نحو الجنوب في الأعماق.
وتنقل هذه العملية الحيوية كميات هائلة من الحرارة، تؤثر بشكل مباشر على أنماط الطقس في مختلف أنحاء العالم.
يتكون ذلك النظام من عدة مكونات رئيسية: في الجزء السطحي، تحمل التيارات مثل تيار الخليج الدفء من المناطق الاستوائية نحو شمال المحيط الأطلسي. وعندما تصل هذه المياه الدافئة إلى مناطق خطوط العرض العليا بالقرب من جرينلاند وشمال أوروبا فإنها تبرد وتصبح أكثر كثافة، ما يجعلها تغوص إلى الأعماق ثم تبدأ رحلة العودة جنوباً عبر أعماق المحيط في دورة مكتملة عندما تعود إلى السطح في مناطق أخرى من العالم.
تأثيرات مناخية بعيدة المدى
ولهذا التيار تأثيرات مناخية بعيدة المدى، فهو المسؤول عن المناخ المعتدل نسبياً في شمال غرب أوروبا، حيث إن الحرارة التي ينقلها تعمل على تدفئة المنطقة، بمقدار يترواح بين 5 و10 درجات مئوية مقارنة بما سيكون عليه الحال بدون هذا التيار.
كما أن له تأثيرات مهمة على أنظمة الرياح الموسمية في إفريقيا والهند، حيث يؤثر على توزيع الأمطار الموسمية التي يعتمد عليها الملايين في زراعتهم وحياتهم اليومية.
وأشارت الدراسات التاريخية، من خلال تحليل الرواسب البحرية وغيرها من السجلات الطبيعية، إلى أن هذا التيار شهد تقلبات كبيرة في الماضي الجيولوجي.
ومن بين أشهر هذه التقلبات حدث خلال العصر الجليدي الأخير، عندما أدى ضعف التيار إلى تغيرات مناخية مفاجئة في شمال الأطلسي. واليوم، تشير القياسات المباشرة التي بدأت بشكل منهجي منذ عام 2004 إلى أن التيار قد ضَعف بنحو 15% خلال القرن الماضي، مع تسارعه في العقود الأخيرة.
ويُعتبر فهم ديناميكيات وطبيعة هذا التيار تحدياً علمياً كبيراً بسبب تعقيد التفاعلات بين درجة الحرارة والملوحة والرياح والتيارات الأخرى.
وتحاول النماذج المناخية الحديثة محاكاة هذه التفاعلات، ولكنها تُظهر اختلافات كبيرة في توقعاتها لمستقبل التيار.
وتشير بعض النماذج إلى إمكانية حدوث انهيار كامل للتيار في ظل سيناريوهات الاحتباس الحراري الشديدة، بينما تتنبأ أخرى بضعف تدريجي أكثر اعتدالاً.
التغيرات المستقبلية
وأشارت النتائج إلى أن عدم اليقين السابق في توقعات ضعف الدوران الانقلابي لخط الطول الأطلسي نابع جزئياً من تحيزات في نمذجة التدرج الكثافي للمحيطات في النماذج المناخية الحالية.
على الرغم من أن السجلات المناخية القديمة، مثل رواسب المحيطات، تُظهر أن التيار تعرَّض لضعف كبير في الماضي -كما حدث خلال الحد الأقصى الجليدي الأخير قبل 20 ألف عام- إلا أن الدراسة الجديدة تشير إلى أن التغيرات المستقبلية ستكون أقل حدة.
وسيكون لانهيار تيار الدوران الانقلابي لخط الطول الأطلسي تداعيات مناخية، وبيئية كارثية على نطاق عالمي، حيث سيؤدي إلى اضطراب حاد في أنماط الطقس عبر القارات، مع انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في شمال غرب أوروبا قد يصل إلى 10 درجات مئوية في بعض المناطق، مما يحول مناخها إلى شبه قطبي.
بينما سترتفع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق في المناطق الاستوائية، مع تغيرات جذرية في أنظمة الرياح الموسمية في إفريقيا وجنوب آسيا، ما يهدد الأمن الغذائي لمئات الملايين.
كما سيسبب انهيار ذلك التيار في ارتفاع غير متكافئ في مستويات سطح البحر يصل إلى متر واحد على طول السواحل الشرقية لأميركا الشمالية مع زيادة كبيرة في وتيرة وشدة العواصف والأعاصير، بالإضافة إلى اضطراب النظم البيئية البحرية بسبب التغيرات في توزيع المغذيات ودرجات حرارة المياه، ما سيؤدي إلى انهيار مصايد الأسماك الرئيسية، وتأثيرات متتالية على السلسلة الغذائية البحرية العالمية، وكل ذلك سيكون مصحوباً باضطرابات اجتماعية واقتصادية وسياسية غير مسبوقة نتيجة لهذه الصدمة المناخية المفاجئة.
ومع ذلك، حذَّر الباحثون من أن حتى الضعف المحدود قد يؤثر على أنماط الطقس، مثل تبريد شمال أوروبا أو تغير أنماط الرياح الموسمية في إفريقيا والهند.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري
اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري

الشرق السعودية

timeمنذ 6 ساعات

  • الشرق السعودية

اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري

كشف دراسة جديدة، أشرف عليها علماء من وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، عن طريقة رائدة لتحديد مواقع الإصابات الجسدية، واستهدافها بدقة فائقة خلال دقائق معدودة من وقوع الإصابة. يُمهّد هذا الاكتشاف، الذي نُشر في دورية "سيل" (Cell) الطريق أمام تشخيص فوري وعلاجات مُركّزة يمكن تقديمها في موقع الإصابة نفسه، مما يبشر بعصر جديد في الاستجابة للحالات الطارئة. وقال الباحثون إن التقنية الجديدة، التي جرى اختبارها بنجاح على نماذج حيوانية، تتيح تشخيص الإصابات وتوصيل العلاج إلى الموقع المصاب فقط، دون المساس بالأنسجة السليمة، وهو ما يعدّ إنجازاً كبيراً في مجالي الإسعافات الأولية، والطب العسكري. ضحايا الحوادث والصدمات ويعتبر الباحثون الاكتشاف الجديد طفرة حقيقية في مجال الطب، إذ تُعد الإصابات الناتجة عن الصدمات تحدياً صحياً عالمياً هائلاً، إذ تتسبب في وفاة ما يقرب من 5 إلى 6 ملايين شخص حول العالم سنوياً، وتخلف حوالي 40 مليون إصابة دائمة كل عام، مما يجعلها تتجاوز مجتمعة أعداد الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية، والملاريا، والسل، وكورونا المستجد. وتُشكل حوادث المرور على الطرق السبب الرئيسي لهذه الوفيات، خاصةً بين الشباب، بينما يسهم السقوط والعنف والإصابات المرتبطة بالعمل بنسب كبيرة في هذا العبء الثقيل، الذي يقع حوالي 90% منه على عاتق البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يؤكد الحاجة الماسة للحلول العلاجية المبتكرة مثل الاكتشاف الأخير الذي يهدف لتوفير علاج فوري ومُستهدف. وأوضح الباحثون أن واحدة من أبرز مشكلات الطب الطارئ هي التأثيرات الجانبية غير المرغوبة الناتجة عن العلاجات العامة، خصوصاً تلك التي تُعطى قبل تحديد مكان الإصابة بدقة، ومن أمثلة ذلك المضادات الحيوية، وعوامل التجلط أو حتى أدوات التصوير الطبية. وفي حالة الإصابات العسكرية أو حوادث السير، قد يؤدي تأخر التشخيص أو إيصال العلاج إلى مضاعفات خطيرة، وقد يُعرض حياة المصاب للخطر. وعند تعرض الجسم لإصابة حادة، مثل كسر كبير في العظام أو جرح نافذ، تحدث تغييرات سريعة على المستوى الخلوي، وكشفت الدراسة عن ظاهرة دقيقة تحدث في لحظات الإصابة الأولى تتمثل في ارتفاع مستويات الكالسيوم داخل الخلايا المصابة، ما يؤدي إلى تغيّر في شكل بعض البروتينات. وهذه البروتينات المتحوّلة، التي أُطلق عليها اسم "التروموم" لا تظهر إلا في الأنسجة المصابة، وتشكل ما يشبه البصمة الجزيئية للإصابة. وقال المؤلف الرئيسي للدراسة "وديع عرب" الباحث في معهد روتجرز للسرطان إنه وفي اللحظة التي تحدث فيها الصدمة "تخضع بروتينات معينة لتغيرات هيكلية، مما يخلق بصمة جزيئية للإصابة.. هذا يفتح باب توصيل التشخيصات أو العلاجات مباشرة إلى الموقع دون التأثير على الأنسجة السليمة". و"التروموم" بصمة جزيئية فريدة تتكون في الجسم فور وقوع الإصابة؛ فعند تعرض الخلايا للضرر تحدث تغييرات هيكلية كبيرة في الأنسجة المصابة، وتظهر مباشرة بعد الحادث. وأشار الباحثون إلى أن اكتشاف "التروموم" يُمثل خطوة محورية نحو تطوير علاجات وتشخيصات فائقة الدقة يمكن توجيهها مباشرة إلى موقع الإصابة خلال دقائق معدودة، دون التأثير على الأنسجة السليمة، مما يحمل آمالًا كبيرة في إحداث ثورة في الرعاية الطارئة وطب ساحة المعركة. ويرى الباحثون أن التقنية الجديدة قادرة على توصيل العلاج بدقة فور حدوث الإصابة باستخدام حقنة واحدة تحمل مادة علاجية أو تصويرية، تنتقل في الجسم وتستقر تلقائياً في موضع الجرح دون تدخل جراحي أو توجيه خارجي. طب ساحة المعركة وقالت المؤلفة الأولى للدراسة "ريناتا باسكواليني" الباحثة في معهد روتجرز للسرطان إن فريقها بصدد التخطيط لابتكار حقنة بسيطة تجد وتعالج مواقع الإصابة تلقائياً، "ويمكن أن يكون هذا تحويلياً لطب ساحة المعركة، والرعاية الطارئة للإصابات، حيث كل ثانية تُحدث فرقاً". وقد أظهرت الاختبارات المتقدمة التي أُجريت على نماذج الخنازير التي تعرضت لإصابات كبيرة، تحديد قطع بروتينية دقيقة تُسمى "الببتيدات". وتعمل الببتيدات كـ"أدلة" يمكنها إيجاد البروتينات المُتغيرة والالتصاق بها عند حدوث الإصابة، وأحد هذه الببتيدات يبرز بشكل خاص لقدرته على الارتباط ببروتين يتغير شكله عند ارتفاع مستويات الكالسيوم بعد الإصابة ما يتيح استخدام تقنيات المسح المتقدمة، مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أو التصوير بالرنين المغناطيسي، لتحديد مكان الإصابة بدقة بالغة داخل الجسم. وأكد الباحثون أن "الببتيد" المُستهدف للصدمة قد أظهر نفس الفعالية في الفئران، مما يشير إلى أن "بصمة الإصابة هذه متشابهة في جميع الثدييات، بما في ذلك البشر". ورغم أن الدافع الأصلي لهذا البحث كان علاج النزيف غير القابل للضغط في جنود الجبهات- وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة قبل الوصول إلى المستشفى- فإن آفاق التقنية الجديدة تتعدى الطب العسكري بكثير؛ إذ يمكن استخدامها في غرف الطوارئ بالمستشفيات، وفي الحوادث، وفي الملاعب الرياضية حيث تحدث إصابات مفاجئة، وحتى في غرف العمليات بعد الجراحة. كما تفتح هذه التكنولوجيا باباً محتملًا أمام علاج الالتهابات ومساعدة الجسم في تجديد الأنسجة، نظراً لأن "التروموم" قد يتداخل مع حالات أخرى غير الصدمات المباشرة.

زملاء الفضول الزائد... حين تتحوَّل بيئة العمل إلى مساحة مراقبة
زملاء الفضول الزائد... حين تتحوَّل بيئة العمل إلى مساحة مراقبة

الشرق الأوسط

timeمنذ يوم واحد

  • الشرق الأوسط

زملاء الفضول الزائد... حين تتحوَّل بيئة العمل إلى مساحة مراقبة

توصَّلت دراسة أميركية إلى أنّ وجود زميل فضولي ومتطفّل في مكان العمل لا يؤثّر في الراحة النفسية للموظفين فحسب، وإنما يؤدّي أيضاً إلى ارتفاع مستويات التوتر وانخفاض الأداء وتراجع التعاون بين الزملاء. وأوضح الباحثون من جامعة بوسطن أنّ هذه الظاهرة المنتشرة في المكاتب، مثل الزملاء الذين يُلقون نظرات على شاشات الآخرين، أو يتطفّلون على الأحاديث الجانبية، أو يطرحون أسئلة شخصية غير مريحة، أصبحت الآن قابلة للقياس العلمي، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «مجلة الأعمال وعلم النفس». وضع الفريق تعريفاً علمياً دقيقاً لسلوك الفضول الزائد في بيئة العمل، من خلال التمييز بين «الفضول الاجتماعي» المقبول و«الفضول المتطفّل» الذي يُعدُّ انتهاكاً للخصوصية. وعُرِّف الفضول في العمل على أنّه «محاولات الموظّفين التطفّلية للحصول على معلومات خاصة من زملائهم خلال الدوام». واعتمدت الدراسة على سلسلة من 4 تجارب، بدأت بمسح شمل 350 شاباً بالغاً حول ما يعدّونه فضولاً غير مقبول في بيئة العمل. ومن خلال ذلك، طُوّر مقياس جديد لسلوك التطفُّل الوظيفي، يُمكّن من التمييز بين الفضول المهني (المتعلّق بالعمل) والفضول الشخصي (المتعلّق بالحياة الخاصة). ويشمل هذا المقياس سلوكيات مثل الأسئلة المتكرّرة حول الحياة الشخصية، والتلصُّص على الشاشات، والتنصُّت على الأحاديث، ونشر الشائعات. ووفق النتائج، أشار نحو ثلث المشاركين إلى أنهم لاحظوا سلوكاً فضولياً من زملائهم مرّة واحدة أسبوعياً على الأقلّ، في حين ذكر آخرون أنهم يرونه بشكل شهري. اللافت أيضاً أنّ الموظفين الأصغر سنّاً أظهروا ميولاً أعلى نحو السلوك الفضولي مقارنة بكبار السنّ، ما قد يشير إلى اختلافات بين الأجيال في مفهوم الخصوصية والتفاعل الاجتماعي. وعن تأثير الفضول الزائد في بيئة العمل، بيَّنت الدراسة أنّ الموظفين الذين يعملون في بيئات ينتشر فيها التطفّل يعانون مستويات توتّر أعلى، ويُظهرون أداءً وظيفياً أقلّ، كما تقلّ لديهم الرغبة في مشاركة المعرفة أو التعاون مع الزملاء، ممّا يُفسد أجواء العمل. وأظهرت أيضاً أنّ الموظفين يستجيبون لسلوك التطفّل عن طريق تشديد حدود الخصوصية، مثل الامتناع عن الحديث أو إخفاء المعلومات، مما يؤدّي إلى نوع من العزلة داخل فرق العمل. كما تبيَّن أنّ بيئات العمل التي تسودها روح التنافس الشديد ترتبط بارتفاع واضح في معدلات الفضول بين الزملاء. وأظهرت النتائج أنّ فضول المديرين بشأن الحياة الشخصية للموظفين يُضعف مشاعر «العدالة» في بيئة العمل، مما ينعكس سلباً على تفاعل الموظفين ورغبتهم في التعاون. ومع ذلك، عندما يُظهر المشرفون سلوكاً صادقاً وأصيلاً، فإنهم ينجحون في تقليل هذه الآثار السلبية وتعزيز بيئة عمل أكثر صحة واحتراماً. وأكّد الباحثون أنّ هذه الدراسة توفّر فهماً أعمق لسلوك شائع يؤثّر سلباً في راحة الموظفين وإنتاجيتهم، مشيرين إلى أهمية تعزيز ثقافة عمل تحترم الخصوصية، وتُشجّع على القيادة الواعية التي توازن بين الاهتمام والدعم من دون التعدّي على الحدود الشخصية.

دراسة تُحذر: «تشات جي بي تي» قد يُعيد برمجة عقلك
دراسة تُحذر: «تشات جي بي تي» قد يُعيد برمجة عقلك

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الشرق الأوسط

دراسة تُحذر: «تشات جي بي تي» قد يُعيد برمجة عقلك

قد يُسبب استخدام روبوت الدردشة الشهير «تشات جي بي تي» على المدى الطويل آثاراً سلبية على وظائف الدماغ؛ حيث أكدت دراسة جديدة أنه قد يُعيد برمجة العقل. وحسب شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد وجدت الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، أن استخدام «تشات جي بي تي» لكتابة مقالات متعددة لأشهر متتالية يعوق القدرات الإدراكية. وأجريت الدراسة على 54 مشاركاً، تم تقسيمهم إلى 3 مجموعات؛ الأولى استخدمت «تشات جي بي تي» لكتابة مقالات مختلفة لمدة 4 أشهر، في حين استعانت الثانية بمحركات البحث فقط، واعتمدت المجموعة الثالثة على أدمغتها فقط. وفي نهاية الشهور الأربعة طُلب من مجموعة «تشات جي بي تي» كتابة مقال من دون أي أدوات، وطُلب من المجموعة التي اعتمدت على أدمغتها فقط استخدام «تشات جي بي تي» للمساعدة. وخلال الدراسة، سجَّل الباحثون نشاط أدمغة المشاركين باستخدام جهاز تخطيط كهربية الدماغ لتقييم مدى تفاعلهم المعرفي، وتحديد نشاطهم العصبي. كما قدّم المشاركون ملاحظاتهم الشخصية خلال المقابلات. وكتب الباحثون: «قدّم تحليل تخطيط كهربية الدماغ أدلة قوية على أن مجموعات (تشات جي بي تي) ومحركات البحث والمجموعات التي تعتمد على الدماغ فقط لديها أنماط اتصال عصبي مختلفة بشكل كبير». وأضافوا: «أظهرت نتائجنا انخفاضاً في الاتصال العصبي في الدماغ لدى المشاركين عند استخدامهم أدوات خارجية لمساعدتهم على كتابة مقالاتهم. فقد أظهرت المجموعة التي اعتمدت على الدماغ فقط أقوى تواصل عصبي في حين أظهرت مجموعة محركات البحث تواصلاً متوسطاً، وأثار استخدام (تشات جي بي تي) أضعف تواصل على الإطلاق». وحين طُلب من مجموعة «تشات جي بي تي» كتابة مقال من دون أي أدوات، أظهرت «اتصالاً عصبياً أضعف» وتفاعلاً معرفياً أقل، وقدرة أقل على تذكر المعلومات من المقالات التي كتبوها للتو. أما المجموعة التي كانت تعتمد على أدمغتها في الأساس، فحين طلب منها استخدام «تشات جي بي تي» أظهرت «قدرة أعلى على تذكر المعلومات» وتفاعلاً معرفياً أكبر. وبناءً على هذه النتائج، أشار الباحثون إلى احتمال وجود «انخفاض في مهارات التعلُّم» لدى مستخدمي «تشات جي بي تي». ولفت الفريق إلى أنه يأمل في أن يجري دراسات مستقبلية على عدد أكبر من المشاركين للتأكد من النتائج.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store