logo
اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري

اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري

الشرق السعوديةمنذ 3 ساعات

كشف دراسة جديدة، أشرف عليها علماء من وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، عن طريقة رائدة لتحديد مواقع الإصابات الجسدية، واستهدافها بدقة فائقة خلال دقائق معدودة من وقوع الإصابة.
يُمهّد هذا الاكتشاف، الذي نُشر في دورية "سيل" (Cell) الطريق أمام تشخيص فوري وعلاجات مُركّزة يمكن تقديمها في موقع الإصابة نفسه، مما يبشر بعصر جديد في الاستجابة للحالات الطارئة.
وقال الباحثون إن التقنية الجديدة، التي جرى اختبارها بنجاح على نماذج حيوانية، تتيح تشخيص الإصابات وتوصيل العلاج إلى الموقع المصاب فقط، دون المساس بالأنسجة السليمة، وهو ما يعدّ إنجازاً كبيراً في مجالي الإسعافات الأولية، والطب العسكري.
ضحايا الحوادث والصدمات
ويعتبر الباحثون الاكتشاف الجديد طفرة حقيقية في مجال الطب، إذ تُعد الإصابات الناتجة عن الصدمات تحدياً صحياً عالمياً هائلاً، إذ تتسبب في وفاة ما يقرب من 5 إلى 6 ملايين شخص حول العالم سنوياً، وتخلف حوالي 40 مليون إصابة دائمة كل عام، مما يجعلها تتجاوز مجتمعة أعداد الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية، والملاريا، والسل، وكورونا المستجد.
وتُشكل حوادث المرور على الطرق السبب الرئيسي لهذه الوفيات، خاصةً بين الشباب، بينما يسهم السقوط والعنف والإصابات المرتبطة بالعمل بنسب كبيرة في هذا العبء الثقيل، الذي يقع حوالي 90% منه على عاتق البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يؤكد الحاجة الماسة للحلول العلاجية المبتكرة مثل الاكتشاف الأخير الذي يهدف لتوفير علاج فوري ومُستهدف.
وأوضح الباحثون أن واحدة من أبرز مشكلات الطب الطارئ هي التأثيرات الجانبية غير المرغوبة الناتجة عن العلاجات العامة، خصوصاً تلك التي تُعطى قبل تحديد مكان الإصابة بدقة، ومن أمثلة ذلك المضادات الحيوية، وعوامل التجلط أو حتى أدوات التصوير الطبية.
وفي حالة الإصابات العسكرية أو حوادث السير، قد يؤدي تأخر التشخيص أو إيصال العلاج إلى مضاعفات خطيرة، وقد يُعرض حياة المصاب للخطر.
وعند تعرض الجسم لإصابة حادة، مثل كسر كبير في العظام أو جرح نافذ، تحدث تغييرات سريعة على المستوى الخلوي، وكشفت الدراسة عن ظاهرة دقيقة تحدث في لحظات الإصابة الأولى تتمثل في ارتفاع مستويات الكالسيوم داخل الخلايا المصابة، ما يؤدي إلى تغيّر في شكل بعض البروتينات.
وهذه البروتينات المتحوّلة، التي أُطلق عليها اسم "التروموم" لا تظهر إلا في الأنسجة المصابة، وتشكل ما يشبه البصمة الجزيئية للإصابة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة "وديع عرب" الباحث في معهد روتجرز للسرطان إنه وفي اللحظة التي تحدث فيها الصدمة "تخضع بروتينات معينة لتغيرات هيكلية، مما يخلق بصمة جزيئية للإصابة.. هذا يفتح باب توصيل التشخيصات أو العلاجات مباشرة إلى الموقع دون التأثير على الأنسجة السليمة".
و"التروموم" بصمة جزيئية فريدة تتكون في الجسم فور وقوع الإصابة؛ فعند تعرض الخلايا للضرر تحدث تغييرات هيكلية كبيرة في الأنسجة المصابة، وتظهر مباشرة بعد الحادث.
وأشار الباحثون إلى أن اكتشاف "التروموم" يُمثل خطوة محورية نحو تطوير علاجات وتشخيصات فائقة الدقة يمكن توجيهها مباشرة إلى موقع الإصابة خلال دقائق معدودة، دون التأثير على الأنسجة السليمة، مما يحمل آمالًا كبيرة في إحداث ثورة في الرعاية الطارئة وطب ساحة المعركة.
ويرى الباحثون أن التقنية الجديدة قادرة على توصيل العلاج بدقة فور حدوث الإصابة باستخدام حقنة واحدة تحمل مادة علاجية أو تصويرية، تنتقل في الجسم وتستقر تلقائياً في موضع الجرح دون تدخل جراحي أو توجيه خارجي.
طب ساحة المعركة
وقالت المؤلفة الأولى للدراسة "ريناتا باسكواليني" الباحثة في معهد روتجرز للسرطان إن فريقها بصدد التخطيط لابتكار حقنة بسيطة تجد وتعالج مواقع الإصابة تلقائياً، "ويمكن أن يكون هذا تحويلياً لطب ساحة المعركة، والرعاية الطارئة للإصابات، حيث كل ثانية تُحدث فرقاً".
وقد أظهرت الاختبارات المتقدمة التي أُجريت على نماذج الخنازير التي تعرضت لإصابات كبيرة، تحديد قطع بروتينية دقيقة تُسمى "الببتيدات".
وتعمل الببتيدات كـ"أدلة" يمكنها إيجاد البروتينات المُتغيرة والالتصاق بها عند حدوث الإصابة، وأحد هذه الببتيدات يبرز بشكل خاص لقدرته على الارتباط ببروتين يتغير شكله عند ارتفاع مستويات الكالسيوم بعد الإصابة ما يتيح استخدام تقنيات المسح المتقدمة، مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أو التصوير بالرنين المغناطيسي، لتحديد مكان الإصابة بدقة بالغة داخل الجسم.
وأكد الباحثون أن "الببتيد" المُستهدف للصدمة قد أظهر نفس الفعالية في الفئران، مما يشير إلى أن "بصمة الإصابة هذه متشابهة في جميع الثدييات، بما في ذلك البشر".
ورغم أن الدافع الأصلي لهذا البحث كان علاج النزيف غير القابل للضغط في جنود الجبهات- وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة قبل الوصول إلى المستشفى- فإن آفاق التقنية الجديدة تتعدى الطب العسكري بكثير؛ إذ يمكن استخدامها في غرف الطوارئ بالمستشفيات، وفي الحوادث، وفي الملاعب الرياضية حيث تحدث إصابات مفاجئة، وحتى في غرف العمليات بعد الجراحة.
كما تفتح هذه التكنولوجيا باباً محتملًا أمام علاج الالتهابات ومساعدة الجسم في تجديد الأنسجة، نظراً لأن "التروموم" قد يتداخل مع حالات أخرى غير الصدمات المباشرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري
اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري

الشرق السعودية

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق السعودية

اكتشاف جديد يمهد لعلاج مصابي الحوادث بشكل فوري

كشف دراسة جديدة، أشرف عليها علماء من وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، عن طريقة رائدة لتحديد مواقع الإصابات الجسدية، واستهدافها بدقة فائقة خلال دقائق معدودة من وقوع الإصابة. يُمهّد هذا الاكتشاف، الذي نُشر في دورية "سيل" (Cell) الطريق أمام تشخيص فوري وعلاجات مُركّزة يمكن تقديمها في موقع الإصابة نفسه، مما يبشر بعصر جديد في الاستجابة للحالات الطارئة. وقال الباحثون إن التقنية الجديدة، التي جرى اختبارها بنجاح على نماذج حيوانية، تتيح تشخيص الإصابات وتوصيل العلاج إلى الموقع المصاب فقط، دون المساس بالأنسجة السليمة، وهو ما يعدّ إنجازاً كبيراً في مجالي الإسعافات الأولية، والطب العسكري. ضحايا الحوادث والصدمات ويعتبر الباحثون الاكتشاف الجديد طفرة حقيقية في مجال الطب، إذ تُعد الإصابات الناتجة عن الصدمات تحدياً صحياً عالمياً هائلاً، إذ تتسبب في وفاة ما يقرب من 5 إلى 6 ملايين شخص حول العالم سنوياً، وتخلف حوالي 40 مليون إصابة دائمة كل عام، مما يجعلها تتجاوز مجتمعة أعداد الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية، والملاريا، والسل، وكورونا المستجد. وتُشكل حوادث المرور على الطرق السبب الرئيسي لهذه الوفيات، خاصةً بين الشباب، بينما يسهم السقوط والعنف والإصابات المرتبطة بالعمل بنسب كبيرة في هذا العبء الثقيل، الذي يقع حوالي 90% منه على عاتق البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، مما يؤكد الحاجة الماسة للحلول العلاجية المبتكرة مثل الاكتشاف الأخير الذي يهدف لتوفير علاج فوري ومُستهدف. وأوضح الباحثون أن واحدة من أبرز مشكلات الطب الطارئ هي التأثيرات الجانبية غير المرغوبة الناتجة عن العلاجات العامة، خصوصاً تلك التي تُعطى قبل تحديد مكان الإصابة بدقة، ومن أمثلة ذلك المضادات الحيوية، وعوامل التجلط أو حتى أدوات التصوير الطبية. وفي حالة الإصابات العسكرية أو حوادث السير، قد يؤدي تأخر التشخيص أو إيصال العلاج إلى مضاعفات خطيرة، وقد يُعرض حياة المصاب للخطر. وعند تعرض الجسم لإصابة حادة، مثل كسر كبير في العظام أو جرح نافذ، تحدث تغييرات سريعة على المستوى الخلوي، وكشفت الدراسة عن ظاهرة دقيقة تحدث في لحظات الإصابة الأولى تتمثل في ارتفاع مستويات الكالسيوم داخل الخلايا المصابة، ما يؤدي إلى تغيّر في شكل بعض البروتينات. وهذه البروتينات المتحوّلة، التي أُطلق عليها اسم "التروموم" لا تظهر إلا في الأنسجة المصابة، وتشكل ما يشبه البصمة الجزيئية للإصابة. وقال المؤلف الرئيسي للدراسة "وديع عرب" الباحث في معهد روتجرز للسرطان إنه وفي اللحظة التي تحدث فيها الصدمة "تخضع بروتينات معينة لتغيرات هيكلية، مما يخلق بصمة جزيئية للإصابة.. هذا يفتح باب توصيل التشخيصات أو العلاجات مباشرة إلى الموقع دون التأثير على الأنسجة السليمة". و"التروموم" بصمة جزيئية فريدة تتكون في الجسم فور وقوع الإصابة؛ فعند تعرض الخلايا للضرر تحدث تغييرات هيكلية كبيرة في الأنسجة المصابة، وتظهر مباشرة بعد الحادث. وأشار الباحثون إلى أن اكتشاف "التروموم" يُمثل خطوة محورية نحو تطوير علاجات وتشخيصات فائقة الدقة يمكن توجيهها مباشرة إلى موقع الإصابة خلال دقائق معدودة، دون التأثير على الأنسجة السليمة، مما يحمل آمالًا كبيرة في إحداث ثورة في الرعاية الطارئة وطب ساحة المعركة. ويرى الباحثون أن التقنية الجديدة قادرة على توصيل العلاج بدقة فور حدوث الإصابة باستخدام حقنة واحدة تحمل مادة علاجية أو تصويرية، تنتقل في الجسم وتستقر تلقائياً في موضع الجرح دون تدخل جراحي أو توجيه خارجي. طب ساحة المعركة وقالت المؤلفة الأولى للدراسة "ريناتا باسكواليني" الباحثة في معهد روتجرز للسرطان إن فريقها بصدد التخطيط لابتكار حقنة بسيطة تجد وتعالج مواقع الإصابة تلقائياً، "ويمكن أن يكون هذا تحويلياً لطب ساحة المعركة، والرعاية الطارئة للإصابات، حيث كل ثانية تُحدث فرقاً". وقد أظهرت الاختبارات المتقدمة التي أُجريت على نماذج الخنازير التي تعرضت لإصابات كبيرة، تحديد قطع بروتينية دقيقة تُسمى "الببتيدات". وتعمل الببتيدات كـ"أدلة" يمكنها إيجاد البروتينات المُتغيرة والالتصاق بها عند حدوث الإصابة، وأحد هذه الببتيدات يبرز بشكل خاص لقدرته على الارتباط ببروتين يتغير شكله عند ارتفاع مستويات الكالسيوم بعد الإصابة ما يتيح استخدام تقنيات المسح المتقدمة، مثل التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أو التصوير بالرنين المغناطيسي، لتحديد مكان الإصابة بدقة بالغة داخل الجسم. وأكد الباحثون أن "الببتيد" المُستهدف للصدمة قد أظهر نفس الفعالية في الفئران، مما يشير إلى أن "بصمة الإصابة هذه متشابهة في جميع الثدييات، بما في ذلك البشر". ورغم أن الدافع الأصلي لهذا البحث كان علاج النزيف غير القابل للضغط في جنود الجبهات- وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة قبل الوصول إلى المستشفى- فإن آفاق التقنية الجديدة تتعدى الطب العسكري بكثير؛ إذ يمكن استخدامها في غرف الطوارئ بالمستشفيات، وفي الحوادث، وفي الملاعب الرياضية حيث تحدث إصابات مفاجئة، وحتى في غرف العمليات بعد الجراحة. كما تفتح هذه التكنولوجيا باباً محتملًا أمام علاج الالتهابات ومساعدة الجسم في تجديد الأنسجة، نظراً لأن "التروموم" قد يتداخل مع حالات أخرى غير الصدمات المباشرة.

صور أقمار اصطناعية تظهر حفارات وجرافات في موقع فوردو النووي
صور أقمار اصطناعية تظهر حفارات وجرافات في موقع فوردو النووي

الشرق السعودية

timeمنذ 7 ساعات

  • الشرق السعودية

صور أقمار اصطناعية تظهر حفارات وجرافات في موقع فوردو النووي

أظهرت صور جديدة بالأقمار الاصطناعية حفارات، وجرافات قرب موقع فوردو النووي الإيراني، الجمعة، وهي إحدى المنشآت التي تعرضت لقصف أميركي الأحد الماضي، فيما يبدو أنها جهود لإصلاح الأضرار، وإنشاء مسارات جديدة. ووثقت الصور التي التقطها شركة Maxar Technologies، نشاطاً جديداً قرب مداخل الأنفاق في فوردو، إضافة إلى النقاط التي أصابتها القنابل الأميركية الثقيلة. وتُظهر إحدى الصور حفارات وجرافات وهي تقوم على ما يبدو بنقل الأتربة قرب الحفر، والفجوات الموجودة في الحافة الجبلية الشمالية بموقع فوردو. وبحسب وزارة الدفاع الأميركية، فإن القنابل المستخدمة كانت من طراز GBU-57 الخارقة للتحصينات، واستهدفت بشكل أساسي المنشأة، ما سمح لها باختراق المجمعات الواقعة تحت الأرض. وفي صور أخرى تظهر ما يبدو أنها معدات بناء تقوم بحفر طرق وصول جديدة إلى المنشأة، إضافة إلى إصلاح الأضرار التي لحقت بالطريق الرئيسي المؤدي إليها.

علاج الدماغ بالكهرباء ربما يقلل خطر انتحار المصابين بالاكتئاب
علاج الدماغ بالكهرباء ربما يقلل خطر انتحار المصابين بالاكتئاب

الشرق السعودية

timeمنذ 8 ساعات

  • الشرق السعودية

علاج الدماغ بالكهرباء ربما يقلل خطر انتحار المصابين بالاكتئاب

كشفت مراجعة علمية شاملة نُشرت حديثاً عن نتائج قد تُحدث تحولاً في فهم فعالية العلاج بالتخليج الكهربائي (الصدمات الكربائية) لدى المصابين بالاكتئاب الشديد، إذ تبين أن هذا النوع من العلاج يقلل خطر الانتحار بنسبة 34% مقارنة بالعلاجات التقليدية مثل الأدوية المضادة للاكتئاب. وتُعد هذه المراجعة، المنشورة في دورية Neuroscience Applied، الأولى من نوعها التي تجمع وتُحلل منهجياً الأدلة الأحدث من الدراسات السابقة لتثبت بشكل واضح ارتباطاً ملموساً بين العلاج بالتخليج الكهربائي، وتراجع معدلات الانتحار والوفيات العامة بين المصابين بالاكتئاب المقاوم للعلاج. وقام الباحثون بتقييم تأثير ثلاثة أنواع من العلاجات العصبية على الأفكار والسلوكيات الانتحارية لدى مرضى الاكتئاب الشديد، شملت التخليج الكهربائي، والتحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، وتحفيز العصب المبهم. العلاج بالتخليج الكهربائي إجراء طبي يُستخدم لعلاج الاكتئاب الشديد، واضطرابات نفسية أخرى من خلال تمرير تيارات كهربائية قصيرة، ومنضبطة إلى الدماغ لتحفيز نوبة صرعية قصيرة ومُتحكَّم بها، مما يؤدي إلى تغييرات في كيمياء الدماغ يُعتقد أنها تساهم في تحسين الحالة المزاجية وتخفيف الأعراض. ويُجرى هذا العلاج تحت التخدير العام وتحت إشراف فريق طبي متخصص، وعادة ما يُستخدم عندما لا تستجيب الحالات الحادة للعلاجات الأخرى مثل الأدوية أو العلاج النفسي، وقد أثبت فعاليته، خصوصًا في الحالات التي تنطوي على ميول انتحارية أو اكتئاب مقاوم للعلاج. من أصل 1352 دراسة علمية أولية تم فحصها، اختار الباحثون 26 دراسة توافرت فيها معايير جودة دقيقة وشروط صارمة للتضمين، بما في ذلك توثيق مفصل لطريقة العلاج، ومعدلات الانتحار، والوفيات والأفكار الانتحارية. ووفقًا للبيانات التي جُمعت من 11 دراسة تناولت العلاج بالتخليج الكهربائي تحديداً، تم تحليل نتائج علاج 17890 مريضاً خضعوا لـذلك العلاج، ومقارنتها بنتائج 25367 مريضاً تلقوا رعاية تقليدية كالعلاج الدوائي. وأظهرت النتائج أن عدد حالات الانتحار في مجموعة العلاج بالتخليج الكهربي بلغ 208 حالات، مقارنة بـ 988 حالة في مجموعة الرعاية التقليدية، كما سُجلت 511 حالة وفاة لأي سبب في مجموعة التخليج الكهربي، مقابل 1325 حالة في المجموعة الأخرى. وتترجم هذه الأرقام إلى انخفاض بنسبة 34% في خطر الانتحار، وتراجع بنسبة 30% في خطر الوفاة العامة بين المرضى الذين تلقوا العلاج بالتخليج الكهربائي. فوائد التخليج الكهربي وتشير هذه النتائج إلى أن فوائد التخليج الكهربي قد تتجاوز الصحة النفسية، وتمتد إلى تعزيز فرص البقاء على قيد الحياة بشكل عام، وهو ما دفع بعض الخبراء إلى التساؤل عمّا إذا كان لهذا العلاج تأثير غير مباشر على تحسين المؤشرات الصحية العامة. إلا أن المؤلف المشارك في الدراسة مارتن بالسليف يورجنسن الباحث في جامعة كوبنهاجن يرى أن هذا التأثير على الوفيات ربما يعود لا إلى "آلية خفية تطيل العمر"، بل إلى "اختيار انتقائي للمرضى" ضمن الدراسات، ما يحدّ من تعميم هذه النتيجة على جميع الحالات. ويقول الباحثون إن العلاج بالتخليج الكهربائي تطور على مر العقود، ما يعني أن الدراسات الحديثة، التي غالباً ما تكون أوسع وأكثر دقة من القديمة، أظهرت فوائد أكبر من تلك التي سجلتها أبحاث سابقة خاصة أن العلاج الحديث بالتخليج الكهربائي أكثر فاعلية مما كان عليه في الماضي، ما يُعني أن نسبة تقليل خطر الانتحار قد تكون أعلى من 34% في التطبيقات المعاصرة. ويعترف الباحثون بقيود هذه المراجعة، إذ إن غالبية الدراسات التي شملها التحليل كانت ملاحظية وليست تجريبية، وهو ما يقلل من قوة الدليل؛ وبسبب حساسية الحالة النفسية للمرضى المصابين بالاكتئاب الشديد، فإن إجراء تجارب سريرية طويلة الأمد قد يكون أمراً غير عملياً من الناحية الأخلاقية والعملية، ما يجعل الاعتماد على البيانات الملاحظية ضرورة لا خياراً. أما في ما يخص العلاجان الآخران محل الدراسة- التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، وتحفيز العصب المبهم- فقد كانت النتائج أكثر تحفظاً، فالبيانات المتعلقة بـالأول كانت محدودة، ولم تُظهر الدراسات الصغيرة أي أثر يُعتد به على معدلات الانتحار أو الأفكار الانتحارية، ما يعني أن تأثير هذا النوع من التحفيز العصبي لا يزال غير مثبت حتى الآن. ويعمل التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة من خلال تسليط نبضات مغناطيسية متكررة وغير مؤلمة إلى مناطق محددة من الدماغ، خصوصاً القشرة الدماغية الأمامية، لتحفيز النشاط العصبي وتحسين المزاج، ويُجرى عادة دون تخدير وفي العيادات الخارجية. أما تحفيز العصب المبهم فقد أظهر انخفاضاً كبيراً في معدل الوفاة لأي سبب بنسبة 60%، إلا أن قلة عدد المشاركين في الدراسات المعنية تجعل من الصعب الوثوق بهذه النتيجة أو تعميمها على نطاق أوسع. ويتضمن تحفيز العصب المبهم زرع جهازاً صغيراً جراحياً تحت الجلد في منطقة الصدر، يقوم بإرسال نبضات كهربائية منتظمة إلى العصب المبهم الذي يمتد من الدماغ إلى أجزاء من الجسم، ما يساعد على تعديل النشاط العصبي المرتبط بالاكتئاب. إمكانيات العلاج بالتخليج الكهربائي تُشكل هذه الدراسة تطوراً مهماً في فهم إمكانيات العلاج بالتخليج الكهربائي، لا سيما أن هذا النوع من العلاج يواجه منذ عقود سمعة سلبية في الإعلام والرأي العام، وكثيراً ما يُصوّر ذلك العلاج كإجراء عنيف أو غير إنساني، رغم أنه، ومنذ ظهوره في الثلاثينيات، تطوّر بشكل ملحوظ ليصبح اليوم أحد أكثر العلاجات فعالية في حالات الاكتئاب الشديد غير المستجيب للعلاج الدوائي. وتؤكد الهيئات الطبية العالمية، بما في ذلك الجمعية الأمريكية للطب النفسي، أن التخليج الكهربائي، عند استخدامه وفقاً للبروتوكولات المعتمدة وتحت إشراف مختصين، آمن وفعّال. وتكتسب نتائج هذه الدراسة أهمية إضافية في ظل أزمة الصحة النفسية العالمية التي تزداد حدة عاماً بعد عام، فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يُعاني أكثر من 300 مليون شخص حول العالم من الاكتئاب، بزيادة قدرها 20% خلال العقد الممتد بين 2005 و2015. وقد تسببت جائحة كورونا في تفاقم الوضع، مع ما رافقها من عزلة اجتماعية، وضغوط اقتصادية، وتوترات صحية، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب، والانتحار في شتى أنحاء العالم. ويُمثل الانتحار السبب الرابع للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15، و29 عاماً، وترتبط حوالي نصف حالات الانتحار عالمياً باضطرابات مزاجية أبرزها الاكتئاب. لكن رغم التفاؤل الحذر الذي تبثّه نتائج هذه الدراسة، لا تزال الأسئلة كثيرة. فكيف يمكن ضمان استخدام العلاج بالتخليج الكهربائي بشكل عادل وآمن لجميع المرضى؟، وهل سيكون بمقدور النظم الصحية في الدول النامية- التي تعاني أصلاً من نقص في خدمات الصحة النفسية- توفير هذا النوع من العلاج؟، وماذا عن آثاره الجانبية المحتملة مثل فقدان الذاكرة المؤقت أو الارتباك، والتي تُسجّل أحيانًا بعد الجلسات؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store