logo
حزب موال للأكراد: ناقشنا مع أردوغان نزع سلاح حزب العمال الكردستاني

حزب موال للأكراد: ناقشنا مع أردوغان نزع سلاح حزب العمال الكردستاني

الجزيرةمنذ يوم واحد
التقى وفد من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب التركي الموالي للأكراد في تركيا الرئيس رجب طيب أردوغان اليوم الاثنين، لمناقشة نزع سلاح حزب العمال الكردستاني.
وأوضح الحزب أن وفده نقل إلى أردوغان آراء وتوصيات بشأن الخطوات المحتملة التالية، مشيرا -في بيان صدر بعد الاجتماع الذي استمر ساعة كاملة- إلى التأكيد على أن الإرادة المشتركة ستسهم في المضي قدما بالعملية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر قولها إن حزب العمال الكردستاني سيبدأ تسليم أسلحته عبر مراسم ستُجرى في إقليم كردستان العراق خلال أيام استجابة لدعوة إلقاء السلاح التي وجهها سابقا مؤسسه عبد الله أوجلان.
وأضافت مصادر في حزب العمال لقناة "روداو" العراقية الكردية أن هذه الخطوة ستكون بمثابة "إجراء لبناء الثقة" و"بادرة حسن نية" للمضي قدما في عملية المصالحة مع تركيا.
كما رجح مصدران في الحزب أن يوجه مؤسسه عبد الله أوجلان رسالة جديدة من محبسه بشأن القرار، لتبدأ بعدها عملية تسليم السلاح بشكل رسمي خلال مراسم أولية في مدينة السليمانية، حيث من المفترض أن يسلّم ما بين 20 و30 من أعضاء حزب العمال أسلحتهم في الفترة بين 3 و10 يوليو/تموز الجاري.
وسبق أن تعهد الرئيس التركي بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني"إذا لم يف بالوعود التي قطعها"، وذلك بعد ساعات من إعلان الحزب وقف إطلاق النار مع تركيا.
وجاء ذلك التعهد في حين قالت اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني "لن تقوم أي من قواتنا بتنفيذ عمليات مسلحة ما لم تُشن الهجمات ضدنا، كما أن تحقيق قضايا مثل وضع السلاح لا يمكن أن يتم إلا بالقيادة العملية للقائد (أوجلان)".
وكان الزعيم الكردي المسجون عبد الله أوجلان قد حث -في أواخر فبراير/شباط الماضي- حزبه على التخلي عن السلاح وحظر نشاطه، في إطار جهود تحقيق السلام مع تركيا وإنهاء صراع استمر 4 عقود وخلّف عشرات الآلاف من القتلى.
ووفقا لبيانات تركية، تسبب حزب العمال في مقتل نحو 40 ألف شخص (بين مدنيين وعسكريين) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وسبق أن أطلق أوجلان دعوتين سابقتين إلى هدنة، إحداهما في عام 2013، لكنهما باءتا بالفشل، مما فسح المجال أمام تجدد القتال.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماليزيا تدعو "آسيان" للتمسك باتفاقية منع انتشار السلاح النووي
ماليزيا تدعو "آسيان" للتمسك باتفاقية منع انتشار السلاح النووي

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

ماليزيا تدعو "آسيان" للتمسك باتفاقية منع انتشار السلاح النووي

دعا وزير الخارجية الماليزي محمد حسن، اليوم الثلاثاء، منظمة دول رابطة جنوب شرق آسيا "آسيان" إلى التمسك بالاتفاقية المشتركة التي تنص على خلو منطقة جنوب شرق آسيا من السلاح النووي، خلال اجتماع لجنة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بجنوب شرق آسيا. وقال حسن "ستبقى الاتفاقية وثيقة قانونية والتزاما من دول المجموعة بالعمل على نزع السلاح النووي إقليميا وعالميا"، مطالبا دول "آسيان" بالبقاء موحدة حيال منع الانتشار النووي في المنطقة، في ظل التهديدات الأمنية العالمية المتصاعدة لا سيما النووية، وما يتعرض له العالم من غموض أمني. وكانت هيئة اتفاقية إخلاء جنوب شرق آسيا من السلاح النووي قد اختتمت اجتماعاتها في كوالالمبور اليوم الثلاثاء قبيل اجتماع وزراء خارجية آسيان المقرر غدا الأربعاء. وتهدف الاتفاقية، المعروفة باسم "اتفاقية بانكوك" الموقعة عام 1995، إلى ضمان خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ودخلت حيز التنفيذ عام 1997، ويجري الحديث عن منع أي نشاط نووي في المنطقة سواء كان سلميا أو غير سلمي، بحسب ما ورد في موقع "آسيان". تحديات ومستجدات وأثناء مخاطبته هيئة تنفيذ اتفاقية بانكوك أعرب الوزير الماليزي عن قلقه من عدم توقيع الدول النووية على البروتوكول الخاص بها، أو تلقي "آسيان" تعهدات من الدول النووية باحترام البروتوكول، وقال "إن المنظمة تتطلع إلى مصادقة الدول النووية على البروتوكول". ويرى خبراء في شؤون " آسيان" أن دولا أعضاء تفكر بالتحلل من التزامها الأحادي بعدم الانخراط النووي، وهو ما قد يهدد وحدة الرابطة وتماسكها إلى جانب عوامل أخرى، في ظل تزايد المخاوف من توترات أمنية وعسكرية ليست بعيدة عن منطقة جنوب شرق آسيا. واعتبر وزير الخارجية السابق حامد البار أن اتفاقية بانكوك تشكل حجر أساس للبناء عليها، وتنبئ عن وعي مبكر لمخاطر السلاح النووي على المنطقة والعالم. وأضاف البار في تصريح لـ"الجزيرة نت" أن "هناك حاجة إلى إرادة سياسية وجدية في التعامل مع القضية النووية من قبل الدول الأعضاء والدول المعنية في منطقة جنوب شرقي آسيا"، مشيرا إلى أن بحر جنوب الصين يزخر بالمصادر الطبيعية، وفي نفس الوقت هناك نقاط نزاع تتطلب حلا بأسلوب آسيان دون تدخل خارجي. وأعرب البار عن اعتقاده بأن "آسيان "لا تملك آلية لمنع الدول النووية من اختراق المنطقة وعسكرتها نوويا، كما لا تملك القدرة على منع السفن والغواصات والطائرات النووية من أن تجوب المنطقة، ويبقى التعويل، بحسب البار، على التزام الدول النووية بتجنيب جنوب شرق آسيا المخاطر النووية، وتقديم ضمانات لدول المنطقة بعدم استغلالها نوويا. ودعا البار إلى تشكيل مظلة تحول دون اللجوء للتكنولوجيا النووية سواء العسكرية أو السلمية، باعتبارها الضامن الوحيد لتجنيب المنطقة خطر الكوارث النووية، وقال إن البدائل الآمنة للطاقة وتوليد الكهرباء متوفرة بكثرة. ولم يخف البار قلقه مما يمر به العالم مما وصفها بالحالة الانتقالية من نظام القطب الواحد إلى التعددية القطبية. وقال إن دول "آسيان" عليها التعاون لنقل النظام الدولي إلى التعددية، والالتزام بالاتفاقيات الأمنية الموقعة والتي تضمن حلولا سلمية تحول دون تفاقم النزاعات البينية والإقليمية.

زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟
زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟

أنقرة، بغداد- تترقب تركيا خلال الأيام المقبلة انطلاق خطوة تاريخية لتسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في إقليم كردستان العراق ، مما يثير آمالا بوضع حد لصراع مسلح دام عقودا. وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى بغداد، اليوم الثلاثاء، بهدف التنسيق مع السلطات العراقية بشأن ترتيبات العملية وضمان نجاحها، وذلك عقب زيارة أجراها قالن لأربيل مطلع الشهر الجاري. وأفادت مصادر أمنية تركية وكردية بأن مجموعة أولى من مقاتلي الحزب -يُقدر عددهم بين 20 و30 عنصرا- ستسلم أسلحتها يوم الجمعة المقبل في منطقة رابرين التابعة لمدينة رانية بمحافظة السليمانية، بحضور ممثلين عن أحزاب كردية ومنظمات المجتمع المدني. وأضافت أن عمليات التسليم ستتواصل حتى نهاية العام الحالي، تنفيذا لدعوة زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان إلى حل التنظيم والتخلي عن السلاح. جولة أمنية أجرى قالن مباحثات مع كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية، تركزت على ترتيبات تسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم. ووفق ما أوردته تقارير صحفية، فإن زيارة بغداد استهدفت استكمال التنسيق بشأن خطوات نزع السلاح، في إطار مبادرة أنقرة المعلنة لتحقيق "تركيا خالية من الإرهاب"، وسط تساؤلات عن مستوى التعاون المطلوب بين بغداد وأربيل لإنجاح هذه العملية. واكتفى الجانب العراقي بإصدار بيان مقتضب جاء فيه "إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والوفد المرافق له. وقد نقل الوفد تأكيد أنقرة على رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وبحث الجانبان الملفات الأمنية والتنسيق المعلوماتي لتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية المشتركة وعموم المنطقة". وكان قالن زار أربيل مطلع يوليو/تموز الجاري، حيث التقى كبار قادة الإقليم، بينهم الرئيس نيجيرفان البارزاني ، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، إضافة إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني. وتركزت المحادثات على مستجدات المشهد الإقليمي، لا سيما تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، إلى جانب ملفات التعاون الأمني وإجراءات تطهير الحدود من التهديدات الإرهابية. كما أكد الوفد التركي دعمه تركمان العراق وضرورة تمكينهم سياسيا، مشددا على أهمية استمرار التنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد والحوار مع سلطات الإقليم. ونقلت وكالة الأناضول عن قالن دعوته حزب العمال الكردستاني إلى الالتزام الفوري بقرار إلقاء السلاح "من دون أي مناورة سياسية"، في مسعى لتسريع تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الأطراف المعنية. تنسيق مشترك في السياق، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجوية التركية غورسال توكماك أوغلو إن العراق كان يواجه تهديدا أمنيا كبيرا بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني، سواء على مستوى الحكومة المركزية في بغداد أو سلطات إقليم كردستان شمال البلاد. وأوضح للجزيرة نت أن "المشكلة الأساسية تتمثل في وجود الحزب، لكن ثمة أيضا جماعات ومصالح أخرى تسعى إلى زعزعة استقرار العراق". وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات جدية نحو إنهاء أنشطة الحزب المسلح، لكنه لفت إلى أن الإجراءات المرتبطة بهذه العملية لم تُخطط تخطيطا كاملا ضمن إطار منسق وتعاون مشترك بين الأطراف المعنية. وأضاف توكماك أوغلو "اليوم، يلعب جهاز الاستخبارات التركي دورا محوريا في ضمان هذا التنسيق، خاصة في ما يتعلق بترتيبات تسليم المسلحين، والتعامل مع الأسلحة، والقضايا القانونية، إضافة إلى الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في المناطق الحدودية". وقال إن العمل على هذه الملفات حقق تقدما ملموسا، وإن هناك جهودا حثيثة لإنهاء التهديدات وتأمين استقرار دائم للمنطقة. يظل ملف حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه الملف الأهم على طاولة النقاش بين أنقرة وبغداد، في ظل محاولات تركية لضمان دعم الحكومة العراقية وإقليم كردستان هذه الخطوة. في سياق متصل، شدد المتحدث باسم رئيس حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، في تصريح للجزيرة نت، على أن "لحكومة الإقليم دورا إيجابيا وواضحا في هذه العملية، وقد أكدت دائما ضرورة حل الخلاف بين تركيا والحزب بطرق سلمية". وأضاف هوراماني أن الإقليم، منذ البداية، يساند هذه الجهود، داعيا الجانبين إلى الحوار وإنهاء النزاع بطرق ديمقراطية تكفل للأكراد في تركيا الوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتبعد المنطقة عن الصراعات المسلحة التي لا جدوى منها. كما أبدى استعداد الإقليم للقيام بأي دور أو مسؤولية تسهم في إنجاح هذه العملية. حسن نية وفي خطوة أثارت تساؤلات، كان من المقرر أن تكون مراسم تسليم السلاح مفتوحة أمام جميع الإعلاميين، بعدما نشر الحزب استمارة دعا فيها الصحفيين لتسجيل أسمائهم للمشاركة، لكنه عاد وتراجع مساء أمس الاثنين عن هذا الترتيب، معلنا قصر الحضور على قنواته الإعلامية ومنع البث المباشر، بحجة "الظروف الأمنية". وأفادت مصادر من داخل منظومات المجتمع الكردستاني (ك ج ك) -وهي الهيئة السياسية والإدارية للحزب- للجزيرة نت بأن مراسم التسليم ستتضمن رسالة صوتية أو مصورة من زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان. لكن بسبب عدم وضوح مضمون الرسالة، وخشية تسريب ما لا ترغب قيادة الحزب في نشره، تقرر استبعاد الصحفيين من التغطية. من جهته، رأى الخبير في الشأن التركي الكردي كمال رؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة قالن إلى بغداد وأربيل تهدف إلى ضمان التزام الحكومتين بدعم العملية وعدم السماح بعرقلتها. ووصف مراسم التسليم المرتقبة بأنها "بادرة حسن نية ورمزية لإظهار جدية الحزب أمام الرأي العام"، لكنه حذر من أن الحزب لن يُقدم على خطوة حلّ نفسه تماما إلا إذا رافقتها خطوات إيجابية ملموسة من الحكومة التركية. وتأتي هذه التطورات ضمن مسار أوسع شمل زيارة وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية لأوجلان، ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان قيادات كردية، فضلا عن التحركات الأمنية والدبلوماسية الأخيرة لرئيس الاستخبارات التركية، وهو ما يعكس -وفق مراقبين- مؤشرات على تحول محتمل في مسار عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.

الشرق الأوسط الجديد.. الاقتصاد يرسم ملامح ما بعد الحرب
الشرق الأوسط الجديد.. الاقتصاد يرسم ملامح ما بعد الحرب

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

الشرق الأوسط الجديد.. الاقتصاد يرسم ملامح ما بعد الحرب

لم يكن الشرق الأوسط يوما ساحة ساكنة، بل ظل قرنا كاملا يترنح بين الاحتلالات والنزاعات والانقلابات، تتبدل فيه التحالفات مثل تبدل المواسم، وترسم خرائطه في مؤتمرات لا يمثل فيها أبناء المنطقة سوى صور رمزية على الجدران. لكن ما يحدث خلال السنوات القليلة الماضية مختلف تماما من حيث الجوهر والزمن والوسائل. نحن اليوم أمام لحظة إعادة تشكل تاريخية، لكنها لا تأتي عبر الحروب وحدها، بل عبر المعادلات الاقتصادية الجديدة، والتكنولوجيا، وتبدلات التموضع الجيوسياسي. الشرق الأوسط الجديد لا يُرسم هذه المرة على الورق فحسب، بل يعاد تشكيله على الأرض عبر مشاريع وممرات وقرارات مالية ومصالح تتجاوز منطق القوة العسكرية إلى منطق الكفاءة الاقتصادية، وتنتقل من الجغرافيا الدموية إلى الجغرافيا الربحية. التحولات الاقتصادية التي نراها اليوم لم تولد فجأة، بل كانت نتائج تراكمية لأحداث مفصلية. فمنذ بداية الألفية، بدأ الاهتمام العالمي بالمنطقة يتبدل تدريجيًا. بعد غزو العراق عام 2003، تبيّن أن الهيمنة العسكرية المباشرة مكلفة وغير مستدامة، وهو ما أدى لاحقًا إلى التحولات التي رسخها الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021، والذي مثل إعلانا واضحا عن بداية تقليص النفوذ العسكري الأميركي في المنطقة، مقابل تصاعد نفوذ قوى أخرى مثل الصين وروسيا، وتمدد النفوذ الاقتصادي والتكنولوجي لقوى إقليمية كالسعودية، والإمارات، وتركيا. اليوم، نشهد بوضوح كيف أن مشاريع عملاقة، مثل "طريق الهند– الشرق الأوسط– أوروبا"، ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، ومحور الربط التجاري بين الخليج وتركيا وأوروبا عبر العراق والأردن، كلها ليست مجرد مشاريع بنى تحتية أو لوجستية، بل بمنزلة عقود تأسيس لشرق أوسط اقتصادي جديد. لم تعد المعارك تدور فقط على خطوط النار، بل أيضا على خطوط السكك الحديدية، وأسعار الغاز الطبيعي، ومواضع مراكز البيانات، وسلاسل التوريد. من خلال الاقتصاد ولفهم شكل الشرق الأوسط الجديد، لا بد أن نقرأه من خلال العدسة الاقتصادية، لا الأمنية فحسب. فالمنطقة التي عُرفت لعقود طويلة بوصفها منبعا لصادرات الطاقة ومسرحا دائما للحروب، باتت الآن تتصارع على موقعها في مستقبل الاقتصاد العالمي. فالسعودية مثلًا، التي كانت تعتمد على النفط بنسبة تتجاوز 90% من عائداتها العامة حتى 2015، نجحت عبر رؤية 2030 في خفض تلك النسبة تدريجيا بتنويع مصادر الدخل، وجذب استثمارات غير نفطية تجاوزت 30 مليار دولار سنويا، واستحداث مشاريع مستقبلية كمدينة "نيوم" التي تبلغ ميزانيتها التقديرية نحو 500 مليار دولار، لتكون مركزا عالميًا للذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر. الإمارات بدورها سبقت في هذا المضمار، فتحولت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، يضاهي في بعض مؤشراته سنغافورة وهونغ كونغ، وأسست منظومة اقتصادية متكاملة مبنية على الابتكار والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية. أما قطر، فقد استخدمت فائضها المالي في بناء شبكة نفوذ طاقوي وسياسي وإعلامي متكاملة، تمتد من أوروبا إلى آسيا، مستفيدة من مكانتها كونها أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. لكن في مقابل هذا التحول الإيجابي، هناك اقتصادات لا تزال تصارع من أجل البقاء وسط هذا الطوفان، وفي مقدمتها العراق، الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي في المنطقة بعد السعودية، وثروات طبيعية وبشرية هائلة، وموقع إستراتيجي يمكن أن يجعله عقدة لوجستية تربط آسيا بأوروبا، والخليج بتركيا، بيد أن سوء الإدارة والفساد وغياب الاستقرار السياسي، جعلته حتى اليوم يعتمد على النفط بأكثر من 92% من موازنته، مع عجز مزمن عن جذب الاستثمارات الأجنبية الكبرى، وتباطؤ واضح في مشاريع التحول الرقمي والتنمية المستدامة. وهو ما يعني أن العراق، رغم ما يملكه من أوراق، لا يزال يقف على حافة الفرصة، إما أن يدخل نادي الشرق الأوسط الجديد عبر بوابة الإصلاح والانفتاح، أو يُترك في الهامش كنقطة عبور بين صاعدين آخرين. زلزال جيواقتصادي التحول الأبرز الذي عجل في إعادة تشكيل المنطقة كان العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ذلك الحدث الذي ظن كثيرون أنه مجرد جولة جديدة في الصراع الدائر في فلسطين، تبين لاحقًا أنه زلزال جيواقتصادي حقيقي. الحرب أخرجت جماعة الحوثي في اليمن إلى واجهة التأثير العالمي عبر استهداف الملاحة في البحر الأحمر، مما أدى إلى تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 17% في النصف الأول من عام 2024، واضطراب سلاسل الإمداد العالمية. كما تسبب القصف الإسرائيلي المكثف والتوغل البري في غزة في تدمير البنية التحتية بالكامل، وعرقلة مشاريع التطبيع والربط الاقتصادي بين إسرائيل ودول الخليج، التي كانت في طور التبلور. إسرائيل نفسها، التي كانت تراهن على تحولها إلى مركز اقتصادي وتكنولوجي إقليمي، تلقت ضربة اقتصادية عنيفة، إذ تراجعت الاستثمارات الأجنبية بنسبة 60% خلال أقل من 9 أشهر، وتكبدت أكثر من 70 مليار دولار في خسائر مباشرة وغير مباشرة، إضافة إلى استنزاف الموازنة العامة وخسائر في سوق العمل. هذا الانكشاف أثبت أن الاستقرار هو العمود الفقري لأي نهضة اقتصادية، وأن الحروب لم تعد مجرد معارك سياسية، بل تؤثر مباشرة على التموضع في النظام الاقتصادي العالمي. الجغرافيا الاقتصادية ما يحدث اليوم تمكن مقارنته بلحظة ما بعد الحرب العالمية الأولى، حين أعادت القوى الكبرى رسم المنطقة وفق توازناتها الاستعمارية، لكن الفرق أن تلك الخريطة رسمت على الطاولة، أما خارطة اليوم فهي ترسم على الأرض، عبر المشاريع والتحولات التكنولوجية والتشابكات الاقتصادية. في السابق، كانت الجغرافيا السياسية هي الحاكمة، أما الآن فقد باتت الجغرافيا الاقتصادية هي البوصلة الجديدة. وفي ضوء هذه المعطيات، يمكننا أن نرسم سقفا زمنيا منطقيا لظهور الملامح الكاملة للشرق الأوسط الجديد. فبحلول عام 2030، ستكون معظم مشاريع الربط الاقتصادي، مثل ممر الهند – الخليج– أوروبا، وميناء الفاو الكبير في العراق، ومنصات نيوم الرقمية، قد بدأت فعليًا بالعمل، وسيتحدد حينها من هم اللاعبون الرئيسيون في المنطقة. أما بين 2030 و2035، فستكون مرحلة الاختبار الجدي للتماسك الاقتصادي، خاصة في ظل التحديات المناخية، والتحول في الطلب العالمي على الطاقة، والضغط الديمغرافي. وإذا لم تستطع بعض الدول أن تكيّف اقتصاداتها مع هذه التحديات، فإنها ستكون مرشحة إما للفوضى أو التبعية أو التهميش. وبحلول عام 2040، سيبرز شرق أوسط مختلف جذريًا، شرق أوسط تقاس فيه القوة ليس بعدد الجنود أو صفقات السلاح، بل بما يلي: حجم البيانات المتداولة. قدرة الموانئ. عدد الشركات الناشئة. مؤشرات الابتكار. حجم رؤوس الأموال العابرة. من سيفهم هذه اللغة الجديدة ويدخلها بذكاء، سيكون له مكان في هذا المستقبل، ومن يظل أسير لغة الماضي، لن يكون سوى متفرج على ما كان يمكن أن يكون. إن الشرق الأوسط الجديد ليس حتميا ولا جاهزا، بل هو مشروع قيد التشكيل، ويمكن لكل دولة أن تختار مكانها فيه. والفرص لا تزال ممكنة، لكنها لا تنتظر طويلاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store