
زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى بغداد، اليوم الثلاثاء، بهدف التنسيق مع السلطات العراقية بشأن ترتيبات العملية وضمان نجاحها، وذلك عقب زيارة أجراها قالن لأربيل مطلع الشهر الجاري.
وأفادت مصادر أمنية تركية وكردية بأن مجموعة أولى من مقاتلي الحزب -يُقدر عددهم بين 20 و30 عنصرا- ستسلم أسلحتها يوم الجمعة المقبل في منطقة رابرين التابعة لمدينة رانية بمحافظة السليمانية، بحضور ممثلين عن أحزاب كردية ومنظمات المجتمع المدني. وأضافت أن عمليات التسليم ستتواصل حتى نهاية العام الحالي، تنفيذا لدعوة زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان إلى حل التنظيم والتخلي عن السلاح.
جولة أمنية
أجرى قالن مباحثات مع كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية، تركزت على ترتيبات تسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم.
ووفق ما أوردته تقارير صحفية، فإن زيارة بغداد استهدفت استكمال التنسيق بشأن خطوات نزع السلاح، في إطار مبادرة أنقرة المعلنة لتحقيق "تركيا خالية من الإرهاب"، وسط تساؤلات عن مستوى التعاون المطلوب بين بغداد وأربيل لإنجاح هذه العملية.
واكتفى الجانب العراقي بإصدار بيان مقتضب جاء فيه "إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والوفد المرافق له. وقد نقل الوفد تأكيد أنقرة على رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وبحث الجانبان الملفات الأمنية والتنسيق المعلوماتي لتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية المشتركة وعموم المنطقة".
وكان قالن زار أربيل مطلع يوليو/تموز الجاري، حيث التقى كبار قادة الإقليم، بينهم الرئيس نيجيرفان البارزاني ، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، إضافة إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني.
وتركزت المحادثات على مستجدات المشهد الإقليمي، لا سيما تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، إلى جانب ملفات التعاون الأمني وإجراءات تطهير الحدود من التهديدات الإرهابية.
كما أكد الوفد التركي دعمه تركمان العراق وضرورة تمكينهم سياسيا، مشددا على أهمية استمرار التنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد والحوار مع سلطات الإقليم. ونقلت وكالة الأناضول عن قالن دعوته حزب العمال الكردستاني إلى الالتزام الفوري بقرار إلقاء السلاح "من دون أي مناورة سياسية"، في مسعى لتسريع تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الأطراف المعنية.
تنسيق مشترك
في السياق، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجوية التركية غورسال توكماك أوغلو إن العراق كان يواجه تهديدا أمنيا كبيرا بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني، سواء على مستوى الحكومة المركزية في بغداد أو سلطات إقليم كردستان شمال البلاد.
وأوضح للجزيرة نت أن "المشكلة الأساسية تتمثل في وجود الحزب، لكن ثمة أيضا جماعات ومصالح أخرى تسعى إلى زعزعة استقرار العراق". وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات جدية نحو إنهاء أنشطة الحزب المسلح، لكنه لفت إلى أن الإجراءات المرتبطة بهذه العملية لم تُخطط تخطيطا كاملا ضمن إطار منسق وتعاون مشترك بين الأطراف المعنية.
وأضاف توكماك أوغلو "اليوم، يلعب جهاز الاستخبارات التركي دورا محوريا في ضمان هذا التنسيق، خاصة في ما يتعلق بترتيبات تسليم المسلحين، والتعامل مع الأسلحة، والقضايا القانونية، إضافة إلى الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في المناطق الحدودية". وقال إن العمل على هذه الملفات حقق تقدما ملموسا، وإن هناك جهودا حثيثة لإنهاء التهديدات وتأمين استقرار دائم للمنطقة.
يظل ملف حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه الملف الأهم على طاولة النقاش بين أنقرة وبغداد، في ظل محاولات تركية لضمان دعم الحكومة العراقية وإقليم كردستان هذه الخطوة.
في سياق متصل، شدد المتحدث باسم رئيس حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، في تصريح للجزيرة نت، على أن "لحكومة الإقليم دورا إيجابيا وواضحا في هذه العملية، وقد أكدت دائما ضرورة حل الخلاف بين تركيا والحزب بطرق سلمية".
وأضاف هوراماني أن الإقليم، منذ البداية، يساند هذه الجهود، داعيا الجانبين إلى الحوار وإنهاء النزاع بطرق ديمقراطية تكفل للأكراد في تركيا الوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتبعد المنطقة عن الصراعات المسلحة التي لا جدوى منها. كما أبدى استعداد الإقليم للقيام بأي دور أو مسؤولية تسهم في إنجاح هذه العملية.
حسن نية
وفي خطوة أثارت تساؤلات، كان من المقرر أن تكون مراسم تسليم السلاح مفتوحة أمام جميع الإعلاميين، بعدما نشر الحزب استمارة دعا فيها الصحفيين لتسجيل أسمائهم للمشاركة، لكنه عاد وتراجع مساء أمس الاثنين عن هذا الترتيب، معلنا قصر الحضور على قنواته الإعلامية ومنع البث المباشر، بحجة "الظروف الأمنية".
وأفادت مصادر من داخل منظومات المجتمع الكردستاني (ك ج ك) -وهي الهيئة السياسية والإدارية للحزب- للجزيرة نت بأن مراسم التسليم ستتضمن رسالة صوتية أو مصورة من زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان. لكن بسبب عدم وضوح مضمون الرسالة، وخشية تسريب ما لا ترغب قيادة الحزب في نشره، تقرر استبعاد الصحفيين من التغطية.
من جهته، رأى الخبير في الشأن التركي الكردي كمال رؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة قالن إلى بغداد وأربيل تهدف إلى ضمان التزام الحكومتين بدعم العملية وعدم السماح بعرقلتها. ووصف مراسم التسليم المرتقبة بأنها "بادرة حسن نية ورمزية لإظهار جدية الحزب أمام الرأي العام"، لكنه حذر من أن الحزب لن يُقدم على خطوة حلّ نفسه تماما إلا إذا رافقتها خطوات إيجابية ملموسة من الحكومة التركية.
وتأتي هذه التطورات ضمن مسار أوسع شمل زيارة وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية لأوجلان، ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان قيادات كردية، فضلا عن التحركات الأمنية والدبلوماسية الأخيرة لرئيس الاستخبارات التركية، وهو ما يعكس -وفق مراقبين- مؤشرات على تحول محتمل في مسار عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
ماليزيا تدعو "آسيان" للتمسك باتفاقية منع انتشار السلاح النووي
دعا وزير الخارجية الماليزي محمد حسن، اليوم الثلاثاء، منظمة دول رابطة جنوب شرق آسيا "آسيان" إلى التمسك بالاتفاقية المشتركة التي تنص على خلو منطقة جنوب شرق آسيا من السلاح النووي، خلال اجتماع لجنة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية بجنوب شرق آسيا. وقال حسن "ستبقى الاتفاقية وثيقة قانونية والتزاما من دول المجموعة بالعمل على نزع السلاح النووي إقليميا وعالميا"، مطالبا دول "آسيان" بالبقاء موحدة حيال منع الانتشار النووي في المنطقة، في ظل التهديدات الأمنية العالمية المتصاعدة لا سيما النووية، وما يتعرض له العالم من غموض أمني. وكانت هيئة اتفاقية إخلاء جنوب شرق آسيا من السلاح النووي قد اختتمت اجتماعاتها في كوالالمبور اليوم الثلاثاء قبيل اجتماع وزراء خارجية آسيان المقرر غدا الأربعاء. وتهدف الاتفاقية، المعروفة باسم "اتفاقية بانكوك" الموقعة عام 1995، إلى ضمان خلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، ودخلت حيز التنفيذ عام 1997، ويجري الحديث عن منع أي نشاط نووي في المنطقة سواء كان سلميا أو غير سلمي، بحسب ما ورد في موقع "آسيان". تحديات ومستجدات وأثناء مخاطبته هيئة تنفيذ اتفاقية بانكوك أعرب الوزير الماليزي عن قلقه من عدم توقيع الدول النووية على البروتوكول الخاص بها، أو تلقي "آسيان" تعهدات من الدول النووية باحترام البروتوكول، وقال "إن المنظمة تتطلع إلى مصادقة الدول النووية على البروتوكول". ويرى خبراء في شؤون " آسيان" أن دولا أعضاء تفكر بالتحلل من التزامها الأحادي بعدم الانخراط النووي، وهو ما قد يهدد وحدة الرابطة وتماسكها إلى جانب عوامل أخرى، في ظل تزايد المخاوف من توترات أمنية وعسكرية ليست بعيدة عن منطقة جنوب شرق آسيا. واعتبر وزير الخارجية السابق حامد البار أن اتفاقية بانكوك تشكل حجر أساس للبناء عليها، وتنبئ عن وعي مبكر لمخاطر السلاح النووي على المنطقة والعالم. وأضاف البار في تصريح لـ"الجزيرة نت" أن "هناك حاجة إلى إرادة سياسية وجدية في التعامل مع القضية النووية من قبل الدول الأعضاء والدول المعنية في منطقة جنوب شرقي آسيا"، مشيرا إلى أن بحر جنوب الصين يزخر بالمصادر الطبيعية، وفي نفس الوقت هناك نقاط نزاع تتطلب حلا بأسلوب آسيان دون تدخل خارجي. وأعرب البار عن اعتقاده بأن "آسيان "لا تملك آلية لمنع الدول النووية من اختراق المنطقة وعسكرتها نوويا، كما لا تملك القدرة على منع السفن والغواصات والطائرات النووية من أن تجوب المنطقة، ويبقى التعويل، بحسب البار، على التزام الدول النووية بتجنيب جنوب شرق آسيا المخاطر النووية، وتقديم ضمانات لدول المنطقة بعدم استغلالها نوويا. ودعا البار إلى تشكيل مظلة تحول دون اللجوء للتكنولوجيا النووية سواء العسكرية أو السلمية، باعتبارها الضامن الوحيد لتجنيب المنطقة خطر الكوارث النووية، وقال إن البدائل الآمنة للطاقة وتوليد الكهرباء متوفرة بكثرة. ولم يخف البار قلقه مما يمر به العالم مما وصفها بالحالة الانتقالية من نظام القطب الواحد إلى التعددية القطبية. وقال إن دول "آسيان" عليها التعاون لنقل النظام الدولي إلى التعددية، والالتزام بالاتفاقيات الأمنية الموقعة والتي تضمن حلولا سلمية تحول دون تفاقم النزاعات البينية والإقليمية.


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
زيارة قالن إلى بغداد.. هل تنجح في تسريع تسليم أسلحة الكردستاني؟
أنقرة، بغداد- تترقب تركيا خلال الأيام المقبلة انطلاق خطوة تاريخية لتسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم في إقليم كردستان العراق ، مما يثير آمالا بوضع حد لصراع مسلح دام عقودا. وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى بغداد، اليوم الثلاثاء، بهدف التنسيق مع السلطات العراقية بشأن ترتيبات العملية وضمان نجاحها، وذلك عقب زيارة أجراها قالن لأربيل مطلع الشهر الجاري. وأفادت مصادر أمنية تركية وكردية بأن مجموعة أولى من مقاتلي الحزب -يُقدر عددهم بين 20 و30 عنصرا- ستسلم أسلحتها يوم الجمعة المقبل في منطقة رابرين التابعة لمدينة رانية بمحافظة السليمانية، بحضور ممثلين عن أحزاب كردية ومنظمات المجتمع المدني. وأضافت أن عمليات التسليم ستتواصل حتى نهاية العام الحالي، تنفيذا لدعوة زعيم الحزب المسجون عبد الله أوجلان إلى حل التنظيم والتخلي عن السلاح. جولة أمنية أجرى قالن مباحثات مع كل من رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية، تركزت على ترتيبات تسليم مقاتلي حزب العمال الكردستاني أسلحتهم. ووفق ما أوردته تقارير صحفية، فإن زيارة بغداد استهدفت استكمال التنسيق بشأن خطوات نزع السلاح، في إطار مبادرة أنقرة المعلنة لتحقيق "تركيا خالية من الإرهاب"، وسط تساؤلات عن مستوى التعاون المطلوب بين بغداد وأربيل لإنجاح هذه العملية. واكتفى الجانب العراقي بإصدار بيان مقتضب جاء فيه "إن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني استقبل، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن والوفد المرافق له. وقد نقل الوفد تأكيد أنقرة على رغبتها في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك، وبحث الجانبان الملفات الأمنية والتنسيق المعلوماتي لتعزيز الاستقرار في المناطق الحدودية المشتركة وعموم المنطقة". وكان قالن زار أربيل مطلع يوليو/تموز الجاري، حيث التقى كبار قادة الإقليم، بينهم الرئيس نيجيرفان البارزاني ، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، إضافة إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني. وتركزت المحادثات على مستجدات المشهد الإقليمي، لا سيما تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، إلى جانب ملفات التعاون الأمني وإجراءات تطهير الحدود من التهديدات الإرهابية. كما أكد الوفد التركي دعمه تركمان العراق وضرورة تمكينهم سياسيا، مشددا على أهمية استمرار التنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد والحوار مع سلطات الإقليم. ونقلت وكالة الأناضول عن قالن دعوته حزب العمال الكردستاني إلى الالتزام الفوري بقرار إلقاء السلاح "من دون أي مناورة سياسية"، في مسعى لتسريع تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها مع الأطراف المعنية. تنسيق مشترك في السياق، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجوية التركية غورسال توكماك أوغلو إن العراق كان يواجه تهديدا أمنيا كبيرا بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني، سواء على مستوى الحكومة المركزية في بغداد أو سلطات إقليم كردستان شمال البلاد. وأوضح للجزيرة نت أن "المشكلة الأساسية تتمثل في وجود الحزب، لكن ثمة أيضا جماعات ومصالح أخرى تسعى إلى زعزعة استقرار العراق". وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحركات جدية نحو إنهاء أنشطة الحزب المسلح، لكنه لفت إلى أن الإجراءات المرتبطة بهذه العملية لم تُخطط تخطيطا كاملا ضمن إطار منسق وتعاون مشترك بين الأطراف المعنية. وأضاف توكماك أوغلو "اليوم، يلعب جهاز الاستخبارات التركي دورا محوريا في ضمان هذا التنسيق، خاصة في ما يتعلق بترتيبات تسليم المسلحين، والتعامل مع الأسلحة، والقضايا القانونية، إضافة إلى الجهود المبذولة لإرساء الاستقرار في المناطق الحدودية". وقال إن العمل على هذه الملفات حقق تقدما ملموسا، وإن هناك جهودا حثيثة لإنهاء التهديدات وتأمين استقرار دائم للمنطقة. يظل ملف حزب العمال الكردستاني ونزع سلاحه الملف الأهم على طاولة النقاش بين أنقرة وبغداد، في ظل محاولات تركية لضمان دعم الحكومة العراقية وإقليم كردستان هذه الخطوة. في سياق متصل، شدد المتحدث باسم رئيس حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني، في تصريح للجزيرة نت، على أن "لحكومة الإقليم دورا إيجابيا وواضحا في هذه العملية، وقد أكدت دائما ضرورة حل الخلاف بين تركيا والحزب بطرق سلمية". وأضاف هوراماني أن الإقليم، منذ البداية، يساند هذه الجهود، داعيا الجانبين إلى الحوار وإنهاء النزاع بطرق ديمقراطية تكفل للأكراد في تركيا الوصول إلى حقوقهم المشروعة، وتبعد المنطقة عن الصراعات المسلحة التي لا جدوى منها. كما أبدى استعداد الإقليم للقيام بأي دور أو مسؤولية تسهم في إنجاح هذه العملية. حسن نية وفي خطوة أثارت تساؤلات، كان من المقرر أن تكون مراسم تسليم السلاح مفتوحة أمام جميع الإعلاميين، بعدما نشر الحزب استمارة دعا فيها الصحفيين لتسجيل أسمائهم للمشاركة، لكنه عاد وتراجع مساء أمس الاثنين عن هذا الترتيب، معلنا قصر الحضور على قنواته الإعلامية ومنع البث المباشر، بحجة "الظروف الأمنية". وأفادت مصادر من داخل منظومات المجتمع الكردستاني (ك ج ك) -وهي الهيئة السياسية والإدارية للحزب- للجزيرة نت بأن مراسم التسليم ستتضمن رسالة صوتية أو مصورة من زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان. لكن بسبب عدم وضوح مضمون الرسالة، وخشية تسريب ما لا ترغب قيادة الحزب في نشره، تقرر استبعاد الصحفيين من التغطية. من جهته، رأى الخبير في الشأن التركي الكردي كمال رؤوف، في حديثه للجزيرة نت، أن زيارة قالن إلى بغداد وأربيل تهدف إلى ضمان التزام الحكومتين بدعم العملية وعدم السماح بعرقلتها. ووصف مراسم التسليم المرتقبة بأنها "بادرة حسن نية ورمزية لإظهار جدية الحزب أمام الرأي العام"، لكنه حذر من أن الحزب لن يُقدم على خطوة حلّ نفسه تماما إلا إذا رافقتها خطوات إيجابية ملموسة من الحكومة التركية. وتأتي هذه التطورات ضمن مسار أوسع شمل زيارة وفد من حزب المساواة الشعبية والديمقراطية لأوجلان، ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان قيادات كردية، فضلا عن التحركات الأمنية والدبلوماسية الأخيرة لرئيس الاستخبارات التركية، وهو ما يعكس -وفق مراقبين- مؤشرات على تحول محتمل في مسار عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
في سابقة تاريخية: العمال الكردستاني يعلن حرق أسلحته أمام العلن
تشهد قضية الإرهاب التي تشغل تركيا منذ أربعين عامًا تطوّرات بالغة الأهمية. فهناك حدثٌ لم يكن ليتوقعه حتى أولئك الذين يتابعون هذا المسار من كثب بات وشيك الوقوع: حزب العمال الكردستاني (PKK) سيُحرق أسلحته علنًا ليُعلن للعالم أنه لن يلجأ إلى العمل المسلح بعد الآن. نعم، لم تخطئ السمع؛ سيُحرق الأسلحة أمام أعين الجميع. ويبدو أن مثل هذا الحدث سيقع لأول مرة في العالم. كيف أقدمت التنظيمات على تدمير أسلحتها سابقًا؟ عندما أعلنت منظمات مسلحة مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي (IRA)، وإيتا (ETA)، وفارك (FARC) توقفها عن القتال، سلّمت أسلحتها بطرق مختلفة. فعلى سبيل المثال، فضّل الجيش الجمهوري الأيرلندي عدم تسليم سلاحه للحكومة البريطانية مباشرة، بل اختار نزع السلاح عبر لجنة دولية تضم عسكريين ورجال دين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني. قدّم الجيش الجمهوري الإحداثيات التي تُخزّن فيها الأسلحة لتلك اللجنة، فشرعت في عملية التدمير، دون أن تُظهرها للعلن. لكن أعضاء اللجنة أعدّوا تقارير وأبلغوا الحكومة البريطانية بأن عملية التدمير قد أُنجزت. أما منظمة إيتا الانفصالية في إسبانيا، فقد لجأت إلى وسيلة مغايرة، إذ سلّمت إحداثيات مستودعات الأسلحة للحكومة الفرنسية بدلًا من تسليمها للحكومة الإسبانية مباشرة، وتم تدميرها تحت إشراف قوات الأمن الفرنسية ومراقبين من الحكومة الإسبانية. وفي كولومبيا، جرى تسليم أسلحة فارك إلى لجنة أنشأتها الأمم المتحدة، بعد أن تسبّبت هذه الأسلحة في مقتل ما يقارب 300 ألف شخص خلال فترة النزاع. وأعلنت اللجنة أن تلك الأسلحة أُخرجت من الخدمة تمامًا، بل إن الحكومة الكولومبية صهرت بعضها وصنعت منها تماثيل رمزية. لأول مرة.. الأسلحة ستحترق لكن هذه المرة، ستجري الأمور في تركيا بطريقة مختلفة عن كل تجارب التنظيمات المسلحة السابقة. فحزب العمال الكردستاني، وبعد محادثات استمرت قرابة عام مع الجمهورية التركية، قرر التخلي عن السلاح بطريقة مفاجئة: بالحرق. لن تُسلّم الأسلحة إلى الدولة، ولا إلى لجنة، ولا إلى الأمم المتحدة، بل ستُحرق. في يوم الجمعة 11 يوليو/ تموز 2025، سيغادر عدد من مقاتلي الحزب الجبال ويتوجهون إلى ساحة قريبة من مدينة السليمانية في شمال العراق، وهناك سيحرقون أسلحتهم أمام وسائل الإعلام الدولية، ومجموعة من الأكاديميين والمفكرين والسياسيين، إضافةً إلى مسؤولين رسميين من تركيا. ولا يُتوقع أن يكون عدد عناصر الحزب المشاركين في هذه الخطوة كبيرًا؛ ربما يتراوح عددهم بين 30 و40 شخصًا. لكن يُفترض أن تتوالى الخطوات في الأيام التالية إذا لم تطرأ عوائق. هذه الطريقة التي لم تُجرّب من قبل ستكون، كما يبدو، سابقة لافتة في تاريخ الحركات المسلحة. لماذا يضع الحزب السلاح؟ كانت المحادثات الأولى بين تركيا وحزب العمال الكردستاني بشأن وقف القتال قد جرت بين عامي 2013 و2015، لكن ذلك المسار فشل، واستأنف الحزب نشاطه المسلح. وقد عُرفت تلك المرحلة باسم "عملية الحل"، لكنها قوبلت بانتقادات شديدة في تركيا، وتسببت بصدمات مجتمعية. لذلك، فإن المحاولة الثانية لوقف القتال واجهت اعتراضات حادة من الرأي العام والأوساط السياسية، وتوقع كثيرون فشلها مجددًا. وأظهرت الاستطلاعات أن 15% فقط من الشعب كانوا يدعمون هذه المحاولة. بيدَ أن تأييد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي للمسار الثاني – بعدما عارض الأول بشدة – إضافةً إلى تغيّر معادلات الأمن الإقليمي والجيوستراتيجية، قلبا الموازين. تحوّلات في الأمن والجغرافيا السياسية يمكن القول إن دعم حزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية هذا المسار أسهم في انطلاق المحاولة الثانية للتخلي عن السلاح، غير أن السبب الجوهري هو التبدّل في معادلة الأمن الإقليمي. فقد غيّرت القوات المسلحة التركية مفهومها لمكافحة الإرهاب، فحقق الجيش تفوقًا كبيرًا بفضل تقنيات الطائرات المسيّرة وأنظمة المراقبة المتقدمة. ومع مرور الوقت، فقد حزب العمال الكردستاني قدرته على تنفيذ عمليات داخل تركيا. ولم يكتفِ الجيش بذلك، بل أطلق عمليات عسكرية داخل العراق، وشكّل شريطًا أمنيًا بعمق 50 كيلومترًا من الحدود، ما كبّد الحزب خسائر فادحة ومنعه من تنفيذ هجمات داخل تركيا. وفي الجانب الجيوسياسي، أعادت حرب غزة والاشتباك الإيراني-الإسرائيلي ترتيب أوراق المنطقة لمصلحة تركيا. تراجعت مكانة إيران، التي كانت تُعدّ من داعمي الحزب في شمال العراق. أما الحكومة السورية الجديدة، فبدأت بالتقارب مع تركيا، ما قلّص من تحركات الحزب في سوريا. وعززت حكومة السوداني في العراق، والإدارة الكردية بقيادة البارزاني علاقاتهما مع أنقرة، ما جعل الحزب في وضع حرج للغاية. ومع رغبة الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، بات وجود حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب (YPG) أكثر هشاشة. لهذا، فإن الحزب – وإن بدا أنه يختار مسار السلام – أُجبر فعليًا عليه. لقد مُنح تنظيم منهار عسكريًا فرصة للخروج المشرف. وتسعى الدولة التركية لأن تنهي الحزب سياسيًا واجتماعيًا أيضًا، كما جرى مع فارك في كولومبيا، حتى لا تعود الحرب مرة أخرى. ويُذكر أن نسبة التأييد لهذه المرحلة في تركيا وصلت الآن إلى 60%. وإذا ما ألقى الحزب سلاحه حقًا، فإن الأثر الاقتصادي والاجتماعي على البلاد سيكون بالغًا. سنتابع هذا المسار..