
العفو الدولية: الناجون من سجون الأسد يعانون في ظل غياب شبه تام للدعم
قالت منظمة العفو الدولية -الخميس- إن "الناجين من الاحتجاز الوحشي في سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في سوريا -ومن ضمنهم نزلاء سجن صيدنايا المرعب- ما زالوا يعانون من تبعات جسدية ونفسية مدمرة في ظل غياب مقلق وشبه تام للدعم".
وأكدت المنظمة بمناسبة اليوم الدولي لدعم ضحايا التعذيب أن الوضع المقلق للناجين من التعذيب في سوريا يتواصل بعد مضي 6 أشهر على سقوط نظام الأسد.
وأعلنت المنظمة ضم صوتها إلى جمعيات الناجين في سوريا في الدعوة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة تضمن حق ضحايا التعذيب في الحصول على التعويض بما يشمل إعادة التأهيل وتحقيق العدالة.
وأفادت بأن الحكومة السورية الجديدة يقع على عاتقها التزام بضمان حقوق ضحايا التعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض.
كما دعت العفو الدولية الحكومات المانحة إلى توفير التمويل العاجل للمجموعات التي يقودها الناجون في سوريا والجمعيات العائلية والبرامج المخصصة لدعم ضحايا التعذيب.
قصص مرعبة
وقالت مسؤولة حملات في منظمة العفو الدولية بيسان فقيه إن قصص التعذيب والاختفاء القسري والشنق الجماعي سرا في مراكز الاحتجاز بسوريا أثارت "الرعب في النفوس على مدى سنوات".
وأضافت "من غير المعقول أن هؤلاء الذين تمكنوا من الخروج أحياء من زنزانات التعذيب المروعة يواجهون صعوبة اليوم في الحصول على العلاج الطبي والنفسي العاجل".
وشددت فقيه على أن الحكومة السورية تواجه تحديات اقتصادية وسياسية جمة، ولكن يتوجب عليها أن تضمن إحالة جميع المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن التعذيب وجرائم أخرى معترف بها دوليا إلى العدالة في محاكمات عادلة أمام محاكم مدنية عادية فورا ودون تأخير.
وأشارت إلى أن سنوات التعذيب والظروف غير الإنسانية التي عانى منها الناجون في سوريا خلفت "آثارا صحية جسيمة على المحتجزين السابقين"، حيث يعاني العديد منهم من السل ومشاكل صحية أخرى في العيون والمفاصل والأعصاب.
كما اعتبرت أن الأسنان المكسورة جراء التعذيب تبقى أمرا شائعا لدى الناجين، فضلا عن معاناتهم من أعراض تتطابق مع اضطراب ما بعد الصدمة، وأكدت حاجتهم إلى الدعم الطبي والنفسي والقانوني فورا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
صحف عالمية: إسرائيل تستخدم المساعدات لتهجير سكان غزة ولا يجب تكرار سيناريو العراق في إيران
انتقدت صحف عالمية التعاطي الدولي مع آلية توزيع المساعدات الإسرائيلية الأميركية في قطاع غزة والتي أصبحت مصيدة لقتل مئات المدنيين، فيما دعت أخرى لإيجاد آلية دولية شفافة للتعامل مع ملف إيران النووي حتى لا يتكرر ما حدث مع العراق. فقد نشر موقع "ذا إنترسبت" مضمون تسجيل صوت لفلسطيني يدعى ماهر، قال إنه نجا بأعجوبة من القتل في مركز لتوزيع الغذاء في غزة. وقال ماهر إنه ذهب برفقة صديقه لاستلام المؤونة الغذائية بعد أيام من الانتظار، لكن بعد دخول الحشود لاستلام الطرود بأمر من الأميركيين، سُمع إطلاق نيران كثيف استمر نحو ساعة ما أودى بحياة العديد من الأشخاص بينهم صديقه. كما تحدث موقع "أوريون 21" الفرنسي عما وصفها بالمآسي التي قال إنها تصاحب عملية توزيع المساعدات الغذائية، قائلا إن الهدف من إشراك ما تسمى " مؤسسة غزة الإنسانية" في هذه العملية "هو الضغط على السكان ودفعهم إلى النزوح جنوبا باتجاه مراكز تجمع قسرية". ووصف الموقع ما يجري بأنه "عملية تهجير عبر التجويع"، مضيفا أن الخطة "بدأت في التعثر لكن هذا لا يُنبئ إلا بمزيد من الوحشية". وفي السياق، انتقدت افتتاحية "الغارديان" صمت المجتمع الدولي على ما يتعرض له سكان غزة"، وقالت إن حصيلة القتلى الفلسطينيين في ارتفاع بينما الضغط على إسرائيل يتراجع. واعتبرت الصحيفة أن استمرار تدفق التجارة والأسلحة لإسرائيل "يجعل حلفاءها متواطئين في تدمير الحياة في غزة"، مؤكدة أن على هؤلاء الحلفاء -بدلا من ذلك- أن يكونوا شركاء رئيسيين في بناء مستقبل للفلسطينيين في دولة خاصة بهم. وفي شأن آخر، قال تحليل في "فورين بوليسي" إن تجربة التعامل مع الملف النووي العراقي لا يجب أن تكرر في إيران، مؤكدا أن على الأطراف التمسك ببعض الشفافية "إذا كانت راغبة في تجنّب أزمات نووية متكررة". إعلان ويرى الموقع أن التعاون الدولي سيكون الأفضل لتحقيق هذه الشفافية وليس الاعتماد على التقديرات الاستخبارية الأميركية والإسرائيلية. واعتبر "ذا انترسبت" أن الأحداث الأخيرة "أظهرت قوة أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية"، لكنه قال أيضا إن تناقض التقديرات حول مدى قرب إيران من امتلاك سلاح نووي"يوضح مخاطر الاعتماد الكامل على هذه المعلومات وحدها". وأخيرا، تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" إلى النقاش الحامي الذي يثيره المرشح المحتمل لانتخابات مجلس بلدية نيويورك زهران ممداني ، واحتمال اصطدامه مع الرئيس دونالد ترامب في عدة قضايا. وترى الصحيفة أن أي صدام بين الرجلين "سيكون مثالا واضحًا على اتجاه عالمي أوسع"، قائلة "مع تصاعد القومية، يجد العديد من رؤساء بلديات مدن كبرى حول العالم أنفسهم على خلاف مع حكوماتهم الوطنية، كما هي الحال مع صادق خان في لندن، آن هيدالغو في باريس، ومجلسي بلديتي روما وميلانو، وغيرهم".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
سيناريوهات تركيا لتفكيك المنظومة المسلحة لحزب العمال الكردستاني
إن قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه ربما كان مجرد بداية لرحلة طويلة؛ تستوجب الكثير من المهام والخطوات لتحقيق السلام بشكل دائم، دون أي منغصات أو أحداث غير مرغوبة. وبينما يدخل صراع الحكومة التركية مع حزب العمال الكردستاني منعطفًا جديدًا، بدأت تركيا بالفعل الإعداد لمرحلة دقيقة، تهدف من خلالها إلى تفكيك البنية المسلحة للتنظيم، ونزع سلاحه بالكامل. وهو الأمر الذي أعلن الحزب الاستجابة له، وتنتظر تركيا تحقيقه وفق الآليات التي سوف نتطرق إليها في هذا المقال بمشيئة الله، خاصة أننا نتحدث عن منظومة عسكرية مسلحة، تشكلت وتطورت على مدار 4 عقود متتالية من الزمن، وهو ما يضفي أهمية كبيرة على خطوة تفكيكها والالتزام بها. بحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام "تركية"، يجري الإعداد لتنفيذ عملية تسليم أسلحة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، تحت إشراف لجنة مشتركة تضم مراقبين دوليين، يرجح أن تكون بتفويض من "الأمم المتحدة" خطة خماسية لم يعد يخفى على أحد أنه بعد اتخاذ حزب العمال الكردستاني قراره التاريخي بحل نفسه، وإلقاء سلاحه وتسليمه للدولة التركية، بدأت تدور في الأوساط السياسية والأمنية داخل تركيا نقاشات موسعة بشأن آليات التنفيذ لتحقيق ذلك، وسط تسريبات عن خطة "خماسية" تقودها أجهزة الاستخبارات الوطنية التركية، وتستلزم لضمان نجاحها تنسيقًا مشتركًا مع حكومتي الجوار في سوريا والعراق. لكن نجاح هذه الخطة لا يبدو محسومًا حتى الآن، في ظل تعقيدات ميدانية واحتمالات لانشقاقات داخل التنظيم، فضلًا عن تحديات ضبط السلاح والكوادر في بيئات خارجة عن السيطرة، وهو ما يطرح أسئلة بشأن كيفية تنفيذ هذه العملية، وآلية ضمان استدامتها ونجاحها حتى آخر مرحلة من مراحلها التي سيتم الاتفاق عليها. ترتيبات وتسريبات أشار الرئيس التركي "أردوغان" خلال تصريحات، أدلى بها للصحفيين على متن رحلة عودته من "ألبانيا"، إلى أن حكومة بلاده تجري محادثات مع حكومتي بغداد وأربيل، بشأن تفاصيل كيفية تسليم المسلحين الأكراد أسلحتهم خارج حدود تركيا، واعتبر أردوغان أن هذه الخطوة لن تكون مفيدة لتركيا فحسب، بل سوف تخدم أيضًا استقرار سوريا والعراق خلال المرحلة المقبلة. وبحسب تسريبات نشرتها وسائل إعلام "تركية"، يجري الإعداد لتنفيذ عملية تسليم أسلحة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، تحت إشراف لجنة مشتركة تضم مراقبين دوليين، يرجح أن تكون بتفويض من "الأمم المتحدة"، في مواقع محددة داخل إقليم كردستان العراق. وتشير المعلومات إلى أن محافظات دهوك وأربيل والسليمانية ستكون المحاور الأساسية للعملية، حيث سيتم تخصيص نقاط تجمع لتسليم السلاح بإشراف مباشر من جهاز الاستخبارات التركي، بجانب الجهات الأخرى المعنية. وبموجب الترتيبات المقترحة، فإن عناصر حزب العمال الكردستاني سوف يزودون الجهات المختصة بإحداثيات دقيقة لمواقع تخزين الأسلحة، والمخابئ الجبلية التي تضم الذخائر والمعدات، تمهيدًا لتفكيك هذه الجهات لها، بينما ستتولى السلطات الأمنية والعسكرية التركية في المقابل التدقيق في الأسلحة التي يتم تسليمها عبر هذه الإحداثيات، ومقارنتها بقوائم الجرد التي أعدتها أجهزة الاستخبارات التركية، للتأكد من عدم وجود أسلحة مخبأة أو مخفية خارج نطاق هذه العملية الرسمية. يرى أغلب المراقبين لعملية تفكيك المنظومة المسلحة للحزب، أن الشرط الأساسي لضمان اكتمال عملية نزع السلاح هو امتلاك الدولة التركية قدرة تحقيق مستقلة وميدانية، لا تعتمد على وعود الطرف المقابل خط سير العملية من المتوقع أن يتولى جهاز الاستخبارات التركي جانب الإشراف المباشر على تنفيذ خطة تفكيك البنية المسلحة لحزب العمال الكردستاني؛ وذلك بالتنسيق مع كل من الحكومة العراقية وسلطات إقليم كردستان. ووفق ما أوردته صحيفة "تركيا" التركية (المعروفة بقربها من النظام الحاكم)، فإن من المنتظر أن تشارك القوات المسلحة التركية أيضًا في هذه المرحلة لضمان جمع الأسلحة وتأمينها، ضمن آلية ميدانية مشتركة تشترك فيها كل من أنقرة وبغداد وأربيل والسليمانية، في شمالي العراق. وتهدف هذه الترتيبات إلى إتمام عملية تسليم السلاح بشكل كامل بحلول مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، لتمهيد الطريق لانطلاق مرحلة سياسية جديدة داخل تركيا، يشارك فيها الحزب الكردي كبقية الأحزاب السياسية الأخرى. وبحسب موقع "تي 24" التركي، فإنه سيتم استكمال الإجراءات الأمنية المرتبطة بتسليم الأسلحة قبل نهاية هذا الصيف، ليتم الانتقال مباشرة -بعد إتمام عملية تسليم السلاح وتفكيك المنظومة المسلحة- إلى دعوة البرلمان التركي لعقد جلسات خاصة، تبحث ترتيبات المرحلة التالية من مراحل إتمام مصالحة السلام بين الحزب الكردي والدولة التركية. شرط أصيل يرى أغلب المراقبين لعملية تفكيك المنظومة المسلحة للحزب، أن الشرط الأساسي لضمان اكتمال عملية نزع السلاح هو امتلاك الدولة التركية قدرة تحقيق مستقلة وميدانية، لا تعتمد على وعود الطرف المقابل، خصوصًا في بيئات غير خاضعة للسيطرة التركية المباشرة، مثل جبال "قنديل" أو شرق الفرات، ويمكننا القول إنه من دون امتلاك القوات التركية هذه القدرة ستبقى العملية معرضة لخطر الإجهاض، أو إعادة التسلح لاحقًا من مخازن لم يُكشف عنها. وهو الأمر الذي تدركه الدولة التركية بشكل جيد، حيث تلقت دروسًا بخصوص هذه المسألة من تجارب سابقة مع التنظيم، خاصة بعد فشل محاولتين سابقتين لمسار عملية المصالحة بعد بدء عملية تسليم السلاح. يحذر مراقبون من احتمال ظهور فصائل منشقة، ترفض الانخراط في العملية وتلجأ إلى الاحتماء في الجبال، أو تعيد التمركز في إطار مسميات جديدة، ولضمان تلافي مثل هذه المشكلات تؤكد مصادر أمنية تركية أن الجيش سيبقى في حالة من الجاهزية التنسيق الإقليمي تبرز أهمية التنسيق الإقليمي، في خطة تفكيك المنظومة المسلحة والترسانة العسكرية لتنظيم حزب العمال الكردستاني، بالنظر إلى تمركز النسبة الكبرى من مقاتليه وقياداته خارج الأراضي التركية، وتحديدًا في المناطق الجبلية الوعرة شمالي العراق وشمالي شرقي سوريا، وهو ما يجعل تسليم الأسلحة خارج الحدود أحد أبرز مفاتيح نجاح العملية برمتها. ولذلك تشدد تركيا على أهمية وضرورة التعاون الوثيق مع كل من بغداد وأربيل لوضع آلية ثلاثية، تضمن التنفيذ الفعلي لنزع السلاح في هذه المناطق، حيث لا تخضع مواقع التنظيم عادة لسيطرة مباشرة. ووفق ما أفاد به مسؤولون أتراك لوسائل إعلام محلية، فقد أجريت خلال الأسابيع الماضية مشاورات مكثفة مع الجهات العراقية المعنية، سواء على المستوى الاتحادي أو على مستوى إقليم كردستان، وسط مؤشرات على تحقيق "تقدم ملموس" في الجوانب اللوجيستية والأمنية المتعلقة بعملية تسليم الأسلحة. في المقابل، يحذر مراقبون من احتمال ظهور فصائل منشقة، ترفض الانخراط في العملية وتلجأ إلى الاحتماء في الجبال، أو تعيد التمركز في إطار مسميات جديدة، ولضمان تلافي مثل هذه المشكلات تؤكد مصادر أمنية تركية أن الجيش سيبقى في حالة من الجاهزية والاستطلاع النشط في المناطق الحدودية لفترة طويلة، لضمان عدم بروز أي تهديد مسلح من قبل عناصر التنظيم مجددًا. طريقة التعامل مع المنشقين إن احتمالية بروز فصائل متشددة ترفض الانخراط في عملية السلام تظل قائمة، وهو ما تتعامل معه الدولة التركية من زاويتين رئيسيتين هما: الأمن القومي والشرعية القانونية، حيث إن أي فصائل منشقة ترفض تسليم السلاح سوف يُنظر إليها في هذه الحالة لا على أساس كونها تعبر فقط عن تمرد على الدولة، بل على أساس أنها تمثل خروجًا عن سلطة القيادة المركزية للحزب وزعيمه "عبدالله أوجلان"، ما سيفقدها أي غطاء سياسي خلال هذا التمرد. وهو ما سيمنح تركيا بالمقابل شرعية أمنية وقانونية كاملة للتعامل معها عسكريًّا، دون أن يعد ذلك تقويضًا لعملية السلام، بل سيكون في هذه الحالة امتدادًا طبيعيًّا وبديهيًّا لها لضمان استكمالها، وسيكون ذلك الأمر -بالمناسبة- بموافقة من زعيم التنظيم نفسه، الذي اتخذ قرار مواصلة عملية التصالح حتى آخر مرحلة منها. فرضية الحل العسكري حسب عدد من المعطيات والمؤشرات حول عملية السلام، فإن تركيا لا تستبعد اللجوء إلى عمليات عسكرية محدودة ضد من يثبت تورطه في نشاطات تهدد الأمن والسلم الأهلي، ولعل امتلاك الجيش التركي خبرة طويلة في هذا النوع من العمليات النوعية الدقيقة، التي تمنع تحول الفصائل الصغيرة إلى تهديد منظم، سيكون إحدى نقاط القوة وإحدى الأوراق الرابحة لدى تركيا. وإجمالًا، يمكن القول إنه سواء اكتمل الحل بتفكيك التنظيم بشكل كامل وكلي، أو حتى في حال ظهرت جيوب وفصائل من التنظيم معارضة لعملية تسليم السلاح، فإن تركيا تملك زمام المبادرة في الحالتين؛ ففي الحالة الأولى ستنهي حقبة من الصراع الدموي، الذي كلف البلاد الكثير من الموارد المادية والمالية بجانب الخسائر في الأرواح البشرية، وفي الثانية سوف تكتسب تفويضًا مزدوجًا على المستويين المحلي والدولي، لاجتثاث ما تبقى من تهديد بوسائل مشروعة، دفاعًا عن أمنها القومي ووحدة أراضيها من الأخطار التي تهددها. المسار السياسي في مؤشر على توجه الحكومة التركية نحو إرساء أرضية سياسية موازية للعملية الأمنية لتفكيك المنظومة المسلحة، كشفت صحيفة "صباح" التركية (المقربة من دوائر القرار في البلاد) عن نية تركيا إطلاق حملة شاملة بعد إتمام عملية تسليم السلاح، تشمل مراجعة قوانين مثيرة للجدل، كآلية تعيين الولاة في البلديات، في محاولة لخلق مناخ سياسي أكثر انفتاحًا، يعزز الثقة مع المكون الكردي في المرحلة المقبلة. وبالتوازي مع الخطوات الميدانية لنزع سلاح حزب العمال الكردستاني، تتجه أنقرة نحو تفعيل مسار سياسي داخل البرلمان التركي، في إطار مرحلة جديدة توصف بأنها "انتقالية" نحو ترسيخ السلام الداخلي. وفي هذا السياق، طرح "دولت بهتشلي"، رئيس حزب الحركة القومية وحليف أردوغان، مبادرة لتشكيل لجنة برلمانية موسعة تعنى بإدارة المرحلة المقبلة تحت عنوان "إستراتيجية تركيا بلا إرهاب في القرن الجديد.. لجنة الوحدة الوطنية والتضامن"، ويقضي المقترح بأن تتولى اللجنة، التي من المتوقع لها أن تضم قرابة 100 عضو، مهمة وضع خارطة طريق للملف الكردي لما بعد عملية تسليم السلاح، مع ضمان تمثيل نسبي للأحزاب الـ16 الممثلة في البرلمان التركي. ووفقًا لمبادرة "بهتشلي" فإن رئاسة اللجنة ستُسند إلى رئيس البرلمان التركي "نعمان قورتولموش"، لضمان إشراف دستوري مباشر على عملها، وقد أكد قورتولموش على أن عملية الانتقال نحو "تركيا خالية من الإرهاب" تسير وفق الجدول المقرر، وأشار إلى أن الخطوة التالية في الوقت الحالي هي "تسليم السلاح"، وبعد ذلك ستكون ساحة النقاش السياسي هي البرلمان، سواء من حيث التشريع، أو وضع الأطر القانونية اللازمة لإتمام عملية السلام. ولعل تصريحات قورتولموش في هذا الصدد تتقاطع مع موقف الحكومة التركية التي تربط أي تحرك "سياسي" داخل البرلمان بضرورة استكمال المرحلة الأمنية أولًا واجتيازها بنجاح. وقد أوضح مسؤولون في حزب "العدالة والتنمية" (الحاكم) أن إطلاق النقاش البرلماني بشأن "المرحلة السياسية الجديدة" بالبلاد لن يتم إلا بعد صدور تقرير رسمي من جهاز "الاستخبارات"، يؤكد انتهاء عملية نزع السلاح بالكامل كما تم التخطيط لها. كلمة أخيرة تتميز الرؤية المستقبلية، التي طرحتها قيادة حزب العمال الكردستاني، بتأكيدها على نهاية مرحلة "الكفاح المسلح"، والانتقال إلى ما وصفته بـ"مرحلة جديدة من النضال السلمي والديمقراطي"، ما يشير إلى إعادة تموضع إستراتيجي بعد سنوات من الضغوط العسكرية والسياسية، والتصنيف الدولي كمنظمة إرهابية، إذ يدرك الحزب اليوم أن مواصلة العمل المسلح لا تساهم فقط في تعميق عزلته إقليميًّا ودوليًّا، بل تُضعف أيضًا فرصه في التفاعل مع الديناميات السياسية داخل تركيا وخارجها، خاصة في ظل المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة. ولذلك يتمثل الرهان هنا في إمكانية تحويل الحزب من عبء أمني إلى طرف سياسيّ يمكن التفاوض معه ضمن مسارات الحل؛ وهو ما قد يسهّل عملية تسوية الأزمات المتعلّقة بالقضية الكردية في المستقبل.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ضرب إيران: من التصعيد إلى التهدئة.. أزمة اقتصادية تم تفاديها
بين لحظة توتر حبست أنفاس العالم، وتهدئة أعادت التوازن إلى الأسواق، وقعت الضربة الأميركية لإيران.. حدثٌ خاطف كشف هشاشة الاستقرار الاقتصادي الإقليمي، وأظهر أن قرارات السياسة لا تنفصل عن تدفقات المال ولا عن مصائر الشعوب.. أزمة كادت تشتعل، لكنها خمدت قبل أن تلتهم الجميع. حين تغلب الحكمة صوت التوتر في الوقت الذي كانت فيه المنطقة على شفا مواجهة كبرى، استمعت الأطراف -الولايات المتحدة وإيران- لصوت العقل، لتتراجع موجة التصعيد وتعود الأسواق إلى قدر من الهدوء الحذر. الضربة الأميركية لم تهز طهران وحدها، بل هزّت ثقة المستثمرين، وأربكت أسواق الطاقة، وكادت تُدخل الاقتصاد العالمي في دوامة من الركود التضخمي ومخاطر لا تُحصى. لحظة فارقة تؤكد أن المنطقة لا تحتمل المزيد من المغامرات، وأن الحكمة لا تزال ممكنة عندما تشتد العاصفة. بينما كاد التصعيد أن يجرّ المنطقة إلى أزمة اقتصادية وأمنية واسعة، تُظهر التجربة الحالية الحاجة لإعادة النظر في أدوات التأثير، وتنويع الشراكات الدولية بما يضمن توازنًا أكبر بين الالتزامات الاقتصادية والمواقف السياسية اقتصادات على فوهة البندقية في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الحروب التي لا تنتهي، تحركت الأرقام والمؤشرات كأنها على خط تماس ملتهب.. لم تكن هذه الضربة مجرد حدث عسكري عابر، بل زلزالًا اقتصاديًّا أطلق موجات ارتدادية منذ اللحظة الأولى! التضخم المتوقع لم يكن نتيجة قنوات الاقتصاد التقليدية، بل بفعل عودة شبح الحروب في منطقة تُعد الشريان الحيوي لإمدادات الطاقة العالمية. ارتفعت أسعار النفط، وتسارعت مخاوف من هروب الاستثمارات نحو أسواق أكثر أمانًا. لكن بعد ساعات متوترة، عاد الهدوء النسبي بفضل تدخلات سياسية وعقلانية، جنّبت المنطقة والمنظومة المالية العالمية كارثة محققة.. الأسواق التقطت أنفاسها، لكن الثقة لم تُستعد بالكامل، والتقلبات لا تزال تهدد الاستقرار. دول المنطقة، التي ضخت مئات المليارات من الدولارات في شراكات مع الولايات المتحدة، كادت تجد نفسها وسط نيران غير محسوبة. ومرة أخرى، بدا واضحًا أن تلك الاستثمارات لم تكن كافية لردع المغامرات الأميركية ولا لضمان أمن الحلفاء. دروس من نار الأزمة الضربة الأميركية لإيران، وما تبعها من تراجع وتصعيد مضاد، أعادت التأكيد على دروس مؤلمة تجاهلتها بعض العواصم طويلًا. أول هذه الدروس؛ أن الثقة المطلقة في الإدارات الأميركية مقامرة خطيرة، خاصة عندما تُدار السياسات الخارجية بميزان الداخل الانتخابي والضغوط الأيديولوجية. الدرس الثاني؛ أن الاقتصاد لا ينفصل عن الجغرافيا السياسية.. كل تصعيد عسكري يُترجم تلقائيًا إلى ارتفاع في كلفة رأس المال، وإرباك في تدفقات الاستثمار، وتراجع في توقعات النمو. أما الدرس الثالث؛ فهو أن الرهان على السياحة في بيئة متوترة كاد ينقلب إلى خيبة ثقيلة. لحسن الحظ، عاد شيء من الهدوء، لكن سمعة المنطقة السياحية تضررت، ومن الصعب استعادة الثقة سريعًا في ظل هشاشة الأوضاع السياسية. الشراكات الخليجية: ثقل اقتصادي وتأثير محدود في مشهد يعكس تعقيدات العلاقة بين الاقتصاد والسياسة، تبرز مفارقة لافتة: فرغم ضخ دول الخليج استثمارات في الاقتصاد الأميركي فإن هذه الشراكات لم تُترجم بالضرورة إلى مواقف سياسية واضحة تحمي استقرار المنطقة أو تُراعي أولوياتها الأمنية. لقد أظهرت هذه اللحظة الحرجة أن الثقل المالي لا يوازي بالضرورة نفوذًا سياسيًّا مضمونًا، خصوصًا حين تتحرك الإدارات الأميركية وفق حسابات داخلية متغيرة، تتأثر بالضغوط الانتخابية وتيارات اليمين المتشدد. وبينما كاد التصعيد أن يجرّ المنطقة إلى أزمة اقتصادية وأمنية واسعة، تُظهر التجربة الحالية الحاجة لإعادة النظر في أدوات التأثير، وتنويع الشراكات الدولية بما يضمن توازنًا أكبر بين الالتزامات الاقتصادية والمواقف السياسية. الحاجة إلى مقاربة جديدة وفي الوقت الذي تتغير فيه خرائط النفوذ والتحالفات حول العالم، تظل بعض العواصم تراهن على مظلة أثبتت الأيام أنها مليئة بالثقوب! إن استمرار الارتهان الكامل للمظلة الأمنية الأميركية لم يعد خيارًا واقعيًّا؛ فالتجربة تؤكد الحاجة إلى مقاربة جديدة تستند إلى الاستقلالية، وتنوّع الحلفاء، وبناء تحالفات إستراتيجية مع قوى دولية كالصين، وتركيا، والبرازيل، ومجموعة آسيان. الحروب الحديثة تُخاض بالسلاح حينًا، وبالاقتصاد والسيطرة النفسية حينًا آخر. ومن لا يملك قراره الاقتصادي والسياسي سيظل أسير التقلبات الخارجية. بين الأمس واليوم تتكرر الدروس، لكن من يتعلمها؟ الضربة الأميركية لإيران -وإن تراجع مفعولها العسكري- كشفت الكثير من العيوب البنيوية في العلاقات الدولية للمنطقة. لقد جنّب صوت العقل المنطقة كارثة فورية، لكن الخطر يبقى قائمًا ما لم يُبنَ على هذه اللحظة مسار عقلاني دائم. على دول المنطقة أن تتحرك لتصحيح مسار الاعتمادية، وتدرك أن الأمن ليس في الاستثمار وحده، بل يُبنى بالاستقلالية، وبناء شبكات مصلحية متوازنة، وحسن اختيار الشركاء، والاستثمار في الذات.