
"غروك" تنحاز لرواية إسرائيل: حملة تضليل رقمي ضد مجاعة غزة
ومع تصاعد كارثة الجوع في غزة، برزت أداة "غروك" (Grok) التابعة لمنصة "إكس" كلاعب غير محايد، إذ لم تكتف بنشر محتوى مضلل، بل تبنت بشكل مباشر رواية تقودها إسرائيل، ما جعل خوارزميات الذكاء الاصطناعي تنخرط في الحرب الإعلامية، وتخدم رواية سياسية على حساب معاناة حقيقية لسكان غزة.
فهل وقعت "غروك" ضحية تضليل ممنهج، أم أنها متحيّزة لرواية بعينها؟ وهل تروّج لمحتوى يعزز إنكار المجاعة في غزة عمدا أم نتيجة قصور خوارزمي؟ وهل يقتصر دورها على التشكيك في صور المجوّعين، أم يتعداه إلى صناعة خطاب رقمي يخدم سردية سياسية محددة؟ ولماذا لم يحذف المحتوى المضلل كما حدث في وقائع سابقة حين وجهت للمنصة انتقادات مماثلة؟
في هذا التقرير، تتبعت وكالة سند للتحقق والرصد الإخباري في شبكة الجزيرة أبرز الأخطاء والمعلومات المضللة التي قدّمتها "غروك" للجمهور، وتتبعت السياقات التي اعتمدتها لتبرير هذا الخطاب، مدعّمة ذلك بأمثلة، ومصادر أصلية للصور المتداولة، وتحليل خلفيات الحسابات التي تقف وراء ترويج هذه الرواية.
سلسلة أخطاء وتبريرات متكررة
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، رصدت "سند" تصاعدا غير مسبوق في سلسلة الأخطاء التي وقع فيها الذكاء الاصطناعي التابع لمنصة "غروك".
واعتمدت الأداة في ردودها على تصريحات كانت قد روجت لها حسابات إسرائيلية من قبل، ويشمل ذلك التشكيك في صور حديثة لأطفال يعانون من سوء التغذية في قطاع غزة، من خلال نسبها زورا إلى أطفال من جنسيات أخرى، أو الادعاء بأنها قديمة وتعود لحروب أهلية وقعت في سنوات سابقة.
وبلغ الأمر استخدام مصطلحات تتحدث عن "تحيز رقمي ضد إسرائيل"، بزعم ارتباطه بـ"معاداة السامية"، ما عده رواد المنصات الرقمية تبريرا مباشرا لإنكار المجاعة في غزة.
صورة "يزن" تشعل جدلا في فرنسا
في 24 يوليو/تموز الماضي، نشر رجل الأعمال الفرنسي اليهودي، برونو بنيامين، صورة على منصة "إكس" زعم أنها لطفل يمني، والتقطت عام 2016 في أحد مستشفيات الحديدة، في حين شن هجوما لاذعا على صحيفة "ليبراسيون"، واتهمها بأنها "مفلسة أخلاقيا، ومزورة للواقع، وتحولت إلى آلة تضليل، وتستخدم معاناة الأطفال لأغراض سياسية".
وكانت الصحيفة الفرنسية قد صدرت صورة الطفل على غلاف صفحتها الأولى، الخميس الماضي، على أنها مثال للمجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة، بسبب إعاقة السلطات الإسرائيلية دخول المساعدات الإنسانية للقطاع.
View this post on Instagram
A post shared by Libération (@liberationfr)
وأشار أحد المدونين إلى أداة "غروك" وسألها عما إذا كانت الصورة قد التقطت في اليمن عام 2016، فردت قائلة: "نعم، صورة الصفحة الأولى لصحيفة ليبراسيون بعنوان "غزة، الجوع" هي إعادة استخدام لصورة تم التقاطها في سبتمبر/أيلول عام 2016 في مستشفى الحُديدة في اليمن.
وبينما ادعت الأداة أن الصورة بها تلاعب، وتظهر طفلا يمنيا يعاني من سوء التغذية، أجرت "سند" بحثا عكسيا على الصورة واتضح أنها نشرت في 23 يوليو/تموز على موقع وكالة "فرانس برس" (AFP) وتعود لطفل فلسطيني يدعى "يزن"، يبلغ من العمر عامين، ويعاني من سوء التغذية، كما أنها التقطت في منزل أسرته المتضرر في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
View this post on Instagram
A post shared by AFP Photo (@afpphoto)
ونشرت "غروك" في تعليق آخر بعد مواجهتها بالصور الأصلية: "بعد تحقق معمق، أؤكد أن صورة صحيفة ليبراسيون تعود فعلا لطفل في غزة عام 2025، وقد التقطت بواسطة المصور عمر القطا وليست من اليمن عام 2016، الخطأ في البداية كان من جهتي بسبب التشابه البصري بين الصورتين".
تكرار الادعاء رغم ثبوت الزيف
وفي واقعة مماثلة، نشر السيناتور الأميركي، بيرني ساندرز، صورتين على حسابه الرسمي بمنصة "إكس" لطفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية بينما تحمله والدته، وعلق عليها قائلا: "نتنياهو يكذب ويقول لا توجد مجاعة في غزة"، في حين شنت حسابات إسرائيلية هجوما عليه.
وعلق مدوّن على الصورة بالإشارة إلى "غروك" لسؤالها عن صحة الصورة التي حصدت نحو مليوني مشاهدة، ردت بالقول: هذه الصور تعود إلى عام 2016، وتظهر أطفالا يعانون من سوء التغذية في مستشفى بمدينة الحُديدة في اليمن، في ظل الحرب الأهلية هناك، وهي لا تصور أحداثا جارية في غزة".
وتحققت وكالة سند من الصورة وتبين أن رد الأداة التابعة لمنصة "إكس" مضلل، إذ إن الصورة التقطت في 23 يوليو/تموز الماضي، والتقطها مصور أسوشيتد برس، جهاد الشرافي، وهي لنفس الطفل الفلسطيني يزن أبو فول.
View this post on Instagram
A post shared by The Associated Press (AP) (@apnews)
تضليل ممنهج واستغلال لسياقات إنسانية
ورصدت وكالة سند تدوينة لحساب (lelemSLP) المرتبط بإسرائيل استخدم فيها صورة لطفل يمني يعاني من سوء التغذية، وأرفقها بتساؤل لـ"غروك": "توفي حوالي 85 ألف طفل بسبب المجاعة بين عامي 2015 و2018 في اليمن، هل هذا صحيح؟ هل كان هناك أي استنكار عالمي؟ وكم كانت نسبة التغطية الإعلامية لهذا مقارنة بتغطية غزة؟ وما السبب الرئيسي وراء انشغال الرأي العام بغزة مقارنة بأي صراع آخر؟
كما استندت الأداة في ردها إلى تحليلات إعلامية، أشارت إلى أن نسبة تغطية الأحداث في اليمن شكلت نسبة من 5% إلى 10% من تغطية غزة، وأوضح أن سبب التركيز على غزة هو "التحيّز ضد إسرائيل المرتبط بمعاداة السامية ومكانتها كحليف يهودي غربي".
طفلة غزية ضحية للتضليل الرقمي
وفي 27 يوليو/تموز الماضي، نشر حساب موثق باسم (Creepy) على منصة "إكس" صورة تظهر طفلة فلسطينية متأثرة بينما تنتظر الطعام أمام أحد التكايا في غزة.
ورصدت "سند" تفاعلا غير مسبوق مع الصورة، إذ حصدت أكثر من 5 ملايين مشاهدة في وقت قصير، وهذا دفع الفريق لتتبع مصدر الصورة، والحسابات التي روجت لها في سياق خاطئ، ورد أداة الذكاء الاصطناعي في "إكس" لحسم هذا الجدل.
وبإجراء البحث المعمق حول هذه الحسابات، تبين أن معظمها مرتبط بإسرائيل، وتعمدت بطريقة منظمة التشكيك في أصل الصورة، وتنصل إسرائيل من المجاعة في غزة، وروّجت هذه السردية قبل وقت قصير من اعتماده من قبل "غروك".
وادعت حسابات موثقة أن الصورة التقطت في سوريا عام 2014، في حين زعم آخرون أنها في العراق، وادّعى البعض أنها لفتاة تنتمي إلى الطائفة الإيزيدية، أصغر الأقليات الدينية والقومية في العراق، وأنها هاربة من تنظيم الدولة.
ورغم الانتقادات الحادة التي طالتها من قبل ناشطين، تمسكت "غروك" بأن الصورة تعود إلى أغسطس/آب 2014، وتظهر فتاة إيزيدية على جبل سنجار أثناء فرارها من تنظيم الدولة، وأكدت في تعليقها أن "نشر المعلومات المضللة يضر بجميع الأطراف".
نفي الصور رغم ثبوت مصدرها
وبسؤالها عما إذا كانت وكالة "أسوشيتد برس" (AP) هي مصدر الصورة، ردت "غروك" : "يبدو أن التسمية التوضيحية للوكالة قد استخدمت بشكل خاطئ، حيث أظهرت عمليات تحقق متعددة من المعلومات عدم وجود صورة مطابقة من غزة بتاريخ 26 يوليو/تموز 2025″، وزعمت أنها استخدمت لغرض دعائي.
وتوصلت "سند" إلى مصدر الصورة الأصلية وتبين أنها وكالة أسوشيتد برس الأميركية، على عكس ما ادعت أداة الذكاء الاصطناعي.
ووجدت نسخة من الصورة منشورة على موقع الوكالة بتاريخ 26 يوليو/تموز الماضي، مرفقة بوصف: "الفلسطينيون يكافحون للحصول على الطعام في مطبخ بمدينة غزة".
تجاهل التصحيح وإصرار على الخطأ
وعلى الرغم من إثبات عدم صحة المعلومات التي تقدمها أداة "غروك" التابعة لمنصة "إكس" للجمهور، إلا أنها أصرّت على إعادة تداول نفس الرواية الإسرائيلية، بل أيضا شاركت في مواجهة الروايات المغايرة، وهذا أثار شكوكا حول دورها في الحرب الإعلامية.
ولم يسارع مهندسو المنصة إلى تعطيل "غروك" مؤقتا أو التعليق رسميا، كما حدث في مطلع يوليو/تموز الماضي عندما اتهم الذكاء الاصطناعي بتمجيد شخصية أدولف هتلر زعيم ألمانيا (النازية) بشكل صريح، واعتبار "الإسرائيليين هم سبب الفوضى في العالم".
وجاءت الحملة بالتزامن مع حملة إسرائيلية تزعم أن صور الأطفال الفلسطينيين التي تصدرت واجهة الصحف العالمية إما "أطفال حماس"، أو لآخرين يعانون من مشاكل خلقية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
مشرعة ألمانية تدعو بلادها إلى فرض عقوبات على إسرائيل
دعت مشرعة بارزة في ائتلاف المستشار الألماني فريدريش ميرتس الحاكم بألمانيا حكومة بلادها إلى دراسة فرض عقوبات على إسرائيل، تشمل تعليقًا جزئيًا لصادرات الأسلحة أو تجميد اتفاق سياسي على مستوى الاتحاد الأوروبي، إذا لم تحدث تحسينات ملموسة في الوضع الإنساني ب قطاع غزة. وقالت زيمتيي مالر، نائبة زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاجتماعي أمس الاثنين، إن تصريحات إسرائيل بشأن عدم وجود قيود على المساعدات المقدمة لغزة "غير مقنعة"، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات عملية إذا لم يتحسن الوضع قريبًا. وكتبت مالر، التي انضم حزبها إلى ائتلاف مع المحافظين بزعامة ميرتس هذا العام، رسالة إلى نواب الحزب بعد عودتها من رحلة إلى إسرائيل مع وزير الخارجية يوهان فاديفول الأسبوع الماضي. قالت في الرسالة -التي اطلعت عليها رويترز- "أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية لن تتحرك كثيرا دون ضغوط. وإذا لم تطرأ تحسينات ملموسة قريبا، فلا بد من أن تكون هناك عواقب وخيمة"، مشيرة إلى أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا ينبغي أن يكون أمرا في نطاق "المحظورات". وتعكس تصريحات مالر تحولًا في نبرة الخطاب الألماني تجاه إسرائيل، رغم أن هذا التحول لم يترجم، حتى الآن، إلى تغييرات سياسية ملموسة، وفق رويترز. ومنذ بدئها الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل جريمة تجويع بحق غزة، حيث شددت إجراءاتها في 2 مارس/آذار الماضي، بإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، مما تسبب بتفشي المجاعة. وخلفت حرب الإبادة الإسرائيلية -المستمرة بدعم أميركي- أكثر من 210 آلاف فلسطيني شهداء وجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.


جريدة الوطن
منذ 3 ساعات
- جريدة الوطن
غواصتان نوويتان قرب روسيا
إسطنبول- الأناضول- أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن الغواصتين النوويتين اللتين أمر بنشرهما الجمعة وصلتا إلى «مناطق مناسبة» قرب روسيا، وذلك ردا على تصريحات نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف بشأن الأسلحة النووية. وقال في تصريحات صحفية، الأحد، إن الغواصتين وصلتا المنطقة (قريبة من روسيا) وإنهما «الآن في مناطق مناسبة». وعلى صعيد متصل، صرح ترامب بأن مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف سيزور روسيا في الأيام المقبلة، لكنه لفت إلى أن بلاده تخطط لفرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب الحرب المتواصلة على أوكرانيا. وكان ترامب أمر الجمعة بنشر غواصتين نوويتين في مناطق مناسبة قرب روسيا، ردا على ميدفيديف الذي شغل منصب الرئيس الروسي سابقا. والاثنين، شن ميدفيديف هجوما لاذعا على ترامب عقب منح الأخير مهلة لموسكو للتوصل لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا. وحذر ميدفيديف من أن سياسات واشنطن «تحمل خطر إشعال صراع أوسع نطاقا بين روسيا والولايات المتحدة». وكتب عبر منصة إكس: «على ترامب أن لا ينس أمرين؛ أولا روسيا ليست إسرائيل أو إيران، وثانيا كل إنذار جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب، ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل بين روسيا والولايات المتحدة»، وذكّر بقدرة بلاده النووية.


جريدة الوطن
منذ 3 ساعات
- جريدة الوطن
يعالون يدعو لإزاحة نتانياهو
إسطنبول- الأناضول- دعا وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون، الاثنين، إلى إزاحة «حكومة المتدينين المتطرفين» برئاسة بنيامين نتانياهو. وكتب يعالون (شغل المنصب من 2013 إلى 2016) عبر منصة إكس، أن «تحرير المختطفين (الأسرى الإسرائيليين) عبر الحسم العسكري، حسب وصف المسؤول الأعلى عن فشل 7 أكتوبر (يقصد نتانياهو)، يعني التخلي عنهم وتركهم لمصيرهم، والتضحية بعشرات الجنود من أجل استمرار حكم الائتلاف». ومنتقدا نتانياهو، تابع يعالون: «تأثره بوضع الأسرى، بحسب مقطع الفيديو الذي نشرته حماس، لم يدفعه إلى عقد اجتماع للكابينت».