
حل الدولتين مشروع سياسي دولي تقوده السعودية
في البداية لا بد من الإشارة إلى فكرة الوعد البريطاني وعد بلفور عام 1917م عندما أعلنت بريطانيا دعمها لفكرة وطن لليهود، ومن هنا كانت شرارة الأزمة التي تتجاوز اليوم القرن من الزمان، ثم الإشارة البريطانية الثانية لدعم فكرة الدولة اليهودية عام 1937م عندما بدأت بريطانيا تبحث عن مخرج لمنتجات العنف التي خلفها وعد بلفور، وطرحت أول خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين دولة يهودية في الشمال ودولة عربية في الجنوب ومنطقة عالمية خاصة بالأماكن المقدسة في القدس.
بعد حرب العام 1967م تغيرت الخريطة الفلسطينية بشكل كبير لصالح الدولة المحتلة إسرائيل، التي حصلت قبل هذا التاريخ بما يقارب عقدين من الزمان على اعتراف دولي في العام 1948م، هذه الحرب أسفرت عن استيلاء إسرائيل على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ومعظم مرتفعات الجولان، وهذا ساهم في زيادة المناطق التي تحتلها إسرائيل ثلاث مرات.
تحول المشهد بعد ذلك إلى منطقة معقدة فيما يخص الاحتلال وطبيعة وجوده على أرض عربية، وأصبحت إسرائيل المحتلة تمارس الضغط والتهجير والقتل من أجل إنجاز مهمتها الكبرى في تصفية الشعب الفلسطيني فوق أرضه، وقد استمر البحث في القضية الفلسطينية بين العالم وإسرائيل المحتلة حتى عام 1991 حيث عقد مؤتمر مدريد، وفي مرحلة متقدمة من الحوار تم التوقيع على اتفاق أوسلو الأول من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ورغم أن اتفاقيات أوسلو لم تخلق دولة فلسطينية لكنها كانت محاولة جادة برعاية أميركية لتحقيق ذلك الهدف.
في ذلك الاتفاق وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين على العودة إلى حدود ما قبل عام 1967م، وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية مرحلة جديدة تبدأ بالاعتراف بحق إسرائيل في الوجود بسلام، وبدأت عملية إقامة الحكم الذاتي الفلسطيني بحكومته الخاصة وقواته التابعة للسلطة الفلسطينية، رغم أنه مازال هناك كم هائل من القضايا التي يجب الاتفاق عليها مثل: قضية المستوطنات الإسرائيلية الموجودة فوق الأراضي الفلسطينية، وحقوق الفلسطينيين الذين فقدوا أراضيهم ومنازلهم في العام 1948م، لقد كانت الأسئلة معقدة وصعبة حول قضايا مهمة مثل: الأمن والسلام بين إسرائيل وفلسطين ومنطقة القدس الشرقية، إلا أن الأمل كان كبيراً في ذلك الوقت، وكان مشهد المصافحة الذي حدث في حديقة البيت الأبيض بين عرفات ورابين لحظة تاريخية عظيمة.
إلى هذه اللحظة كانت القضية تتجه إلى مسار يمكن من خلاله تحقيق السلام، ولكن العام 1995م غير صورة الأحداث عندما اغتيل إسحاق رابين على يد متطرف ديني إسرائيلي معارض لاتفاق أوسلو، واستمرت المحاولات لإحياء عملية السلام حتى عام 2002م حيث طرحت الدول العربية خطة مبادرة السلام العربية بقيادة سعودية، والتي طرحت فكرة الاعتراف الكامل بإسرائيل مقابل إقامة دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية، على أساس حدود الخط الأخضر أي حدود ما قبل 1967م.
ولكن في صيغة تعيد القضية إلى نقطة الصفر وترفض السلام، قال نتنياهو في اجتماع سابق ضمه مع الرئيس الأميركي الأسبق أوباما إنه يعتقد "أنه لكي يكون هناك سلام، سيتعين على الفلسطينيين قبول بعض الحقائق الأساسية"، والمقصود طبعاً هو استحالة العودة إلى ما قبل 1967م، فالحجة الإسرائيلية تقول إن العودة إلى تلك الحدود لا تأخذ في الاعتبار بعض التغيرات التي حدثت على الأرض وخاصة التغيرات السكانية التي حدثت خلال الأربعة عقود الماضية.
هذا هو تاريخ حل الدولتين الذي يعود هذه الأيام برعاية دولية تتزعمه المملكة العربية السعودية، فخلال الأسبوع الماضي شهد العالم واحداً من أكثر الأسابيع أهمية فيما يخص الدبلوماسية في الشرق الأوسط، فقد أعلنت بريطانيا صاحبة وعد بلفور وبتعهد جديد وتاريخي تضمن رغبة بريطانية للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل 2025م، وقد سبقتها فرنسا ودول أوروبية في هذا الاتجاه.
التظاهرة الرائعة التي حدثت في نيويورك أثبتت أن هناك اشمئزازاً دولياً متفق عليه كنتيجة طبيعية للسلوك الإسرائيلي في حربها على غزة، فحجم القتل والجوع الذي يشهده العالم عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن الصبر عليه، وهو مرشح للتكرار من قبل إسرائيل التي لا ترى في الأفق رادعاً لها ما لم يتفق العالم على إيقاف هذا السلوك الأهوج من قبل إسرائيل، العالم اليوم يتطلع إلى دور أميركي متوقع أكثر وعياً وأكثر عمقاً فيما يخص السلام في فلسطين، التي وضع العالم اليوم قضيتها من جديد على طاولة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة يمكنها العيش بعيداً عن شهوات القتل والتجويع التي يمارسها الجيش الإسرائيلي بين فترة وأخرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 42 دقائق
- صحيفة سبق
الديوان الملكي يعلن وفاة والدة الأميرة جواهر بنت مساعد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود
أعلن الديوان الملكي اليوم عن وفاة والدة صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت مساعد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود. وأوضح البيان الصادر أن الصلاة على الفقيدة ستُقام يوم غدٍ الثلاثاء الموافق 11 / 2 / 1447هـ، بعد صلاة العصر في جامع الإمام تركي بن عبدالله بمدينة الرياض. تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه، وأسكنها فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.


مباشر
منذ ساعة واحدة
- مباشر
"يديعوت أحرونوت": ترامب أبلغ نتنياهو دعمه لعملية عسكرية شاملة ضد حماس في غزة
مباشر: ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، نقلًا عن مسؤولين في حكومة الاحتلال، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بموافقته على شن عملية عسكرية ضد حركة حماس في قطاع غزة. وأوضح المسؤولون، أن القرار بشأن العملية العسكرية قد تم اتخاذه بالفعل، وأن إسرائيل تتجه نحو تنفيذ هجوم شامل يستهدف السيطرة الكاملة على القطاع وإنهاء وجود حماس. وأشاروا، إلى أن العمليات العسكرية ستشمل مناطق يُعتقد بوجود رهائن فيها، مؤكدين أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي قد يُطلب منه الاستقالة إذا رفض تنفيذ العملية. ولم يستبعد المسؤولون، أن يكون هذا التحرك جزءًا من تكتيك تفاوضي يهدف إلى الضغط على حماس في مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا


مباشر
منذ ساعة واحدة
- مباشر
إعلام إسرائيلي: نتنياهو يدرس توسيع العملية العسكرية بغزة وسط تضارب بشأن القرار
مباشر: ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الإثنين، أن رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو اتخذ قرارًا بتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، مع نية لاحتلال أجزاء من القطاع. ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر مقربة من نتنياهو أن لديه توجهًا لاحتلال كامل لقطاع غزة، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، وفقا لقناة "القاهرة الإخبارية". وفي المقابل، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول سياسي قوله إن "القرار النهائي بشأن احتلال غزة لم يُتخذ بعد"، مؤكدًا أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية هو الجهة المخوّلة باتخاذ مثل هذا القرار. ويأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه التوترات في قطاع غزة، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار وتجنب مزيد من التصعيد العسكري. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا