logo
سجن رومية... قنبلة موقوتة

سجن رومية... قنبلة موقوتة

صوت لبنان١٨-٠٤-٢٠٢٥
جوزيان الحاج موسى - نداء الوطن
من جديد، يتصدّر سجن رومية المشهد الحقوقي والقضائي في لبنان، وسط تدهور متسارع في الظروف المعيشية والإنسانية، لا سيما في المبنى «ب» الذي بات نموذجاً مصغّراً لأزمة نظام السجون برمّته: اكتظاظ، محاكمات مؤجّلة، غياب التأهيل واستفحال المعاناة خلف الجدران العالية.
مصدر أمني موثوق في سجن رومية كشف لـ «نداء الوطن» أن القدرة الاستيعابية القصوى للسجن لا تتعدى 2400 سجين، في حين يبلغ عدد المحتجزين نحو 6000، بينهم 88 % من الموقوفين الذين لم تصدر بحقهم أحكام بعد، ما يُشكّل قنبلة موقوتة قانونياً وإنسانياً.
ورداً على ما يُتداول بشأن تفشي المخدرات داخل السجون، أكد أن سجن رومية «ممسوك»، وأن جميع وسائل التهريب التي يلجأ إليها بعض السجناء يتم كشفها والتعامل معها فوراً، مشدداً على وجود محاسبة فورية لأي تقصير، وعلى متابعة دقيقة للزيارات التي يستغلها البعض لتهريب المواد الممنوعة بطرق مبتكرة.
وفي خطوة تهدف إلى تحسين ظروف الأحداث الموقوفين، كشف المصدر عن قرب افتتاح مركز رعاية وتأهيل نهاية الشهر الجاري، بتمويل من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب (UNOTC)، على أن يضم صفوفاً للتدريس والتدريب على الكمبيوتر، في مبنى مقدم من قوى الأمن الداخلي.
وفي حديث لـ «نداء الوطن»، قال الشيخ طارق مرعي، الموقوف السابق في المبنى «ب»: «هناك موقوفون بلا محاكمات لسنوات، وواقع صحي متدهور، وزنازين مزدحمة لا تراعي الحدّ الأدنى من الكرامة الإنسانية». «نحن نطالب بإرادة سياسية وقضائية لإنهاء هذا الملف. العفو العام أو مراجعة الأحكام ليست ترفاً بل ضرورة».
السجين بلال البقار، المحكوم والمؤسس السابق لإحدى المجموعات الإسلامية، تحدّث لـ «نداء الوطن» من داخل رومية قائلاً: «صدرت بحقّنا أحكام بالمؤبّد والإعدام منذ سنوات، ولم تُراجع رغم تغيّر المعطيات وأشار إلى «غلاء فاحش في الأسعار داخل السجن، حيث تُباع المواد بثلاثة أضعاف سعرها، فيما يتحمل السجناء كلفة الدواء والماء والخبز. بعض الأهالي ينتظرون أكثر من عشر ساعات لإذن زيارة». ويختم بنداء مؤثر: «نحن أخطأنا وندفع الثمن، لكن لماذا يُعاقب أبناؤنا؟
بالتوازي مع ذلك، تشهد العلاقة بين وزارتي الداخلية والعدل تنسيقاً متصاعداً لمحاولة السيطرة على الانفلات داخل السجون. وأكد وزير العدل عادل نصار، بعد اجتماع لجنة حقوق الإنسان النيابية، أن الوزارة تعمل بالتعاون مع وزارة الداخلية لمعالجة الاكتظاظ في السجون، وقد تم اتخاذ إجراءات لتفعيل المحكمة في سجن رومية، مع توقع فتحها مجدداً خلال أسبوعين إلى ثلاثة. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تشمل هذه الإجراءات تسريع المحاكمات، وتحسين الشروط الأمنية، وتسهيل وصول المحامين والقضاة إلى المحكمة.
من جهة أخرى، لفت النائب ميشال موسى إلى أن الاجتماعات السابقة لم تحقق تقدماً في حل مشاكل السجون، مشدداً على أهمية تسريع المحاكمات وتفعيل محكمة رومية. وأضاف أن الحلول يجب أن تشمل كلّاً من وزارة العدل ووزارة الداخلية، مشيراً إلى أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح مع الوزير الجديد.
الواضح أن سجن رومية لم يعد يتحمل المزيد. وتتقاطع صرخات النزلاء، المحكومين والموقوفين، عند نقطة واحدة: العدالة المعلّقة. فهل تكون الأشهر المقبلة بداية إصلاح جدّي؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الدولة على وشك تكرار سيناريو الانهيار
الدولة على وشك تكرار سيناريو الانهيار

IM Lebanon

time٢٨-٠٦-٢٠٢٥

  • IM Lebanon

الدولة على وشك تكرار سيناريو الانهيار

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': في وقتٍ يغرق فيه لبنان في مستنقع أزماته المتشابكة، تمضي السلطة في إعادة إنتاج سياسات الإنفاق العشوائي والتمويل بالدَّين، في تجاهل سافر لمتطلبات الإصلاح البنيوي، متعمّدة القفز فوق كل المحاذير المالية، وراكنة مجددًا إلى منطق الصفقات والمقايضات، وكأنها لم تتعلّم شيئًا من تجربة الانهيار. تمضي السلطة في هذه الأيام، في سياسة فرض النفقات الإضافية من خارج الموازنة بمئات ملايين الدولارات، وقروض تُمرَّر تدريجيًا في مجلس النواب بلا شفافية أو رقابة. وقد بدأت تتكشّف ملامح عودة مقلقة إلى نهج مالي مدمّر ساهم تاريخيًا في مفاقمة الدين العام، وتفكيك ما تبقّى من أعمدة الاستقرار الاقتصادي. 220 مليون دولار خارج الموازنة من المنتظر أن يناقش مجلس النواب في جلسته بعد غد الإثنين زيادة في النفقات العامة تُقدّر بحوإلى 220 مليون دولار، ستُضاف إلى الخزينة من خارج موازنة العام 2025. وتوزّعت هذه المبالغ على الشكل التالي: • 178 مليون دولار منح للعسكريين. • 22 مليون دولار للقضاة. • 15 مليون دولار مخصصة للجامعة اللبنانية. مطالب محقة، وإنما تندرج في إطار الفوضى المالية، وأعباؤها المالية تشكّل ضغطًا إضافيًا على الخزينة العامة من دون توضيح كيفية تمويلها. ويزيد الطين بلّة استعجال اقتراح قانون لإعفاءات ضريبية للمتضررين جراء الحرب، من دون تحديد كلفته على الإيرادات، ما ينذر بانخفاض إضافي في الواردات. السؤال البديهي الذي يطرح نفسه: من أين ستؤمّن الدولة تمويل هذه النفقات؟ هل سيتحمّل المواطن عبء تمويلها من خلال ضرائب ورسوم جديدة؟ أم هل ستتجه الدولة أخيرًا إلى تحصيل الجمارك، ضبط التهريب، جباية الضرائب وفرض رسوم على الأملاك العامة البحرية والنهرية، وهي مصادر عائدات لا تزال غير مُفعّلة بفعالية حتى الساعة؟ قروض جديدة… والديون تتراكم تتجه الحكومة في موازاة ذلك إلى تثبيت سياسة الاستدانة من جديد، وهذه المرة بفوائد تصل إلى 8 % عبر البنك الدولي، من خلال مشاريع تُعرض على مجلس النواب بشكل منفصل 'بالقطعة'، من دون ربطها بخطة إصلاحية شاملة. جلسة الإثنين ستشهد طرح مشروعين أساسيين: • 200 مليون دولار لما يُعرف بـ 'قرض التحول الأخضر' لدعم الزراعة • 250 مليون دولار لقرض مخصص للطاقة المتجددة إلا أن سداد هذه القروض، بحسب التزامات الحكومة تجاه صندوق النقد، سيأخذ أولوية على أي مساهمة مستقبلية للدولة في إعادة أموال المودعين. قائمة ديون بين 1.3 إلى 1.5 مليار دولار هذان القرضان ليسا سوى جزء من سلسلة قروض إضافية يُبحث إقرارها وتصل إلى نحو 1.3 إلى 1.5 مليار دولار، من دون احتساب 750 مليون دولار أخرى لإعادة إعمار البنى التحتية. ومن بين المشاريع المطروحة: • 200 مليون دولار للشؤون الاجتماعية • 256 مليون دولار لاستجرار مياه الأولي • 150 مليون دولار للتحول الرقمي • 250 مليون دولار لتطوير شبكة الكهرباء • 250 مليون دولار لإعادة إعمار البنى التحتية • 100 مليون دولار لقروض متفرقة مرتبطة بوزارة المالية إلى جانب ذلك، تبرز التزامات مالية سابقة، على غرار تسديد مستحقات الفيول العراقي، ( حوإلى 1,2 مليار دولار) ما يزيد الضغط على خزينة الدولة. سيناريو انهيار مُكرّر في مشهد يعيد إلى الأذهان ما شهدته البلاد بين عامي 2011 و2019، يبدو أن السلطة السياسية تعيد إنتاج الأخطاء نفسها التي ساهمت في الانهيار المالي. آنذاك، أُقرّت نفقات وتم تقديم تسهيلات تمويلية من جهات دولية، أبرزها البنك الدولي، في غياب أي تنفيذ فعلي للإصلاحات المطلوبة. اليوم، السيناريو ذاته يتكرّر: قوانين مالية تمرّر على عجل، مشاريع قروض تُدرج دون رقابة، ونفقات تُضاف خارج الموازنة من دون واردات مقابلة، ما ينذر بكارثة اقتصادية جديدة. في ظل قبول الحكومة بإضافة أعباء مالية من دون تأمين مصادر إيرادات مقابلة، يُطرح تساؤل جوهري: هل هناك نية حقيقية للإصلاح المالي، أم أننا أمام إدارة مرتجلة للفوضى بانتظار الانفجار الآتي؟ التجربة السابقة أثبتت أن غياب التخطيط وتغليب المنطق الشعبوي على المصلحة العامة، كما حصل مع سلسلة الرتب والرواتب، كلّف الخزينة أثمانًا باهظة. فبدلًا من إصلاح جذري، اختارت الحكومات المتعاقبة اللجوء إلى تمويل قصير الأمد عبر 'هندسات مالية' أطلقها مصرف لبنان لضخ السيولة، ما أدى إلى استنزاف الاحتياطات ووضع البلاد على سكة الانهيار. نفقات من دون موارد في موازنة 2025، يطالب صندوق تعاضد القضاة بزيادة قدرها 22 مليون دولار، كما تطالب الجامعة اللبنانية بـ 15 مليون دولار، في ظل غياب أي تدقيق في أسباب العجز المستمر في صندوق القضاة أو آليات صرف تلك الأموال. ومع أن أي مصروف يجب أن يُقابله دخل، تستمر الدولة في الإنفاق غير المدروس من دون أي خطة لتحصيل واردات أو فرض ضرائب عادلة، أو حتى تحسين التحصيل من المرافئ والأملاك العامة. أسئلة مشروعة تُطرح حول كيفية مقاربة المشاريع المالية المطروحة: هل سيتم تمريرها في جلسة واحدة تحت ضغط الوقت؟ وهل ستُقر في الهيئة العامة تحت عناوينها 'الشعبية'، من دون دراسة دقيقة لتداعياتها المالية والاجتماعية؟ الأدهى أن المواطن نفسه، الذي يُراد استرضاؤه بـ 'منح استثنائية'، سيُجبر لاحقًا على تمويل هذه النفقات من جيبه عبر ضرائب جديدة ورسوم إضافية. تكرار الأخطاء الحكومة تمضي في مشروع اقتراض جديد من البنك الدولي، وتتجه إلى تمرير رزمة مشاريع تمويلية، كالقروض الزراعية والخدمات الاجتماعية، واستجرار مياه نهر الأولي في إطار مشروع سد بسري السابق. هذا النهج، إن استمر، سيُثقل كاهل الدولة اللبنانية بدين إضافي يتراوح بين 1.4 و2.2 مليار دولار، ما يعني أعباء مالية وفوائد مستقبلية ستُقتطع من حقوق المودعين والطبقة الوسطى تحديدًا. مقايضات سياسية ما يحصل في مجلس الوزراء هو تمرير قوانين وفق معادلات سياسية ومقايضات، لا وفق رؤية إصلاحية. القرارات تُفرض تحت ضغط الشارع والمؤسسات الأمنية، دون توضيحات شفافة حول كيفية تأمين الأموال اللازمة. والمفارقة أن الجلسة التشريعية المرتقبة الإثنين المقبل، والتي سيترأسها الرئيس نبيه بري، مرشحة لتمرير كل هذه القوانين دفعة واحدة، من دون تدقيق أو نقاش جدي، في غياب واضح للرقابة البرلمانية والشفافية المالية. حتى اللحظة، لم تقدّم الحكومة أي تفسير واضح حول مصادر الإيرادات أو ما إذا تحقق أي فائض. كما لا تزال الحسابات المالية غائبة، مما يدفع بعض النواب إلى القول، أن لا فرق جوهريًا بين أداء وزارة المال الحالية وسابقاتها. كل الإجراءات تُنفّذ بمعزل عن القطوعات الحسابية، ما يُفقد المواطن القدرة على تقييم الأداء المالي. لا إصلاح ولا مساءلة في غياب الشفافية، واستمرار منطق الصفقات، ورفض الإصلاح الجذري، تبدو الدولة اللبنانية على وشك تكرار انهيارها السابق، لكن هذه المرة من دون 'الصدمة' التي تدفع نحو التغيير. أما القروض التي تُمرر اليوم تحت عنوان 'الإنقاذ'، فقد تتحول إلى عبء مالي دائم، تساهم في تعميق الأزمة بدلًا من حلّها. الرهان على الوعي الشعبي والضغط الإعلامي لم يعد كافيًا. المطلوب مساءلة جدية، ورقابة تشريعية صارمة، وخطة مالية واضحة تحمي الدولة من الإفلاس مجددًا… قبل أن يفوت الأوان.

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟
هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

صوت لبنان

time١٧-٠٦-٢٠٢٥

  • صوت لبنان

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

جوزيان الحاج موسى - نداء الوطن في لحظة حاسمة من التصعيد الإقليمي، يواجه لبنان خطر انقطاع شامل في التيار الكهربائي وسط اضطراب سوق الطاقة العالمية وتهديد إيراني جدي بإغلاق مضيق هرمز. ومع اعتماد البلاد شبه الكامل على الفيول العراقي، يصبح أي خلل في الإمدادات تهديداً مباشراً لأمنه الطاقوي واستقراره الاجتماعي. التهديد الإيراني، الذي عاد إلى الواجهة من جديد، لم يعد مجرّد ورقة إعلامية بل تحوّل إلى أداة ضغط جيوسياسية تستعملها طهران في وجه التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وسط تضييق الخيارات السياسية أمامها. يقف لبنان، المستورد بالكامل للمحروقات، في موقع بالغ الهشاشة. أي تعطيل جزئي في حركة الملاحة النفطية قد يدفعه إلى أزمة طاقة كارثية، في ظل اتفاق نفطي هشّ مع بغداد وغياب أي مخزون استراتيجي فعّال. والسؤال المطروح: هل يمتلك لبنان خطط طوارئ حقيقية؟ وهل بإمكانه الصمود في وجه عاصفة نفطية قد تُغلق كل قنوات الإمداد؟ مضيق هرمز يمرّ عبر مضيق هرمز يومياً ما بين 17 و20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يقارب 20 % من الإمدادات العالمية، بالإضافة إلى ربع تجارة الغاز المسال في العالم. هذا الممر البحري الحيوي الذي لا يتعدى عرضه 33 كيلومتراً في أضيق نقاطه، يشكّل نقطة ارتكاز استراتيجية لأسواق الطاقة الدولية. إيران، من خلال النائب إسماعيل كوثري، أعلنت أنها "تدرس جدياً" خيار الإغلاق، في رد مباشر على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة. وقد تسبب هذا التهديد بارتفاع فوري في سعر برميل برنت إلى ما فوق 90 دولاراً، فيما تُقدّر مؤسسات متخصصة أن أي تعطيل جزئي قد يدفع الأسعار إلى 130 دولاراً، أما الإغلاق الكامل فقد يتجاوز سعر البرميل عتبة الـ 200 دولار. فيول العراق... اتفاق هشّ يعتمد لبنان على اتفاقية مقايضة حكومية مع العراق، تتيح تزويده بكميات شهرية من الفيول الثقيل مقابل خدمات لبغداد، ويتم تجديد هذه الآلية كل ستة أشهر، وقد مُدّد العمل بها في آذار 2025. لكن هذا الاتفاق، رغم ضرورته، يقف اليوم أمام تحديات متفاقمة، أبرزها: • احتمال تعديل بغداد لشروط الاتفاق في حال تجاوز الأسعار سقفاً معيّناً؛ • تعقيدات الشحن نتيجة التوتر في مضيق هرمز؛ • تجربة صيف 2024، حين تأخرت الشحنات لأكثر من أسبوعين، وأدخلت البلاد في عتمة شاملة؛ • انعدام المخزون الطارئ، ما يجعل لبنان مكشوفاً بالكامل لأي خلل بحري أو سياسي. العتمة تقترب؟ أي خلل في تسليم شحنات الفيول، يهدّد لبنان بعواقب فورية وخطيرة، منها: • ارتفاع كبير في أسعار المحروقات محلياً، مع انعكاسات مباشرة على النقل والتوزيع والإنتاج؛ • تفاقم عجز مؤسسة كهرباء لبنان، في ظل تآكل احتياطياتها الدولارية؛ • انفجار اجتماعي محتمل نتيجة تصاعد كلفة تشغيل المولدات وارتفاع الفاتورة الطاقوية للمواطنين والمؤسسات. العاصفة بدأت من جهتها، حذّرت خبيرة النفط والطاقة كريستينا أبي حيدر من أن إغلاق مضيق هرمز، وقالت لـ "نداء الوطن"، إذا نُفّذ التهديد بإغلاق المضيق، لن يصيب فقط الأسواق العالمية، بل سينعكس مباشرة على إيران نفسها، إذ إن جزءاً كبيراً من صادراتها النفطية إلى الصين والهند يمرّ عبر هذا الممر. هذا النوع من التصعيد، وإن استُخدم سابقاً كأداة ضغط، إلا أنه في حال تنفيذه سيحمل تكلفة اقتصادية باهظة على طهران قبل غيرها. تسارع التطورات، وتغيّر نبرة بعض العواصم الدولية، ومؤشرات ميدانية متراكمة، تُنذر – وفق تقييمها – باحتمال اندلاع مواجهة واسعة قد تشمل أطرافاً دولية وإقليمية، ما يعني دخول ملف الطاقة في صلب المعركة. وتُحذّر التقديرات من قفزة في أسعار النفط قد تتجاوز 150، وربما 200 دولار للبرميل، ما سيؤثر ليس فقط على المحروقات، بل على الاقتصاد العالمي، الغذاء، النقل، وسلاسل التوريد. في لبنان، تبدو الصورة أكثر قتامة. لا بدائل حقيقية للفيول العراقي، ولا بنية تخزين قادرة على امتصاص أي تأخير. العقود الحالية لا تمر جميعها عبر الأطر الدستورية، وبعضها لا يتمتع بحماية قانونية كافية. في حال تعثّرت أي شحنة، يعود لبنان مباشرة إلى العتمة، كما حصل عام 2024. مؤسسة كهرباء لبنان، بحسب أبي حيدر، تُدير الوضع بأسلوب يومي ارتجالي. لا خطة بديلة، لا جدول واضح للاستيراد، والتمويل يتم من خلال حسابات دولارية تُستنزف تباعاً من دون رؤية مستدامة. التهديد لم يعد نظرياً. أزمة الطاقة في لبنان باتت مرهونة بتوازنات إقليمية تفوق قدرته على التأثير فيها، لكنه سيكون من أوائل الدول المتضرّرة إذا تعطّل أي جزء من منظومة الإمداد. الوقت لم يعد في صالح لبنان أمام هذا المشهد المقلق، يجد لبنان نفسه على مفترق طرق حاسم في ملف الطاقة، حيث لم يعد بالإمكان التعويل على الحلول الظرفية أو التعايش مع الأزمات المتكررة. فالتهديدات الإقليمية المتسارعة، وهشاشة الاتفاقات النفطية القائمة، وانعدام المخزون الطارئ، كلها مؤشرات تنذر بانزلاق في أية لحظة، قد يقود إلى انقطاع شامل في التيار الكهربائي، وما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة. ورغم تعويل اللبناني على الحلول البديلة التي تدخل المولدات الخاصة من ضمنها، إلا أن ذلك لا يغني عن ضرورة إيجاد حل جذري لهذا الملف. وإذا كان وزير الطاقة جو الصدي يعمل بطريقة منهجية لزيادة الإنتاج من خلال إنشاء معامل جديدة، وتطبيق قانون الطاقة الذي لم يُطبّق خلال سنوات طويلة، إلا أن الوصول إلى النتائج المرجوة تحتاج إلى مزيد من الوقت. وحتى تأتي الخطط ثمارها، سيبقى وضع الكهرباء في لبنان هشّاً ومعرّضاً في كل لحظة لانتكاسة أو أكثر.

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟
هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

IM Lebanon

time١٧-٠٦-٢٠٢٥

  • IM Lebanon

هل يصمد اتفاق الفيول العراقي أمام زلزال مضيق هرمز؟

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': في لحظة حاسمة من التصعيد الإقليمي، يواجه لبنان خطر انقطاع شامل في التيار الكهربائي وسط اضطراب سوق الطاقة العالمية وتهديد إيراني جدي بإغلاق مضيق هرمز. ومع اعتماد البلاد شبه الكامل على الفيول العراقي، يصبح أي خلل في الإمدادات تهديداً مباشراً لأمنه الطاقوي واستقراره الاجتماعي. التهديد الإيراني، الذي عاد إلى الواجهة من جديد، لم يعد مجرّد ورقة إعلامية بل تحوّل إلى أداة ضغط جيوسياسية تستعملها طهران في وجه التصعيد الإسرائيلي المتواصل، وسط تضييق الخيارات السياسية أمامها. يقف لبنان، المستورد بالكامل للمحروقات، في موقع بالغ الهشاشة. أي تعطيل جزئي في حركة الملاحة النفطية قد يدفعه إلى أزمة طاقة كارثية، في ظل اتفاق نفطي هشّ مع بغداد وغياب أي مخزون استراتيجي فعّال. والسؤال المطروح: هل يمتلك لبنان خطط طوارئ حقيقية؟ وهل بإمكانه الصمود في وجه عاصفة نفطية قد تُغلق كل قنوات الإمداد؟ مضيق هرمز يمرّ عبر مضيق هرمز يومياً ما بين 17 و20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يقارب 20 % من الإمدادات العالمية، بالإضافة إلى ربع تجارة الغاز المسال في العالم. هذا الممر البحري الحيوي الذي لا يتعدى عرضه 33 كيلومتراً في أضيق نقاطه، يشكّل نقطة ارتكاز استراتيجية لأسواق الطاقة الدولية. إيران، من خلال النائب إسماعيل كوثري، أعلنت أنها 'تدرس جدياً' خيار الإغلاق، في رد مباشر على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة. وقد تسبب هذا التهديد بارتفاع فوري في سعر برميل برنت إلى ما فوق 90 دولاراً، فيما تُقدّر مؤسسات متخصصة أن أي تعطيل جزئي قد يدفع الأسعار إلى 130 دولاراً، أما الإغلاق الكامل فقد يتجاوز سعر البرميل عتبة الـ 200 دولار. فيول العراق… اتفاق هشّ يعتمد لبنان على اتفاقية مقايضة حكومية مع العراق، تتيح تزويده بكميات شهرية من الفيول الثقيل مقابل خدمات لبغداد، ويتم تجديد هذه الآلية كل ستة أشهر، وقد مُدّد العمل بها في آذار 2025. لكن هذا الاتفاق، رغم ضرورته، يقف اليوم أمام تحديات متفاقمة، أبرزها: احتمال تعديل بغداد لشروط الاتفاق في حال تجاوز الأسعار سقفاً معيّناً؛ تعقيدات الشحن نتيجة التوتر في مضيق هرمز؛ تجربة صيف 2024، حين تأخرت الشحنات لأكثر من أسبوعين، وأدخلت البلاد في عتمة شاملة؛ انعدام المخزون الطارئ، ما يجعل لبنان مكشوفاً بالكامل لأي خلل بحري أو سياسي. العتمة تقترب؟ أي خلل في تسليم شحنات الفيول، يهدّد لبنان بعواقب فورية وخطيرة، منها: ارتفاع كبير في أسعار المحروقات محلياً، مع انعكاسات مباشرة على النقل والتوزيع والإنتاج؛ تفاقم عجز مؤسسة كهرباء لبنان، في ظل تآكل احتياطياتها الدولارية؛ انفجار اجتماعي محتمل نتيجة تصاعد كلفة تشغيل المولدات وارتفاع الفاتورة الطاقوية للمواطنين والمؤسسات. العاصفة بدأت من جهتها، حذّرت خبيرة النفط والطاقة كريستينا أبي حيدر من أن إغلاق مضيق هرمز، وقالت لـ 'نداء الوطن'، إذا نُفّذ التهديد بإغلاق المضيق، لن يصيب فقط الأسواق العالمية، بل سينعكس مباشرة على إيران نفسها، إذ إن جزءاً كبيراً من صادراتها النفطية إلى الصين والهند يمرّ عبر هذا الممر. هذا النوع من التصعيد، وإن استُخدم سابقاً كأداة ضغط، إلا أنه في حال تنفيذه سيحمل تكلفة اقتصادية باهظة على طهران قبل غيرها. تسارع التطورات، وتغيّر نبرة بعض العواصم الدولية، ومؤشرات ميدانية متراكمة، تُنذر – وفق تقييمها – باحتمال اندلاع مواجهة واسعة قد تشمل أطرافاً دولية وإقليمية، ما يعني دخول ملف الطاقة في صلب المعركة. وتُحذّر التقديرات من قفزة في أسعار النفط قد تتجاوز 150، وربما 200 دولار للبرميل، ما سيؤثر ليس فقط على المحروقات، بل على الاقتصاد العالمي، الغذاء، النقل، وسلاسل التوريد. في لبنان، تبدو الصورة أكثر قتامة. لا بدائل حقيقية للفيول العراقي، ولا بنية تخزين قادرة على امتصاص أي تأخير. العقود الحالية لا تمر جميعها عبر الأطر الدستورية، وبعضها لا يتمتع بحماية قانونية كافية. في حال تعثّرت أي شحنة، يعود لبنان مباشرة إلى العتمة، كما حصل عام 2024. مؤسسة كهرباء لبنان، بحسب أبي حيدر، تُدير الوضع بأسلوب يومي ارتجالي. لا خطة بديلة، لا جدول واضح للاستيراد، والتمويل يتم من خلال حسابات دولارية تُستنزف تباعاً من دون رؤية مستدامة. التهديد لم يعد نظرياً. أزمة الطاقة في لبنان باتت مرهونة بتوازنات إقليمية تفوق قدرته على التأثير فيها، لكنه سيكون من أوائل الدول المتضرّرة إذا تعطّل أي جزء من منظومة الإمداد. الوقت لم يعد في صالح لبنان أمام هذا المشهد المقلق، يجد لبنان نفسه على مفترق طرق حاسم في ملف الطاقة، حيث لم يعد بالإمكان التعويل على الحلول الظرفية أو التعايش مع الأزمات المتكررة. فالتهديدات الإقليمية المتسارعة، وهشاشة الاتفاقات النفطية القائمة، وانعدام المخزون الطارئ، كلها مؤشرات تنذر بانزلاق في أية لحظة، قد يقود إلى انقطاع شامل في التيار الكهربائي، وما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة. ورغم تعويل اللبناني على الحلول البديلة التي تدخل المولدات الخاصة من ضمنها، إلا أن ذلك لا يغني عن ضرورة إيجاد حل جذري لهذا الملف. وإذا كان وزير الطاقة جو الصدي يعمل بطريقة منهجية لزيادة الإنتاج من خلال إنشاء معامل جديدة، وتطبيق قانون الطاقة الذي لم يُطبّق خلال سنوات طويلة، إلا أن الوصول إلى النتائج المرجوة تحتاج إلى مزيد من الوقت. وحتى تأتي الخطط ثمارها، سيبقى وضع الكهرباء في لبنان هشّاً ومعرّضاً في كل لحظة لانتكاسة أو أكثر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store