
ماذا بعد الضربة العسكرية على مواقع إيران النووية؟
تسبب القصف الأميركي والإسرائيلي للمواقع النووية الإيرانية في معضلة بالنسبة إلى مفتشي الأمم المتحدة في إيران تتعلق بكيفية معرفة ما إذا كانت مخزونات اليورانيوم المخصب، وبعضها قريب من درجة النقاء اللازمة لصنع الأسلحة النووية، دفنت تحت الأنقاض أو جرى إخفاؤها في مكان سري.
وبعد هجمات الأسبوع الماضي على ثلاثة من أهم المواقع النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه "جرى محو" المنشآت باستخدام الذخائر الأميركية، بما في ذلك قنابل خارقة للتحصينات.
لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي تراقب برنامج طهران النووي، قالت إنه لم تتضح بعد الأضرار التي لحقت بمنشأة فوردو، وهي منشأة في أعماق جبل تنتج الجزء الأكبر من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب.
وذكر المدير العام للوكالة رافايل غروسي الإثنين الماضي أن من المرجح للغاية أن تكون أجهزة الطرد المركزي الحساسة المستخدمة في تخصيب اليورانيوم داخل فوردو تضررت بشدة.
لكن هناك غموضاً أكبر بكثير حول ما إذا كان جرى تدمير تسعة أطنان من اليورانيوم المخصب في إيران، من بينها أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء قريبة من الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة. وتسعى حكومات الغرب جاهدة إلى تحديد ما حدث لهذا اليورانيوم.
وتحدثت "رويترز" إلى 10 مسؤولين حاليين وسابقين مشاركين في جهود كبح البرنامج النووي الإيراني، قالوا إن الهجمات ربما وفرت الغطاء المثالي لطهران لإخفاء مخزونها من اليورانيوم، ومن المرجح أن يكون أي تحقيق وبحث تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية شاقاً ويستلزم وقتاً طويلاً.
وأوضح أولي هاينونن الذي كان كبير مفتشي الوكالة في الفترة ما بين عام 2005 وعام 2010 أن البحث سيتضمن على الأرجح عملية معقدة لاستعادة المواد من المباني المتضررة، إضافة إلى البحث الجنائي وأخذ العينات البيئية، مما يستغرق وقتاً طويلاً.
وتوقع هاينونن الذي تعامل على نطاق واسع مع إيران أثناء عمله لدى الوكالة ويعمل الآن في مركز ستيمسون للأبحاث في واشنطن أن "تكون هناك مواد لا يمكن الوصول إليها، أو متناثرة تحت الأنقاض أو فقدت أثناء القصف".
ووفقاً لمقياس للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن الكمية التي تزيد على 400 كيلوغرام من اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة نقاء تصل إلى 60 في المئة، وهي درجة قريبة من نسبة النقاء 90 في المئة تقريباً اللازمة لصنع الأسلحة، تكفي إذا ما خُصبت بدرجة أكبر لصنع تسعة أسلحة نووية.
وحتى لو بقي جزء بسيط من هذه الكمية من دون معرفة مصيره، فسيكون مصدر قلق كبير للقوى الغربية التي تعتقد بأن إيران تبقي في الأقل خيار صنع الأسلحة النووية مطروحاً، وهناك مؤشرات على أنها ربما نقلت بعضاً من اليورانيوم المخصب قبل أن يتعرض للهجمات.
وقال غروسي إن طهران أبلغته في الـ13 من يونيو (حزيران) الجاري، وهو أول يوم من الهجمات الإسرائيلية، إنها ستتخذ إجراءات لحماية معداتها وموادها النووية، وعلى رغم أنها لم تفصح عن مزيد من التفاصيل، أعرب عن اعتقاده بأن ذلك ربما يشير إلى النقل.
وذكر دبلوماسي غربي مطلع على ملف إيران النووي بعدما طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر أن معظم اليورانيوم المخصب في فوردو سيتكشف في ما بعد أنه نقل قبل أيام من الهجمات الأشد "كما لو أنهم علموا تماماً أنها ستحدث".
وقال بعض الخبراء إن صفاً من المركبات ومن بينها شاحنات ظهرت في صور بالأقمار الاصطناعية خارج موقع فوردو قبل ضربه، مما يشير إلى نقل اليورانيوم المخصب إلى مكان آخر، لكن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث صرّح الخميس الماضي بأن ليست لديه أية معلومات استخبارات تشير إلى أن إيران نقلته.
واستبعد ترمب أيضاً مثل تلك المخاوف، وخلال مقابلة من المقرر نشرها اليوم الأحد مع برنامج على قناة "فوكس نيوز"، أصر على أن الإيرانيين "لم ينقلوا أي شيء".
وقال "هذا أمر خطر للغاية لتنفيذه، إنه ثقيل جداً، ثقيل جداً جداً، من الصعب جداً تنفيذ هذا الأمر، إضافة إلى ذلك، لم نلمح بصورة كبيرة لأنهم لم يعلموا أننا آتون إلا عندما نفذنا كما تعلم".
ولم يستجِب البيت الأبيض لطلب للحصول على تعليق، وأحالت وزارة الخارجية الأميركية "رويترز" إلى التصريحات العلنية التي أدلى بها ترمب.
وقال دبلوماسي غربي ثانٍ إن التحقق من وضع مخزون اليورانيوم سيشكل تحدياً كبيراً بالنظر إلى القائمة الطويلة من الخلافات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران بما شمل عدم تقديمها لتفسير له صدقية لآثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة. وتابع "ستكون لعبة قط وفأر".
صورة ضبابية
قبل أن تشن إسرائيل حملتها العسكرية التي دامت 12 يوماً بهدف تدمير قدرات إيران النووية والصاروخية، كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتمتع بإمكان الوصول بانتظام إلى مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، وتراقب الأنشطة داخلها على مدى الساعة، خصوصاً أن طهران موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي التي تضم 191 دولة، لكن الآن جعلت الأنقاض والرماد الصورة ضبابية.
علاوة على ذلك، هددت إيران بوقف العمل مع الوكالة، ووافق البرلمان الإيراني الأربعاء الماضي على تعليق التعاون مع الهيئة التابعة للأمم المتحدة مدفوعاً بالغضب من عدم قدرة نظام حظر الانتشار النووي على حماية البلاد من الضربات التي تعتبرها دول كثيرة غير قانونية.
وتقول طهران إن قراراً صدر هذا الشهر عن مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة ذكر أن إيران انتهكت التزاماتها المتعلقة بحظر الانتشار، مهد الطريق لهجمات إسرائيل من خلال توفير غطاء دبلوماسي، مما نفته الوكالة، وبدأت الضربات في اليوم التالي من صدور القرار.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونفت إيران مراراً امتلاكها برنامجاً نشطاً لتطوير قنبلة نووية. وخلصت الاستخبارات الأميركية إلى أنه لا دليل على أن طهران تتخذ خطوات نحو تطوير مثل تلك الأسلحة ضمن تقرير رفضه ترمب قبل شن الغارات الجوية.
مع هذا يقول الخبراء إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60 في المئة لبرنامج نووي مدني الذي يمكن تشغيله بتخصيب اليورانيوم عند درجة أقل من خمسة في المئة.
وبصفتها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي، يتعين على إيران تقديم تقارير بمخزونها من اليورانيوم المخصب، ويجب على الوكالة بعد ذلك التحقق من تلك التقارير عبر وسائل تشمل عمليات التفتيش، إلا أن صلاحيات الوكالة محدودة فهي تفتش المنشآت النووية الإيرانية المعلنة، لكنها لا تستطيع إجراء عمليات تفتيش مفاجئة في مواقع غير معلنة.
وتقول الوكالة إن إيران لديها عدد غير معروف من أجهزة الطرد المركزي الإضافية المخزنة في مواقع لا تعلم بها، وهي أجهزة يمكن من خلالها إنشاء موقع تخصيب جديد أو سري، مما يجعل تعقب المواد التي يمكن تخصيبها لدرجة نقاء أكبر، بخاصة تلك الأقرب إلى درجة صنع قنبلة، له أهمية كبيرة.
وكتبت كيلسي دافنبورت من جمعية الحد من الأسلحة ومقرها واشنطن على منصة "إكس" أول من أمس الجمعة "ربما لم يكُن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة جزءاً من المهمة، لكنه يشكل جزءاً كبيراً من خطر الانتشار، ولا سيما إذا لم يكشف عن مصير أجهزة الطرد المركزي".
ويمكن للوكالة تلقي معلومات استخباراتية من الدول الأعضاء، ومن بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي تتلقاها بالفعل، غير أنها تقول إنها لا تأخذ المعلومات على نحو مسلم به وتتحقق بصورة مستقلة منها.
وبعد قصف مواقع تخصيب اليورانيوم، يعتقد مسؤولون بأن إسرائيل والولايات المتحدة هما الدولتان الأكثر احتمالاً لاتهام إيران بإخفاء اليورانيوم أو استئناف تخصيبه.
ولم يستجِب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لطلب للتعليق على هذه المسألة.
مطاردة الأشباح
وأظهر بحث مفتشي الأمم المتحدة من دون جدوى عن مخابئ كبيرة لأسلحة الدمار الشامل في العراق الذي سبق الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، الصعوبة الهائلة في التحقق من ادعاءات القوى الأجنبية حول مخزونات المواد المخفية مع قلة المعلومات التي يمكن الاعتماد عليها.
وكما هي الحال في العراق، ربما ينتهي الأمر بالمفتشين إلى مطاردة الأشباح.
وقال دبلوماسي غربي ثالث "إذا كشف الإيرانيون (عن مكان) وجود 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، فستكون المشكلة قابلة للحل، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك، فلن يتأكد أحد أبداً مما حدث لها".
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تمثل 180 من الدول الأعضاء، أنها لا تستطيع ضمان أن يكون التطوير النووي الإيراني سلمياً تماماً لكنها لا تملك أية مؤشرات موثوقة على وجود برنامج أسلحة منسق.
ودعمت الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية أعمال التحقق والمراقبة التي تنفذها الوكالة وحثت طهران على ضمان سلامة مفتشيها في البلاد.
وستكون مهمة حصر كل غرام من اليورانيوم المخصب، وهو المعيار الذي تعتمده الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طويلة وشاقة.
وقالت الوكالة إن منشأة نطنز، المقامة فوق الأرض وهي الأصغر من بين المنشأتين اللتين تخصبان اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، جرى تسويتها بالأرض خلال القصف، مما يشير إلى احتمال التخلص من جزء صغير من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب.
وتعرضت منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية فوردو لقصف عنيف مطلع الأسبوع الماضي عندما أسقطت الولايات المتحدة أكبر قنابلها التقليدية عليها، وهي منشأة مقامة في عمق جبل كانت تنتج الجزء الأكبر من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، ولا تزال الأضرار التي لحقت بأقسامها تحت الأرض غير واضحة.
كما قصفت منطقة تحت الأرض في أصفهان كان يخزن بها معظم اليورانيوم الإيراني الأعلى تخصيباً، مما تسبب في أضرار بمداخل الأنفاق المؤدية إليها.
ولم يتسنَّ للوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء عمليات تفتيش منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، مما يجعل الوضع هناك ضبابياً.
وقال غروسي الأربعاء الماضي إن الظروف في المواقع التي تعرضت للقصف ستجعل عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هناك صعباً، مرجحاً أن يستغرق الأمر بعض الوقت، وأوضح أنه "توجد أنقاض، وربما تكون هناك ذخائر غير منفجرة".
ورأى هاينونن كبير مفتشي الوكالة السابق أن من الضروري أن تتحلى الوكالة بالشفافية وأن تعرض على الفور ما يتمكن مفتشوها من التحقق منه بصورة مستقلة، بما في ذلك أية شكوك وما بقي مجهولاً، وأضاف "يمكن للدول الأعضاء بعد ذلك إجراء تقييمات الأخطار الخاصة بها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المرصد
منذ ساعة واحدة
- المرصد
صور فضائية تكشف عن نشاط وتحركات في منشأة فوردو الإيرانية بعد القصف الأميركي
صور فضائية تكشف عن نشاط وتحركات في منشأة فوردو الإيرانية بعد القصف الأميركي صحيفة المرصد: كشفت صور أقمار صناعية حديثة، التقطتها شركة "ماكسار تكنولوجيز"، عن نشاط ملحوظ وتحركات في محيط منشأة فوردو النووية الإيرانية، وذلك عقب القصف الأميركي الذي استهدف الموقع في 22 يونيو الجاري. وأظهرت الصور عالية الجودة وجود حفارة وعدد من الأفراد قرب الفتحة الشمالية أعلى المجمع الواقع تحت الأرض والمخصص لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى رافعة تعمل عند المدخل، بحسب ما أفاد موقع "فوكس نيوز" الأميركي. وتُبرز الصور وجود عدة مركبات إضافية متوقفة أسفل الحافة على طول المسار المؤدي إلى المنشأة، في مؤشر على عمليات صيانة أو تقييم للأضرار. وتوضح الصور أيضاً دماراً كاملاً لأحد المباني في شمال الموقع، حيث تحيط به آلات حفر وغبار متراكم، كما تظهر حفرة جديدة وعلامات احتراق على طريق الوصول الغربي للمنشأة. وكانت منشأة فوردو، الواقعة في منطقة جبلية، قد تعرضت لقصف أميركي أدى إلى ظهور ست حفر كبيرة وانتشار واسع للأتربة الرمادية، في تصعيد جديد للتوترات بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني.


قاسيون
منذ 10 ساعات
- قاسيون
رأي الخبراء حول مزاعم «التدمير الكامل» لقدرات إيران النووية
وقع العدوان الأمريكي على إيران فجر 22 حزيران 2025 بمشاركة 7 قاذفات شبح من طراز B2 أسقطت على موقع فوردو 14 قنبلة GBU57 ضخمة خارقة للتحصينات، تزن كل منها 13,600 كيلوغرام تقريباً، قادرة على اختراق حتى 61 متراً تحت الأرض قبل الانفجار. تعتمد المعلومات المقدّمة في هذا المقال بشكلٍ رئيسي على تصريحات اثنين من الخبراء؛ الدكتور يسري أبو شادي، وهو عالم وخبير مصري بارز في مجال الهندسة النووية والطاقة الذرية. شغل منصب كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ورئيس قسم الضمانات فيها سابقاً. أشرف على تفتيش أكثر من 500 مفاعل نووي في أكثر من 50 دولة. ودعا إلى تفعيل مشروع الضبعة النووي السلمي في مصر، معتبراً أن الطاقة النووية والمتجددة هي الحل لتحقيق الاستدامة. ويعرف عن أبو شادي جرأتُه في انتقاد ازدواجية المعايير في التعامل مع البرامج النووية، وخاصةً الازدواجية تجاه برامج «إسرائيل» وإيران. الخبير الثاني هو جيفري لويس، خبير في شؤون الانتشار النووي وأستاذ في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية. فوردو: 13% فقط من وحدات الطرد المركزي الإيرانية في عدة تصريحات لوسائل إعلام عربية ودولية خلال الأسبوع الماضي، وصف أبو شادي الضربة الأمريكية على فوردو بأنها «تمثيلية»، وأنّ إيران نقلت اليورانيوم المخصّب مسبقاً، ممّا قلل تأثيرها. وقال إنّ فوردو ليست المنشأة الأهم، وأنّ أمريكا تستعرض قوتها من خلال استهدافها، مشيراً إلى أنها تقع تحت جبل من الغرانيت (صخور صلبة)، مما يجعل تدميرها الكامل بالضربات الجوية صعباً للغاية. وبذلك يتفق تقييم هذا العالِم النووي مع تقييم أوّلي سابق أعقب الضربة قدّمه سكوت ريتر ضابط المارينز الأمريكي السابق، والمفتش السابق في الأمم المتحدة للبحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، حيث قال ريتر يومها: «إنها ضربات استعراضية لحفظ ماء الوجه، من دون أن تحقق أي شيء يُذكَر». وذكر أبو شادي أنّ منشأة فوردو تحتوي قرابة 3,000 وحدة طرد مركزي فقط من أصل 23,000 وحدة طرد مركزي تمتلكها إيران، موزعة عبر منشآت في مواقع مختلفة. وهذا يعني أن فوردو تمثل جزءاً صغيراً من قدرات إيران في التخصيب. وأشار أبو شادي إلى امتلاك إيران 500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 60%، وفي حال اعتزمت صنع سلاح نووي، تكفي هذه الكمية لصنع نحو 10 قنابل نووية، كل واحدة بوزن 1.5 طن تقريباً. كما أكد أبو شادي امتلاك إيران القدرة الفنية لرفع نسبة التخصيب من 60% إلى 90% خلال أسابيع. وأشار إلى أن برنامجها النووي يعتمد على مؤسسة علمية متكاملة، ممّا يجعل اغتيال العلماء غير كافٍ لوقف البرنامج. وحذّر أبو شادي من أنّ تدمير منشأة مثل فوردو [لو حدث] قد يؤدي إلى تسرب إشعاعي كارثي، يمكن أن يؤثر على دول الخليج والمنطقة ويسبب كارثة بيئية وبشرية. ومع ذلك، نفى أن تكون الضربات الأمريكية أو «الإسرائيلية» قد تسببت في تسرب إشعاعي كبير حتى الآن، مقارنةً بحادثة تشرنوبل. مصنعُ تخصيب وليس مُفاعلاً أوضح أبو شادي أن منشأة فوردو ليست مفاعلاً نووياً بل هي مصنع لتخصيب اليورانيوم، مصمَّم لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب. وفيما يلي نلخّص أبرز الفروق بين مصنع التخصيب والمفاعل النووي بحسب المعلومات المتاحة. مصنع التخصيب: يُستخدم لزيادة نسبة «اليورانيوم 235» في خام اليورانيوم، وهو نظير عنصر اليورانيوم القابل للانشطار المطلوب للاستخدام في المفاعلات النووية أو الأسلحة النووية (للاستخدام السِّلمي أو العسكري). والعملية التي تجري فيه هي تحويل خام اليورانيوم إلى غاز (سداسي فلوريد اليورانيوم UF6) باستخدام تقنيات مثل الطَّرد المركزي أو الانتشار الغازي لفصل النظير U-235 (الذي يشكل نحو 0.7% من اليورانيوم الطبيعي) عن نظير آخر لليورانيوم هو U-238. ويُنتج يورانيوم مخصّب بنسب مختلفة (مثل 3-5% للمفاعلات المدنية، أو 90% للأسلحة النووية). وهكذا فإنّ مصنع التخصيب لا ينتج طاقةً مباشرة، بل يركز على إنتاج المواد النووية. أمّا المفاعل النووي: فالغرض منه توليد الطاقة مباشرةً (كهرباء أو حرارة) عبر تفاعل الانشطار النووي المتحكَّم فيه، أو لإنتاج نظائر مشعّة للأغراض الطبية والبحثية. ويحتاج أنظمة تبريد وأمان معقدة، ويكون عادةً فوق الأرض، فهو نظرياً أكثر عرضة للاستهداف مقارنة بمصانع التخصيب. والعملية التي تجري في المفاعِل هي استخدام اليورانيوم المخصَّب (عادة بنسبة 3-5%) أو البلوتونيوم كوقود. ويحدث انشطار نووي ينتج طاقة حرارية تُستخدم لتسخين الماء وتوليد بخار يحرك عنَفَات (توربينات) لإنتاج الكهرباء. ويمكن إنتاج البلوتونيوم كمنتج ثانوي، والذي يمكن استخدامه في الأسلحة النووية إذا تم فصله. ومخرجات المُفاعِل هي طاقة كهربائية، ونظائر مشعة (للطب أو البحث)، ونفايات نووية. ومن الأمثلة عليه مفاعل ديمونا «الإسرائيلي»، ومفاعل بوشهر في إيران (مفاعل طاقة مدني)، أو مفاعل يونغبيون في كوريا الشمالية (يُستخدم لإنتاج البلوتونيوم). تحليل صور الأقمار الصناعية قدّم جيفري لويس تحليلاً حول الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية (فوردو ونطنز وأصفهان)، بناءً على صور الأقمار الصناعية وتقارير الاستخبارات. وأبرز النقاط في تحليله هي أن أضرار الضربة الأمريكية كانت محدودة. فرغم استخدامها للقنابل GBU57 الخارقة للتحصينات على منشأة فوردو لم تدمر الأجزاء تحت الأرض، حيث تقع قاعات التخصيب على عمق أكثر من 80 متراً تحت جبل صخري (لنتذكر أن قدرة اختراق القنابل المستخدمة نحو 60 متراً). وبحسب قراءة لويس لصور الأقمار الصناعية المتاحة، فإنها أظهرت ثقوباً في التلال (6 ثقوب منتظمة)، لكن دون دليل على تدمير قاعات الطرد المركزي تحت الأرض. وبحسب واشنطن بوست، قال لويس إنّ الضربات ربما استهدفت هيكل تهوية، مما يسمح للقنابل باختراق أعمق إذا كانت أعمدة التهوية عمودية، لكن هذا لم يؤدِّ إلى تدمير المنشأة بالكامل. نقل اليورانيوم من نطنز أكد الدكتور أبو شادي أنّ إيران نجحت في نقل 500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% من منشأة نطنز ليلتَي 12 و13 حزيران 2025، قبل الضربات الأمريكية (التي نفّذت في 22 حزيران)، ويُحتمل أن هذه الكمية مخزَّنة في أسطوانات صغيرة، وذلك لتسهيل نقلها وحمايتها. وبالمثل لاحظ جيفري لويس أنّ صور الأقمار الصناعية قبل الضربات (20–21 حزيران 2025) أظهرت نشاطاً غير عادي للشاحنات في فوردو وأصفهان، مما يشير إلى أن إيران ربما نقلت مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب (نحو 400-900 كغ بنسبة 60%) إلى مواقع سرّية قبل الضربات. بحسب صحيفة واشنطن بوست، أشار لويس إلى أنّ الضربات الأمريكية و«الإسرائيلية» (13 و22 حزيران 2025) دمرت البنية التحتية الكهربائية فوق الأرض في نطنز، وجزءاً من «مصنع التخصيب التجريبي» فيها، لكن قاعات التخصيب تحت الأرض ربما لم تتضرّر كثيراً. وأكد لويس أن منشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان تضرّرت بشدة بسبب صواريخ توماهوك الأمريكية، لكن الأنفاق القريبة التي يُعتقد أنها تستخدم لتخزين اليورانيوم المخصَّب لم تُدمَّر. هل انتهى البرنامج النووي الإيراني؟ بحسب قناة CNN الأمريكية، شدَّد لويس على أن الضربات الأمريكية و«الإسرائيلية» لم تنهِ البرنامج النووي الإيراني، بل أخّرته «لأشهر فقط» بحسب تقديره. وذكر بأنّ إيران ما تزال تمتلك اليورانيوم المخصّب والخبرة الفنية، وربما منشآت سرّية لم تُستهدف. واقترح أنّ الحل الوحيد إذا كانت واشنطن تأمل «وقف البرنامج النووي الإيراني بشكل دائم» هو اتفاق دبلوماسي مع تفتيش دولي، وليس الضربات العسكرية، وهو رأي مماثل لما أعرب عنه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي مؤخّراً، حيث ذكر أنّ إيران «كان لديها برنامج نووي واسع وطموح وقد يكون جزء منه لا يزال قائماً»، لافتاً بأن إيران «دولة متقدّمة في التكنولوجيا النووية ولا يمكن محو هذا بعمليات عسكرية أو دونها». بحسب تقارير لسكاي نيوز وسي إن إن (25 حزيران 2025) اعتبر جيفري لويس مزاعم الرئيس ترامب ووزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث بأنّ المنشآت «أُبيدت بالكامل» ادعاءاتٍ مبالَغاً فيها. وأوضح أنّ تقييم الأضرار الأولية استناداً إلى النَّمذجة قد يكون مضلّلاً، كما حدث في قصف يوغوسلافيا عام 1999، حيث تبيَّن لاحقاً أنّ الأهداف كانت «دُمى وهمية».


Independent عربية
منذ 21 ساعات
- Independent عربية
ماذا بعد الضربة العسكرية على مواقع إيران النووية؟
تسبب القصف الأميركي والإسرائيلي للمواقع النووية الإيرانية في معضلة بالنسبة إلى مفتشي الأمم المتحدة في إيران تتعلق بكيفية معرفة ما إذا كانت مخزونات اليورانيوم المخصب، وبعضها قريب من درجة النقاء اللازمة لصنع الأسلحة النووية، دفنت تحت الأنقاض أو جرى إخفاؤها في مكان سري. وبعد هجمات الأسبوع الماضي على ثلاثة من أهم المواقع النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه "جرى محو" المنشآت باستخدام الذخائر الأميركية، بما في ذلك قنابل خارقة للتحصينات. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي تراقب برنامج طهران النووي، قالت إنه لم تتضح بعد الأضرار التي لحقت بمنشأة فوردو، وهي منشأة في أعماق جبل تنتج الجزء الأكبر من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب. وذكر المدير العام للوكالة رافايل غروسي الإثنين الماضي أن من المرجح للغاية أن تكون أجهزة الطرد المركزي الحساسة المستخدمة في تخصيب اليورانيوم داخل فوردو تضررت بشدة. لكن هناك غموضاً أكبر بكثير حول ما إذا كان جرى تدمير تسعة أطنان من اليورانيوم المخصب في إيران، من بينها أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء قريبة من الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة. وتسعى حكومات الغرب جاهدة إلى تحديد ما حدث لهذا اليورانيوم. وتحدثت "رويترز" إلى 10 مسؤولين حاليين وسابقين مشاركين في جهود كبح البرنامج النووي الإيراني، قالوا إن الهجمات ربما وفرت الغطاء المثالي لطهران لإخفاء مخزونها من اليورانيوم، ومن المرجح أن يكون أي تحقيق وبحث تجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية شاقاً ويستلزم وقتاً طويلاً. وأوضح أولي هاينونن الذي كان كبير مفتشي الوكالة في الفترة ما بين عام 2005 وعام 2010 أن البحث سيتضمن على الأرجح عملية معقدة لاستعادة المواد من المباني المتضررة، إضافة إلى البحث الجنائي وأخذ العينات البيئية، مما يستغرق وقتاً طويلاً. وتوقع هاينونن الذي تعامل على نطاق واسع مع إيران أثناء عمله لدى الوكالة ويعمل الآن في مركز ستيمسون للأبحاث في واشنطن أن "تكون هناك مواد لا يمكن الوصول إليها، أو متناثرة تحت الأنقاض أو فقدت أثناء القصف". ووفقاً لمقياس للوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن الكمية التي تزيد على 400 كيلوغرام من اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة نقاء تصل إلى 60 في المئة، وهي درجة قريبة من نسبة النقاء 90 في المئة تقريباً اللازمة لصنع الأسلحة، تكفي إذا ما خُصبت بدرجة أكبر لصنع تسعة أسلحة نووية. وحتى لو بقي جزء بسيط من هذه الكمية من دون معرفة مصيره، فسيكون مصدر قلق كبير للقوى الغربية التي تعتقد بأن إيران تبقي في الأقل خيار صنع الأسلحة النووية مطروحاً، وهناك مؤشرات على أنها ربما نقلت بعضاً من اليورانيوم المخصب قبل أن يتعرض للهجمات. وقال غروسي إن طهران أبلغته في الـ13 من يونيو (حزيران) الجاري، وهو أول يوم من الهجمات الإسرائيلية، إنها ستتخذ إجراءات لحماية معداتها وموادها النووية، وعلى رغم أنها لم تفصح عن مزيد من التفاصيل، أعرب عن اعتقاده بأن ذلك ربما يشير إلى النقل. وذكر دبلوماسي غربي مطلع على ملف إيران النووي بعدما طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر أن معظم اليورانيوم المخصب في فوردو سيتكشف في ما بعد أنه نقل قبل أيام من الهجمات الأشد "كما لو أنهم علموا تماماً أنها ستحدث". وقال بعض الخبراء إن صفاً من المركبات ومن بينها شاحنات ظهرت في صور بالأقمار الاصطناعية خارج موقع فوردو قبل ضربه، مما يشير إلى نقل اليورانيوم المخصب إلى مكان آخر، لكن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث صرّح الخميس الماضي بأن ليست لديه أية معلومات استخبارات تشير إلى أن إيران نقلته. واستبعد ترمب أيضاً مثل تلك المخاوف، وخلال مقابلة من المقرر نشرها اليوم الأحد مع برنامج على قناة "فوكس نيوز"، أصر على أن الإيرانيين "لم ينقلوا أي شيء". وقال "هذا أمر خطر للغاية لتنفيذه، إنه ثقيل جداً، ثقيل جداً جداً، من الصعب جداً تنفيذ هذا الأمر، إضافة إلى ذلك، لم نلمح بصورة كبيرة لأنهم لم يعلموا أننا آتون إلا عندما نفذنا كما تعلم". ولم يستجِب البيت الأبيض لطلب للحصول على تعليق، وأحالت وزارة الخارجية الأميركية "رويترز" إلى التصريحات العلنية التي أدلى بها ترمب. وقال دبلوماسي غربي ثانٍ إن التحقق من وضع مخزون اليورانيوم سيشكل تحدياً كبيراً بالنظر إلى القائمة الطويلة من الخلافات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وطهران بما شمل عدم تقديمها لتفسير له صدقية لآثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة. وتابع "ستكون لعبة قط وفأر". صورة ضبابية قبل أن تشن إسرائيل حملتها العسكرية التي دامت 12 يوماً بهدف تدمير قدرات إيران النووية والصاروخية، كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتمتع بإمكان الوصول بانتظام إلى مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، وتراقب الأنشطة داخلها على مدى الساعة، خصوصاً أن طهران موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي التي تضم 191 دولة، لكن الآن جعلت الأنقاض والرماد الصورة ضبابية. علاوة على ذلك، هددت إيران بوقف العمل مع الوكالة، ووافق البرلمان الإيراني الأربعاء الماضي على تعليق التعاون مع الهيئة التابعة للأمم المتحدة مدفوعاً بالغضب من عدم قدرة نظام حظر الانتشار النووي على حماية البلاد من الضربات التي تعتبرها دول كثيرة غير قانونية. وتقول طهران إن قراراً صدر هذا الشهر عن مجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة ذكر أن إيران انتهكت التزاماتها المتعلقة بحظر الانتشار، مهد الطريق لهجمات إسرائيل من خلال توفير غطاء دبلوماسي، مما نفته الوكالة، وبدأت الضربات في اليوم التالي من صدور القرار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ونفت إيران مراراً امتلاكها برنامجاً نشطاً لتطوير قنبلة نووية. وخلصت الاستخبارات الأميركية إلى أنه لا دليل على أن طهران تتخذ خطوات نحو تطوير مثل تلك الأسلحة ضمن تقرير رفضه ترمب قبل شن الغارات الجوية. مع هذا يقول الخبراء إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60 في المئة لبرنامج نووي مدني الذي يمكن تشغيله بتخصيب اليورانيوم عند درجة أقل من خمسة في المئة. وبصفتها طرفاً في معاهدة حظر الانتشار النووي، يتعين على إيران تقديم تقارير بمخزونها من اليورانيوم المخصب، ويجب على الوكالة بعد ذلك التحقق من تلك التقارير عبر وسائل تشمل عمليات التفتيش، إلا أن صلاحيات الوكالة محدودة فهي تفتش المنشآت النووية الإيرانية المعلنة، لكنها لا تستطيع إجراء عمليات تفتيش مفاجئة في مواقع غير معلنة. وتقول الوكالة إن إيران لديها عدد غير معروف من أجهزة الطرد المركزي الإضافية المخزنة في مواقع لا تعلم بها، وهي أجهزة يمكن من خلالها إنشاء موقع تخصيب جديد أو سري، مما يجعل تعقب المواد التي يمكن تخصيبها لدرجة نقاء أكبر، بخاصة تلك الأقرب إلى درجة صنع قنبلة، له أهمية كبيرة. وكتبت كيلسي دافنبورت من جمعية الحد من الأسلحة ومقرها واشنطن على منصة "إكس" أول من أمس الجمعة "ربما لم يكُن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة جزءاً من المهمة، لكنه يشكل جزءاً كبيراً من خطر الانتشار، ولا سيما إذا لم يكشف عن مصير أجهزة الطرد المركزي". ويمكن للوكالة تلقي معلومات استخباراتية من الدول الأعضاء، ومن بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي تتلقاها بالفعل، غير أنها تقول إنها لا تأخذ المعلومات على نحو مسلم به وتتحقق بصورة مستقلة منها. وبعد قصف مواقع تخصيب اليورانيوم، يعتقد مسؤولون بأن إسرائيل والولايات المتحدة هما الدولتان الأكثر احتمالاً لاتهام إيران بإخفاء اليورانيوم أو استئناف تخصيبه. ولم يستجِب مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لطلب للتعليق على هذه المسألة. مطاردة الأشباح وأظهر بحث مفتشي الأمم المتحدة من دون جدوى عن مخابئ كبيرة لأسلحة الدمار الشامل في العراق الذي سبق الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، الصعوبة الهائلة في التحقق من ادعاءات القوى الأجنبية حول مخزونات المواد المخفية مع قلة المعلومات التي يمكن الاعتماد عليها. وكما هي الحال في العراق، ربما ينتهي الأمر بالمفتشين إلى مطاردة الأشباح. وقال دبلوماسي غربي ثالث "إذا كشف الإيرانيون (عن مكان) وجود 400 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، فستكون المشكلة قابلة للحل، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك، فلن يتأكد أحد أبداً مما حدث لها". وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تمثل 180 من الدول الأعضاء، أنها لا تستطيع ضمان أن يكون التطوير النووي الإيراني سلمياً تماماً لكنها لا تملك أية مؤشرات موثوقة على وجود برنامج أسلحة منسق. ودعمت الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية أعمال التحقق والمراقبة التي تنفذها الوكالة وحثت طهران على ضمان سلامة مفتشيها في البلاد. وستكون مهمة حصر كل غرام من اليورانيوم المخصب، وهو المعيار الذي تعتمده الوكالة الدولية للطاقة الذرية، طويلة وشاقة. وقالت الوكالة إن منشأة نطنز، المقامة فوق الأرض وهي الأصغر من بين المنشأتين اللتين تخصبان اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، جرى تسويتها بالأرض خلال القصف، مما يشير إلى احتمال التخلص من جزء صغير من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب. وتعرضت منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية فوردو لقصف عنيف مطلع الأسبوع الماضي عندما أسقطت الولايات المتحدة أكبر قنابلها التقليدية عليها، وهي منشأة مقامة في عمق جبل كانت تنتج الجزء الأكبر من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، ولا تزال الأضرار التي لحقت بأقسامها تحت الأرض غير واضحة. كما قصفت منطقة تحت الأرض في أصفهان كان يخزن بها معظم اليورانيوم الإيراني الأعلى تخصيباً، مما تسبب في أضرار بمداخل الأنفاق المؤدية إليها. ولم يتسنَّ للوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء عمليات تفتيش منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، مما يجعل الوضع هناك ضبابياً. وقال غروسي الأربعاء الماضي إن الظروف في المواقع التي تعرضت للقصف ستجعل عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية هناك صعباً، مرجحاً أن يستغرق الأمر بعض الوقت، وأوضح أنه "توجد أنقاض، وربما تكون هناك ذخائر غير منفجرة". ورأى هاينونن كبير مفتشي الوكالة السابق أن من الضروري أن تتحلى الوكالة بالشفافية وأن تعرض على الفور ما يتمكن مفتشوها من التحقق منه بصورة مستقلة، بما في ذلك أية شكوك وما بقي مجهولاً، وأضاف "يمكن للدول الأعضاء بعد ذلك إجراء تقييمات الأخطار الخاصة بها".