logo
حين سلّم جنبلاط السلاح

حين سلّم جنبلاط السلاح

الشرق الأوسطمنذ 18 ساعات
تعبّر التحوّلات السريعة في الإقليم عن معانٍ مكثّفة؛ انبعاث للغرائز الطائفية والعشائرية، وصعود لقوى أصوليّة، ومحاولاتٍ حثيثة لتغييرات ديموغرافية. تحدياتٌ ليست سهلة، وبخاصةٍ لدى الدول المتخوّفة من أن تمسها اللدغات من طوفان التحولات.
ولكل حدثٍ ارتداداته الاجتماعية، ومستوياته السياسية، لكن الأهم من كل ذلك «الذاكرة السياسية»، هذا المفهوم الذي تحدّث عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق في لبنان وليد جنبلاط. حيث قال في آخر ظهورٍ له عن «خطورة توريث الذاكرة السياسية». وهذه المقولة تذكّر بمقولةِ أبيه كمال جنبلاط حين خطب مرةً قائلاً: «لتتحطم جدران الطوائف ليبقى لبنان الحقيقي نبضةً حيّة للأمة العربية كلها».
ثم أعلن وليد جنبلاط عن تسليم سلاحه للدولة، والذي كان محدوداً -كما يقول- لأهداف الدفاع، وبخاصةٍ بعد أحداث 7 مايو (أيار) 2008، حيث الأحداث المشهورة بين «الحزب التقدمي» و«حزب الله».
وهذا يعني بالتأكيد ضرورة تسليم جميع الأحزاب لسلاحها، وانتهاج مفهوم الدولة أسوةً بهذه الخطوة التي تؤكد على تبويبٍ مؤسس للبنانٍ آخر غير الذي عهدناه، وهذا ما أسس له خطاب القسم لرئيس الجمهورية جوزيف عون.
عبر التاريخ فإن التحوّلات الكبرى يصنعها قرار شجاع، ثمة قرارات قد تنكأ الجراح، أو تؤدي إلى تصدّع، ولكنها في آخر المطاف ستصبّ في صالح الجميع.
وما كان لبنان محتاجاً إلى مزيدٍ من النصح، فأهل مكّة أدرى بشعابها. بل إن جلّ السياسيين والمحللين من لبنان يعلمون الخلل، ويرونه، ويجيدون النُّصح. ولكن العبرة في تأسيس ما يمكن لهذا البلد أن ينجو من آثار ما بعد «معركة الإسناد».
إن توريث الذاكرة السياسية الذي تحدث عنه جنبلاط ليس مجرد تصريحٍ عابر للصحافة، وإنما يعني وبيقين أن لبنان في حاجةٍ إلى مخرجٍ من أزماتٍ متكوّمة ومتراكمة منذ نصف قرن. لكل بلدٍ مآسيه، ولكن الكارثة في تكرار المأساة، كأن يكرر كل إنسانٍ حمل صخرة إلى جبل كما في أسطورة سيزيف. أما ديوجين فيقول: «قف بعيداً عن الشمس».
عودة خطاب الدولة إزاء قوّة الأسلحة خارجها يشكّل ضرورة أساسية لتجاوز مرحلة تاريخية في الإقليم. حروب طاحنة شارفت على السنتين سبّبت مآسي إنسانية من دون طائل. سبب كل ذلك تجاوز مفهوم الدولة، والانطلاق من أفكار الميليشيات، والتعابير السيادية الحالية حيويّة، وتخلق مناخات إيجابية تتسق مع أمنيات دول الاعتدال التي تريد لكل الدول المنكوبة أن تنهض من كل الكبوات.
مهمة الميليشيات الاستسلام. والدولة تتولى الشؤون داخلها وخارجها، هكذا تبنى الأمم. لم تعد الدول تتغنى بما أنجزته، فهذا تحصيل حاصل، النقاش الإقليمي بين دول التنمية الصاعدة حول ما يمكن أن ننجزه في المستقبل، وهذه هي الحيويّة المطروحة التي يمكن للكل الالتحاق بركبها. ليس مستحيلاً على أي دولة أن تلحق بمسار التنمية، والاستفادة منه، فهذه البرامج مطروحة، وليست صعبة على كل الدول المجاورة، ولكن العبرة في الإرادة، ومن ثم الإدارة.
الخلاصة؛ إن مفهوم سيادة الدولة هو الأساس، ومهمة الدولة كما يقول ماكس فيبر احتكار السلاح. من المرعب أن يعلن أي حزبٍ عن حربٍ وهو ممثلٌ بالدولة من دون إذنها. نحن في زمن متغيّر، العبارات والشعارات القديمة زالت، لم يتبقّ إلا بعض الأصوات. لا بد من تمتين مفهوم الدولة بمعناه السيادي، وتجاوز أفكارٍ آيديولوجية وشمولية هي أساس خراب الإنسان العربي منذ سبعين عاماً.
وللتاريخ عِبَره، ثمة دول خطابية سادت ثم بادت، ولم يبق إلا الدول المؤسّسة بأصلٍ حقيقي، وبرؤى تنمويّة أصيلة نرى نتائجها يومياً على الأرض، لكن من يستفيد منها ومن يعتبر؟!
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الصفدي: الوضع الكارثي في غزة يستدعي تحركاً دولياً فورياً لفرض إدخال المساعدات
الصفدي: الوضع الكارثي في غزة يستدعي تحركاً دولياً فورياً لفرض إدخال المساعدات

الشرق الأوسط

timeمنذ 35 دقائق

  • الشرق الأوسط

الصفدي: الوضع الكارثي في غزة يستدعي تحركاً دولياً فورياً لفرض إدخال المساعدات

قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الثلاثاء، إن «كارثية» الوضع الإنساني في غزة نتيجة استمرار الحرب الإسرائيلية ومنع إدخال المساعدات «يستدعيان تحركاً دولياً فورياً لفرض إدخال المساعدات من خلال المنظمات الأممية المعنية». ونقلت وزارة الخارجية عن الصفدي قوله خلال استقباله المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني «منع إسرائيل الشعب الفلسطيني حقه في الغذاء والدواء جريمة حرب وخرق فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقيم الإنسانية المشتركة». كما جدد الصفدي التأكيد على أهمية دور «الأونروا» «الذي لا بديل عنه في غزة وفي مناطق عملها وفق تكليفها الأممي، واستمرار جهود المملكة في دعمها». وشدد وزير الخارجية الأردني على ضرورة تكاتف الجهود لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة بشكل فوري، والتوصل لاتفاق دائم وشامل لإطلاق النار.

مبعوث ترمب يلتقي مساعد نتنياهو لمناقشة هدنة في غزة لمدة 60 يوماً
مبعوث ترمب يلتقي مساعد نتنياهو لمناقشة هدنة في غزة لمدة 60 يوماً

الشرق الأوسط

timeمنذ 36 دقائق

  • الشرق الأوسط

مبعوث ترمب يلتقي مساعد نتنياهو لمناقشة هدنة في غزة لمدة 60 يوماً

من المقرر أن يلتقي مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، يوم الثلاثاء، بأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناقشة الأفكار الأميركية حول خطة ما بعد الحرب في غزة، وفقاً لما ذكره مسؤولان أميركي وإسرائيلي لموقع «أكسيوس» الإخباري. ويسعى ترمب إلى استغلال زخم وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران لتحقيق تقدم في غزة، بدءاً بهدنة لمدة 60 يوماً، واتفاق لإعادة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم. تُعد خطة ما بعد الحرب التي يدعمها ترمب، والتي تحدد من سيحكم غزة والضمانات الأمنية، أساسية لأي اتفاق يُنهي الحرب. إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت، فقد تُصبح خطة «اليوم التالي» الأميركية أساساً لمفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل و«حماس» بشأن حل دائم، وفق «أكسيوس». وأكد ترمب أن نتنياهو يريد إنهاء الحرب أيضاً، وتوقع التوصل إلى اتفاق الأسبوع المقبل. ووصل رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، المقرب من نتنياهو، إلى واشنطن يوم الاثنين، ومن المتوقع أن يلتقي يوم الثلاثاء مع المبعوث الأميركي ويتكوف، ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ونائب الرئيس جي دي فانس، وفقاً لما ذكره مصدر مطلع على جدول أعماله لموقع «أكسيوس». ويقول مسؤولون إسرائيليون إن زيارة ديرمر تهدف إلى تمهيد الطريق لاجتماع نتنياهو في البيت الأبيض مع ترمب، المقرر عقده يوم الاثنين المقبل. ومن المتوقع أن يُطلع ويتكوف ديرمر على الجهود المبذولة لتأمين وقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً مع «حماس»، يشمل إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء وإعادة 15 جثة، وفقاً لمصادر مطلعة على المحادثات. وأفادت مصادر بأن ويتكوف تواصل في الأيام الأخيرة مع مسؤولين قطريين ومصريين يتوسطون بين إسرائيل و«حماس»، في محاولة لصياغة مقترح مُحدّث للتوصل إلى اتفاق. وقال مصدر مطلع إن ويتكوف أوضح للوسطاء أن ترمب ينوي الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة.

حرب غزة.. ترمب يتعهد بـ"الحزم" مع نتنياهو ويتوقع اتفاقاً الأسبوع المقبل
حرب غزة.. ترمب يتعهد بـ"الحزم" مع نتنياهو ويتوقع اتفاقاً الأسبوع المقبل

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

حرب غزة.. ترمب يتعهد بـ"الحزم" مع نتنياهو ويتوقع اتفاقاً الأسبوع المقبل

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إنه سيكون "حازماً جداً" خلال لقاءه المرتقب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، من أجل إنهاء الحرب في قطاع غزة، مرجحاً التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس"، الأسبوع المقبل. ويخطط ترمب للقاء نتنياهو، الاثنين المقبل، وقال للصحافيين خلال زيارة إلى ولاية فلوريدا، إن نتنياهو "يريد إنهاء الحرب" في قطاع غزة. وأثناء مغادرته البيت الأبيض متوجهاً إلى فلوريدا، قال ترمب: "نأمل أن يحدث ذلك، ونتطلع لحدوثه الأسبوع المقبل. نريد إخراج المحتجزين". ديرمر في واشنطن ويزور وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، واشنطن لإجراء محادثات تمهيدية قبيل الاجتماع. ورداً على سؤال بشأن اجتماعات ديرمر وأجندتها، قال مسؤول في البيت الأبيض: "رون ديرمر يزور البيت الأبيض بانتظام"، مضيفاً: "هذا سيستمر في ظل سعي الرئيس ترمب، لتحقيق مسار سلام بين إسرائيل وغزة". وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت في مؤتمر صحافي، الاثنين، أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، موجود في واشنطن هذا الأسبوع للقاء مسؤولين في البيت الأبيض. ولم تحدد ليفيت أسماء مساعدي ترمب الذين سيلتقيهم ديرمر خلال زيارته. ولفت مسؤول إسرائيلي، إلى أنه من المقرر أن يبحث ديرمر احتمالات عقد اتفاقات دبلوماسية إقليمية في أعقاب حرب إسرائيل مع إيران التي استمرت 12 يوماً، الشهر الماضي، فضلاً عن إنهاء الحرب على غزة. وقال نتنياهو، في وقت سابق الثلاثاء، إنه يتوقع أن يتوجه إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل للقاء ترمب، فيما ذكر مسؤول إسرائيلي في واشنطن، أنه من المتوقع أن يجري نتنياهو، وترمب مناقشات بشأن إيران، وغزة، وسوريا وغير ذلك من التحديات الإقليمية. جهود متعثرة وأشارت مصادر فلسطينية ومصرية مطلعة على أحدث جهود وقف إطلاق النار، إلى أن قطر، ومصر اللتين تضطلعان بدور الوساطة كثفتا اتصالاتهما مع طرفي الحرب، لكن لم يتحدد موعد حتى الآن لجولة جديدة من المحادثات، بحسب وكالة "رويترز". وأفاد موقع "أكسيوس" الأميركي، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي كبير، الاثنين، بأن إسرائيل مستعدة لإبداء مرونة من أجل التوصل إلى صيغة اتفاق بشأن إطلاق سراح المحتجزين، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويكون "مقبولاً" أيضاً من جانب حركة "حماس". لكن المسؤول ذكر أن تل أبيب "لن توافق على التزام يشير إلى أن وقف إطلاق النار المؤقت سيؤدي إلى إنهاء الحرب"، وهو أمر لطالما طالبت به الحركة، ومثل نقطة خلاف أساسية بين الجانبين، بحسب ما نقله "أكسيوس". وفي المقابل، قال سامي أبو زهري القيادي بحركة "حماس"، في تصريحات أوردتها "رويترز"، إن الضغط الذي يمارسه ترمب على إسرائيل سيكون عاملاً رئيسياً في تحقيق أي انفراجة في جهود وقف إطلاق النار المتعثرة. وأضاف: "ندعو الإدارة الأميركية إلى التكفير عن خطيئتها تجاه غزة بإعلان وقف الحرب عليها، الرهان على إمكانية استسلام حماس هو رهان خاطئ، والبديل هو التوصل لاتفاق، وحماس جاهزة لذلك". وبعد وقف إطلاق نار استمر 6 أسابيع في بداية هذا العام، توقفت المحادثات بشأن تمديده. وأعربت "حماس" عن استعدادها لإطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين فقط إذا كان ذلك جزءاً من اتفاق ينهي الحرب، وتقول إسرائيل إنه يجب إطلاق سراح المحتجزين، ونهاية الحرب مرهونة بنزع سلاح "حماس"، وابتعادها عن إدارة غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store