
لعنة الحروب في السودان
الحرب بدأت بسبب تبني الثنائي الحاكم في ذلك الوقت جعفر النميري وحسن الترابي، فكرة تحويل السودان إلى دولة إسلامية، كان الدافع هروب نظام النميري من الأزمات التي يواجهها.
ازدادت الحرب مع استيلاء عمر البشير في عام 1989 على السلطة، بعد انقلاب آخر، على الحكومة المنتخبة، تلك الحرب كانت حرباً ليست عنيفة فقط، ولا أهلية، ولكن أيضاً لبست لباس الدين.
كان الخطباء في الخرطوم في يوم الجمعة يتحدثون عن ملائكة تحارب مع الجيش. قدرت ضحايا الحرب في ذلك الوقت بين مليون ونصف إلى مليونين من القتلى وأكثر من أربعة ملايين من النازحين داخلياً، ومليون آخر نزحوا إلى الخارج، معظم ضحايا تلك الحرب مدنيون ماتوا من الجوع والأمراض والقصف بالقنابل، والاقتتال القبلي أيضاً، كما عادت عمليات الرق والعبودية في بعض المناطق السودانية وقتها بسبب فراغ السلطة المركزية.
وما إن سقط حكم البشير 2019، حتى دخل السودان في مرحلة انتقالية قصيرة بين حربين، انتهت الأولى بانفصال جنوب السودان، في 2011، ثم اشتعلت حرب أخرى. ومن مفارقات التاريخ، أن آخر زيارة قام بها عمر البشير إلى الخارج، كانت تأييداً لبشار الأسد، لشد أزره! بعدها بأشهر سقط نظام البشير!
وظهرت لفترة قصيرة حكومة مدنية، سرعان ما سقطت تلك الحكومة لتشتعل حرب أهلية أخرى وحتى اليوم ما زالت مستمرة. هذه المرة ليست حرباً عرقية، أو دينية، أو جهوية، إنها حرب الاستحواذ على الثروة والسلطة لا أكثر. وهي حرب المراوحة. حالياً تركت الحرب عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، ونحو 13 مليوناً من المهجرين في الداخل والخارج، عدا الموتى جوعاً ومرضاً، وقصفاً.
الشعب السوداني بقي موحداً تحت الاستعمار رغم تنوعه عرقياً وإثنياً ودينياً، بعد الاستقلال فشلت النخبة السودانية في إقامة الدولة المدنية الحديثة، فاشتعلت حرب الشمال والجنوب، وبعد استقلال الجنوب فشلت النخبة مرة أخرى، حتى في إقامة حكم في مجتمع ذي ثقافة واحدة، فمعظم أهل السودان اليوم هم من السنة. فالصراع هنا ليس عرقياً ولا إثنياً ولا دينياً، الصراع أصبح على المال والسلطة والنفوذ، معظم أهل السودان من السنة الشافعية، مع تأثير صوفي قوي، وظهرت السلفية في النصف الثاني من حكم البشير بتشجيع منه في ذلك الوقت، فلم يعد هناك تهميش ديني أو ثقافي، كما كان بين شمال السودان وجنوبه صراع على السلطة والنفوذ والمصالح الاقتصادية، صراع يبدأ ولكن لا ينتهي.
«الدعم السريع» مؤسسة عسكرية تم إنشاؤها في عام 2013 أساساً من الجنجويد التي ظهرت في عام 2000 في أثناء حرب دارفور، وقد أسسها نظام عمر البشير، كذراع أخرى للسلطة العسكرية، تشابه إلى حد ما الحرس الثوري في إيران، هذه القوة مكونة من أهل السنة، وبعد أن تمكنت، أرادت أن تشارك في السلطة بعد الثورة على البشير، إلا أن الجيش السوداني لم يقبل، وأراد دمجها في الجيش، فنشب الصراع.
الضحية، الشعب السوداني الذي يعاني اليوم من تهجير في الداخل والخارج، ومن جوع ومن قتل أيضاً، وحالات من الإبادة في غرب دارفور وثّقتها الأمم المتحدة، وأكثر من مليون من اللاجئين في الداخل والخارج، ذلك ثمن إنساني باهظ. ولكن الثمن الأكبر سوف يأتي بعد ذلك، لأن السودان لن يبقى كما هو، بل في الغالب سوف يتقسم من جديد، وهكذا أصبح السودان من بلد واحد بعد الاستقلال 1956 إلى بلدين في الثمانينات، إلى أكثر من ذلك في العقود المقبلة! إنه فشل ذريع للنخب السودانية الموبوءة بالانقسام والتشرذم.
آخر الكلام: هل شاهد العالم شعباً يمزق نفسه، ليس بسبب طموحات جغرافية أو عرقية أو مذهبية أو دينية، ولكن للاستحواذ على الثروة والسلطة، في بلد ينزف بشكل يومي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
الأمم المتحدة: 1.3 مليون نازح سوداني عادوا إلى ديارهم
أعلنت الأمم المتحدة الجمعة أن أكثر من 1.3 مليون سوداني عادوا إلى ديارهم، بعدما كانوا قد نزحوا بسبب الحرب، ودعت إلى تقديم الدعم لهم. وأسفرت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل (نيسان) 2023 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، ما تسبب في أزمة وصفتها الأمم المتحدة بأنها "الأكثر تدميراً في العالم". ورغم توقف القتال في المناطق التي بدأ النازحون واللاجئون يعودون إليها، فإن الظروف لا تزال محفوفة بالمخاطر، بحسب بيان صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقال منسّق المفوضية الإقليمي للأزمة في السودان مامادو ديان بالدي للصحافيين في جنيف إن "هناك المزيد والمزيد من النازحين داخلياً.. الذين قرروا العودة إلى ديارهم". وأضاف في تصريحات أدلى بها من نيروبي أن "مليون نازح داخلياً عادوا إلى ديارهم" في الأشهر الأخيرة. من جهته، أوضح المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان البلبيسي من بورتسودان أن "أكبر التدفقات بدأت في بداية العام، لكن التدفقات إلى الخرطوم بدأت تدريجياً منذ مارس (آذار)". وبدأت العودة في أواخر عام 2024، لكن غالبية الأشخاص عادوا منذ يناير (كانون الثاني)، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ولفت ديان بالدي إلى أن "هؤلاء اللاجئين والنازحين داخلياً يعودون إلى ديارهم دون أن يحملوا معهم أي شيء تقريباً". وعاد معظم الأشخاص إلى ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة المتضررة بشدة جراء أكثر من عامين من الحرب، بحسب وكالات الأمم المتحدة. وتعرضت البنية التحتية العامة لدمار كامل ، وكذلك المدارس والمستشفيات، أو تم تحويلها إلى ملاجئ جماعية، في حين أن فقدان أو تدمير وثائق الأحوال المدنية واستحالة استبدالها يحرم كثيرين الاستفادة من الخدمات. ويواجه العائدون أيضاً مخاطر الذخائر غير المنفجرة. وتتوقع الأمم المتحدة عودة حوالي 2.1 مليون شخص إلى الخرطوم بحلول نهاية العام. وصرح البلبيسي قائلاً: "يعتمد هذا على عوامل عديدة، أبرزها الوضع الأمني والقدرة على استئناف الخدمات في الوقت المناسب". وفي ظل النقص الكبير في تمويل العمليات الإنسانية داخل السودان وفي الدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين، دعت الأمم المتحدة إلى زيادة عاجلة في المساعدات المالية.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
الأمم المتحدة: 1.3 مليون سوداني شرّدتهم الحرب عادوا إلى ديارهم
أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أن أكثر من 1.3 مليون سوداني شردتهم الحرب، بينهم مليون نازح داخلياً، عادوا إلى ديارهم، داعية إلى تقديم الدعم لهم. وأسفرت المعارك بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، مما تسبّب في أزمة وصفتها الأمم المتحدة بأنها «الأكثر تدميراً في العالم». وعلى الرغم من توقف القتال في المناطق التي بدأ النازحون واللاجئون يعودون إليها، فإن الظروف لا تزال محفوفة بالمخاطر، حسب بيان صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقال منسّق المفوضية الإقليمي للأزمة في السودان، مامادو ديان بالدي، للصحافيين في جنيف، إن «هناك المزيد والمزيد من النازحين داخلياً (...) الذين قرروا العودة إلى ديارهم». وأضاف، في تصريحات أدلى بها من نيروبي، أن «مليون نازح داخلياً عادوا إلى ديارهم» في الأشهر الأخيرة. وأوضح المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، عثمان البلبيسي، من بورتسودان أن «أكبر التدفقات بدأت في بداية العام، لكن التدفقات إلى الخرطوم بدأت تدريجياً منذ مارس (آذار)». وبدأت العودة أواخر عام 2024، لكن غالبية الأشخاص، البالغ عددهم 320 ألفاً، عادوا منذ يناير (كانون الثاني)، وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. طلاب سودانيون يصلون إلى حرم الجامعة في الخرطوم (أ.ف.ب) ولفت بالدي إلى أن «هؤلاء اللاجئين والنازحين داخلياً يعودون إلى ديارهم دون أن يحملوا معهم أي شيء تقريباً». وعاد معظم الأشخاص إلى ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة المتضررة بشدة جرّاء أكثر من عامَيْن من الحرب، حسب وكالات الأمم المتحدة. وتعرّضت البنية التحتية العامة لدمار كامل، وكذلك المدارس والمستشفيات، أو تم تحويلها إلى ملاجئ جماعية، في حين أن فقدان أو تدمير وثائق الأحوال المدنية واستحالة استبدالها يحرم كثيرين من الاستفادة من الخدمات. ويواجه العائدون أيضاً مخاطر الذخائر غير المنفجرة والعنف الجنسي. وتتوقع الأمم المتحدة عودة نحو 2.1 مليون شخص إلى الخرطوم بحلول نهاية العام. وصرح البلبيسي قائلاً: «يعتمد هذا على عوامل عدة، أبرزها الوضع الأمني والقدرة على استئناف الخدمات في الوقت المناسب». وفي ظل النقص الكبير في تمويل العمليات الإنسانية داخل السودان وفي الدول المجاورة التي تستضيف اللاجئين، دعت الأمم المتحدة إلى زيادة عاجلة في المساعدات المالية. ولا يزال هناك 10 ملايين نازح داخلياً في السودان، منهم 7.7 مليون أُجبروا على الفرار من منازلهم بسبب النزاع الحالي.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
قيادي إسلامي في حزب البشير المنحل: نسعى لحكم السودان بعد الحرب
قال قياديون بالحركة الإسلامية التي أطاحت بها انتفاضة شعبية في السودان عام 2019 إن الحركة قد تدعم بقاء الجيش طويلاً في الحكم في وقت تتطلع فيه إلى عودة للسلطة بعد مشاركتها بمقاتلين في الحرب التي تشهدها البلاد، حسب تقرير لوكالة «رويترز». وفي أول مقابلة مع وسيلة إعلامية منذ سنوات، قال أحمد هارون رئيس حزب المؤتمر الوطني (الحاكم في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير) وأحد السودانيين الأربعة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، إنه يتوقع بقاء الجيش في الحكم بعد الحرب، وإن الانتخابات قد تتيح لحزبه والحركة الإسلامية المرتبطة به العودة إلى السلطة. وأدت الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» إلى موجات من القتل على أساس عرقي وانتشار المجاعة والنزوح الجماعي واستقطبت قوى أجنبية وتسببت فيما تصفها الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم. وعلى الرغم من إمساك «قوات الدعم السريع» بزمام الأمور في معقلها الغربي بدارفور ومناطق من الجنوب وعدم وجود مؤشرات على توقف القتال، فقد حقق الجيش تقدماً كبيراً على جبهات عدة في الأشهر الماضية، وهي مكاسب يقول المشاركون من الإسلاميين إنهم ساهموا في تحقيقها. ذخائر حية ملقاة على الأرض في أحد الشوارع بالخرطوم 27 أبريل 2025 (رويترز) وكان بعض قادة الجيش والموالون للنظام السابق، يقللون من أهمية الحديث عن العلاقات بينهما، خوفاً من التأثر بالسخط الشعبي إزاء الرئيس المخلوع عمر البشير وحلفائه في حزب المؤتمر الوطني. لكن سبعة من أفراد الحركة وستة مصادر عسكرية وحكومية قالوا لـ«رويترز» إن التقدم الذي حققه الجيش في الآونة الأخيرة أتاح للحركة الإسلامية التفكير في العودة للقيام بدور وطني. ويدعم هذا التصور اتهامات بتعيين عدد من الإسلاميين وحلفائهم منذ الشهر الماضي في حكومة كامل إدريس رئيس الوزراء التكنوقراطي الجديد الذي عينه الجيش في مايو (أيار) الماضي. ممثل لقيادة الجيش السوداني قال لـ«رويترز» «قد يرغب بعض قادة الإسلاميين في استغلال الحرب للعودة إلى السلطة، لكننا نقول بشكل قاطع إن الجيش لا يتحالف أو ينسق مع أي حزب سياسي ولا يسمح لأي طرف بالتدخل». وفي حديثه لـ«رويترز» في ساعة متأخرة من الليل من مكان يختفي فيه عن الأنظار مع انقطاع خدمات الكهرباء في شمال السودان، قال هارون إن حزب المؤتمر الوطني يقترح هيكل حكم يمنح الجيش السيطرة على الأمور السيادية «بالنظر لمهددات الأمن السوداني والتدخل الخارجي » على أن تأتي الانتخابات برئيس وزراء لإدارة الحكومة. وأضاف هارون، حليف البشير الذي خرج من السجن في بداية الصراع، في المقابلة التي أجريت معه في أواخر أبريل (نيسان): «اتخذنا قراراً استراتيجياً ألا نعود للسلطة إلا عبر صناديق الانتخابات بعد الحرب... لن نكون في أي حكومة انتقالية غير منتخبة بعد الحرب». وأضاف: «النموذج الغربي لن يكون مناسباً للسودان. ولا بد من الوصول لصيغة عن دور الجيش في السياسة في ظل الهشاشة الأمنية والأطماع الخارجية، فهذه لن تكون الحرب الأولى ولا الأخيرة في البلد». وأشار ضابط كبير في الجيش إلى أن أي فترة انتقالية يديرها الجيش حصراً قبل الانتخابات «لن تكون قصيرة». واقترح هارون إجراء استفتاء شعبي على «من يقدمه الجيش للحكم». أفراد من الجيش بالقرب من مركبة عسكرية مدمرة ومبانٍ تعرضت للقصف في الخرطوم 26 مارس 2025 (رويترز) وهارون مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم التورط في جرائم حرب وإبادة جماعية في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وهي تهم ينفي صحتها ويؤكد أنها محكمة سياسية وليست قانونية. تظهر وثيقة لحزب المؤتمر الوطني حصلت عليها «رويترز» عبر مسؤول إسلامي كبير دوراً رئيسياً للشبكات الإسلامية منذ بداية القتال. وفي الوثيقة، يبلغ عناصر من الإسلاميين قيادتهم بالمهام التي قاموا بها وتحدثوا عن دورهم في المساهمة المباشرة في المجهود العسكري للجيش بما يتراوح بين ألفي وثلاثة آلاف مقاتل خلال العام الأول من الصراع. وتحدثوا أيضاً عن تدريب مئات الآلاف من المدنيين الذين استجابوا لدعوة الجيش للتعبئة العامة، والذين انضم أكثر من 70 ألفاً منهم إلى العمليات. وقالت ثلاثة مصادر عسكرية من الجيش وفصائل متحالفة معه إن هذه الخطوة عززت صفوف القوات البرية المتناقصة. قائد «كتائب البراء بن مالك» الإسلامية المصباح طلحة يقف إلى جانب مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا (فيسبوك) وقدّرت مصادر عسكرية عدد المقاتلين المرتبطين مباشرة بحزب المؤتمر الوطني بنحو خمسة آلاف، يخدمون بالأساس في وحدات «قوات العمل الخاص» التي حققت جانباً من أكبر مكاسب الجيش، لا سيما في الخرطوم. وأفاد مقاتلون إسلاميون ومصادر عسكرية بأن مقاتلين آخرين دربهم إسلاميون يخدمون في لواء نخبة أعيد تشكيله ويتبع جهاز المخابرات العامة. وأوضحت مصادر في الجيش وهارون أن الفصائل الإسلامية ليس لديها أي سلطة على الجيش. وشكك هارون في صحة الوثيقة التي اطلعت عليها «رويترز» وفي الروايات التي تتحدث عن مشاركة آلاف المقاتلين المرتبطين بحزب المؤتمر الوطني في القتال إلى جانب الجيش، ورفض إعطاء أرقام عن عدد المقاتلين الإسلاميين الذين يساندون الجيش. لكنه أقر بأنه «ليس سراً أننا ندعم الجيش استجابة لدعوة القائد الأعلى للتعبئة العامة». وقال البرهان مراراً إنه لن يسمح لحزب المؤتمر الوطني المحظور بالعودة إلى السلطة، في وقت أتاح فيه عودة موظفين مدنيين إسلاميين لمناصب رفيعة في عدد من الإدارات الحكومية. المستشار القانوني لـ«قوات الدعم السريع» محمد المختار النور (الشرق الأوسط) وبينما يقلل الجيش من شأن العلاقات مع الإسلاميين، تعلو أصوات «قوات الدعم السريع» بالحديث عن الأمر. وقال محمد مختار مستشار قيادة «قوات الدعم السريع»: «الإسلاميون هم من أشعلوا هذه الحرب سعياً للعودة إلى السلطة، وهم من يديرونها ويسيطرون علي قرار الجيش». وقال ضابطان مطلعان بالجيش إن البرهان يعمل على تحقيق توازن بين حرصه على عدم التنازل عن أي نفوذ لأي شخصيات أو جهات سياسية، وحاجته إلى الدعم العسكري والإداري والمالي من شبكات الإسلاميين. تقدم الحركة الإسلامية السودانية لعناصرها منذ فترة طويلة تدريبات عسكرية، عبر وسائل منها ما كان يعرف في عهد البشير باسم (قوات الدفاع الشعبي) الاحتياطية. وخلال الحرب، صعد نجم وحدات إسلامية شبه مستقلة أبرزها كتيبة البراء بن مالك. وقال أحد قادتها وهو المهندس أويس غانم (37 عاماً) لـ«رويترز»، إنه أصيب ثلاث مرات في أثناء مشاركته في معارك حاسمة لكسر الحصار عن قواعد للجيش في العاصمة في وقت سابق من العام الحالي. وأضاف أن أفراد الكتيبة يمكنهم الحصول على الأسلحة الخفيفة والمدفعية والطائرات المسيّرة بموجب تعليمات الجيش ويتلقون الأوامر منه. وقال غانم: «نحن لا نقاتل من أجل عودة الإسلاميين إلى السلطة، إنما نقاتل لصد عدوان (قوات الدعم السريع)... وبعد مشاركة الإسلاميين في الحرب، أتوقع عودتهم عبر الانتخابات». فارون من الحرب في دارفور لدى وصولهم لمخيم أدري الحدودي في تشاد 4 أغسطس 2023 (رويترز) ويتهم مراقبون لحقوق الإنسان الكتيبة بارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القضاء في المناطق التي استعادوا السيطرة عليها في الآونة الأخيرة في الخرطوم، وهي اتهامات نفاها غانم. ويقول قادة الجيش إن الكتيبة والمجموعات الأخرى ستُدمج في الجيش بعد الحرب، لتجنب تكرار ما حدث مع «قوات الدعم السريع» التي شكلتها الحكومة السودانية لمحاربة التمرد في دارفور في عهد البشير. وتقول مصادر عسكرية إن شخصيات إسلامية بارزة استغلت خلال الحرب علاقاتها القائمة منذ فترة طويلة مع دول مثل إيران وتركيا لمساعدة الجيش في توفير الأسلحة. وقال هارون: «هذه تهمة لا ننفيها وشرف لا ندعيه». ومن شأن أي تعزيز للتحالف مع تلك الدول أو تزايد نفوذ الإسلاميين داخل السودان أن يقود لتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة ويزيد من العداء مع بعض دول الإقليم التي تسعى إلى دحر تيارات الإسلام السياسي على الصعيد الدولي.