logo
الإبداع وقود للتحول: رحلة الشباب نحو تحقيق الذات

الإبداع وقود للتحول: رحلة الشباب نحو تحقيق الذات

مجلة هيمنذ 3 أيام
في عصر التغيرات المتسارعة والتحديات المعقدة، يبرز الإبداع كقوة أساسية لا غنى عنها لتحقيق النمو الفردي والتقدم المجتمعي، الإبداعلم يعد مجرد موهبة فنية أو سمة شخصية فحسب، بل أصبح كفاءة حيوية للتكيف مع متطلبات العصر وصياغة حلول مبتكرة في جميع القطاعات، ويمثل الشباب، بطاقتهم وحماسهم وانفتاحهم، المحرك الأساسي لهذه القوة، لأن قدرتهم على التفكير الابتكاري وتطبيق الحلول الإبداعية أمر بالغ الأهمية لمواجهة القضايا المعاصرة وبناء مستقبل مزدهر.
يُعرّف الإبداع في سياق التنمية الشخصية بأنه نتاج الاعتماد على الذات في تحصيل المعارف، حيث لا يكتفي الفرد بالمواد المقررة بل يبادر بالبحث والقراءة وطلب المزيد من المعلومات في مجال تخصصه.
تعريف الإبداع والشخصية المبدعة
الشخصية المبدعة
الإبداع هو قدرة الإنسان على الجمع بين الأفكار المختلفة وفق أساليب جديدة ومبتكرة، إنه عملية إدراك الثغرات أو الاختلال في المعلومات، والبحث عن العناصر المفقودة، ووضع الفرضيات، واستخلاص النتائج، كما يُعرف أيضًا بأنه تحويل الأفكار الجديدة والخيالية إلى واقع ملموس.
ويتمتع الأفراد المبدعون بخصائص مميزة تمكنهم من الابتكار في مختلف جوانب حياتهم، فهم لا يكتفون بحل واحد للمشكلات، بل يبحثون عن طرق وحلول متعددة، مما يعكس مرونتهم الفكرية وقدرتهم على التفكير من زوايا متنوعة، لديهم تصميم وإرادة ويضعون أهدافاً واضحة يسعون لتحقيقها، ومن السمات البارزة لديهم أيضاً قدرتهم على تجاهل التعليقات السلبية وعدم الخوف من الفشل، ويتميزون بالمرونة والتطويع، كما أنهم لا يحبون الروتين، ويميلون بطبيعتهم إلى التجديد والابتعاد عن الأساليب التقليدية في العمل والحياة.
الإبداع هو نتاج للاعتماد على النفس بالتعليم الذاتي، والصفات الإبداعية يمكن أن تكتسبها وتصبح عادات متأصلة لديك، وهذا يغير النظرة التقليدية للإبداع كقدرة فطرية حصرية، ويؤكد بدلاً من ذلك على أنه كفاءة يمكن تطويرها وصقلها من خلال الممارسة المستمرة والبيئات الداعمة، هذا الفهم له آثار عميقة على كيفية تصميم برامج تنمية الشباب، حيث يوجه الجهود نحو تمكين جميع الشباب من تنمية قدراتهم الإبداعية بدلاً من الاقتصار على اكتشاف "الموهوبين" منهم.
العلاقة بين الإبداع والصحة النفسية وتحقيق الذات
الصحة النفسية وتحقيق الذات
تُعتبر ممارسة الإبداع وسيلة فعالة للتعبير عن المشاعر المكبوتة، مما يقلل التوتر والقلق ويحسن المزاج، سواء كان ذلك من خلال الرسم، الكتابة، أو الموسيقى، فإن هذه الأنشطة توفر منفذاً صحياً للعواطف، كما أن الأنشطة الإبداعية تُدخل الفرد في حالة تدفق وهي حالة ذهنية تُشعر بالرضا العميق وتُعزز التركيز، مما يقلل من أعراض الاكتئاب،والإنجازات الإبداعية تُعزز الشعور بالإنجاز وتقوي الذات، مما يحسن الصورة الذاتية ويقلل من الشعور بالعجز.
أيضًا هناك علاقة بين الصحة النفسية والإبداع، وهناك تفاعلاً إيجابياً متبادلاً بينهما، فالإبداع يعزز الصحة النفسية، والصحة النفسية الجيدة تحفز الإبداع، وهذا يشير إلى أن رعاية الإبداع لدى الشباب يجب أن تتضمن أيضاً توفير الدعم النفسي الكافي،فلا يكفي التركيز على تنمية المهارات الإبداعية فحسب، بل يجب بناء المرونة العاطفية وإدارة الضغوط لضمان أن الإبداع يظل مصدراً للعافية وليس للتوتر.
القوة التحويلية للإبداع في حياة الشباب
الإبداع لدى الشباب
يساهم التفكير الإبداعي بشكل كبير في تطوير القدرات المعرفية الأساسية، فهو يعزز التفكير النقدي من خلال تشجيع الأفراد على إعادة تقييم المعلومات، واستكشاف بدائل جديدة، كما يعزز القدرة على ربط المعلومات بطريقة جديدة، مما يسهل الابتكار، ويمنح التفكير الإبداعي الأفراد قدرة متزايدة على حل المشكلات بأساليب لم تكن ممكنة سابقاً، حيث يساعد التفكير التحليلي المدعوم بالإبداع في الكشف عن رؤى جديدة لتجاوز العقبات.
هذا ويمكّن التفكير الإبداعي الشباب من الارتقاء بمجتمعاتهم، ويمكن للشباب تسخير إبداعهم للتأثير إيجاباً على المجتمع من خلال ممارسات متنوعة،ويمكنهم التطوع بمهاراتهم، مثل التصميم الجرافيكي، التصوير، الكتابة، أو التفكير الاستراتيجي، مع المؤسسات والجمعيات الاجتماعية.
العوامل المعززة للإبداع لدى الشباب
حياة الشباب
الأسرة هي الحاضنة الأولى لتكوين شخصية الطفل، ويلعب الآباء دوراً رئيسياً في دعم أو الحد من بوادر الإبداع لديه، توفير جو هادئ داخل الأسرة، والرعاية الصحية، وتوجيه الأبناء لاستغلال أوقات فراغهم، وتقدير العلم، واتباع أسلوب التفاهم والمناقشة الحرة، وتقبل أفكار الأطفال غير العادية، كلها عوامل حيوية لتهيئة فرصة التفكير المستقل والنمو السليم.
وتؤثر البيئة التي يعيش فيها الفرد بشكل كبير على قدرته على الإبداع، فالفرد قد يمتلك جميع القدرات والمهارات الداخلية، ولكن بدون وجود بيئة تشجع الأفكار الجديدة وتكافئ الإبداع، قد تظل هذه القدرات كامنة وغير مستغلة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فَلَوْ كَانَ رُمْحاً وَاحِداً لَاتَّـقَيْتُهُ
فَلَوْ كَانَ رُمْحاً وَاحِداً لَاتَّـقَيْتُهُ

الشرق الأوسط

timeمنذ 6 ساعات

  • الشرق الأوسط

فَلَوْ كَانَ رُمْحاً وَاحِداً لَاتَّـقَيْتُهُ

والقَاضِي أبُو بكرٍ بن العَرَبي (468 - 543 هـ = 1076 - 1148 م)، هو محمدٌ بنُ عبدِ الله بن محمدٍ المعافري، ولد بإشبيلية، ورحلَ إلى المَشرقِ، فأخَذَ عنْ أئمَّتِهَا وعُلمائِهَا، وبلغَ الاجتِهادَ. وُلِّيَ قضاءَ مِصرَ ثمَّ إشبِيليةَ، وَمَاتَ ودُفِنَ بفاس. وَصَفَهُ ابنُ بشكوَال بأنَّه «الحافظُ المُستَبحِر، ختامُ عُلماءِ الأندلسِ وآخِرُ أئمَّتِها وحُفَّاظِها»، وَقَالَ عنه المقرِي في (نَفْحُ الطّيب): «عَلَمُ الأعلام، الطَّاهرُ الأثْواب، البَاهِرُ الأبْوَاب، الذي أنسَى ذكاءَ إياس، وتركَ التقليدَ للقِيَاس؛ وأنتجَ الفَرعَ من الأصْلِ، وَغَدَا في الإسْلَامِ أمْضَى منَ النَّصْل»، وقالَ عنه الحِجَارِيّ: «لَو لمْ يُنسب إلَى إشبيليةَ إِلَّا هذَا الإمَامُ الجَليلُ لَكَانَ لهَا بهِ من الفَخرِ مَا يرجِعُ عنه الطَّرفُ وهوَ كَلِيل»، وَفي (سِمْط الجُمَان)، أنَّهُ « بحرُ العُلوم، وإمامُ كلّ مَحفوظٍ ومعلوم». صَنَّفَ ابنُ العَربي فِي مختلفِ الفُنونِ، وكانَ مُتَعَدِّدَ المَوَاهِبِ، مُتَنَوِّعَ الإبْدَاعِ، فَبلغَ شأواً فِي المَنزلَةِ العِلميَّةِ الرَّفِيعَة، وشَهِدَ لهُ أهلُ المَشرِقِ وَالمَغرِب، فِي آنٍ، بِعُلُوِّ كَعْبِهِ، وَتَنَوُّعِ مَناحِي مَبَالغِ عِلمِهِ، حيثُ ضَربَ فِي كُلّ فنٍّ بِسهمٍ وَافٍ. وَالحقّ أن تَضَلُّعَهُ يجعلُنَا نَقُولُ إنَّهُ لم يَضرِبْ في كُلِّ فَنٍ بسهمٍ، بل ضربَ في كلِّ فنٍّ بِرُمْحٍ، والأمرُ كَمَا قَالَ القَاضِي، نفسُه، في نَظْمِه بيتَ شِعرٍ مُشتَهِرٍ، قَلَّ مَن يعرف أنَّهُ لأبِي بكرٍ بنِ العَرَبيّ: فَلَوْ كَانَ رُمْحاً وَاحِداً لَاتَّـقَيْتُهُ وَلَـكِنَّـهُ رُمْحٌ وَثَـانٍ وَثَـالِـثُ «وهوَ الفقيهُ البصيرُ الذي جانَبَ التَّقليدَ والتَّزمُّتَ والعُكوفَ علَى ترديدِ كَلماتٍ بأعيانِهَا، المحدِّثُ المستنيرُ الذي يُعْمِلُ عقلَهُ وفكرَه فيما يقرأ أو يسمعُ، ويغوصُ على المعانِي الدِّقَاق المُسْتَكِنَّةِ في أطواءِ النَّصِّ الحديثيّ، المُفَسِّرُ المُقتَدِر الذي أعدّ العُدّة لعملِه في التَّفسير، من تضلُّع من لغةِ العربِ وأشعارِها وروائعِ نثرِها، الذي يمتازُ بإيجازِ اللفظِ وثراءِ المعنَى، الأديبُ الذي يغوص على المعنَى، ويفتنّ في التعبيرِ عنه واستخراجِ العبرةِ من مَطاويه، المُؤرخُ الذي يقارنُ بين الروايات، وَيَمِيزُ حقَّهَا من باطلِها، ولا يكتفي بإيرادِها ككثيرين، المُثقفُ الواسعُ الثقافةِ الذي لا يَقْصُرُ نَفْسَهُ على فنٍّ أو فنونٍ معدودة، وإنَّمَا يطوف بأرجائِها، ويقطفُ من ثمارِها، ما طابَ له التَّطْواف والقِطاف، المُتكلمُ الذي درسَ عيونَ كتبِ الكَلام، ونظرَ فيهَا نظراتٍ فاحصةً مستقلةً لا يعنيهَا إلا كشفُ الحقّ، ودحضُ الباطلِ الذي رانَ علَى كثيرٍ من أبحاثِ السَّابقين، واختيار الرَّأي النَّاضج الذي لا يتعارضُ مع حقائقِ الإِسلام»، كمَا كتبَ أستاذُ العلومِ الإسلامية بجامعةِ الجزائر، مُحمد السّليماني، الذِي حقَّق أكثرَ من كتابٍ للقاضي ابنِ العربي، رحمَهُ اللهُ، وباتَ من المختصّينَ في شَخصيةِ القاضِي وَعُلومِهِ وَمُصنَّفاتِه وفُنونِهِ. في «أزهار الرّياضِ فِي أخبارِ القَاضِي عياض»، يقولُ المقرِي: ومن صلابةِ الإمامِ أبي بكرٍ بنِ العَرَبيّ، أنَّه حَكَم في زَامِرٍ بثَقْبِ أشدَاقِهِ. وَمنْ بديعِ نظمِهِ: أَتَــتْــنِــي تُــؤنِّــبُــنــي بـالـبُـكَـا فــأهــلاً بــِهَــا وبـتَـأنـيـبـهَــا تَـقـولُ وفـِي نـفـسِـهَا حـَسْــرَةٌ أتَـبـكِي بِــعـيـنٍ تـَرانِـي بـهَـا فَقلتُ إذَا استَحْسَنَتْ غـيرَكمْ أَمَـرتُ جـفـونـِي بتعـذيبِـهَا وَقالَ: دخلَ عليَّ ابنُ صارةَ، وبينَ يَدَيّ نارٌ قد علاهَا رَمادٌ، فقلتُ: لتقلْ فِي هذَا، فقالَ: شَابَتْ نَوَاصِي النَّارِ بعدَ سَوَادِها وَتَسَتَّرَتْ عَنَّا بِثَوْبِ رَمَادِ ثُمَّ قَالَ لِي ابنُ صارةَ: أَجِزْ. فقُلتُ: شَابَتْ كَمَا شِـبْـنَـا وَزَالَ شَبَابُنَا فَـكَأَنَّـمَـا كُـنَّـا عَـلَـى مِـيْـعَـادِ حكَى غيرُ واحدٍ أنَّ ابنَ العربيّ، بينما هو جالسٌ في مَحلِّ دَرْسِهِ، إذْ دخلَ شَابٌّ من المُلَثَّمِين وبيدِهِ رُمْحٌ، فَهَزَّهُ، فَقالَ القاضِي أبُو بَكرٍ: يَهُزُّ عَلَيَّ الرُمْحَ ظَبْيٌ مُهَفَهَفُ لَـعُوْبٌ بِأَلْبَابِ البَرِيَّةِ عَابِثُ فَلَوْ كَانَ رُمْحًا وَاحِدًا لَاتَّـقَيْتُهُ وَلَـكِنَّـهُ رُمْحٌ وَثَـانٍ وَثَـالِـثُ قَالَ أبُو عبدِ اللهِ، غفرَ اللهُ لهُ: وَمَنْ حَكَمَ في الزَّامِرِ بذاكَ الحُكمِ، يتعَذَّرُ عَلَيَّ فَهْمُ أَنْ يكونَ قَالَ شِعْرَهُ السَّابِق نَسِيْباً، فِي شَابٍّ مُلَثَّمٍ، والله أعلم!

المملكة توزّع (759) سلة غذائية في مدينة بيروت بجمهورية لبنان
المملكة توزّع (759) سلة غذائية في مدينة بيروت بجمهورية لبنان

الرياض

timeمنذ 9 ساعات

  • الرياض

المملكة توزّع (759) سلة غذائية في مدينة بيروت بجمهورية لبنان

وزّع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أمس (759) سلة غذائية للاجئين السوريين في مدينة بيروت بجمهورية لبنان، استفاد منها (3,795) فردًا، ضمن مشروع توزيع مساعدات غذائية لدعم الأسر الأكثر حاجة في لبنان. ويأتي ذلك في إطار الجهود الإنسانية والإغاثية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة؛ لمساعدة اللاجئين في مختلف مواقع وجودهم.

احتفاء مصري برفع «أبو مينا» من قائمة التراث المُعرّض للخطر
احتفاء مصري برفع «أبو مينا» من قائمة التراث المُعرّض للخطر

الشرق الأوسط

timeمنذ 11 ساعات

  • الشرق الأوسط

احتفاء مصري برفع «أبو مينا» من قائمة التراث المُعرّض للخطر

احتفى آثاريون مصريون بقرار رفع موقع دير «أبو مينا» الأثري في مدينة برج العرب بالإسكندرية من قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر بـ«اليونيسكو»، وذلك بعد التأكد من اكتمال حالة الصون المطلوبة للموقع. ووصفت وزارة السياحة والآثار المصرية قرار «اليونيسكو» الجديد بأنه «إنجاز جديد» في مجال حماية وصون التراث الثقافي. وخلال اجتماعات الدورة الـ47 للجنة التراث العالمي والمنعقدة حالياً بمقر منظمة «اليونيسكو» في العاصمة الفرنسية باريس، تم استعراض التقرير الصادر عن بعثة الرصد التفاعلي المشتركة بين مركز التراث العالمي والمجلس الدولي للمعالم والمواقع (ICOMOS) لعام 2025، الذي أشار إلى ما تحقق من تقدم ملحوظ في أعمال الحفاظ والصون بموقع «أبو مينا» الأثري، من أبرزها إنشاء نظام رصد ومراقبة فعّال لاستقرار منسوب المياه الجوفية، الذي أثبت نجاحه من خلال القياسات الدورية المستمرة. أطلال المدينة القديمة (الشرق الأوسط) وكانت منطقة «أبو مينا» تعاني من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، فقد أدى التوسع في أنشطة استصلاح الأراضي والاعتماد على أساليب الري بالغمر في محيط الموقع، إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية بشكل كبير، مما أثّر سلباً على البنية الأثرية، ونتج عنه إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر في عام 2001، قبل أن تبدأ مصر العمل على مشروع إنقاذ منطقة «أبو مينا» الأثرية منذ نحو 15 عاماً، وتم الانتهاء منه فعلياً منذ أكثر من عام. ووفق محمد متولي، مدير آثار منطقة الإسكندرية، فإن تجمعات المياه اختفت من المنطقة تماماً، وذلك بعد إنشاء نحو مائة بئر لتجميع المياه الجوفية بعمق 7 أمتار، وطردها عبر مضخات إلى مجارٍ مائية منخفضة بجوار المنطقة الأثرية. الوفد المصري خلال اجتماعات «اليونيسكو» (الشرق الأوسط) وأشاد تقرير بعثة الرصد التفاعلي المشتركة، وفق بيان وزعته وزارة السياحة والآثار المصرية مساء الأربعاء بـ«الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية في تنفيذ التوصيات المطلوبة كافة من قبل في هذا الإطار، مؤكداً على أن حالة الصون المطلوبة لإزالة الموقع من قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر (DSOCR) قد تحققت بالكامل». واعتمدت لجنة التراث العالمي قرار رفع موقع «أبو مينا» من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر، مهنئة الدولة المصرية على هذا الإنجاز المهم الذي يعكس التزامها بحماية وصون تراثها الثقافي، وفقاً للمعايير الدولية. اكتمال حالة صون منطقة «أبو مينا» (الشرق الأوسط) وثمّن شريف فتحي وزير السياحة والآثار الجهود التي تمت بالموقع خلال السنوات الماضية لخفض منسوب المياه الجوفية، وترميم العناصر المعمارية الأثرية، وتطوير بعض الخدمات السياحية بالموقع التي أسهمت في رفع هذا الموقع الاستثنائي من قائمة التراث المعرض للخطر، وضمان استدامة مكوناته الأثرية للأجيال المقبلة، بما يتفق مع المعايير الدولية في مجال الحفظ والترميم. ووفق محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن جهود حماية الموقع شملت تدعيم العناصر الأثرية بالموقع، وإنشاء نظام مراقبة متخصص لضبط واستقرار منسوب المياه الجوفية، وهو النظام الذي أثبت فاعليته من خلال القياسات الدورية المنتظمة، التي أكدتها بعثة الرصد التفاعلي المشتركة هذا العام بين مركز التراث العالمي ومنظمة «ICOMOS». جانب من زيارة سابقة لمسؤولين مصريين وأجانب للمنطقة الأثرية (الشرق الأوسط) وأكد إسماعيل أن الدولة المصرية تولي أهمية بالغة لاستدامة هذا النجاح، من خلال مراجعة وتحديث خطة الحفاظ بالتنسيق مع الهيئات الاستشارية، وضمان توفير الموارد اللازمة والدائمة لصون القيمة العالمية الاستثنائية للموقع، بما يشمل تشغيل وصيانة منشآت إدارة المياه الجوفية، مع الالتزام الكامل بإبلاغ مركز التراث العالمي بالمستجدات كافة المتعلقة بالموقع. وتعد منطقة دير «أبو مينا» أحد أبرز المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية والثقافية الاستثنائية، إذ كانت تُعد المحطة الثانية للحج المسيحي بعد مدينة القدس، وقد تم إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي بمنظمة «اليونيسكو» منذ عام 1979، تقديراً لأهميته الدينية والمعمارية. بحسب الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية. يشار إلى أنه تم البدء الفعلي لمشروع خفض منسوب المياه الجوفية عام 2019 بعد الانتهاء من جميع الدراسات اللازمة لتحديد الأسلوب الأمثل للتصميم والتشغيل لمنظومة خفض منسوب المياه الجوفية، وتم تشغيله تجريبياً في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وافتتحه الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق عام 2022، كما تم تنفيذ أعمال ترميم شاملة للعناصر المعمارية المتبقية بالدير، في خطوة مهمة أسهمت بشكل مباشر في استيفاء متطلبات رفع الموقع من قائمة التراث العالمي المعرض للخطر. كما احتفي آثاريون من بينهم عبد الرحيم ريحان، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية بقرار «اليونيسكو» وهنأ المسؤولين المصريين بهذا الإنجاز. وطالب عبر حسابه على «فيسبوك» بتكريم كل من أسهم في هذا الإنجاز منذ 2001 وحتى الآن. وبُنيت مدينة «أبو مينا» المسيحيّة القديمة على قبر الشهيد السكندري مارمينا المتوفّى عام 296 الميلادي، وحافظت على ما فيها من كنيسة وبيت عماد وبازيليك ومؤسسات عامة وشوارع وأديرة ومنازل ومشاغل، وتعرف المنطقة الأثرية بـ«مدينة الرخام» من فرط الرخام المستخدم في إنشائها. ورغم أن بقايا المدينة لا تعبر بشكل كامل عن هويتها وأهميتها التاريخية، فإن ثمة شواهد أثرية لا تزال محفوظة بشكل جيد رغم تعرضها سابقاً لخطر الانهيار على غرار قبر مارمينا والمعمودية. وأضاف فتحي خلال جولته التفقدية للموقع في شهر مايو (أيار) الماضي، أنه سوف يجري العمل على وضع خطة للترويج السياحي لاجتذاب الزوار. قبر مارمينا داخل المنطقة الأثرية (الشرق الأوسط) ولا تعد منطقة «أبو مينا» مؤهلة راهناً للزيارات السياحية واستقبال الوفود، فرغم وضع علامات إرشادية جديدة على الطرق المؤدية إلى الدير من مدينة الإسكندرية، فإنها تحتاج إلى بنية تحتية قوية لاستيعاب أفواج السياحة الدينية القبطية على غرار الفنادق، وتمهيد الطرق وتوسعتها، وإنشاء مبانٍ خدمية، ويعد دير مارمينا العجائبي الذي يجاور المنطقة الأثرية التاريخية أحد مقدمي الدعم اللوجيستي للموقع. وتبلغ مساحة المنطقة الأثرية نحو ألف فدان، تغطي النباتات مساحة واسعة منها، ما دفع مسؤولي الترميم للاستعانة بوزارة الزراعة لمعالجتها، لحفظ بقايا المدينة الأثرية. وتتكون المنطقة من بقايا الأسوار الخارجية والبوابتين الشمالية والغربية، وبعض الشوارع المحاطة بصفوف من الأعمدة التي كانت تحمل أسقفاً، وتوجد بها منازل وحمامات واستراحات خاصة بالزوّار الآتيين إلى المنطقة. وأظهرت الحفائر مباني يتكون منها المجمع المعماري الضخم لـ«أبو مينا»، هي: البازيليكا الكبرى، وكنيسة المدفن، والمعمودية، ودور الضيافة، والحمام المزدوج (بازيليكا الحمامات)، والحمام الشمالي، والبازيليكا الشمالية، والكنيسة الشرقية، والكنيسة الغربية. ويمثل موقع «أبو مينا» الذي تم تسجيله في سجلات الآثار المصرية عام 1956 شكلاً فريداً من نوعه في الفترة التي كانت فيها الإسكندرية عاصمة لمصر، ومركزاً للعلم والفنون، وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store