
موقف الشعب المصري من الصراع بين إيران وإسرائيل
الشعب المصري يكره إسرائيل جينيا، ويشجع كل من ينال منها، وفي ذات الوقت أيّد الكثير من المصريين إيران في حربها الأخيرة مع إسرائيل، وهذه ظاهرة تحتاج إلى تفسير.
ويلاحظ القارئ أننا نخص بالذكر الشعب المصري الذي أثبت أنَّ له اتجاهات ويعبِّر عنها بحرية وليس بالضرورة أن ترضى الحكومة عن هذه الاتجاهات، إذ تبادل الشعب التهاني بتدمير تل أبيب، ربما لسببين، السبب الأول: إن هذه الحالة عادت به إلى سنوات الصراع مع إسرائيل، وهو يحب ذلك، وكان آخر احتكاك عسكري بين مصر وإسرائيل هو حرب التحرير في السادس من أكتوبر عام 1973.
ولم يقتنع الشعب المصري بقصة السلام مع إسرائيل، وهو يدرك أن إسرائيل لا تحترم المعاهدات الدولية، ولا تحترم القانون الدولي، وإنما تحترم القوة، وكان يود الشعب أن يدخل الجيش المصري تل أبيب ويدمرها تدميرا كاملا، ولكنّ هناك قيودا للحروب النظامية بين إسرائيل والدول العربية، ولمَّا قامت إيران بتدمير تل أبيب فرح المصريون تعويضًا عن دخول جيشهم للقيام بهذه المهمة.
السبب الثاني: إن الشعب المصري يكره إسرائيل جينيًا ربما متأثر بصورة اليهود في القرآن الكريم، وقليل من المصريين يدركون الفرق بين اليهودية والصهيونية، علمًا بأن ثقافة المصريين في العصر الناصري كانت تركز على هذا التمييز، فاليهودية شريعة، أما الصهيونية فهي برنامج سياسي يهدف إلى تدمير العروبة وأولها مصر.
وقد لوحظ أن فرح الشعب المصري بتدمير إيران لتل أبيب يفهم منه أن هذا الشعب استشعر الخطر من إسرائيل وعادت به الأيام إلى يوسف وموسى وهما من أنبياء الله، ولكن بني إسرائيل أساؤوا كثيرا إلى المصريين وتآمروا ضدهم مع الهكسوس، ولذلك يميز المصريون بين موسى النبي وبين بني إسرائيل، وبعض المصريين يؤيدون عن غير بصيرة موقف فرعون مصر وصدقوا دعاية فرعون ضد موسى وقد فندت هذه النقطة في كتاباتي حول هذا الموضوع.
من ناحية أخرى، فإن موقف الشعب المصري من إيران موزع ومشتت للأسباب الآتية:
أولًا: جهل معظم الشعب بقصة الشيعة والسنة، وثانيًا: تأثر معظم الشعب المصري بالدعايات المضادة للشيعة، لدرجة أن عامته يساوون بين الشيعي والشيوعي، وذلك تأثرًا بالدعوة السلفية والجماعات الإسلامية عموما التي كان بعضها يكفر الشيعة، ولم تفطن هذه الجماعات إلى المؤامرة الكبرى على المسلمين وهي فتنة الشيعة والسنة.
ثالثًا: إن معظم المصريين يربطون بين الشيعة والحسين وآل البيت عمومًا، وكرَّس هذا الاعتقاد الحكم الفاطمي الذي استمر ثلاثة قرون بمصر، وأنشأ الفاطميون الأزهر الشريف سنة 969م والمصريون عموما يجلون الأزهر الشريف.
رابعًا: إن بعض المصريين الذين خدموا في الخليج يخلطون بين بعض الأفكار السلبية وبين الشيعة، وبالنسبة للمصريين بالذات فإنهم تابعوا قيام الثورة الإسلامية في إيران في فبراير 1979، وتمنوا أن تنتصر هذه الثورة بتوجهاتها السياسية المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة، أملا أن تكون إضافة للعالم الإسلامي، وفي ذات الوقت هناك بعض المصريين لا يؤيدون توجه السادات المعادب لهذه الثورة، فقبل الثورة كان شاه إيران صديقًا لإسرائيل، وكان جمال عبدالناصر عدوا للشاه، وهناك بعض الوثائق التي تظهر أن جمال عبدالناصر بدعمه لمعارضي الشاه وخاصة في العراق زمن إقامة الخوميني في العراق عام 1964 كان يناصر الثورة الإسلامية، ولذلك فإن حسن نصر لله كان ناصريا حتى النخاع، وقد بحثت في هذا الموضوع وقدمت حلقة كاملة منذ عدة سنوات في قناة الميادين حول دور عبدالناصر في مساندة الثورة ضد الشاه.
خامسًا: إن الربط في الذهن المصري بين المقاومة ضد إسرائيل دفع معظم الشعب المصري إلى تأييد حزب الله ثم حماس التي قامت بعد حزب الله بخمس سنوات، وأعجب المصريون بجسارة ووطنية حزب الله الذي حرر بيروت والجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، رغم بعض التعقيدات في الموقف العربي، ولذلك وقبل أن تقدم إسرائيل على مهاجمة إيران كانت قد رتبت الساحة اللبنانية، بحيث تتفادى ضربات حزب الله، وفهم المصريون أن الهدف من الهجوم الإسرائيلي على إيران هو قمع الدولة التي تساند المقاومة، كما أن المصريين يعلقون الأمل على انتصار إيران على إسرائيل خاصة أن سلوك إسرائيل في غزة -مع عجز المصريين عن إنقاذ غزة- أدى إلى توحش إسرائيل، واستشعر المصريون خطر هذا التوحش على بلادهم.
سادسًا: إن قيام حزب الله أزعج حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل من العرب، وأصبحت طهران القبلة السياسية والطائفية لكل شيعة المنطقة، ولذلك فإنشاء حزب الله وقيامه بتحرير بيروت من الاحتلال الإسرائيلي أظهر الطائفة الشيعية بين الطوائف الأخرى في لبنان، ولاحظ اتفاق الطائف عام 1989 أن الطائفية هي السبب المباشر لتراجع الدولة اللبنانية.
من ناحية أخرى، يجب على البعثات الإيرانية في الدول العربية أن تبدد الأوهام والخرافات حول الفكر الشيعي، وواجب المثقفين العرب أن يسهموا في حملة هدفها بيان أن الفرق بين الشيعة والسنة في الفكر. والأفكار السلبية عن الشيعة يجب التصدي لها وخير من تصدى لها هو الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عندما أصدر بيانا أدان فيه العدوان الإسرائيلي على إيران، وحثَّ على وحدة الإسلام والمسلمين، ويبقى بعد ذلك بيان دور الأزهر في هذا المجال عبر تاريخه الطويل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 17 ساعات
- جريدة الرؤية
موقف الشعب المصري من الصراع بين إيران وإسرائيل
د. عبدالله الأشعل الشعب المصري يكره إسرائيل جينيا، ويشجع كل من ينال منها، وفي ذات الوقت أيّد الكثير من المصريين إيران في حربها الأخيرة مع إسرائيل، وهذه ظاهرة تحتاج إلى تفسير. ويلاحظ القارئ أننا نخص بالذكر الشعب المصري الذي أثبت أنَّ له اتجاهات ويعبِّر عنها بحرية وليس بالضرورة أن ترضى الحكومة عن هذه الاتجاهات، إذ تبادل الشعب التهاني بتدمير تل أبيب، ربما لسببين، السبب الأول: إن هذه الحالة عادت به إلى سنوات الصراع مع إسرائيل، وهو يحب ذلك، وكان آخر احتكاك عسكري بين مصر وإسرائيل هو حرب التحرير في السادس من أكتوبر عام 1973. ولم يقتنع الشعب المصري بقصة السلام مع إسرائيل، وهو يدرك أن إسرائيل لا تحترم المعاهدات الدولية، ولا تحترم القانون الدولي، وإنما تحترم القوة، وكان يود الشعب أن يدخل الجيش المصري تل أبيب ويدمرها تدميرا كاملا، ولكنّ هناك قيودا للحروب النظامية بين إسرائيل والدول العربية، ولمَّا قامت إيران بتدمير تل أبيب فرح المصريون تعويضًا عن دخول جيشهم للقيام بهذه المهمة. السبب الثاني: إن الشعب المصري يكره إسرائيل جينيًا ربما متأثر بصورة اليهود في القرآن الكريم، وقليل من المصريين يدركون الفرق بين اليهودية والصهيونية، علمًا بأن ثقافة المصريين في العصر الناصري كانت تركز على هذا التمييز، فاليهودية شريعة، أما الصهيونية فهي برنامج سياسي يهدف إلى تدمير العروبة وأولها مصر. وقد لوحظ أن فرح الشعب المصري بتدمير إيران لتل أبيب يفهم منه أن هذا الشعب استشعر الخطر من إسرائيل وعادت به الأيام إلى يوسف وموسى وهما من أنبياء الله، ولكن بني إسرائيل أساؤوا كثيرا إلى المصريين وتآمروا ضدهم مع الهكسوس، ولذلك يميز المصريون بين موسى النبي وبين بني إسرائيل، وبعض المصريين يؤيدون عن غير بصيرة موقف فرعون مصر وصدقوا دعاية فرعون ضد موسى وقد فندت هذه النقطة في كتاباتي حول هذا الموضوع. من ناحية أخرى، فإن موقف الشعب المصري من إيران موزع ومشتت للأسباب الآتية: أولًا: جهل معظم الشعب بقصة الشيعة والسنة، وثانيًا: تأثر معظم الشعب المصري بالدعايات المضادة للشيعة، لدرجة أن عامته يساوون بين الشيعي والشيوعي، وذلك تأثرًا بالدعوة السلفية والجماعات الإسلامية عموما التي كان بعضها يكفر الشيعة، ولم تفطن هذه الجماعات إلى المؤامرة الكبرى على المسلمين وهي فتنة الشيعة والسنة. ثالثًا: إن معظم المصريين يربطون بين الشيعة والحسين وآل البيت عمومًا، وكرَّس هذا الاعتقاد الحكم الفاطمي الذي استمر ثلاثة قرون بمصر، وأنشأ الفاطميون الأزهر الشريف سنة 969م والمصريون عموما يجلون الأزهر الشريف. رابعًا: إن بعض المصريين الذين خدموا في الخليج يخلطون بين بعض الأفكار السلبية وبين الشيعة، وبالنسبة للمصريين بالذات فإنهم تابعوا قيام الثورة الإسلامية في إيران في فبراير 1979، وتمنوا أن تنتصر هذه الثورة بتوجهاتها السياسية المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة، أملا أن تكون إضافة للعالم الإسلامي، وفي ذات الوقت هناك بعض المصريين لا يؤيدون توجه السادات المعادب لهذه الثورة، فقبل الثورة كان شاه إيران صديقًا لإسرائيل، وكان جمال عبدالناصر عدوا للشاه، وهناك بعض الوثائق التي تظهر أن جمال عبدالناصر بدعمه لمعارضي الشاه وخاصة في العراق زمن إقامة الخوميني في العراق عام 1964 كان يناصر الثورة الإسلامية، ولذلك فإن حسن نصر لله كان ناصريا حتى النخاع، وقد بحثت في هذا الموضوع وقدمت حلقة كاملة منذ عدة سنوات في قناة الميادين حول دور عبدالناصر في مساندة الثورة ضد الشاه. خامسًا: إن الربط في الذهن المصري بين المقاومة ضد إسرائيل دفع معظم الشعب المصري إلى تأييد حزب الله ثم حماس التي قامت بعد حزب الله بخمس سنوات، وأعجب المصريون بجسارة ووطنية حزب الله الذي حرر بيروت والجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، رغم بعض التعقيدات في الموقف العربي، ولذلك وقبل أن تقدم إسرائيل على مهاجمة إيران كانت قد رتبت الساحة اللبنانية، بحيث تتفادى ضربات حزب الله، وفهم المصريون أن الهدف من الهجوم الإسرائيلي على إيران هو قمع الدولة التي تساند المقاومة، كما أن المصريين يعلقون الأمل على انتصار إيران على إسرائيل خاصة أن سلوك إسرائيل في غزة -مع عجز المصريين عن إنقاذ غزة- أدى إلى توحش إسرائيل، واستشعر المصريون خطر هذا التوحش على بلادهم. سادسًا: إن قيام حزب الله أزعج حلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل من العرب، وأصبحت طهران القبلة السياسية والطائفية لكل شيعة المنطقة، ولذلك فإنشاء حزب الله وقيامه بتحرير بيروت من الاحتلال الإسرائيلي أظهر الطائفة الشيعية بين الطوائف الأخرى في لبنان، ولاحظ اتفاق الطائف عام 1989 أن الطائفية هي السبب المباشر لتراجع الدولة اللبنانية. من ناحية أخرى، يجب على البعثات الإيرانية في الدول العربية أن تبدد الأوهام والخرافات حول الفكر الشيعي، وواجب المثقفين العرب أن يسهموا في حملة هدفها بيان أن الفرق بين الشيعة والسنة في الفكر. والأفكار السلبية عن الشيعة يجب التصدي لها وخير من تصدى لها هو الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، عندما أصدر بيانا أدان فيه العدوان الإسرائيلي على إيران، وحثَّ على وحدة الإسلام والمسلمين، ويبقى بعد ذلك بيان دور الأزهر في هذا المجال عبر تاريخه الطويل.


جريدة الرؤية
منذ 18 ساعات
- جريدة الرؤية
نيران طهران.. فجأة أشعلت وبسرعة أخمدت
د. أحمد بن علي العمري فجأة وبدون مقدمات، وفي الوقت الذي يستعد فيه الوفدان الأمريكي والإيراني لاستكمال مفاوضاتهما النووية في مسقط، حيث كل المؤشرات تدل على التقدم المستمر فيها من جولة إلى أخرى، تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة مباغتة وعنيفة ومتعددة الاتجاهات إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتعلن بعدها مباشرة بنشوة النصر أنها حققت أهدافها، ونالت مرادها، بل إلى أبعد من ذلك، فقد صرح مسؤولون إسرائيليون أن الهدف القادم بعد إيران هو باكستان، ولقد أعلنوا في نشوتهم عن اغتيال بعض القادة (ظهروا فيما بعد في تشييع جنائز رفاقهم)، وهنا تظهر النوايا أي أن إسرائيل ومعها أمريكا بعد أن قضتا على العرب وأوصلتهم إلى مرحلة ألا يتفق اثنان منهم على رأي واحد، فهي تتوجه إلى العالم الإسلامي، وربما بعد باكستان تكون تركيا هي الهدف، بحيث لا يبقى بلد في العالم ينطق الشهادتين إلا وقضت عليه بمساعدة الحليف المزدوج، وهو الولايات المتحدة الأمريكية التي لها وجهان كوجهة العملة، أحدهما من جحيم وهو الذي يتوجه إلى العالم العربي والإسلامي والآخر من نعيم وهو الذي يتوجه إلى إسرائيل الدلوعة الحبوبة. طبعًا الضربة الإسرائيلية لإيران، كان التحضير الاستخباراتي لها منذ زمان عبر الجواسيس الذين دستهم إسرائيل وأمريكا وحتى بريطانيا في كل العالم العربي والإسلامي، وعلى وجه الخصوص في إيران، والذين بدناءتهم وصلوا إلى أدق التفاصيل وأبلغ المحضورات. ولكن عندما كان الرد الإيراني أقوى من المتوقع وأشد من المعهود… هنا بدأت القراءات تتراجع والحسابات تتغير من جديد ولم تنفع الدفاعات الجوية ولا القبة الحديدية ولا مقلاع داود ولا حتى منظومة ثاد الأمريكية أمام غزارة الصواريخ الإيرانية التي أصابت أماكن حساسة ومهمة جدًا في إسرائيل، وكانت الإصابات بليغة ودقيقة وأحدثت دمارا في إسرائيل لم يسبق لها أن تلقته منذ نشأتها. وهنا بدأت إسرائيل تلوذ يمنة ويسرى تبحث عن وسيط يتدخل لوقف الحرب، فهي من بدأت الحرب، ولكنها لم تعرف كيف توقفها، وعندما لم تجد حينها من يعينها على ذلك، فبان لها أنه لا بد من التدخل الأمريكي حتى تسندها وتعضدها في محنتها كما جرت العادة. وعلى الرغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح أن أمامه أسبوعين للتفكير في التدخل بالحرب من عدمه إلا أنه وقبل أن يجف ريق تصريحه من لسانه بدأت الهجمات الأمريكية على إيران، وقد قال حينها في معرض حديثه: إن الإيرانيين يريدون مقابلته في البيت الأبيض، ولكنهم لا يستطيعون بسبب الصواريخ التي تنهال عليهم"، في لعبة أو فبركة إعلامية صدق فيما بعد كذبها. وقد صرح وزير الخارجية الفرنسي مؤخرًا أن الهجمات الإسرائيلية الأمريكية مخالفة للقانون الدولي، فما كان من إيران إلا أن توجه ضربة لقاعدة العديد في قطر على اعتبار أن الطائرات التي ضربتها انطلقت من قاعدة العديد. وهنا وقعت أمريكا في نفس المطب الذي وقعت فيه إسرائيل قبلها، فقد عرفت وبان لها أن إيران ليست ذلك الصيد السهل أو الجسر الذي يمكن عبوره بسهولة ويسر، فانضمت لإسرائيل للبحث عن وسيط يخلصهما مما وقعا فيه، فلم يجدا أفضل من دولة قطر الشقيقة للمهمة الصعبة، وقد قامت بالواجب ونجحت الوساطة. طبعًا نحن في الخليج والشرق الأوسط كنا واضعين أيدينا على قلوبنا متضرعين لله عزوجل الستر… يا ربنا السلامة… اللهم ارحم وألطف…اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف به، وغيرها من العبارات الإيمانية التي يرددها من لا حول ولا قوة له إلا بالله في مثل هذه الظروف. نعم نجحت الوساطة وأخمدت الحرب.. وبعيدًا عن الضجة الإعلامية الأمريكية والإسرائليين وعن التشويه المغرض وعن التظاهر بالنصر المشبوه، فلو نظرنا الآن وبعد توقف الحرب، وبعد 12 يومًا من الضربات المتبادلة وبمنطق العقل، ونظرنا إلى الواقع بالعين المجردة وبدون استخدام التلسكوب الأمريكي الإسرائيلي فماذا سنرى: حصل دمار وقتل في إيران وإسرائيل. اجتمع البرلمان الإيراني، وصوّت على عدم التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد صادق الرئيس على القانون وأصبح نافذا، وهذا يعني: لا مفتشين دوليين ولا كاميرات مراقبة، حيث تتهم إيران المراقبين الدوليين بأن بينهم مندسين استخباراتيين. الأمر الذي سيؤدي في أي مفاوضات قادمة إلى وقوف إيران على أرض صلبة، فبعد أن كانت مستعدة للتنازل عن الكثير، فلن تتنازل سوى عن القليل، وسوف تستخدم ايران أسلحة لم تظهر من قبل، والدليل أنها أعلنت عن بعضها في الحرب الخاطفة الماضية. ربما ويكاد يكون من المؤكد أن أمريكا سوف تدعو إيران لمواصلة استكمال التفاوض النووي بينهما، ولأمريكا وإسرائيل نقول: كأنك يا أبو زيد ما غزيت، لقد رجعت بخفي حنين. كنت قبل أيام قليلة في رحلة جوية، وكان يجلس بجنبي أحد السفراء الأوربيين في أحد الدول العربية، ولمَّا عرف أنني عماني، تحدثنا قليلا في الشأن العام، وقد قال لي أمرا فاجأني وأسعدني بذات الوقت، حيث قال بكل صراحة: لو انتهجت كل الدول السياسة العمانية، لما كانت هناك حروب، ولا عداوات، ولعشنا بأمن وسلام. حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وسائر الأمتين العربية والإسلامية من كل شرٍّ ومكروه.


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
"العُماني... فطرة الخير وصوت الحكمة"
محمد بن علي البادي من يعرف سلطنة عُمان ويعرف شعبها، يدرك تمامًا أن العُماني لا يمكن أن يكون باعثًا للشر، ولا يُبطن السوء لغيره. فمنذ القدم، كان حال العُماني حيثما توجّه، مصدر أمان وسلام للعالمين، وقبلته الخير أينما تواجد. ويكفينا فخرًا أن النبي محمد ﷺ حين أرسل رسالة إلى أهل عُمان يدعوهم فيها إلى الإسلام، أسلموا طوعًا، ويكفينا شهادته ﷺ فيهم، إذ قال:لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك". وحين تولّى المهلب بن أبي صفرة ولاية خراسان، كان صمّام أمان طوال فترة ولايته، ورمزًا للحكمة والعدل. وعندما تعرّضت عُمان لاعتداءات خارجية، وحّدت صفها، وكانت يدًا واحدة ضد كل من حاول المساس بأمنها وسيادتها. وبعد قيام النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- أعادت عُمان بناء علاقاتها مع جميع الدول، وسارت على نهج الحكمة والاعتدال. ثم جاء جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ليكمل المسيرة، ويبني جسور التواصل والتفاهم مع الجميع. وهذا كلّه، إن دلّ على شيء، فإنما يدل على النهج العُماني الصادق، النابع من فطرة سليمة وقلب نقي. ومن المؤسف في هذا الزمن، أن نرى تغريدات مسيئة تستهدف عُمان ورموزها، وتنتقد توجهاتها السياسية لمجرّد كلمة أو تغريدة كتبها أحد الكُتّاب العُمانيين، دون نيّة إساءة أو سوء، وإنما كانت تحليلًا لأحد الاحتمالات المتوقعة، في عالمٍ تتكشّف فيه مفاجآت غير متوقعة يوميًا. وحتى إن وُجد خلافٌ في الرأي، فذلك لا يبرّر لهذه "الجيوش الإلكترونية" أن تُسلّط سهامها المشيطِنة على أهل عُمان، أو أن تتخذ من التحليل الموضوعي ذريعة للإساءة. ومن يتأمل بعمق في المواقف السياسية العُمانية، سيجد ما يشهد بوضوح على أنها كانت -ولا تزال- قبلةً للأمن والسلام، أينما اتجهت. وختامًا، يبقى صوت الحكمة والعقل أرفع من كل ضجيج، وعُمان ستظل -كما عهدناها- قبلةً للأمن والسلام. ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ﴾ لقد أضحى التقارب بين التأثير المتبادل، وطرق التدريس الحديثة أمر لا مفر منه. ومع ذلك، فإن العلاقة ليست مجرد الحتمية التكنولوجية (الذكاء الاصطناعي يملي علم أصول التربية)، ولا المثالية التربوية البحتة (علم أصول التدريس الذي يملي تصميم التكنولوجيا بغض النظر عن الجدوى). إنه عملية جدلية معقدة تجسد بعمق التأثير هذا التأثير المتبادل الذي نتناوله. إذ تتطلب طرق التدريس الحديثة وظائف معينة من الذكاء الاصطناعي، بينما تعيد قدرات وقيود الذكاء الاصطناعي تشكيل التنفيذ العملي والنطاق المحتمل لهذه الأصول. لقد أضحى التقارب بين التأثير المتبادل، وطرق التدريس الحديثة أمر لا مفر منه. ومع ذلك، فإن العلاقة ليست مجرد الحتمية التكنولوجية (الذكاء الاصطناعي يملي علم أصول التربية)، ولا المثالية التربوية البحتة (علم أصول التدريس الذي يملي تصميم التكنولوجيا بغض النظر عن الجدوى). إنه عملية جدلية معقدة تجسد بعمق التأثير هذا التأثير المتبادل الذي نتناوله. إذ تتطلب طرق التدريس الحديثة وظائف معينة من الذكاء الاصطناعي، بينما تعيد قدرات وقيود الذكاء الاصطناعي تشكيل التنفيذ العملي والنطاق المحتمل لهذه الأصول. ] المائدة: 16[