
كيف صارت المنصات الرقمية مركز القرار والمعركة والرواية؟
لم تعد الحروب الحديثة تُخاض على الأرض فقط. فمنذ أن أصبحت الصورة لحظة، والمعلومة تتجاوز المسافة، تحوّلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى عنصر أصيل في بنية الصراع، لا كمجرّد أداة نقل، بل كمحرّك مباشر للحدث نفسه. المنصّات الرقمية باتت اليوم ساحة موازية للمعركة، تُصاغ فيها الانفعالات، وتُروّج عبرها السرديات، وتُحدّد فيها الاصطفافات. الجمهور لم يعد متفرّجاً على الحرب، بل جزءاً من معركتها الرمزية، يُستهدف ويُحرَّك، ويمنح أحد الطرفين شرعية التأييد أو لعنة السقوط.
تغذية الحروب وتشكيل السردية الرقمية
أحدث الدراسات حول العلاقة بين وسائل التواصل والنزاعات المسلّحة تكشف أنّ هذه المنصّات تمارس دوراً متزايداً في تغذية الحروب. ففي تقرير "Weekly Report: Cyber-Based Influence Campaigns (16–22 June 2025)" الصادر عن مركز Cyfluence للأبحاث، وردت إشارات مباشرة إلى توظيف الذكاء الاصطناعي في حملات التضليل الرقمي، بما في ذلك استخدام مقاطع مزيّفة أو محرّفة تُقدَّم بسياقات قانونية لتشويه صورة الخصم. كذلك تُنتج المنصات روايات بصرية مُختزلة تُعيد تصنيف الضحية والمعتدي بناءً على مدى الانتشار، لا على دقّة الوقائع. هذا التدفق غير المنضبط يمنح الخوارزميات دوراً حاسماً في تحديد من يُرى ومن يُمحى، من يُروى ألمه ومن يُسكت وجعه، ومن خلال التفاعل اللحظي تتبلور موجات غضب أو دعوات إلى الانتقام، تغذّي مزاجاً رقمياً متقلّباً يضغط على صُنّاع القرار.
من ردود الفعل إلى التأثير في القرار
ليست وسائل التواصل اليوم مجرّد مساحات تعبّر فيها الجماهير عن مواقفها، بل تحوّلت إلى أدوات ضغط قد تُعيد توجيه القرار السياسي والعسكري نفسه. فكل صورة تُنشر بعناية، أو مقطع فيديو يُنتزع من سياقه، أو وسم لغوي اختير بدقة، يمكن أن يُنتج رواية جديدة تتحدى الرواية الرسمية، بل تتفوّق عليها أحيانًا من حيث التأثير الجماهيري.
أصبحت الحرب حكاية بصرية مختزلة، تُمليها ديناميكيات المنصّة، لا تعقيدات الميدان
هذا ما توضّحه دراسة حديثة بعنوان "Propaganda and Information Dissemination in the Russo‑Ukrainian War"، صادرة عن جامعة كلية دبلن، التي حلّلت نحو 40 ألف تغريدة من الجانبين، الروسي والغربي. وجد الباحثون أنّ الحسابات الروسية تميل إلى استخدام لغة عاطفية تعبويّة تُثير الغضب أو الخوف، في حين أنّ المحتوى الغربي يركّز غالبًا على البُعد الإنساني والضحايا. هذه الفوارق لا تعكس فقط اختلافًا في الخطاب، بل في آليات التأثير أيضًا، حيث تُشكَّل مواقف الجمهور (وبالتالي توجّهات السياسيين) بناءً على القصص التي تنتشر أكثر، لا بالضرورة الأدق. وهكذا، تصبح الحرب حكاية بصرية مختزلة، تُمليها ديناميكيات المنصّة، لا تعقيدات الميدان.
المنصة تُعلن والمصادر الرسمية تتابع
في هذا الإطار، برز ما فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال تصعيد العدوان على إيران، حيث استخدم منصته، تروث سوشال، لنشر تصريحات مباشرة تتعلّق بالتوتر مع طهران، بينها إعلان تنفيذ ضربات على منشآت نووية وحديثه عن ردود إيرانية ضعيفة. كذلك استخدم المنصّة نفسها لإعلان وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، حتى قبل صدور أيّ مواقف رسمية من الجانبين. كذلك لم تصدر هذه التصريحات من البيت الأبيض من خلال مؤتمر صحافي، بل جاءت بصيغة منشورات شخصية، ما يُظهِر كيف تحوّلت المنصّة الرقمية إلى أداة إعلان للقرارات الاستراتيجية والدبلوماسية. لم تكن تلك المرّة الأولى التي تُطرح فيها مواقف عسكرية حسّاسة عبر منصّات التواصل، لكن حدّة الخطاب وسرعة النشر شكّلا مفارقة واضحة مقارنة بالتقاليد السياسية الأميركية، التي اعتادت إعلان مثل هذه القرارات عبر قنوات مؤسسية منسّقة.
مقاطع مزيّفة أو محرّفة تُقدَّم بسياقات قانونية لتشويه صورة الخصم
إعلان الحرب عبر منشور
تكمن خطورة هذا النمط في أنّ القرار العسكري لا يُتخذ ضمن منشور، بل في مراكز تقدير ومؤسسات مختصّة. لكن عند تقديم الخطوة كأنها إعلان مباشر وفردي، يبدو أنّ المؤسّسات قد جرى تجاوزها إعلاميًا، أو على الأقل غابت عن لحظة الإعلان. فبدل أن تُنسّق القرارات بهدوء خلف الكواليس، تُعرض مباشرة على الجمهور، الذي يتفاعل فورًا، ما يغيّر مسار اتخاذ القرار ووتيرته. القائد يبدو هنا وكأنه يمارس السيادة عبر حسابه، فتُصبح المنصّة امتداداً رقميًا لغرفة العمليات، ويصبح معيار النجاح السياسي هو الزخم الرقمي، لا نتائج التفاوض أو كلفة الحرب.
حين تُشعل السردية شرارة الحرب
في هذا الإيقاع السريع، لم تعد الحروب تبدأ عندما تُطلق القذائف، بل عندما تُنشر الرواية الأولى في الفضاء الرقمي. إذ تتحوّل المنصة إلى نقطة الانطلاق الرمزية للنزاع، حيث تُبنى السردية، وتُنتج الانفعالات، ويُمنح الصراع معناه الأولي. يتداخل ما هو حقيقي بما هو مُصوَّر، وتُخلط المشاعر بالحسابات، وتُعلَن المواقف المصيرية من خلف شاشات مضاءة لا تُطفأ. نحن أمام زمن جديد لا تُخاض فيه الحرب بالسلاح فقط، بل تُروى وتُشرعن وتُدار من داخل المنصّة، حيث يمكن لمنشور واحد أن يُشعل النزاع، أو يُطفئه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 35 دقائق
- العربي الجديد
ترامب و"معركة" استئناف المفاوضات النووية مع إيران
في أعقاب العملية الجوية الأميركية ضد المنشآت النووية الايرانية، قال الرئيس الأميركي الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 دونالد ترامب إنّ الاتصال مع طهران سيجري الأسبوع المقبل بهدف العودة إلى التفاوض "المباشر" معها هذه المرة. لكن حتى الآن ليس في أجندة البيت الأبيض لهذا الأسبوع ما يشير إلى المفاوضات أو لأي لقاءات في هذا الخصوص، مع أنّ الرئيس متمسّك بهذا الخيار، وقد أعطى أكثر من إشارة في الأيام الأخيرة على جدّيته في ذلك. لكن يبدو أنّ الأجواء ليست مؤاتية بعد. معاكسات حكومة بنيامين نتنياهو الصورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولد في يافا عام 1949، تولى منصب رئاسة الوزراء أكثر من مرة، منذ 1996، وعرف بتأييده للتوسع في المستوطنات، ودعم حركة المهاجرين الروس، وتشدده تجاه الفلسطينيين. وشارك في العديد من الحروب والعمليات العسكرية التي قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأثناء رئاسته للوزراء شن 6 حروب على قطاع غزة بين عامي 2012 و2023. في إسرائيل بدأت تتوالى إشاراتها، فضلاً عن الاشتراطات المسبقة التي تضعها طهران لمثل هذه العودة، ما فرض التأجيل حتى إشعار آخر، ولو أنّ هشاشة الوضع لا تحتمل طول الانتظار، فالإدارة تحرص على نضوج الظروف، لأنها تطمح هذه المرة إلى تحقيق "إنجاز" تفاوضي. وهذا احتمال يدور حوله جدل بين متشددين دعوا إلى المضي بالخيار العسكري "لإسقاط النظام"، وبين أكثرية تحذر من الانزلاق إلى "حرب واسعة"، وتدفع مع الرئيس باتجاه الدبلوماسية. وساهم في انقسام الرأي بشأن التفاوض أنّ الصورة لم تتضح بعد بشأن آثار العملية الجوية ضد المنشآت الثلاث. البيت الأبيض ما زال يصرّ على أنّ الضربة أدت إلى دمارها بشكل "ماحق"، فيما لا تتبنى سائر التقديرات، حتى الآن، الاستخباراتية والعسكرية وحتى وكالة الطاقة الذرية، هذا التقييم. كلها بقيت في حدود الاعتقاد بأنّ المنشآت أُصيبت بأضرار "جسيمة" لا أكثر. وذكرت معلومات إيرانية، الأحد، أنّ "الضربات لم تفضِ إلى حجم الخسائر التي توقعتها الإدارة". تسليط الأضواء في بعض الإعلام الأميركي (واشنطن بوست - رولينغ ستون) على كلام من هذا النوع منسوب لجهات رسمية إيرانية، زاد من الشكوك حول إصرار الادارة على توصيفها، ولو أنّ البيت الأبيض سارع بلسان المتحدثة الرسمية كارولين ليفيت إلى تجاهل التصريح وتحقير وسائل الإعلام التي نشرته. أخبار التحديثات الحية CIA: دمرنا منشأة تحويل المعادن في إيران واليورانيوم دُفن تحت الأنقاض وهنا، تردد وما زال تساؤل حول مسارعة ترامب بعد ساعات قليلة من العملية إلى الترويج لتخمينه، وقبل أن تصدر أي تقديرات عن الجهات المعنية بتقييم النتائج. ربما دفعه إلى ذلك حرصه على "استرجاع" المبادرة العسكرية من يد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو ربما أراد تأمين غطاء مسبق لخفض سقف المطالب في المفاوضات المقبلة، على أساس أنّ المشروع النووي صار خارج دائرة الخطر في المستقبل المنظور، وبالتالي لا خشية من إبداء ليونة لعقد صفقة حوله مع إيران. تعززت هذه الفرضية بعدما سارع نتنياهو إلى التحرك بصورة بدت وكأنها تهدف إلى استباق وفركشة هذا الاحتمال. تصريح وزير أمنه يسرائيل كاتس، السبت، كان واضحاً في هذا الخصوص. تأكيده أنّ إسرائيل "لا تحتاج إلى موافقة واشنطن لضرب إيران في المستقبل، وأنها تزمع منعها من بناء مشروعيها النووي والصاروخي بالرغم من الهدنة"، جرى وضعه في هذا السياق. ومن المتوقع أن يكون الملف الإيراني موضوع مباحثات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر مع المسؤولين في واشنطن، اليوم الاثنين، فضلاً عن موضوع غزة والتحضير لزيارة قريبة لنتنياهو إلى العاصمة الأميركية. وفي امتداد هذا التحرّك، لوحظ أنّ بعض الجهات في الكونغرس المؤيدة لحرب نتنياهو والمقرّبة من الرئيس ترامب (السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام)، بدأت تحثّ البيت الأبيض على اغتنام الفرصة ومطالبة طهران بأن تتخلّى عن خطابها المعادي لإسرائيل شرطاً مسبقاً للتفاوض معها حول النووي. ويبدو أنّ ذلك يدخل في إطار التعجيز لتعقيد الأمور، علّ ذلك يؤدي إلى تخريب استئناف المفاوضات كما يريد نتنياهو، الذي لا يستبعد بعض المراقبين أن يعود التوتر إلى علاقاته مع الرئيس ترامب بسبب العودة إلى التفاوض النووي. ترامب وضع طبخة المفاوضات على النار. أوحى إلى ذلك بعد العملية العسكرية، بأكثر من إشارة، كان أبرزها قوله إنه هو الذي رفض اغتيال المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وبالتالي وقف ضد إسقاط النظام. بديله كما قال، العمل باتجاه الصفقة. التراشق، الجمعة، بينه وبين خامنئي، وتهديده بالعودة إلى قصف إيران إذا خصّبت اليورانيوم بدرجة تثير قلقه، ليس غير أداة من عدة الشغل للعودة إلى الطاولة. ولفت في جوابه إلى أنه لم يأتِ على ذكر شرط "صفر تخصيب"، وكأنه يبدي ليونة ضمنية بشأن التخصيب في المفاوضات المقبلة، وبما يتجاوب ضمناً مع مطلب طهران بأنها ليست في وارد العودة إلى المفاوضات "بدون شروط"، كما قال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني خلال مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة "سي بي إس نيوز"، لكن العودة إلى غرفة المفاوضات، إذا تمّت، شيء، والخروج منها باتفاق بعد الذي جرى، شيء آخر، وإذا كانت هناك مراهنة، فهي على "حاجة الجانبين إلى الخروج من المأزق".


القدس العربي
منذ 7 ساعات
- القدس العربي
إعلام عبري: واشنطن ستبلغ إسرائيل بضرورة إنهاء الحرب وتأجيل 'تفكيك حماس'
القدس: نقلت صحيفة عبرية عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن واشنطن ستبلغ وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، أثناء زيارته المرتقبة للولايات المتحدة بضرورة إنهاء الحرب على قطاع غزة وتأجيل مهمة 'تفكيك حركة حماس'. وأفادت صحيفة 'هآرتس' العبرية، مساء السبت، بأن ديرمر، سيزور واشنطن غدا الاثنين ويلتقي بكبار مسؤولي البيت الأبيض. وأوضحت نقلا عن مسؤول في البيت الأبيض (لم تسمه)، أن الإدارة الأمريكية ستخبر ديرمر خلال زيارته إلى واشنطن، بضرورة 'إنهاء الحرب في قطاع غزة، وإنقاذ الأسرى الأحياء، مع تأجيل تفكيك حركة حماس'. وأكدت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أن من بين الملفات المطروحة على أجندة الوزير الإسرائيلي 'مفاوضات الولايات المتحدة مع إيران بشأن برنامجها النووي وإمكانية توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية' للتطبيع مع تل أبيب. وأشارت إلى أن الملف الرئيسي بصدارة تلك الأجندة هو 'تحقيق رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في إنهاء الحرب بقطاع غزة'. ولفتت إلى أن 'البيت الأبيض أبدى هذا الأسبوع اهتمامه بزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى العاصمة واشنطن، غير أن موعد الزيارة يعتمد إلى حد كبير على تقدم المحادثات التي سيجريها الأمريكيون مع ديرمر بشأن إنهاء الحرب في غزة'، وفق الصحيفة. والجمعة، تحدث الرئيس ترامب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل. فيما أبدى مسؤولون إسرائيليون، السبت، استغرابهم من تصريحات ترامب، مؤكدين أنه 'لا مؤشرات على تغير بمواقف نتنياهو'، وفق ما نقلت عنهم صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية. وأكدت حماس مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين 'دفعة واحدة'، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين. لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يصر على صفقات جزئية ويتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره في السلطة، كما تقول المعارضة الإسرائيلية. وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، ما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. (الأناضول)


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
دول مجموعة السبع تتفق مع واشنطن على استثناء الشركات الأميركية من الضريبة
أيدت دول مجموعة السبع تسوية مع الولايات المتحدة لحل الخلاف بشأن الاتفاق على حد أدنى للضريبة العالمية على الشركات الكبرى، وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الكندية لمجموعة السبع، عقب قمّة عُقدت في كندا في وقت سابق من هذا الشهر، فإنّ الاتفاق يقضي بإعفاء الشركات الأميركية من الحد الأدنى للضريبة العالمية، على أن تخضع بدلاً من ذلك للضرائب بموجب نظام أمريكي موازٍ. وقد جرى الاتفاق على أن الترتيب الذي اقترحته واشنطن يضمن إحراز تقدم في مكافحة تحويل الأرباح الدولية، وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد عودته إلى منصبه في يناير/كانون الثاني، قد أعلن عدم سريان الحد الأدنى للضريبة العالمية على الشركات الكبرى في الولايات المتحدة. ويرى البيت الأبيض أن الاتفاق بشأن الضريبة العالمية يمثل مساساً غير مقبول بالسيادة الوطنية، لا سيّما في ما يتعلق بالشؤون المالية والضريبية. وتأتي فكرة الضريبة الدنيا ضمن إصلاح عالمي لنظام ضرائب الشركات جرى الاتفاق عليه من جانب نحو 140 دولة من خلال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وبموجب الاتفاق، يتعين على جميع الشركات متعدّدة الجنسيات التي تتجاوز إيراداتها السنوية 750 مليون يورو (880 مليون دولار) أن تدفع ضرائب بنسبة لا تقل عن 15%، بغض النظر عن مكان تحقيق الأرباح. ورحب وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل بالتسوية التي جرى التوصل إليها عقب محادثات مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، بحسب ما نقلته "أسوشييتد برس". ورحب وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل بالتسوية المتوصل إليها عقب محادثات مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، وقال في بيان صدر اليوم الأحد: "إن اتفاق مجموعة السبع يتيح لنا المضي قدماً في مكافحة الملاذات الضريبية، والتهرّب الضريبي، وسياسات الإغراق الضريبي"، وأضاف أن الولايات المتحدة لم تعد تعارض مبدأ الحد الأدنى للضريبة العالمية بحد ذاته، كما جرى التخلي عن الإجراءات العقابية التي كانت مخططة ضدّ الشركات الأوروبية. وجاءت فكرة فرض حد أدنى للضريبة العالمية على الشركات متعدّدة الجنسيات في إطار جهود دولية للحد من التهرب الضريبي وتحويل الأرباح من الشركات العملاقة إلى دول منخفضة الضرائب أو ما يُعرف بـ"الملاذات الضريبية". هذا المقترح، الذي قادته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، حظي بدعم من مجموعة العشرين وأكثر من 140 دولة، ضمن ما يُعرف بإصلاح نظام الضرائب الدولية. اقتصاد دولي التحديثات الحية مجموعة السبع تتجنب حرب ضرائب عالمية بنظام يعفي الشركات الأميركية ويرتكز هذا النظام على ركزتَين؛ الأولى تهدف إلى إعادة توزيع الحقوق الضريبية، بحيث تحصل الدول على حصة عادلة من الضرائب المفروضة على أرباح الشركات، حتى لو لم تكن هذه الشركات تملك حضوراً مادياً فيها. أما الثانية فتتضمن فرض حد أدنى عالمي للضريبة بنسبة 15% على الشركات متعدّدة الجنسيات ذات الإيرادات الكبيرة، لمنع "سباق القاع" بين الدول على خفض الضرائب لجذب الاستثمار. وقد برزت الحاجة لهذا النظام بعد تزايد الانتقادات الموجهة إلى شركات التكنولوجيا الكبرى مثل "أمازون" و"غوغل" و"فيسبوك"، التي كانت تسجل أرباحاً ضخمة في دول ذات ضرائب منخفضة رغم أن أنشطتها الفعلية تقع في دول أخرى. ورغم التوافق الدولي الواسع، فإنّ الولايات المتحدة، لا سيّما خلال إدارة ترامب، أبدت تحفظات على التطبيق، بدعوى حماية السيادة الاقتصادية والخصوصية التنظيمية. ومع ذلك، فإنّ التسوية الأخيرة مع مجموعة السبع تشير إلى رغبة في المضي قدماً بهذا الإصلاح، ولكن ضمن شروط تلائم النظام الضريبي الأميركي وتجنّب فرض أعباء إضافية على الشركات الوطنية.