
الخطوط التركية: جسرٌ جوي لتهريب التقنية العسكرية نحو بورتسودان
في ظل تصاعد وتيرة العنف في السودان، خصوصاً في دارفور ومدينة الفاشر، تتكشف خيوط تدخلات إقليمية جديدة تُذكي أتون الحرب بدل إخمادها. أبرز هذه التطورات يتمثل في المخطط التركي لتسيير رحلات مباشرة من إسطنبول إلى بورتسودان، عبر الخطوط الجوية التركية، ليس لأغراض تجارية أو إنسانية كما يُروّج، بل في إطار عملية منظمة لنقل مهندسين وتقنيين وعناصر عسكرية بلباس مدني لتشغيل طائرات مسيّرة من طراز 'بيرقدار' تُستخدم حاليًا في قصف المدنيين.
هذه الخطة، وفق معطيات ميدانية وتحليلات أمنية، تُعيد للأذهان النموذج التركي في ليبيا، حيث استخدمت أنقرة الطيران المدني كغطاء لتمرير الدعم العسكري والتقني لحلفائها، مما يفتح الباب أمام تكرار سيناريو دموي جديد في السودان.
الطائرات المسيّرة تتحوّل إلى أدوات قتل جماعي
في مدينة الفاشر، شهد السكان موجة من الهجمات الجوية بطائرات 'بيرقدار' تركية الصنع، التي نُفّذت مؤخرًا تحت إشراف سلاح الجو السوداني. غير أن المثير للقلق هو أن هذه الضربات، التي يُفترض أن تُوجّه نحو أهداف عسكرية، باتت تصيب أسواقًا ومنازل وأحياء مكتظة بالسكان، مما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
لا توجد أدلة على استهداف ناجح لقوات الدعم السريع، في المقابل، هناك تقارير متواترة عن مجازر جوية بحق المدنيين.
هذه المعطيات تثير تساؤلات خطيرة حول قواعد الاشتباك المفقودة، ومدى التزام الجيش السوداني بالقانون الإنساني الدولي، خاصة وأن تكرار ضرب الأسواق والأحياء يرقى إلى جرائم حرب مكتملة الأركان، بحسب ما وصفه خبراء في القانون الدولي.
الرحلات المعلنة على الخطوط الجوية التركية نحو بورتسودان والتي ستبدأ الشهر المقبل، ليست عادية
رحلات مدنية أم شحن عسكري مموّه؟
الخطر الأكبر لا يكمن في مجرد تشغيل الطائرات المسيّرة، بل في الطريقة التي يتم بها تمرير الدعم الفني والتقني التركي إلى السودان. الرحلات المعلنة على الخطوط الجوية التركية نحو بورتسودان، والتي ستبدأ الشهر المقبل، ليست عادية.
فبحسب المعلومات المتداولة، ستتضمن هذه الرحلات:
• مهندسين وتقنيين أتراك متخصصين في تشغيل طائرات 'بيرقدار'
• عناصر عسكرية بلباس مدني، لتجنّب الرقابة الدولية
• شحنات تقنية وصناديق دعم إلكتروني مخفية ضمن الحمولة
هذا الأسلوب في التهريب والتدخل يضرب عرض الحائط بكل المعاهدات الدولية الخاصة باستخدام المجال الجوي المدني. إن عسكرة الطيران التجاري وتهريبه لدعم عمليات قتالية يحوّل المطارات المدنية إلى نقاط اشتباك محتملة، ويهدد سلامة المجال الجوي في السودان والمنطقة بأكملها.
من ليبيا إلى السودان… تكرار لسيناريو العسكرة الخفية
ليست هذه المرة الأولى التي تنتهج فيها تركيا هذا الأسلوب. ففي ليبيا، دعمت أنقرة حكومة طرابلس بإرسال طائرات بيرقدار ومقاتلين أجانب، تحت غطاء 'المساعدات التقنية' وشركات الطيران المدني. وها هي الآن تُكرّر السيناريو في السودان، بتكتيك أكثر تعقيدًا وأقل ظهورًا على الرادار الدولي.
• في ليبيا: استخدمت أنقرة طيران 'الخطوط الليبية' والناقلات المدنية لنقل مقاتلين سوريين وأسلحة.
• في السودان: تُخطط أنقرة لاستخدام 'الخطوط التركية' لنقل تقنيين وعسكريين متخفين، لتشغيل المسيّرات.
المحصلة واحدة: تغذية الصراع الداخلي، تقويض فرص الحل السياسي، وتحويل الشعوب إلى وقود في حروب الآخرين.
من يشغّل طائرات القتل؟ ومن يوقفها؟
في ظل غياب مساءلة دولية جدية، فإن استمرار رحلات 'الخطوط التركية' إلى بورتسودان بدون رقابة صارمة، يُمهّد لمجزرة جديدة بحق المدنيين.
إن استخدام التكنولوجيا المتطورة في الحروب الأهلية دون ضوابط، يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني خطير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صقر الجديان
منذ 3 أيام
- صقر الجديان
الخطوط التركية: جسرٌ جوي لتهريب التقنية العسكرية نحو بورتسودان
تقرير | صقر الجديان في ظل تصاعد وتيرة العنف في السودان، خصوصاً في دارفور ومدينة الفاشر، تتكشف خيوط تدخلات إقليمية جديدة تُذكي أتون الحرب بدل إخمادها. أبرز هذه التطورات يتمثل في المخطط التركي لتسيير رحلات مباشرة من إسطنبول إلى بورتسودان، عبر الخطوط الجوية التركية، ليس لأغراض تجارية أو إنسانية كما يُروّج، بل في إطار عملية منظمة لنقل مهندسين وتقنيين وعناصر عسكرية بلباس مدني لتشغيل طائرات مسيّرة من طراز 'بيرقدار' تُستخدم حاليًا في قصف المدنيين. هذه الخطة، وفق معطيات ميدانية وتحليلات أمنية، تُعيد للأذهان النموذج التركي في ليبيا، حيث استخدمت أنقرة الطيران المدني كغطاء لتمرير الدعم العسكري والتقني لحلفائها، مما يفتح الباب أمام تكرار سيناريو دموي جديد في السودان. الطائرات المسيّرة تتحوّل إلى أدوات قتل جماعي في مدينة الفاشر، شهد السكان موجة من الهجمات الجوية بطائرات 'بيرقدار' تركية الصنع، التي نُفّذت مؤخرًا تحت إشراف سلاح الجو السوداني. غير أن المثير للقلق هو أن هذه الضربات، التي يُفترض أن تُوجّه نحو أهداف عسكرية، باتت تصيب أسواقًا ومنازل وأحياء مكتظة بالسكان، مما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال. لا توجد أدلة على استهداف ناجح لقوات الدعم السريع، في المقابل، هناك تقارير متواترة عن مجازر جوية بحق المدنيين. هذه المعطيات تثير تساؤلات خطيرة حول قواعد الاشتباك المفقودة، ومدى التزام الجيش السوداني بالقانون الإنساني الدولي، خاصة وأن تكرار ضرب الأسواق والأحياء يرقى إلى جرائم حرب مكتملة الأركان، بحسب ما وصفه خبراء في القانون الدولي. الرحلات المعلنة على الخطوط الجوية التركية نحو بورتسودان والتي ستبدأ الشهر المقبل، ليست عادية رحلات مدنية أم شحن عسكري مموّه؟ الخطر الأكبر لا يكمن في مجرد تشغيل الطائرات المسيّرة، بل في الطريقة التي يتم بها تمرير الدعم الفني والتقني التركي إلى السودان. الرحلات المعلنة على الخطوط الجوية التركية نحو بورتسودان، والتي ستبدأ الشهر المقبل، ليست عادية. فبحسب المعلومات المتداولة، ستتضمن هذه الرحلات: • مهندسين وتقنيين أتراك متخصصين في تشغيل طائرات 'بيرقدار' • عناصر عسكرية بلباس مدني، لتجنّب الرقابة الدولية • شحنات تقنية وصناديق دعم إلكتروني مخفية ضمن الحمولة هذا الأسلوب في التهريب والتدخل يضرب عرض الحائط بكل المعاهدات الدولية الخاصة باستخدام المجال الجوي المدني. إن عسكرة الطيران التجاري وتهريبه لدعم عمليات قتالية يحوّل المطارات المدنية إلى نقاط اشتباك محتملة، ويهدد سلامة المجال الجوي في السودان والمنطقة بأكملها. من ليبيا إلى السودان… تكرار لسيناريو العسكرة الخفية ليست هذه المرة الأولى التي تنتهج فيها تركيا هذا الأسلوب. ففي ليبيا، دعمت أنقرة حكومة طرابلس بإرسال طائرات بيرقدار ومقاتلين أجانب، تحت غطاء 'المساعدات التقنية' وشركات الطيران المدني. وها هي الآن تُكرّر السيناريو في السودان، بتكتيك أكثر تعقيدًا وأقل ظهورًا على الرادار الدولي. • في ليبيا: استخدمت أنقرة طيران 'الخطوط الليبية' والناقلات المدنية لنقل مقاتلين سوريين وأسلحة. • في السودان: تُخطط أنقرة لاستخدام 'الخطوط التركية' لنقل تقنيين وعسكريين متخفين، لتشغيل المسيّرات. المحصلة واحدة: تغذية الصراع الداخلي، تقويض فرص الحل السياسي، وتحويل الشعوب إلى وقود في حروب الآخرين. من يشغّل طائرات القتل؟ ومن يوقفها؟ في ظل غياب مساءلة دولية جدية، فإن استمرار رحلات 'الخطوط التركية' إلى بورتسودان بدون رقابة صارمة، يُمهّد لمجزرة جديدة بحق المدنيين. إن استخدام التكنولوجيا المتطورة في الحروب الأهلية دون ضوابط، يضع المجتمع الدولي أمام اختبار أخلاقي وقانوني خطير.


العربي الجديد
منذ 5 أيام
- العربي الجديد
نكبة زراعية في تركيا.. المحاصيل تحترق والمواشي تمرض
تتوالى الأزمات الزراعية، بشقيها النباتي والحيواني، على تركيا هذا العام، ما دق ناقوس الخطر واستدعى تدخل الحكومة لإجراءات إسعافية، كمنح القروض وزيادة فترة الأقساط، وتقديم سبل انتشال البلاد من "كارثة" بعد تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعارها بالسوق المحلية واتساع رقعة الجفاف وتأثيره، لتكتمل دائرة "المصائب" قبل يومين، جراء الحرائق وإصابة المواشي بالحمى القلاعية، ما أغلق أسواق الأغنام والأبقار بجميع الولايات التركية. ويأتي الجفاف بمقدمة أسباب كارثية الزراعة التركية لهذا العام، بعد أن شهدت تركيا، بين أكتوبر/تشرين الأول 2024 ومارس/آذار 2025، أدنى معدل "موسم هطول" أمطار منذ 65 عاما، ما أدى إلى أزمة جفاف ضربت "السهل العميق" في ولاية هاتاي، إحدى أكثر المناطق الزراعية خصوبة في البلاد. ونتيجة الجفاف، تراجعت سنابل القمح في "قوملو" و"ريحانلي" عن النضج اللازم للحصاد، مع توقعات بانخفاض الإنتاج بنسبة تصل إلى 7%. ولا تقتصر تداعيات الجفاف، برأي خبراء، على تراجع حصة المياه للفرد ( نصيب الفرد من الماء فيها 1.346 متر مكعب سنويا)، بل تطاول المواسم الزراعية، من انخفاض الإنتاج الزراعي وزيادة أسعار المواد الغذائية، ولما لذلك من انعكاسات سلبية على دخل الأتراك، ومستوى معيشتهم أو حتى الهجرة من الريف إلى المدينة. ولعل موجات الصقيع التي ضربت الولايات المنتجة للفواكه زادت من قلة العرض وغلاء الأسعار، بعد تراجع إنتاج الفاكهة في تركيا من 28 مليون طن إلى 20 مليون طن هذا العام، واستمرار انخفاض الإنتاج خلال العام المقبل بسبب الأضرار التي لحقت بالأشجار، ما أوصل سعر الدراق إلى 160 ليرة، والمشمش 140 ليرة، والكرز 400 ليرة، وهي أسعار تفوق قدرة الأتراك الشرائية بعد ارتفاع تكاليف المعيشة وفق اتحاد نقابات العمال الأتراك (TÜRK-İŞ) خلال تقريره الشهري حول تكاليف المعيشة لشهر يونيو/ حزيران 2025، وارتفاع خطي الجوع والفقر لأسعار الغذاء والخدمات الأساسية، ما يُنذر بتفاقم الأعباء على الأسر ذات الدخل المحدود في البلاد، بعد أن سجل حد الجوع 26,115 ليرة تركية شهريًا، وحد الفقر 85,066 ليرة تركية شهريًا، في حين لا يزيد الحد الأدنى للأجور عن 22 ألف ليرة تركية. وبدأت آثار الجفاف والصقيع تنعكس على أرقام الإنتاج الزراعي التركي. فبحسب رئيس اتحاد غرف الزراعة في تركيا (TZOB) شمسي بيرقدار، تسبب الجفاف والكوارث المناخية، مثل الصقيع والبرد والفيضانات، في شلل شبه تام للإنتاج الزراعي، خاصة في مناطق جنوب شرق ووسط الأناضول. ويكشف رئيس غرف الزراعة التركية أن البيانات الواردة من غرف الزراعة في الولايات المختلفة تؤكد خسائر مرتفعة بشكل غير مسبوق في محاصيل القمح والشعير والعدس. ففي ديار بكر، انخفضت غلة القمح الجاف بنسبة 48%، والقمح المروي بنسبة 10.8%، والشعير الجاف بنسبة 63%. أسواق التحديثات الحية صادرات تركيا تحقق رقماً قياسياً والعجز التجاري يرتفع 39% وفي ماردين، تضرر القمح بنسبة 20%، والشعير بنسبة 50%، والعدس بنسبة 55%. أما في قونية، فقد تراوحت غلة الشعير بين 50 و150 كلغ للفدان بدلًا من المتوسط المعتاد البالغ 250-300 كلغ. وحول آثار الصقيع، يشير بيرقدار أن الولايات التي نالت هطولات مطرية جيدة لم تسلم من الصقيع هذا العام. ففي أكسراي، وعلى الرغم من الأمطار الجيدة، إلا أن الصقيع في إبريل تسبب في توقعات بانخفاض المحاصيل بنسبة 20%. و في كارامان، تعذر الحصاد في 400 ألف فدان من أصل 670 ألفًا بسبب الجفاف والصقيع الزراعي. ونال الصقيع من إنتاج ولاية قيصري بنحو 50%، وطاولت خسائر الصقيع نحو 90% من إنتاج ولاية كيرشهير الزراعي. لكن ولاية هاتاي الحدودية مع سورية نالت النصيب الأكبر من خسائر إنتاج القمح، بحسب بيانات وزارة الزراعية، إذ بلغت خسائر القمح 100% في قضائي بيلين وإسكندرون، و60% في ألتينوزو، و50% في كوملو، و42% في إرزين، و40% في كيريخان وباياس ودفنه وريحانلي، و35% في أنطاكيا، و30% في سامانداغ، وأرسوز، وهاسا. وانخفض الإنتاج بولاية كليس بين 70و80%. وقبل أن تضمد الحكومة التركية جراح المزارعين جراء تراجع الإنتاج والخسائر، بدأ شبح الحرائق يلاحق المساحات الخضراء وتعب الفلاحين. فنشبت حرائق بولايات تركية عدة، كانت أكثرها اتساعاً بسبب الرياح بولاية هاتاي ( منطقة كاراعلي)، لتصل إلى مناطق أوغلاكورين وألازي وأوشغديك، ما دفع وزير الزراعة والغابات التركي، إبراهيم يوماقلِي، لزيارة مواقع الحرائق والوقوف على أعمال إخماد حريق كاراعلي، بعد تفقده حرائق ولايات عدة، مندريس وسفريحصار في إزمير، وأخيسار، كولا، وساروهانلي في ولاية مانيسا. ولم يكن الشق الحيواني بالقطاع الزراعي بتركيا في مأمن عن تداعيات الجفاف وارتفاع الحرارة وغلاء الأعلاف، بل تأثرت تربية المواشي وإنتاج الحليب واللحوم، بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، ما رفع أسعار لحوم الأبقار للمستهلكين بين 700 و750 ليرة للكيلو، قبل أن تعلن تركيا، أول أمس الثلاثاء، عن تفشي جائحة الحمى القلاعية، وتقرر وزارة الزراعة والغابات التركية إغلاق جميع أسواق المواشي بالولايات التركية الواحدة والثمانين، بعد إرسال المديرية العامة للأغذية والرقابة بالوزارة خطاباً عاجلاً للمديريات، ما ينذر، إضافة للجفاف وتراجع عرض الأعلاف وغلاء سعرها، بارتفاع أسعار اللحوم وخسائر المربين. ودفع هذا الواقع حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان للتركيز على الشق الحيواني بدعم إضافي وتقديم قروض استثمارية تصل لنحو 5 ملايين ليرة، بأجل يصل إلى 7 سنوات، بينها عام كامل من الإعفاء من سداد أصل الدين. وتُمنح هذه القروض دون الحاجة إلى رأس مال أسهم، بهدف دعم المؤسسات التي تسعى لزيادة طاقتها الإنتاجية. وأعلن الرئيس التركي، خلال مؤتمر النظام البيئي الزراعي الذي استضافه مركز "خليج" للمؤتمرات في إسطنبول قبل أيام، عن رفع سقف القروض في إطار مشروع توطين السكان بقراهم ودعم المشاريع الزراعية الصغيرة "لديّ أسباب كثيرة للعيش في قريتي"، المُنفذ بالتعاون بين وزارة الزراعة وبنك زراعات، من 600 ألف ليرة تركية إلى مليون و200 ألف ليرة تركية. اقتصاد دولي التحديثات الحية تركيا تدعم الإيداع بالليرة لتعزيز عملتها وكبح التضخم وأكد الرئيس التركي أن هذا التمويل سيُسهم في تطوير تربية الماشية الصغيرة وزيادة الثروة الحيوانية في الأرياف، واعداً أن الحكومة ستواصل تقديم فرص ائتمانية مغرية تُمكّن المواطنين من البقاء في قراهم والاستثمار في أراضيهم، بما يعزز الأمن الغذائي ويعطي دفعة قوية للاقتصاد الزراعي في البلاد. وتتابع الحكومة التركية تطويق خسائر الفلاحين وتلافي أضرار عام الكوارث الزراعية، بعد نداءات عدة من الفلاحين وأعضاء البرلمان الذين عقدوا جلسة للوقوف على آثار الجفاف ونتائجه، وما يمكن أن تنعكس على مستقبل الإنتاج الغذائي في تركيا وتؤثر على منسوب المياه الجوفية التي زاد استخدامها، بسبب قلة الأمطار والجفاف، خاصة لموسم زراعة القمح وبمقدمته الذرة. وأعلن الرئيس التركي أردوغان عن حزمة تسهيلات ائتمانية واسعة للمزارعين، تشمل مشاريع البيوت البلاستيكية وتربية الأبقار الحلوب والماشية الصغيرة، واعداً بحزمة قروض بفترة سداد طويلة الأجل وقرارات تأجيل تسديد للقروض السابقة، تخفف عن المزارعين خسائرهم لهذا العام، مضيفاً خلال الاجتماع الرابع للبنك الزراعي حول النظام البيئي الزراعي أن بنك "زراعات الحكومي" أعد حزمة قروض تتماشى مع احتياجات المزارعين، وتخصيص قروض تصل إلى 10 ملايين ليرة تركية ( الدولار يعادل حوالي 40 ليرة) للراغبين في إنشاء بيوت بلاستيكية لإنتاج الخضروات والفواكه، بفترة سداد تمتد حتى 10 سنوات، تتضمن إعفاءً من سداد أصل الدين لمدة عام للمشاريع التي تقل مساحتها عن 10 فدادين، وأن نسبة رأس المال المطلوبة للاستثمار ستحدد بـ20%، في حين تنخفض إلى 10% للشباب والنساء. ويقول مدير أكاديمية الفكر للدراسات الاسترايجية بإسطنبول، باكير أتاجان، إن ملامح الجفاف تتعاظم على تركيا التي تدرج ضمن الجيل الثاني للجفاف، غير مستبعد دخولها الجيل الأول، بعد عقدين من الزمن، إن استمرت بالطرق القديمة بالري والتخزين وعدم استثمار المياه، مشيراً لـ"العربي الجديد" إلى أن المياه المستخدمة للري تقدر بنحو 70% من المياه الكلية، لكنها تبدد ولا يستفاد منها كاملة، إذ يذهب جلها للبحار. وفي حين يرى أتاجان أن أزمة نقص المياه وزحف الجفاف شبه عالمية، يؤكد على حسن استثمار مياه نهري "الفرات ودجلة" التي تتشاطر مع تركيا فيهما سورية والعراق، والحفاظ على أحواض المياه، خاصة بالنسبة لنوبات الجفاف هذه التي أصبحت أكثر حدة وطويلة الأمد. وحول ما يمكن تلافيه هذا الموسم، يضيف الباحث التركي أن الحكومة بادرت، ولابد من المزيد، على صعيد القروض والتسهيلات الائتمانية للفلاحين، وتحمل جزء من الخسائر، إلى جانب خطة شاملة للتحول بطرق الري وحسن استخدام المياه. وإلا فإن الجفاف يمكن أن يتحول ببعض الولايات لتصحر، ما يزيد من الفقر والغلاء والبطالة، لأن 20% من الأيدي العاملة بتركيا تعمل بالزراعة، ويتأثر إنتاج تركيا الزراعي بعد أن تبوأت مراكز متقدمة على الصعيد الأوروبي، بالإنتاج والتصدير. وتحتل تركيا اليوم المرتبة الأولى أوروبياً والثامنة عالمياً بالإنتاج الزراعي والرابعة بإنتاج الخضر والفواكه، بعد أن بلغت قيمة الإنتاج الزراعي فيها، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) والبنك الدولي، 68.9 مليار دولار في 2023، قبل أن يزيد الإنتاج بأكثر من 3% العام الماضي. وبحسب بيانات جمعية المصدرين الأتراك (TIM)، ارتفعت صادرات تركيا الزراعية العام الماضي إلى 36.2 مليار دولار بنسبة زيادة 3.3% عن صادرات عام 2023. لتبلغ أعلى قيمة بتاريخ الجمهورية التركية، بعد أن سجلت صادرات الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية ومنتجاتها نحو 12 مليار و378 مليون دولار العام الماضي. فيما بلغت صادرات الخضروات والفواكه الطازجة 3 مليارات و492 مليون دولار، والفواكه المجففة ومنتجاتها مليار و610 ملايين دولار، والزيتون وزيت الزيتون 871 مليون دولار، إضافة إلى منتجات أخرى.


نافذة على العالم
منذ 5 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : ما هي اتفاقيات التعاون التركية في مجال الطاقة في سوريا؟ وما أهميتها؟
الأربعاء 2 يوليو 2025 02:40 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي بيرقدار مع نظيره السوري محمد البشير في دمشق في 22 مايو/ أيار 2025 Article Information تغرق سوريا، من العاصمة دمشق وصولاً إلى درعا في الجنوب، في ظلام دامس مع كل غروب. وليس هناك مصادر للضوء في شوارع سوريا سوى مصابيح الإنارة العامة، ومآذن المساجد، وأضواء السيارات، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي خلال الليل، وفقاً لوكالة أنباء أسوشيتد برس. ووفقاً للاتحاد الأوروبي، أدت الحرب في سوريا إلى تعطيل أكثر من نصف شبكة الكهرباء في البلاد، وأصبحت إمدادات الكهرباء في سوريا في الوقت الراهن لا تكفي لتوصيل التيار إلا لساعتين إلى أربع ساعات يومياً. ويجد ملايين السوريين صعوبة بالغة في تلبية احتياجاتهم الأساسية كالحصول على الخدمات الضرورية مثل الرعاية الصحية والتعليم والأمن. ويستخدم هؤلاء ما يتيسر لهم الحصول عليه من كهرباء لتبريد الطعام وشحن الهواتف. لذا، يُعد تأمين الطاقة من أبرز التحديات التي يتعين على الحكومة الانتقالية، التي تولّت السلطة عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، التصدي لها. ومن المؤكد أيضاً أن هذه القضية تحظى بأهمية كبيرة في إطار السعي للنهوض بالاقتصاد. وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن كمية الضوء المنبعثة ليلاً من منطقة ما تُعد من مؤشرات النشاط الاقتصادي العام. وتراجعت هذه الكمية في سوريا بنسبة 83 في المئة بين عامي 2010 و2024. وأعلنت عدة دول في هذه المناطق عن حزم من الاستثمارات والمساعدات لصالح سوريا. ووافق البنك الدولي في 25 يونيو/حزيران الماضي على منحة بقيمة 146 مليون دولار لصالح سوريا، تُخصص لإصلاح قطاع الكهرباء ودعم تطوير قطاع الطاقة في البلاد. وأعلنت تركيا أيضاً عن مبادرات بمليارات الدولارات في مجالات متعددة، تشمل الغاز الطبيعي والطاقة. وتقول تركيا إنها تسعى للمساهمة في تلبية الاحتياجات العاجلة على المدى القصير في سوريا، وتعمل على تعزيز البُنى التحتية لإنتاج الطاقة وتوزيعها في البلاد على المدى المتوسط. صدر الصورة، David Lombeida/Bloomberg/Getty Images التعليق على الصورة، من المتوقع أن تسهم المنحة التي أعلن عنها البنك الدولي في 25 يونيو/حزيران في تمويل إصلاح خطوط نقل الجهد العالي واستعادة الاتصال الإقليمي لسوريا مع دول مثل الأردن وتركيا وفي تصريح لوكالة أنباء الأناضول، أفاد وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، بأن الكهرباء يمكن توفيرها في الوقت الراهن لعدة مناطق في عموم سوريا لبضع ساعات يومياً. وأوضح أن الهدف هو زيادة مدة توافر الكهرباء تدريجياً لتصل إلى 12 ساعة من التغذية المتواصلة يومياً. وأعلن أيضاً، خلال زيارته إلى دمشق في 22 مايو/أيار، أن تصدير ملياري متر مكعب من الغاز إلى سوريا سيبدأ قريباً. وأضاف، بعد يوم من الزيارة، أن تركيا تتوقع أن تسهم صادرات الغاز الطبيعي في زيادة إنتاج الكهرباء في المنشآت داخل سوريا بنحو ثلاثة أضعاف. وتسعى تركيا إلى تصدير الغاز الطبيعي اللازم لمحطات توليد الكهرباء في حلب من أراضيها. وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي إن الربط عبر خط أنابيب الغاز الطبيعي بين كليس وحلب سيكون لتحقيق هذا الغرض. وأعلن أن أعمال الإنشاء اكتملت في21 مايو/ أيار، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل هذا الخط في وقتٍ قريبٍ. ولا تقتصر مشروعات الطاقة التركية في سوريا على تصدير الغاز الطبيعي فقط. فقد أفادت وكالة أنباء رويترز في السابع من يناير/كانون الثاني، نقلاً عن وكالة الأنباء العربية السورية (سانا)، بأن هناك نية لشراء سفينتين لإنتاج الكهرباء من تركيا وقطر. وقال خالد أبو داي، رئيس الإدارة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، لوكالة سانا السورية، إن إجمالي إنتاج السفينتين من المقرر أن يصل إلى 800 ميغاواط من الكهرباء، من دون إعلان موعد محدد للبدء في تنفيذ هذا المشروع. اتفاقية تعاون استراتيجي بقيمة 7 ترليون دولار صدر الصورة، Rami Alsayed/NurPhoto/Getty Images التعليق على الصورة، السفير الإيطالي في سوريا ستيفانو رافانيان يزور محطة دير علي لتوليد الكهرباء في ريف دمشق وقد وُقع أكبر اتفاق في مجال الطاقة تشارك فيه تركيا في 29 مايو/أيار الماضي. ووفقاً لوكالة الأناضول، تم توقيع اتفاق تعاون استراتيجي بقيمة 7 مليارات دولار بين شركتي كاليون القابضة وجنكيز القابضة من تركيا، وشركة "يو سي سي" القطرية، وشركة باور إنترناشونال الأمريكية. وفي حفل التوقيع الذي حضره الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الطاقة محمد بشير، تم التوصل إلى اتفاق لبناء محطات توليد كهرباء تعمل بدورة مركبة باستخدام الغاز الطبيعي بقدرة إجمالية 4000 ميغاواط في مناطق تريفى وزيزون ودير الزور ومحردة في سوريا. فضلاً عن ذلك، من المقرر إنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط في منطقة وديان الربيع. وأوضح كريم الجندي، الرئيس التنفيذي لمعهد الكربون، في تصريحات أدلى بها لبي بي سي التركية فيما يتعلق بهذا الاتفاق أن "سوريا لا تملك حالياً سوى 2 غيغاواط من القدرة الإنتاجية للطاقة"، مشيراً إلى أن هذا الاستثمار وحده كفيل برفع هذه القدرة إلى 7 غيغاواط. وقال الجندي، الخبير في سياسات الطاقة والمناخ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز الأبحاث البريطاني "تشاتام هاوس"، إن هذه القدرة الإنتاجية تقارب المستوى الذي كانت عليه سوريا قبل اندلاع الحرب عام 2011. وأضاف أن سوريا بحاجة ماسة إلى تنمية اقتصادية لا يمكن تحقيقها في ظل انقطاع الكهرباء لمدة 20 ساعة يومياً، معتبراً أن هذا الاستثمار يُعد من الشروط الأساسية لتحقيق التعافي الاقتصادي في البلاد. ويجري البحث عن بدائل محتملة للفرص المتاحة في شرق البحر المتوسط. على ذلك، نحاول فيما يلي الإجابة عن السؤال التالي: ما هي التداعيات الجيوسياسية المحتملة لمبادرات الطاقة التي تتبناها تركيا في سوريا؟ وفقاً لتقرير صادر عن معهد الاتحاد الأوروبي لدراسات أمن الطاقة، قدمت تركيا دعماً لشبكة الكهرباء الإقليمية بالتوازي مع دعمها للحكومة القائمة في إدلب. ويرى المعهد أن تركيا تأمل في "تكرار هذا النجاح على المستوى الوطني" من خلال "معادلة مماثلة لأمن الطاقة". وقال سِنان جيدي، مدير برنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (مؤسسة بحثية مقرها واشنطن)، في تصريح أدلى به لبي بي سي التركية إن أنقرة تسعى إلى توفير "فرص بديلة" من خلال صفقات طاقة جديدة في شرق المتوسط، إذ أنها "مُستبعدة حالياً من الاتفاقيات الكبرى" في المنطقة. وجمع منتدى غاز شرق البحر المتوسط، الذي تم توقيعه في عام 2020، بين المنافسين الإقليميين لتركيا في مجال الطاقة، ومن بينهم مصر وإسرائيل واليونان وقبرص وإيطاليا والأردن. ويرى كريم الجندي أن "تركيا تسعى منذ فترة لترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للطاقة"، وأن خطتها لتزويد سوريا بالغاز الطبيعي "تتسق تماماً مع هذا التوجه الاستراتيجي". وفي تحليل نُشر في ديسمبر/ كانون الأول 2024 لصالح مركز "تشاتام هاوس"، يرى الجندي أن بناء تركيا خط أنابيب غاز نحو غرب سوريا، وربطه بشبكة الغاز العربية القائمة التي تربط سوريا والأردن ومصر، من شأنه أن يتيح لموردي الغاز في المنطقة، مثل إسرائيل ومصر، مساراً أكثر جدوى من الناحية التجارية من أجل الوصول إلى الأسواق الأوروبية مقارنة بالخيارات الحالية لنقل الغاز المسال. ويتوقع أن يشكل هذا الأمر تحدياً لمنتدى غاز شرق البحر المتوسط. وتعيق العقوبات المفروضة على سوريا تنفيذ الاستثمارات على أرض الواقع. وعلى مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، أصيب الاقتصاد السوري بشلل شبه كامل نتيجة تداعيات الحرب والعقوبات المفروضة على البلاد. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات إضافية على سوريا بعد اندلاع الحرب في عام 2011 بهدف حرمان نظام بشار الأسد من الموارد التي كان يعتمد عليها. وحتى وقت قريب، أدى هذا الوضع إلى استبعاد سوريا شبه الكامل من النظام المالي العالمي. وفي عام 2018، أعلنت الأمم المتحدة أن 90 في المئة من سكان سوريا، البالغ عددهم نحو 25 مليون نسمة، يعيشون تحت خط الفقر وأن البلاد أُدرجت ضمن مجموعة الدول منخفضة الدخل. وخلال زيارته إلى السعودية في 13 مايو/ أيار الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا. وقال ترامب إنه اتخذ هذا القرار بتشجيع من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وعلى الرغم من أن العقوبات رُفعت جزئياً في نهاية مايو/ أيار، إلا أنّ رفع جميع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على سوريا يتطلب موافقة الكونغرس. وقال سِنان جيدي إن من المحتمل أن يُبدي بعض أعضاء الكونغرس تردداً في رفع العقوبات ما لم تظهر الحكومة السورية التزاماً فعلياً بالحكم الديمقراطي. ويشير ذلك إلى أن عملية إعادة الإعمار في سوريا قد تستغرق وقتاً طويلاً. وفي حديثه لبي بي سي التركية، شرح أوغوزهان أكيينر، رئيس مركز أبحاث استراتيجيات وسياسات الطاقة التركي (TESPAM)، تأثير العقوبات على مجمل الاقتصاد على النحو التالي "على سبيل المثال، عندما تُعلن قطر أو الإمارات عن حزمة دعم مالي، يتعين استخدام النظام المصرفي لتوجيه هذه الحزمة وتوزيعها على مشاريع محددة داخل البلاد". "لكن في الوقت الراهن، تُدرج جميع البنوك، بما في ذلك مصرف سوريا المركزي، على قوائم العقوبات. وحتى لو تمكنوا نظرياً من إدخال الأموال عبر السفن أو الطائرات، فسوف تظل هناك مشكلات تتعلق بسير العمليات المالية داخل البلاد". وشدد أكيينر على أن إجراءات مثل "تقديم ضمانات مصرفية حتى في صادرات المحوّلات" لا تزال تمثل عقبة لم يتم تجاوزها بعد في سياق مشاريع الطاقة.