
بريطانيا: كيف تساهم في إبادة جماعية؟
فقد قام البرلمان البريطاني أول أمس الأربعاء بحظر حركة «العمل من أجل فلسطين» (بالستاين أكشن) وإدراجها ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية تحت قانون الإرهاب، على خلفية قيام نشطاء من الحركة برش طائرات حربية بالطلاء الأحمر، وهو ما اعتبرته وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر «نوعا من الأفعال يشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني».
تناظر ذلك مع الحملة التي شنّها ساسة ونواب وإعلاميون على فرقة «بوب فيلان» الموسيقية بعد ترديد المغني الرئيسي في الفرقة شعار «الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي» خلال حفل في مهرجان غلاستنبري الموسيقي. اعتذرت إدارة المهرجان عن «الأفعال المعادية للسامية»، وقامت وزيرة الثقافة (والإعلام) ليزا ناندي بإلقاء بيان غاضب في البرلمان وقامت الشرطة بالتحقيق مع أعضاء الفرقة، واعتذرت «هيئة الإذاعة البريطانية» عن الواقعة، وأعلنت اتخاذ إجراءات خاصة تتعلّق ببث الحفلات الموسيقية على الهواء لمنع تكرار ما حصل، والتقى مديرها بالموظفين اليهود فيها للاعتذار منهم شخصيا الخ. وكانت «بي بي سي» قد منعت، خلال المهرجان نفسه، بث مقطع الفعالية التي شاركت فيها فرقة «نيكاب» الأيرلندية.
أضافت «بي بي سي» مزيدا من الجدل عزز الاتهامات لإدارتها بالانحياز لإسرائيل، فامتنعت عن عرض فيلم «غزة: مسعفون تحت النار» وهو من إنتاج الهيئة البريطانية التي قامت إدارتها بتأخير عرضه لأشهر، ثم قررت، وبشكل مفاجئ وغامض، عدم عرضه مما دفع القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني لعرضه ليلة أول أمس الأربعاء. الفيلم هو تحقيق في جرائم الحرب الجارية في غزة.
ساهمت هذه الحوادث الأخيرة في توقيع أكثر من 400 نجم وشخصية إعلامية بريطانية رسالة وجهت لإدارة بي بي سي طالبوا فيها بإقالة عضو مجلس الإدارة روبي غيب، على خلفية ما وصفوه بتضارب المصالح في ما يتعلق بتغطية أحداث الشرق الأوسط، وهو أحد قادة مجموعة اشترت صحيفة اليهود المركزية في بريطانيا، «جويش كرونيكل»، والذي عمل في إدارة الشركة المالكة حتى وقت قريب.
قبيل هذه الأحداث الأخيرة جاء قرار من المحكمة العليا في بريطانيا برفض دعوى رفعها نشطاء يسعون إلى وقف نقل جميع قطع الغيار البريطانية الصنع لطائرات إف 35 المقاتلة الأمريكية الصنع إلى إسرائيل. بررت المحكمة قرار الرفض بأن هذا من اختصاص السلطة التنفيذية، أما السلطة التنفيذية (الحكومة) فقالت إنها لا تستطيع الانسحاب من برنامج تزويد إسرائيل بالأسلحة لأن ذلك «يعرض السلام الدولي للخطر»!
يشير ما يحصل، رغم الإبادة الجماعية المعلنة على رؤوس الأشهاد في غزة، إلى وجود موازين قوى ضاغطة لصالح إسرائيل ضمن الحكومة والإعلام البريطانيين وهو أمر داخليّ يرتبط باعتبار إسرائيل استثمارا تاريخيا مستمرا للكولونيالية الغربية، وباعتبار مواطني بريطانيا الصهاينة من اليهود (ومن يخدمون منهم في جيش إسرائيل، ولا يلاحقون جنائيا عن جرائمهم في غزة) وغير اليهود جزءا من المعادلة، كما أنه أمر خارجيّ، كما تشير قضية المحكمة.
يرى مقال رأي في صحيفة «الغارديان» البريطانية أن الحملة السياسية ـ الإعلامية التي جرت بعد حدث «بوب فيلان» ليست سوى لصرف الانتباه عن تواطؤ بريطانيا في «جريمة القرن». ما يحصل، في رأينا، هو أقرب إلى مساهمة فعلية في الجرائم الإبادية ضد الغزيين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 37 دقائق
- العربي الجديد
غضب يميني من هتافات مؤيدة لفلسطين في مهرجان روسكيلد الدنماركي
انتقل السجال حول اختيار الفرق الفنية الأوروبية دعم القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني إلى الدنمارك في اليومين الماضيين. ففي مهرجان روسكيلد الموسيقي بمشاركة فرق محلية وأوروبية اختارت فرقة فونتين دي سي الأيرلندية، وسط حضور آلاف الشبان والشابات مساء الأربعاء، تخصيص 10 دقائق من الساعة المخصصة لها لتقلب مسرحها البرتقالي إلى تظاهرة فعلية مع فلسطين. لم يقتصر الأمر على هتاف "فلسطين حرة من النهر إلى البحر" ورفع أعلام فلسطين، بل ردّد أعضاء الفرقة هتافات بالعربية مثل "حرية حرية" و"أنا راجع إلى نابلس" وجنين والقدس وغيرها من مدن فلسطين، وسط مشاركة الجمهور. وعبّرت الصحف اليمينية والمؤيدة لدولة الاحتلال في الدنمارك عن انزعاجها من المشهد في مهرجان روسكيلد الموسيقي، كما جرى سابقاً مع مهرجان غلاستونبري في بريطانيا، عندما ردّد نحو 30 ألفاً مع فرقة نيكاب الأيرلندية، السبت الماضي، هتافات تؤيد فلسطين وتهاجم رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر وجيش الاحتلال. وذكّرت "نيكاب" ستارمر، الذي خاض قبل سنوات "حملة تطهير" لحزب العمال من العناصر التي اعتبرها معادية للسامية على يد ضابط سابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وانقلب على جيرمي كوربن، بأنه "متواطئ مع إسرائيل"، وبأنه "رئيس حكومة بريطانيا وليس رئيس حكومتنا (في أيرلندا)". وعلى الرغم من أن مغني الفرقة وليام أوهانا ، المعروف باسمه الفني مو شارا، اتهم بدعم الإرهاب، وألغيت حفلات فرقته في ألمانيا وأميركا، إلا أن ذلك لم يؤثر على إعلان فرقٍ أخرى موقفها الواضح من الإبادة الإسرائيلية، مثل "فونتين دي سي" و"بوب فيلان" التي وعدت بالغناء لفلسطين في مهرجان روسكيلد بالدنمارك. ومنذ السبت الماضي أُطلقت تحذيرات كثيرة من تكرار مشاهد مهرجان غلاستونبري في الدنماركي، وسط دعوات من مؤيدي الاحتلال بألا يسمح المهرجان الدنماركي الأكبر روكسيلد بما يسميه مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي وساسة اليمين القومي "تسيس الفن والثقافة". كما طالبوا منظمي المهرجان بمنع رفع علم فلسطين أو إظهار التضامن معها. لكن حفل الافتتاح مع فرقة فونتين دي سي، مساء الأربعاء، جرى على عكس رغبة مؤيدي الاحتلال، وأكد المنظمون أنهم كانوا على علم بأن الفرقة سوف تعبر عن موقفها، وبأنها "ستمنح الناشطين المتضامنين مع فلسطين الوقت للصعود على المسرح والهتاف لأجل فلسطين وتقديم رسالة سياسية واضحة". رفض منظمو المهرجان الاستجابة للضغوط من أجل منع التعبير عن رأي سياسي خيّب آمال المعسكر المنزعج من هتاف "من النهر إلى البحر، فلسطين حرة"، والذين يريدون تصنيفه في خانة معاداة السامية، لترهيب الأصوات المعترضة على استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة. عكس ذلك تراجعاً في قدرة اتهامات مثل "معاداة السامية" في تكميم أفواه الفنانين والموسيقيين الأوروبيين، خاصةً الأجيال الجديدة التي ترفض الازدواجية الفاضحة في المعايير. فمن ناحية لا أحد يطالب بمنع التعبير عن مواقف حيال قضايا المناخ والبيئة وحقوق المثليين ورفض السلاح والطاقة النووية وغيرها من القضايا، بينما يجرى استهداف أي إشارة إلى فلسطين وإلى جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة. سينما ودراما التحديثات الحية "كارلوفي فاري الـ59": مصائب أفراد في بيئات ونفوس وأرواح وانتقدت صحافة اليمين الدنماركي، الخميس، من عرض الشاشة الكبيرة على مسرح مهرجان روسكيلد جملة أن "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، ارفع صوتك"، بالنسبة إليهم لا يوجد إبادة جماعية ولا جرائم حرب في غزة. وعبّرت صحيفة بيرلنغسكا ذات التوجه اليميني عن خيبتها من عدم حظر إدارة مهرجان روكسيلد للتعبير عن مواقف سياسية رافضة للاحتلال الإسرائيلي. بل انزعجت مع غيرها من الصحف من ذات التوجه من هتاف جمع بين حرية فلسطين وجزيرة غرينلاند بهتاف "من غرينلاند إلى فلسطين الاحتلال جريمة". يمكن القول إن حالة من الفزع تسود الأوساط المؤيدة للاحتلال في الدنمارك، وهو ما يشير إليه الكاتب الدنماركي جون غراوسغورد في حديث مع "العربي الجديد"، قائلاً: "مشكلة ذلك المعسكر تكمن في أن السردية الصهيونية، التي قامت تاريخياً على إبعاد الحقيقة والتعتيم عليها من خلال صحافة الماضي، تتهاوى تماماً". كما رأى أن احتجاجات اليمين على زيادة التأييد للقضية الفلسطينية في الأوساط الفنية والثقافية والأكاديمية، يعبّر عن "حنق وانزعاج من السردية الفلسطينية التي اخترقت جدران الصمت، وبالتالي لم يعد ممكناً إعادتها إلى الوراء"، مضيفاً: "سنشهد المزيد من التراجع في مكانة ومصداقية السرديات التي تؤيد دولة إسرائيل، خصوصاً لدى الأجيال الشابة الجديدة". ولفت غراوسغورد على أن في كل مرة يثير مؤيدو إسرائيل "ضجة بشأن فلسطين وينفون جرائم الإبادة المرتكبة في غزة كلما زاد الوعي بعدالة قضية فلسطين وحق شعبها في الحرية والاستقلال".


القدس العربي
منذ 5 ساعات
- القدس العربي
منتج وثائقي عن غزة يتهم 'بي بي سي' بمحاولة إسكاته
لندن: اتهم بن دي بير، المنتج المنفذ لفيلم وثائقي عن العاملين في مجال الرعاية الصحية في غزة، هيئةَ الإذاعة البريطانية 'بي بي سي' بمحاولة إسكاته وفريقه، عقب رفض الهيئة بث الفيلم. جاء ذلك في منشور على منصة 'لينكيد إن'، الخميس، كتبه دي بير مؤسس شركة 'بيسمنت فيلمز' التي أنتجت الفيلم الوثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية. والفيلم الوثائقي 'غزة: أطباء تحت الهجوم' يكشف عن الاستهداف الممنهج الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها في هجماته على غزة. ويتضمن لقطات وشهادات تُظهر أن الأطباء والفرق الطبية في غزة لا يُحرمون من حماية القانون الدولي فحسب، بل يتعرضون أيضا للاستهداف والاعتقال والتعذيب المتعمد على يد جنود الجيش الإسرائيلي. وأوضح دي بير أن 'بي بي سي' حاولت فرض عقد يتضمن 'بند السرية المزدوجة' لإسكاته هو وفريقه. وقال: 'اعترضت على بند السرية المزدوجة الذي حاول مسؤولو بي بي سي مرارا إجباري على توقيعه، ورفضت التوقيع عليه'. وانتقد دي بير، المديرَ العام لـ'بي بي سي' تيم ديفي، مدعيا أن جميع القرارات اتخذها ديفي بدلا من الصحافيين. وفي 20 يونيو/ حزيران الماضي، أعلنت 'بي بي سي' إلغاء بث الفيلم الوثائقي بزعم وجود 'مخاوف بشأن مبدأ الحياد'، وعقب ذلك بثته القناة الرابعة البريطانية، الأربعاء. يذكر أن 'بي بي سي' اعتذرت في فبراير/ شباط الفائت عن بث الفيلم الوثائقي 'غزة: كيف تنجو في محور الحرب'، الذي تناول تأثير الحرب على الأطفال في غزة. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وعمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف المستشفيات في غزة، وحولها إلى ساحة حرب من خلال الاقتحامات واعتقال كوادر طبية، وأخرج معظمها عن الخدمة، فضلا عن حصار خانق أنهك القطاع الطبي. (الأناضول)


القدس العربي
منذ 20 ساعات
- القدس العربي
بريطانيا: كيف تساهم في إبادة جماعية؟
جرت عدة أحداث في بريطانيا في الأيام الأخيرة الماضية تتعلّق بمواقف الحكومة والقضاء والإعلام والجمهور بإسرائيل وجرائم جيشها الإبادية في قطاع غزة، وتتعلّق بالتالي بالفلسطينيين والعرب. فقد قام البرلمان البريطاني أول أمس الأربعاء بحظر حركة «العمل من أجل فلسطين» (بالستاين أكشن) وإدراجها ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية تحت قانون الإرهاب، على خلفية قيام نشطاء من الحركة برش طائرات حربية بالطلاء الأحمر، وهو ما اعتبرته وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر «نوعا من الأفعال يشكل تهديدا للأمن القومي البريطاني». تناظر ذلك مع الحملة التي شنّها ساسة ونواب وإعلاميون على فرقة «بوب فيلان» الموسيقية بعد ترديد المغني الرئيسي في الفرقة شعار «الموت لجيش الدفاع الإسرائيلي» خلال حفل في مهرجان غلاستنبري الموسيقي. اعتذرت إدارة المهرجان عن «الأفعال المعادية للسامية»، وقامت وزيرة الثقافة (والإعلام) ليزا ناندي بإلقاء بيان غاضب في البرلمان وقامت الشرطة بالتحقيق مع أعضاء الفرقة، واعتذرت «هيئة الإذاعة البريطانية» عن الواقعة، وأعلنت اتخاذ إجراءات خاصة تتعلّق ببث الحفلات الموسيقية على الهواء لمنع تكرار ما حصل، والتقى مديرها بالموظفين اليهود فيها للاعتذار منهم شخصيا الخ. وكانت «بي بي سي» قد منعت، خلال المهرجان نفسه، بث مقطع الفعالية التي شاركت فيها فرقة «نيكاب» الأيرلندية. أضافت «بي بي سي» مزيدا من الجدل عزز الاتهامات لإدارتها بالانحياز لإسرائيل، فامتنعت عن عرض فيلم «غزة: مسعفون تحت النار» وهو من إنتاج الهيئة البريطانية التي قامت إدارتها بتأخير عرضه لأشهر، ثم قررت، وبشكل مفاجئ وغامض، عدم عرضه مما دفع القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني لعرضه ليلة أول أمس الأربعاء. الفيلم هو تحقيق في جرائم الحرب الجارية في غزة. ساهمت هذه الحوادث الأخيرة في توقيع أكثر من 400 نجم وشخصية إعلامية بريطانية رسالة وجهت لإدارة بي بي سي طالبوا فيها بإقالة عضو مجلس الإدارة روبي غيب، على خلفية ما وصفوه بتضارب المصالح في ما يتعلق بتغطية أحداث الشرق الأوسط، وهو أحد قادة مجموعة اشترت صحيفة اليهود المركزية في بريطانيا، «جويش كرونيكل»، والذي عمل في إدارة الشركة المالكة حتى وقت قريب. قبيل هذه الأحداث الأخيرة جاء قرار من المحكمة العليا في بريطانيا برفض دعوى رفعها نشطاء يسعون إلى وقف نقل جميع قطع الغيار البريطانية الصنع لطائرات إف 35 المقاتلة الأمريكية الصنع إلى إسرائيل. بررت المحكمة قرار الرفض بأن هذا من اختصاص السلطة التنفيذية، أما السلطة التنفيذية (الحكومة) فقالت إنها لا تستطيع الانسحاب من برنامج تزويد إسرائيل بالأسلحة لأن ذلك «يعرض السلام الدولي للخطر»! يشير ما يحصل، رغم الإبادة الجماعية المعلنة على رؤوس الأشهاد في غزة، إلى وجود موازين قوى ضاغطة لصالح إسرائيل ضمن الحكومة والإعلام البريطانيين وهو أمر داخليّ يرتبط باعتبار إسرائيل استثمارا تاريخيا مستمرا للكولونيالية الغربية، وباعتبار مواطني بريطانيا الصهاينة من اليهود (ومن يخدمون منهم في جيش إسرائيل، ولا يلاحقون جنائيا عن جرائمهم في غزة) وغير اليهود جزءا من المعادلة، كما أنه أمر خارجيّ، كما تشير قضية المحكمة. يرى مقال رأي في صحيفة «الغارديان» البريطانية أن الحملة السياسية ـ الإعلامية التي جرت بعد حدث «بوب فيلان» ليست سوى لصرف الانتباه عن تواطؤ بريطانيا في «جريمة القرن». ما يحصل، في رأينا، هو أقرب إلى مساهمة فعلية في الجرائم الإبادية ضد الغزيين.