
إيران وأمن الخليج... هل من تغيير؟
قراءة كتاب "صبح الشام" لحسين أمير عبد اللهيان (وهو الذي تولى وزارة الخارجية الإيرانية أثناء حكم الرئيس إبراهيم رئيسي، والاثنان سقطت بهما الطائرة في 19-5-2024. عبد اللهيان قضى فترة طويلة مساعداً لوزراء الخارجية المتعددين، والكتاب هو عبارة عن مجموعة من الأفكار جَمَعها مركز الدراسات في وزارة الخارجية الإيرانية، صدر أولاً بالفارسية، ثم صدر في 2022 مترجماً إلى العربية من إحدى المؤسسات الدينية في العراق)... يمكن أن تعطينا مؤشرات عامة لقواعد السياسة الخارجية الإيرانية، ربما حتى الاشتباك الأخير بين إيران وإسرائيل، وربما حتى بعده!!
الفكرة الرئيسية للكتاب أنها تتحدث عن جهود إيران في تثبيت حكم بشار الأسد في سوريا، ولكن أيضاً يعرج على ملفات أخرى كثيرة، فيقول مثلاً عمّا عرف بربيع العرب إن الحركة نابعة أو تابعة لأفكار السيد الخميني!!
في محاولته لإقناع الجانب الروسي بالوقوف مع بشار الأسد ضرب لهم المثال التالي كما يقول في الكتاب: "عندما وجدت السيد بوغدانوف وهو معاون وزير الخارجية الروسي، غير مقتنع بدعم بشار الأسد، قلت له إن دولة البحرين جزيرة صغيرة، وانفصلت عن إيران عام 1971 بسبب سوء تدبير النظام البهلوي وقتها، ومع ذلك فإن تلك الدولة لم ترضخ لثورة شعبية من أجل تغيير شخص واحد هو رئيس الوزراء، لذلك فإن تغيير بشار الأسد يمكن أن يغيّر هيكلية النظام في سوريا"!!
تحدث عن دول الخليج أنها "أنظمة عائلية وراثية"، وهو ينتقد من جهة أخرى ما سمّاه الحرب على اليمن فيقول: "كان الحوثيون نشيطين في عام 2011 وكانت مجريات الأحداث تظهر دوراً بارزاً لأنصار الله في تحوّلات السياسة والأمن، أسهمت هذه الأفكار في الوحدة الوطنية اليمنية"!
أما عن الاتفاق الذي وقعته إيران مع أميركا في عهد الرئيس باراك أوباما في 2015 فيقول: "قدمت أميركا بعض التنازلات لإيران في سوريا لتمرير الاتفاق في المباحثات النووية التي وقعت في 2015"، وبذلك غضّت الطرف عن النشاط الإيراني في شرق المتوسط!
ثم يكمل حسين عبد اللهيان سرده عن سوريا فيقول إن "طهران دعت إلى جلسات حوارية بين النظام السوري، وبين عدد من قوى المعارضة السورية المؤمنة بالحل السلمي، وقضينا ثلاثة أيام صعبة في ذلك الحوار، إلا أنه حدثت مشاجرات بين المجموعات المختلفة، وهي مشاجرات ذات طابع عربي"!! في إشارة إلى طبع العرب في الشجار. وهنا يذهب السيد عبد اللهيان إلى التعميم، بل وشيءٍ من العنصرية، حيث يصف هذه المشاجرات السياسية بـ"ذات طابع عربي"!! وكأن الإيرانيين لا يتشاجرون!!
يكمل في هذا الموضوع، أن المسؤول عن المفاوضات من الجانب السوري الرسمي، كان قدري جميل، الذي بعد أسابيع هرب من سوريا، وطلب اللجوء في مكان آخر!!
يقول إن السياسة الخارجية الإيرانية تعتمد أساساً على مصالح الأمن القومي الإيراني، وتمر في رسمها بعدة مؤسسات، ولكنها لا تأخذ شكل التنفيذ، إلا بعد موافقة "الإمام القائد"، وهذا يعني أن مركزية اتخاذ القرار في الدولة الإيرانية القائمة، كانت ولا تزال في يد المرشد!
يرى أن دول العالم العربي قاطبة، ليس فيها شخص لم يتأثر بخطاب الثورة الإسلامية الإيرانية! كما يقدم بعض الأفكار على أنها حقائق ثابتة، فيقول مثلاً: "عندما ينتهي النفط في المملكة العربية السعودية، فإن نفط العراق يمكن أن يستمر 50 إلى 70 عاماً، لذلك فإن العراق هو الأكثر غنى والأكثر أهمية في المنطقة"، لذا لا بدّ من البقاء فيه!!
أما في حرب لبنان في عام 2006 فيرى أن "حزب الله قد انتصر، والذي طلب وقف إطلاق النار بعد 30 يوماً من القتال هو إسرائيل، وليس حزب الله"، في الوقت الذي يعرف على نطاق واسع أن من طلب وقف إطلاق النار هو الدولة اللبنانية، وكان "حزب الله" جزءاً منها في وقتها، وكانت الحكومة برئاسة السيد فؤاد السنيورة.
الطابع الرسمي الاحتفالي للسياسة الخارجية الإيرانية مشحون بالأيديولوجيا الدينية، ويخاطب جمهوراً متعاطفاً، والكاتب كان على رأس الديبلوماسية الإيرانية في ذلك الوقت الذي صدر فيه الكتاب، فإذن هو وثيقة رسمية للدوائر السياسية الإيرانية.
السؤال، هل تتغيّر تلك الأفكار الرئيسية التي جاءت في كتاب السيد عبد اللهيان؟ والكتاب مليء بالقضايا التي تمسّ الوطن العربي، سواء في سوريا أو في مصر أو في جزيرة العرب، وينقل على لسان أشخاص كلاماً محرجاً لهم ولدولهم، إن صحّ قوله، لا أرغب في ترديده هنا.
بعد هذا الاشتباك الذي دام اثني عشر يوماً، ووقوف دول الخليج بشكل واضح ضد الاعتداء الإسرائيلي، السؤال المطروح: هل تغيّرت الأفكار الرئيسية في ذلك الكتاب، أم لا تزال الخطوط الرئيسية للسياسة الإيرانية هي المعتمدة؟
شخصياً أميل إلى أن التغيير، إن حدث، فهو طفيف، وما زالت قواعد اللعبة كما هي. ومن حسن الفطن أن يطلع متخذ القرار في الدول العربية، وفي الخليج بالذات، على هذه الوثيقة (الكتاب) لعله يكتشف النوايا التي تختفي وراء الحديث الناعم!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الجزائرية
منذ 5 ساعات
- الشرق الجزائرية
باركَ باراك والسلام عليكم
رئيس تحرير مجلة «العالمية» سبقَ أن شاهدتُم مباراةً في الـملاكمة، ولكن هل لفتكم كيف يتصافح الأخصام على الحلبة مع تَحيّةٍ للجمهور وسط هيصة الـمشجعين؟ لكن بعد التحية والابتسامة والمصافحة، يتقاتل الملاكمون حتى الإنكسار أو الاستسلام! إنّها لعبة واضحة أمام الجمهور، ولكن في السياسة، لا يصدّقها المتفرّجون حتى تسقط البيوت على ساكنيها. رئيس العالم بشّرَ العالم بأنه أعطى فرصةً لإيران، كي تراجع حساباتِها وتتخذ القرار. وقبل أن تفكّر، انقضَّ ترامب عليها، وضرب ما كان يُفترضُ التفاوض عليه. فجاءت العاصفة بعد الابتسامة مباشرةً! إنّه ملاكم سابق في سيرة حياته الحافلة! في الحروب، ينعدم الشرف في كل الوعود، ولا يبقى من الشرف إلاّ شعرةٌ في شاربَي جدّي، الذي نتفَ شعراتِ شاربيه على مَرّ السنين، ولم ينقض وعدَ شرفٍ قطعه على نفسه! اليوم جاء الموفد الأميركي توم باراك إلى لبنان، مبتسمًا في وجوه الصحافيين، بعد أن قطع الأمل من السياسيين واتّخذَ القرار، فقال: «هل تعتقدون أنّ دولةً أُخرى ستقوم بِحلّ حزب سياسي في دولة ذات سيادة؟ على اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولية نزع سلاح حزب الله». هل فهمَ أحد مدى الودّ في تصريح باراك؟ لقد باركَ باراك الردّ اللبناني الرسـمي، الذي وصفه بالرائع، وفي المقابل، حَمّلَ اللبنانيين مسؤولية نزع سلاح حزب الله، في ظلّ تصلُّب قرار الحزب على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، والإعلان عن عدم القبول بتسليم السلاح… إذًا السلام عليكم! الحلّ يورّطنا بحرب داخلية، ودماء في غير موقعها، وإلاّ ستتولّى إسرائيل قتل وهدم كل ما تبقّى من قوة حزب الله، ليحلّ السلام الذي تريده أميركا وإسرائيل، سلام الأقوياء بالتكنولوجيا والنار والحديد. أتعتقدون أنّ أميركا لا تعرف خارطة الطريق إلى سلام حقيقي في لبنان؟! طبعًا هي تعرف كل شاردة وواردة، ولكن من مصلحة إسرائيل، أن يبقى لبنان «الرجل المريض» الممنوع عليه أن يَموت أو أن يعيش! أمّا خارطة الطريق فتكون أوّلاً بإزالة الخوف الذي يَجعل حزب الله يأمنُ لتسليم سلاحه، وهي تبدأ بإزالة خطر جماعات المرتزقة المتطرّفة، على الحدود اللبنانية – السورية الشرقية والشمالية. وثانيًا بتسليم سلاح المخيمات الفلسطينية لأنّ الضيف لا يَحمل سلاحًا في وجود أهل البيت. وثالثًا انسحاب الجيش الإسرائيلي المحتلّ من النقاط الخمس بإشراف الأمم المتحدة. ورابعًا تسليم سلاح حزب الله وانتشار الجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية. وبعد ذلك لا نعرف ما إذا كان الحكم السوري سيتكرّم علينا بالإعتراف بلبنانية مزارع شبعا، ليصار إلى تَحريرها من الاحتلال الإسرائيلي عبر الأمم المتحدة، ولا يبدو أنّ هناك نيّة لذلك حتى الآن. ومع ذلك فلن ينفع القيام بتحريرها عسكريّاً لعدم تكافؤ القدرات العسكرية ولعدم وجود حجة قانونية. أمّا إذا كان توم باراك قد باركَ لنا بالورقة اللبنانية، فلا تعدو كونَها مجرّد ورقة، والحرب آتية! وما يغيب عن بال أميركا، هو أنّ إسرائيل التي تستطيع أن تَحتلّ العالم بالسلاح الأميركي، لن تَحصل على السلام لشعبها، ما دام هناك فلسطيني واحد مهجّر من أرضه وليس عنده دولة. السلام الحقيقي لا يتحقق بإبادة الشعوب، والتاريخ أكبر مدرسة، لا يتعلّم منها أحد! أين هو نيكولاو تشاوشيسكو الروماني اليوم؟ أين هو أدولف هتلر الألماني النازي؟ أين هو محمد الثاني الفاتح العثماني؟ أين هي الإمبارطورية الفارسية؟ أين هي الإمبراطورية الرومانية؟… لا يدوم إلاّ الله! وغدًا، عندما يهرب الشعب الإسرائيلي من فلسطين المحتلة، لأنّ دولته لم تؤمّن له السلام، لن يبقى في إسرائيل إلاّ العسكر والنار والخوف والرعب… بعد أن يَهجر الأمان ولا يتحقق السلام! فوزي عساكر


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
نداء الساحل السوري: أنقذوا ما تبقى منا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لليوم السابع على التوالي تستمر الحرائق التي اندلعت في المنطقة الممتدة ما بين قسطل معاف ( 35 كم شمال اللاذقية)، وتفرعت في اتجاهين الأول نحو الشرق وهو يمتد إلى كسب عند الحدود التركية، والآخر اتجه نحو الغرب: البسيط والباير، وآخر التقارير التي رصدها ناشطون تقول ان الحرائق امتدت منذ مساء أمس ( الإثنين) إلى غابات الفرنلق، التي تنتشر على مساحة 85 ألف هكتار، وهي تشكل ما يقارب 27 % من مساحة المحافظة، و36 % من مجموع الغطاء النباتي على امتداد البلاد، وفي الغضون كانت كل الطرق المؤدية إلى كسب مقطوعة. جبال بأكملها احترقت، وأضحت يباسا، وقد يكون ذلك أمرا صعبا، لكن الأصعب منه أن يكون «سوريا» هو الذي فعله. في ظل هذه الفوضى، التي أنتجت مناخا مثاليا للـ«الاستثمار» فيه لمن يريد، ذهبت جهات عدة لتبني الفعل، والجدير ذكره في هذا السياق أن صفحات تعود لأساتذة جامعات، قسم الأحراج والغابات، كانت قد رجحت أن تكون تلك الحرائق ناتجة عن «فعل بشري»، نظرا لكونها حدثت خارج «الذروة الحرارية الموسمية»، التي تقع عادة ما بين 10 تموز و 20 آب، فيما يعرف بـ«مربعانية الصيف»، وفيها، يضيف هؤلاء، تكتمل الشروط اللازمة لاندلاع الحرائق بشكل طبيعي لسبب أو لآخر، من حيث أنها تجيء بعد أربعة أشهر جفاف كشرط لازم، وغير كاف، لاندلاعها. في اليوم الثالث لاندلاع الحريق نشر موقع «دابق»، أحد الأذرع الإعلامية لتنظيم «سرايا أنصار السنة»، بيانا تبنى فيه مسؤوليته عن ذلك الفعل، وجاء في البيان «بعون الله، أحرق مجاهدوا سرايا أنصار السنة غابات القسطل( قسطل معاف) بريف اللاذقية 8 محرم، مما أدى إلى تمدد الحرائق إلى مناطق أخرى، ونزوح النصيرية من منازلهم، وتعرض عدد منهم للإختناق، والحمد لله»، وفي ما يمكن اعتباره «مبررا شرعيا» للقيام بالفعل، أعاد الموقع نشر فتوى لأبي الفتح الشامي، «المفتي العام» للتنظيم، كان قد أصدرها شهر نيسان الفائت، وجاء فيها «تخريب اقتصاد الكفار، وحرق ممتلكاتهم وقراهم وزروعهم ينقسم إلى أقسام، والقسم في انقسام، واختصارا فإن السواد الأعظم من الفقهاء أباحوا تخريب اقتصاد الكفرة، وإن لم تدعو المصلحة لذلك سوى غيظ الكفرة وإرهابهم والإضرار بهم»، وما يثير الاستغراب هو أن صفحة منسوبة الـى «لواء درع الساحل»، الذي يقوده مقداد فتيحة أحد مساعدي سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» سابقا، كانت قد نشرت بيانا بعد أقل من 24 ساعة على بيان «سرايا أنصار السنة» آنف الذكر، وجاء فيه «إن الحرائق التي التهمت أراضي وممتلكات ومراكز الجولاني وعصابته من التركمان والسنة العرب، هي نتيجة غضب امتد لأشهر من الوعود الكاذبة التي لم تمنح الأمان للعلويين»، ويؤكد البيان «إننا مستمرون في عملياتنا ضد كل من يقف في صف الجولاني وعصابته التكفيرية، ونعاهد أهلنا: إننا سنستعيد هذه الأرض شبرا شبرا، لا بالنداء وحده بل بالفعل، ولن نغفل بعد اليوم عن أي اعتداء يمارس ضد أبنائنا»، مع الإشارة إلى أن هذا البيان الأخير كان قد نشر على صفحة لا يزيد «عمرها» على 8 ساعات فقط. هنا يمكن التخمين أن البيانين السابقين ينهلان من «منبع» واحد على الأرجح، الأمر الذي يمكن تلمسه من خلال «الثغرة» التي احتواها بيان «أنصار السنة»، الذي تبنى حريق القسطل ذا الغالبية التركمانية كمدينة، وريفها، وكذا المناطق التي تمدد الحريق آنف الذكر إليها، يتقاسمه العلويون والتركمان بشكل هو أقرب للمناصفة، وعليه فقد فرض «المنبع» تصحيحا للصورة، الفعل الذي تكفل به بيان «لواء درع الساحل»، الذي قال باستهداف «الجولاني وعصابته من التركمان والعرب السنة». أيا يكن الأمر، فإن التوقيت، الذي جاء بعد 7 أشهر من سقوط نظام الأسد الذي أعقبه «زلزال آذار» الذي شهدته مناطق الحريق إياها، يبدو وكأنه لا يقل أهمية عن «الموقع»، الذي يرى أهله أنهم مستهدفون بشتى أنواع الفعل، والأمر تزداد حدته عند هؤلاء وهم يشاهدون، إما بشكل مباشر أو عبر آلاف المقاطع المصورة التي ملأت فضاء «المربع الأزرق»، احتراق جبالهم وقراهم وأراضيهم، بالتزامن مع سيل إعلامي لايتوقف، والكثير منه يوحي بأن ثمة «مشاريع» لاقتلاعهم منها عنوة، وإذا ما كان ذلك، أو معظمه على الأقل، يندرج تحت أطر يغلب عليها « التهويل» الذي تتعدد مراميه تبعا للقائم بالفعل، فإن من شأن ذلك أن يرخي بظلال سوداء على ذهنية باتت ترى نفسها على حواف «الوجود». لم يكن الاهتمام الحكومي متناسبا مع ما يجري على الأرض، وإذا ما شكل حضور وزير الطوارئ، رائد صالح، أمرا بالغ الأهمية من الناحية المعنوية، فإن الأداء الذي ظهر على طواقم الإطفاء العائدة لوزارته كان مشوبا بقلة الخبرة، الأمر الذي دعا الكثير من الأهالي لدعوة «الطواقم القديمة» التي تتمتع بخبرات لم يكن من «الحصافة الاستغناء عنها» وفقا لهؤلاء، في إشارة إلى التغييرات التي حصلت داخل الدفاع المدني، والتي قادت للاستغناء عن جل خبراته، وعلى الرغم من أن صالح كان قد أكد في تغريدة له على منصة « X،» في اليوم الخامس، إن «فرقا إطفاء تركية وأردنية تشاركان في عمليات الإطفاء، وبدعم جوي من الطائرات السورية والتركية والأردنية واللبنانية»، إلا إن النتائج، التي ظهرت في غضون اليومين التاليين لتلك المشاركة، لم تشر إلى كثير جدوى، فالنار لا تزال تتمدد، بل وتتخذ مسارات تهدد بالاتساع أكثر، واللافت في الأمر هو أن الطيران الروسي، الرابض على أرض «قاعدة حميميم»، لم يظهر أي نوع من الاهتمام بما يجري، وذاك وحده فعل كفيل بإثارة الكثير من إشارات الاستفهام، خصوصا أن القاعدة مجهزة بطيران مخصص لإطفاء الحرائق، وفي اتصال للـ«الديار» مع عدد من السوريين العاملين بالقاعدة أكد هؤلاء «وجود ثلاث طائرات مخصصة لإطفاء الحرائق الكبرى، إحداها تصل حمولتها إلى 40 ألف لتر ماء، وهي تستطيع ملئ خزاناتها خلال فترة لا تتعدى 30 ثانية». باتت «آلام» الساحل أكبر من أن يتم التعاطي معها عبر «الاعتذار»، من نوع الذي حدث بعد «مجازر الساحل»، أو عبر «التهدئة»، والوعود «بمعالجة الأمر»، من نوع الذي يحدث بعد كل إعلان عن عملية خطف، فكيف والأمر إذا ما بلغ هذه المرة «الجذور»، التي يسعى البعض إلى تقطيعها وصولا إلى اقتلاعها، أقله من منظور الغالبية الساحقة لأهل الساحل، أما عملية «إثبات العكس» فإنها، حتما، مسؤولية السلطة التي لم تنجح، عبر أي من خطواتها، في دحض ما «يتراءى» لهؤلاء، بل، ولربما، لم تحاول.


صدى البلد
منذ 6 ساعات
- صدى البلد
نائبًا عن الإمام الأكبر.. رئيس جامعة الأزهر يشارك في مؤتمر مكافحة كراهية الإسلام بجامعة الدول العربية
شارك الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، نائبًا عن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في فعاليات المؤتمر الدولي لمكافحة كراهية الإسلام الذي عقد في جامعة الدول العربية تحت شعار: "الإسلاموفوبيا: المفهوم والممارسة في ظل الأوضاع العالمية الحالية" بحضور الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لشئون الوافدين، والدكتور خالد عباس، عميد كلية اللغات والترجمة، والدكتورة أنوار عثمان، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر. ونقل رئيس جامعة الأزهر للحضور تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حفظه الله تعالى، وأشار إلى أن الإسلاموفوبيا تعني خوف البعض من الإسلام وكراهيته، وهو خوف على غير أساس؛ نتج عنه ممارسات بالتمييز والإقصاء، ويطوي وراءه أيضًا إدانةَ الإسلام وتاريخه، وإنكارَ وجودِ المعتدلين من المسلمين مع أنهم هم الأغلبية، والتعصبَ الأعمى ضد الإسلام والمسلمين؛ ونتج عنه أيضا التصدي للصراعات التي يكون المسلمون طرفا فيها على أنهم السبب في هذا الصراع، ونتج عنه أيضًا شن الحرب ضد المسلمين. وبيَّن رئيس جامعة الأزهر أن بداية استخدام هذا المصطلح كان في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن العشرين، ولكنه كثر وشاع بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م. وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن من أهم وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا دمج المسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها بحيث يكونون أفرادًا فيها ويشعرون أنهم مواطنون لهم ما لأهل البلاد التي يعيشون فيها وعليهم ما عليهم، وليسوا أقليات منبوذة، مشيرًا إلى أن هذا الدمج يخول لهم المشاركة في الحياة السياسية في الغرب، ويكون لهم دور مؤثر في تنمية مجتمعاتهم وينخرطون في الحياة العامة، وأن يصبح لهم وزن في الحياة. وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن هذا الدمج من شأنه أن يجعلهم قوة لهذه البلاد التي يأمنون فيها على أنفسهم وأولادهم وأموالهم، وأن يطرد عنهم الشعور بكثير من المعاني السلبية التي تبعث في نفوسهم الاضطهاد والكراهية وأنهم غير مرغوب فيهم في هذه البلاد، وهذا الدمج أصل أرسى دعائمه الإسلام ونزل به قرآن يتلى إلى يوم القيامة، قال الله جل وعلا: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ (الممتحنة 8)، ذكرت الآية الكريمة أن من يعيش معكم أيها المؤمنون في أوطانكم أو في غيرها في أمن وسلام، ولم يقم بالاعتداء عليكم وقتالكم ولم يخرجكم من دياركم فعليكم العيش معهم في سلام وعليكم برّهم ومودتهم والتعامل معهم بالكرم والإحسان، وهذا أصل عظيم وضعه القرآن الكريم في تعامل المسلمين مع غيرهم ممن ليسوا على دينهم ولم يقوموا بالعدوان عليهم، ولا تجد أوسع من كلمة «البر» بما تنطوي عليه من جميع خصال الخير والإحسان والمودة والرحمة؛ وليس هذا دمجًا لهم في المجتمع فقط، بل يزيد على ذلك إحسان المعاملة وتبادل المشاعر النبيلة التي تبني جسور المودة فتذوبُ معها وتتلاشى هذه الكلماتُ البغيضة التي صارت مصطلحات ثابتة في اللغات العالمية؛ مثل: «التمييز العنصري» و«كراهية الآخر» و«الفوبيا» أو «الخوف والذعر من الآخر»، إلى آخر هذه العائلة البغيضة الكريهة من المصطلحات التي عشنا معها سنوات طويلة حتى ألفناها على الرغم من نكارتها وما فيها من إشعال نيران الكراهية التي توقد الحروب وتحرق أغصان السلام. كما أوضح رئيس جامعة الأزهر أن صحيفة المدينة المنورة تعد أول دستور مدني في تاريخ المسلمين؛ فقد هاجر الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة وكان يسكنها قبيلتا الأوس والخزرج، وكانت بينهما حروب لا تنقطع، فلما آمنوا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ودخلوا في الإسلام ونصروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سماهم: «الأنصار»، وهناك ثلاث قبائل من اليهود كانت تسكن المدينة؛ وهم: بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع، فكتب -صلى الله عليه وسلم- صحيفة المدينة لتنظم علاقة المسلمين بغيرهم من اليهود وتحقق التعايش السلمي بين سكانها، وكان من بنودها: «أنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصَر عليهم، وأن على اليهود نفقتَهم وعلى المسلمين نفقتَهم، وأن بينهم النصرَ على من حارب أهلَ هذه الصحيفة، وأن بينهم النصحَ والنصيحةَ والبرَّ دون الإثم» وبهذا دمج الرسول -صلى الله عليه وسلم- اليهود ليعيشوا مع المسلمين في المدينة في سماء واحدة تظلهم، وفي ظلال النصح والنصيحة والبر، حتى نقضوا العهد وظاهروا المشركين في قتالهم ضد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فدارت الدائرة عليهم وأخرجوا أنفسهم من ديارهم. وعدد رئيس جامعة الأزهر أن من أهم وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا وضع منصات تخاطب الإعلام والتعليم في المجتمعات الغربية يكون هدف هذه المنصات تصحيحَ المعلومات المغلوطة التي تنتشر في الإعلام والتعليم الغربي عن الإسلام والمسلمين، وإمدادهم بالمعلومات الصحيحة عبر برامج هادفة؛ فإن ما لا يقل عن 75% من الإعلام الغربي موجه بشكل واضح ضد الإسلام والمسلمين. وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن الإسلام تعرض لحملات جائرة في الغرب أدى إلى خوف غير مبرر من الإسلام والمسلمين، والتصدي لهذه المعلومات لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين ينبغي أن يكون بالحجة والحكمة والموعظة الحسنة والاعتماد على الحقائق والأساليب الإبداعية غير التقليدية من الفنون والمعارض وغيرها ليكون لها صدى مؤثر في الإقناع؛ وهذا الأمر ليس سهلًا؛ بل يحتاج إلى إرادة وعزم وجهد كبير وصبر طويل واستمرار. وقال رئيس جامعة الأزهر: إن فضيلة الشيخ محمود شلتوت -رحمه الله- كان يرى أنه على الرغم من انتشار الإسلام عبر القرون المتطاولة فإن الغربيين في أوروبا وأمريكا من أهل الفترة؛ لأن الإسلام لم يصل بعضهم أو وصلهم بصورة مغلوطة غير صحيحة فلم يؤمنوا به، وأن من يصله الإسلام منهم بصورة صحيحة ويكون أهلًا للفهم فإنه يدخل فيه عن حب وطواعية واختيار. وبيَّن رئيس جامعة الأزهر أن من أهم وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا نشر النماذج الإيجابية للتعامل الحسن والإيجابي للغربيين مع الإسلام، كما في النمسا وبلجيكا؛ ففي النمسا اعتراف دستوري واضح بالإسلام؛ حيث يتم تدريسه كأحد الأديان الرسمية للدولة، كما أن بلجيكا اعترفت بالإسلام كثقافة من ثقافات المجتمع مما يسمح بتعليم قواعد الدين الإسلامي، بجانب ذلك فإن من أهم وسائل مكافحة الإسلاموفوبيا جمع الجهود الكثيرة للمسلمين في مواجهة هذه الظاهرة تحت مظلة واحدة، وتوحيد هذه الجهود؛ لأن هناك حالة من الانفصام وعدم الربط بين أصحاب الجهود المقاومة لظواهر الإسلاموفوبيا بحيث يعمل كل منهم بصورة منفردة، فإذا أمكن جمعُها أمكن الاستفادة منها بصورة أفضل، وأمكن التنسيق وتوزيع المهام والأدوار بشكل أفضل بما يحقق نجاحا أكبر في مكافحة الإسلاموفوبيا. كما أوضح رئيس جامعة الأزهر أن حاجتنا إلى أن نفهم الآخرين مثلُ حاجة الآخرين إلى أن يفهمونا، وهذا الفهم هو السبيل إلى إقامة جسور من الحوار والتعارف كما قال ربنا: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات 13). وأقتبس كلمة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا: «إن هذه الظاهرة لم تكن إلا نتاجًا لجهل بحقيقة هذا الدين العظيم وسماحته، ومحاولات متعمدة لتشويه مبادئه التي قوامها السلام والعيش المشترك، وتلك نتيجة طبيعية لحملات إعلامية وخطابات يمينية متطرفة، ظلت لفترات طويلة تصور الإسلام على أنه دين عنف وتطرف، في كذبة هي الأكبر في التاريخ المعاصر؛ استنادًا لتفسيرات خاطئة واستغلال ماكر خبيث لعمليات عسكرية بشعة اقترفتها جماعات بعيدة كل البعد عن الإسلام، وكيف لهذا الدين الذي هدفه العدل والإنصاف أن ينقلب إلى دين يدعو إلى التطرف والإرهاب والعنف والدماء؟ أليس من حق هذا الدين أن يسمى باسمه الحقيقي الذي أراده الله -تعالى- له في الآية السابقة، وهو دين التعارف والتسامح والرحمة والتعاون؟». واستعرض رئيس الجامعة جهود الازهر الشريف في نشر الوسطية والاعتدال قائلًا: إن الأزهر الشريف هو منبر الوسطية والاعتدال يقوم على نشر الدين الإسلامي بتعاليمه الصحيحة، والحوار بين الأديان وتصحيح المفاهيم المغلوطة، وجعل الأزهر الشريف ذلك في مناهجه الدراسية، وأنشأ مرصد الأزهر باللغات الأجنبية لمكافحة التطرف ونشر الفهم الصحيح للإسلام، ومن مفاخره تلك الوثيقة المهمة، وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، واعترفت بها الأمم المتحدة، وأنشأ بيت العائلة المصري بالتعاون مع الكنيسة المصرية لتعزيز الوحدة الوطنية في مصر، وغير ذلك من الإسهامات المهمة في نشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي مع الآخرين. واستنكر رئيس جامعة الأزهر أن يعم السلام الاجتماعي هذا المجتمع العالمي الواحد وهناك شعب ضعيف مظلوم تم احتلال أرضه وقتلُ أبنائه وهَدْمُ مساجده وكنائسه على مرأى ومسمع من العالم كلِّه؛ واستشهد منه عشرات الآلاف أكثرهم من الأطفال والنساء الذين لا ذنب لهم، وجرح منه عشرات الآلاف، ودُمِّرَت دوره ومستشفياته ومدارسه وجامعاتُه وتعرض لإبادة جماعية؟ إنه الشعبُ الفلسطيني في محنته التي يعيشها ويصطلي بلظاها ليلًا ونهارًا، والتي تشهد أن العدوان على المسلمين ومقدساتهم هو منطق القوة المتغطرسة التي يعامل بها المسلمون، قال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج 39 ، 40).