logo
إيران والاختراق الأمني: كيف حوّل "الموساد" طهران إلى ملعب استخبارتي؟

إيران والاختراق الأمني: كيف حوّل "الموساد" طهران إلى ملعب استخبارتي؟

يورو نيوز١٨-٠٦-٢٠٢٥

في ظل حالة من الهلع الأمني الشامل الذي أصاب المؤسسة الحاكمة، نفذت إيران أمس حكم الإعدام بحق مواطنٍ أُدين بالتجسس لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، في خطوة تأتي ضمن حملة اعتقالات واسعة طالت عدداً من المشتبه بهم خلال الأيام الماضية، وسط تصاعد غير مسبوق في حالة القلق داخل الأجهزة الأمنية الإيرانية، نتيجة الاختراقات الاستخبارية المتكررة التي نُسبت إلى الموساد، والتي أدّت إلى تنفيذ ضربات دقيقة استهدفت منشآت نووية وكبار المسؤولين العسكريين الإيرانيين.
وقد أظهرت التقارير الواردة من داخل إيران أن هذه الحملة لم تقتصر فقط على الاعتقالات والمحاكمات، بل امتدت إلى دعوات رسمية للجمهور العام بإبلاغ السلطات عن أي شخص يثير الشكوك، بما في ذلك من يرتدي قبعات أو نظارات شمسية حتى ليلاً، أو من يتلقى طروداً متكررة عبر خدمات الشحن، أو من يلتقط صوراً حول المناطق العسكرية والصناعية، وهو مؤشر واضح على مستوى الذعر الذي تعيشه الدولة العميقة في إيران.
وتؤكد المصادر أن جهاز الموساد الإسرائيلي نجح على مدى أكثر من عقد في بناء شبكة استخبارية داخل إيران تتسم بالعمق والفعالية، حيث تمكنت من العمل في ظروف أمنية مشددة، مستفيدة من ثغرات داخلية في البنية الأمنية الإيرانية، وتغلغلت في قلب المؤسسات النووية والعسكرية والاستخبارية.
ومن أبرز العمليات التي كشفت عن قوة هذا التغلغل هو الهجوم الأخير على المنشآت النووية الإيرانية، والذي تم تنفيذه بمساعدة عملاء للموساد داخل البلاد، كما كان واضحاً أيضاً من خلال عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده عام 2020، التي تم تنفيذها بواسطة نظام إطلاق نار آلي متحكم به عن بُعد ومربوط بالأقمار الصناعية، من دون أن يكون هناك أي وجود مباشر لأي عنصر من الموساد في موقع الحدث.
وفي عام 2021، تم تعطيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في منشأة نطنز النووية، بعد أن قام الموساد بزرع متفجرات مسبقاً وتفجيرها عن بُعد، في خطوة أخرى أظهرت مدى تقدم التكنولوجيا التي يستخدمها الجهاز الاستخباري الإسرائيلي.
لكن الموساد لم يعتمد فقط على العملاء داخل إيران، بل استخدم أيضاً شبكة إقليمية ودولية توفر له الدعم اللوجستي والمعطيات الاستخبارية. وتشير التقارير إلى أن الموساد يتعاون بشكل وثيق مع ميليشيات كردية في شمال العراق، ومع مجموعات البلوش المتمردة على الحدود مع باكستان، حيث تستخدم طرق التهريب لإدخال مواد لوجستية ونقل معلومات حساسة.
كما يُعتقد أن الإمارات العربية المتحدة وأذربيجان توفران مراكز انطلاق وبنية تحتية لبعض عمليات الموساد، في حين تلعب شبكات المعارضة الإيرانية في الخارج دوراً محورياً في تجنيد العملاء وجمع المعلومات الاستخبارية.
وعلى المستوى الاستراتيجي، ركزت إسرائيل على ثلاث ركائز أساسية:
على الصعيد البشري، تم تجنيد أفراد من الأقليات العرقية مثل الأكراد والبلوش، الذين يشعرون بالتهميش داخل النظام الإيراني، كما تمكن الموساد من اختراق أجهزة الاستخبارات الإيرانية نفسها، وقوات الحرس الثوري، من خلال تجنيد مخبرين داخليين.
أما على الصعيد التكنولوجي، فقد استخدم الموساد الطائرات المُسيّرة، والذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والهجمات السيبرانية مثل فيروس Stuxnet، الذي عطّل برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني، مما مكّن إسرائيل من تحقيق أهدافها دون الحاجة إلى وجود بشري دائم داخل إيران.
وأخيراً، فإن أحد أهم أسلحة الموساد هو الحرب النفسية، حيث أدت الاختراقات المستمرة إلى خلق حالة من الهوس والشك العام داخل أعلى مستويات الحكم، ما أدّى إلى توترات داخل الحرس الثوري، فضلاً عن زيادة القمع الداخلي واعتقالات تعسفية وتشديد الرقابة على المواطنين.
ولم تقتصر تأثيرات الموساد على الجانب المادي فقط، بل امتدت لتضرب البنية النفسية للدولة الإيرانية. وقد كشفت وسائل الإعلام الرسمية عن إصدار تعليمات رسمية للمواطنين حول كيفية اكتشاف "المتعاونين مع العدو"، بما في ذلك مراقبة الأفراد الذين يقودون سيارات "بيك أب" أو يحملون حقائب كبيرة، أو يتحركون بسرية حول المنشآت الحساسة.
وفي الوقت نفسه، تم تكثيف عمليات المراقبة الليلية في المناطق الحيوية بمشاركة قوات الباسيج، الجناح شبه العسكري للحرس الثوري الإيراني، في مؤشر واضح على الخوف المتزايد من تحرك العملاء الإسرائيليين بحرية داخل العمق الإيراني.
خلال خطاب مصور يوم الاثنين، دعا رئيس شرطة إيران أحمد رضا رادان من وصفهم بـ"الخونة" إلى تسليم أنفسهم، مشيراً إلى أن من أدرك أنه "تم استغلاله من قبل العدو" يمكن أن يحظى بمعاملة أكثر ليناً وحتى "تكريم"، بينما سيتم "إعطاؤهم درساً قاسياً" إذا تم القبض عليهم.
أما على الصعيد التنظيمي، فإن التأثير كان أعمق مما يبدو. فقد خضع الحرس الثوري الإيراني لتطهيرات واسعة وإعادة هيكلة، تسببت في بعض الحالات في إضعاف تماسكه الداخلي أكثر مما فعلته أي تهديد خارجي.
وتقول تقارير إن هيبة أجهزة الاستخبارات والاستخبارات المضادة الإيرانية قد تراجعت، نتيجة عدم قدرتها على الكشف عن عملاء الموساد أو منع عملياتهم. وبدأت حالة من الانقسام والاتهامات الداخلية تضرب أجهزة الأمن، في وقت تسعى فيه إيران لرسم استراتيجية جديدة لمجابهة ما وصفه مسؤولوها بـ"الحرب الاستخبارية المفتوحة".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجلس الشيوخ يجهض مساعي الديمقراطيين لتقليل صلاحيات ترامب في مواجهة إيران
مجلس الشيوخ يجهض مساعي الديمقراطيين لتقليل صلاحيات ترامب في مواجهة إيران

يورو نيوز

timeمنذ 4 ساعات

  • يورو نيوز

مجلس الشيوخ يجهض مساعي الديمقراطيين لتقليل صلاحيات ترامب في مواجهة إيران

حصل مشروع القانون على رفض 53 صوتًا، بينما دعمه 47 ديمقراطيًا سعوا إلى تقليص صلاحيات الرئيس. وظهرت الاصطفافات الحزبية بشكل واضح في العملية، باستثناء إثنين غردا خارج السرب: الديمقراطي جون فيترمان من بنسلفانيا الذي صوت ضد المشروع مع الجمهوريين، والجمهوري راند بول من كنتاكي الذي صوت لصالح المشروع مع الديمقراطيين. من جهته، قال السناتور تيم كين، مقدم المشروع والمعروف بمعارضته لهيمنة الجمهوريين، إن دستور بلاده يمنح الكونغرس السلطة الوحيدة لإعلان الحرب. وأوضح أن أي أعمال عدائية ضد إيران يجب أن تكون مصرحًا بها إما بإعلان حرب أو تفويض محدد لاستخدام القوة العسكرية. وأضاف كين في خطاب ألقاه قبل التصويت: "إذا كنت تعتقد أن الرئيس يجب أن يعود إلى الكونغرس للحصول على موافقة، سواء كنت مؤيدًا أو معارضًا للحرب في إيران، فعليك دعم قرار مجلس الشيوخ المشترك رقم 59، ودعم الدستور الذي صمد على مر الزمن." في المقابل، عارض السناتور الجمهوري بيل هاجيرتي من تينيسي، الذي شغل منصب سفير لدى اليابان خلال الولاية الأولى لترامب، المشروع، مشيرًا إلى أن تقييد صلاحيات ترامب قد يعرقل اتخاذ قرارات حاسمة في أوقات الأزمات. وقال قبل التصويت: "يجب ألا نقيّد رئيسنا في خضم أزمة عندما تكون الأرواح على المحك." في غضون ذلك، طالب المشرعون بمزيد من التفاصيل حول الضربات الأمريكية الأخيرة على إيران ومصير مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب. وفي وقت سابق، صعّد ترامب من لهجته ضد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، قائلاً: "لقد هزمت شر هزيمة." وأضاف أنه ألغى خطط رفع العقوبات عن طهران، ملوحًا بإمكانية استهدافها مجددًا إذا استمرت في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات خطيرة. وكان مجلس الأمن القومي التابع لإدارة ترامب قد عقد اجتماعات مغلقة مع أعضاء الكونغرس يومي الخميس والجمعة لبحث الضربات الجوية على المنشآت النووية الإيرانية. ومع ذلك، غادر العديد من الديمقراطيين الجلسة، مشيرين إلى أنهم لم يقتنعوا بأن المنشآت دُمّرت كما ادعت الإدارة. وبموجب القانون الأمريكي، تُمنح قرارات مجلس الشيوخ المتعلقة بسلطات الحرب أولوية خاصة، مما يعني أن المجلس كان ملزمًا بالنظر فورًا في المشروع الذي قدمه كين هذا الشهر والتصويت عليه. لكن لتنفيذ القرار، كان يتوجب تمريره في مجلس النواب أيضًا. في هذا السياق، قال رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الحليف المقرب من ترامب، إنه لا يعتقد أن الوقت مناسب لمثل هذا الإجراء. وخلال ولاية ترامب الأولى عام 2020، قدم كين مشروع قانون مشابهًا للحد من قدرة الرئيس على شن حرب ضد إيران. ورغم أن المشروع أُقر في مجلسي الشيوخ والنواب بدعم من بعض الجمهوريين، إلا أنه فشل في تجاوز حق النقض (الفيتو) الذي استخدمه الرئيس.

ترامب ينفي تقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي
ترامب ينفي تقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي

يورو نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • يورو نيوز

ترامب ينفي تقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي

نفى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الجمعة تقارير إعلامية ذكرت أن إدارته بحثت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني لتوليد الطاقة. وكانت شبكة (سي.إن.إن) وشبكة (إن.بي.سي نيوز) قد ذكرتا، نقلا عن مصادر، يومي الخميس والجمعة على الترتيب أن إدارة ترامب ناقشت في الأيام القليلة الماضية إمكانية تقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل وقف حكومتها تخصيب اليورانيوم. ونقلت (سي.إن.إن) عن مسؤولين قولهم إنه تم طرح عدة مقترحات لكنها كانت أولية. وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال: "من هو الكاذب في إعلام الأخبار الزائفة الذي يقول إن 'الرئيس ترامب يريد أن يعطي إيران 30 مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية'. لم أسمع يوما عن هذه الفكرة السخيفة"، واصفا التقارير بأنها "خدعة". وأجرت الولايات المتحدة وإيران منذ أبريل نيسان محادثات غير مباشرة بهدف إيجاد حل دبلوماسي جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتقول طهران إن برنامجها سلمي، بينما تقول واشنطن إنها تريد ضمان عدم قدرة إيران على صنع سلاح نووي. وأعلن ترامب الأسبوع الماضي وقف إطلاق النار بين إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة، وخصمها الإقليمي إيران لوقف الحرب التي بدأت في 13 يونيو حزيران عندما شنت إسرائيل هجوما على إيران. وأثار الصراع الإسرائيلي الإيراني مخاوف في منطقة تعاني من التوتر بالفعل منذ بدء حرب إسرائيل على غزة في أكتوبر تشرين الأول 2023. وقصفت الولايات المتحدة مواقع نووية إيرانية مطلع الأسبوع الماضي، واستهدفت إيران قاعدة أمريكية في قطر يوم الاثنين ردا على ذلك، قبل أن يعلن ترامب وقف إطلاق النار. وإسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يُعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك أسلحة نووية، وقالت إن حربها على إيران تهدف إلى منع طهران من تطوير أسلحة نووية. وإيران طرف في معاهدة حظر الانتشار النووي، في حين أن إسرائيل ليست طرفا فيها. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، التي تُجري عمليات تفتيش في إيران، إنها "لا تملك مؤشرا موثوقا" على وجود برنامج أسلحة نشط ومنسق في إيران.

إيران: بدء التشييع الوطني لقادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في الحرب مع إسرائيل
إيران: بدء التشييع الوطني لقادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في الحرب مع إسرائيل

يورو نيوز

timeمنذ 8 ساعات

  • يورو نيوز

إيران: بدء التشييع الوطني لقادة عسكريين وعلماء نوويين قتلوا في الحرب مع إسرائيل

بدأت في الساعة الثامنة صباح السبت في إيران مراسم التشييع الرسمية لستين من القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين قتلوا في ضربات إسرائيلية خلال حرب الإثني عشر يوما بين البلدين، بحسب ما أوردت وسائل الإعلام الرسمية. وأعلنت مذيعة على التلفزيون "بدأت رسميا مراسم تكريم الشهداء"، فيما نقل التلفزيون مشاهد في طهران تظهر فيها حشود تحمل أعلام إيران وترفع صور القادة العسكريين الذين قتلوا في النزاع. وتقيم إيران السبت مراسم تشييع رسمية لستين من القادة العسكريين والعلماء النوويين الذين قتلوا في ضربات إسرائيلية خلال حرب الاثني عشر يوما بين البلدين، في اليوم الرابع لوقف هش لإطلاق النار وبينما يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمهاجمة الجمهورية الاسلامية مجددا. وتوعد ترامب الجمعة بأن تعاود الولايات المتحدة توجيه ضربات إلى إيران في حال قامت الاخيرة بتخصيب اليورانيوم للاستخدام العسكري، متهما المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالجحود. وقال ترامب على منصة "تروث سوشال" التابعة له "كنت أعرف بالضبط أين كان يختبئ، ولم أسمح لإسرائيل، أو القوات المسلحة الأميركية التي تعد الأعظم والأقوى في العالم، بإنهاء حياته". وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه كان يعمل في الأيام الأخيرة على إمكان رفع عقوبات مفروضة على إيران، مضيفا "بدلا من ذلك تلقيت بيانا مليئا بالغضب والكراهية والاشمئزاز، وتوقفت على الفور عن العمل على تخفيف العقوبات". وكان التلفزيون الإيراني بث الخميس كلمة لخامنئي اشاد فيها بـ"انتصار" الشعب الإيراني على "الكيان الصهيوني الزائف" وقلل من شأن الضربات الأميركية على منشآت نووية رئيسية. وندد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السبت بتصريحات ترامب "غير المقبولة" بحق خامنئي. وكتب عراقجي على إكس "إذا كانت لدى الرئيس ترامب رغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق، فعليه أن يضع جانبا نبرته المهينة وغير المقبولة تجاه المرشد الأعلى (...) وأن يكف عن إيذاء الملايين من مؤيديه المخلصين". وقال إن "الشعب الإيراني العظيم والقوي الذي أظهر للعالم أنه لم يكن أمام النظام الإسرائيلي خيار سوى اللجوء إلى +بابا+ لتجنب أن يُسوى بالأرض بصواريخنا، لا يتقبل التهديدات والإهانات"، مضيفا أن "حسن النية يولد حسن النية والاحترام يولد الاحترام". وأسفرت الضربات الإسرائيلية على إيران عن مقتل 627 شخصا على الأقل، بحسب حصيلة لوزارة الصحة تقتصر على الضحايا المدنيين. وفي إسرائيل، قتل 28 شخصا جراء الضربات الإيرانية وفق أرقام رسمية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store