logo
سورية: من قاع العقوبات إلى شرفة الانعتاق

سورية: من قاع العقوبات إلى شرفة الانعتاق

العربي الجديدمنذ 8 ساعات
أطلق الرئيس
الأميركي
دونالد ترامب أوامره التنفيذية بإسقاط العقوبات المفروضة على سورية، ليدخل القرار حيز التنفيذ يوم 1 يوليو/ تموز الجاري كما أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت. تعتبر هذه الخطوة التاريخية تتويجاً للإعلان الذي طرحه الرئيس الأميركي خلال زيارته السعودية في مايو/ أيار الماضي، حيث أعلن آنذاك عن تحول جوهري في السياسة الأميركية تجاه دمشق.
وبموجب توجيهات القيادة الأميركية، بادرت وزارة الخزانة عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) إلى تنفيذ القرار الرئاسي فوراً، مؤكدة في بيان رسمي أن هذه المبادرة تهدف إلى دعم مسيرة إعادة إعمار
سورية
تحت قيادتها الجديدة، وتمكينها من اغتنام فرص التحول إلى دولة مستقرة تنعم بالازدهار والسلام الداخلي والإقليمي.
أبطل الأمر التنفيذي الجديد مفعول القرارات السابقة الموجهة ضد سورية، محافظاً في الوقت ذاته على آليات المحاسبة والمساءلة المطبقة بحق نظام بشار الأسد المخلوع. فقد أحكمت واشنطن قبضتها على 139 فرداً وكياناً من حلفاء النظام السابق وإيران ضمن قوائم العقوبات، بشكل يضمن عدم إفلات مرتكبي انتهاكات العهد السابق من المحاسبة بحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية الصادر في 30 يونيو/ حزيران الماضي.
وفي انعطافة موازية، شطب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية 518 اسماً من قوائم العقوبات الأميركية على سورية، في مناورة استراتيجية تهدف بالدرجة الأولى إلى تحرير الفاعلين الأساسيين في معركة إعادة الإعمار، بالإضافة إلى تمهيد السبل أمام حكومة جديدة لتوطيد أركانها، وإعادة رتق النسيج المجتمعي المتمزق في ربوع البلاد.
بتفصيل أكبر، شمل قرار رفع العقوبات الأميركية عن سورية معظم شرايين الحياة الاقتصادية فيها، فيما تنبئ توقعات بإسقاط الكونغرس الأميركي قانون "قيصر" برمته، بعد أن بات معلقاً في مرحلة تجميد مؤقت. لقد أعاد قرار ترامب فتح كافة القطاعات المغلقة، بما فيها تلك التي ظلت مشلولة منذ عام 1979 إثر تصنيف واشنطن لسورية "دولة راعية للإرهاب". ومثلت التعديلات انفراطاً كاملاً لأغلال القيود على استيراد السلع ثنائية الاستخدام (المدنية والعسكرية)، كما حررت توريد الحاجات الأساسية كالأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية من شروط الموافقات المسبقة لوزارة الخزانة الأميركية.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
ارتفاع معدلات التبادل التجاري بين سورية والأردن منذ ديسمبر
تتجلى القفزة النوعية في قرار فك العقوبات عن المصرف المركزي السوري والمؤسسات المصرفية، حيث يتاح الآن للحكومة السورية إجراء المعاملات المالية بالدولار دون عوائق. وقد امتدت يد التحرير لتشمل شرياني الاقتصاد الوطني: قطاعي الكهرباء والطاقة. وتلوح في الأفق توقعات بارتفاع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار والعملات الرئيسية الأخرى، مدفوعة بموجة التسهيلات المنتظرة لاستيراد البضائع والخدمات والمعدات، وتعززها احتمالية تدفق استثمارات خليجية وأميركية قد تعيد التوازن إلى سوق الصرف الأجنبي.
غير أن نجاح هذه التحولات الاقتصادية الجوهرية مرهون ببراعة الإدارة الحكومية، لا سيما من وزارة الاقتصاد والصناعة، لضمان تحويل هذه الفرص إلى مكاسب مستدامة تعيد للعملة الوطنية عافيتها. قد تطلق قرارات رفع العقوبات الأميركية عن سورية شرارة انتعاشة في أسواق العقارات والأسواق المالية، إذ يتوقع أن تتسارع وتيرة الطلب والنشاط الاقتصادي رويداً رويداً.
كما قد تشق الاستثمارات طريقها إلى شرايين الاقتصاد السوري الحيوية: النفط، الصناعة، الزراعة، والمنظومة المالية والمصرفية، حاملة معها رياح تحول إيجابي. ولا شك أن القرار قد نسج مناخا مشجعا للتجار والشركات العالمية، دافعا إياهم إلى استئناف تعاملاتهم مع الكيانات الاقتصادية المرتبطة بالحكومة السورية الجديدة. سيعيد هذا الانفتاح وصل البنوك السورية، حكومية كانت أم خاصة، بشبكة الاقتصاد العالمي، ممهداً الطريق لموجة استثمارات إقليمية ودولية، تتدفق دون هواجس العقوبات.
وفي الأفق، تستعد شركات عملاقة للانطلاق في السوق السورية، متكئة على تعهدات حكومات ومؤسسات دولية بالتعاون في إعادة تأهيل البنى التحتية. يشعل هذا التحالف الاستراتيجي شعلة إعمار شاملة، ويرسي شراع التنمية نحو اقتصاد متجدد، فيما تجهز الشركات لتنفيذ مشاريع استراتيجية ضخمة في قلب الوطن السوري.
تواجه الحكومة السورية في مسعاها لجني ثمار هذه الفرص الذهبية عقبتين جوهريتين: إعادة نسج نظمها الاقتصادية وقوانينها على منوال العصر، وبناء بنى تحتية تواكب متطلبات التعامل مع المؤسسات المالية العالمية. فقد فتح رفع العقوبات باب التحالف مع منظمات النظام المالي الدولي، لتمكين التحديث التشريعي وتنفيذ إصلاحات ترسي دعائم اقتصاد سوري عصري قائم على بنى تحتية واعدة.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
بعد 15 عاماً من القطيعة... النسيج التركي يشق طريقه إلى سورية
أما المنتجون والمصدرون السوريون، فقد أصبح بمقدورهم الانطلاق الآن نحو آفاق عالمية لم ترسم من قبل، وتصدير منتجاتهم عبر الحدود، والحصول على شهادات دولية كانت طي النسيان تحت وطأة العقوبات السالفة.
في ظل ضبابية المشهد السياسي، تتزامن الخطوة الترامبية غير البريئة مع رقصة دبلوماسية خطيرة تتمثل في مفاوضات لتطبيع كامل بين دمشق وتل أبيب قبل نهاية 2025، حيث تتمثل الشروط السورية في اعتراف إسرائيل الرسمي بحكومة الرئيس أحمد الشرع، وانسحابها الكامل من الأراضي المحتلة منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، بما فيها قمم جبل الشيخ، مع وقف شامل للغارات الجوية، وترتيبات أمنية جنوباً، وضمانات أميركية للحكومة السورية. وفي المقابل، قد تقايض سورية بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان، التي ستتحول إلى "حديقة سلام" زائفة، فقد صرح وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بأن بقاء إسرائيل في مرتفعات الجولان شرط مقدس لأي اتفاق تطبيع محتمل مع سورية.
خلاصة القول، لقد فتح رفع العقوبات عن سورية أبواباً من ذهب للانعتاق الاقتصادي كإحياء القطاعات الحيوية، عودة البنوك إلى الحضن العالمي، وانطلاق المنتجين نحو أسواق حجبتها العقوبات السابقة. هذه نسمة أمل تعيد للجسد السوري نبضه، وتشعل شعلة إعمار ما تهدم.
لكن وراء كل عطاء ترامبي ثمن خفي! فهل دفع ثمن الانفراج بتنازل عن الجولان؟ وهل كان التطبيع مع إسرائيل الورقة المسمومة في صفقة رفع العقوبات؟ ها هي سورية تقف على مفترق تاريخ: النهوض اقتصادياً مقابل تنازلات سياسية خطيرة تكرس الاحتلال. فهل يباع جزء من السيادة ثمناً لإنقاذ الاقتصاد المأزوم؟ هذا هو السؤال الذي يلقي بظلال الشك على مستقبل المعجزة الاقتصادية الموعودة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

خليل زاد يثير عاصفة سياسية.. اتهامات لبزشكيان بمحاولة انقلاب ضد خامنئي خلال حرب غزة
خليل زاد يثير عاصفة سياسية.. اتهامات لبزشكيان بمحاولة انقلاب ضد خامنئي خلال حرب غزة

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

خليل زاد يثير عاصفة سياسية.. اتهامات لبزشكيان بمحاولة انقلاب ضد خامنئي خلال حرب غزة

لندن- 'القدس العربي': أثار الدبلوماسي الأمريكي البارز زلماي خليل زاد جدلًا بعدما تحدث عن اتهامات خطيرة موجهة إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بالمشاركة في محاولة انقلاب فاشلة ضد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. وفي تغريدة نشرها على حسابه في منصة 'إكس'، قال السفير الأسبق لدى كل من العراق وأفغانستان، والمبعوث الرئاسي السابق لعدد من إدارات البيت الأبيض: 'السكاكين مرفوعة في إيران. الرئيس بزشكيان متهم من قبل بعض الأطراف بالمشاركة في محاولة انقلاب فاشلة ضد المرشد الأعلى علي خامنئي، وذلك خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل'. وتابع متسائلًا: 'هل نحن أمام حملة تطهير سياسي وشيكة؟ أم أن هناك انقلابًا جديدًا يُحضّر؟ كما رأينا في دول مثل تشيلي، بوروندي، إثيوبيا، وكمبوديا، فإن الانقلابات الفاشلة كثيرًا ما تُفضي إلى حالة من عدم الاستقرار، وتشجع على محاولات لاحقة قد تنجح'. ويُعرف خليل زاد، الذي ينتمي إلى التيار المحافظ في السياسة الخارجية الأمريكية، بآرائه الحادة تجاه النظام الإيراني، لكن تغريدته هذه المرة تجاوزت التقديرات الإستراتيجية، لتتحدث عن احتمال تصدّع داخلي على أعلى مستويات السلطة في طهران. وتأتي هذه التصريحات في سياق توتر داخلي في إيران، حيث شنّ محافظون متشددون هجومًا على الرئيس بزشكيان، على خلفية مقابلته الأخيرة مع الإعلامي الأمريكي تاكر كارلسون، والتي رأى فيها منتقدوه إشارات إلى استقلال سياسي عن المؤسسة الحاكمة.. ويخشى مراقبون من أن تؤدي الاتهامات، سواء كانت حقيقية أم مفتعلة، إلى جولة جديدة من التصفية السياسية أو إعادة هيكلة السلطة، في لحظة حرجة تشهد فيها إيران تصاعد التوترات الخارجية، لا سيما مع إسرائيل والغرب. لا توجد تأكيدات مستقلة على وجود محاولة انقلاب فعلية في طهران، كما لم تُنشر أي تقارير موثوقة بشأن توقيفات أو تحركات أمنية غير معتادة، لكن مجرّد طرح الموضوع علنًا من طرف خليل زاد، وتداوله في الإعلام المحافظ الإيراني، يعكس وجود تصدعات داخل النظام، أو على الأقل صراعًا على النفوذ في دوائره العليا. (وكالات)

تراجع النفط وسط ترقب العقوبات المحتملة على مشتري الخام الروسي وتداعيات الرسوم
تراجع النفط وسط ترقب العقوبات المحتملة على مشتري الخام الروسي وتداعيات الرسوم

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

تراجع النفط وسط ترقب العقوبات المحتملة على مشتري الخام الروسي وتداعيات الرسوم

تراجعت أسعار النفط، اليوم الثلاثاء، مع تفكير السوق في مهلة تستمر 50 يوماً، حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لروسيا لإنهاء الحرب على أوكرانيا، وتجنب فرض عقوبات على مشتري نفطها، في حين استمرت المخاوف بشأن الرسوم الجمركية الأميركية. وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت خمسة سنتات إلى 69.16 دولاراً للبرميل بداية تعاملات اليوم، في حين تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسعة سنتات إلى 66.89 دولاراً. وسجلت عقود الخامين انخفاضاً بأكثر من دولار عند التسوية في الجلسة السابقة. وأعلن ترامب، أمس الاثنين، أنه سيزود أوكرانيا بأسلحة جديدة، وهدد بفرض عقوبات على مشتري الصادرات الروسية ما لم توافق موسكو على اتفاق سلام في غضون 50 يوماً. وكانت أسعار النفط قد ارتفعت عقب الأنباء عن العقوبات المحتملة، ولكنها تخلت عن هذه المكاسب في وقت لاحق إذ أثارت مهلة الخمسين يوماً آمالاً في تجنب العقوبات، وركز المتعاملون على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستفرض بالفعل رسوماً جمركية باهظة على الدول التي تواصل التجارة مع روسيا. وكتب دانيال هاينز، كبير محللي السلع الأولية، في "إيه.إن.زد" في مذكرة للعملاء: "خففت المهلة المخاوف من أن العقوبات المباشرة على روسيا قد تعطل تدفقات النفط الخام. وتأثرت المعنويات أيضاً بالتوترات التجارية المتصاعدة". وقال ترامب يوم السبت إنه سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 30% على معظم الواردات من الاتحاد الأوروبي والمكسيك، اعتباراً من الأول من أغسطس/ آب، على غرار تحذيرات مماثلة لدول أخرى تاركاً لهما أقل من ثلاثة أسابيع، للتوصل إلى اتفاقات يمكن أن تخفض معدلات الرسوم التي يهدد بفرضها. طاقة التحديثات الحية واردات الصين من النفط الإيراني تسجّل أعلى مستوى في 3 أشهر وقد تؤدي الرسوم الجمركية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، الأمر الذي قد يقلص الطلب العالمي على الوقود، ويؤدي إلى انخفاض أسعار النفط. من ناحية أخرى، نقل تقرير إعلامي روسي عن الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص قوله إن المنظمة تتوقع طلباً "قوياً جداً" على النفط في الربع الثالث من العام، وأن يكون الفارق طفيفاً بين العرض والطلب في الأشهر التالية. ورفع بنك غولدمان ساكس، أمس الاثنين، توقعاته لأسعار النفط للنصف الثاني من 2025، مشيراً إلى اضطرابات محتملة في الإمدادات، وتقلص مخزونات النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقيود الإنتاج في روسيا. (رويترز)

صندوق النقد يوصي بإلغاء دعم الوقود في ليبيا... وخبراء يحذرون
صندوق النقد يوصي بإلغاء دعم الوقود في ليبيا... وخبراء يحذرون

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

صندوق النقد يوصي بإلغاء دعم الوقود في ليبيا... وخبراء يحذرون

أوصى صندوق النقد الدولي بتطبيق خطة شاملة لإصلاح نظام دعم الطاقة في ليبيا ، تتضمن إلغاء دعم الوقود تدريجياً خلال ثلاث سنوات، بينما حذر خبراء من أن الوقت الراهن لا يسمح بتنفيذ مثل هذه الخطوة، في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي وانعدام الاستقرار الأمني. بحسب مقترح الصندوق، الذي نشره في تقرير له على موقعه الإلكتروني، يصل سعر لتر البنزين إلى 3.3 دنانير (0.6 دولار)، مقابل 0.15 دينار حالياً، وذلك بعد ثلاث سنوات، بحيث يُلغى نصف الدعم الحالي في أول عام، ثم النصف الثاني على عامين متتاليين، ويقدم دعماً نقديا يصل إلى 509 دنانير شهرياً لكل مواطن (الدولار يعادل 5.5 دنانير رسمياً). كما يتضمن الإصلاح زيادة تدريجية في تعرفة الكهرباء من 0.04 دينار لكل كيلووات/ ساعة إلى 0.5 دينار في العام الثالث. كما أوصى الصندوق بتخفيف الآثار الاجتماعية لإلغاء الدعم عبر تقديم تحويلات نقدية للمواطنين، تبدأ من 217 ديناراً شهرياً في العام الأول، وتصل إلى 509 دنانير شهرياً في العام الخامس من الخطة، وأشار إلى أن تنفيذ خطة الإصلاح يتطلب اتباع منهج استراتيجي حذر بالنظر إلى التحديات السياسية التي تواجهها ليبيا. وتتمثل المرحلة الأولى في تقييم احتياجات الوقود بإنشاء لجنة مستقلة لتحديد الكميات الفعلية المطلوبة من الوقود، بما يتماشى مع المعايير الدولية. أما المرحلة الثانية، فتتطلب إعادة هيكلة أنظمة التوزيع والتحصيل، مع التأكيد على ضرورة مراقبة سلاسل الإمداد المحلية لضمان فعالية الإصلاح. كما اقترح الصندوق نظام مراقبة رقمياً لتمكين السلطات من تتبع الوقود في مراحل الإنتاج والتخزين والتوزيع، بهدف مكافحة التهريب وتعزيز الشفافية. من أبرز العوائق التي قد تعترض تنفيذ الخطة هي المعارضة من مجموعات المصالح الخاصة التي تستفيد من أنشطة التهريب، وفق الصندوق، الذي قدّر أرباح التهريب بحوالي ثلاثة مليارات دولار سنوياً، ما يعكس حجم الفساد المرتبط بنظام الدعم. ورأى أن الأسعار المدعومة تشجع على الفساد والتهريب، لافتا إلى أن نحو 30% من الوقود المستورد يتم تهريبه إلى الدول المجاورة بسبب الفجوة الكبيرة بين الأسعار المدعومة والأسعار العالمية، وأوضح أن شبكات التوزيع هي المسؤولة بشكل رئيسي عن هذه الأنشطة، ما يستدعي ضرورة "تعزيز الرقابة" على سلاسل الإمداد المحلية. اقتصاد الناس التحديثات الحية ليبيا: حملة شعبية غاضبة من رفع الدعم عن المحروقات كما أشار إلى أن الانقسام السياسي في ليبيا يعوق قدرة الحكومة على التوصل إلى توافق بشأن الإصلاحات الضرورية، مؤكدا أن غياب الثقة في النظام السياسي يثير مخاوف المواطنين بشأن قدرة الحكومة على تعويضهم عن أي زيادات في الأسعار بعد إلغاء الدعم. ولتفادي تراكم فجوات الأسعار، اقترح الصندوق اعتماد "آلية تسعير تلقائية" تتيح للوقود التكيف مع التغيرات العالمية في الأسعار. ولتخفيف تأثير رفع الدعم على الفئات المتأثرة، اقترح الصندوق تقديم تحويلات نقدية للمواطنين، بحيث يبدأ الدعم من 217 ديناراً شهرياً في العام الأول، ويزيد تدريجياً إلى 509 دنانير شهرياً في العام الخامس بعد إتمام الإصلاحات. بالإضافة إلى الوقود، أشار التقرير إلى أن دعم الكهرباء في ليبيا شهد زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن تعرفة الكهرباء في ليبيا تعتبر من الأرخص عالميًا. واقترح الصندوق رفع تعرفة الكهرباء تدريجيًا على مدى ثلاث سنوات لتصل إلى 0.5 دينار لكل كيلووات في العام الثالث. بدوره، قال على الشريف، أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي، إن إعادة النظر في سياسة دعم الطاقة في ليبيا "أمر ضروري من الناحية النظرية"، لكنه شدد على أن الوقت الراهن لا يسمح بتنفيذ مثل هذه الخطوة، في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي وانعدام الاستقرار الأمني. وأوضح الشريف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن رفع الدعم عن الوقود ستكون له انعكاسات مباشرة على مستويات الأسعار والخدمات، وهو ما يتطلب وجود حكومة موحدة تمتلك القدرة على تنفيذ سياسات اقتصادية متوازنة، إلى جانب تطوير شبكة مواصلات عامة فعّالة وبنية تحتية تتيح للمواطنين بدائل حقيقية للتنقل. وأضاف أن "الحد الأدنى للأجور يبلغ حالياً نحو 900 دينار (163.6 دولار)، وإذا ما تم اعتماد التسعيرة الجديدة للوقود، فإن تعبئة 100 لتر شهرياً قد تكلف المواطن ما يصل إلى 350 دينارًا، وهو رقم كبير بالنسبة للشرائح ذات الدخل المحدود، ما يستدعي ضرورة تفعيل برامج حماية اجتماعية موازية". اقتصاد الناس التحديثات الحية أزمة السيولة تعمّق معاناة الليبيين المعيشية... والأسعار بلا سقف من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي أحمد المبروك أن رفع الدعم بات خطوة لا مفر منها، خاصة بعد تعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وقال "في السابق، كان الدولار يُحتسب بـ1.4 دينار فقط، أما اليوم فيُتداول عند 5.5 دنانير، ما يعني أن الاستمرار في الدعم بالأسعار القديمة لا ينسجم مع الواقع النقدي الجديد". واقترح المبروك استخدام بطاقات ذكية للمواطنين الليبيين، تتيح لهم الحصول على حصة شهرية من الوقود المدعوم بشكل عادل، موضحاً لـ"العربي الجديد،" أن أي دعم خارج هذا الإطار "يجب أن يُرفع عن الأجانب والمقيمين غير الليبيين، لتخفيف الضغط على الميزانية العامة". في السياق، حذر الخبير الاقتصادي وحيد الجبو من تداعيات اجتماعية خطيرة قد ترافق قرار رفع الدعم، مشيرًا إلى أن "أي خطوة غير مدروسة قد تؤدي إلى انفجار شعبي، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الثقة في قدرة الدولة على تعويض المواطنين بشكل عادل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store