
هندسة التجويع كمنهج إبادة
ورغم ما جرى سابقًا، لم يشعر الفلسطينيون بحجم الكارثة إلا مع الإبادة التي تحدث اليوم أمام مرأى العالم، حيث جرى إغلاق معبر رفح المصري والمعابر الأخرى على سكان القطاع، تحديدًا معبري كارني وكرم أبو سالم، ثم أخذ جيش الاحتلال يتحكم في طريقة عبور المساعدات الإنسانية، متجاهلًا البروتوكول الإنساني المستحدث بين المفاوضين والقوانين الدولية وحقوق الإنسان وكذلك جميع الشرائع الدينية.
ولعل المعضلة الكبيرة التي حدثت مؤخرًا ليست في تجويع الأطفال والمجتمع بأكمله، بل في هندسة التجويع لتحويل غزة إلى غابة، القوي فيها يأكل الضعيف، وتمزيق المجتمع المتعاضِد الذي فشلت كل أدوات الاحتلال في اختراقه رغم حجم الكارثة والدماء التي تنزف بشكل يومي؛ مستندة بذلك إلى ظهير عربي يمنع إدخال البضائع بوضع عراقيل وحجج واهية، وكذلك تجار متخابرين مع الاحتلال يرفعون الأسعار بشكل فاحش، وعملاء على الأرض يفتعلون الأزمات كعدم التعامل ببعض الأوراق النقدية وغيرها، لدرجة أن وصل الحال بالقطاع أن يصبح قبراً ضخماً يتسع لكل الأطفال، في الوقت الذي يفتح فيه بعض دول الطوق أبوابه لجنود ومستوطني دولة الاحتلال كي يتنقلوا بحرية وسلام إلى دول العالم المختلفة، ويعملوا على إدخال البضائع إلى المستوطنات والمدن المحتلة مع إغلاق الحوثي لحركة الملاحة المتوجهة نحو دولة الاحتلال، في مفارقة لن يغفرها التاريخ لتلك الأنظمة. اليوم 10:09
27 تموز 11:46
وإزاء ذلك كان لا بد من محاربة هندسة التجويع التي نشأت مع وجود مؤسسة المساعدات الأميركية (GHF) والتي تقوم بشكل يومي باستهداف الشبان حيث صارت منطقة زيكيم ونيتساريم وكذلك بعض مناطق رفح المنكوبة إلى شِباك لاصطياد الشبان وقتلهم بالقنص أو القصف، إذ وصل عدد الشهداء إلى أكثر من ألف شهيد في مشهد دموي متكرر، وفي ظل منع تأمين الشاحنات من خلال استهداف رجال الأمن عشرات المرات، كي تُسرق البضائع ويجري استغلالها من طرف اللصوص والعملاء؛ بينما يتفرج المشاهد العربي، وتشرع أقلام النخبة في الدفاع عن الأنظمة التي عجزت عن إدانة التجويع.
ولأن الكتابة ليست مجرد نقل للتاريخ أو توثيق للحدث فقط، بل لصناعته في المواقف الأخلاقية كما يقول مارتن لوثر كينج، خصوصًا مع تسجيل مستشفيات قطاع غزة أكثر من 122 حالة وفاة نتيجة سوء التغذية خلال الأيام القليلة الماضية، كان لا بد من الإشارة إلى أن هناك العديد من السبل التي يمكنها أن تؤجج الرأي العام العالمي، للوقوف عند مسؤولياته الرسمية الأممية والأخلاقية، من خلال تنفيذ الفعاليات التضامنية، الفردية والجماعية، المحلية والدولية، المهم أن تكون منظمة معتمدةً في وسائل التواصل الاجتماعي كصرح إعلامي ملهم، خصوصًا منصة تويتر أو ما يعرف اليوم بمنصة (X).
ويجب أن تبدأ تلك الفعاليات بالقرع على الأواني، كأن يخرج الناس إلى شرفات منازلهم أو في التظاهرات ويقرعون الصحون والطناجر تعبيرًا عن الجوع والغضب، ولتكن دعوة عالمية في توقيت واحد، إضافة إلى فعاليات صرخة من أجل غزة، إذ من المهم أن تصرخ البلاد كلها في الميادين، الأطفال والنساء، ثم توثيق الحدث في وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى تنظيم وقفات احتجاجية للأطفال في المدارس والمعاهد والجامعات؛ ويمكن عرض موائد فارغة في الساحات العامة، كرمز لغياب الطعام في غزة.
عدا عن الخيام التي يجب أن تحاصر السفارات الأميركية والغربية، وإعلان يوم صيام تضامني مع غزة، مع عمل "هاشتاقات" عالمية للتركيز على الإبادة أيضًا والتجويع الممنهج، وليس هذا وحده؛ إذ يمكن عمل وقفات ليلية بالشموع ورسم جداريات فنية أو تعليق أكياس طعام فارغة على أبواب البيوت، يكتب عليها "كلنا غزة" أو "أنقذوا غزة". إضافة إلى العروض الفنية الصامتة واستثمار السينما والمسرح؛ ثم بث وإرسال رسائل جماعية للمؤسسات الدولية والسياسيين.
إن غزة اليوم تقرع جدران الخزان، لأجل نفسها والعالم؛ لأن الأخير سيدفع ثمن هذا التجويع واستمراء القتل، لأن العدوى ستنتشر في كل ردهة من ربوعه، ولا حل إلا بتحرك عملي حقيقي ضد الاحتلال، يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين ونبذ دولة الاحتلال ومحاكمتها ومنع تصدير البضائع والأسلحة إليها، ثم أخيرًا الانفجار في وجه من يحمي ذلك الكيان الغاصب، كي تستعيد الأمة عافيتها وحضورها البهي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
في خطوة غير مسبوقة.. رئيس النواب الأميركي يزور مستوطنة بالضفة الغربية المحتلة
زار رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، مستوطنة "أريئيل" في الضفة الغربية المحتلة، ضمن زيارة خاصة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة نظمتها مجموعة مؤيدة لـ "إسرائيل" من اليمين الأميركي، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة على هذا المستوى الرسمي، بحسب ما أكد مسؤولون إسرائيليون. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن زيارة جونسون التي جرت اليوم الإثنين، تُعدّ الأولى من نوعها لرئيس مجلس نواب أميركي إلى إحدى المستوطنات، وهو ما يشكّل سابقة في تاريخ العلاقة بين واشنطن والمشروع الاستيطاني الإسرائيلي، رغم أنّ زيارات أعضاء من "الكونغرس" الجمهوريين إلى الضفة المحتلة ليست جديدة. ووصف الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد، مراسل القناة "الـ 12" الإسرائيلية، الزيارة بأنها "غير مألوفة إطلاقاً"، مشيراً إلى أنّ جونسون بات الآن أعلى مسؤول أميركي يزور المستوطنات على الإطلاق. وذكر المراسل أن جونسون يرافقه في هذه الجولة التي بدأت الأحد، عدد من النواب الجمهوريين، من بينهم مايكل ماكول، ناثانيال موران، مايكل كلاود، وكلوديا تيني، التي ترأس الكتلة المعروفة بدعمها العلني داخل "الكونغرس" للمستوطنات وتأييدها لضم الضفة الغربية. وأوضح أنّ الزيارة ليست جزءاً من وفد رسمي "للكونغرس"، بل نُظّمت وفقاً لـ 3 مسؤولين إسرائيليين مطلعين على تفاصيلها، على نحو خاص من قبل هيذر جونستون، مؤسسة منظمة "رابطة التعليم الأميركي-الإسرائيلي"، وهي جهة يمينية مؤيدة للاستيطان وتدعو إلى توسيع المشروع الاستيطاني. وبحسب 3 مسؤولين إسرائيليين تحدّثوا للمراسل، فإن "السفارة الإسرائيلية في واشنطن فوجئت بهذه الزيارة، ولم تكن طرفاً في ترتيباتها، كما لم تشارك وزارة الخارجية الإسرائيلية أو السفارة الأميركية في القدس في أي من التحضيرات المتعلقة بها". اليوم 09:02 3 اب ولفت المسؤولون إلى أن "السفير مايك هاكبي، وطاقم عمله، لم يشاركوا في الاجتماعات التي عقدها جونسون مع وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ووزير الخارجية، جدعون ساعر". وأشار المسؤولون أنفسهم إلى أن زيارة جونسون قد تشمل لاحقاً جولة في قطاع غزة لزيارة "مراكز المساعدات" التابعة لما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي جهة مدعومة من الولايات المتحدة و"إسرائيل". كما ذكر المراسل إلى أنه "من المقرر أن يلتقي جونسون والوفد المرافق له في وقتٍ لاحق كلاً من بنيامين نتنياهو، وإسحاق هرتسوغ". وزارة الخارجية الفلسطينية، من جهتها، أدانت زيارة جونسون، لمستوطنة "أريئيل" في قلب الضفة الغربية المحتلة، ووصفتها بأنها "انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية". واعتبرت الوزارة، في بيان رسمي، أن هذه الزيارة، إضافةً إلى التصريحات التي أدلى بها جونسون بشأن دعم ضم الضفة الغربية، تُمثّل تحريضاً مباشراً على توسيع الاستيطان ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وتشجيعاً للاعتداءات المتكررة من قِبل المستوطنين. وأكدت الخارجية الفلسطينية أن هذه الخطوة تُناقض بشكلٍ واضح الموقف الأميركي المعلن بشأن الاستيطان واعتداءات المستوطنين، مشيرة إلى أن مثل هذه الزيارات تضعف الجهود المبذولة لوقف الحرب والتهدئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وشدّدت الوزارة على أن "الاستيطان برمّته، وفق القانون الدولي، غير شرعي وباطل، ويُقوّض أي فرصة لتحقيق مبدأ حل الدولتين أو التوصل إلى السلام".


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: الاحتلال سمح بدخول 14% فقط من المساعدات خلال 8 أيام
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أنّ الاحتلال الإسرائيلي سمح بدخول 674 شاحنة مساعدات فقط خلال 8 أيام، منذ إعلانه فتح المعابر ابتداءً من الأحد 27 تموز/يوليو 2025، في حين أنّ عدد الشاحنات المطلوب دخوله خلال هذه الفترة لتلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية يقدّر بنحو 4,800 شاحنة. وأوضح أنّ المعدل اليومي لدخول الشاحنات لم يتجاوز 84 شاحنة، أي ما نسبته 14% فقط من الحد الأدنى المطلوب، في ظل استمرار عمليات النهب والسطو على معظم هذه المساعدات، ضمن سياسة ممنهجة ينفذها الاحتلال تحت مسمى "هندسة الفوضى والتجويع"، بهدف تفكيك المجتمع الفلسطيني وتقويض مقومات صموده. اليوم 16:52 اليوم 15:54 وأكد المكتب أنّ قطاع غزة يحتاج يومياً إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة إغاثة ووقود لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الحياة في القطاعات الصحية والخدماتية والغذائية، في ظل الانهيار الكامل للبنية التحتية واستمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال. هل تعلم أنّ 96% من الأسر في قطاع #غزة تواجه انعدام الأمن المائي؟حرب تعطيش يعيشها الفلسطينيون في موازاة حرب التجويع الخطرة، إليكم هذا التقرير لأحمد غانم من القطاع👇#الميادين استمرار جريمة التجويع الممنهج وإغلاق المعابر ومنع إدخال حليب الأطفال والمساعدات الإنسانية، محمّلاً الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه الدوليين المسؤولية الكاملة عن تفاقم الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة. ودعا المكتب إلى تحرك فعلي من أجل فتح المعابر بشكل دائم وضمان تدفق المساعدات الغذائية والطبية وحليب الأطفال، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق المدنيين العزّل.


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
لبنان: شهيد وجريح في غارة للاحتلال على الخيام وتواصل الاعتداءات جنوبي البلاد
أفادت مراسلة الميادين في جنوب لبنان باستشهاد أحد الجريحين اللذين أصيبا جراء الغارة التي نفذتها طائرة مسيّرة إسرائيلية على الحارة الشرقية في الخيام. 3 اب 31 تموز وفي سياق متصل، استهدفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي تلة هرمون الواقعة جنوب بلدة يارون بـ 3 قذائف. كما أفادت مراسلتنا بالعثور على كاميرا تجسس إسرائيلية في بلدة عيترون.