logo
#

أحدث الأخبار مع #الأزمة_الاقتصادية

فشل حكومات قيس سعيّد ومصير تونس المقبل
فشل حكومات قيس سعيّد ومصير تونس المقبل

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • الجزيرة

فشل حكومات قيس سعيّد ومصير تونس المقبل

تعيش تونس منذ انقلاب 25 يوليو/ تموز 2021 وتداعياته حالة من الاختناق السياسي والتردي الاجتماعي والاقتصادي يتعاظمان يومًا بعد يوم، في ظل غياب حلول ناجعة لسلطة بلا مشروع، واستمرار نظام الحكم الحالي بقيادة قيس سعيد في إدارة الدولة بأسلوب فردي يثير الكثير من الانتقادات داخليًا وخارجيًا. تتجلى الأزمة التونسية في ثلاثة مكونات رئيسية مترابطة تعكس ملامح المشهد العام: سلطة عاجزة وفاقدة للقدرة على الحكم، شعب صامت ومفصول عن الشأن العام، ومنظومة مدنية وسياسية مشتتة فاقدة لأدنى قدرة على مقاومة الانقلاب وإنهائه. إلى جانب ذلك، تضيف البيئة الإقليمية والدولية طبقة من التعقيد، حيث يظهر دعم خارجي غير معلن لإطالة عمر النظام، ما يعمّق الاستعصاء القائم، ويؤجل انفجار الأزمة دون أن يمنع حدوثه في المدى المنظور. فما ملامح هذا الانسداد؟ ومن يملك زمام المبادرة للتغيير؟ وهل نحن أمام ولادة جديدة قادمة من الشارع، أم محاولة تغيير ناعمة من داخل المنظومة نفسها؟ حكومة بلا رؤية.. ودولة على الهامش تونس اليوم على حافة الانسداد، ثمة شعب مفصول منشغل بمعيشته ومنظومة بلا مشروع ودولة بلا أفق، يسيّرها نظام شديد المركزية، لكنه فقير الأداء وعديم الفاعلية. منذ إعلان الرئيس قيس سعيد "تدابيره الاستثنائية" في 25 يوليو/ تموز 2021، دخلت تونس في مسار سياسي جديد قائم على تركيز السلطات بيد واحدة، وتقويض ممنهج لمعظم المؤسسات التمثيلية، من البرلمان بتعليق عمله ثم حلّه نهائيًا، إلى حلّ المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وتعويضه بآخر معيّن بقي مشلولًا منذ تشكيله نتيجة الشغور في أعضائه، وصولًا إلى قتل السياسة عبر تجفيف منابع الحياة السياسية والحزبية بتهميش الأحزاب والمجتمع المدني، واعتقال معارضين ونشطاء بتهم سياسية، والتضييق على الحريات، ورفض كل دعوة لحوار وطني فعلي يجمع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية. هذا المنعرج، الذي رُوّج له كمشروع "تصحيح مسار"، لم يحقق أي تحسّن في الملفات الحيوية، بل بالعكس، زادت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية تعقيدًا، وتدهور خدمات المرفق العام، خاصة في الصحة والنقل والتعليم، وارتفاع نسبة البطالة. تبدو الحكومة الحالية، التي تعمل تحت مظلة قصر قرطاج، عاجزة عن تقديم رؤية اقتصادية واضحة، أو إصلاح هيكلي متماسك. وبدلًا من الاشتغال على وضع برامج تنموية حقيقية تضع حدًا لمعاناة التونسيين وضيق معيشتهم، تتخبط في إدارة يومية متعثرة، وتلجأ إلى المعالجات الظرفية. فشلت حكومات الرئيس قيس سعيد الأربع التي عيّنها بعد انقلابه في تدبير الشؤون الاجتماعية والاقتصادية، وساهمت في تعميق أزمة تونس المالية من خلال ارتفاع الدين العام، وتراجع قيمة الدينار، وندرة بعض المواد الأساسية، وارتفاع نسبة التضخم التي أثّرت بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطن، وعلى ارتفاع نسب البطالة والفقر، خصوصًا في المناطق الداخلية. النجاة الفردية في الضفة الأخرى، يعيش الشارع الشعبي التونسي حالة من العزلة السياسية والانكفاء على الذات. المواطن التونسي، الذي خرج بمئات الآلاف في 2011 مطالبًا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، يبدو اليوم أكثر انشغالًا بقوت يومه ونجاته الفردية. أصبحت الهجرة غير النظامية، خاصة نحو إيطاليا، حلمًا جماعيًا للشباب، بل وحتى للعائلات. لم تعد مشاهد القوارب المتهالكة تثير الحيرة أو الدهشة، بل تحوّلت إلى مؤشر على يأس جماعي متفاقم من إمكانية إصلاح الأوضاع بما يتيح للتونسيين حياة كريمة. هذه القطيعة بين الشعب والشأن العام، والتي تغذيها حالة الإحباط العامة وتآكل الثقة في النخب، تقوّض إمكانات التغيير الديمقراطي السلمي. حين ينشغل المواطن فقط بارتفاع الأسعار، أو البحث عن البنزين، أو مغادرة البلاد، فإنه لا يجد الطاقة للاحتجاج، أو حتى للاهتمام بما يجري في أروقة الحكم أو في اجتماعات النخب وتحركاتهم. معارضة مرتبكة ومجتمع مدني متردّد أما المكون الثالث من المشهد التونسي، أي المنتظم السياسي والمدني، فلا يزال يعاني من ضعف التنسيق وضبابية الرؤية، رغم خطورة المرحلة. المعارضة التقليدية ممثلة في جبهة الخلاص الوطني وهيئات وأحزاب أخرى، لا تزال تدور في حلقة مفرغة من البيانات والتصريحات وبعض التحركات الاحتجاجية، دون أن تنجح في استقطاب الشارع أو بناء مشروع جامع. في المقابل، باتت منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، تتردد في لعب دور حاسم، بل يبدو أنها فضّلت التراجع والاكتفاء بالمراقبة الصامتة. هذا التردد وغياب المشروع الجامع، يمنح النظام الحالي فرصة لمزيد من التمدد، بل ويجعل من فكرة التغيير السياسي عملية مؤجلة، إن لم تكن مستحيلة على المدى القريب، إلا في حال حدوث صدمة أو انفجار شعبي غير متوقع. رهان الخارج: الاستقرار على حساب الديمقراطية ما يزيد الوضع تعقيدًا هو دور القوى الخارجية، خاصة الجزائر وإيطاليا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي (European Union)، التي يبدو أنها اختارت التعامل مع قيس سعيد كـ"شريك واقعي" في ظل أولويات ملحة تتعلق بالأمن والهجرة غير النظامية. إعلان تدعم الجزائر، انطلاقًا من هواجس أمنية وإقليمية، النظام الحالي لضمان استقرار حدودها وتثبيت تأثيرها غرب ليبيا والتوقي من العدوى الديمقراطية. أما إيطاليا، التي تواجه ضغوطًا داخلية بسبب الهجرة غير النظامية، فقد اختارت الشراكة مع سعيد، ووقعت اتفاقيات تُصنّف تونس كمجرد "حاجز بشري" و"حارس بحري" ضد الهجرة نحو أوروبا. من جهته، فقد اختار الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من خطاباته الحقوقية، عدم ممارسة ضغوط حقيقية ضد التراجع الديمقراطي في تونس، وفضّل منطق "الاستقرار أولًا"، حتى لو كان ذلك على حساب الديمقراطية وحقوق الإنسان. وعليه، يبدو أن الخارج، بدل أن يدفع نحو حل سياسي، يراهن على تأبيد الوضع الحالي، ما دامت مصالحه الإستراتيجية مضمونة مع حكم قيس سعيد حتى وإن كان استبداديًا. من أين سيأتي التغيير؟ أمام هذا المشهد المتشابك المتسم بانسداد الداخل وتواطؤ الخارج، تطرح الأسئلة الملحة نفسها: من أين سيأتي التغيير؟ هل من مورد شعبي من خلال انفجار جديد يعيد تشكيل المعادلة؟ أم مورد من داخل النظام نفسه عبر تصدعات محتملة؟ الخيار الأول، أي التغيير عبر الشارع، يبدو اليوم مستبعدًا مؤقتًا، في ظل صمت المجتمع وقطيعته مع السياسة، وتجذر ثقافة "الخلاص الفردي"، إضافة إلى الآلة الأمنية التي باتت أكثر صرامة في قمع أي تحرك احتجاجي منظم، وإلى المرسوم عدد 54 سيئ الذكر الذي يمنع التونسيين من نقد السلطة والتعبير عن معارضتهم لها، والذي تعدّ ضحاياه حتى اليوم بالآلاف من المساجين ما بين إعلاميين ومدوّنين وسياسيين صدرت في حق العديد منهم أحكام قاسية. أما الخيار الثاني، فيكمن في بروز "انشقاقات ناعمة" تؤشّر على وجود تباينات وتجاذبات داخل بنية النظام، سواء في دوائر النفوذ المحيطة بالرئيس، أو على مستوى البيروقراطية الإدارية ومؤسسات الدولة المختلفة، مما قد يمهّد الطريق لتفاهمات جديدة تفتح المجال أمام انتقال سلمي للسلطة، أو إعادة هيكلة موازين القوة داخل النظام. يظلّ الخياران مرهونين بعنصر المبادرة، الذي لا يزال غائبًا، وبتوفر كتلة وطنية قادرة على جمع شتات القوى المدنية والسياسية في مشروع وطني واضح، يعيد بناء الثقة بين الحاكم والمحكوم. تونس في مفترق حاسم لا يمكن أن تبقى تونس على هذا الحال طويلًا بين انسداد الداخل وتواطؤ الخارج. التوازن القائم حاليًا بين سلطة مستفردة، وشارع مفصول، ومجتمع منهك، ومعارضة ضعيفة، وخارج غير مكترث، هو توازن هشّ وقابل للانهيار في أية لحظة، ما يجعل المشهد التونسي مأزومًا ومفتوحًا على المجهول. ويبقى الخطر الأكبر اليوم ليس فقط في غياب الديمقراطية أو تراجع الحريات، بل في فقدان الثقة الجماعية في إمكانية الإصلاح، وفي انكفاء الأمل الوطني لصالح الأمل الفردي أو الهروب الجماعي. لا تزال الفرصة قائمة، لكنها تضيق يومًا بعد يوم. التغيير الحقيقي لن يكون فقط في الأسماء أو المؤسسات، بل في إعادة بناء الثقافة السياسية التونسية على أسس جديدة مثل الثقة والتشاركية ووضوح التوجهات. تونس اليوم في حالة عطب شامل بلا بوصلة، وفي حالة فراغ كبير تبحث عن مشروع وعن أمل. لا تحتاج إلى بطل جديد، بل إلى مشروع وطني جامع يُنقذ ما تبقى من روح الثورة، ويمنح الأجيال القادمة سببًا للبقاء، والعمل، والمشاركة.

الجنيه السوداني يواصل الهبوط والأسعار تتصاعد.. غذاء الفقراء يتحول إلى ترف
الجنيه السوداني يواصل الهبوط والأسعار تتصاعد.. غذاء الفقراء يتحول إلى ترف

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • أعمال
  • الجزيرة

الجنيه السوداني يواصل الهبوط والأسعار تتصاعد.. غذاء الفقراء يتحول إلى ترف

شندي- في بلد يزخر بالأراضي الخصبة والثروة الحيوانية، أصبح الحصول على وجبة غذائية متكاملة حلمًا بعيد المنال لغالبية المواطنين، الذين يرزحون تحت وطأة حرب طاحنة وانهيار اقتصادي شامل. في الأسواق يطغى الركود ، وفي البيوت يقاتل الناس من أجل وجبتين في اليوم بالكاد تكفيان لسد الرمق، في حين تتدهور قيمة الجنيه السوداني بلا توقف، وسط غياب حلول حقيقية أو أفق سياسي واضح. وفي آخر تقاريره، كشف البنك الدولي عن انكماش الاقتصاد السوداني بنسبة إضافية بلغت 13.5% خلال عام 2024، وذلك بعد أن تقلّص بنحو الثلث في عام 2023. التقرير ذاته توقّع أن تصل نسبة السكان الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 71%، في ظل استمرار النزاع وغياب الدولة. هذه الأرقام ليست مجرّد إحصاءات، بل تعكس واقعًا يعيشه المواطن يوميًا بين الجوع والعجز ودوامة البقاء. "أعمل 12 ساعة في اليوم لأجمع أقل من 10 دولارات بالكاد تكفيني لوجبتين لأسرتي المكوّنة من 6 أفراد"، تقول إقبال محمد، فنية مختبر في شندي شمال الخرطوم. وتضيف: "قبل الحرب، كنت أحتاج إلى نحو 5 آلاف جنيه فقط لتغطية نفقاتنا اليومية، أما الآن فهناك سلع تضاعف سعرها بأكثر من 1000%". إقبال ليست وحدها. ملايين السودانيين يواجهون واقعا مشابها، حيث تحوّلت المواد الغذائية الأساسية إلى سلع نادرة المنال، وتحوّلت المائدة اليومية إلى تحد مستمر. ركود الأسواق وتراجع الزراعة الأسواق في المدن والقرى تشهد حالة من الشلل. يقول بدر الدين أحمد، بائع خضروات في شندي: "الناس لا تشتري. كل شيء تضاعف سعره، ومعظم الزبائن يكتفون بالنظر أو الاكتفاء بالحاجات الضرورية فقط". ويرجع بدر الدين هذا الركود إلى تقلّص الرقعة الزراعية، خصوصًا في ولاية الجزيرة التي كانت تُعدّ سلة غذاء رئيسية للبلاد. ووفقًا لمنظمة الفاو، تراجع الإنتاج الزراعي بأكثر من 40%، وهو قطاع يشكّل 35% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر وظائف لأكثر من 40% من القوة العاملة. ويعاني التجار بدورهم من آثار الغلاء. يقول محمد عبد الحميد، تاجر يبلغ من العمر 60 عامًا: "توقفت عن بيع المعلّبات والمشروبات المستوردة لأن الناس لم تعد تشتريها. المبيعات تراجعت كثيرًا، واقتصر الطلب على العدس والسكر والزيت والمنظفات". الجميع خاسر في هذه المعادلة، من المنتج إلى المستهلك. وفي ظل هذه الظروف، تزداد الصعوبات مع المرض أو الحوادث. عبد الله وراق، عامل بناء، يقول: "أحيانًا نعيش على وجبة واحدة في اليوم. لا نشتري اللحم ولا الخضروات، وأصعب ما نواجهه حين يمرض أحد أفراد الأسرة، فتكاليف العلاج لم تعد في متناول اليد، والطب البديل هو الملاذ الأخير". انهيار الجنيه وتآكل الأجور أحد أبرز مظاهر الانهيار الاقتصادي هو تدهور سعر صرف الجنيه السوداني. فمنذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، تراجع الجنيه من 600 جنيه مقابل الدولار إلى 2679 جنيهًا في السوق الموازية، في حين سجّل في البنوك الرسمية نحو 2100 جنيه منتصف عام 2025. هذا الانهيار انعكس مباشرة على الأجور، وقدرت دراسة أجرتها لجنة المعلمين في يوليو/تموز الجاري أن تكلفة المعيشة الشهرية لأسرة مكوّنة من 5 أفراد تتراوح بين 354 ألف جنيه في المناطق المستقرة، وتصل إلى 2.8 مليون جنيه في الولايات المتأثرة بالحرب. ومع ذلك، فإن أجور العاملين في القطاع العام لا تغطي سوى 8% من هذه التكاليف، بحسب الدراسة، مما يعني أن أكثر من 90% من الموظفين يعيشون تحت خط الفقر. سمية عبد الرحمن، ممرضة وأم لـ4 أبناء، تقول: "أعمل في عيادة ومختبر، ومع ذلك لا يغطي دخلي سوى ثلث احتياجاتنا. اثنان من أولادي يدرسون في الجامعة، وأنا أستدين كل شهر لأتمكن من الاستمرار". هذا النمط يتكرّر مع آلاف الأسر، حيث لم تعد وظيفة واحدة، ولا اثنتان، قادرتين على توفير الحد الأدنى من الكفاف. وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن معدلات البطالة ارتفعت من 32% في عام 2022 إلى 47% في 2024، بفعل الإغلاقات الواسعة النطاق للشركات والانهيار الكلي في سوق العمل. رؤى اقتصادية.. وحلول مؤجلة ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور حسين القوني أن تدهور قيمة الجنيه مرتبط بـ3 عوامل رئيسية: تراجع الإنتاج، غياب الصادرات، والطلب الكبير على الدولار نتيجة سفر السودانيين للخارج. ويشير إلى أن غياب الجهاز التنفيذي جعل من الدولار سلعة نادرة، وأن غموض المشهد السياسي يمنع أي دعم خارجي حقيقي. "الدمار الذي لحق بالاقتصاد كبير، ولا أحد يريد المجازفة بدعم اقتصاد لا يملك صورة مستقبلية واضحة"، يقول القوني. أما البروفيسور كمال أحمد يوسف، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة النيلين، فيرى أن "الزراعة تمثل أملًا سريعًا لعائدات نقدية، لكنها تحتاج إلى كهرباء وطاقة شمسية، وأراضٍ آمنة، وبنية تحتية قائمة". ويطالب بإعادة إعمار الطرق والجسور، وتوفير الخدمات الأساسية كالماء والصحة والتعليم كشرط رئيسي لعودة الناس إلى مناطقهم. كما يدعو إلى تشجيع الاستثمار المحلي، وخفض الدولار الجمركي، وتوقيع اتفاقيات مع دول الجوار لتسهيل استيراد السلع الضرورية. ويلفت إلى استمرار بعض الولايات في استخدام العملة القديمة رغم قرار الاستبدال قبل أكثر من عام، محذرًا من أن ذلك يفتح الباب أمام الفساد ويزيد من تعقيد الأزمة النقدية في البلاد. وبينما يواجه السودانيون معركة يومية مع الغلاء والجوع والمرض، يبقى الأمل معقودًا على موسم زراعي واعد، وتوافق سياسي يعيد للدولة حدًّا من الفاعلية والهيبة، قبل أن ينهار ما تبقى من اقتصاد البلاد ويصبح الجوع هو القاعدة لا الاستثناء.

كيف تنعكس زيادة الرواتب 200% على معيشة السوريين؟
كيف تنعكس زيادة الرواتب 200% على معيشة السوريين؟

الجزيرة

timeمنذ 7 أيام

  • أعمال
  • الجزيرة

كيف تنعكس زيادة الرواتب 200% على معيشة السوريين؟

دمشق- في بلد يعاني فيه الملايين من الفقر المدقع وتآكل القدرة الشرائية، تأتي أي زيادة في الرواتب كطوق نجاة مرتقب، وإن كانت في نظر كثيرين مجرّد تعويض متأخر لا يلبي سوى الحد الأدنى من الاحتياجات. وفي هذا السياق، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع مرسومين يقضيان برفع رواتب موظفي الدولة وأصحاب المعاشات التعاقدية بنسبة 200% بداية من يوليو/تموز الجاري. وأكد مسؤول المكتب الإعلامي بوزارة المالية إسماعيل المقبل أن الزيادة الأخيرة في الرواتب ستنعكس بشكل إيجابي على مستوى معيشة المواطنين، مشيرًا إلى أن الفرق سيكون ملموسًا لدى الناس. وأوضح المقبل -في تصريح للجزيرة نت- أن الرواتب التي كانت تتراوح بين 200 و300 ألف ليرة (20-30 دولارًا) ارتفعت لتصل إلى ما بين 900 ألف ومليون ليرة (90-100 دولار) من دون أن تُفرض عليها أي ضرائب، مما يجعلها "خطوة في الاتجاه الصحيح". وفي الوقت الذي أقر فيه بأن هذه الزيادة غير كافية لتلبية كامل الاحتياجات المعيشية للسوريين، أكد المقبل أنه سيكون هناك زيادات أخرى قبل نهاية العام الجاري، في محاولة تدريجية لتحسين واقع الدخل ومواكبة التضخم. زيادة غير كافية وحول كفاية هذه الزيادة، تقول كوثر الجندي (موظفة متقاعدة من وزارة التربية في دمشق) إن الزيادة كانت ضرورية جدًا في هذا التوقيت "لأن رواتبنا السابقة، والتي كان متوسطها 30 دولارًا، لم تكن تكفي لأكثر من 4 أيام". وتضيف كوثر في حديث للجزيرة نت "يبلغ راتبي بعد الزيادة 750 ألف ليرة (75 دولارًا) وهو ما يزال غير كافٍ مقارنة بالالتزامات والمصاريف الشهرية الكبيرة، وارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية، ولكن بالطبع هو أفضل من الراتب السابق". أما مهند زنبقة (موظف في المؤسسة العامة للكهرباء بمدينة جرمانا) فيرى أن الزيادة التي كانت مرتقبة ليست 200% بل 400%، وذلك تبعًا لوعود حكومية سابقة لم تتحقق حتى الآن. ويتابع في حديث للجزيرة نت "مع ذلك، فهذه الزيادة مهمة، فهي على الأقل باتت قادرة على تغطية إيجار شقتي البالغ 850 ألف ليرة (85 دولارًا)". ويعتمد مهند، وهو رب أسرة مكونة من 4 أفراد، في تأمين ما تبقى من مصاريف عائلته الشهرية على ما يجنيه من عمله المسائي على سيارة أجرة بعد دوامه الرسمي. ويشير المواطن إلى أن مصروف عائلته الشهري يتراوح بين 5 و7 ملايين ليرة (500-700 دولار) ويرتفع وينخفض بحسب المواسم والفصول، ففي الشتاء والموسم المدرسي قد يتضاعف المصروف، أما في الصيف فإنه ينخفض قليلًا. القدرة الشرائية ومؤشرات الإنفاق وفي مقابل هذه المعاناة التي تتقاطع مع آمال جزئية بتحسن محدود، تظهر بعض المؤشرات المحلية تغيرًا في تكاليف المعيشة. فقد انخفض متوسط تكاليف معيشة الأسرة السورية المكونة من 5 أفراد في الشهر بنسبة 13% بالربع الأول من العام الجاري، وفقًا لمؤشر قاسيون المحلي. وكشف المؤشر أن الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة خلال شهر انخفض بحوالي مليون ليرة، أي من 9 ملايين ليرة (900 دولار) -في يناير/كانون الثاني- إلى 8 ملايين ليرة (800 دولار) نهاية مارس/آذار الماضي. ورغم أن هذا الانخفاض لا يعكس بالضرورة تحسنًا فعليًا بالظروف الاقتصادية، فإنه يعكس إعادة ترتيب أولويات الإنفاق لدى المواطنين نتيجة الأوضاع الطارئة، لا سيما في ظل استمرار أزمة السيولة. زيادة غير مسبوقة ومن جهته، أوضح الخبير الاقتصادي زياد عربش أن نسبة الزيادة الحالية، التي بلغت 200%، تُعد الأعلى على الإطلاق مقارنة بالسابق، حيث لم تتجاوز نسب الزيادة في الماضي -خلال سنوات حكم النظام المخلوع- نسبة 100% رغم موجات التضخم المتعاقبة التي كانت تضرب البلاد. وأشار إلى أن تطبيق هذه الزيادة من شأنه أن يُحفّز النشاط الاقتصادي العام من خلال ضخ السيولة بالسوق، مما سينعكس على قطاعات متعددة دون أن يتسبب ذلك بالضرورة في حدوث ضغوط تضخمية، خاصة وأن أسعار الطاقة والسلع الأخرى شهدت ارتفاعًا سابقًا بسبب التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران. وأكد عربش أن تحريك الاقتصاد يتطلب تخلي الحكومة عن سياسة حبس السيولة، وإزالة مختلف الاختناقات، وضمان حصول المواطنين على أموالهم بسهولة، وليس عبر "القطّارة" في إشارة إلى السياسة النقدية التقييدية المعتمدة من قبل البنك المركزي. وحذّر الخبير الاقتصادي من أن استمرار أزمة حبس السيولة قد تخلف أزمة ثقة شاملة، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة لن تقتصر على قطاع بعينه، بل ستمتد لتشمل الجميع، وهو ما قد يؤدي لتأخير عملية اندماج سوريا في الفضاء الاقتصادي الإقليمي، خاصة في ظل مساعٍ حكومية لتوسيع العلاقات التجارية مع بعض الدول المجاورة. ويضطر السوريون إلى الوقوف عدة ساعات أسبوعيًا في طوابير بالبنوك لتسلم رواتبهم أو سحب أموالهم على دفعات، وذلك بسبب السياسة النقدية التي يتبعها "المركزي" في حبس السيولة، مما أدى إلى أزمة انعكست بشكل سلبي على معيشة السوريين والحركة الاقتصادية في البلاد. ويرزح 90% من السوريين تحت خط الفقر، ويعاني نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي منذ عام 2021، وفقًا لتقارير أممية. وبينما تُعلن الحكومة زيادات غير مسبوقة في الرواتب، يأمل المواطنون أن تكون هذه الإجراءات بداية مسار جدي نحو تخفيف المعاناة اليومية، لا مجرد حلول مؤقتة. ومع استمرار التضخم وتقييد السيولة وغياب إصلاحات هيكلية حقيقية، لا تزال الأغلبية تكافح لتأمين أبسط أساسيات الحياة.

تعزيز أمني واقتصادي: قطر تمد يد العون للمؤسسة العسكرية اللبنانية
تعزيز أمني واقتصادي: قطر تمد يد العون للمؤسسة العسكرية اللبنانية

البوابة

time٠٥-٠٧-٢٠٢٥

  • سياسة
  • البوابة

تعزيز أمني واقتصادي: قطر تمد يد العون للمؤسسة العسكرية اللبنانية

أعلن الجيش اللبناني، اليوم السبت، تسلّمه دفعة مالية مقدمة من دولة قطر، في إطار دعم مباشر للمؤسسة العسكرية وسط الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي يعيشها لبنان. وقال الجيش في بيان عبر منصة "إكس"، إن الدفعة المالية جاءت "بناءً على توجيهات صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر الشقيقة"، مضيفًا أن المساهمة تهدف إلى مساندة الجيش اللبناني في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. من جهته، عبّر قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، عن شكره العميق وامتنانه للدعم القطري، معتبرًا أن هذه المبادرة تمثّل ركيزة مهمة في تعزيز قدرة الجيش على أداء مهامه الوطنية في حفظ الأمن والاستقرار. وأضاف هيكل أن "المساعدة تخفف من الأعباء المتزايدة على المؤسسة العسكرية في ظل التحديات التي تواجهها"، مشيدًا بـ"الدور القطري الإيجابي الدائم تجاه لبنان ومؤسساته". ويأتي هذا الدعم عقب زيارة رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام إلى العاصمة القطرية الدوحة أواخر يونيو/حزيران الماضي، حيث التقى أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. وتناول اللقاء العلاقات الثنائية وسبل تطوير التعاون، خاصة في مجالات الإعمار والطاقة، إلى جانب المستجدات الإقليمية. وخلال الزيارة، أدان سلام الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية القطرية، واعتبره "انتهاكًا لسيادة قطر"، مؤكدا تضامن لبنان الكامل مع الدوحة. وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون قد زار قطر في أبريل/نيسان الماضي، حيث بحث مع أمير البلاد تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والأمنية والاستثمارية.

سوريا.. مخاوف التعثر الاقتصادي تبدد مكاسب الانفتاح
سوريا.. مخاوف التعثر الاقتصادي تبدد مكاسب الانفتاح

البيان

time٠٣-٠٧-٢٠٢٥

  • أعمال
  • البيان

سوريا.. مخاوف التعثر الاقتصادي تبدد مكاسب الانفتاح

فبينما يترقب السوريون بوادر تحسن في الظروف المعيشية نتيجة فك بعض القيود الدولية، وعودة نسبية للعلاقات الاقتصادية مع عدد من الدول، تصطدم هذه التطلعات بواقع مناخي واقتصادي قاسٍ، لم تشهده البلاد منذ أكثر من 50 عاماً. ومع تزايد تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني مقابل ضعف القدرة الشرائية، وانخفاض الدعم الحكومي، يجد المنتج السوري نفسه محاصراً بين الخسارة والإفلاس، ما ينعكس بدوره على الأمن الغذائي للبلاد، وعلى الاستقرار الاجتماعي. كل ذلك يجري في ظل بيئة معيشية مثقلة بالأعباء، ما ينذر بموسم اقتصادي وصفه مراقبون بأنه «الأسوأ منذ عقود»، مع ما يحمله من احتمالات اضطراب سياسي واجتماعي. وتتوقع وزارة الزراعة السورية حصاد 300 إلى 350 ألف طن من القمح فقط، بعد أن كان الإنتاج يزيد على مليوني طن في المواسم السابقة، التي لم تكن الأفضل أيضاً. فعلى الرغم من مؤشرات حوار إيجابي ومحاولات، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، عادت الخلافات إلى الواجهة بعد حادثة تفجير كنيسة مار إلياس، التي أسفرت عن سقوط ضحايا، وأثارت موجة من التصريحات والاتهامات المتبادلة. تعيش سوريا لحظة مزدوجة التحدي: انفتاح خارجي يبشر بفرص جديدة، يقابله اختناق داخلي على المستويين الاقتصادي والسياسي، فالجفاف وانهيار الزراعة من جهة، والجمود في مسارات الحل السياسي من جهة أخرى يشكلان اختباراً حقيقياً لقدرة الدولة السورية، ومكونات المجتمع السياسي على اجتياز المرحلة الحرجة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store