logo
السلام بين سوريا وإسرائيل.. عقبات تقف أمام التسوية النهائية

السلام بين سوريا وإسرائيل.. عقبات تقف أمام التسوية النهائية

سكاي نيوز عربيةمنذ 19 ساعات
وتزامنت هذه الخطوة مع تسريبات عن مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل، تضع ملف الجولان في قلب الاشتباك السياسي، وتفتح باب الأسئلة حول مدى واقعية اتفاق أمني بين عدوين تاريخيين.
بحسب مصادر مطلعة، جاء القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا بعد مشاورات واسعة داخل البيت الأبيض، حيث أوضح مسؤول أميركي لموقع "أكسيوس" أن إدارة ترامب مستعدة للتوسط بين سوريا وإسرائيل في اتفاق أمني جديد، بشرط التقدم في ثلاث ملفات: تطبيع تدريجي مع إسرائيل، كبح التنظيمات المتشددة، وضبط الفصائل الفلسطينية المسلحة.
ورغم هذا التوجه، أكدت الإدارة الأميركية أن مسألة ترسيم الحدود ووضع الجولان ستُترك للطرفين، مشيرة إلى أن واشنطن لن تمارس ضغطا علنيا على إسرائيل للتنازل عن أراضٍ تعتبرها "استراتيجية".
الموقف الإسرائيلي جاء حاسما وسريعا، حيث صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي بأن تل أبيب ترحب بإقامة علاقات دبلوماسية مع سوريا ولبنان، لكنها "لن تدخل في مفاوضات حول وضع مرتفعات الجولان"، التي تم ضمّها رسميا لإسرائيل عام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
الموقف الإسرائيلي عبّر عنه أيضا المحاضر في أكاديمية الجليل الغربي، موشيه إلعاد، خلال حديثه إلى برنامج "الظهيرة" على "سكاي نيوز عربية" حيث قال إن:"انسحاب إسرائيل من الجولان غير مطروح على الإطلاق. بالنسبة للإسرائيليين، الجولان خط أحمر، والحكومة الإسرائيلية لن تقبل حتى مناقشة الأمر. الحديث عن انسحاب هو مجرد حلم سوري".
دمشق ترد: لا سلام دون الجولان
في المقابل، أكدت مصادر سورية مقربة من دوائر القرار أن الرئيس السوري أحمد الشرع غير مستعد لتوقيع أي اتفاق سلام أوسع مع إسرائيل في المرحلة الحالية، مشيرة إلى أن دمشق تشترط انسحابا إسرائيليا كاملا من المناطق التي سيطرت عليها تل أبيب بعد سقوط نظام الأسد، وعلى رأسها الجولان.
وفي حديثه مع "الظهيرة"، شدد الكاتب والباحث السياسي عباس شريفة على أن الإدارة السورية، حتى وإن كانت انتقالية، لا تستطيع اتخاذ قرار استراتيجي مثل الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، لأن هذه الأرض "ملك للشعب السوري" وليست ضمن صلاحيات أي قيادة.
وأضاف شريفة: "إسرائيل تسعى لسلام بدون استحقاقات. تريد أن تنال كل شيء دون أن تقدم شيئا، وتحاول استغلال حالة عدم الاستقرار في سوريا لفرض وقائع جديدة".
منذ سقوط النظام السوري السابق، نفذت إسرائيل أكثر من 750 عملية عسكرية في سوريا، شملت قصفا وتوغلات، بحسب تصريحات شريفة، الذي اعتبر أن تل أبيب تستخدم "الفوضى الأمنية جنوب سوريا كذريعة للتدخل المستمر، دون أن تُسجّل حالة واحدة من اعتداء مباشر على إسرائيل من قبل الدولة السورية".
وأشار شريفة إلى أن إسرائيل تحاول فرض ما يسميه "منطقة عازلة ممتدة" داخل الأراضي السورية، بحجة حماية أمنها القومي.
وحول ذلك قال شريفة: "إذا قبلنا بمنطقة عازلة أولى، ثم جاءت تهديدات قرب حدودها، فهل سنقيم منطقة عازلة ثانية وثالثة؟ هذا منطق من يريد التهرب من استحقاقات السلام".
وفق مراقبين فإن مرتفعات الجولان تمثل أكبر عقبة أمام أي تقدم سياسي، فبينما تعتبرها إسرائيل "جزءا لا يتجزأ من أراضيها"، تصرّ سوريا على أنها "أرض محتلة لا يمكن التنازل عنها"، مستندة إلى قرارات أممية أبرزها قرار مجلس الأمن 497.
وعلى هذا الأساس، أكد شريفة أن "أي اتفاق لا يتضمن التزامات واضحة بشأن الانسحاب الإسرائيلي من الجولان سيكون بلا قيمة"، مذكّرا بموقف أبناء الجولان من العرب السوريين الذين "لا يزالون يرفضون الاحتلال ويتمسكون بهويتهم السورية".
اتفاق أمني أم تطبيع سياسي؟
تُفضل دمشق الحديث عن "اتفاق أمني" يشمل قواعد اشتباك جديدة، وقف القصف، وتفعيل آليات مراقبة دولية، بدلا من القفز مباشرة نحو اتفاق سلام شامل.
وتقترح دمشق، بحسب شريفة، العودة إلى اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974، وتفعيل دور قوات حفظ السلام، وبدء خطوات تدريجية مثل وقف الغارات الإسرائيلية، ضبط الحدود، ومنع التوغلات، تمهيدا لبناء الثقة.
من جهته، يرى موشيه إلعاد أن إسرائيل منفتحة على ترتيبات أمنية جديدة، لكنها ترفض ربطها بانسحابات أو تطبيع شامل، ويقول:
"نتحدث عن اتفاق عدم اعتداء، يشبه إلى حد ما اتفاقيات إبراهيم، مع اختلاف البنود. منها تنسيق أمني ضد حزب الله وإيران، وترتيبات حدودية، وربما تصدير الغاز والمياه لسوريا عبر نموذج شبيه باتفاق الأردن".
مناورات إسرائيلية أم انفتاح حقيقي؟
يقرأ شريفة الطرح الإسرائيلي باعتباره محاولة للالتفاف على المبادرة الأميركية، ويرى أن حكومة تل أبيب الحالية "غير جاهزة للسلام"، مضيفا: "هي حكومة متطرفة، متورطة في دماء الفلسطينيين، وتُصرّ على التعامل مع سوريا كدولة فاشلة لتبرير التدخل والتوسع".
ومع ذلك، لا يُغلق الباب تماما، إذ يقول شريفة إن دمشق مستعدة لمناقشة ترتيبات مرحلية، بشرط وجود ضامن دولي موثوق، وقد تكون الولايات المتحدة "الخيار الأنسب لهذا الدور"، لما لها من علاقات مع الطرفين.
الطرح الأميركي... ترتيب أمني مؤقت بدلا من اتفاق نهائي
واشنطن تحاول لعب دور "الوسيط النشط"، لكنها تُدرك تعقيد ملف الجولان، ولهذا، بحسب دبلوماسيين أميركيين، فإن هدف المرحلة الأولى يتمثل في تثبيت الهدوء على الحدود، ومنع الاشتباكات، وتفعيل التنسيق عبر قنوات خلفية.
وقد صرح مسؤول أميركي أن بلاده لا ترغب في التدخل بملف السيادة على الجولان، وأنها تترك هذه القضية للطرفين، مع التركيز حاليا على "ترتيبات لوقف إطلاق النار، وحظر الاعتداءات المتبادلة، ومنع أي تصعيد مفاجئ".
ووفق شريفة فإن الحل الواقعي قد يكون في تجزئة الملفات، بدلا من فرض "سلة شاملة واحدة".
ويوضح شريفة قائلا: "يمكننا البدء بتفاهمات أمنية، وتأجيل القضايا الخلافية الكبرى كالجولان إلى مرحلة لاحقة. هذا ما فعلته كثير من الدول في مفاوضات السلام المعقدة".
ويتابع قائلا إن الحكومة السورية "لم تُسجّل أي خرق لاتفاقياتها الأمنية، بل إنها سعت لضبط الجنوب رغم كل التحديات. ومن هنا، يمكن بناء خطوات لاحقة إذا أثبتت إسرائيل التزامها".
إسرائيل: السلام مع سوريا خارج السياق؟
رغم كل المناقشات، لا تزال بعض النخب السياسية والعسكرية في إسرائيل ترى أن سوريا لا تمثل "دولة" بالمعنى الكامل، وبالتالي فإن أي اتفاق معها "ليس ذا جدوى حقيقية"، كما يقول إلعاد.
ويعتقد إلعاد أن "الوضع في سوريا لا يزال هشًا"، مشيرا إلى وجود ميليشيات، جماعات متطرفة، وفصائل غير منضبطة، وهو ما يُعقّد التفاوض.
ويلفت إلى أنه: "قبل الحديث عن اتفاق، يجب أن تُثبت سوريا أنها دولة مركزية قادرة على تنفيذ ما تتعهد به".
تشير الوقائع إلى أن أي تقارب بين سوريا وإسرائيل لا يزال بعيدا، في ظل المواقف المتضاربة حول الجولان، وانعدام الثقة، ورفض إسرائيل تقديم أي تنازلات.
لكن قرار رفع العقوبات الأميركية يفتح نافذة، وإن كانت ضيقة، نحو تفاهمات أمنية مؤقتة يمكن البناء عليها لاحقا.
وتبقى الكرة في ملعب الأطراف الثلاثة: هل يمكن للولايات المتحدة أن تضغط بما يكفي لإنجاح الاتفاق؟ هل تتخلى إسرائيل عن منطق التفوق الأمني مقابل الاستقرار؟ وهل تواصل دمشق تمسكها بالثوابت دون عزل نفسها عن التحولات؟.
الأسابيع القادمة قد تحمل مؤشرات أكثر وضوحا، لكن إلى حينها، تبدو المفاوضات كما وصفها أحد المراقبين: سيرٌ على الحبل المشدود بين الجغرافيا والسيادة والتاريخ.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تسلا تتراجع.. السياسة تُكلف ماسك خسائر في المبيعات
تسلا تتراجع.. السياسة تُكلف ماسك خسائر في المبيعات

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 27 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

تسلا تتراجع.. السياسة تُكلف ماسك خسائر في المبيعات

ويضاف انخفاض المبيعات إلى الدلائل المتزايدة على أن احتضان ماسك للرئيس الأميركي دونالد ترامب والسياسيين اليمينيين المتطرفين في أوروبا قد أثّر بشكل عميق ودائم على جاذبية علامة تسلا التجارية. كما تُشير الأرقام الجديدة إلى أن تسلا قد تُخيب الآمال عند إعلانها عن أرباح الربع الثاني في وقت لاحق من هذا الشهر. ففي الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي انخفض صافي الدخل بنسبة 71%. وبحسب بيانات تسلا، تراجعت مبيعاتها خلال الشهور الثلاثة الماضية إلى 384122 سيارة مقابل 443956 سيارة خلال الفترة نفسها من العام الماضي. يأتي ذلك في حين خرج ماسك رسميا من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث كان يتولى تطبيق خطة خفض أعداد العاملين في الحكومة الاتحادية، في حين يأمل حاليا في تعافي مبيعات الشركة بعد الابتعاد عن الرئيس الأميركي. ووصل إجمالي مبيعات طرازي موديل3 وموديل واي 373728 سيارة، في حين كان المحللون يتوقعون مبيعات 356 ألف سيارة. وارتفع سعر سهم تسلا بنحو 4% قبل بدء التعاملات الرسمية في وول ستريت اليوم. وفي الأسابيع الأخيرة، نشب خلاف علني بين ماسك وترامب بعد أن بدأ أغنى رجل في العالم في انتقاد أولويات الرئيس في الميزانية.

ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام
ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام

البيان

timeمنذ 42 دقائق

  • البيان

ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع فيتنام

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء التوصل الى اتفاق تجاري مع فيتنام، مع اقتراب موعد التاسع من يوليو لمعاودة فرض رسوم جمركية هي الأشد على عشرات من الشركاء التجاريين، وكتب ترامب على منصته تروث سوشال "توصلت للتو الى اتفاق تجاري مع فيتنام. التفاصيل لاحقا".

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات الوظائف بالقطاع الخاص
«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات الوظائف بالقطاع الخاص

صحيفة الخليج

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة الخليج

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات الوظائف بالقطاع الخاص

تباين أداء الأسهم الأمريكية، الأربعاء، بعد صدور تقرير جديد أظهر انخفاضاً مفاجئاً في رواتب القطاع الخاص في يونيو، مما أثار القلق بشأن حالة الاقتصاد الأمريكي. وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 0.08%، بينما ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.48%. وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي 0.30%. وفقد القطاع الخاص 33 ألف وظيفة الشهر الماضي، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن «إيه دي بي». ويمثل هذا أول انخفاض شهري في تقرير «إيه دي بي» للوظائف منذ مارس 2023. وتوقع الاقتصاديون الذين استطلعت آراءهم «داو جونز» نمو الوظائف بمقدار 100 ألف وظيفة. يأتي هذا التقرير في ظل اقتراب سوق الأسهم من مستويات قياسية مرتفعة، على الرغم من المخاوف من أن التوترات التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة ودول أخرى قد تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي والعالمي. ومن المؤكد أن تقرير «إيه دي بي» لم يقدّم توقعات قوية لتقرير الوظائف الحكومي الشهري، المقرر صدوره الخميس. يتوقع الاقتصاديون نمواً قدره 110 آلاف وظيفة في يونيو. وقد يستمد السوق بعض العزاء من تزايد التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر. تُظهر أداة «فيد وتش» التابعة لمجموعة «سي أم إي» احتمالاً بنسبة 23% تقريباً لقيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه في يوليو، بزيادة عن 20% في اليوم السابق. وتباين أداء وول ستريت، حيث ارتفع مؤشر داو جونز 400 نقطة، بينما أغلق مؤشرا ستاندرد آند بورز 500 و«ناسداك» على انخفاض بعد انخفاض واسع النطاق في أسهم التكنولوجيا. حصل مؤشر داو جونز على دفعة قوية مع تحول المستثمرين نحو أسهم المواد والرعاية الصحية. كما راقب المتداولون مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي قدمه الرئيس دونالد ترامب، والذي أقره مجلس الشيوخ بفارق ضئيل، الثلاثاء. ويعود هذا الإجراء إلى مجلس النواب، حيث لا يزال هناك معارضون بين المشرّعين الجمهوريين. (وكالات)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store