logo
مفاعل "فوردو".. قلعة إيران النووية المحصّنة تحت 100 متر من الصخور

مفاعل "فوردو".. قلعة إيران النووية المحصّنة تحت 100 متر من الصخور

الشرق السعودية٢١-٠٦-٢٠٢٥
في عمق جبل قرب مدينة قم المقدسة شمال طهران، تختبئ واحدة من أكثر منشآت إيران النووية تحصيناً وسرية في الشرق الأوسط، وهو مفاعل "فوردو" لتخصيب الوقود، والذي صُمم خصيصاً لتحمّل الهجمات العسكرية، وليكون بمثابة معقل استراتيجي في قلب المشروع النووي الإيراني المثير للجدل.
ومنذ الكشف عنه عام 2009، أصبح "فوردو" رمزاً وأصلاً تقنياً مهماً في طموحات طهران النووية.
9 سنوات من السرية
بدأ بناء منشأة "فوردو" بشكل سري في أوائل القرن الـ21، وسط تصاعد الضغوط الدولية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وظلت المنشأة طيّ الكتمان حتى سبتمبر 2009، حين أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، اكتشاف المنشآة بشكل مشترك، متهمين إيران بإخفاء موقع ثانٍ لتخصيب اليورانيوم عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبعد الإعلان الثلاثي، أقرت إيران رسمياً بوجود المنشأة وسمحت بتفتيشها، وأصرت طهران على أن الموقع مخصص لأغراض سلمية، خاصة إنتاج الوقود للمفاعلات ومحطات البحث النووي، غير أن البناء السري والموقع المحصن تحت الجبال أثارا شكوكاً كبيرة بشأن احتمال وجود أهداف عسكرية للمنشأة، خصوصاً في حال اندلاع نزاع مسلح أو فشل المسار الدبلوماسي.
وتقع منشأة "فوردو" قرب القرية التي تحمل الاسم نفسه، على بعد نحو 32 كيلومتراً جنوب مدينة قم، في تضاريس جبلية وعرة من سلسلة جبال ألبرز، وما يميز المفاعل هو أنه مدفون في عمق جبل يتكون من طبقات حماية طبيعية وصناعية، ما يجعله أكثر أماناً بكثير من المنشآت المشيدة على سطح الأرض مثل "نطنز"، و"بوشهر" وغيرهما.
وتتركز قاعات التخصيب الأساسية تحت الأرض بما يصل إلى عمق نحو 100 متر، ما يجعل تدميرها باستخدام الغارات الجوية أو القنابل التقليدية أمراً بالغ الصعوبة، وتُقدّر المساحة التشغيلية داخل الجبل بعدة آلاف من الأمتار المربعة، وهي مصممة لاستيعاب آلاف من أجهزة الطرد المركزي والبنية التحتية المرافقة لها.
مهام مفاعل "فوردو"
الغرض المعلن من منشأة "فوردو" هو إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب لاستخدامه في محطات الطاقة النووية، وصُمّم المفاعل ليضم نحو 3 آلاف جهاز طرد مركزي، من طراز "IR-1"، موزعة في سلسلتين أساسيتين من التخصيب، وعلى عكس "نطنز" الذي يُركّز على حجم الإنتاج، فإن "فوردو" بُني على مبدأ البقاء الاستراتيجي تحت ظروف التهديد.
وبموجب الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015، وافقت إيران على تحويل "فوردو" إلى مركز أبحاث لإنتاج النظائر المشعة، وتوقفت عن تخصيب اليورانيوم داخله، كما أزالت أغلب أجهزة الطرد، لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018 خلال رئاسة دونالد ترمب، استأنفت إيران أنشطة التخصيب في المفاعل، وبدأت تركيب أجهزة طرد متقدمة من طراز "IR-6"، حيث يوجد أكثر من 2000 منها، ما زاد من قدرتها على التخصيب بنسبة مرتفعة.
وفي السنوات الأخيرة، وصلت إيران إلى تخصيب اليورانيوم داخل "فوردو" بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى يقترب من نسبة 90% المطلوبة لإنتاج سلاح نووي، ما أثار قلقاً بالغاً لدى القوى الغربية.
اهتمام بلا هجمات
وعلى الرغم من أنه لم يتعرض في السابق لهجمات كتلك التي استهدفت "نطنز"، إلا أن مفاعل "فوردو" كان مركز اهتمام لتحقيقات وتقارير استخباراتية، ووجّه الكشف المفاجئ عن وجود المنشأة ضربة لمصداقية إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وزاد من فجوة الثقة.
وأبلغت الوكالة عن تغييرات متكررة في أنشطة التخصيب، وتركيب أجهزة متقدمة، وتجاوزات لشروط الاتفاق النووي.
وفي عام 2022، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% باستخدام أجهزة "IR-6"، ما أثار موجة إدانة دولية، وتوبيخ من مجلس محافظي الوكالة، معتبراً أن هذه الخطوة تعني أن إيران على مسافة قصيرة من "الاختراق النووي"، أي امتلاك المواد الانشطارية الكافية لصنع سلاح نووي خلال وقت قصير.
ويُعد مفاعل "فوردو" لغزاً استخباراتياً مزعجاً للغرب، في ضوء قدرته على مواصلة الأنشطة تحت الأرض دون رقابة دائمة.
التحصين ومخاطر العمل العسكري
ويتمتع مفاعل "فوردو" بمكانة خاصة داخل البنية النووية الإيرانية، خاصة أن موقعه العميق داخل جبل يجعله من أصعب الأهداف القابلة للتدمير في الترسانة النووية الإيرانية، كما يُعدُّ خياراً بديلاً في حال تعرّض "نطنز" لهجوم أو تدمير.
ويقع المفاعل على عمق يقترب من 100 متر في جبل صخري، ما يجعل تدميره بالقنابل التقليدية أمراً شبه مستحيل، وبحسب خبراء دفاعيين من أميركا وإسرائيل، فإنه حتى القنابل الخارقة للتحصينات مثل "GBU-57" ربما لا تكون كافية لتدمير المنشأة بالكامل، إلا في حال شنّ هجمات متكررة ومنسقة بدقة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محمد بن زايد والرئيس الإيراني يبحثان قضايا المنطقة
محمد بن زايد والرئيس الإيراني يبحثان قضايا المنطقة

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

محمد بن زايد والرئيس الإيراني يبحثان قضايا المنطقة

بحث رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، مع الرئيس الإيراني الدكتور مسعود بزشكيان في اتصال هاتفي، القضايا والتطورات الإقليمية، والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتبادلا وجهات النظر بشأنها في مقدمتها المستجدات التي تشهدها المنطقة. وتناول الجانبان في اتصالهما محور العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها بما يحقق مصالحهما المشتركة ويعود بالخير والنماء على شعبيهما، في الإطار ذاته أكد رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد في هذا السياق حرص بلاده على دعم كل ما يرسخ أسس السلام والاستقرار الإقليميين لصالح جميع شعوب المنطقة ودولها.

سبع حروب واتفاق واحد
سبع حروب واتفاق واحد

العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • العربية

سبع حروب واتفاق واحد

تتحدث إسرائيل عن خوضها سبع حروب على سبع جبهات في آنٍ واحدٍ. بعض هذه الحروب لم يتوقف منذ عقود، وبعضها دار في الخفاء لأعوام، لكن كلها انفجر علناً، دفعة واحدة وتدريجاً، بعد هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولم ينتهِ أي منها إلى اتفاق أو هدنة أو تسوية، سوى ما حصل في لبنان من اتفاق في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، إثر الضربات المميتة التي تلقاها "حزب الله"، مما دفعه إلى توقيع اتفاق مثلته فيه، وتعهدت تنفيذه الحكومة اللبنانية، قضى بنزع سلاحه وسلاح جميع المنظمات المسلحة على الأراضي اللبنانية ضمن عملية استجابة كاملة لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في أعقاب حرب 2006، والذي تجاهله "حزب الله" بقدر ما خرقته إسرائيل ولم تتمكن الدولة اللبنانية من الوفاء بموجباته. سبع حروب واتفاق واحد يتعثر تطبيقه. ماذا يعني ذلك؟ هل هي حروب لن تتوقف؟ هل لم تُؤتِ ثمارها بعد لدى المخططين والمنفذين؟ وما معنى الإنجازات العسكرية الإسرائيلية؟ وهل تمكنت فعلاً من ضرب المحور الإيراني وشل قدراته؟ أم أن العكس صحيح وما زال هذا المحور قادراً على التقاط أنفاسه وقلب الطاولة على خصومه؟ المقصود بالحروب السبع في الأدبيات الإسرائيلية هو بالضبط ما تصنفه إسرائيل مواجهة مع إيران، متجاهلة الأسباب العميقة لجوهر المشكلة في الصراع على الأرض مع الشعب الفلسطيني. ومن هذا الباب دخلت إيران لتقيم محورها الإقليمي لأسباب اتضح بنتيجة الحروب الدائرة أن الهدف منه حماية تخوم السلطة الدينية ونظامها قتالاً وتفاوضاً، لا خوضاً لحروب تفرض على الدولة العبرية تراجعاً عن أحلامها التوسعية. توجت إسرائيل حروبها السبع بمهاجمة رأس "المحور"، وشاركتها الولايات المتحدة بدعم قيل إن كلفته اليومية تخطت الـ350 مليون دولار، وتوقف القتال من دون اتفاق ولا يزال من غير نهايات واضحة. وكانت هذه الحروب بدأت رسمياً في معركة غزة التي لم تتوقف منذ ما يقارب عامين، وذهب ضحيتها عشرات آلاف الفلسطينيين، الذين دمرت منازلهم وأجبروا على النزوح المتكرر داخل القطاع وسط أزمة غذاء ودواء قاتلة. تخللت تلك الحرب مفاوضات لإطلاق أسرى من الطرفين، لكن المعارك لم تتوقف، ومحاولة التوصل إلى اتفاق جديد لا تبدو واعدة في ظل تمسك الطرفين بأهدافهما الكبرى: تمسك "حماس" بالبقاء كقوة مسلحة وتمسك إسرائيل بمبدأ القضاء عليها. الضفة الغربية هي الجبهة الثانية التي تشعلها إسرائيل بهدف مواصلة احتلالها وتوسيع مستوطناتها. وخلال الحرب في غزة زادت الدولة العبرية منسوب حضورها العسكري وعملياتها في الضفة، كما أطلقت عمليات الاستيطان الكثيفة في أنحائها متجاهلة السلطة الفلسطينية والاتفاقات المعقودة معها. في الضفة، كما في غزة، لا تبحث إسرائيل عن حلول نهائية تقف على أرض صلبة. فبقدر ما ترفض تسوية حل الدولتين تعمل على تهميش السلطة الوطنية رافضة أي دور لها في غزة، وفي كامل الأرض الفلسطينية التي يفترض أن تصبح دولة مستقلة. في الضفة تستمر الحرب الإسرائيلية من دون أفق، فيما تترسخ قناعة عامة لدى المجتمع الدولي بضرورة العودة إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وينتظر العالم في هذا السياق ما يمكن أن يقدمه المؤتمر الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي يعقد نهاية الشهر الجاري برعاية السعودية وفرنسا. الجبهة الثالثة التي تخوض فيها إسرائيل حرباً لم تتوقف هي الجبهة السورية. بدأت هذه الحرب تحت عنوان مكافحة الوجود الإيراني وميليشياته، وبعد انهيار نظام الرئيس بشار الأسد توسعت التدخلات الإسرائيلية لتشمل احتلال نقاط جديدة خارج الجولان المحتل سابقاً. باتت إسرائيل على مقربة من دمشق وفي جبل الشيخ، وتحت عنوان فضفاض هو ضم سوريا إلى اتفاقات السلام الإبراهيمية، تتحدث اليوم عن اتفاقات ترعاها أميركا، إلا أن شيئاً ملموساً لم يتضح بعد، فسوريا كائناً من كان يحكمها، لا يمكنها الانتظام في سلام من دون اتضاح مصير الجولان وليس فقط المناطق التي جرى اجتياحها أخيراً.

المجلس الأوروبي يفرض عقوبات على 8 أفراد وكيان إيراني
المجلس الأوروبي يفرض عقوبات على 8 أفراد وكيان إيراني

عكاظ

timeمنذ 3 ساعات

  • عكاظ

المجلس الأوروبي يفرض عقوبات على 8 أفراد وكيان إيراني

أعلن المجلس الأوروبي اليوم (الثلاثاء)، فرض عقوبات على 8 أفراد إيرانيين، وكيان إيراني، عازياً ذلك إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، والقمع العابر للحدود. وأكد المجلس في بيان نُسب إلى المعنيين بالعقوبات ارتكاب انتهاكات بالوكالة عن أجهزة الدولة الإيرانية خارج إيران، لا سيما عمليات إعدام خارج نطاق القضاء بإجراءات موجزة وتعسفية، بالإضافة إلى حالات اختفاء قسري لأشخاص يُعتبرون معارضين أو منتقدين لإيران، موضحاً أن العقوبات الجديدة تستهدف أعضاء في السلك القضائي الروسي الذين لعبوا دوراً رئيسياً في اضطهاد الناشط أليكسي جورينوف. ولفت البيان إلى أن المستهدفين بالعقوبات يخضعون لتجميد الأصول ويُحظر على مواطني وشركات الاتحاد الأوروبي تقديم أموال لهم. وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو قد قال إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا «الترويكا الأوروبية»، ستقوم بتفعيل «آلية الزناد»، العودة السريعة لعقوبات الأمم المتحدة على إيران بحلول نهاية أغسطس القادم إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي قبل ذلك، موضحاً قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أن فرنسا وشركاءها لهم الحق في إعادة فرض العقوبات العالمية في مجالات الأسلحة والنظام المصرفي والمعدات النووية، وهي عقوبات تم رفعها قبل عشر سنوات. يذكر أن آلية الزناد، أو «سناب باك»، فرضها الاتحاد الأوروبي على إيران قبل عشر سنوات ضمن نص قرار مجلس الأمن رقم 2231 المرتبط بالاتفاق النووي، وتتيح هذه الآلية إعادة فرض العقوبات الأممية ضد إيران تلقائياً في حال حدوث «عدم امتثال جوهري» من جانبها لالتزاماتها، دون الحاجة إلى تصويت أو توافق داخل مجلس الأمن. بالمقابل، يرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في لقاء مع رؤساء البعثات الأجنبية لجوء أوروبا لاستخدام آلية الزناد «أكبر خطأ»، فيما اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي تهديد الدول الأوروبية بتفعيل آلية الزناد هو «إجراء سياسي يهدف إلى المواجهة مع إيران». أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store