logo
في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز

ساحة التحريرمنذ 7 ساعات
في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!
الطّاهر المُعِز
فرانتز فانون وزوجته ماري جوزيف، والقضية الفلسطينية
وُلد فرانز فانون (1925-1961) في مارتينيك المستعمرة الفرنسية في بحر الكاريبي، وتدرب كطبيب نفسي في ليون قبل توليه منصبًا في الجزائر الاستعمارية. وقد سبق له أن عانى من العنصرية كمتطوع في الجيش الفرنسي الحر، الذي شهد القتال في نهاية الحرب العالمية الثانية.
في الجزائر، تَوَاصَلَ فانون مع جبهة التحرير الوطني، التي قوبل نضالها الشرس من أجل الاستقلال بعنف استثنائي من القوات الفرنسية، وانتمى إلى حركة التحرير، واضطر إلى مغادرة البلاد، حيث أصبح حينها داعية وسفيرًا لجبهة التحرير الوطني، بالإضافة إلى كونه منظّرًا بارزًا مناهضًا للاستعمار، وبعد وفاته المُبكّرة عن 36 سنة، استمرّت زوجته ماري جوزيف (جوزي) في السّيْر على نَهْجِه واستقرّت بالجزائر حتى وفاتها، وساهمت بالتعريف بالقضية الفلسطينية في العالم
ماري جوزيف دوبليه، المعروفة باسم 'جوزي' ( 1931 – 1989)، امرأة بيضاء ولدت في فرنسا، كانت زوجة فرانز فانون، الرجل الأسود (المولود في مارتينيك). تزوجا سنة 1953، سنة صدور كتابه 'بشرة سوداء، أقنعة بيضاء'، الذي ساعدته على إعداده، وظَلّت جوزي فانون طوال مسيرتها المهنية التي امتدت قرابة ثلاثين عامًا كصحفية ومحللة سياسية، تُركز اهتمامها على فلسطين، ووضعت 'جوزي' حدًّا لحياتها بشكل مأساوي في الجزائر العاصمة وانتحرت يوم الثالث عشر من تموز/يوليو 1989، بعد الإعتداء عليها خلال هجوم مُرَوّع من قبل شباب من فصائل الإسلام السياسي الإرهابي…
أما بشأن فلسطين فقد أرسلت جوزي فانون، خلال العدوان الصهيوني ( بداية من الخامس من حزيران 1967) برقية عاجلة من منزلها في الجزائر إلى مكتب فرانسوا ماسبيرو في باريس، الناشر الفرنسي لكتاب فرانز فانون 'معذبو الأرض'، وطلبت من ماسبيرو: 'الرجاء حذف مقدمة جان بول سارتر لكتاب فرانز فانون (معذبو الأرض) فورًا من جميع الطبعات القادمة، نظرًا لموقفه ( موقف جان بول سارتر) المؤيد للصهيونية والإمبريالية وتعاطفه العلني مع العدوان الصهيوني على الشعوب العربية'، وكان جان بول سارتر قد وَقَّعَ قبل ذلك بأسابيع قليلة، بيانًا لمثقفين فرنسيين مؤيدين 'لأمن إسرائيل وسيادتها'، بينما كان الجيش الصهيوني يعتدي على الأراضي والبلدان والشعوب العربية، وبالنسبة لجوزي فانون، فإن 'كل من قرأ كتاب معذبو الأرض ولم يُبدِ تضامنًا راسخًا مع القضية الفلسطينية، لم يفهم كُنْهَ النص'
لا بُدّ من نَزْع هالة القُدُسية عن سارتر وأمثاله، ولنعد لقراءة خاتمة 'مُعذبو الأرض'، وإذا أردنا 'تلبية طموحات شعوبنا، فعلينا البحث في مكان آخر غير أوروبا'، واعتبرت جوزي إن رفض مقدمة جان بول سارتر 'تحية أخيرة لذكرى فانون ورؤيته السياسية'، غير إن دار النّشر 'ماسبيرو' تجاهلت ملاحظات وتعليمات جوزي أرملة فرانتز فانون، بل أُزيلت المقدمة من المُجلّد للطبعة المُعادة، وأُدْرِجت بنهاية الكتاب كملحق.
كانت جوزي فانون تعتبر سارتر غير منتمي إلى اليسار، وهي عبّرت عن عدم ثقتها بـ'اليسار الفرنسي' وأعلنت ' لم أعد أشعر بوجود أي شيء مشترك بيني وبين هذا اليسار ' وكتبت ( بخصوص سارتر الذي كان من الأدبار الفرنسيين القلائل الذين دعموا استقلال الجزائر) 'التقى فرانز فانون وجان بول سارتر مرة واحدة فقط، في روما صيف العام 1961، وأعلن سارتر إن فانتز فانون هو الرجل الأسود الوحيد الذي أنسى أمامه أنه أسود، وشكّل هذا اللقاء الوحيد عقودًا من البحث العلمي…' لا يتجاهل كُتّاب السّيرة والباحثون في الإرث الأدبي والثقافي لفانون عادةً طَلَبَ جوزي بإزالة المقدمة، ولكن يُستخدم هذا الطّلب لمناقشة العلاقة بين فرانز وسارتر أو تُسْتَغل المقدّمة في نقاشات حول صهيونية سارتر، دون التطرق إلى جوزي نفسها، وبعد قُرابة ستة عُقُود من عُدْوان 1967، لا يزال الكيان الصّهيوني مُستمرًّا في قصف وتهجير وتجويع الفلسطينيين ومُصادرة أراضيهم وتدمير مبانيهم، ولذا فإن الظّرْف مُناسب لوضع طلب حَذْف مُقدّمة جان بول سارتر في سياقه التّاريخي، وضمن إخلاص جوزي فانون والتزامها الممتد لعقود بتحرير فلسطين. عند التفكير في نشأتها في فرنسا، اعتقدت جوزي أن 'كل أوروبي يولد عنصريًا' ولكن يمكن تسهيل الوصول إلى 'أخوة الإنسان' من خلال 'تدريب أو تأهيل شاق وطويل' ولكنها تُضيف 'إن الظروف أو المناخ السياسي يُساعدان على تسريع أو تقصير عملية التّأهيل والجُهد المَبْذُول من قِبل الأوروبيين، وكان الإستعمار الفرنسي للجزائر مُحَفِّزًا هامّا لتنمية الوَعْي لدَيَّ '.
أصبحت جوزي فانون أرملة وأُمًّا في الثانية والثلاثين من عمرها، وعادت إلى الجزائر مع ابنها ( أُولِيفييه) سنة 1962، بعد بضعة أشهر فقط من الاستقلال، ولاحظ الإبن، خلال مُقابلة معه سنة 2018، 'تَعَلُّقَ والدته القَوِيّ والفَوْرِي بالجزائر'، لأن فرانتز فانون كان جزءًا لا يتجزأ من هياكل جبهة التحرير الوطني التي تقاتل ضد الاستعمار الإستيطاني الفرنسي.
بدأت جوزي فانون الكتابة في صحيفة المُجاهد بعد عودتها بفترة وجيزة، وأشرفت على ملف حركات المقاومة ومناهضة الإستعمار، وشَدّدت على 'العلاقة الوثيقة بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية' وأشارت في العديد من مقالاتها إلى 'التّكامل بين الثّوْرَتَيْن'، وظلت جوزي تُركّز على فلسطين طوال مسيرتها المهنية التي امتدت قرابة ثلاثين عامًا كصحفية ومحللة سياسية،. وشكّلت حُرِّيّة الشّعب الفلسطيني محور اهتمامها السياسي في العالم الثالث، حيث جمعت كتاباتها على الرّبْط بين الصهيونية والاستعمار والإمبريالية.
كانت جوزي فانون في بداية مسيرتها مُراسلة إخبارية لصحيفة المجاهد، وكانت تُركِّزُ على أمريكا الجنوبية وأفريقيا، وانضمّت بهذه الصفة، إلى 'إيلين مختفي' في هافانا كمبعوثة صحفية رسمية لجبهة التحرير الوطني في المؤتمر الأول لمنظمة التضامن مع أمريكا الجنوبية (OLAS) سنة 1967، وكان المؤتمر بمثابة أكبر تجمع لجبهات حرب العصابات النشطة في أمريكا الجنوبية، بمشاركة أكثر من 157 صحفي أجنبي، وكان المؤتمر يهدف مواصلة الزّخم الذي وَلَّدَهُ المؤتمر الأول للقارات الثّلاث ( كانون الثاني/يناير 1966) لتوسيع نطاق التضامن الثوري والنّضال ضدّ الإمبريالية الأمريكية، وركّزت البيانات الصادرة عن المؤتمر ومعظم مقالات المُراسلين الصّحُفِيِّين على إدانة العدوان الأمريكي على فيتنام وإدانة حصار كوبا، وتميّزت مُراسلات جوزي فانون بحرصها على تسليط الضوء على العلاقة بين الإمبريالية الأمريكية والقضية الفلسطينية، فبالنسبة لها، لا يُمكن فصل 'وجود القوات الأمريكية في فيتنام ومحاولة غزو كوبا وتدخل المرتزقة في الكونغو، عن العدوان الصهيوني الجبان والإمبريالي على الشعوب العربية (…) ولا يُمكن اختزال قضية فلسطين في الدين أو العرق فحسب، بل هي جزء من عدوان امبريالي صهيوني'.
بعد أقل من شهر من استسلام انفصالِيِّي إقليم بيافرا الغني بالنفط ( بقيادة الجنرال الإنفصالي أوجوكيو) للحكومة الإتحادية النيجيرية بقيادة الجنرال يعقوب غوون ( آذار/مارس 1970)، سافرت جوزي فانون إلى الإقليم الانفصالي السابق كمراسلة رسمية لصحيفة 'المجاهد'، وركزت تقاريرها على كشف النقاب عَمَّا كان يتم تقديمه على أنه صراع أهلي إقليمي، وأزاحت جوزي السّتار عن الأطراف الدّولية العديدة في هذه الحرب، ومن ضمنها الكيان الصهيوني ونظام جنوب إفريقيا العنصري والإستعمار البرتغالي والإمبريالية الأوروبية والأمريكية، وكانت جميع هذه الأطراف متحالفة من أجل الإطاحة بحكومة يعقوب غُوون ومن أجل انفصال إقليم بيافرا الغني بالنفط، منذ استقلال نيجيريا عن بريطانيا سنة 1960، ويعود الفض إلى جوزي التي عملت على إبراز دور الكيان الصهيوني في إفريقيا، وفي نيجيريا المُطلّة على المحيط الأطلسي ( أكثر الدّول الإفريقية كثافة سكّانية وأكثرها إنتاجًا للنفط والغاز وتقطنها أغلبية سُكّانية مُسلمة) حيث حرصت دولة الإحتلال الصهيوني على إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية مع الدّول الإفريقية حال استقلالها، ومن بينها نيجيريا، منذ استقلالها سنة 1960 وركّز الكيان الصهيوني على نيجيريا بحكم موقعها وثرواتها فأصبحت الوجهة الرئيسية لأنشطة الشركات المملوكة للصّهاينة في أفريقيا، ولعب مُمثّلو هذه الشركات – إلى جانب البعثات الدّبلوماسية الصهيونية والإمبريالية – دورًا حاسما في اندلاع الحُرُوب الدّاخلية منذ سنة الإستقلال ( 1960 ) وأظهرت جوزي فانون بوضوح وببساطة 'إن الصراع ليس صراعًل قَبَلِيًّا أو أَهْلِيًّا أو بين سكان مختلف أقاليم أو مناطق البلاد الواحدة، بل هو صراع أطْلَقَتْهُ أطراف خارجية دَوْلِيّة وفي مقدّمتها إسرائيل للسيطرة على موارد نيجيرها…'، وأدّى الكيان الصّهيوني بإتقان دَوْرًا مُزدوجًا حيث زَوَّدَ ( سنة 1967، سنة العدوان على الدّول العربية) طَرَفَيْ النِّزاع بالأسلحة والعتاد والمُستشارين والمُدرّبين، وتم الكَشْف عن عشرات الآلاف من صفحات البرقيات الموجودة في أرشيف وزارة الخارجية الصهيونية التي دعمت ما كتبته جوزي فانون قبل عُقُود، حيث عبّرت مقالاتها التي كتبتها من نيجيريا سنة 1970 عن دهشتها من العدد الكبير للأسلحة المهجورة التي لا تزال قيد التجميع، وعند زيارتها المَيْدانية لأماكن تجميع هذه الأسلحة لاحظت وجود 'أسلحة غربية وقنابل يدوية وأخبرني أحد الجنود إن إسرائيل كانت تزوّد الجميع ( طَرَفَيْ الحرب ) بأسلحة أمريكية '…
كُتِبَ الكثير عن فرنتز فانون – وهو مُفكّر ثوري استثنائي – ولكن أرملته بقيت في الظّل حيث ظلَمها النّقّاد والمؤرخون وكذلك قيادات جبهة التحرير الوطني في الجزائر، لأن الجبهة بطبيعتها غير متجانسة…
تمكّنت جوزي فانون من الرّبط – من خلال مقالاتها – بين الكيان الصّهيوني ونظام المَيْز والفَصْل العنصري في جنوب إفريقيا ( التي لم تتمكّن من زيارتها سوى خلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين)، ونشرت العديد من المقالات الدّاعِمَة للمقاومة التي يقودها المؤتمر الوطني الأفريقي، وشهدت الروائية والنّاقدة الفرنسية ماريز كونديه، سنة 2023، عن بداية صداقتها مع جوزي فانون : ' لم أكن أُولِي اهتمامًا كبيرًا لبعض القضايا العالمية ، ومن بينها الإستعمار الإستيطاني في جنوب إفريقيا، ويعود الفضل إلى جوزي التي أطْلَعَتْنِي على على هذه القضايا وعلى الفصل العنصري في جنوب أفريقيا'، وهي مشاكل لم أكن أُوليها اهتمامًا كبيرًا'.
كتبت جوزي فانون، سنة 1979، مقالاً بعنوان 'الصهيونية عنصرية'، وبرهنت على 'العلاقة الإيديولوجية والمصالح الإقتصادية والسياسية والإسترتيجية المُشتَرَكَة والقوية المُسْتَمِرّة منذ عقود بين إسرائيل والنظام العنصري في جنوب إفريقيا ضد مصالح الدول الأفريقية والعربية'، وجادلت بأن وسائل الإعلام في ذلك الوقت قللت من شأن هذا التعاون، لكن جوزي فانون أصرت على أن هذه العلاقة 'تتجاوز مجال الزيارات الدبلوماسية وتوافقهما في الأمم المتحدة، رغم إسقاط الجيش المصري، خلال حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973، طائرة ميراج جنوب أفريقية على جبهة السويس، ورغم الدّلائل العديدة على مُشاركة الجيش الإسرائلي في غزو أنغولا سنة 1976، من خلال مدربين إسرائيليين في الجيش الجنوب أفريقي، وليست هذه الأحداث العديدة والمُتكرّرة عَرَضِيّة بل تعكس التعاون العسكري الوثيق والتّحالف واسع النّطاق، كما تعاونت أجهزة المخابرات الإسرائيلية والجنوب أفريقية بشكل وثيق في قمع القوميين السود والمقاتلين الفلسطينيين…' وكتبت جوزي فانون عن محاكمة أفراد الكومندوس الصهيوني ( سنة 1974) المُتّهمين باغتيال أحمد بوشيخي في النرويج بمشاركة عملاء جنوب أفريقيين، وتكتم الصحف الأوروبية عن 'هذا التعاون في الإرهاب الدولي' بين الكيان الصهيوني ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا… كما انتقدت الدّور السّلبي، بل التّخريبي أحيانا للأمم المتحدة بشأن فلسطين، بسبب الدور المهيمن للولايات المتحدة، ونَشَرت سنة 1979 ملفًا مخصصًا لأندرو يونغ، السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة، الذي أُجْبِرَ على الاستقالة عقب اجتماعه مع مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية…
خاتمة
أصبحت جوزي فانون مُحاورة ماهرة وموثوقة، معروفة في محيط الصحافيين والمراسلين الدّوليين، وسمحت لها سُمْعَتُها الطّيّبة لمحاورة أكثر الشخصيات المناهضة للإستعمار والإمبريالية، مثل تشي جيفارا وإلدريدج كليفر وجوليوس نيريري وجورج سيلونديكا وارتبطت بصداقة مع أنجيلا ديفيس التي شاركتها وجهة نظرها بأن فلسطين 'اختبار أخلاقي حاسم'، وحاولت جوزي اغتنام أي فرصةً لتُكرّر الدّعوة إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكان مَقالها بعنوان 'كلنا فلسطينيون' أحد آخر المقالات التي نشرتها جوزي فانون التي عادت إلى أطروحتها التي نشرتها قبل أكثر من عقد، بشأن التّضليلات الصهيونية وتبرير الإحتلال الإستيطاني الصهيوني والعدوان على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإفريقية بما حصل لليهود الأوروبيين على يد أنظمة الحُكم الأوروبية كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ونظام فيشي العمل للنازية في فرنسا، واستنكرت التبني واسع النطاق لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) ل'معاداة السامية'، واستيعاب معاييره، وهو تعريف مُزَيِّف للحقائق والوقائع التّاريخية، ويُظْهِرُ دعمًا للإحتلال الإستيطاني لأوطان الشعوب التي تمت إبادتها وتهجير من أفلت من الإبادة.
هل يَعْرِفُ من اعتدوا على جوزي فانون، من عناصر الإرهاب باسم الإسلام قيمة هذه المرأة ويُدركون تضحياتها ومشاركتها في حركة التحرير الوطني ودعمها لقضايا الشُعُوب المُضطَهَدَة ومُساندتها الشعب الفلسطيني، واعتدوا عليها لأنها مناضلة تقدّمية ومناهضة للإستعمار، أم اعتدوا عليها لأن مَظْهَرها يوحي بأنها 'أوروبية'؟
لقد اغتال الظّلاميون حسين مروّة ومهدي عامل في لبنان واعتدوا على التقدّميين والمفكرين المُتنوّرين من المُسلمين، وفي الجزائر انطلقت حملة اغتيالات المُثقفين والفنانين والنساء التّقدّميات قبل 'العَشْرِية السّوداء' وقبل قرار قيادة الجيش الجزائري إيقاف الإنتخابات، وكانت جوزي فانون من ضحاياهم وافتقدنا بذلك نَصِيرَةً للشعب الفلسطيني والشّعوب العربية وجميع شعوب 'العالم الثالث'، ورمزًا من رُموز الكفاح الوطني الجزائري والكفاح الأُمَمِي، ولتكُنْ هذه الفقرات مُساهمة في تكريمها في الذّكرى السادسة والثلاثين لوفاتها…
‎2025-‎07-‎03
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز
في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز

ساحة التحرير

timeمنذ 7 ساعات

  • ساحة التحرير

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025! الطّاهر المُعِز فرانتز فانون وزوجته ماري جوزيف، والقضية الفلسطينية وُلد فرانز فانون (1925-1961) في مارتينيك المستعمرة الفرنسية في بحر الكاريبي، وتدرب كطبيب نفسي في ليون قبل توليه منصبًا في الجزائر الاستعمارية. وقد سبق له أن عانى من العنصرية كمتطوع في الجيش الفرنسي الحر، الذي شهد القتال في نهاية الحرب العالمية الثانية. في الجزائر، تَوَاصَلَ فانون مع جبهة التحرير الوطني، التي قوبل نضالها الشرس من أجل الاستقلال بعنف استثنائي من القوات الفرنسية، وانتمى إلى حركة التحرير، واضطر إلى مغادرة البلاد، حيث أصبح حينها داعية وسفيرًا لجبهة التحرير الوطني، بالإضافة إلى كونه منظّرًا بارزًا مناهضًا للاستعمار، وبعد وفاته المُبكّرة عن 36 سنة، استمرّت زوجته ماري جوزيف (جوزي) في السّيْر على نَهْجِه واستقرّت بالجزائر حتى وفاتها، وساهمت بالتعريف بالقضية الفلسطينية في العالم ماري جوزيف دوبليه، المعروفة باسم 'جوزي' ( 1931 – 1989)، امرأة بيضاء ولدت في فرنسا، كانت زوجة فرانز فانون، الرجل الأسود (المولود في مارتينيك). تزوجا سنة 1953، سنة صدور كتابه 'بشرة سوداء، أقنعة بيضاء'، الذي ساعدته على إعداده، وظَلّت جوزي فانون طوال مسيرتها المهنية التي امتدت قرابة ثلاثين عامًا كصحفية ومحللة سياسية، تُركز اهتمامها على فلسطين، ووضعت 'جوزي' حدًّا لحياتها بشكل مأساوي في الجزائر العاصمة وانتحرت يوم الثالث عشر من تموز/يوليو 1989، بعد الإعتداء عليها خلال هجوم مُرَوّع من قبل شباب من فصائل الإسلام السياسي الإرهابي… أما بشأن فلسطين فقد أرسلت جوزي فانون، خلال العدوان الصهيوني ( بداية من الخامس من حزيران 1967) برقية عاجلة من منزلها في الجزائر إلى مكتب فرانسوا ماسبيرو في باريس، الناشر الفرنسي لكتاب فرانز فانون 'معذبو الأرض'، وطلبت من ماسبيرو: 'الرجاء حذف مقدمة جان بول سارتر لكتاب فرانز فانون (معذبو الأرض) فورًا من جميع الطبعات القادمة، نظرًا لموقفه ( موقف جان بول سارتر) المؤيد للصهيونية والإمبريالية وتعاطفه العلني مع العدوان الصهيوني على الشعوب العربية'، وكان جان بول سارتر قد وَقَّعَ قبل ذلك بأسابيع قليلة، بيانًا لمثقفين فرنسيين مؤيدين 'لأمن إسرائيل وسيادتها'، بينما كان الجيش الصهيوني يعتدي على الأراضي والبلدان والشعوب العربية، وبالنسبة لجوزي فانون، فإن 'كل من قرأ كتاب معذبو الأرض ولم يُبدِ تضامنًا راسخًا مع القضية الفلسطينية، لم يفهم كُنْهَ النص' لا بُدّ من نَزْع هالة القُدُسية عن سارتر وأمثاله، ولنعد لقراءة خاتمة 'مُعذبو الأرض'، وإذا أردنا 'تلبية طموحات شعوبنا، فعلينا البحث في مكان آخر غير أوروبا'، واعتبرت جوزي إن رفض مقدمة جان بول سارتر 'تحية أخيرة لذكرى فانون ورؤيته السياسية'، غير إن دار النّشر 'ماسبيرو' تجاهلت ملاحظات وتعليمات جوزي أرملة فرانتز فانون، بل أُزيلت المقدمة من المُجلّد للطبعة المُعادة، وأُدْرِجت بنهاية الكتاب كملحق. كانت جوزي فانون تعتبر سارتر غير منتمي إلى اليسار، وهي عبّرت عن عدم ثقتها بـ'اليسار الفرنسي' وأعلنت ' لم أعد أشعر بوجود أي شيء مشترك بيني وبين هذا اليسار ' وكتبت ( بخصوص سارتر الذي كان من الأدبار الفرنسيين القلائل الذين دعموا استقلال الجزائر) 'التقى فرانز فانون وجان بول سارتر مرة واحدة فقط، في روما صيف العام 1961، وأعلن سارتر إن فانتز فانون هو الرجل الأسود الوحيد الذي أنسى أمامه أنه أسود، وشكّل هذا اللقاء الوحيد عقودًا من البحث العلمي…' لا يتجاهل كُتّاب السّيرة والباحثون في الإرث الأدبي والثقافي لفانون عادةً طَلَبَ جوزي بإزالة المقدمة، ولكن يُستخدم هذا الطّلب لمناقشة العلاقة بين فرانز وسارتر أو تُسْتَغل المقدّمة في نقاشات حول صهيونية سارتر، دون التطرق إلى جوزي نفسها، وبعد قُرابة ستة عُقُود من عُدْوان 1967، لا يزال الكيان الصّهيوني مُستمرًّا في قصف وتهجير وتجويع الفلسطينيين ومُصادرة أراضيهم وتدمير مبانيهم، ولذا فإن الظّرْف مُناسب لوضع طلب حَذْف مُقدّمة جان بول سارتر في سياقه التّاريخي، وضمن إخلاص جوزي فانون والتزامها الممتد لعقود بتحرير فلسطين. عند التفكير في نشأتها في فرنسا، اعتقدت جوزي أن 'كل أوروبي يولد عنصريًا' ولكن يمكن تسهيل الوصول إلى 'أخوة الإنسان' من خلال 'تدريب أو تأهيل شاق وطويل' ولكنها تُضيف 'إن الظروف أو المناخ السياسي يُساعدان على تسريع أو تقصير عملية التّأهيل والجُهد المَبْذُول من قِبل الأوروبيين، وكان الإستعمار الفرنسي للجزائر مُحَفِّزًا هامّا لتنمية الوَعْي لدَيَّ '. أصبحت جوزي فانون أرملة وأُمًّا في الثانية والثلاثين من عمرها، وعادت إلى الجزائر مع ابنها ( أُولِيفييه) سنة 1962، بعد بضعة أشهر فقط من الاستقلال، ولاحظ الإبن، خلال مُقابلة معه سنة 2018، 'تَعَلُّقَ والدته القَوِيّ والفَوْرِي بالجزائر'، لأن فرانتز فانون كان جزءًا لا يتجزأ من هياكل جبهة التحرير الوطني التي تقاتل ضد الاستعمار الإستيطاني الفرنسي. بدأت جوزي فانون الكتابة في صحيفة المُجاهد بعد عودتها بفترة وجيزة، وأشرفت على ملف حركات المقاومة ومناهضة الإستعمار، وشَدّدت على 'العلاقة الوثيقة بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية' وأشارت في العديد من مقالاتها إلى 'التّكامل بين الثّوْرَتَيْن'، وظلت جوزي تُركّز على فلسطين طوال مسيرتها المهنية التي امتدت قرابة ثلاثين عامًا كصحفية ومحللة سياسية،. وشكّلت حُرِّيّة الشّعب الفلسطيني محور اهتمامها السياسي في العالم الثالث، حيث جمعت كتاباتها على الرّبْط بين الصهيونية والاستعمار والإمبريالية. كانت جوزي فانون في بداية مسيرتها مُراسلة إخبارية لصحيفة المجاهد، وكانت تُركِّزُ على أمريكا الجنوبية وأفريقيا، وانضمّت بهذه الصفة، إلى 'إيلين مختفي' في هافانا كمبعوثة صحفية رسمية لجبهة التحرير الوطني في المؤتمر الأول لمنظمة التضامن مع أمريكا الجنوبية (OLAS) سنة 1967، وكان المؤتمر بمثابة أكبر تجمع لجبهات حرب العصابات النشطة في أمريكا الجنوبية، بمشاركة أكثر من 157 صحفي أجنبي، وكان المؤتمر يهدف مواصلة الزّخم الذي وَلَّدَهُ المؤتمر الأول للقارات الثّلاث ( كانون الثاني/يناير 1966) لتوسيع نطاق التضامن الثوري والنّضال ضدّ الإمبريالية الأمريكية، وركّزت البيانات الصادرة عن المؤتمر ومعظم مقالات المُراسلين الصّحُفِيِّين على إدانة العدوان الأمريكي على فيتنام وإدانة حصار كوبا، وتميّزت مُراسلات جوزي فانون بحرصها على تسليط الضوء على العلاقة بين الإمبريالية الأمريكية والقضية الفلسطينية، فبالنسبة لها، لا يُمكن فصل 'وجود القوات الأمريكية في فيتنام ومحاولة غزو كوبا وتدخل المرتزقة في الكونغو، عن العدوان الصهيوني الجبان والإمبريالي على الشعوب العربية (…) ولا يُمكن اختزال قضية فلسطين في الدين أو العرق فحسب، بل هي جزء من عدوان امبريالي صهيوني'. بعد أقل من شهر من استسلام انفصالِيِّي إقليم بيافرا الغني بالنفط ( بقيادة الجنرال الإنفصالي أوجوكيو) للحكومة الإتحادية النيجيرية بقيادة الجنرال يعقوب غوون ( آذار/مارس 1970)، سافرت جوزي فانون إلى الإقليم الانفصالي السابق كمراسلة رسمية لصحيفة 'المجاهد'، وركزت تقاريرها على كشف النقاب عَمَّا كان يتم تقديمه على أنه صراع أهلي إقليمي، وأزاحت جوزي السّتار عن الأطراف الدّولية العديدة في هذه الحرب، ومن ضمنها الكيان الصهيوني ونظام جنوب إفريقيا العنصري والإستعمار البرتغالي والإمبريالية الأوروبية والأمريكية، وكانت جميع هذه الأطراف متحالفة من أجل الإطاحة بحكومة يعقوب غُوون ومن أجل انفصال إقليم بيافرا الغني بالنفط، منذ استقلال نيجيريا عن بريطانيا سنة 1960، ويعود الفض إلى جوزي التي عملت على إبراز دور الكيان الصهيوني في إفريقيا، وفي نيجيريا المُطلّة على المحيط الأطلسي ( أكثر الدّول الإفريقية كثافة سكّانية وأكثرها إنتاجًا للنفط والغاز وتقطنها أغلبية سُكّانية مُسلمة) حيث حرصت دولة الإحتلال الصهيوني على إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية مع الدّول الإفريقية حال استقلالها، ومن بينها نيجيريا، منذ استقلالها سنة 1960 وركّز الكيان الصهيوني على نيجيريا بحكم موقعها وثرواتها فأصبحت الوجهة الرئيسية لأنشطة الشركات المملوكة للصّهاينة في أفريقيا، ولعب مُمثّلو هذه الشركات – إلى جانب البعثات الدّبلوماسية الصهيونية والإمبريالية – دورًا حاسما في اندلاع الحُرُوب الدّاخلية منذ سنة الإستقلال ( 1960 ) وأظهرت جوزي فانون بوضوح وببساطة 'إن الصراع ليس صراعًل قَبَلِيًّا أو أَهْلِيًّا أو بين سكان مختلف أقاليم أو مناطق البلاد الواحدة، بل هو صراع أطْلَقَتْهُ أطراف خارجية دَوْلِيّة وفي مقدّمتها إسرائيل للسيطرة على موارد نيجيرها…'، وأدّى الكيان الصّهيوني بإتقان دَوْرًا مُزدوجًا حيث زَوَّدَ ( سنة 1967، سنة العدوان على الدّول العربية) طَرَفَيْ النِّزاع بالأسلحة والعتاد والمُستشارين والمُدرّبين، وتم الكَشْف عن عشرات الآلاف من صفحات البرقيات الموجودة في أرشيف وزارة الخارجية الصهيونية التي دعمت ما كتبته جوزي فانون قبل عُقُود، حيث عبّرت مقالاتها التي كتبتها من نيجيريا سنة 1970 عن دهشتها من العدد الكبير للأسلحة المهجورة التي لا تزال قيد التجميع، وعند زيارتها المَيْدانية لأماكن تجميع هذه الأسلحة لاحظت وجود 'أسلحة غربية وقنابل يدوية وأخبرني أحد الجنود إن إسرائيل كانت تزوّد الجميع ( طَرَفَيْ الحرب ) بأسلحة أمريكية '… كُتِبَ الكثير عن فرنتز فانون – وهو مُفكّر ثوري استثنائي – ولكن أرملته بقيت في الظّل حيث ظلَمها النّقّاد والمؤرخون وكذلك قيادات جبهة التحرير الوطني في الجزائر، لأن الجبهة بطبيعتها غير متجانسة… تمكّنت جوزي فانون من الرّبط – من خلال مقالاتها – بين الكيان الصّهيوني ونظام المَيْز والفَصْل العنصري في جنوب إفريقيا ( التي لم تتمكّن من زيارتها سوى خلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين)، ونشرت العديد من المقالات الدّاعِمَة للمقاومة التي يقودها المؤتمر الوطني الأفريقي، وشهدت الروائية والنّاقدة الفرنسية ماريز كونديه، سنة 2023، عن بداية صداقتها مع جوزي فانون : ' لم أكن أُولِي اهتمامًا كبيرًا لبعض القضايا العالمية ، ومن بينها الإستعمار الإستيطاني في جنوب إفريقيا، ويعود الفضل إلى جوزي التي أطْلَعَتْنِي على على هذه القضايا وعلى الفصل العنصري في جنوب أفريقيا'، وهي مشاكل لم أكن أُوليها اهتمامًا كبيرًا'. كتبت جوزي فانون، سنة 1979، مقالاً بعنوان 'الصهيونية عنصرية'، وبرهنت على 'العلاقة الإيديولوجية والمصالح الإقتصادية والسياسية والإسترتيجية المُشتَرَكَة والقوية المُسْتَمِرّة منذ عقود بين إسرائيل والنظام العنصري في جنوب إفريقيا ضد مصالح الدول الأفريقية والعربية'، وجادلت بأن وسائل الإعلام في ذلك الوقت قللت من شأن هذا التعاون، لكن جوزي فانون أصرت على أن هذه العلاقة 'تتجاوز مجال الزيارات الدبلوماسية وتوافقهما في الأمم المتحدة، رغم إسقاط الجيش المصري، خلال حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973، طائرة ميراج جنوب أفريقية على جبهة السويس، ورغم الدّلائل العديدة على مُشاركة الجيش الإسرائلي في غزو أنغولا سنة 1976، من خلال مدربين إسرائيليين في الجيش الجنوب أفريقي، وليست هذه الأحداث العديدة والمُتكرّرة عَرَضِيّة بل تعكس التعاون العسكري الوثيق والتّحالف واسع النّطاق، كما تعاونت أجهزة المخابرات الإسرائيلية والجنوب أفريقية بشكل وثيق في قمع القوميين السود والمقاتلين الفلسطينيين…' وكتبت جوزي فانون عن محاكمة أفراد الكومندوس الصهيوني ( سنة 1974) المُتّهمين باغتيال أحمد بوشيخي في النرويج بمشاركة عملاء جنوب أفريقيين، وتكتم الصحف الأوروبية عن 'هذا التعاون في الإرهاب الدولي' بين الكيان الصهيوني ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا… كما انتقدت الدّور السّلبي، بل التّخريبي أحيانا للأمم المتحدة بشأن فلسطين، بسبب الدور المهيمن للولايات المتحدة، ونَشَرت سنة 1979 ملفًا مخصصًا لأندرو يونغ، السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة، الذي أُجْبِرَ على الاستقالة عقب اجتماعه مع مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية… خاتمة أصبحت جوزي فانون مُحاورة ماهرة وموثوقة، معروفة في محيط الصحافيين والمراسلين الدّوليين، وسمحت لها سُمْعَتُها الطّيّبة لمحاورة أكثر الشخصيات المناهضة للإستعمار والإمبريالية، مثل تشي جيفارا وإلدريدج كليفر وجوليوس نيريري وجورج سيلونديكا وارتبطت بصداقة مع أنجيلا ديفيس التي شاركتها وجهة نظرها بأن فلسطين 'اختبار أخلاقي حاسم'، وحاولت جوزي اغتنام أي فرصةً لتُكرّر الدّعوة إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكان مَقالها بعنوان 'كلنا فلسطينيون' أحد آخر المقالات التي نشرتها جوزي فانون التي عادت إلى أطروحتها التي نشرتها قبل أكثر من عقد، بشأن التّضليلات الصهيونية وتبرير الإحتلال الإستيطاني الصهيوني والعدوان على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإفريقية بما حصل لليهود الأوروبيين على يد أنظمة الحُكم الأوروبية كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ونظام فيشي العمل للنازية في فرنسا، واستنكرت التبني واسع النطاق لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) ل'معاداة السامية'، واستيعاب معاييره، وهو تعريف مُزَيِّف للحقائق والوقائع التّاريخية، ويُظْهِرُ دعمًا للإحتلال الإستيطاني لأوطان الشعوب التي تمت إبادتها وتهجير من أفلت من الإبادة. هل يَعْرِفُ من اعتدوا على جوزي فانون، من عناصر الإرهاب باسم الإسلام قيمة هذه المرأة ويُدركون تضحياتها ومشاركتها في حركة التحرير الوطني ودعمها لقضايا الشُعُوب المُضطَهَدَة ومُساندتها الشعب الفلسطيني، واعتدوا عليها لأنها مناضلة تقدّمية ومناهضة للإستعمار، أم اعتدوا عليها لأن مَظْهَرها يوحي بأنها 'أوروبية'؟ لقد اغتال الظّلاميون حسين مروّة ومهدي عامل في لبنان واعتدوا على التقدّميين والمفكرين المُتنوّرين من المُسلمين، وفي الجزائر انطلقت حملة اغتيالات المُثقفين والفنانين والنساء التّقدّميات قبل 'العَشْرِية السّوداء' وقبل قرار قيادة الجيش الجزائري إيقاف الإنتخابات، وكانت جوزي فانون من ضحاياهم وافتقدنا بذلك نَصِيرَةً للشعب الفلسطيني والشّعوب العربية وجميع شعوب 'العالم الثالث'، ورمزًا من رُموز الكفاح الوطني الجزائري والكفاح الأُمَمِي، ولتكُنْ هذه الفقرات مُساهمة في تكريمها في الذّكرى السادسة والثلاثين لوفاتها… ‎2025-‎07-‎03

من أفغانستان إلى إيران: هل تنجح التدخلات العسكرية الأمريكية؟
من أفغانستان إلى إيران: هل تنجح التدخلات العسكرية الأمريكية؟

شفق نيوز

timeمنذ 9 ساعات

  • شفق نيوز

من أفغانستان إلى إيران: هل تنجح التدخلات العسكرية الأمريكية؟

أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجدل في مايو/أيار 2025، حينما وجّه انتقادات لاذعة لسياسات التدخل الخارجي التي تبناها أسلافه في البيت الأبيض. وقال ترامب آنذاك: "في نهاية المطاف، من يُطلق عليهم بناة الأمم دمّروا أمماً أكثر مما بنوها"، في إشارة واضحة إلى الغزو الأمريكي المثير للجدل للعراق عام 2003. وأضاف: "المتدخلون تدخلوا في مجتمعات معقدة لم يفهموها". رأى بعض المحللين في تصريحاته، التي جاءت خلال زيارة إلى العاصمة السعودية الرياض، تلميحاً إلى أن التدخل الأمريكي في شؤون المنطقة قد أصبح من الماضي في عهد ترامب الثاني. لكن بعد أكثر من شهر بقليل، شنت الولايات المتحدة هجوماً على ثلاث منشآت نووية إيرانية، لتُجر واشنطن مجدداً إلى جولة جديدة من الصراع بين إيران وإسرائيل. سعت الولايات المتحدة – ومعها إسرائيل – من خلال هذا الهجوم إلى القضاء على الطموحات النووية الإيرانية. وقال ترامب عقب الضربة مباشرة: "كان هدفنا تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي الذي تمثله الدولة الراعية الأولى للإرهاب في العالم". لكن التاريخ يُظهر أن التدخلات الغربية في الخارج لم تسر دائماً كما كان مخططاً لها. يقول الكاتب اللبناني الأمريكي، فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط والعلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إن التدخل الأمريكي ظل ثابتاً في علاقات الشرق الأوسط الدولية منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي. وأضاف جرجس، مؤلف كتاب "ما الذي حدث حقاً؟ الغرب وفشل الديمقراطية في الشرق الأوسط"، في حديثه لبي بي سي: "الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة ضد إيران مثال واضح آخر على تلك السياسة". فأين تدخّلت الولايات المتحدة أيضاً؟ وما الذي حدث بعد ذلك؟ انقلاب إيران في عام 1953، أُطيح برئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطياً، محمد مصدق، في انقلاب قادته المؤسسة العسكرية الإيرانية بدعم مباشر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. كان مصدق وصل إلى السلطة قبلها بعامين فقط، متعهداً بتأميم احتياطيات النفط الإيرانية الهائلة. لكن هذا التوجه، إلى جانب ما بدا أنه تهديد شيوعي، أثار قلق لندن وواشنطن اللتين كانت اقتصادهما بعد الحرب العالمية الثانية يعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني. وُصِف الانقلاب في البداية بأنه انتفاضة شعبية تهدف لإعادة الشاه محمد رضا بهلوي إلى الحكم، لكنه كان مدعوماً من قبل أجهزة الاستخبارات البريطانية والأمريكية. وفي عام 2000، تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، مادلين أولبرايت، علناً عن الدور الأمريكي في الانقلاب. وفي 2009، أقر الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، في خطاب ألقاه في القاهرة، بدور واشنطن في ما حدث. ثم في عام 2013، وبعد مرور 60 عاماً على الانقلاب، نشرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه)، وثائق تعترف فيها لأول مرة بدورها المباشر في الانقلاب. وجاء في إحدى هذه الوثائق التي نشرها أرشيف الأمن القومي: "الانقلاب العسكري، نُفّذ بتوجيه من وكالة الاستخبارات المركزية كعمل من أعمال السياسة الخارجية الأمريكية". ويؤكد جرجس أن الصراع الحالي بين الولايات المتحدة وإيران يعود جذوره إلى هذا التدخل السري. ويقول: "لم يغفر الإيرانيون للولايات المتحدة أبداً إسقاط رئيس وزراء شرعي منتخب ديمقراطياً، وتنصيب دكتاتور قاسٍ – شاه إيران – حاكماً مطلقاً للبلاد". ويضيف: "العداء الأمريكي في إيران اليوم يرجع إلى تحميل النخبة السياسية هناك الولايات المتحدة مسؤولية تغيير مسار السياسة الإيرانية". كما يشير جرجس إلى أن واشنطن حاولت أيضاً التأثير على سياسات الرئيس المصري جمال عبد الناصر داخل بلاده وتغيير مسار مشروعه القومي، لكنها لم تنجح كثيراً. الدعم الأمريكي للإسلاميين في أفغانستان في عام 1979، غزت القوات السوفيتية أفغانستان لدعم الحكومة الشيوعية المتهالكة التي تولّت السلطة قبل ذلك بعام واحد. وسرعان ما واجه السوفييت حركة مقاومة إسلامية تُعرف باسم "المجاهدين". تكونت هذه الحركة من جهاديين إسلاميين متطرفين يعارضون الحكومة الشيوعية، وكانت تحظى بدعم الولايات المتحدة وباكستان والصين والسعودية ودول أخرى. وخلال الحرب الباردة، كانت واشنطن من أكبر مورّدي الأسلحة والتمويل لأفغانستان، بهدف تقويض الأهداف السوفيتية هناك. وبحسب وثائق رفعت عنها السرية وتحقيقات صحفية وشهادات ظهرت لاحقاً، سعت الولايات المتحدة إلى استدراج الاتحاد السوفيتي إلى "مستنقع" أفغاني يستنزف الأرواح والموارد، كما حدث للجيش الأمريكي في حرب فيتنام. أُطلق على المهمة اسم "عملية الإعصار"، ووصفتها الصحافة آنذاك بأنها "أكبر عملية سرية في تاريخ وكالة الاستخبارات المركزية". واستقبل الرئيس الأمريكي آنذاك، رونالد ريغان، وفداً من قادة الجهاد في مكتبه البيضاوي. وبعد توقيع اتفاقيات جنيف في 1988، بدأ الزعيم السوفيتي ميخائيل غورباتشوف في سحب قواته من أفغانستان، وانتهى الانسحاب مطلع عام 1989. لكن سرعان ما غرقت البلاد في حرب أهلية بين فصائل متنازعة وحكومة ضعيفة سرعان ما انهارت بعد أن فقدت الدعم السوفيتي. ومن وسط ركام تلك الحرب، ظهرت حركة طالبان التي تبنت تفسيراً متشدداً للشريعة الإسلامية. وكثير من قادة الحركة كانوا قد قاتلوا في صفوف المجاهدين وتلقوا أسلحة أمريكية. وبعد نهاية الحرب السوفيتية الأفغانية، أسس مجموعة من قدامى المحاربين الأفغان تنظيم القاعدة لنقل الصراع الجهادي خارج أفغانستان. ووفرت طالبان لهذا التنظيم وزعيمه أسامة بن لادن ملاذاً آمنًا للتخطيط لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة. ويقول الدكتور وليد حزبون، أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة ألاباما، إن معظم التدخلات الأمريكية في المنطقة خلال الحرب الباردة كانت بمثابة "جهود لتحقيق التوازن"، مضيفاً: "كانت تهدف إلى مواجهة أي قوة سياسية تعارض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها". وأشار حزبون إلى أن التدخل الأمريكي في حرب الخليج (1990-1991) يُعد مثالاً على ذلك، قائلاً: "كان الهدف منه مواجهة الغزو العراقي للكويت واستعادة سيادتها. وبعد نهاية الحرب الباردة، بدأت مناقشات بين صناع القرار الأمريكيين وقادة المنطقة حول سبل معالجة الاحتياجات الأمنية المشتركة". لكن حزبون يرى أن نهجاً مختلفاً بدأ في عهد إدارة كلينتون. "كان الهدف هو تنظيم بنية أمنية تخدم المصالح الأمريكية ورؤيتها للنظام الإقليمي"، موضحاً أن هذا النهج شمل دفع عملية السلام وتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، من جهة، واحتواء إيران والعراق عبر الوسائل العسكرية والعقوبات، من جهة أخرى. وغالباً ما اقترن التدخل الأمريكي بدعم غير مشروط لإسرائيل، بحسب تصريحات عدة قادة أمريكيين. ومنذ الحرب العالمية الثانية، كانت إسرائيل أكبر مستفيد من المساعدات الخارجية الأمريكية، حيث تلقت مليارات الدولارات سنوياً. العودة إلى أفغانستان لمحاربة طالبان في أكتوبر/تشرين الأول 2001، قادت الولايات المتحدة غزو أفغانستان، بهدف طرد طالبان ودعم الديمقراطية والقضاء على تهديد تنظيم القاعدة عقب هجمات سبتمبر/أيلول. وسرعان ما سيطرت القوات الأمريكية على العاصمة كابل. وفي عام 2003، بدأت قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) مهامها في القتال وتدريب القوات الأمنية الأفغانية. وبعد ثلاث سنوات، تولّت حكومة أفغانية جديدة الحكم. لكن هجمات طالبان الدامية استمرت. وفي عام 2009، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، عن تعزيزات عسكرية دفعت طالبان إلى التراجع مؤقتاً. لكن في 2014، وهو العام الأكثر دموية منذ بدء الحرب، أنهت قوات الناتو مهمتها، وسلّمت المسؤولية الأمنية إلى الجيش الأفغاني، لتعود طالبان إلى التقدم والسيطرة على مزيد من الأراضي. وفي العام التالي، شنّت الحركة سلسلة من الهجمات الانتحارية، واستهدفت مبنى البرلمان ومواقع قرب مطار كابل. وفي أبريل/نيسان 2021، قررت إدارة الرئيس جو بايدن سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، بعد 20 عاماً من الغزو. وكانت خطوة مثيرة للجدل أدت إلى سقوط كابل سريعاً في أيدي طالبان، في مشهد أعاد إلى الأذهان ما حدث في سايغون عام 1975. ووصفت عضوة الكونغرس الجمهورية إليس ستيفانيك ذلك الحدث بأنه "سايغون بايدن"، وقالت على وسائل التواصل: "فشل كارثي على الساحة الدولية لن يُنسى أبداً". واستولت طالبان بعد ذلك على معدات عسكرية معظمها بتمويل أمريكي، بحسب مسؤول أفغاني سابق تحدث للبي بي سي بشرط عدم الكشف عن هويته. وأشار تقرير أممي صدر في 2023 إلى أن الحركة سمحت لقادتها المحليين بالاحتفاظ بـ 20 في المئة من الأسلحة الأمريكية المصادرة، مما أدى إلى ازدهار السوق السوداء. غزو العراق في أغسطس/آب 1990، اجتاحت القوات العراقية بقيادة الرئيس صدام حسين الكويت، وقتلت المئات ممن حاولوا التصدي للهجوم وأجبرت الحكومة الكويتية على اللجوء إلى السعودية. ويرى كثيرون أن هذه اللحظة شكّلت بداية فترة طويلة من الاضطراب في تاريخ الشرق الأوسط. وبعد تحذيرات عدة وقرار من مجلس الأمن، أطلقت الولايات المتحدة، بدعم من بريطانيا والسعودية، أكبر تحالف عسكري منذ الحرب العالمية الثانية لطرد القوات العراقية في 17 يناير/كانون الثاني 1991. وفي وقت لاحق، أصدر مجلس الأمن القرار 687 الذي طالب العراق بتدمير كل أسلحته للدمار الشامل – وهي تشمل الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية والصواريخ الباليستية بعيدة المدى. وفي عام 1998، علّق العراق تعاونه مع مفتشي الأمم المتحدة، وبعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، بدأ الرئيس جورج دبليو بوش بالتخطيط لغزو العراق. اتهم بوش صدام حسين بامتلاك أسلحة دمار شامل، واعتبر العراق جزءاً من "محور الشر" إلى جانب إيران وكوريا الشمالية. وفي عام 2003، قال وزير الخارجية الأمريكي، آنذاك، كولن باول، أمام الأمم المتحدة إن العراق يمتلك "مختبرات متنقلة" لإنتاج أسلحة بيولوجية. لكنه عاد ليقول في 2004 إن الأدلة "لا تبدو قوية جداً". شاركت بريطانيا وأستراليا وبولندا في الغزو، لكن العديد من الدول، منها ألمانيا وكندا وفرنسا والمكسيك، عارضته. وقال وزير الخارجية الفرنسي، آنذاك، دومينيك دو فيلبان، إن التدخل العسكري سيكون "أسوأ حل ممكن"، بينما رفضت تركيا، عضو الناتو وجارة العراق، السماح باستخدام قواعدها الجوية. وقال حزبون لبي بي سي إن الولايات المتحدة كانت تسعى لتغيير النظام وفرض رؤيتها الخاصة للأمن في المنطقة. وفي الذكرى العشرين للغزو، كتب محرر الشؤون الدولية في بي بي سي، جيريمي بوين، أن الغزو كان كارثياً على العراق وشعبه، قائلاً: "بدلًا من القضاء على أيديولوجية أسامة بن لادن والتطرف الجهادي، أدى الانفلات والفوضى التي أعقبت الغزو أدت إلى تكثيف العنف الجهادي". ومن عواقب الغزو الأخرى تجدد تنظيم القاعدة وتحوله إلى ما يُسمى الدولة الإسلامية. لا يُعرف بالضبط عدد العراقيين الذين قتلوا نتيجة غزو عام 2003. ووفقًا لأرقام مشروع إحصاء ضحايا العراق، وهو مبادرة لتسجيل وفيات المدنيين عقب الغزو، قُتل 209,982 مدنيًا عراقياً بين عامي 2003 و2022. وقال حزبون إن ما نحتاجه الآن هو أن تدعم الولايات المتحدة الجهود الإقليمية لتعزيز الأمن. وقال: "قد يكون من الأفضل خدمة المصالح العالمية للولايات المتحدة من خلال منطقة تعمل على تحقيق فهم مشترك للأمن بدلاً من فرض النظام من خلال القوة العسكرية الساحقة للولايات المتحدة وحلفائها".

'ناشيونال إنترست' تكشف .. إسرائيل تُزيد اعتمادها على واشنطن وسط فتور متصاعد
'ناشيونال إنترست' تكشف .. إسرائيل تُزيد اعتمادها على واشنطن وسط فتور متصاعد

موقع كتابات

timeمنذ يوم واحد

  • موقع كتابات

'ناشيونال إنترست' تكشف .. إسرائيل تُزيد اعتمادها على واشنطن وسط فتور متصاعد

وكالات- كتابات: نشرت مجلة (ناشيونال إنترست)؛ تقريرًا يُسلط الضوء على تحولٍ بارز في العلاقة بين 'إسرائيل' و'الولايات المتحدة'، حيث باتت 'تل أبيب' تعتمد بشكلٍ متزايد على 'واشنطن' التي تُظهر تعاطفًا أقل تجاهها، مقارنةً بالماضي. ويأتي هذا التغيَّر في وقتٍ تحتاج فيه 'إسرائيل' إلى دعم أميركي أكثر من أي وقتٍ مضى. ورُغم المساعدات العسكرية الأميركية السخية التي تلقتها 'إسرائيل' عبر العقود، والتي مكنتها من الحصول على أحدث الأسلحة والتقنيات، لم تُشّرك 'الولايات المتحدة' قواتها المسلحة، في قتالٍ مباشر نيابةً عن 'إسرائيل' منذ نشأتها عام 1948. وكانت سياسة عدم طلب قوات قتالية أميركية من الاحتلال الإسرائيلي، قد أعلنها 'إسحاق رابين' في سبعينيات القرن الماضي، واتبعها جميع رؤساء الوزراء الإسرائيليين بعده. لكن في حزيران/يونيو الماضي؛ كسر رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ 'بنيامين نتانياهو' هذه القاعدة، وطلب دعمًا أميركيًا غير مسبّوق يشمل الطيارين والطائرات الأميركية لقصف مواقع نووية إيرانية، في خطوة وصفها محرر صحيفة (هاآرتس)؛ 'ألوف بن'، بأنها: 'ذروة غير مسبّوقة' في اعتماد 'إسرائيل' على 'الولايات المتحدة'. وفي الوقت نفسه؛ يُثّير هذا الاعتماد المتزايد، قلقًا في الكيان وسط تغيَّرات ديموغرافية وسياسية داخل 'الولايات المتحدة'. ووفق التقرير؛ فقد بدأ الجيل الذي شهد الحرب العالمية الثانية ويعرف جيدًا أهمية دعم 'إسرائيل' يتراجع، ليحل محله جيل: 'أكثر غموضًا في موقفه تجاه المجتمع اليهودي والدولة العبرية'. كذلك؛ أصبح الحزب (الديمقراطي) الأميركي، الذي كان يعتمد تقليديًا على دعم اليهود الليبراليين، يتّشكل بشكل متزايد من مجموعات متنوعة، تشمل ناشطين سودًا ولاجئين لاتينيين ومسلمين، الذين ينظرون إلى 'إسرائيل' من منظور نقدي بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين، ويرونها امتدادًا للمؤسسة البيضاء التي يدعون إلى مواجهتها. أما الحزب (الجمهوري)؛ ورُغم تعاطفه الظاهري مع 'إسرائيل'، فقد تحوّل إلى تيار أكثر شعبوية وانعزالية، مع تراجع نفوذ صقوره المحافظين الجدَّد. ويظل المسيحيون الإنجيليون المؤيدون لـ'إسرائيل' جزءًا من قاعدته الانتخابية، لكن الجدل داخل حركة (لنجعل أميركا عظيمة مجددًا) حول سياسة التدخل في النزاع 'الإيراني-الإسرائيلي'، كشف عن تزايد نفوذ تيار داعم لسياسة خارجية أقل تدخلًا، ويرى أن المصالح الأميركية والإسرائيلية ليست متطابقة دائمًا. وتدعو هذه الحركة إلى تقليل المساعدات الأمنية الأميركية لـ'إسرائيل'، والاكتفاء بالدعم السياسي الرمزي، مبررةً ذلك بضرورة إعادة توجيه الموارد لمصلحة الأميركيين أنفسهم. وبذلك؛ بدأت النخب المؤيدة لـ'إسرائيل' في كلا الحزبين الرئيسيين تتراجع عن المشهد السياسي، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل السياسة الأميركية تجاه 'إسرائيل' في ظل تزايد اعتماد الأخيرة على دعم 'واشنطن' الذي يبدو أقل حماسة وتماسكًا من ذي قبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store