logo
أغلبية حكومة أخنوش تحمل "البيجيدي" مسؤولية احتجاجات "أيت بوكماز"

أغلبية حكومة أخنوش تحمل "البيجيدي" مسؤولية احتجاجات "أيت بوكماز"

الجريدة 24منذ 2 أيام
في خضم الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها منطقة آيت بوكماز الجبلية بإقليم أزيلال، طفت على السطح مواقف سياسية حادة تكشف عمق التراكمات التنموية التي ظلت معلقة لسنوات، لتتحول إلى شرارة حراك سلمي استثنائي حمل رسائل واضحة للسلطات المركزية والجهات المنتخبة.
وفي هذا السياق، حمّل هشام المهاجري، النائب البرلماني وعضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، المنتمي إلى الأغلبية الحكومية الحالية التي يقودها عزيز أخنوش، مسؤولية هذا الوضع الاجتماعي المتأزم للحكومة السابقة التي كانت تحت قيادة حزب العدالة والتنمية، متهمًا إياها بعدم تفعيل مقتضيات دستورية كان من شأنها أن تقي المناطق الهشة من الانفجار الاجتماعي.
وأكد المهاجري، خلال مداخلته في جلسة مخصصة لموضوع الدعم الاجتماعي ضمن أشغال الجامعة الصيفية، أن حكومة البيجيدي السابقة فشلت في تفعيل الفصل 142 من الدستور، الذي ينص على إحداث صندوق التأهيل الاجتماعي، وهو الصندوق الذي كان يفترض أن يلعب دورًا محوريًا في تعزيز العدالة المجالية والنهوض بالمرافق الأساسية في قطاعات الصحة والتعليم والبنية الطرقية.
وأضاف أن القانون المالي الذي أُحدث بموجبه هذا الصندوق سنة 2016 لم يتضمن أي موارد مالية مخصصة له، رغم أن مدته تمتد إلى غاية سنة 2027، مبرزًا أن المعارضة آنذاك اضطرت إلى التقدم بطعن لدى المحكمة الدستورية، ما أسفر عن ضخ 10 ملايين درهم فقط في هذا الصندوق، دون أن يُفعل فعليًا إلى حدود الساعة.
وفي معرض حديثه عن برنامج تقليص الفوارق المجالية، أوضح المهاجري أن الطريقة التي دُبر بها هذا المشروع خلال المرحلة السابقة شابها الكثير من الصراعات السياسية بين مكونات الأغلبية آنذاك، وهو ما أدى إلى تحويله من بين أيدي الجهات المنتخبة إلى وزارة الفلاحة، في ضرب واضح لمنطوق القانون 113.14 الذي يمنح صلاحيات التدبير الترابي لرؤساء الجهات والولاة والعمال والمجالس الإقليمية، بما يضمن نجاعة أكبر في الاستجابة لحاجيات الساكنة.
هذه التصريحات السياسية تأتي في وقت تصاعدت فيه حدة الغضب الشعبي بجماعة آيت بوكماز، التي شهدت تنظيم مسيرة سلمية غير مسبوقة، امتدت على مدى يومين، قطعتها الساكنة سيرًا على الأقدام نحو مقر عمالة أزيلال، رافعة مطالب اجتماعية وتنموية آنية، تمحورت حول توفير الخدمات الصحية الأساسية، وإصلاح البنية الطرقية المتدهورة، إلى جانب مطالب متعلقة بالشباب والتعليم والماء الصالح للشرب والاتصال.
وقد لقيت هذه الخطوة الاحتجاجية، التي حظيت بإشادة واسعة من قبل المتتبعين بسبب طابعها السلمي والتنظيمي الناضج، تفاعلًا سريعًا من قبل السلطات المحلية، حيث استقبل عامل الإقليم ممثلين عن الساكنة، واستمع إلى مطالبهم بشكل مباشر، متعهدًا بتنفيذ عدد من النقاط المستعجلة، في مقدمتها تعيين طبيب قار بالمركز الصحي المحلي، وإصلاح الطريق الجهوية رقم 302، إلى جانب إنشاء ملعب رياضي في غضون الأشهر المقبلة، فضلًا عن الإعداد لزيارة ميدانية رسمية لعامل الإقليم إلى المنطقة من أجل ضمان تتبع تنفيذ هذه الالتزامات.
وتأتي هذه الوعود الرسمية في سياق محاولة استعادة الثقة بين المواطن والدولة، في ظل ما يمكن اعتباره إخفاقًا متراكبًا في الاستجابة للمطالب الأساسية التي يضمنها الدستور المغربي، لا سيما في المناطق الجبلية والقروية التي عانت طويلًا من التهميش.
فقد أكدت شعارات المشاركين في المسيرة ورسائلهم الموجهة للمسؤولين أن مطالبهم ليست تعجيزية، بل واقعية وتتناسب مع الإمكانيات المتاحة، وتتمثل في الحق في التطبيب والتعليم والنقل المدرسي، إلى جانب تحسين تغطية شبكتي الهاتف والإنترنت، وبناء مركز للتكوين المهني يراعي خصوصية المنطقة، إضافة إلى تشييد سدود تلية لحماية الأراضي الفلاحية من خطر الفيضانات.
وفيما يترقب سكان آيت بوكماز خطوات عملية ملموسة من قبل السلطات المعنية، عبّر عدد من الفاعلين الجمعويين والمنتخبين المحليين عن تفاؤل مشوب بالحذر، مشددين على أن تنمية المنطقة لا يمكن أن تتحقق عبر حلول ظرفية أو وعود موسمية، بل تقتضي رؤية استراتيجية تضع العدالة المجالية في صلب السياسات العمومية، وتعتمد مقاربة تشاركية حقيقية تُشرك الساكنة المحلية في رسم أولويات التنمية.
من جهة أخرى، أعادت احتجاجات آيت بوكماز إلى الواجهة النقاش حول فعالية برامج الدولة في مواجهة التفاوتات المجالية، وجدوى الصناديق المخصصة للتأهيل الاجتماعي وتقليص الفوارق، ومدى التزام مختلف الحكومات المتعاقبة بتطبيق مضامين الدستور بشكل فعلي، وليس فقط على الورق.
كما سلطت الضوء على أهمية إعطاء الكلمة للجهات والفاعلين الترابيين في اتخاذ القرار التنموي، بدل تكريس المركزية التي أثبتت محدوديتها في حل الإشكالات المعقدة التي تعاني منها المناطق الهامشية.
وتبقى آيت بوكماز، رغم ظروفها الجغرافية الصعبة وهشاشة بنيتها التحتية، مثالًا على وعي مجتمعي متقدم، عبر عنه المواطنون بخطاب حضاري واحتجاج راقٍ، ما يضع الدولة أمام مسؤولية مضاعفة لتكريس هذا النموذج الإيجابي والرد عليه بإجراءات عملية تضمن كرامة المواطن وتحقيق الإنصاف الترابي الذي يعتبر حجر الزاوية في مغرب العدالة الاجتماعية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القضاء يبرئ مستشارا معارضا جره ولد الرشيد للقضاء
القضاء يبرئ مستشارا معارضا جره ولد الرشيد للقضاء

بلبريس

timeمنذ 41 دقائق

  • بلبريس

القضاء يبرئ مستشارا معارضا جره ولد الرشيد للقضاء

قضت ابتدائية العيون ببراءة الستشار الجماعي بمجلس جماعة العيون، محمد سالم بداد، في مواجهة رئيس المجلس حمدي ولد الرشيد، في كاتب مجلسه مولاي لمباركي، بتهم القذف والسب مطالبينه بتحديد مدة الإكراه البدني في أقصى قدر يحده القانون وبتعويض مالي قدره 500 ألف درهم. وحسب منطوق الحكم الذي كشف عن بداد، فقد تم تبرئته من 'تهمتي السب والشتم والإدعاء الكاذب، في حين أدانته المحكمة بتهمة القذف، وحكمت عليه بأداء تعويض مدني قدره 20 مليون سنتيم لفائدة المشتكي، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 10.000 درهم لفائدة الصندوق'. وفي أول تعليق له بعد صدور الحكم، جدد بداد ثقته في القضاء المغربي، واعتبر أن هذه المرحلة مجرد بداية لمعركة أوسع سيخوضها أمام محكمة الاستئناف. بقوله: 'ما ضاع حق وراءه مطالب… نحن متساوون أمام القضاء. فالعدالة للجميع والوطن للجميع… ولا أحد فوق مؤسسات الدولة، لا صفة اعتبارية ولا رمزية أمام القضاء إلا لمن تنطق الأحكام باسمه: ملك البلاد، أمير المؤمنين، رئيس الدولة، والحكم الأسمى بين مؤسساتها'. كما أشار إلى أن ما وصفه بـ'تصدير الصراع من ساحة المجالس المنتخبة إلى ساحة القضاء' جاء كرد فعل سياسي ضده، مضيفاً أنه امتنع لأربع سنوات عن اللجوء للقضاء رغم وجود ما يدفع لذلك، احتراما للأعراف السياسية. ورغم هذا الفصل القضائي، يؤكد بداد أنه سيواصل 'مسيرة المرافعة وتمثيل المواطنين'، ويعتبر أن المعركة اليوم ليست شخصية، بل تتعلق بـ'فرض الاختيار الديمقراطي، وإنهاء الاحتكار والتسلط والصوت الواحد'، حسب تعبيره. ياتي هذا بعدما جر ولد الرشيد المستشار الجماعي محمد سالم بداد، عضو فريق المعارضة في المجلس البلدي لمدينة العيون، للقضاء إثر شكاية مشتركة قدمها كل من حمدي ولد الرشيد رئيس جماعة العيون وكاتب مجلسه مولاي لمباركي، يتهمونه بالقذف والسب مطالبينه بتحديد مدة الإكراه البدني في أقصى قدر يحده القانون وبتعويض مالي قدره 500 ألف درهم، على خلفية تصريحات أدلى بها على هامش إحدى دورات المجلس الجماعي.

العيون.. القضاء يدين مستشاراً في قضية تشهير برئيس جماعة
العيون.. القضاء يدين مستشاراً في قضية تشهير برئيس جماعة

زنقة 20

timeمنذ 44 دقائق

  • زنقة 20

العيون.. القضاء يدين مستشاراً في قضية تشهير برئيس جماعة

زنقة 20 | علي التومي أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة العيون، حكماً يقضي بإلزام أحد المستشارين الجماعيين بأداء تعويض مالي لفائدة رئيس جماعة العيون، قدره 20 مليون سنتيم، إضافة إلى 10 آلاف درهم كتعويض لصندوق الدولة، على خلفية متابعته بتهم تتعلق بالتشهير والإساءة العلنية. ويأتي هذا الحكم تتويجاً لمسار قضائي نُظر فيه بجدية ومسؤولية، ليؤكد مرة أخرى أن القضاء المغربي، وخاصة بمحاكم الأقاليم الجنوبية، لا يتسامح مع ممارسات تمس بالكرامة الشخصية أو تسيء إلى مؤسسات التدبير العمومي، كما يجسد حرص الدولة على ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وحماية الأفراد من التجاوزات الإعلامية أو السياسية غير المسؤولة. وقد لقي القرار ترحيباً واسعاً في الأوساط المحلية، حيث اعتبر العديد من الفاعلين والمتتبعين أن الحكم يشكل رسالة واضحة بأن القضاء هو الحصن الحصين لحماية الحقوق وصون شرف المواطنين، بغض النظر عن مواقعهم أو انتماءاتهم. كما يُبرز هذا الحكم جانباً من تطور الممارسة القضائية في الصحراء المغربية، حيث تشهد محاكم الأقاليم الجنوبية تطوراً ملموساً في البت في الملفات الحساسة والمرتبطة بالشأن العام، بما يعزز ثقة المواطنين في العدالة ومؤسساتها الدستورية.

مجلس النواب يصادق على قانون تصفية مالية 2023 بأغلبية 82 صوتا
مجلس النواب يصادق على قانون تصفية مالية 2023 بأغلبية 82 صوتا

لكم

timeمنذ ساعة واحدة

  • لكم

مجلس النواب يصادق على قانون تصفية مالية 2023 بأغلبية 82 صوتا

صادق مجلس النواب في جلسة تشريعية عقدها اليوم الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع قانون التصفية رقم 07.25 المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة المالية 2023. وحظي مشروع القانون بموافقة 82 نائبا بينما عارضه 31 نائبا، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت. وفي كلمة تقديمية لمشروع القانون، أبرز الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن أحكام مشروع قانون التصفية تهدف إلى تثبيت النتائج النهائية لتنفيذ قانون المالية لنفس السنة، موضحا أن أولوياته حددت في ترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية، وتحفيز الاستثمار المنتج لفرص الشغل، وتكريس العدالة المجالية، فضلا عن استعادة الهوامش المالية الضرورية لتمويل الإصلاحات والأوراش الكبرى. واستعرض لقجع السياق الدولي الذي طبعته توترات جيو-سياسية، وتميز بأزمة طاقية وغذائية واضطرابات في سلاسل الإنتاج، لافتا إلى أن الاقتصاد الوطني أبان عن قدرة متجددة على التكيف مع هذه الظرفية المعقدة والتعافي منها، ومواجهة تأثيرات الجفاف وتداعيات زلزال الحوز. وفي هذا الصدد، أوضح المسؤول الحكومي أنه ولمواجهة آثار هذه الظرفية الصعبة على المالية العمومية، اتخذت الحكومة، مجموعة من التدابير الاستباقية التي تهدف إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، والتخفيف من آثار التضخم، بالإضافة إلى دعم الأسر المتضررة من الزلزال عبر صرف المساعدات وإعادة البناء والتأهيل، وذلك بالتوازي مع مواصلة الإصلاحات الهيكلية والمشاريع الكبرى التي تعكس التوجهات العامة لقانون المالية لسنة 2023. كما سلط الوزير الضوء على النتائج النهائية لتنفيذ قانون المالية لسنة 2023، موضحا أنه على مستوى الميزانية العامة بلغت النفقات المنجزة عند نهاية السنة 532,9 مليار درهم، بينما على مستوى الحسابات الخصوصية بلغت النفقات المنجزة 151,67 مليار درهم، مقابل تحصيل 181,58 مليار درهم. أما على مستوى مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة، فقد سجلت نفقات الاستغلال ما مجموعه 2,33 مليار درهم، وبلغت نفقات الاستثمار 317,61 مليون درهم، مبرزا أنه نتج عن تنفيذ ميزانية السنة المالية 2023 زيادة في النفقات على الموارد حددها مشروع قانون التصفية في 13,94 مليار درهم. وأشار لقجع إلى أن الإرساء التدريجي للتدبير القائم على النتائج مكن من تطوير أدوات التدبير كميثاق التدبير، والنظم المعلوماتية، ولوحات القيادة الاستراتيجية والعملياتية، منبها إلى وجود بعض المعيقات التي يجري العمل على تجاوزها من أجل تحسين النجاعة وتحقيق النتائج المرجوة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store