logo
محللون: مستقبل نووي إيران بات غامضا وإسرائيل ستعتمد التعامل العسكري

محللون: مستقبل نووي إيران بات غامضا وإسرائيل ستعتمد التعامل العسكري

الجزيرةمنذ يوم واحد

لم تعد مهتمة بالتوصل لاتفاق بين الولايات المتحدة و إيران بقدر اهتمامها بالحفاظ على حقها في ضرب أي تحرك إيراني مستقبلي لإحياء البرنامج النووي بعدما كسرت حواجز لطالما منعتها من ذلك، كما يقول محللون.
في الوقت نفسه، لم يعد معروفا ما إذا كانت إيران ستقبل بالعودة لطاولة المفاوضات بعد الضرر الكبير الذي طال منشآتها النووية جراء الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة، أم ستمضي سرا في تطوير سلاح نووي بعدما أثبت لها الواقع عدم جدوى المفاوضات.
فقد أكد المدير العام ل لوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أنه لا أحد يعرف مصير مخزون اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب بعد الضربة الأميركية الأخيرة، وأنه لا يمكن محو تقدم طهران النووي بالسبل العسكرية وإنما بالاتفاق معها.
ولا توجد تقديرات قاطعة لدى الوكالة الدولية بشأن مصير برنامج إيران النووي بعد الضربة الأميركية، لكن غروسي يحاول من خلال هذه التصريحات منع إقصاء الوكالة الدولية من اتفاق أميركي إيراني مستقبلي، حسب ما قاله أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف حسني عبيدي، خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر".
كما يحاول غروسي دق ناقوس خطر احتمالية غياب الرقابة بشكل تام عن منشآت إيران النووية في حال قرر الإيرانيون الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، ومن ثم وضع هذا الملف كملف رئيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد في سبتمبر/أيلول المقبل، برأي عبيدي.
في الوقت نفسه، قال رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان ، إن الحرب مع إيران انتهت بطعم مر ودون التوصل لاتفاق، وهو أمر يتماشى مع حديث غير معلن داخل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلية بأن البرنامج تأخر سنوات للوراء لكنه لم يدمر بالكامل، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى.
ورغم صورة الانتصار التي يتم ترسيخها في العقلية الإسرائيلية، فإن الغصة -كما يقول مصطفى- تكمن في قرار وقف إطلاق النار لم يشمل أي شيء آخر يتعلق بالبرنامج النووي.
ولأن إسرائيل كانت تريد إنهاء الحرب باتفاق يخضع إيران تماما ويلزمها بالتخلي تماما عن أي طموحات نووية مستقبلية، فإن ما تم التوصل إليه ليس كافيا بالنسبة للإسرائيليين خصوصا مع عدم معرفة مصير 400 كيلوغرام من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب، وفق مصطفى.
لذلك، فإن ما جرى كان معركة في حرب لم تنته بعد، وظهر جليا في تصريحات بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد ديفيد برنيع ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ، التي قالوا فيها علنا إن إسرائيل ستضرب أي تحرك إيراني مستقبلي لإحياء البرنامج النووي، حسب قول مصطفى.
والأمر المهم الذي يجب الانتباه إليه في كلام غروسي -كما يقول مصطفى- هو أن إسرائيل بنت سرديتها السابقة حول نية إيران امتلاك سلاح نووي على تقارير الوكالة الدولية للطاقة، ومن ثم فإنها ربما تستخدم هذه التحذيرات الجديدة للقيام بالأمر نفسه.
فقد تجاوز غروسي -كما يقول عبيدي- دوره كحارس لمنع امتلاك إيران سلاحا نوويا إلى لعب دور سياسي عندما قدم تقريرا يدين طهران قبل أيام من ضربها، وهو ما يجعل الإيرانيين يتساءلون عن جدوى التعاون مع الوكالة مجددا.
إيران قد تفاوض أميركا
لكن الإيرانيين حققوا هدفا مهما من خلال هذه الجولة وهو أنهم حوّلوا النقاش من كميات اليورانيوم عالية التخصيب إلى الحديث عن إعادة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة مما يعني تخفيف الضغط عليهم في أمور أخرى.
ولا يزال التفاوض خيارا إستراتيجيا لإيران -وفق عبيدي- الذي يرجح أنها لن تعول على أوروبا التي تحاول إيجاد مخرج سياسي للعمل العسكري الأميركي الإسرائيلي الأخير، وأنها قد تعود للتفاوض مع الولايات المتحدة.
فقد عوّلت إيران على الأوروبيين لسنوات ثم وجدت الولايات المتحدة تقصف منشآتها النووية دون حتى إخبار الدول الأوروبية بأنها ستفعل، ومن ثم سيكون التفاوض مع واشنطن الخيار الأكثر واقعية لأن رفض التفاوض سيزيد الشبهات حول نواياها النووية، كما يقول عبيدي.
وفي حين كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبار مسؤوليه تدمير برنامج طهران النووي، قالت مجلة "نيوزويك" إن صور أقمار صناعية جديدة التُقطت أمس الجمعة أظهرت تصاعدا في أعمال البناء والحفر في منشأة فوردو النووية الإيرانية التي قصفتها الولايات المتحدة بقنابل خارقة للتحصينات فجر 22 يونيو/حزيران الجاري.
ووفقا للصحفي المتخصص في العلاقات الدولية محمد السطوحي، فإن كلام نيوزويك "يزيد من اللغط حول ما نتيجة الضربة الأميركية للمنشآت النووية التي يقول ترامب إنه أنهاها بينما هناك من يقول إن هذا الأمر غير ممكن علميا ولا عمليا، وإن الممكن فقط هو تأخيره لشهور أو لسنوات".
وفي حال لم يكن برنامج إيران قد انتهى بالفعل، فإن هذه الضربة ربما تدفع الإيرانيين لتطوير سلاح نووي على غرار كوريا الشمالية التي لا يستطيع أحد الاقتراب منها، كما يقول السطوحي.
وعلى هذا فإن السؤال المهم حاليا هو: على أي شيء سيتم التفاوض إذا قبلت إيران بالعودة للطاولة؟ كما يقول السطوحي، الذي لفت إلى أن ترامب الذي تمسك بصفر تخصيب يورانيوم في المفاوضات التي سبقت الحرب، إلى الحديث الآن عن ضرب أي منشأة إيرانية تقوم بتخصيب اليورانيوم بنسب مرتفعة.
ومن المهم جدا -برأي السطوحي- النظر إلى أن التهديد لم يعد يخيف إيران كما كان في السابق بعدما تمكنت من إثبات قدرتها على قصف عموم إسرائيل، فضلا عن قصفها قاعدة "العديد"، والذي كان رمزيا لكنها لوّحت من خلاله بردود أكثر قسوة مستقبلا.
ولعل هذا الخوف من الذهاب أبعد من الردود الرمزية هو ما دفع ترامب للحديث عن ضرورة وقف الحرب بعد قصفه منشآت إيران النووية فورا، لأنه يعتقد أن الهجمات الخاطفة يمكن تجاوز تداعياتها على عكس الحروب الطويلة.
أما إسرائيل التي كانت تعتقد قبل الحرب أن إيران على وشك امتلاك سلاح نووي، فإنها تعتقد الآن أن الأمر أصبح يحتاج سنوات، لكنها تخشى تحول طهران إلى تصنيع سلاح سري، برأي مصطفى.
ومن ثم "لا تريد إسرائيل التوصل لاتفاق حاليا وإنما تريد مزيدا من العقوبات وعزل طهران لأنها تعتقد أن هذا سينتهي بإسقاط النظام ومعه الخطر النووي"، برأي مصطفى.
في الوقت نفسه، يرجح مصطفى أن تسعى تل أبيب أيضا "لاكتساب حرية أكبر في التعامل عسكريا مع أي عمل نووي إيراني مستقبلي، بعدما خلقت لنفسها مساحة في سماء إيران بطريقة تشبه ما فعلته في لبنان".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اجتماع أمني إسرائيلي يدرس مستقبل حرب غزة والجيش يوصي بإبرام صفقة
اجتماع أمني إسرائيلي يدرس مستقبل حرب غزة والجيش يوصي بإبرام صفقة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

اجتماع أمني إسرائيلي يدرس مستقبل حرب غزة والجيش يوصي بإبرام صفقة

يشرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد على اجتماع أمني في ظل دعوات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوضع حد للحرب على غزة والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وتسريبات من جيش الاحتلال تؤكد أن الحرب بلغت مداها. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية ببدء الاجتماع الأمني بمشاركة نتنياهو وعدد من أعضاء المجلس الوزاري المصغر وكبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية، في مقر قيادة الجيش الجنوبية وذلك لحسم مستقبل الحرب. واستبق نتنياهو الاجتماع بالقول إن "النصر على إيران فتح فرصا عدة أمام إسرائيل بينها استعادة الرهائن من غزة". وحسب موقع يسرائيل هيوم، يُتوقع أن يقدم رئيس أركان الجيش تحديثات عملياتية خلال الاجتماع، مؤكدًا الاقتراب من السيطرة الكاملة على 75% من قطاع غزة. كما نقلت يسرائيل هيوم عن مصادر حكومية نفيها بشكل استباقي ادعاء الجيش إكماله خطة " عربات جدعون". وقالت هذه المصادر إنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لم تُهزم بعد وإن أهداف الحرب المعلنة لم تتحقق حتى الآن. ويأتي ذلك في ظل تسريبات في الإعلام الإسرائيلي أكدت أن الجيش يعارض احتلال غزة بالكامل ويوصي بإبرام صفقة تبادل. وقالت القناة 12 الإسرائيلة إن قيادة الجيش وفي مقدمتها رئيس الأركان تطالب القيادة السياسية بتحديد الخطوات المقبلة بغزة. فيما أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن القيادة الأمنية ترى ضرورة ترجمة الإنجاز في إيران وغزة للتوصل إلى اتفاق يعيد المحتجزين. بدورها، ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن الجيش يرى أن حرب غزة بلغت مداها، رغم أن نتنياهو يصر على موقفه باستمرار القتال إن لم يتم التوصل لصفقة. ترامب ونتنياهو وتأتي تلك التطورات بالتزامن مع دعوة الرئيس ترامب لإنجاز اتفاق بشأن غزة واستعادة المحتجزين، وكتب ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" اليوم الأحد "أنجزوا الاتفاق بشأن غزة. استعيدوا الرهائن". ورد نتنياهو على تلك الدعوة بالقول إن عمله مع الرئيس ترامب سيجعل الشرق الأوسط عظيما مرة أخرى. وقال مسؤول إسرائيلي إنه يجري وضع خطط لزيارة نتنياهو إلى واشنطن خلال الأسابيع المقبلة، ولكنه رفض مناقشة محور الزيارة. وأثار ترامب، أمس الأول الجمعة، توقعات بالتوصل إلى اتفاق، قائلا إنه قد يكون هناك اتفاق لوقف إطلاق النار خلال الأسبوع المقبل، وقال ردا على أسئلة الصحفيين "نحن نعمل على ملف غزة ونحاول إيجاد حل له". ومن المقرر أن يتوجه كبير مستشاري نتنياهو، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إلى واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار. وقالت هيئة البث الإسرائيلية، في وقت سابق، إنه رغم التقدم المحرز فإن ذلك لم يصل إلى مرحلة إرسال وفد للتفاوض، مشيرة إلى أن الخلاف الرئيسي يتمحور حول شروط إنهاء الحرب، والضمانات التي تطالب بها حركة حماس. وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين استغرابهم من تفاؤل الرئيس ترامب بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال الأسبوع المقبل، مؤكدين أن إسرائيل لم تُبلّغ بأي تغيير أو تقدم يبرر هذا التفاؤل، ولا توجد مؤشرات على مرونة في موقف حركة حماس أو نتنياهو بشأن إنهاء الحرب. وأضافت الصحيفة نقلا عن المسؤولين الإسرائيليين أن أحد التقديرات يشير إلى أن تفاؤل ترامب قد يكون محاولة لاستثمار الزخم السياسي بعد انتهاء الحرب مع إيران لتحقيق إنجاز سياسي إضافي. ورغم أنهم أكدوا وجود اتصالات ومحادثات مكثفة في الكواليس لكنهم نفوا وجود نتائج ملموسة أو اختراق حقيقي حتى الآن.

المقاومة تصعد عملياتها ومقتل جندي إسرائيلي بمعارك شمال غزة
المقاومة تصعد عملياتها ومقتل جندي إسرائيلي بمعارك شمال غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

المقاومة تصعد عملياتها ومقتل جندي إسرائيلي بمعارك شمال غزة

أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وسرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي- عن تنفيذ عدد من العمليات العسكرية ضد جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ، تركز أغلبها في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، في وقت أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أحد جنوده خلال معارك شمال القطاع. وقالت كتائب القسام إن مقاتليها استهدفوا برج جرافة عسكرية بقذيفة الياسين 105 ، مما أدى لاشتعال النيران فيها بمنطقة بني سهيلا شرق خان يونس، كما قالت إنها قصفت حشودا من جنود الاحتلال في منطقة معن جنوبي المدينة بقذائف هاون. من جهتها، قالت سرايا القدس إن مقاتليها دمروا آلية عسكرية إسرائيلية متوغلة في عبسان الكبيرة شرق خان يونس بعبوة برميلية زرعت مسبقا، كما أعلنت أنها قصفت أمس السبت بقذائف هاون تجمعات جنود وآليات إسرائيلية توغلت في محيط شارع 5 شمال خان يونس. حدث أمني خطير في غضون ذلك أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جندي في كتيبة الهندسة القتالية "601" خلال معارك شمال قطاع غزة. وبالتزامن مع ذلك تحدثت مواقع إسرائيلية عن حدث أمني خطير في خان يونس جنوبي قطاع غزة، وأشارت إلى "تبادل إطلاق نار كثيف في موقع الحدث الأمني الخطير"، مضيفة أن الرقابة العسكرية تفرض حظر نشر على تفاصيل هذا الحدث. وقد دأبت فصائل المقاومة في قطاع غزة على توثيق عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وظهرت خلال المقاطع المصورة تفاصيل كثيرة عن العمليات العسكرية للمقاومة ضد قوات الاحتلال. كما دأبت الفصائل على نصب كمائن محكمة ناجحة ضد جيش الاحتلال كبّدته خسائر بشرية كبيرة، فضلا عن تدمير مئات الآليات العسكرية وإعطابها، إضافة إلى قصف مدن ومستوطنات بصواريخ متوسطة وبعيدة المدى. إعلان ويأتي ذلك ضمن مواجهات الفصائل الفلسطينية مع قوات الاحتلال في قطاع غزة، إذ تشن إسرائيل حرب إبادة على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 مخلّفة أكثر من 185 ألف فلسطيني شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

توابع الحرب مع إيران.. المالية الإسرائيلية تعطل تمويل الكلفة
توابع الحرب مع إيران.. المالية الإسرائيلية تعطل تمويل الكلفة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

توابع الحرب مع إيران.. المالية الإسرائيلية تعطل تمويل الكلفة

وضعت الحرب الإسرائيلية على إيران أوزارها ولكنها لم تنته لأسباب كثيرة بينها مصير اليورانيوم المخصب، واحتمالات الثأر الإيراني وسباق التسلح الذي تعاظم في المنطقة. وعلى الجانب الإسرائيلي، هناك خلاف يتعلق بهذه الحرب بسبب تكاليفها بين وزارتي الدفاع والمالية بهذا الشأن. فالجيش يطالب المالية بما لا يقل عن 60 مليار شيكل (حوالي 17 مليار دولار) فقط تعويضا من خارج ميزانية الدفاع لتغطية تكلفة الحرب على إيران وعملية "عربات جدعون" على قطاع غزة. وكان معلوما حتى أثناء الحرب على إيران أن التكلفة العسكرية لكل يوم قتال هناك تزيد على مليار شيكل، وأنه ما إن تضع الحرب أوزارها بشكل دائم أو مؤقت فإن الجيش سيقدم فاتورة النفقات غير المتضمنة أصلا في ميزانية الدفاع. وهذا يقتضي من المالية تقديم ملحقات للميزانية العامة كما سبق وفعلت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ولاعتبارات كثيرة بينها أن جانبا من العمليات في إيران كان ذا طابع أمني خاص يقوم به جيش من العاملين مع الموساد، ولم تكن تقديرات المالية والمؤسسة الأمنية معروفة خلافا لما كان عليه الحال في الحرب ضد غزة ولبنان. فقد كانت الأموال الطائلة كلفة الطلعات الجوية لشن عمليات معقدة وبعيدة المدى لمئات الطائرات الحربية بتسليح استثنائي مكثف، وتسيير أسراب كبيرة من المسيرات وأنشطة سرية للموساد. كما أن هناك تكاليف باهظة لتجنيد أعداد كبيرة من القوات الاحتياطية بعد أن وافقت الحكومة على تجنيد ما قد يصل إلى 450 ألفا من جنود الاحتياط ضمن إعلان حالة التأهب القصوى. وكانت المالية الإسرائيلية تمني نفسها بالفعل باستغلال احتياطي يُقدر بنحو 3 مليارات شيكل كان مُخصصًا ضمن الميزانية العامة للسيناريوهات الأمنية. لكن سرعان ما تبين لجميع المعنيين أن هذا المبلغ لن يكفي لتمويل القتال في إيران. وقد بدأت بالفعل المفاوضات بين المالية والمؤسسة الدفاعية بشأن الإضافات المطلوبة، مع وجود اختلاف في الآراء حول بعض البنود التي يطلبها الجيش الإسرائيلي، والتي تجادل المالية بأنه تم بالفعل تخصيص بعضها مسبقًا في أطر أخرى. تكلفة الاعتراض وما يسري بشكل واسع على إيران ينطبق بشكل أو بآخر على "عملية عربات جدعون" في غزة. وكانت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية نشرت مثلا أن تكلفة الاعتراض لأي صاروخ تتراوح بين 700 ألف دولار لنظام "مقلاع داود" ومليوني دولار و3 ملايين لنظامي "حيتس 2″ و"حيتس 3" على التوالي. كما تُقدر تكلفة ساعة الطيران بعشرات الآلاف من الدولارات. وعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة ساعة طيران "إف-35" حوالي 67 ألفا و500 دولار. ويجب ضرب هذا المبلغ في عدد الطائرات وساعات الطيران إلى إيران والعودة، وذلك قبل احتساب تكلفة القنابل. وهكذا بعيدا عن التكلفة الحقيقية للحرب هناك تكلفة متواصلة على مدى السنين للاستعداد لساعة الصفر. ولاعتبارات أمنية وسواها في إسرائيل، ليس هناك أرقام حقيقية لتكلفة الاستعدادات الإسرائيلية للحرب على إيران. وتكفي هنا الإشارة إلى أنه سبق لإسرائيل أن استعدت الفترة 2010-2012 لضرب المشروع النووي الإيراني عسكريا في عهد حكومة نتنياهو-باراك وهو ما لم يتحقق في حينه. ولكن رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت اعترف -في مقابلة تلفزيونية عام 2013- بأن إسرائيل "أنفقت العامين الماضيين أكثر من 11 مليار شيكل على أوهام مغامرة لم تنفذ ولن تنفذ". وحسب كلامه حينها، فإن هذه الأموال أُنفقت على استعدادات عسكرية لم تُنفّذ، وأنها "تتجاوز الميزانيات متعددة السنوات". كما أن مسؤولا أمنيا كبيرا قال إنه "بمجرد بدء الحرب على إيران، قدّر المحاسب العام في وزارة المالية بنفسه أن نفقات هذه الخطوة بلغت حوالي 30 مليار شيكل". وأضاف "وقود الطائرات لمئات الطائرات التي نادرًا ما تهبط في يوم واحد، وتقطع مسافة 1500 كيلومتر تقريبًا في كل طلعة جوية، يُعدّ وحده إنفاقًا ضخمًا لم يشهده الجيش الإسرائيلي من قبل". ويوم الأحد خرجت "يديعوت أحرونوت" بعنوان يكشف السجال بين المالية والمؤسسة الأمنية "سؤال الستين مليارًا.. الصراع على ثمن الحرب وأهميته الدرامية". وتساءلت الصحيفة بقلم مراسلها العسكري يؤآف زيتون "هل يُمكن تجميد مشتريات صواريخ حيتس والطائرات المسيرة والصواريخ الأميركية؟" وردت على السؤال بأن "60 مليار شيكل، هي الإضافة التي يطالب بها رؤساء المؤسسة لأمنية لتمويل الحرب ضد إيران وعملية عربات جدعون في قطاع غزة، وهما خطوتان عسكريتان حربيتان لم تكونا مدرجتين في خطة ميزانية الدفاع لعام 2025. غير أن مسؤولي المالية يرفضون دفعها، مما يؤخر تجديد مخزونات الجيش الإسرائيلي، وكذلك الشراء العاجل لصواريخ "حيتس" التي نفدت أو كادت تنفد، وما يصل إلى مئات الصواريخ الموجهة المخصصة بشكل رئيسي للمقاتلين في قطاع غزة". تجميد الميزانيات ونقلت "يديعوت" عن عدد من كبار مسؤولي الأمن قولهم إن المالية تعارض بشدة دفع هذه الإضافة، بل إنها أوقفت الميزانيات التي وافقت عليها مؤخرًا لجنة ناجل المشتركة بين الدفاع والمالية لصياغة ميزانية الدفاع للسنوات القادمة. وقالت مصادر رفيعة بوزارة الدفاع "أحد أسباب معارضة وزارة المالية هو ادعاء وجود فائض في تكاليف أيام الاحتياط، والتي بلغت هذا العام 1.2 مليار شيكل شهريًا". وترفض وزارة الحرب هذا المنطق وتقول: ما العمل إذا برزت حاجة لجنود الاحتياط بما يتجاوز المخطط له؟ لم تكن العملية البرية في غزة مخططة هذا العام، وأدت إلى تعبئة جنود احتياط، على نطاق واسع أيضًا، خلافًا للمعهود. ثم جاءت الحرب على إيران، والتعبئة المفاجئة للعديد من ألوية الاحتياط الإضافية. وبالنسبة لقيادة الجبهة الداخلية وحدها، يبلغ عدد هؤلاء 40-30 ألف جندي احتياطي يتقاضون نفس راتب المدنيين. وبحسب "يديعوت" فإن الأزمة الحالية تبدو أشد حدة من الأزمات السابقة، وهي تؤثر بشكل مباشر على الميدان: ففي الأسابيع الأخيرة طلب الجيش الإسرائيلي من ممثلي المؤسسة الدفاعية الأميركية شراء ما لا يقل عن 500 سيارة جيب هامر جديدة لصالح قوات الجيش، وخاصة تلك العاملة في قطاع غزة. ومعظم مركبات الهامر التي يستخدمها المقاتلون خردة بالفعل وبعضها قطع أكثر من مليون كيلومتر "وكثيرًا منا يتعطل بسبب وضعه الميكانيكي". وشهد قادة الجيش بأنه "يوجد حاليًا مقاتلون في غزة يمتلكون مركبات هامر تضررت من صواريخ مضادة للدبابات أو تضررت بانفجارات عبوات ناسفة، وما زالوا يستخدمونها". وبالفعل أمّن الأميركيون لإسرائيل الشراء الفوري لـ 632 مركبة هامر موجودة على خطوط الإنتاج وعلى الرفوف، ولكن في حال عدم توفير المالية أموال شرائها تبرز مخاوف أن تستغل جيوش أخرى المشكلة وتشتريها. كما أن لدى الجيش الإسرائيلي مطالب تتمثل بتسريع عمليات شراء إضافية لتجديد مخزون سلاح الجو من الأسلحة الهجومية والدفاعية أيضًا مثل الصواريخ الاعتراضية لبطاريات حيتس. وكانت مصادر أميركية أعلنت أثناء الحرب مع إيران أن المخزون الكبير من صواريخ حيتس الاعتراضية على وشك النفاد، خلال القتال مع إيران، ونتيجة إطلاق الحوثيين للصواريخ خلال العام الماضي. ويقول الجيش إن كل يوم تتعطل فيه ميزانيات تجديد مخزون حيتس يُقلل من استعدادات الجيش الإسرائيلي للجولة القادمة ضد إيران، والتي قد تأتي في وقت أبكر من المتوقع. ويحاجج الجيش في مواجهة المالية بأن "سعر صاروخ حيتس يبلغ 14-15 مليون شيكل، وعندما يعترض صاروخًا إيرانيًا فإنه يوفر مئات الملايين من الشواكل في ترميم أو إعادة بناء المباني المتضررة، بالإضافة إلى إنقاذ أرواح الإسرائيليين وتعزيز صمودهم. وهذه حسابات دقيقة كان الجميع في المالية على دراية بها حتى قبل الحملة". والآن، يطالب الجيش الإسرائيلي بالحصول على ما لا يقل عن 70-80% من الميزانيات التي تم الاتفاق عليها ووعدوا بها في إطار لجنة ناجل لصالح تعزيزاته في الأشهر التي سبقت الحملة. إيران تستعد ويكرر الجيش الإسرائيلي أمام المستوى السياسي أن إيران لا تزال تملك مئات وآلاف الصواريخ الباليستية ونحو نصف منصات الإطلاق التي كانت بحوزتهم قبل الحرب، وأن إيران تحتفظ بهذه الترسانة ليس من أجل أن تصدأ، وأنها مثل أسد جريح تستعد من الآن للحرب المقبلة ضد إسرائيل. ولذلك يطالبون بأن تكون إسرائيل جاهزة ليس لأن تكرر الحرب السابقة وإنما تستعد لحرب جديدة. ولذلك يحث الجيش شركات التصنيع العسكري الإسرائيلي على زيادة إنتاجها لتوفير المنتجات الضرورية وبأسرع وقت ممكن. وتوجه مثل هذه الطلبات أساسا إلى شركات مثل "ألبيت" و"رفائيل" وهي المنتجة الأساسية لأنواع صواريخ فريدة لعبت دورا هاما في غارات سلاح الجو الإسرائيلي على إيران. وتنظر إسرائيل بخطورة استعانة الإيرانيين بالصين وروسيا لإعادة بناء قدراتهم العسكرية وسد الثغرات التي ظهرت أو نتجت عن الحرب. وعموما، وكما -سلف- يطالب الجيش بوجوب الاستعداد لجولة أخرى، وسيُطلب من الصناعات الدفاعية تطوير أنظمة أكثر تطورًا. وبكلمات أخرى هناك سباق تسلح جديد يكلف عشرات المليارات من الشواكل خصوصا لتطوير قدرات جديدة تضمن الحفاظ على التفوق التكنولوجي والنوعي على إيران. وهناك تركيز على إنتاج صواريخ "ستاند أوف" التي طورتها الصناعات الدفاعية للطائرات الإسرائيلية والتي لعبت دورا بضرب المكونات الرئيسية لنظام الدفاع الجوي الإيراني، وخصوصا بطاريات صواريخ أرض جو المنتشرة قرب مواقع حساسة. وكذلك صاروخا "رامبيج" و"روكس" اللذان توجها نحو أهدافهما المحددة من مسافة بعيدة، حتى قبل دخول طائرات سلاح الجو المجال الجوي الإيراني. وكل هذا دون حساب تطوير القوات البرية التي أظهرت الحرب في غزة عجزها عن حسم المعارك وحاجتها الماسة لتحديث أدواتها وأسلحتها. وهذا موضوع آخر يجري الحديث فيه خصوصا عند المقارنة بين حداثة القوة الجوية وتقنياتها في إيران، وعجز القوات البرية على الأرض في غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store