logo
تحت شعار « العلم نور الحياة ورافعة بناء الإنسان وتقدم الأمم »…جائزة مولاي علي الشريف تعود في دورتها الثانية

تحت شعار « العلم نور الحياة ورافعة بناء الإنسان وتقدم الأمم »…جائزة مولاي علي الشريف تعود في دورتها الثانية

أعلنت مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش عن فتح باب الترشيح للدورة الثانية من جائزة مولاي علي الشريف للدراسات والأبحاث العلمية المنظمة برسم سنة 2025 تحت شعار: « العلم نور الحياة ورافعة بناء الإنسان وتقدم الأمم »، وذلك في سياق تشجيع البحث العلمي الجاد وإبراز الأبعاد الروحية والثقافية للهوية المغربية الأصيلة.
وتكرس الجائزة التي تستمد مرجعيتها من شخصية مولاي علي الشريف الجد المباشر لسلاطين وملوك الدولة العلوية رؤيتها في تعزيز قيم الانتماء والهوية عبر تسليط الضوء على مواضيع ذات صلة بالتراث الروحي المغربي وامتداداته الإفريقي .
وقد اختارت المؤسسة في نسختها الحالية، محور « الهوية الروحية والتصوف المغربي وأثره في التراث الفني الإسلامي في المملكة المغربية ودول إفريقيا »
وتهدف الجائزة بحسب الجهة المنظمة إلى تحفيز الباحثين الشباب على الخوض في مجالات معرفية ترتبط بالهوية المغربية والخصوصيات الثقافية للمملكة ، من خلال دعم الأطروحات الجامعية والدراسات العلمية وإبراز الأدوار التي لعبها النسب النبوي الشريف في تشكيل الوحدة الروحية والاجتماعية والسياسية للمجتمع المغربي.
كما تسعى الدورة الثانية للجائزة إلى تسليط الضوء على التصوف المغربي كرافد من روافد الثقافة الإسلامية وعلاقته بالأمن الروحي وبالتراث الفني في المغرب وبلدان إفريقيا ، مع التأكيد على أهمية المخطوطات والدراسات التي توثق لظهائر التوقير الموجهة لشيوخ التصوف في العهد العلوي.
وتفتح الجائزة المجال أمام صنفين من المشاركات: الأول يهم الدراسات المعدة خصيصا للجائزة والثاني مخصص لأطاريح الدكتوراه على أن تراعي الأعمال المقدمة شروط النشر العلمي وتنسجم مع محاور الدورة كما تشترط الجائزة عدم تجاوز نسبة الاقتباس 10% وألا تكون الأعمال قد سبق لها أن حازت على جوائز سابقة.
وسيشرف على تقييم الأعمال لجنة علمية متخصصة تضم ممثلين عن مؤسسة مولاي علي الشريف وشركائها وأساتذة باحثين ذوي خبرة في مجالات النشر والتأليف بهدف اختيار أفضل المشاركات من حيث الجودة والعمق العلمي.
وعلاقة بالموضوع ، حددت مؤسسة مولاي علي الشريف الفترة الممتدة من 16 يونيو إلى 7 شتنبر 2025 كموعد لتلقي الترشيحات عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بها ، على أن تتم عملية تحكيم الأعمال المقبولة من 8 إلى 13 شتنبر من نفس السنة.
أما الإعلان عن الفائزين فسيتم بتاريخ 14 شتنبر 2025 عن طريق البريد الإلكتروني والهاتف في حين ستقام مراسيم توزيع الجوائز خلال فعاليات الملتقى الروحي الدولي لمولاي علي الشريف الذي سيشهد تنظيم لقاء علمي خاص لتكريم البحوث الفائزة وتقديمها أمام جمهور أكاديمي وطني ودولي.
كما خصصت المؤسسة جائزة استحقاق واحدة في صنف أطروحات الدكتوراه بقيمة 7000 درهم، بالإضافة إلى شهادة تقديرية وفي صنف الدراسات المعدة خصيصا للجائزة خصصت جائزتين الأولى بقيمة 10000 درهم للفائز بالمرتبة الأولى والثانية بقيمة 5000 درهم للمرتبة الثانية مع تسليم شهادات توثق هذا التتويج وستمنح الجوائز في حفل علمي مميز ينظم بالموازاة مع الاحتفاء بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسيحضره ثلة من الأكاديميين والباحثين من داخل المغرب وخارجه
وسيتم تكريم الفائزين خلال حفل علمي خاص ينظم على هامش الملتقى الروحي الدولي لمولاي علي الشريف بمشاركة نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين المغاربة والأجانب.
وتجدر الإشارة إلى أن الترشيحات تقدم حصريا عبر المنصة الإلكترونية الخاصة بالمؤسسة مع ضرورة إرسال جميع الوثائق المطلوبة دفعة واحدة وفي الآجال المحددة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زمن النص القرآني والخطاب النبوي
زمن النص القرآني والخطاب النبوي

لكم

timeمنذ يوم واحد

  • لكم

زمن النص القرآني والخطاب النبوي

يتأطر زمن النص القرآني، في اتصاله بزمن البعثة النبوية، بين بداية نزول القرآن الكريم، ونهايته بوفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم). لكن بدايته المحددة بمؤشر زمني محدد ليست لها نهاية لارتباطها بزمن القصة (الخلق/ الخلود). فالرسول جاء ليبلغ آخر رسالة. لذلك نجد كل ما تضمنته قصة الخطاب، وخطاب القصص القرآني مؤطرة ضمنها. وإذا كان خطاب القصص القرآني ينتهي بانتهاء أزمنة الأنبياء والرسل، الذين بعثوا إلى أقوامهم، والذين عرفوا جميعا جزاءهم في الدنيا (الغرق/ خسف الأرض)، فإن مصيرهم وفق زمن القصة، سيكون متوقفا ليس على زمن البعثة النبوية (قريش وأهل الكتاب) بل سيمتد ليشمل كل أفراد البشرية الذين ولدوا بعد وفاة الرسول، وبذلك يلتقي زمن النص في امتداده بزمن القصة والخطاب، حيث يكون الجزاء والعقاب يوم القيامة. إن امتداد زمن النص إلى زمن النهاية (الخلود) الذي لمسناه في زمن القصة، يؤكد من جهة أولى اتصاله بزمن القصة والخطاب معا. ولما كان النص القرآني، من جهة ثانية، تصديقا لكل الكتب والأنبياء والرسل السابقين، ومهيمنا عليها جاء مخاطبا للبشرية جمعاء من خلال ليس فقط ما ورد في النص القرآني من جهة ما تعلق منه بعالم الغيب وعالم الشهادة، ولكن أيضا من خلال حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وهو يقوم بتبليغ الرسالة الأخيرة في الفترة الزمنية التي بدأت مع الوحي، وانتهت بانتهائه. يسلمنا هذا التحليل إلى اعتبار زمن البعثة النبوية لا يتضمن فقط أداء الرسالة المحددة (تبليغ القرآن الكريم) التي بعثه الله من أجلها، ولكنه كان أيضا تقديما لقصة حياة الرسول مع قومه، إنه وهو يدعو إلى عبادة الله وحده، وتشريع نظام جديد للحياة. كان يحدِّث الناس، ويجيب على الأسئلة، أي أنه كان ينتج خطابا مباشرا (القول). وإلى جانبه كان ينظم الحياة العامة للمسلمين، ويدعوهم للجهاد، ويعلمهم نمطا جديدا في الحياة (الفعل). وقد تولد من قصة الرسول مع قومه خطاب مواز هو الحديث النبوي، الذي تجسد من خلال أقوال الرسول وأفعاله فجاء نصا موازيا للنص القرآني، وترجمة له من خلال ما تعلمه الرسول من النص الذي أنزل عليه. يبدو لنا ذلك بجلاء من خلال نوعين متوازيين ومتكاملين من الخطاب القرآني. يبدو أولهما في مختلف التوجيهات والأوامر العامة (قل، اتلُ…) التي كانت توجه إلى الرسول من لدن ربه ليعلمها للناس، وهو يؤدي دوره كوسيط اختاره الله واصطفاه، كما فعل مع كل الأنبياء والرسل، وعلمه ما لم يكن يعلم. أما الخطاب الثاني فيتمثل في كون الرسول بشرا لا يختلف عن غيره، إلا بما علمه الله إياه، ولذلك فهو عرضة لما يتعرض لأي إنسان من انفعالات وأحاسيس. يبدو لنا ذلك بجلاء من خلال الخطابات التقويمية والتثبيتية التي كانت، من جهة تقص عليه ما وقع للأنبياء والرسل قبله، وما كان بعضهم يأتيه من أفعال تتطلب التقويم والتنبيه، لكي يستفيد منها في تجربته في أداء الرسالة. ومن جهة ثانية إلى عدم الاستسلام لبعض الإكراهات التي تفرض عليه، أو بعض تصرفاته التي تجانب الصواب، أو تدفعه للخضوع لغيره، مما يتنافى مع الدور المنوط به. وفي القرآن الكريم الكثير من الآيات الدالة على ذلك، وقد نجم عن هذين الخطابين نجاح الرسول في أداء مهمته، بشرا ووسيطا، فصار بذلك نموذجا لمن يضطلع بالمهمة ويؤديها على أحسن وجه وأتمه. نعاين ذلك بجلاء في آخر الآيات التي أنزلت عليه، والتي تبرز تقديم عمله كاملا غير منقوص: «اليوم أكملت لكم دينكم، ورضيت لكم الإسلام دينا»، تعبيرا عن أدائه الرسالة على النحو المطلوب، وأنه قام بدوره أحسن قيام، رغم كل الإكراهات والصعوبات والعراقيل. ولما كانت قصة البعثة النبوية باعتبارها تجربة حياتية للرسول مع قومه، نجد مصداقا لذلك في آخر خطبة للرسول (خطبة الوداع) حيث كان يُشهد المسلمين على ما اضطلع به بسؤاله بين الفينة والأخرى: «هل بلغت؟» وفي كل مرة كانت التأكيدات على ما قام به، فكان يشهد الله على أقوالهم. إن هذا الخطاب النبوي (الحديث) متصلا بعالم الشهادة، أي علاقة الرسول بقومه، لا نجده في أي خطاب بشري كيفما كان جنسه أو نوعه. ولا غرابة في ذلك فهو امتداد للنص القرآني بسبب ارتباطه الشديد به. فالرسول كان يعيش حياتين: حياة الرسول الذي يتلقى الوحي ويبلغه. وحياة الإنسان الذي يقدم النموذج لما يتلقاه من الوحي، مستلهما إياه، ومستفيدا منه في تجربته الحياتية مع نفسه وقومه، فكانت خطاباته وأفعاله جزءا من رسالته وحياته معا. لذلك نجد المسلمين في حياته كانوا يحفظون أقواله، ويتشبثون بأفعاله (صلوا كما رأيتموني أصلي) فيما يتعلق بأمور الدين. وفي بعض القضايا الخاصة بأمور الدنيا يقول لهم: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، لذلك كان الحديث النبوي ترجمة وتفسيرا لما جاء به الرسول وهو يؤدي الرسالة. إن قوما يدعون أنهم قرآنيون، لا علاقة لهم بزمن النص القرآني الذي لا يمكن التفاعل معه فهما وتفسيرا وتأويلا، من دون ربطه بأسباب النزول، أو السياق الذي ورد فيه. إن النزول والسياق معا متصلان بزمن قصة البعثة النبوية، وهما يؤكدان معا أن القرآن الكريم لم ينزل في مكان ما، من دون رسول، وطلب من الناس استنساخه والاكتفاء بما فيه.

طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا
طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا

طنجة نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • طنجة نيوز

طنجة.. مكبرات صوت وDJ في الهواء الطلق تثيران استياء المصلين وسكان كورنيش مالاباطا

يشهد كورنيش مالاباطا بمدينة طنجة حالة من الاستياء المتزايد، وسط سكان المنطقة والمصلين بأحد المساجد المجاورة، بسبب الضوضاء الصادرة عن مطعم تابع لسلسلة 'ماكدونالدز' العالمية، والذي يعتمد على تشغيل مكبرات صوت قوية في الفضاء الخارجي للمطعم، إلى جانب تنظيم عروض موسيقية حية يؤطرها منسق موسيقي (DJ) بعين المكان. ورغم قرب المطعم من مسجد صغير يرتاده المواطنون بشكل يومي لأداء الصلوات، فإن أنشطته الترفيهية تستمر دون انقطاع، حتى خلال أوقات الصلاة، ما يتسبب في تشويش كبير على الأجواء الروحية والسكينة المفترضة داخل المسجد. يقول أحد المصلين: 'نغلق الأبواب، لكن الموسيقى المرتفعة تخترق جدران المسجد. أحيانًا نشعر أننا في حفلة موسيقية لا في بيت من بيوت الله. الوضع لم يعد مقبولًا.' كما عبّر عدد من السكان المجاورين عن امتعاضهم من استمرار هذه الأنشطة إلى ساعات متأخرة من الليل، مما يحرمهم من الراحة ويحوّل المنطقة إلى ما يشبه مهرجانًا مفتوحًا طوال الأسبوع. تقول إحدى الساكنات القاطنات بجوار المطعم: 'لا نستطيع النوم. الموسيقى تنطلق مساء وتستمر حتى بعد منتصف الليل. نحن نعيش في فضاء سكني وليس منطقة ترفيهية مفتوحة على مدار الساعة.' ويُعاب على هذا الوضع غياب أي تدخل من السلطات المحلية، بالرغم من توالي الشكايات من طرف المتضررين، الذين يعتبرون أن ما يحدث يشكل خرقًا للقوانين المتعلقة بالضوضاء واستغلال الفضاء العمومي، خاصة حين يتعلق الأمر بجوار مسجد. وتُطرح في هذا السياق تساؤلات حول حدود الأنشطة التجارية في الفضاءات الحضرية، ومدى التزام المؤسسات باحترام محيطها الاجتماعي والديني، في ظل ما يعتبره المتضررون 'صمتًا غير مبرر' من الجهات المعنية. فهل تتحرك السلطات لوضع حد لاستخدام مكبرات الصوت في الفضاءات المفتوحة بشكل يُزعج الساكنة والمصلين؟ أم أن أصوات الضجيج ستظل أعلى من صوت القانون؟

المعاصي بريد الكفر
المعاصي بريد الكفر

أخبارنا

timeمنذ 2 أيام

  • أخبارنا

المعاصي بريد الكفر

من جميل كلام السلف عليهم رحمات الله: "المعاصي بريد الكفر". والحديث هنا عن كل ذنب خلا الشرك، وهم في ذلك لا يقصدون أن ذنبا ما في نفسه كفر، فمن المعلوم عند أهل السنة أن اقترافُ المعاصي بمفرَدِه لا يُخرجُ من دينِ اللهِ، ولا يوقِعُ صاحِبَه في الرِّدَّةِ، يقول الطَّحاوي في عقيدته: "ولا نُكَفِّرُ أحدًا من أهلِ القِبلةِ بذَنبٍ ما لم يَستحِلَّه"، ثم عَقَّب على ذلك بقَولِه: "ولا نقولُ: لا يَضُرُّ مع الإيمانِ ذَنبٌ لِمن عَمِلَه". وذلك لأنَّ أهلَ السُّنَّةِ يَرَون أنَّ فِعلَ المعاصي ـ ولقاء الله بها من غير توبة ـ مُتوَعَّدٌ عليه بالعذاب والعِقاب الأُخروي، وأنَّها تؤثِّرُ على الإيمانِ مِن حيثُ زيادتُه ونُقصانُه، لا من حيثُ بَقاؤُه وذَهابُه. ومن المتفق عليه بين أهل الحق كذلك أن الإصرار "وهو البقاء على المعصيةِ مع العِلمِ بها دونَ استغفارٍ أو توبةٍ" لا يدل على الاستحلال، فكم من عاص تغلبه الشهوة، فيستمر على الذنب مع اعتقاده تحريمه، وكراهة قلبه له.. وقد يكون في قلب صاحبه من محبة الله شيء كثير رغم عصيانه؛ كما روى البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ!! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. والإنسان يعلم هذا من نفسه، فقد يبتلى بذنب يقيم عليه، مع اعتقاده تحريمه، ورجائه التخلص منه، وكثرة دعائه لله أن يغفر له ويعفو عنه. وإنما التحذير من الإصرار كونه قد يقود إلى الاستحلال. وإنما مقصود السلف من قولهم هذا أن المعاصي قد تكون طريقا إلى الكفر، وسببا موصلا إليه، لا أنها في ذاتها كفر، ولهذا قالوا: "المعاصي بريد الكفر، كما أن القبلة بريد الجماع، والنظر بريد العشق، والمرض بريد الموت". فيخشى على صاحبها الواقع فيها المُصِر عليها غيرِ التائبِ منها أن يُختَم له بخاتمة السوء والعياذ بالله. وقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه باب ما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة، لقوله تعالى {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. قال ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري: "مراده أن الإصرار على المعاصي وشعب النفاق من غير توبة، يخشى منها أن يُعاقَب صاحبُها بسلب الإيمان بالكلية، وبالوصول إلى النفاق الخالص، وإلى سوء الخاتمة، نعوذ بالله من ذلك، كما يقال إن المعاصي بريد الكفر". [فتح الباري لابن رجب:1/181]. كيف تؤدى المعاصي للكفر سبب ذلك أن الذنوب يجر بعضها بعضا، ويدعو بعضها إلى بعض، فإن من عقوبة السيئةِ السيئةَ بعدها، كما أن من بركة الحسنة الحسنةَ بعدها. فتكثر عليه الذنوب فتهلكه، وقد حذر النبي أمته من ذلك فقال: (إيَّاكم ومحَقَّراتِ الذُّنوبِ؛ فإنَّهنَّ يجتَمِعْنَ على الرَّجُلِ حتى يُهلِكْنَه)[الطبراني والبيهقي]. فإما أن تهلكه كثرتها، فتغلب سيئاته حسناته فيهلك، وإما أن يتدرج به الشيطان من الصغائر إلى الكبائر، ومن الكبائر إلى أكبرها ومنها إلى الكفر. حتى يصدق فيه قول السلف رضوان الله عليهم فيهلك. ثم إن من عقوبات المعاصي خذلانَ صاحبها، وأن يستزله الشيطان للوقوع في المخالفات، كما في قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}[آل عمران:155]، أي إنما وقعوا فيما وقعوا فيه من المخالفة بسبب ذنوب جرهم إليها الشيطان حتى أوقعهم فيها.. وفيه دليل على أن للمعاصي تأثيرا في خذلان العبد أمام نفسه، وأمام عدوه. والمعاصي قد تؤدي إلى الإعراض عن اتباع الحق والتولي عنه، كما قال الله تبارك وتعالى: {فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ}[المائدة:49]. أي إن تولوا عن اتباع الحق، فاعلم أنه عقوبة لبعض ما اقترفوه من الذنوب والمعاصي.. قال بعض أهل العلم: في الآية دليل على أن المعاصي تجر الإنسان إلى الإعراض عن طاعة الله، لأن النفس إذا تعودت المعصية، والاستكبار عن طاعة الله، أدى ذلك إلى أن ترتكب ما هو أكبر. ثم إن العبد إذا اعتاد المعصية واستمرأ الذنب وأكثر منه ضعف قلبُه شيئا فشيئا، ونقصت معه قوة الإيمان ومحبة الرحمن، فتقل كراهية المعاصي ومنافرة القلب لها.. فينتج عن ذلك الاستهانة بها والتقليل من خطرها، لضعف المحبة وضعف المراقبة وقلة الحياء. وقد يزداد الأمر فيتشرب قلبه ما أصر عليه من المعصية، فينتقل من مجرد الزلل إلى محبة الذنب والإصرار عليه، ثم الاحتيال للوصول إليه، ثم الألم والحزن على فواته، ثم ينمحي من قلبه الحياء منه فينتقل إلى المجاهرة، وربما إلى الدعوة إليه والتسبُّب في وقوع غيره فيه.. فيؤول أمره إلى أن يَنحَلِّ من قلبه ما يجب عليه من اعتقاد تحريمه، فيستحل الذنب من كثرة إلفه وحبه له. ويجري المخالفة مجرى المباحات دون كراهة لها، أو خوف من عاقبتها، فينتقض إيمانه باطنا. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه. الران والطبع أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المعاصي قد تكتنف القلب، وتحيط به حتى تغطيه وتملأه بالران، فقال: (إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتت في قلبِهِ نُكْتةٌ سوداءُ، فإذا هوَ نزعَ واستَغفرَ وتابَ سُقِلَ قلبُهُ، وإن عادَ زيدَ فيها حتَّى تعلوَ قلبَهُ، وَهوَ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللَّه كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[صحيح الترمذي]. أي أن الران يغطي قلبه حتى يطفئ نوره، فتعمى البصيرة، فيرى الحق باطلا والباطل حقا، والحسن قبيحا والقبيح حسنا، وهذا مصداق قوله تعالى: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[المطففين:14].. والآية وإن كانت في حق الكفار، إلا أنه صلى الله عليه وسلم ذكرها تخويفا للمؤمنين وتحذيرا من كثرة الذنوب حتى لا تسود قلوبهم كما اسودت قلوب الكفار. قال ابن تيمية: "فالاستغراقُ في المعاصي أو الإصرارُ عليها قد يجعَلُها تحيطُ بصاحِبِها وتُنبِتُ النِّفاقَ في قَلْبِه؛ حتى يغطِّيَ قَلْبَه الرَّينُ، ويسُدُّ منه كُلَّ منافذِ الخَيرِ دونَما شعورٍ منه حتى يسقُطَ منه إمَّا عَمَلُ القَلبِ، فينتَكِسُ، ويُبَرِّرُ لصاحِبِه كُلَّ ما يفعَلُه من الشَّرِّ حتى يوقِعَه في استحلالِ المعاصي، وإمَّا يَسقُطُ منه قَولُ القَلبِ فيُنكِرُ بعضَ ما جاء به الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لتبريرِ مُقتَضَياتِ الهوى والشَّهوةِ". وليس بعد تغليف القلب بالران إلا انتكاسه والطبع عليه والعياذ بالله. والخلاصة هي أن ركوب المخالفات والمنكرات والاعتياد عليها ربما يؤدي في النهاية إلى الانسلاخ من الدين، وهذا لا يحدث في يوم وليلة، وإنما شيئا فشيئا حتى يخرج المرء من الدين بالكلية، كما روى أبو نعيم في الحلية "عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، أنه قيل له: في يوم واحد تركت بنو إسرائيل دينها؟ قال: لا، ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه، وإذا نهوا عن شيء ركبوه، حتى انسلخوا من دينهم، كما ينسلخ الرجل من قميصه". فالحذر الحذر من الذنوب، والمسارعة المسارعة إلى التوبة والإنابة إلى الله فهي سبيل الفلاح والنجاة { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [ النور :31]. عن اسلام.ويب

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store