logo
أبي المنى: الانتصارَ للسلام والتهدئة أهمٌُ من الانتصار للحرب والتعبئة

أبي المنى: الانتصارَ للسلام والتهدئة أهمٌُ من الانتصار للحرب والتعبئة

LBCIمنذ 2 أيام
دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى الى تثبيت وقف إطلاق النار، ووضع حدٍّ لدعوات النفير العام وللهجمات على القرى الدرزية في محافظة السويداء، مطالباً الدولة السورية بتحمّل مسؤولية تأمين طريق دمشق السويداء وحماية مواطنيها والعمل الحثيث لتبادل الأسرى دون إبطاء، ومعالجة الجرحى والمصابين وتأمين مستلزمات المستشفيات ومقوِّمات الحياة، والاستعداد لبدء حوار جدّي حول عملية الاندماج بالدولة والمشاركة في بناء مؤسساتها. ورأى أنَّ "الانتصارَ للسلام والتهدئة أهمٌ بكثير من الانتصار للحرب والتعبئة" .
وقال أبي المنى في خلال "موقف العزاء والصلاة على أرواح الشهداء الأبرار الذين قضوا دفاعا عن الارض والعرض والكرامة في محافظة السويداء العزيزة الشامخة"، الذي أقامته مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز والمشايخ في خلوات جرنايا - كفرحيم الشوف: "لا ولن نترك أهلنا في السويداء ولن نتخلّى عنهم ولن نتخاذل في نصرتِهم".
وأضاف شيخ العقل: "علينا جميعاً أن نُدركَ أنَّ الانتصار للسلام والتهدئة أهمٌُ من الانتصار للحرب والتعبئة، والتبصُّرَ بالأمور يقضي بأن نصونَ جبلنا وأن نحافظ على أهلِنا بالموقف الواقعي الصلب وبالمعالجة الحكيمة والمواجهة الموحَّدة.
وشدد على أنه "لم نقبل ولن نقبل أن نكون في موقع الذل والهوان، ولا في موقع العداء مع إخوانِنا أهل السنّة، ونحن على صلاتٍ يوميّة معهم على أرفع المستويات، ولكننا نرفض التطرُف والتكفير".
وقال: "لا نبالي بتركيبات وتحريضات الفتنويين على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلام المُغرضة، بل نناشدُ إخوانَنا وأبناءنا الالتزامَ بنهج مشايخِنا وقادة مجتمعِنا المنادين دوماً بحفظ الجار ولو جار، وبصون الكرامات وعدم التعدّي".
وأكد أبي المنى رفضه الاعتداءَ على العمّال السوريين والتشفّي منهم، مشيرا الى أنهم يعيشون بيننا ويعتاشون من عرق جبينهم وتعب أيديهم في مؤسساتنا وقرانا.
كما أشار الى أنه برفضُ الدعوات لقطع الطرقات ولمظاهر الأعلام المتنقلة في غير مكانها وأوانها، داعيا إلى ضبط السجال الإعلامي وعدم نشر ما يُسيء ولا يفيد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التدخل الإسرائيلي في السويداء... رسائل باتجاهات متعددة
التدخل الإسرائيلي في السويداء... رسائل باتجاهات متعددة

الميادين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الميادين

التدخل الإسرائيلي في السويداء... رسائل باتجاهات متعددة

يجمع أكثر المحللين على أن وصول أحمد الشرع إلى السلطة في دمشق لم يكن نتيجة حراك داخلي بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإنما أمكن اعتباره ثمرة توافقات وتقاطع مصالح دولية عبرت عن نفسها من خلال تسهيل تحرك هيئة تحرير الشام بحرية نحو العاصمة دمشق. وما نقصده بمصطلح التسهيل ليس فقط مجرد العمل على تحييد القوات الروسية أو الخبراء الإيرانيين وغيرهم، وإنما العمل على تنظيم واقع الجماعات المسلحة ومساعدتها في السيطرة على المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية حيث كان لتركيا الدور الأهم في توفير البيئة الحاضنة وتسهيل انتقال المسلحين والمعارضين قرب حدودها، من دون أن ننسى الدور الأميركي الذي كان حاسماً منذ نهاية فترة رئاسة أوباما، في تكريس وجود قواعد أميركية على أرض سوريا، والتنسيق مع قوى المعارضة، والعمل على منع احتكاك بعضها ببعض، وكذلك ما قامت به الإدارات الأميركية المتعاقبة في مجال العقوبات وفرض حصار محكم على نظام الرئيس الأسد. في تلك المرحلة، أي قبل سقوط النظام، لم يكن الدور الإسرائيلي العلني أو الواضح محبذاً لدى كل الأطراف الفاعلة في الملف السوري. فمتطلبات تلك المرحلة كانت تفترض تظهير الحراك في سوريا على أنه نتاج ثورة شعبية، تشكل امتداداً لما سمّي بالربيع العربي. وبالتالي، فإن أي دور إسرائيلي، مهما كان حجمه أو شكله، سيؤدي إلى نتائج عكسية لا تساعد في تحقيق هدف إسقاط النظام. في هذا الإطار، إذا كان من الممكن اعتبار هدف إسقاط النظام في سوريا نقطة تتقاطع فيها مصالح القوى الفاعلة، أي تركيا والولايات المتحدة والكيان، من دون أن نحيِد بعض الدول العربية، فإن الثابت هو أن المطلوب من وراء هذا الهدف ليس واحداً. فإذا كانت الولايات المتحدة تستهدف تسديد ضربة لمحور المقاومة وكسر حلقة التواصل الجغرافي التي كانت تؤمنها سوريا بين إيران وقوى المقاومة في العراق من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، فإن الجانب التركي كان يتحرك وفق مخطط خارطة النفوذ التي يسعى إلى توسيعها في الشرق الأوسط، ووفق مسعى إجهاض أي مشروع كردي متماسك مثل سوريا منطلقاً له. أما بالنسبة للكيان الإسرائيلي، فإن الهدف الحقيقي لم يكن مجرد تحييد سوريا وإنهاء قدرتها على التهديد أو دعم حزب الله، بل ظهر أنه يتخطى هذه الأهداف نحو مواجهة التمدد التركي في سوريا، وتحقيق الحلم التاريخي العقائدي بالتمدد نحو الفرات، وتحقيق تواصل بري مع الكرد، بما يساعد في تحقيق حلم الدولة الكردية القادرة على تفتيت المشروع القومي العربي وإضعاف الدورين التركي والإيراني في المنطقة. اليوم 10:17 اليوم 08:35 وعليه، لم ينتظر الكيان الإسرائيلي كثيراً بعد سقوط النظام في سوريا، ولم يُقدر الدور التركي الذي كان حاسماً وأساسياً في تحقيق هذا الهدف، حيث بدأ الكيان في يوم وصول المعارضة نفسه إلى دمشق بتنفيذ حملة جوية مكثفة وممنهجة، استهدفت تدمير كل المقدرات الاستراتيجية للجيش السوري ورسمت خطوطاً حمراً، بالنار والغارات، منعت على الحكم الجديد تخطيها في الجنوب السوري. فقد ظهر أن الرؤية الإسرائيلية لسوريا، بجغرافيتها ومساحتها 185180 كلم مربع، لا تتوافق مع التوجه الإقليمي الساعي للحفاظ على وحدتها. فمن خلال المسار الأميركي الذي تُوج بلقاء دونالد ترامب مع الرئيس السوري أحمد الشرع برعاية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومن ثم رفع العقوبات والعمل على إزالة مفاعيل قيصر، بالتوازي مع الزيارات المتكررة لتوم براك لسوريا، وتشديده على أن أمام قسد طريقاً واحداً هو طريق دمشق، أمكن استنتاج تطابق في الرؤى الإقليمية والدولية التي يمكن تلخيصها بضرورة بقاء سوريا موحدة، مع التشديد على تحديد أطر تحركها وفق مسار يضمن توجهها ودمجها في مشروع الولايات المتحدة للسلام الإبراهيمي. وفق هذا السياق، لم يتردد النظام السوري الحالي في مخاطبة الكيان الإسرائيلي، حيث تحدث رئيسه عن أهداف مشتركة وأعداء مشتركين، والتقى ممثلون عنه مع آخرين إسرائيليين أكثر من مرة، وكان آخر هذه اللقاءات في باكو- آذربيجان، حيث تم الاتفاق على سلسلة من التنسيقات الأمنية بين البلدين. بنتيجة هذا اللقاء الأخير، اعتقد الرئيس السوري أن بإمكانه التحرك في جنوب سوريا، وأن مجرد الانفتاح الإسرائيلي عليه، إضافة إلى كلام براك مع قسد، يمكن تسييل ذلك اعترافاً ضمنياً بإمكان العمل على فرض سلطة النظام على كامل الأراضي السورية، ومنها السويداء. غير أن الواقع الميداني لم يدلل على صحة هذا الاعتقاد، وظهر التحرك الإسرائيلي الداعم للدروز، والذي تخطى في تحركه منطقة السويداء ليستهدف العاصمة دمشق، حيث نفذ أكثر من 200 غارة استهدفت القصر الجمهوري ومبنى قيادة الأركان السورية، إضافة إلى أهداف أخرى، على أنه يدلل على رؤية إسرائيلية مختلفة. يتحدث الإسرائيليون صراحة عن أن الواقع في جنوب سوريا سيبقى خاضعاً لمتطلبات الأمن الإسرائيلي، وأن المشروع الإسرائيلي لا يتوقف على حسن جوار مع الدولة السورية، وإنما يفترض العمل على حماية الدروز والكرد. وإذا قاربنا الرؤية الإسرائيلية من منظور عقائدي، فإن ادعاء العمل على حماية الكرد والدروز لا يخدم إلا تلك الرؤية الإيديولوجية لـ"إسرائيل" الكبرى والتي يمكن اختصارها في سوريا بممر داوود. في هذا الإطار، تجب الإشارة إلى أن الواقع الإنساني الذي يحرص الكيان الإسرائيلي على التحرك وفقه في سوريا، لا يتناسب مع الإطار النظري المحرك للكيان الإسرائيلي في حروبه وحركته. فالحريص على أمن الأقليات وواقعهم الإنساني في السويداء، يقدم لنا في غزة نموذجاً لجريمة إبادة بشرية عبر التجويع والإعدام الجماعي وعدم التفريق بين مقاتل ومدني، أو بين مقاتل ورضيع. وبالتالي يمكن اعتبار التدخل العسكري الإسرائيلي في السويداء مدخلاً لتوجيه رسائل متعددة، يستهدف الكيان من خلالها الإعلان عن خارطة نفوذ جيواستراتيجية لن يتنازل عنها. بالطبع، لا يمكن اعتبار الولايات المتحدة عائقاً أمام تنفيذ الكيان لهذا المخطط. فإذا كان دونالد ترامب قد تماشى مع التوجه الإقليمي العربي والتركي بضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وتثبيت الحكم الحالي في سوريا، فإن ذلك لا يعني معارضته لخطط التوسع الإسرائيلي في سوريا، خصوصاً وأنه اعترف سابقاً بالسيادة الإسرائيلية على الجولان والقدس، وأبدى استعداده للاعتراف بها على الضفة الغربية. و عليه يمكن القول إن الرسائل التي يريد الكيان توجيهها من خلال تحركه في سوريا تستهدف بالدرجة الأولى تركيا، من خلال منع تحقق متطلبات المشروع التركي، الذي يفترض أن حل القضية الدرزية وفرض سيادة الشرع عليها سيمهدان الطريق لحل قضية الكرد في شرق الفرات، وتستهدف ثانياً حكم الرئيس الشرع من خلال عدم الاعتراف بأي حصانة له، وإفهامه أن التواصل معه لا يعني إعطاءه الحق بالتصرف في الجنوب السوري بحرية، أو الاعتراف بسيادته على كامل التراب السوري، وتستهدف ثالثاً الدول العربية، من خلال التأكيد أن الانخراط في اتفاقات أبراهام والتطبيع مع الكيان لن يكونا على أساس قواعد المنفعة المتبادلة والتوازن في الحقوق والواجبات، وإنما وفق مفهوم الحاجة والمتطلبات الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية فقط لا غير.

من أحداث الساحل إلى السويداء.. عندما تحدث الأشياء نفسها!
من أحداث الساحل إلى السويداء.. عندما تحدث الأشياء نفسها!

الميادين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الميادين

من أحداث الساحل إلى السويداء.. عندما تحدث الأشياء نفسها!

في أحداث الساحل، وجرمانا، وأشرفية صحنايا، والسويداء مؤخراً، وما رافقها من مجازر وانتهاكات واسعة بحق المدنيين في تلك المناطق، طفت على السطح جملة من القضايا التي لا يمكن للسلطة الحالية أن تدير ظهرها لها وتتركها من دون معالجة، وإلا فإن البلاد ستكون ذاهبة نحو فتنة واسعة لا تذر ولا تبقي من الوطن السوري سوى أقاليم تتنازع في ما بينها، وقوميات وطوائف تتحين الفرصة للانقضاض على بعضها بعضاً. أولى هذه القضايا ما يتعلق بطريقة إدارة الأزمات الداخلية التي كانت خلال الأشهر الماضية بمنزلة وبال على البلاد والعباد من ناحية، وعلى صورة الإدارة الحالية لدى المجتمع الدولي من ناحية أخرى. فما كان يتهم به النظام السابق لجهة التعنت بالرأي، ورفض الاعتراف بالأخطاء والتراجع عنها، واستخدام القوة لفرض سيطرته وإدارته، لم تخرج عن ممارسته السلطة الحالية. وهذا بشهادة معظم الشخصيات السياسية والفكرية والمدنية الوطنية التي لها باع طويل في معارضة النظام السابق والمناداة بدولة المواطنة والعدالة والمشاركة. وقد قرأنا جميعاً خلال الفترة الماضية العديد من الآراء في هذا المجال على خلفية أحداث السويداء. هنا، تطرح عدة تساؤلات في محاولة لتفسير ما يحدث والإصرار على السير بالنهج نفسه الذي أدى إلى سقوط النظام السابق. من هذه التساؤلات ما يلي: هل هذا نتيجة وجود تيار متشدد داخل الإدارة الانتقالية يرفض توسيع دائرة المشاركة في صنع القرار واعتماد الحلول السياسية والحوار في مقاربة الأزمات والتحديات الداخلية أم أن حالة الإقصاء التي تطبق في المؤسسات الحكومية هي جزء من فكر عام يطبق على مستوى إدارة البلاد في جميع ملفاتها انطلاقاً من الشعار الشهير "من يحرر يقرر"؟ وماذا عن موقف الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وما قاله مراراً عن الانتقال من عقلية الثورة إلى عقلية بناء الدولة ومشاركة الجميع في بناء البلاد وإعادة إعمارها؟ ثاني القضايا هو في الحالة الانضباطية للقوات التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، والتي أثبتت الأحداث في المناطق المذكورة سابقاً تورط الكثير من عناصرها في انتهاكات وأعمال قتل ونهب وتخريب رغم تأكيدات المسؤولين في الأوامر الموجهة إلى العناصر على ضرورة احترام المواطنين وصيانة ممتلكاتهم وتجنيبهم أي تداعيات محتملة، فما السبب في فشل تنفيذ تلك الأوامر؟ وكيف تلتزم هذه العناصر فوراً بأوامر الانسحاب من المناطق ووقف إطلاق النار ولا تلتزم بمنع التعدي على أرواح المواطنين وممتلكاتهم؟ نحن هنا أمام ثلاثة احتمالات لتفسير استمرار تلك المخالفات، إذ لا يعقل أن تتكرر مرة أولى وثانية وثالثة رغم إدراك خطورتها الشديدة على صورة الإدارة الجديدة خارجياً، وتأثيراتها أيضاً في الحالة الاجتماعية الوطنية في البلاد وثقة المواطن بهذه الإدارة ومؤسساتها. هذه الاحتمالات هي: -تركيبة هذه القوات الفصائلية التي لم تخرج بعد من عقلية أنه لا قانون يحكم عملها، وأنها فوق المحاسبة والمساءلة، وأن الولاء يبقى للطائفة والعشيرة. اليوم 08:35 21 تموز 08:50 ومع إضافة قضية المقاتلين الأجانب ووجودهم داخل قوات وزارة الدفاع، تتعمق مشكلة عدم الثقة بأداء هذه القوات والتزامها بالقانون في ممارسة عملها وتنفيذ مهامها في حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم. - ضعف سيطرة وزارتي الداخلية والدفاع على الفصائل والقوات التابعة لهما، وعدم قدرتهما بالتالي على محاسبة هذه الفصائل وإخضاعها للقانون، بدليل أن العناصر المتهمين بارتكاب فظائع وجرائم في الساحل السوري كانوا في عداد القوات التي هاجمت السويداء، وظهروا في فيديوهات تحريضية يهددون المكونات السورية. - ضعف عمليات التأهيل للعناصر الجدد المنتسبين إلى وزارتي الداخلية والدفاع، وغالبيتهم من صغار السن، إذ إن المعلومات تتحدث عن أن الدورات التأهيلية لا تتعدى بضعة أسابيع، والأهم أنها تتضمن بعداً دينياً فيما يسمى بـ"دورة شرعية"، كما قيل، فيما الأهم هو أن يتم توجيه هذا التأهيل لصون السلم الأهلي واحترام جميع المكونات الوطنية وطقوسهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم. ثالث القضايا يتعلق بالمجموعات المسلحة غير النظامية القائمة على البعد الطائفي أو المناطقي أو العشائري، والتي تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية المجازر والجرائم المرتكبة في الساحل وأشرفية صحنايا والسويداء، بل كانت السبب في إطلاق شرارة الأحداث في جميع المناطق. ومع ذلك، فإن الإدارة الجديدة لم تتحرك لسحب سلاح هذه المجموعات ووضع حد لممارساتها، إذ لا يمكن الإقرار بوجود دولة حقيقية في وقت يمكن لأي رجل دين أو زعيم قبيلة أن يدعو إلى "الجهاد" و"الفزعة" ضد شرائح معينة من السوريين، أياً كان السبب والدافع والمبرر. للأسف، فإن الفترة الماضية أثبتت أن الإدارة الجديدة تتحاشى المسّ بسلاح هذه المجموعات وتهديدها للسلم الأهلي انطلاقاً من قناعتها بأن هذا السلاح بمنزلة الداعم والمساند أو ورقة تستخدم في مواجهة أي مشروع يحاول إسقاط المشروع الجديد، لا بل إن هذه المجموعات لا تزال خارج المحاسبة والمساءلة رغم ما ارتكبته من جرائم ومجازر مروعة. مثلاً، تتم المطالبة بنزع سلاح فصائل السويداء التابعة للطائفة الدرزية، ولا يتم أي ذكر لسلاح عشائر البدو، إنما يسمح لـ "فزعات" العشائر بأن تصل من إدلب ودير الزور وريف دمشق درعا إلى أطراف مدينة السويداء من دون أي حساب لما يمكن أن يسفر عنه ذلك من سفك مزيد من أرواح الأبرياء. رابع القضايا يتمثل بطريقة تصرف السلطة بعد وقوع الأحداث ومقاربتها لما أسفرت عنه من نتائج. وهنا، لا نتحدث فقط عن التحقيق الموضوعي والنزيه في الانتهاكات والجرائم وتقديم مرتكبيها لمحاكمات عادلة، إذ يفترض أن هذا أمر بديهي، وإن لم يحدث إلى الآن، ويبدو أنه لن يحدث بشكل مؤسساتي تحكمه الشفافية والموضوعية. لكن النقطة المراد إثارتها تتعلق بالإجراءات والقرارات المتخذة لفتح صفحة جديدة مع سكان تلك المناطق واستعادة ثقتهم تدريجياً بالسلطة الوليدة. ومن يتابع الأشهر الماضية، وتحديداً منذ مجازر الساحل في بداية شهر آذار الماضي مروراً بأحداث جرمانا وصحنايا، يلاحظ عدم تغير شيء، كأن كل هذه الأرواح التي أزهقت والفضائح التي انتشرت والاحتقان الهائل لا يستحق بعض الإجراءات. مثلاً، ما الذي يمنع من مشاركة أبناء الساحل في حماية مناطقهم عبر انتسابهم إلى الأمن العام؟ ولماذا الإصرار على أن تكون إدارة جميع المفاصل الإدارية والخدمية في يد المحسوبين على هيئة تحرير الشام أو من طائفة محددة؟ هذه القضايا وغيرها يفترض أن تكون من أولويات النقاش والحوار على طاولة الإدارة الحالية بحثاً عن واقع أفضل للبلاد، وللحيلولة من دون وقوعها في فخ التقسيم المجتمعي، وهو الأخطر من التقسيم الجغرافي، إذ ما يحافظ على تماسك الدول وترابطها الجغرافي ليس القوة العسكرية، إنما ثقة مواطنيها بمؤسسات دولتهم واحترام حقوقهم بمختلف أشكالها وأنواعها، وتغليب سلطة القانون على ما سواها من سلطات قومية وطائفية ومذهبية، وهناك أمثلة كثيرة حدثت خلال العقود الماضية تقسمت فيها دول، وضعفت أخرى، وغابت ثالثة نتيجة أزمات داخلية كبرت وتوسعت إلى أن انفجرت.

بارّاك يسابق "الزمن السوري" لإنجاز مهمة "نزع السلاح"
بارّاك يسابق "الزمن السوري" لإنجاز مهمة "نزع السلاح"

الميادين

timeمنذ ساعة واحدة

  • الميادين

بارّاك يسابق "الزمن السوري" لإنجاز مهمة "نزع السلاح"

تبدو واشنطن في عجلة من أمرها لانتزاع سلاح حزب الله، وفقاً لجداول زمنية ضيقة للغاية، لكأنها في سباق مع "الزمن السوري" الذي تثير تطوراته تحولات في نظرة الرأي العام اللبناني للسلاح ووظيفته... ذلك أن مشاعر الخوف والقلق على مستقبل المكونات اللبنانية أخذ يتفاقم منذ أحداث الساحل، وخصوصاً بعد ما جرى، ويجري، في السويداء وأطرافها. الذين ناهضوا "السلاح" باعتباره تمرداً على "الدولة الوطنية"، شيعاً وقبائل... بعضهم يريد نزعه بأي ثمن، بل وربما يفضّل عليه "الميركافا" و"الأف 35" الإسرائيليتين، جُلّهم سبقوا حكمت الهجري بسنين طويلة في البحث عن الحماية والملاذ الإسرائيليين... هؤلاء لا شفاء لهم من أمراضهم المستعصية، هم ثابتون على مواقفهم، حتى وهم يتابعون على الهواء صور الدمار الذي لحق بكنيسة العائلة المقدسة في غزة، وكنيسة مار إلياس في دمشق... لديهم دائماً ما يمنون به النفس سوى رهاناتهم الخائبة. لكن ليس كل من يدعو لحصرية السلاح بيد الدولة ينتمي إلى هذه المدرسة... ثمة فريق من اللبنانيين، اتسع مؤخراً في ضوء نتائج حربي "الإسناد" و"أولي البأس"، ينطلق في مقاربته من الحاجة لمنح لبنان متنفساً وفسحة من الوقت للتعافي وإعادة البناء، وسط قناعة متزايدة بأن هذا السلاح لم يعد قادراً على القيام بوظائفه الثلاث في مواجهة "إسرائيل": الحماية، الردع، والتحرير... هؤلاء، وبصرف النظر عن مدى صحة مقارباتهم من عدمها، يستحقون الانتباه، وجديرون بالحوار وصولاً إلى بناء تفاهمات وطنية أعمق وأعرض. على أن تطورات المشهد السوري، في فصلها الأخير، قرعت أكثر من "ناقوس خطر" في أوساط أكثر من مكوّن لبناني، ليس الدروز وحدهم، بل المسيحيون والعلويون والشيعة، و"سنّة" الحواضر وأنصار البيوتات التي تعاقبت على قيادة وتمثيل "السنّية السياسية"، وبدأنا نرى مقاربات أقل حدّة في نظرة هذا الفريق إلى مسألة "السلاح"، تسللت حتى إلى أوساط "المارونية السياسية"، بدءاً بحزب الكتائب أو بعض رموزه على أقل تقدير. وكان من تداعيات الحدث السوري، منذ الثامن من ديسمبر، أن تنامى دور "السنيّة الدينية"، ذات الطابع السلفي (وليس الجهادي فقط)، لا في لبنان وحدها، إنما في عموم المشرق العربي. وكان لدخول العشائر العربية على خط أزمة السويداء، أن أنذر بصعود لاعب جديد لم يكن يُحسب له قدر كافٍ من الحساب من قبل، ولا سيما أن البيئة القبلية والعشائرية هي الأقرب إلى السلفية، وغالباً ما كانت حاضنة لها، باعتبار السلفية في مدارسها الأوسع انتشاراً أقرب إلى "فقه البداوة". وليس مصادفة أبداً أن خرائط انتشار السلفية الجهادية تكاد تتماهى مع خرائط انتشار القبائل والعشائر في معظم المناطق الساخنة وعلى امتداد خطوط التماس بين هؤلاء وخصومهم من دول وحركات. وليس خافياً على أحد أن لبنان هو الأكثر "هشاشة" من بين دول المشرق، حين يتصل الأمر بتلقي تداعيات وتأثيرات الحدث السوري لاعتبارات التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، وبالنظر إلى هشاشة الدولة ومؤسساتها، وغلبة الهويات الفرعية على الهوية الوطنية الجامعة... الأمر الذي يفسر تفشي القلق ويبرره، ويعيد ترتيب سلم الأولويات لدى مختلف الأطراف، وسيفضي لا محالة، إلى إعادة نظر في خرائط التحالفات والاصطفافات، ولعل من السابق لأوانه التكهن كيف ستجري هذه العملية أو كيف ستتطور. اليوم 10:17 21 تموز 09:07 واشنطن معنية باحتواء الوضع في السويداء على شكل تسويات وتهدئات تمكنها من إدارة الأزمة من منظور أوسع يقيم قدراً من التوازن بين المصالح المتضاربة لحلفائها في الإقليم، ولا سيما في سوريا وحولها، بخلاف "إسرائيل"، التي لم يعد لديها ما تعرضه على الأطراف، سوى الخضوع والخنوع لمنطق القوة الباغية، والاستسلام لدورها المهيمن في الإقليم، ما يثير قدراً من التباين بين الحليفتين الاستراتيجيتين، لا على الأهداف والمآلات الكبرى لاستراتيجيتهما المشتركة، بل حول "المعدلات" و"السرعة" التي سيجري بها إنفاذ مرامي هذه الاستراتيجية وأهدافها الكبرى. وتجد المقاربة الأميركية لسوريا دعماً من قبل حلفاء عرب وأتراك وازنين، كما أنها تحظى بترحيب وقبول من قبل الإدارة السورية الجديدة، وذلكم أمر مستهجن تماماً، ولا سيما أن الولايات المتحدة في عهد ترامب لم تكف عن قول الشيء ونقيضه، فحديث توم بارّاك عن وحدة سوريا لا يجافي تصريحات واشنطن الداعية لـ"فيدرالية الطوائف والأقوام"، وواشنطن التي تكتفي بـ"التسريبات" للتعبير عن انزعاجها من أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي (الطفل سيئ السلوك)، لا تبذل جهداً على الإطلاق لكبح جماحه، ولا تمارس أي ضغوط جدية لمنعه من المضي في سلوكيات العربدة والاستباحة، وتوفر المظلة والحماية له، حين ينبري المجتمع الدولي لإدانة السلوك الإسرائيلي والتنديد به. الخلاصة الأهم، أن سوريا، وحتى إشعار آخر، ليست مرشحة للاستقرار، ولا مصلحة "لإسرائيل" في تعافي سوريا، أو عودة الدولة الوطنية السورية إلى الحياة من جديد... معنى ذلك أن واشنطن، وإن اختلفت مع "تل أبيب" حول "فقه الأولويات"، لن تبادر إلى ممارسة ما يكفي من الضغوط عليها أو تحميلها وزر أفعالها كما يشتهي ويراهن عربٌ كثيرون. والأخطر أن دمشق، في عهدها الجديد، تظهر مرة أخرى أنها لا تتوفر على الأدوات الناعمة لضمان إدارة رشيدة للمرحلة الانتقالية وفتح نظامها السياسي الجديد لمشاركة مختلف الكيانات والمكونات، وأن السلطة الجديدة في دمشق تبدو منقسمة على ذاتها، فإن هي ذهبت بعيداً في مشوار التكيف مع مقتضيات المرحلة، واجهت مقاومة من داخلها، وإن هي استأخرت الحلول والمعالجات، ستواجه تحديات و"مقاومة" من خارجها، ناهيك بالطبع بضعف الكفاءة وقلة الاحتراف اللذين يطبعان أداءها. أما كيف سينعكس ذلك على لبنان؟ فمن الواضح تماماً أن الانقسام الدرزي السوري الداخلي قد انتقل إلى دروز لبنان، وإن بدرجة أقل من الحدة، وأن يقظة العشائر السورية ستترك بصمات ثقيلة على توازنات القوى داخل الطائفة السنيّة، وأن اندلاع الفوضى على الحدود الشرقية والشمالية قد يصيب لبنان في عمقه، وليس على أطرافه فقط، والخطر هنا سيحدق بمختلف الطوائف والكيانات والمكونات. لهذا السبب، يسابق توم باراك الزمن لانتزع قرار لبنان بنزع سلاح الحزب، مستفيداً من "التهدئة" على جبهة السويداء، لأن مهمته في إقناع اللبنانيين والضغط عليهم لفعل ما يريد، أو بالأحرى، ما يريد الإسرائيلي، ستكون أصعب بكثير، إذا ما تغلب سيناريو الفوضى الذي تحركه "إسرائيل" وتغذيه، وسيجد بعضاً من محاوريه اللبنانيين، المتحمسين لنزع السلاح، وقد باتوا أقل حماسةً. "إسرائيل" بالطبع تتابع المشهد من كثب، ولديها حساب ثقيل مع حزب الله وسلاحه تبدو مصممة على إغلاقه، والأرجح أنها لن تفوّت فرصة البناء على "المكاسب" التي حققتها في حربها الأخيرة على لبنان وتعميقها... ستدخل عسكرياً على الخط، لا بالضربات الجوية المؤلمة والمدمرة فحسب، بل ربما، بتسجيل اختراقات على جبهة البقاع ضد معاقل حزب الله، لعلّها بذلك تكسر قدرته على ردع خصوم متربصين خلف الحدود الشرقية، فتشجعهم على تكرار سيناريو "الهجري" وميليشياته التي وفرت لها الحماية والغطاء، وتلحق لبنان بسيناريو الفوضى السورية. ولا أحسب أن واشنطن ستكون قلقة من تطور كهذا، حتى وإن وجدت نفسها في موقف المعارض والمتحفظ على السلوك الإسرائيلي... فإدارة ترامب ستدعم سيناريو كهذا، إن كان بديله بقاء حزب الله واحتفاظه بسلاحه... وهي ستدعم توغلاً وتغولاً سوريين على لبنان، الذي هدد توم باراك بضمه إلى "بلاد الشام"، وستُحمّل الطبقة السياسية اللبنانية المسؤولية عن التدهور والانهيار، بذريعة أنها أظهرت مراوحة وتردداً في الاستجابة لمطلب حصرية السلاح، حتى وهي تمتنع عن تقديم أي ضمانات من أي نوع بأن هذه الحصرية ستتلازم وتتزامن مع انسحاب "إسرائيل" من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإعادة الأسرى والمخطوفين، ووقف التعديات والانتهاكات اليومية المتكررة للأجواء والأراضي اللبنانية. مسألة نزع السلاح، المعقّدة أصلاً، باتت أكثر تعقيداً في ضوء تداعيات الأزمة السورية المفتوحة على شتى الاحتمالات، وتداخل مواقف ومصالح لاعبين كثر، وفي مقدمتها الطرف الإسرائيلي، الأكثر تأثيراً وتوحشاً، وفي ظل توجه أميركي متماهٍ مع المصالح والأهداف الأبعد لحكومة اليمين الفاشي في "تل أبيب".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store