
الفلاحي: إيران تنتقل للمعيار النوعي في الصواريخ وإسرائيل لا تسيطر على الأجواء
أكد الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– حول السيطرة الإسرائيلية على الأجواء الإيرانية ليست صحيحة، ولا تحكي القصة كاملة.
وشدد الخبير العسكري على أن منظومات الدفاع الجوي الإيرانية ما زالت قادرة على التصدي للطائرات الإسرائيلية، وهو ما يحدث مع كل هجوم إسرائيلي جوي على إيران.
بالمقابل، أقر الفلاحي بعدم قدرة القوة الجوية الإيرانية على الطيران في الأجواء، وذلك كون هذه القوة قديمة ومتهالكة وليست حديثة بسبب العقوبات المفروضة على إيران منذ سنوات، و"بالتالي ليس لديها إمكانية مجابهة الطائرات الإسرائيلية".
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن بوقت سابق اليوم بأن السماء الإسرائيلية مفتوحة أمام الصواريخ الإيرانية، وهو ما اعتبره الفلاحي بأنه دليل على أن المعركة هي معركة جوية بامتياز، وتتميز بسيطرة متبادلة.
أزمة صواريخ
وفيما يتعلق بقدرات الدفاع الجوي الإسرائيلي، لفت الخبير العسكري إلى وجود تحديات خطيرة تواجه منظومة "آرو" الإسرائيلية، موضحا أن هذه المنظومة تستخدم لمواجهة الصواريخ بعيدة المدى التي يبدأ مداها من 2400 كيلومتر فما فوق.
ولفت الفلاحي إلى أن عدد هذه الصواريخ أصبح قليلا، مرجعا ذلك إلى استخدامها بشكل كبير منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جبهات متعددة.
وأكد أن عدم وجود هذه الصواريخ يحد من قدرة إسرائيل في منظومات الدفاع الجوي على التصدي للصواريخ الإيرانية، وفشلها في حماية المواقع الإستراتيجية داخل إسرائيل، باعتبار أنها ستكون تحت رحمة الصواريخ الإيرانية.
وحول الصواريخ الإيرانية المستخدمة، سلط الفلاحي الضوء على صاروخ "سجيل" باعتباره صاروخا باليستيا بعيد المدى يتراوح مداه من 2000 إلى 2500 كيلومتر، ويحمل رأسا حربيا يقارب 500 كيلوغرام.
إعلان
وأشار إلى أن هذا الصاروخ فرط صوتي لأنه سرعته كبيرة جدا تصل إلى 14 ماخا، وأنه يستخدم في ضرب أهداف دقيقة ويعتبر صاروخا متطورا ضمن الترسانة الإيرانية.
ورغم تراجع عدد الصواريخ التي تطلقها طهران خلال الأيام الماضية، قال الفلاحي إن تخفيض عدد الصواريخ المطلقة قابله أداء أفضل للهجمات الصاروخية الإيرانية، كما أصبحت قدرة الوصول كبيرة عن الفترة السابقة.
وفي تطور هام، أعلنت الولايات المتحدة عن وصول قاذفات شبح من طراز بي-2 سبيريت إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي.
وتعتبر قاذفة إستراتيجية من أسلحة الردع الأميركية وتستخدم في الضربات النووية والحروب التقليدية، وتستطيع الطيران لمسافات بعيدة تصل إلى 14080 كيلومترا.
وتبلغ المسافة بين القاعدة وطهران حوالي 5300 كيلومتر، غير أن الفلاحي أكد أن هذه الطائرات لا يمكنها ضرب المنشآت النووية الإيرانية خاصة في فوردو، لأنها لا تستطيع حمل القنابل المخصصة لخرق التحصينات.
تجدر الإشارة إلى أن القذائف القادرة على اختراق منشأة فوردو لا توجد إلا لدى الولايات المتحدة الأميركية، حيث تفيد التقارير بأن فوردو توجد على عمق 500 إلى 800 متر.
وحذر الخبير العسكري من أن الأوضاع في المنطقة تسير بشكل عام نحو التصعيد، لافتا إلى أن مؤشر الاشتباك كان بالأمس 80% والآن تصاعد إلى 85%، لافتا إلى قيام الولايات المتحدة بتحريك حاملة الطائرات، كما أن الأسطول الخامس الموجود في البحرين قام بنشر بعض السفن الحربية، "مما يعني تهيؤ القوات الأميركية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
سيناتور أميركي: أي اتفاق مع إيران يتطلب اعترافها أولا بإسرائيل
قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه لا مجال للأوهام بشأن النظام الإيراني، ولا فرصة لاتفاق دبلوماسي معه دون الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، والآن هو الوقت المناسب لتعميق التحالف الأمني مع تل أبيب. وأكد السيناتور -في مقابلة مع صحيفة يسرائيل هيوم- بعيد انتهاء العملية العسكرية الأميركية الإسرائيلية المشتركة ضد المنشآت النووية الإيرانية، وإعلان وقف إطلاق النار ، أن "مفتاح أي نقاش مع إيران هو المطالبة الحازمة بتغيير سلوكها"، وأوضح أن أي جهد للتفاوض معها "ينبغي أن ينطلق من شرط اعتراف النظام الإيراني علنا بحق إسرائيل في الوجود". وأوضح غراهام أنه لا مبرر للتساهل مع طهران، وأكد أنها لا تريد أن تتخلى عن طموحها النووي، مشيرا إلى أن رئيس البرنامج النووي الإيراني صرح بأنهم سيعودون إلى بناء برنامجهم النووي، وأشاد بالعمل العسكري الذي قامت به إسرائيل والولايات المتحدة، وأصر على ضرورة حرمان إيران من القدرة على تخصيب اليورانيوم، حتى للأغراض المدنية. ومع أن غراهام يؤيد السعي إلى حل دبلوماسي -حسب قوله- فإنه يشترط لذلك 3 أمور، أن تكون إيران دولة غير نووية، ولا تدعم الإرهاب، وتعترف بحق إسرائيل في الوجود، وإلا فإن أي اتفاق سيكون مجرد وهم. نأخذ أخبارنا من الكتاب المقدس ودعا السيناتور الأميركي على عدم ترك إسرائيل وحيدة، وقال "أول ما علينا فعله هو مساعدة إسرائيل على صعيد الأسلحة. إذا ترددنا في دعمنا لإسرائيل، أعتقد أنه سيكون من الصعب جدا إقناع العالم العربي بالدخول في شراكة مع الولايات المتحدة". وفيما يتعلق بمذكرتي اعتقال المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت ، قال غراهام "هذه المنظمة المسماة المحكمة الجنائية الدولية تسخر من نظام روما الأساسي ، وتشكل تهديدا وجوديا لسلامة إسرائيل". وقال إن "توجيهها الاتهامات واعتقال وسجن قادة إسرائيل التي ليست عضوا فيها، لمجرد دفاعهم عن أنفسهم، يعرض وجود إسرائيل للخطر. سأواصل الضغط من أجل فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على هذا السلوك المشين". بواسطة ليندسي غراهام وأعرب غراهام عن قلقه العميق مما سماه نزع الشرعية الممنهج عن إسرائيل على وسائل التواصل الاجتماعي، وقال للصحيفة الإسرائيلية "إذا كنت شابا وتحصل على الأخبار عبر تيك توك ، فسترى إسرائيل الطرف الشرير". وأضاف غراهام "أنا أعيش في منطقة الحزام الإنجيلي في الولايات المتحدة، ونحن نرى إسرائيل الطرف الصالح لأننا نحصل على الأخبار عنها من الكتاب المقدس. عندما يهتف الناس في الجامعات "من النهر إلى البحر"، فإنهم يدعون إلى تدمير دولة إسرائيل. كثيرا ما أقول إن هؤلاء الليبراليين في الجامعات إما معادون للسامية أو أغبياء للغاية". وأبدى غراهام تفاؤلا حذرا بمستقبل المنطقة، مؤكدا أن الضربة على المنشآت النووية الإيرانية عززت مكانة إسرائيل بين الدول العربية، وقال "أعتقد أن السعودية ودولا عربية أخرى مستعدة لتغيير المنطقة والسير نحو النور بعيدا عن الظلام. أعتقد أن لبنان وسوريا قد يكونان في طريقنا. إن تضاؤل حزب الله وتدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتحرير سوريا من التحالف الروسي الإيراني، كل ذلك يخلق إمكانية حقيقية لنشوء منطقة جديدة".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ما الذي دفع إسرائيل لوقف الحرب دون حسم؟
أعلن بنيامين نتنياهو مع بداية العدوان الإسرائيلي على إيران، وهو ممتلئ بالانتشاء في الساعات الأولى من المعركة، أن إسرائيل عازمة على تحقيق جملة من الأهداف الكبرى في إيران، وهي: القضاء على المشروع النووي الإيراني، وتقويض منظومة الصواريخ الباليستية، وإعادة رسم الشرق الأوسط، ارتباطًا بتغيير النظام الإيراني كأحد تداعيات الحرب. توقّف القتال بعد 12 يومًا، بضغط من الرئيس ترامب على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، ومن ثم قبول إيران بوساطة قطرية، بعد أن شنّت القاذفات الإستراتيجية الأميركية، هجومًا بقنابل خارقة للتحصينات على منشآت: فوردو، ونطنز، وأصفهان، وبعد أن ردّت إيران على تلك الضربة بهجوم صاروخي محدود ورمزي على قاعدتي عين الأسد في العراق والعديد في قطر، اللتَين تتواجد فيهما قوات أميركية. هذه النهاية السريعة فتحت باب التساؤلات بشأن ما أنجزته إسرائيل، في حربها المباغتة ضد إيران؛ فالمشروع النووي الإيراني، بعد قصفه بالقاذفات بي2 الأميركية، من المبكّر الحسم بمستوى الضرر الذي أصابه. وقد كان لافتًا ما سرّبته محطة CNN الأميركية عن تقرير سري لجهاز الاستخبارات العسكرية الأميركية؛ بأن الضربة للمشروع النووي قد يكون تأثيرها محدودًا، وأن إيران يمكن أن ترمّم ما تم تدميره خلال أشهر، ما أغضب الرئيس ترامب الذي شنّ حملة شعواء ضد الـ CNN، وبعض وسائل الإعلام الأميركية التي تبنّت الرواية المشكّكة. إضافة إلى ذلك، قول المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ إنه من المبكّر جدًا استخلاص ما حصل للمشروع النووي. ما يجعل تقييم أحد أهم أهداف بنيامين نتنياهو من الحرب محل شك انتظارًا لتقييمات الأجهزة المعنية. أما الصواريخ الإيرانية الباليستية، فقد كان المشهد مثيرًا لدقّتها وقدرتها الكبيرة على التدمير حتى الساعات الأخيرة من المعركة، ويبدو أن طهران لم تستخدم كافة الأنواع التي لديها، في وقت بدأت فيه المنظومة الدفاعية لدى الاحتلال الإسرائيلي تتراجع كفاءتها، لا سيّما مقابل صواريخ إيران الفرط صوتية، إضافة إلى تراجع مخزونها من المقذوفات المضادة للصواريخ من نوع حيتس/آرو، حيث تبلغ كلفة المقذوف الواحد من 2-3 ملايين دولار حسب نوعه. الفشل الأبرز لدى الاحتلال الإسرائيلي، هو عدم قدرته على خلخلة النظام الإيراني ناهيك عن إسقاطه، فقد جاءت اغتيالات القادة الإيرانيين والضربة المباغتة، بآثار عكسية، حيث تضامن الشعب الإيراني مع النظام في مواجهة العدوان، رغم شراسة القصف الإسرائيلي، واستخدامه جيشًا من العملاء المسلّحين بأحدث التقنيات والمسيّرات التجسّسية والهجومية، التي تم استخدامها داخل طهران والمدن الإيرانية. ما لم تحسبه إسرائيل من الصعوبة بمكان أن توقف إسرائيل حربها التي بدأتها دون تحقيق أهدافها أو أقلّه ضمان تدمير المشروع النووي الإيراني، الذي يعدّ تهديدًا إستراتيجيًا وجوديًا في العقل الإسرائيلي. إذا كان الشك ما زال يلف مصير المنشآت النووية، لجهة مستوى الأضرار التي لحقت بها، وعدم اليقين بشأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب، فهذا يعني أن هناك أسبابًا ومتغيّرات نشأت أثناء المعركة دفعت إسرائيل إلى قبول وقف الحرب، ومنها: أولًا: سرعة استيعاب النظام الإيراني للضربة الأولى وتماسكه، وأخذه زمام المبادرة بضرب تل ابيب وكافة المدن الإسرائيلية بموجات صاروخية مدمّرة، في الـ24 ساعة الأولى، واستهدافه بالصواريخ الدقيقة منشآت عسكرية وأمنية وصناعية حسّاسة، وإبداء إيران قدرة على التكيّف والاستعداد لحرب استنزاف طويلة، لا يحْتملها الاحتلال. ثانيًا: حجم الأضرار في إسرائيل، وخلال أيّام، كان كبيرًا وغير متوقّع، في المنشآت العسكرية والصناعية والحيوية، إضافة إلى شلل الحياة الاقتصادية والتعليم وحرية الملاحة الجوية، حيث تحوّلت إسرائيل برمّتها إلى طوارئ على مدار الساعة ليلًا ونهارًا. استمرار دفع هذا الثمن تصاعديًا، يمكن أن يؤدي لاحقًا إلى تآكل التأييد الشعبي الإسرائيلي للحرب، ما سيضع حكومة نتنياهو أمام مأزق كبير داخليًا، فقد بلغ حجم الأضرار الأولية في إسرائيل، نتيجة القصف الصاروخي، نحو 5.3 مليارات دولار، حسب صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، فيما نقل موقع بلومبيرغ الأميركي عن بيانات لوزارة المالية الإسرائيلية، أن الخسائر الأولية تقدّر بـ 3 مليارات دولار. ثالثًا: رغبة الرئيس ترامب بوقف الحرب بعد أن قام بضرب المنشآت النووية الأبرز في إيران، وأنقذ نتنياهو من ورطته؛ لأن إسرائيل لا تملك الإمكانات العسكرية لاستهداف منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال الصخرية بعمق يتراوح بين 80 – 90 مترًا. ترامب لا يريد استمرار الحرب؛ خشية اتّساعها، فإيران دولة كبيرة 1.7 مليون كيلومتر مربع، وتعداد سكانها 90 مليونًا، وتملك جيشًا كبيرًا ومقدّرات صاروخية نوعية، وقد أبدت قدرة على الصمود والتكيّف السريع رغم قساوة الهجوم الإسرائيلي. استمرار الحرب واتساعها في الإقليم، كان يمكن أن يؤدي إلى أزمة طاقة عالمية بإغلاق مضيق هرمز (25% من مصادر الطاقة تمرّ عبر المضيق)، وأزمة تجارة دولية بإغلاق مضيق باب المندب. كما أن ترامب لا يريد أن يَعْلَق بحرب استنزاف طويلة مع إسرائيل في الشرق الأوسط، في وقت عينه على مواجهة الصين، وعلى جعل أميركا "عظيمة" عبر الصفقات الاقتصادية والتجارية بعيدًا عن الحروب المكلفة. إيران وسد الثغرات إيران لم ترغب في الحرب ولم تخطّط لها، وإن كانت تستعد لها بعد معركة طوفان الأقصى، في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة، واعتداءات تل أبيب السابقة، والتي كان آخرها الهجوم الجوّي على إيران في أكتوبر/ تشرين الأول 2024. من بداية العدوان الإسرائيلي الأخير في 13 يونيو/ حزيران، بقيت إيران تربط استئناف المفاوضات والعملية السياسية مع واشنطن بوقف العدوان الإسرائيلي عليها، مع إبدائها استعدادًا لأن تذهب في الحرب بعيدًا إن فرضت عليها، مرتكزة إلى قوّة ضرباتها الصاروخية، وامتلاكها أوراق قوّة لم تستخدمها بعد كإغلاق مضيق هرمز، وإشراك حلفائها في المعركة كحزب الله اللبناني الأقرب إلى حدود فلسطين الشمالية، إضافة إلى الحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن. رغبة إيران بعدم دخول الحرب التي فرضت عليها، لم يكن العامل الوحيد الدافع لوقف المعركة في ذروتها، وإنما كانت هناك عوامل أخرى ضاغطة بقوّة على طهران لتخرج من الحرب بأقل الخسائر، ومنها: أولًا: أخْذها على حين غرّة، حيث وقعت في فخ وخديعة الرئيس ترامب الذي صرّح بأن خيار الحرب مرتبط بنتائج الجولة السادسة من المفاوضات، بين طهران وواشنطن في عُمان، يوم الأحد الموافق 15 يونيو/ حزيران، حيث وقع الهجوم الإسرائيلي المباغت يوم الجمعة الموافق 13 يونيو/ حزيران، ما أحدث صدمة في إيران، وأوقع أضرارًا كبيرة في منشآتها العسكرية، والنووية، ومنظومات الدفاع الجوّي، ناهيك عن اغتيال عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين الكبار. ثانيًا: مواجهتها جيشًا من العملاء في كافة المدن الإيرانية، مزوّدين بإمكانات لوجيستية وتقنية عالية من قبل إسرائيل، وقد ساهموا بتزويد الاحتلال بالمعلومات كما شاركوا ميدانيًا في المعركة عبر عمليات اغتيال واستهداف مقارَّ ومنشآت للدولة، ما مثّل تحديًا كبيرًا وخطيرًا على مجريات المعارك.هذا بدوره جعل من وقف الحرب، متطلبًا مهمًا لمطاردة هؤلاء العملاء والقضاء عليهم، بعد انكشاف جزء منهم، وانكشاف آلية عمل الكيان الإسرائيلي معهم، مستحضرين في ذلك ما حصل مع حزب الله اللبناني الذي عانى بنيويًا من الاختراق الأمني، وأثّر على أدائه وقدراته القتالية في معركة إسناد غزة. ثالثًا: الضربة الإسرائيلية المباغتة لإيران، وعملياتها الجوية اللاحقة، كانت تستهدف بتركيز عالٍ منظومات الدفاع الجوي، مع الإشارة إلى أن إسرائيل عملت على إضعاف تلك المنظومات سابقًا عندما هاجمت إيران في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، واستهدفت بطاريات "إس 300" الروسية، ورادارات الكشف المبكّر المرتبطة بهذه البطاريات. تشير بعض المصادر إلى أن روسيا لم تعوّض إيران بما تم استهدافه سابقًا، ما أضعف منظوماتها الدفاعيّة، وأدّى لانكشاف سماء طهران وأغلب المدن الإيرانية والأماكن الحسّاسة أمام الطيران الإسرائيلي. أثناء الحرب زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موسكو، في 23 يونيو/ حزيران، والتقى الرئيس بوتين وسلّمه رسالة من المرشد علي خامنئي، وتحدثت بعض المصادر، عن طلب إيران من روسيا تزويدها بأسلحة بشكل عاجل. ويبدو أن الأمور لم تسرْ بالشكل الذي أرادته إيران، بسبب حسابات روسيا المتعلقة بعدم إغضاب إسرائيل التي تربطها بها علاقات جيدة، بالإضافة إلى عدم إغضاب الرئيس الأميركي ترامب، الذي يسعى لوقف الحرب في أوكرانيا ويمارس ضغطًا على الرئيس الأوكراني زيلينسكي، لناحية تخلّي أوكرانيا عن شبه جزيرة القرم، والأقاليم الشرقية الأربعة لصالح موسكو. هذا يعني أن استمرار الحرب، بدون دفاع جوي، سيؤدي إلى خسائر فادحة في مقدّرات إيران ومنشآتها المدنية والعسكرية، لا سيّما بعد دخول واشنطن المعركة وقصفها المنشآت النووية، ما يشي بأن إيران باتت على خط المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية التي تملك ترسانة جويّة وصاروخية هائلة، كانت ستحدث تحولًا في المشهد لصالح إسرائيل، إذا ألقت بثقلها في الحرب. المعركة انتهت، ولكن إيران كما إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، كل له حساباته؛ فالمعركة أثبتت أن إسرائيل غير قادرة على الحسم السريع، وأن واشنطن لا تريد حرب استنزاف طويلة، وإيران تخشى من تداعيات الحرب في ظل انكشاف سمائها للطائرات الإسرائيلية. هذا يعني أن كل طرف لديه نقاط قوّة ونقاط ضعف تكشّفت في المعركة السريعة التي لم تتجاوز الأسبوعين، وبالتالي أصبح توقّف المعركة ضرورة للجميع لمعالجة نقاط الخلل، وتعزيز نقاط القوّة؛ استعدادًا لأي معركة أخرى قد تنشب بين إسرائيل وإيران، بشكل مباشر أو غير مباشر، لا سيّما إذا فشلت المفاوضات الإيرانية الأميركية المرتقبة، وتبيّن لاحقًا أن المشروع النووي الإيراني لم يتعرّض لأضرار كبيرة وعميقة. يصعب تحديد مستوى الخسائر لدى كل طرف؛ بسبب التكتّم، ولكن يمكن القول؛ إن إيران صمدت أمام العدوان الإسرائيلي، وأثبتت أن لديها منظومة صاروخية هجومية دقيقة ومدمّرة، وأن لديها أوراق قوّة لم تستخدمها بعد، وقد أبقتها لأي معركة قادمة في ظل علاقاتها المتوتّرة مع إسرائيل، والتي ازدادت توترًا بعد العدوان الأخير الذي هدف إلى إضعافها، وتحطيم طموحها القومي المنافس لإسرائيل الساعية بدورها للهيمنة على المنطقة وتسيّدها بلا منازع، ما يشكّل تحديًا لإيران ولأمنها القومي ولتاريخها الضارب في المنطقة.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
قمة الاتحاد الأوروبي تتجاهل تقريرا يدين جرائم إسرائيل بغزة
بروكسل – في اليوم الـ622 من الحرب المستمرة على غزة ، وبعد أن تجاوز الشهداء الفلسطينيين 55 ألفا -معظمهم من النساء والأطفال- انعقدت في بروكسل أول أمس الخميس، قمة المجلس الأوروبي، وسط أجواء سياسية مشحونة بالتناقضات، ومثقَلة بصمت رسمي تجاه تقرير داخلي يدين إسرائيل بارتكاب انتهاكات خطيرة قد ترقى إلى "إبادة جماعية صامتة". وعلى عكس الإجماع الأوروبي الصارم الذي وُجِّه بسرعة نحو موسكو عقب غزوها لأوكرانيا، بدا الاتحاد الأوروبي هذه المرة عاجزا ومنقسما ومكتفيا بعبارات رمادية في ختام القمة، رغم تقرير صادر عن "دائرة العمل الخارجي الأوروبي" (إي إي إيه إس) يُحمّل إسرائيل مسؤولية انتهاكات منهجية ل لقانون الدولي الإنساني في غزة. هذا التباين في ردود الفعل حول أوكرانيا و فلسطين يطرح أسئلة حادة داخلية حول حيادية الاتحاد الأوروبي، وصدقية قيمه، ومدى خضوعه لضغوط الحلفاء والمصالح الاقتصادية والتاريخية، في وقت تتصاعد فيه المطالب الحقوقية والدبلوماسية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين. ورغم أن التقرير الذي سرّبته منصات كبرى مثل "بوليتيكو" و"يورونيوز" وصف ما تقوم به إسرائيل بأنه "انتهاك ممنهج للقانون الدولي الإنساني"، وأن الحصار المفروض على غزة يخلق "خطر مجاعة شاملا" قد يرقى إلى "جريمة إبادة جماعية صامتة"، فإن البيان الختامي للقمة اكتفى بعبارة عامة تنص على "أخذ العلم بالتقرير"، دون ذكره بالاسم أو التوصية بأي إجراء فعلي. وأثار ذلك موجة اتهامات داخل البرلمان الأوروبي وخارجه، وصفت المواقف الأوروبية بأنها "تواطؤ باسم الحياد"، و"تراجع حتى عن الحد الأدنى الأخلاقي". ويستند تقرير "إي إي إيه إس" إلى مصادر أممية وقرارات صادرة عن محكمة العدل الدولية ، ويخلص إلى أن إسرائيل انتهكت بنود القانون الدولي والإنساني، وخرقت بشكل صارخ المادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي تشترط احترام حقوق الإنسان، لكن رد فعل القمة الأوروبية لم يرقَ لمستوى خطورة المحتوى. ويقول النائب البلجيكي في البرلمان الأوروبي مارك بوتينغا، للجزيرة نت، إن "تقرير الدائرة الدبلوماسية الأوروبية يوثّق بوضوح انتهاكات خطيرة ترتكبها إسرائيل، تشمل خرقا للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة، ومع ذلك لم تُتخذ أي عواقب، وبالنظر إلى تمويل الاتحاد الأوروبي لوزارة الحرب الإسرائيلية، فإن هذا لا يُعد حيادا بل تواطؤا". وأضاف بوتينغا للجزيرة نت، أن تقرير "إي إي إيه إس" "ليس وثيقة تقنية، بل يحمل وزنا قانونيا وسياسيا ويُوفر أساسا لتعليق الاتفاق، ومع استمرار التجارة رغم علم الاتحاد بهذه الانتهاكات، فإن المسؤولية القانونية قد تطاله". مواقف متباينة وفي القمة ذاتها، برزت إسبانيا وبلجيكا كأشد المعترضين، حيث طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بـ"تعليق اتفاق الشراكة إذا لم تُحترم بنوده المتعلقة بحقوق الإنسان"، في حين شدد وزير خارجيته على ضرورة "وقف فوري لإطلاق النار وتحقيق دولي في المجازر". وأكدت وزيرة خارجية بلجيكا هدجا لابهبيب، أن "ما يجري في غزة لا يمكن السكوت عنه"، رافضة استمرار "التعامل كالمعتاد مع إسرائيل'. في المقابل، امتنعت دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا وإيطاليا عن تأييد أي صيغة تدين إسرائيل مباشرة، مما يمكن وصفه بـ"ضعف البيان الختامي". من جانبه، يوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل، البروفيسور كورت ديبوف للجزيرة نت جذور هذا التردد ويقول "دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا ما زالت تشعر بذنب عميق تجاه المحرقة، وهو ما يدفعها لدعم إسرائيل بلا شروط، كما أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ، وهي ألمانية، تتبنى مواقف غير متوازنة، مما يزيد الانقسام الأوروبي". ويرى ديبوف أن غياب موقف واضح من الاتحاد الأوروبي تجاه ما يحدث في غزة "أضعف بشدة مصداقيته، خاصة أمام العالم العربي والإسلامي، الذي بدأ يرد على هذا التناقض، مطالبا أوروبا بالكف عن إلقاء المحاضرات الحقوقية". خضوع أم مصالح وعلَّق مراسل الشؤون الأوروبية في وكالة "أسكا نيوز" لورينزو كونسولي، للجزيرة نت قائلا إن "القمة وإن لم تذكر التقرير صراحة، فإنها أدرجت المتابعة في جدول وزراء الخارجية في يوليو/تموز القادم". واستدرك "الموقف الفرنسي بدا مائعا، إذ رفضت باريس الانضمام للدول التي طالبت بتعليق الاتفاق رغم إدراكها لخطورة الانتهاكات، السبب هو مزيج من الحذر السياسي والمصالح الاقتصادية، خاصة صادرات السلاح". وأضاف أن الانقسام هذه المرة "حقيقي وعميق، خلافا لأزمات سابقة مثل أوكرانيا، حيث كانت المجر وحدها معارضة. الآن لدينا كتلة داعمة لإسرائيل وأخرى تطالب بالمحاسبة، لكن لا توجد آلية تلقائية لتفعيل الجزاءات، والقرار يتطلب إجماعا سياسيا عاليا". وختم كونسولي قائلا إنه في اللحظة التي تنسحب فيها واشنطن من التزاماتها الدولية، يُفترض أن تسد أوروبا هذا الفراغ. "لكنها اليوم، بخطابها المزدوج تجاه إسرائيل وأوكرانيا، لا تخسر فقط مصداقيتها، بل تضيّع فرصة نادرة لتكون قوة سياسية ذات معنى في النظام الدولي". وتساءل: هل فقد الاتحاد الأوروبي بالفعل القدرة على حماية القانون الدولي؟ أم أن غزة فضحت حدود نفاق سيثير الكثير من الجدل الداخلي لسنوات؟ من جهته يرى النائب بوتينغا أن خضوع أوروبا لإرادة واشنطن يُضعف قراراتها، ويقول "بعد قمة الناتو الأخيرة، لا أرى تحوّلا إيجابيا، العديد من الحكومات الأوروبية تتردد باتخاذ موقف ضد إسرائيل خوفا من غضب الولايات المتحدة". وتساءل: "إذا كنا مجرد تابعين، فكيف يمكننا الادعاء بالسيادة أو الدفاع عن القيم العالمية؟". إدانة حقوقية ولم تقتصر ردود الفعل على السياسيين، فقد أصدرت منظمات كبرى مثل العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش بيانات شديدة اللهجة، ووصفت الأولى التأخر في مراجعة الاتفاق بـ"الكارثة الأخلاقية"، ورأت الثانية أن "عدم تعليق التعاون مع إسرائيل رغم هذا الكم من الانتهاكات، يضع الاتحاد في خانة التواطؤ الصامت". وأشارت مؤسسات قانونية أوروبية إلى أن الاتحاد قد يواجه دعاوى أمام محاكم دولية، إن ثبت علمه بانتهاكات ترتقي إلى جرائم حرب أو إبادة، واستمر رغم ذلك في الشراكة الاقتصادية والدعم التقني.