logo
زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد !سعيد محمد

زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد !سعيد محمد

ساحة التحريرمنذ 2 أيام

زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد !
في مدينة البندقية الساحرة، التي ترزح تحت وطأة تغير المناخ والسياحة المفرطة، يتجلى مشهدٌ مستفز سيمته التبذير والغطرسة، في صورة زفاف جيف بيزوس، أحد أغنى رجال العالم، من الإعلامية لورين سانشيز. هذا الحدث، الذي من المفترض أن يكون احتفالاً شخصياً، تحوّل إلى رمزٍ مكثفٍ لانفصال النخبة الأمريكية عن الواقع، وتذكيرٍ مؤلمٍ بفساد تلاقح السلطة والثروة، وكأننا نشهد عودةً لعربدة الأباطرة الرومان في أوج انحطاط إمبراطوريتهم الفاجرة.
سعيد محمد *
البندقية، التي لطالما كانت مرادفاً للفن والجمال والرومانسية، أصبحت اليوم مثالاً حياً للمدينة التي تبتلعها طموحات السياحة الجشعة وتُهددها أمواج التغير المناخي المتصاعدة. ومع ذلك، لم يجد جيف بيزوس الملياردير الذي بنى إمبراطوريته على عرق العمّال والإعفاءات الضريبية، وخطيبته الإعلامية لورين سانشيز مكاناً أنسب من هذه المدينة الهشة لحفل زفافهما الباذخ في استعراض للثروة يذكّر بصخب ليالي النخب الرومانية المتحلّلة قبل سقوط الإمبراطورية.
فعلى مدار ثلاثة أيام – من 26 يونيو -، ستتحوّل البندقية إلى ساحة استعراض للأثرياء، تتهادى فيها يخوت فاخرة وطائرات خاصة، وتُغلق فيها الشوارع والكنائس والمعالم العامة لاستيعاب احتفالات نخبوية مشفّرة بالتسلّط الطبقي كلّفت وفق التقديرات عشرات ملايين الدولارات، بمشاركة وجوه الانستغرام مثل إيفانكا ترامب وبيونسيه وكارديشيان وأوبرا، ما أثار حفيظة سكان المدينة، الذين يرون في هذا الزفاف استغلالًا سافرًا لمدينتهم، وتحويل لها إلى مجرد 'ديزني لاند' مخصصة للأثرياء.
اللافتات التي تملأ شوارع البندقية، مثل 'لا مكان لبيزوس' و'فينيسيا لاند: ملعب يليق بأوليغارشية'، وحملة 'إذا كنت تستطيع استئجار البندقية لزفافك، يمكنك إذن دفع المزيد من الضرائب' التي أطلقتها منظمة السلام الأخضر في ساحة سان ماركو، وتصريح إحدى الناشطات ضد الحدث 'إنه يستغل المدينة بنفس الطريقة التي استغل بها العمال في جميع أنحاء العالم لبناء إمبراطوريته' تلخص جوهر الاحتجاجات اليسارية: تعبير عن سخط عميق تجاه نموذج رأسمالي وقح يرى في كل شيء سلعة قابلة للاستغلال. فهذا الزفاف ليس مجرد حدث شخصي، بل هو تجسيد لخلل بنيوي يعمّق الفجوة بين الأغنياء والفقراء في عالم تتكدس فيه الثروات في أيدي قلة معدودة على حساب فقر الأكثرية.
إنه العصر الترامبي بامتياز. لقد أطلق الرئيس-الممثل نمط الاستعراض الباذخ هذا كإعلان عن القوة والسلطة بطريقة فجة وغير تقليدية. وبالطبع لا يمكن نسيان همروجاته المبالغ فيها، سواء في مهرجان تسلمه لرئاسة الاتحاد الذي شبهه النقاد بحفل جلوس ملكي على العرش، أو في العرض العسكري الذي خطط له في عيد ميلاده مستلهماً في ذلك من عروض القوة التي كانت تميز الأنظمة الفاشيستية. لقد ذهّب (البيت الأبيض) نفسه، محولاً إياه إلى ما يشبه جناحاً مزخرفاً على طراز الركوكو في فندق مخصص للتعوهر في لاس فيجاس. زفاف بيزوس، بكل تفاصيله المبالغ فيها من حجز الفنادق الفاخرة وصولاً إلى اليخوت العملاقة والطائرات الخاصة، هو امتداد لهذا التوجه. إنه تأكيد على أن الثراء الفاحش لا يقتصر على الإنفاق الشخصي، بل يمتد إلى استعراض القوة والتأثير، وكأنهم الأباطرة الجدد يقولون لبقيتنا: 'نحن هنا، ونحن نحكمكم'. العلاقة الوثيقة بين بيزوس وإدارة ترامب، التي تجسدت في حضوره حفلات الرئيس، أضفت على هذا الزفاف بُعداً سياسياً، إذ على حد تعبير القس ستيفانو فيسينتين: 'لا يمكننا القول إنها حفلة زفاف خاصة. فهؤلاء شخصيات سياسية.' ولا غرابة أن تدعى إلى الحفل إيفانكا ابنة ترامب وزوجها جاريد كوشنر، فالعائلة التي احترفت تسييل السياسة إلى محتوى تلفزيوني، تجد في هذه المناسبات امتداداً طبيعياً لمشروعها السفيه: النخبة لا تحكم خلف الكواليس، بل ترقص باستفزاز على المسرح.
بعيدًا عن النقد الأخلاقي، يثير هذا الزفاف تساؤلات حول الذوق والجماليات. بينما كان 'الحد الأدنى' و'الرفاهية الهادئة' هي السائدة في فترة ما، يبدو أن عصر ترامب قد دشّن حقبة جديدة من 'الذوق الرديء' أو 'التكلف'. فبدلاً من التقليل والتواضع، أصبحنا نرى استعراضًا كاملاً للثروة، مع بريق الذهب والألماس والفساتين الضيقة والشعر الكبير. هذا التوجه ليس مجرد تفضيل جمالي، بل هو انعكاس لتحوّل ثقافي أوسع، حيث أصبح التباهي بالثروة والجاه بفجاجة عديمة الذوق ليس فقط مقبولًا، بل هو علامة على القوة والنفوذ. بيزوس، الذي تحوّل من رجل أعمال يرتدي سراويل الكاكي إلى رجل مفتول العضلات يرتدي قمصان البولو الضيقة ونظارات الطيارين، أصبح بحكم هيمنة الإعلام الأمريكي 'رمزًا للأناقة' بطريقة غير متوقعة. لكنها رمزية تعكس قوته ونفوذه – يمتلك بنفسه واشنطن بوست صحيفة العاصمة -، وليس بالضرورة حس الموضة المتطور. أما سانشيز، التي فضلت دائماً الأحزمة ذات القطع الملحوظة من مسافة بعيدة، والفساتين المزخرفة، والكعب العالي، وخطوط العنق المنخفضة، وحواف الفساتين العالية، والمجوهرات الكبيرة، لتغطي على جمالها المحدود بنفوذها وأدواتها الأنثوية. خاتم خطوبة سانشيز الذي يقدر بنحو 30 قيراطاً، وقلادتها المرصعة بالألماس بحجم الهاتف المحمول، وحفلة عزوبيتها الباذخة في باريس بحضور نجمات مثل كيم كارداشيان وكريس جينر، وزيارة متجر هيرميس مع مديري العلامة التجارية، كلها أمثلة أخرى على هذا الاتجاه. لم يعد الأمر في زمن ترامب يتعلق بالذوق الرفيع بالمعنى التقليدي، بل أصبح يتعلق بالظهور بموقع 'القوي' و'المسيطر'، حتى لو كان ذلك على حساب الجماليات التقليدية.
في خضم هذا الاستعراض، تتراجع معاناة سكان البندقية إلى خلف كواليس المشهد. أعداد السكان تتضاءل في المركز التاريخي، من 100 ألف نسمة في الثمانينات إلى أقل من 50 ألفًا اليوم، في حين تتزايد أعداد الأسرة الفندقية والشقق السياحية بشكل جنوني. البندقية، التي كانت ذات يوم مدينة نابضة بالحياة، تتحول ببطء إلى متحف مفتوح، يفتقر إلى الخدمات الأساسية لسكانها الأصليين العاجزين عن دفع ايجارات منازلهم. إن شعور السكان بالخيانة والإهمال ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة عقود من سياسات ممنهجة تفضل السياحة على حساب رفاهية المواطنين.
الاحتجاجات في المدينة ليست فقط ضد بيزوس كشخص، بل هي ضد نظام يرى في المدن التاريخية مجرد خلفيات للأحداث الفاخرة، ويستغل هشاشة هذه الأماكن لخدمة مصالح الأثرياء. وعندما يصرّح المسؤولون المحليون بأن الزفاف سيجلب إيرادات كبيرة للمدينة (ما يصل إلى 40 مليون يورو)، فإنهم يغفلون الثمن الحقيقي: تآكل الهوية الثقافية للمدينة، وإزاحة سكانها الأصليين، وتحويلها إلى مجرد سلعة. سكان البندقية يؤكدون: 'فينيسيا ليست مطعماً، ونحن لسنا نادلين'. هذا هو جوهر المشكلة في فينيسيا ومدن أوروبيّة كثيرة: المدينة ليست حديقة ترفيهية، بل هي مكان يعيش فيه الناس، ويجب أن تكون لهم الأولوية على السياح الأثرياء.
زفاف جيف بيزوس في البندقية ليس مجرد خبر عابر في صفحات المشاهير، ولا يتعلّق فقط بمالك أمازون دوت كوم كشخص، بل بما يمثّله: طبقة جديدة من الأوليغارشية الرقمية، تدمج بين الثروة الخارقة، والنفوذ السياسي، والذوق المبتذل. إنه ترف ما بعد بعد الحداثة، يمرّ فوق أجساد المياومين وسائقي التوصيل وعمال المستودعات. لا يلام بيزوس وحده، بل نلوم مدينة انحنت، ونظاماً قواداً غضّ الطرف، وثقافة انحطاط صارت تحتفل بكل ما كان يُدان. إنه تذكير قاسٍ لكل منا بواقع الرأسمالية في دورة تمظهرها الأمريكي البشع: حيث الإمبراطورية تبنى على القوة السافرة، والتفاوت الاجتماعي الصارخ، وفساد النخب حد الرداءة.
لندن
‎2025-‎06-‎28

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

بالصور: المشاهير يتوافدون على البندقية لحضور حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز

عقد الملياردير جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، قرانه على مقدمة البرامج التلفزيونية، لورين سانشيز، في حفل زفاف فاخر في مدينة البندقية (فينيسيا) الإيطالية يوم الجمعة. ورافق المصورون الصحفيون نجوم برامج الواقع والممثلين، وأفرادا من العائلات المالكة وعددا كبيرا من نجوم الصف الأول في قوارب مائية، أثناء توجههم إلى الحدث الذي يستمر ثلاثة أيام. كانت أوبرا وينفري، التي حضرت حفل خطوبة الزوجين في عام 2023، من بين 200 ضيف. Reuters شاركت كيم وكلوي كارداشيان صوراً من الحدث، وتم تصويرهما لاحقاً وهما تنطلقان بسرعة في تاكسي مائي. Reuters الممثل، أورلاندو بلوم، يقف أمام المصورين أثناء مغادرته الحفل. مصمم الأزياء دومينيكو دولتشي (يمين الصورة)، الذي ساعد في تصميم ملابس سانشيز ليوم عرسها الكبير. EPA المتفرجون المتحمسون يرصدون جيف بيزوس، في طريقه إلى جزيرة سان جورجيو في البندقية. المغني وكاتب الأغاني الأمريكي آشر (يسار) مع نجم كرة القدم الأمريكية توم برادي (يمين). احتج نشطاء في البندقية على خلفية حفل زفاف جيف بيزوس، مشيرين إلى المخاوف بشأن المناخ والسياحة المفرطة. ويعني مصطلح "السياحة المفرطة" تدفق أعداد هائلة من الزوّار خلال فترات قصيرة، ما يخلق ضغوطاً على البنية التحتية والموارد والخدمات. اختار محرر شؤون الموضة، إدوارد إنينفول، وعارضة الأزياء الإيطالية، فيتوريا سيريتي، ألواناً باهتة لهذا اليوم الحار. Reuters وارتدى جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب، ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ملابس السهرة.

زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد !سعيد محمد
زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد !سعيد محمد

ساحة التحرير

timeمنذ 2 أيام

  • ساحة التحرير

زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد !سعيد محمد

زفاف بيزوس في البندقية: عربدة الأباطرة الجدد ! في مدينة البندقية الساحرة، التي ترزح تحت وطأة تغير المناخ والسياحة المفرطة، يتجلى مشهدٌ مستفز سيمته التبذير والغطرسة، في صورة زفاف جيف بيزوس، أحد أغنى رجال العالم، من الإعلامية لورين سانشيز. هذا الحدث، الذي من المفترض أن يكون احتفالاً شخصياً، تحوّل إلى رمزٍ مكثفٍ لانفصال النخبة الأمريكية عن الواقع، وتذكيرٍ مؤلمٍ بفساد تلاقح السلطة والثروة، وكأننا نشهد عودةً لعربدة الأباطرة الرومان في أوج انحطاط إمبراطوريتهم الفاجرة. سعيد محمد * البندقية، التي لطالما كانت مرادفاً للفن والجمال والرومانسية، أصبحت اليوم مثالاً حياً للمدينة التي تبتلعها طموحات السياحة الجشعة وتُهددها أمواج التغير المناخي المتصاعدة. ومع ذلك، لم يجد جيف بيزوس الملياردير الذي بنى إمبراطوريته على عرق العمّال والإعفاءات الضريبية، وخطيبته الإعلامية لورين سانشيز مكاناً أنسب من هذه المدينة الهشة لحفل زفافهما الباذخ في استعراض للثروة يذكّر بصخب ليالي النخب الرومانية المتحلّلة قبل سقوط الإمبراطورية. فعلى مدار ثلاثة أيام – من 26 يونيو -، ستتحوّل البندقية إلى ساحة استعراض للأثرياء، تتهادى فيها يخوت فاخرة وطائرات خاصة، وتُغلق فيها الشوارع والكنائس والمعالم العامة لاستيعاب احتفالات نخبوية مشفّرة بالتسلّط الطبقي كلّفت وفق التقديرات عشرات ملايين الدولارات، بمشاركة وجوه الانستغرام مثل إيفانكا ترامب وبيونسيه وكارديشيان وأوبرا، ما أثار حفيظة سكان المدينة، الذين يرون في هذا الزفاف استغلالًا سافرًا لمدينتهم، وتحويل لها إلى مجرد 'ديزني لاند' مخصصة للأثرياء. اللافتات التي تملأ شوارع البندقية، مثل 'لا مكان لبيزوس' و'فينيسيا لاند: ملعب يليق بأوليغارشية'، وحملة 'إذا كنت تستطيع استئجار البندقية لزفافك، يمكنك إذن دفع المزيد من الضرائب' التي أطلقتها منظمة السلام الأخضر في ساحة سان ماركو، وتصريح إحدى الناشطات ضد الحدث 'إنه يستغل المدينة بنفس الطريقة التي استغل بها العمال في جميع أنحاء العالم لبناء إمبراطوريته' تلخص جوهر الاحتجاجات اليسارية: تعبير عن سخط عميق تجاه نموذج رأسمالي وقح يرى في كل شيء سلعة قابلة للاستغلال. فهذا الزفاف ليس مجرد حدث شخصي، بل هو تجسيد لخلل بنيوي يعمّق الفجوة بين الأغنياء والفقراء في عالم تتكدس فيه الثروات في أيدي قلة معدودة على حساب فقر الأكثرية. إنه العصر الترامبي بامتياز. لقد أطلق الرئيس-الممثل نمط الاستعراض الباذخ هذا كإعلان عن القوة والسلطة بطريقة فجة وغير تقليدية. وبالطبع لا يمكن نسيان همروجاته المبالغ فيها، سواء في مهرجان تسلمه لرئاسة الاتحاد الذي شبهه النقاد بحفل جلوس ملكي على العرش، أو في العرض العسكري الذي خطط له في عيد ميلاده مستلهماً في ذلك من عروض القوة التي كانت تميز الأنظمة الفاشيستية. لقد ذهّب (البيت الأبيض) نفسه، محولاً إياه إلى ما يشبه جناحاً مزخرفاً على طراز الركوكو في فندق مخصص للتعوهر في لاس فيجاس. زفاف بيزوس، بكل تفاصيله المبالغ فيها من حجز الفنادق الفاخرة وصولاً إلى اليخوت العملاقة والطائرات الخاصة، هو امتداد لهذا التوجه. إنه تأكيد على أن الثراء الفاحش لا يقتصر على الإنفاق الشخصي، بل يمتد إلى استعراض القوة والتأثير، وكأنهم الأباطرة الجدد يقولون لبقيتنا: 'نحن هنا، ونحن نحكمكم'. العلاقة الوثيقة بين بيزوس وإدارة ترامب، التي تجسدت في حضوره حفلات الرئيس، أضفت على هذا الزفاف بُعداً سياسياً، إذ على حد تعبير القس ستيفانو فيسينتين: 'لا يمكننا القول إنها حفلة زفاف خاصة. فهؤلاء شخصيات سياسية.' ولا غرابة أن تدعى إلى الحفل إيفانكا ابنة ترامب وزوجها جاريد كوشنر، فالعائلة التي احترفت تسييل السياسة إلى محتوى تلفزيوني، تجد في هذه المناسبات امتداداً طبيعياً لمشروعها السفيه: النخبة لا تحكم خلف الكواليس، بل ترقص باستفزاز على المسرح. بعيدًا عن النقد الأخلاقي، يثير هذا الزفاف تساؤلات حول الذوق والجماليات. بينما كان 'الحد الأدنى' و'الرفاهية الهادئة' هي السائدة في فترة ما، يبدو أن عصر ترامب قد دشّن حقبة جديدة من 'الذوق الرديء' أو 'التكلف'. فبدلاً من التقليل والتواضع، أصبحنا نرى استعراضًا كاملاً للثروة، مع بريق الذهب والألماس والفساتين الضيقة والشعر الكبير. هذا التوجه ليس مجرد تفضيل جمالي، بل هو انعكاس لتحوّل ثقافي أوسع، حيث أصبح التباهي بالثروة والجاه بفجاجة عديمة الذوق ليس فقط مقبولًا، بل هو علامة على القوة والنفوذ. بيزوس، الذي تحوّل من رجل أعمال يرتدي سراويل الكاكي إلى رجل مفتول العضلات يرتدي قمصان البولو الضيقة ونظارات الطيارين، أصبح بحكم هيمنة الإعلام الأمريكي 'رمزًا للأناقة' بطريقة غير متوقعة. لكنها رمزية تعكس قوته ونفوذه – يمتلك بنفسه واشنطن بوست صحيفة العاصمة -، وليس بالضرورة حس الموضة المتطور. أما سانشيز، التي فضلت دائماً الأحزمة ذات القطع الملحوظة من مسافة بعيدة، والفساتين المزخرفة، والكعب العالي، وخطوط العنق المنخفضة، وحواف الفساتين العالية، والمجوهرات الكبيرة، لتغطي على جمالها المحدود بنفوذها وأدواتها الأنثوية. خاتم خطوبة سانشيز الذي يقدر بنحو 30 قيراطاً، وقلادتها المرصعة بالألماس بحجم الهاتف المحمول، وحفلة عزوبيتها الباذخة في باريس بحضور نجمات مثل كيم كارداشيان وكريس جينر، وزيارة متجر هيرميس مع مديري العلامة التجارية، كلها أمثلة أخرى على هذا الاتجاه. لم يعد الأمر في زمن ترامب يتعلق بالذوق الرفيع بالمعنى التقليدي، بل أصبح يتعلق بالظهور بموقع 'القوي' و'المسيطر'، حتى لو كان ذلك على حساب الجماليات التقليدية. في خضم هذا الاستعراض، تتراجع معاناة سكان البندقية إلى خلف كواليس المشهد. أعداد السكان تتضاءل في المركز التاريخي، من 100 ألف نسمة في الثمانينات إلى أقل من 50 ألفًا اليوم، في حين تتزايد أعداد الأسرة الفندقية والشقق السياحية بشكل جنوني. البندقية، التي كانت ذات يوم مدينة نابضة بالحياة، تتحول ببطء إلى متحف مفتوح، يفتقر إلى الخدمات الأساسية لسكانها الأصليين العاجزين عن دفع ايجارات منازلهم. إن شعور السكان بالخيانة والإهمال ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة عقود من سياسات ممنهجة تفضل السياحة على حساب رفاهية المواطنين. الاحتجاجات في المدينة ليست فقط ضد بيزوس كشخص، بل هي ضد نظام يرى في المدن التاريخية مجرد خلفيات للأحداث الفاخرة، ويستغل هشاشة هذه الأماكن لخدمة مصالح الأثرياء. وعندما يصرّح المسؤولون المحليون بأن الزفاف سيجلب إيرادات كبيرة للمدينة (ما يصل إلى 40 مليون يورو)، فإنهم يغفلون الثمن الحقيقي: تآكل الهوية الثقافية للمدينة، وإزاحة سكانها الأصليين، وتحويلها إلى مجرد سلعة. سكان البندقية يؤكدون: 'فينيسيا ليست مطعماً، ونحن لسنا نادلين'. هذا هو جوهر المشكلة في فينيسيا ومدن أوروبيّة كثيرة: المدينة ليست حديقة ترفيهية، بل هي مكان يعيش فيه الناس، ويجب أن تكون لهم الأولوية على السياح الأثرياء. زفاف جيف بيزوس في البندقية ليس مجرد خبر عابر في صفحات المشاهير، ولا يتعلّق فقط بمالك أمازون دوت كوم كشخص، بل بما يمثّله: طبقة جديدة من الأوليغارشية الرقمية، تدمج بين الثروة الخارقة، والنفوذ السياسي، والذوق المبتذل. إنه ترف ما بعد بعد الحداثة، يمرّ فوق أجساد المياومين وسائقي التوصيل وعمال المستودعات. لا يلام بيزوس وحده، بل نلوم مدينة انحنت، ونظاماً قواداً غضّ الطرف، وثقافة انحطاط صارت تحتفل بكل ما كان يُدان. إنه تذكير قاسٍ لكل منا بواقع الرأسمالية في دورة تمظهرها الأمريكي البشع: حيث الإمبراطورية تبنى على القوة السافرة، والتفاوت الاجتماعي الصارخ، وفساد النخب حد الرداءة. لندن ‎2025-‎06-‎28

حفل زفاف بيزوس: من هو العريس؟ ومن هي العروس؟
حفل زفاف بيزوس: من هو العريس؟ ومن هي العروس؟

شفق نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • شفق نيوز

حفل زفاف بيزوس: من هو العريس؟ ومن هي العروس؟

إنه الزفاف الذي يتحدث عنه الجميع، فالملياردير الأمريكي في مجال التكنولوجيا جيف بيزوس يستعد للزواج من مقدمة البرامج التلفزيونية لورين سانشيز، وقد أثار حفل الزفاف الذي تبلغ تكلفته عشرات الملايين من الدولارات، والذي يُقام في مدينة البنقدية في إيطاليا، الكثير من الجدل. فقد احتج نشطاء على هذا العرس بسبب التكاليف التقديرية التي بلغت نحو 50 مليون دولار أمريكي، ما أثار موجة احتجاجات في المدينة من قبل جماعات بيئية ونشطاء محليين، خصوصًا أن مدينة فينيسيا تعاني من ضغوط سياحية وبيئية خانقة منذ سنوات، وامتلأت المدينة بملصقات ولافتات كُتب عليها "لا مكان هنا لبيزوس وعروسه". وردًا على هذه الانتقادات، قدّم بيزوس تبرعات كبيرة لدعم البيئة في البندقية، كما طلب العروسان من ضيوفهما الاستعاضة عن تقديم الهدايا المالية بالتبرع لمشاريع بيئية وخيرية تُسهم في تنمية المجتمعات الفقيرة وحماية الكوكب. ومن المقرر أن تستمر مراسم الحفل 3 أيام كما هو مخطط له، وتشير الشائعات إلى أن قائمة المدعوين تضم مئات من نجوم الصف الأول، من بينهم كيم كارداشيان، وميك جاغر، وليوناردو دي كابريو. ومن المقرر أن تستمر مراسم الحفل 3 أيام كما هو مخطط له، وتشير التقارير إلى أن قائمة المدعوين تضم مئات من نجوم الصف الأول، من بينهم كيم كارداشيان، وميك جاغر، وليوناردو دي كابريو، وأوبرا وينفري، وبيونسيه. وعلى الرغم من أن اسم بيزوس مرادف لإمبراطوريات التجارة الإلكترونية وشركات التكنولوجيا الفضائية والثروة الهائلة، فإن خطيبته قد تكون أقل شهرة، لكنها ليست غريبة عن الأضواء. فمن هما العريس والعروس؟ من هو العريس؟ ولد جيفري بريستن بيزوس في 12 يناير/كانون الثاني 1964 في مدينة ألباكركي بولاية نيو مكسيكو الأمريكية، ونشأ في مدينة هيوستن بولاية تكساس حيث ترعرع على يد والدته جاكلين ووالده بالتبني ميغيل بيزوس، وهو مهاجر كوبي. وقد أظهر بيزوس الصغير ميلاً مبكراً للهندسة والعلوم، إذ قام وهو في الثالثة من عمره بتفكيك سريره، بحسب ما يروي براد ستون في كتاب السيرة الذاتية الذي صدر عام 2013. وفي خطاب تخرجه من المدرسة الثانوية، تحدث بيزوس عن حلمه بإنشاء مستعمرات في الفضاء الخارجي. وأظهر في شبابه المبكر شغفاً واضحاً بالتكنولوجيا والاختراعات، فحوّل مرآب منزل عائلته إلى مختبر للهندسة، وصمّم أدوات كهربائية بيده، وبعد إنهاء دراسته الثانوية بمرتبة الشرف، التحق بجامعة برينستون المرموقة حيث تخصص في علوم الحاسوب والهندسة الكهربائية، وتخرج فيها عام 1986. ووفقاً لدائرة المعارف البريطانية، كان بيزوس من الطلاب اللامعين، وأظهر براعة في الخوارزميات الحاسوبية والتفكير المنطقي، وهو ما انعكس لاحقاً في مسيرته العملية. وبعد تخرجه، عمل في عدة شركات مالية في وول ستريت من بينها شركة دي إي شو آند كو، وهي شركة استثمار تعتمد على الخوارزميات، وهناك التقى زوجته الأولى ماكنزي سكوت، والتي أصبحت لاحقًا كاتبة وفاعلة خير. وفي عام 1994، قرر بيزوس مغادرة عالم المال ليؤسس شركته الخاصة، مستفيداً من الانتشار السريع للإنترنت، فأنشأ شركة "أمازون" من مرآب منزله في سياتل. وكانت أمازون في بداياتها متجراً إلكترونياً لبيع الكتب، لكنها سرعان ما توسعت لتشمل مختلف أنواع السلع. وخلال خمس سنوات فقط، قفز عدد حسابات عملاء أمازون من 180 ألفاً إلى 17 مليوناً، وارتفعت المبيعات من 511 ألف دولار إلى أكثر من 1.6 مليار دولار. واتجه مستثمرون كبار إلى الشركة في ظل الموجة الأولى من الحماس للشراء عبر الإنترنت. وبحلول عام 1997، حققت أمازون أرباحاً قدرها 54 مليون دولار، ليتحول بيزوس، الذي كان يساعد يوماً ما في تغليف الطرود، إلى أحد أغنى أغنياء العالم قبل أن يبلغ عامه الخامس والثلاثين. وفي عام 1999، اختارته مجلة تايم "شخصية العام"، واصفة إياه بـ"ملك التجارة عبر الإنترنت". وتعد "أمازون" اليوم من أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية، وكانت ثاني شركة تتخطى قيمتها السوقية تريليون دولار في سبتمبر/أيلول 2018 بعد شركة أبل. وبحسب دائرة المعارف البريطانية، فقد أعاد بيزوس تشكيل مفهوم التجارة الإلكترونية، مستفيدًا من تقنيات تحليل البيانات وخوارزميات التوصية وخدمات الحوسبة السحابية، مما منح شركته ميزة تنافسية كبيرة. وأطلق بيزوس خدمات عدة تابعة، مثل "أمازون برايم" وخدمة "أمازون ويب سيرفيسز"، وهي من أكبر مزودي الخدمات السحابية في العالم. Reuters ولم يقتصر طموحه على التجارة، بل امتد إلى الفضاء، حيث أسس شركة "بلو أوريجين" عام 2000، بهدف تقليل تكلفة السفر إلى الفضاء. وفي عام 2021، صعد بيزوس إلى حافة الفضاء على متن أحد صواريخ شركته. كما اشترى صحيفة واشنطن بوست عام 2013 مقابل 250 مليون دولار. وقُدّر صافي ثروته في عام 2024 بنحو 204 مليارات دولار، ما يجعله أحد أثرى أغنياء العالم. وعلى الصعيد الشخصي، أعلن بيزوس وزوجته ماكنزي سكوت طلاقهما عام 2019 بعد زواج دام 25 عامًا. وقد حصلت سكوت على 4 بالمئة من أسهم أمازون، ما جعلها من أغنى النساء في العالم. وفي العام نفسه، ظهرت علاقته بلورين سانشيز إلى العلن. من هي العروس؟ تنحدر لورين سانشيز من الجيل الثالث لمهاجرين مكسيكيين، وُلدت في ولاية نيو مكسيكو عام 1969، ونشأت في ولاية كاليفورنيا. وفي عام 2017، صرّحت لمجلة هوليوود ريبورتر بأنها كانت تنام في مؤخرة سيارة جدتها عندما كانت الأخيرة تذهب لتنظيف المنازل. وعندما أصبحت شابة، تقدمت بطلب للعمل كمضيفة طيران، لكنها رُفضت بسبب وزنها الزائد، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال. درست الصحافة في جامعة جنوب كاليفورنيا، وتخرجت عام 1994، وبدأت مسيرتها المهنية في الصحافة الإذاعية. وعملت سانشيز في العديد من غرف الأخبار قبل أن تصبح مراسلة ومقدمة برامج في قنوات مثل فوكس سبورتس نت، وإكسترا، وغود داي. ورُشحت لجائزة إيمي عن برنامجها "غوينغ ديب"، وفازت بجائزة إيمي عام 1999 كمقدمة أخبار في قناة كي سي أو بي. كما عملت مقدمة مشاركة في برنامج "غود داي إل إيه"، وقدمت نشرة الأخبار في قناة فوكس 11، وكانت أول من قدم برنامج المسابقات الراقصة "إذن أنت تعتقد أنه يمكنك أن ترقص". وبحسب صحيفة التايمز، ظهرت سانشيز عام 2003 على غلاف مجلة "افتح عينك" الرجالية تحت عنوان: "أكثر مذيعة أخبار إثارة في أمريكا". في سن الأربعين، حصلت على رخصة طيار مروحية، وقالت إن والدها كان مدرب طيران، وهو من ألهمها. وفي عام 2016، أسست شركة "بلاك أوبس آفييشن"، لتصبح أول امرأة تمتلك شركة لإنتاج الأفلام الجوية. وقدمت الشركة خدمات تصوير لصالح نتفليكس وأمازون، وكانت مستشارة في فيلم "دنكرك". وفي أبريل/نيسان 2025، شاركت في رحلة على متن صاروخ "نيو شيبارد" التابع لشركة "بلو أوريجين"، ضمن طاقم نسائي بالكامل يضم كاتي بيري وغايل كينغ. وقالت إن الرحلة التي استغرقت 10 دقائق جعلتها تعود "بقلب منفتح"، وأضافت: "علينا أن نحمي هذا الكوكب، لأنه الوحيد الذي نملكه". أصدرت سانشيز في عام 2024 كتاب أطفال بعنوان "الذبابة التي حلّقت إلى الفضاء"، استوحت قصته من معاناتها مع عسر القراءة في طفولتها. لديها ثلاثة أبناء: الأول وُلد عام 2001 من علاقتها مع لاعب كرة القدم الأمريكية توني غونزاليس، وطفلان من زوجها السابق باتريك وايتسيل. ويُعتقد أن سانشيز التقت بيزوس بعد أن تعاقدت شركتها لتصوير مشاهد لصالح شركة "بلو أوريجين". وبدأت الشائعات عن علاقتهما في أوائل عام 2019، حين أعلن بيزوس انفصاله عن زوجته، وتقدمت سانشيز بعد ذلك بفترة قصيرة بطلب الطلاق من وايتسيل. وأعلن الثنائي خطوبتهما في صيف 2023، خلال حفل على يخت بيزوس قبالة ساحل أمالفي في إيطاليا. واليوم، يستعدان لحفل زفاف يستمر 3 أيام في مدينة البندقية الإيطالية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store