
حرب إيران وإسرائيل.. كيف شلت مجموعة "العصفور المفترس" النظام المصرفي الإيراني؟
ونقلت الصحيفة الأميركية عن المصادر قولها إن السلطات الإسرائيلية ومجموعة قرصنة موالية لإسرائيل تُعرف باسم "العصفور المفترس" (Predatory Sparrow)، "استهدفوا مؤسسات مالية يستخدمها الإيرانيون، لتحويل الأموال والتحايل على الحصار الاقتصادي الذي تقوده الولايات المتحدة".
وكانت العقوبات الأميركية، التي فُرضت على نحو متقطع على مدى عقود بسبب البرنامج النووي الإيراني ودعم طهران لجماعات متشددة، تهدف إلى عزل إيران عن النظام المالي العالمي.
هجمات سيبرانية
وقالت مجموعة "العصفور المفترس"، التي تنشط بهوية مجهولة وتنشر تحديثات عملياتها عبر منصة "إكس"، إنها عطلت خلال الأسبوع الماضي بنك "سيباه" الإيراني المملوك للدولة، الذي يقدم خدمات للقوات المسلحة الإيرانية ويساعدها في دفع مستحقات الموردين في الخارج، ما أدى إلى شل خدماته المصرفية الإلكترونية وتعطيل أجهزة الصرف الآلي التابعة له. وقد أقرت وسائل إعلام إيرانية رسمية بالأضرار الناجمة عن هذه العمليات.
كما اخترقت المجموعة منصة "نوبیتكس"، أكبر بورصة للعملات المشفرة في إيران، والتي تحظى بشعبية واسعة بين الإيرانيين لتحويل الأموال إلى الخارج. وتمكن القراصنة من سحب نحو 100 مليون دولار، ما أجبر المنصة على التوقف عن العمل، بحسب ما أعلنت الشركة نفسها.
وعطلت الحكومة الإيرانية جزءاً كبيراً من الأنشطة الإلكترونية في البلاد لمنع وقوع هجمات إضافية واحتواء المعارضة، كما حجبت المواقع غير الإيرانية.
وحذّرت السلطات المواطنين من استخدام الهواتف الأجنبية أو تطبيقات المراسلة، مدعية أنها قد تُستخدم لجمع بيانات صوتية ومعلومات عن الموقع الجغرافي لصالح جواسيس إسرائيليين. كما مُنع المسؤولون الحكوميون من استخدام الحواسيب المحمولة والساعات الذكية.
وقالت مجموعة "العصفور المفترس" إن الهجومين استهدفا "شرايين الحياة المالية" التابعة للحرس الثوري الإيراني، الذي يسيطر أيضاً على قطاعات واسعة من الاقتصاد. وكتبت على منصة "إكس": "يا شعب إيران النبيل، اسحبوا أموالكم قبل فوات الأوان".
ولا تزال الشركتان المستهدفتان تعانيان من آثار الهجمات، إذ أعلنت "نوبیتكس" أنها تواجه تحديات كبيرة في استعادة خدماتها، وتخطط لاستئناف التداول خلال الأسبوع المقبل. وقال بعض مستخدمي بنك "سباه" عبر الإنترنت إنهم لا يزالون لا يتلقون الإيداعات.
ولم توضح "العصفور المفترس" ما إذا كانت تعمل نيابة عن السلطات الإسرائيلية، فيما قال ديدي لافيد، الرئيس التنفيذي لشركة Cyvers للأمن السيبراني ومقرها تل أبيب، إن "تطور المجموعة، واختيار أهدافها، ورسائلها الجيوسياسية، تعكس ملامح جهة سيبرانية متحالفة مع إسرائيل ومدعومة من الدولة".
اقتصاد منهك
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجمات السيبرانية استهدفت اقتصاداً منهكاً بالفعل جراء العقوبات الأميركية، التي تحظر شراء النفط الإيراني، أو التعامل مع مصارف البلاد التي يعتمد اقتصادها إلى حد كبير على عدد محدود من الشركاء التجاريين، أبرزهم الصين.
ويتجاوز معدل التضخم السنوي في إيران 40%، وفقاً للبنك الدولي. كما أدى النزوح المستمر للعمالة الماهرة إلى خنق نمو الاقتصاد الإيراني.
وأعلنت إسرائيل، الثلاثاء، التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إيران، لكن خبراء أمن سيبراني ومسؤولين إسرائيليين يتوقعون استمرار الحرب الإلكترونية.
وقال لافيد: "من المرجح أن تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات سيبرانية دقيقة تستهدف مراكز القوة في النظام (الإيراني)".
وقال مسؤولون في المكتب الوطني لمكافحة تمويل الإرهاب في إسرائيل، إنهم لا يملكون معلومات بشأن وجود صلات بين مجموعة "العصفور المفترس" والسلطات الإسرائيلية.
وأوضح المسؤولون أن إسرائيل تستهدف بشكل عام البنية التحتية الاقتصادية التي تمكن إيران من تمويل جيشها ووكلائها، مشيرين إلى أن إسرائيل فرضت هذا الشهر عقوبات على البنك المركزي الإيراني ومصارف أخرى يستخدمها الحرس الثوري.
ويعتزم المكتب الوطني لمكافحة تمويل الإرهاب، الخاضع لإشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية، إصدار أوامر إلى منصات تداول خارج إيران لمساعدته في مصادرة المزيد من أصول "نوبیتكس" الرقمية، بعدما حدد أموالاً إضافية بقيمة 150 مليون دولار تحتفظ بها المنصة، وفقاً للمسؤولين.
رد إيراني
وفي المقابل، ردت مجموعات قرصنة موالية لإيران باستهداف مواقع إلكترونية تابعة للحكومة الإسرائيلية عن طريق ما يعرف باسم "الهجمات الموزعة لحجب الخدمات" (DDoS)، والتي تهدف إلى إغراق الخوادم المسؤولة عن توجيه حركة الإنترنت بطوفان من الطلبات، وإرسال رسائل احتيالية لإسرائيليين في محاولة لاختراق هواتفهم.
لكن الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في إسرائيل قالت إن الهجمات الإلكترونية الإيرانية لم تُسبب أي أضرار خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي محاولة للحد من تأثير الهجمات الإسرائيلية، بدأت طهران في تقييد وصول مواطنيها إلى الإنترنت، وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني إن الانقطاع شبه الكامل للإنترنت في البلاد "مؤقت ومُستهدف ومُتحكم به، ويهدف إلى مواجهة الهجمات الإلكترونية".
ونقل موقع "ذا فيرج" المتخصص في أخبار التكنولوجيا، عن مستخدمي إنترنت في إيران قولهم، إنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى خدمات اتصالات أساسية، مثل تطبيقات المراسلة والخرائط، وأحياناً الإنترنت نفسه.
وأفادت شركة Cloudflare بأن شركتي اتصالات إيرانيتين رئيسيتين، انقطعتا عن العمل، الثلاثاء، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن حتى شبكات VPN، التي يستخدمها الإيرانيون كثيراً للوصول إلى مواقع محظورة مثل فيسبوك أصبح من الصعب الوصول إليها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
كيف يستخدم ترمب «نظرية الرجل المجنون» في تغيير العالم؟
عندما سُئل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الشهر الماضي، عما إذا كان يخطط للانضمام إلى إسرائيل في حربها ضد إيران، قال: «قد أفعل ذلك. وقد لا أفعله. لا أحد يعلم ما سأفعله». وبعد أن أوحى للعالم بأنه وافق على هدنة لمدة أسبوعين للسماح لإيران باستئناف المفاوضات، قام بقصف مواقعها النووية. ووفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فثمة نمط آخذ في الظهور: أن أكثر ما يُمكن التنبؤ به في ترمب هو عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته. فهو يغير رأيه. ويناقض نفسه دائماً. ويقول بيتر تروبويتز، أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد: «لقد بنى (ترمب) عملية صنع سياسات شديدة المركزية، ويمكن القول إنها الأكثر مركزية، على الأقل في مجال السياسة الخارجية، منذ ريتشارد نيكسون». وهذا يجعل قرارات السياسة أكثر اعتماداً على شخصية ترمب وتفضيلاته ومزاجه. ولقد استغل ترمب هذا الأمر سياسياً؛ فقد جعل من «عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاته» رصيداً استراتيجياً وسياسياً رئيسياً له. والآن، تُوجّه هذه السمة الشخصية السياسة الخارجية والأمنية للبيت الأبيض، ويمكن القول إنها «تُغيّر شكل العالم». ووفق «بي بي سي»، يُطلق علماء السياسة على هذه النظرية اسم «نظرية الرجل المجنون»؛ حيث يسعى زعيم عالمي إلى إقناع خصمه بأنه قادر على فعل أي شيء بطبعه، لانتزاع تنازلات منه. وإذا استُخدمت بنجاح، فقد تُصبح شكلاً من أشكال الإكراه، ويعتقد ترمب أنها تُؤتي ثمارها؛ إذ تُوصل حلفاء الولايات المتحدة إلى حيث يُريدهم. ولكن هل هذا نهج يُمكن أن يُجدي نفعاً ضد الأعداء؟ بدأ ترمب رئاسته الثانية باحتضان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومهاجمة حلفاء أميركا. أغضب كندا بقوله إنها يجب أن تصبح الولاية الحادية والخمسين للولايات المتحدة. وقال إنه مستعد للنظر في استخدام القوة العسكرية لضم غرينلاند. وأكد أن على أميركا استعادة ملكية قناة بنما والسيطرة عليها. وبخصوص حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تُلزم المادة الخامسة من ميثاق الحلف كل عضو بالدفاع عن الأعضاء الآخرين جميعهم. وقد أثار ترمب شكوكاً حول التزام أميركا بذلك. وصرح بن والاس، وزير الدفاع البريطاني السابق، قائلاً: «أعتقد أن المادة الخامسة على وشك الانهيار». وكُشفت سلسلة من الرسائل النصية المسربة عن «ثقافة الازدراء» السائدة في البيت الأبيض بقيادة ترمب تجاه الحلفاء الأوروبيين. وصرّح نائب ترمب، جي دي فانس، بأن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن الضامن لأمن أوروبا. وبدا أن هذا القرار يطوي صفحة 80 عاماً من التضامن عبر الأطلسي. وقال تروبويتز: «ما فعله ترمب هو إثارة شكوك وتساؤلات جدية حول مصداقية التزامات أميركا الدولية، ومهما كانت علاقات تلك الدول (في أوروبا) مع الولايات المتحدة، سواءً في الأمن أو الاقتصاد أو غيرها، فإنها الآن عرضة للتفاوض في أي لحظة». وأضاف: «أشعر أن معظم من يُحيطون بترمب يعتقدون أن عدم القدرة على التنبؤ أمر جيد؛ لأنه يسمح لترمب باستغلال نفوذ أميركا لتحقيق أقصى مكاسب... وهذا أحد الدروس التي استخلصها من التفاوض في عالم العقارات». ولقد أتى نهج ترمب بثماره. فقبل 4 أشهر فقط، أعلنت بريطانيا أنها ستزيد إنفاقها الدفاعي والأمني إلى نسبة 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من 2.3 في المائة. والشهر الماضي، خلال قمة لحلف «الناتو»، ارتفعت هذه النسبة إلى 5 في المائة، وهي زيادة هائلة، سيصل إليها جميع أعضاء الحلف الآخرين. وتُقول جولي نورمان، أستاذة العلوم السياسية في كلية لندن، إن «من الصعب جداً معرفة ما سيحدث يوماً بعد يوم. وهذا هو نهج ترمب دائماً». ونجح ترمب في استغلال مزاجه المتقلب لتغيير العلاقة الدفاعية عبر الأطلسي. ويبدو أنه للحفاظ على دعم ترمب، عمد بعض القادة الأوروبيين إلى الإطراء والتودد له، مثلما قال الأمين العام لـ«الناتو»، مارك روته، خلال قمة للحلف الشهر الماضي في لاهاي، مخاطباً ترمب: «ستُحققون شيئاً لم يستطع أي رئيس تحقيقه منذ عقود». ورغم قدرة «نظرية الرجل المجنون» على التأثير في الحلفاء، فإنه يبدو أنها لا تنجح مع الخصوم. فهذا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يزال منيعاً أمام نهج ترمب. وعقب مكالمة هاتفية بينهما، الخميس، أعرب ترمب عن «خيبة أمله» لعدم استعداد بوتين لإنهاء الحرب ضد أوكرانيا. وفي إيران، وعد ترمب قاعدته الشعبية بإنهاء التدخل الأميركي في «حروب الشرق الأوسط الدائمة»، ولكنه قام بضرب المنشآت النووية الإيرانية في خيار هو «الأكثر تقلباً» في ولايته الثانية حتى الآن، وفق «بي بي سي». والسؤال هو: هل سيحقق هذا القرار النتيجة المرجوة؟ يرى وزير الخارجية البريطاني الأسبق، ويليام هيغ، أن هذا القرار سيؤدي إلى عكس النتيجة المرجوة منه تماماً، وسيزيد من احتمالية سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية. ويتفق معه في الرأي مايكل ديش، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة نوتردام الذي قال: «أعتقد أنه من المرجح جداً الآن أن تتخذ إيران قراراً بالسعي لامتلاك سلاح نووي»، وهو ما يعني أن نهج ترمب يأتي بنتائج عكسية مع الخصوم حتى الآن.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
"شبكات الظل".. كيف جنّدت إيران جواسيس إسرائيليين؟
قبل أن تندلع شرارة الحرب الإسرائيلية الإيرانية الشهر الماضي، اهتزت الأوساط الأمنية في تل أبيب على وقع اكتشاف صادم تمثل في شبكة واسعة من مواطنين إسرائيليين يعملون كجواسيس لصالح طهران، ولم يكن حجم هذه الشبكة متوقعًا، فقد أظهرت التحقيقات التي بدأت بعد وابل الصواريخ الإيرانية الأول على إسرائيل في أبريل 2024، تورط أكثر من 30 إسرائيليًا في التعاون مع الاستخبارات الإيرانية، وتكمن خطورة الأمر في أن هذه الاتصالات غالبًا ما بدأت برسائل نصية مجهولة، حملت في طياتها عروضًا مغرية بالمال مقابل معلومات أو مهام بسيطة، لتتصاعد المطالب وتزداد خطورة المدفوعات مع تعقد المهام. وتشير وثائق المحكمة إلى أن هذا التصاعد في جهود التجسس الإيرانية خلال العام الماضي لم يحقق أهدافه المرجوة، فرغم الطموحات الإيرانية في تنفيذ اغتيالات رفيعة المستوى لمسؤولين إسرائيليين، إلا أن هذه المخططات لم تكلل بالنجاح، ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن الحملة التجسسية قد حققت نجاحًا جزئيًا في جمع البيانات من مصادر جماعية حول مواقع إستراتيجية مهمة، تحولت لاحقًا إلى أهداف محتملة للصواريخ الباليستية الإيرانية، وفي المقابل، حققت إسرائيل نجاحات مدمرة في التجسس على إيران، مما سمح للموساد بتحديد مواقع واغتيال جزء كبير من القيادة العليا الإيرانية وعلماء الذرة في عملية خاطفة فجر الجمعة 13 يوليو، بالإضافة إلى أهداف أخرى، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية. ومنذ بدء الحرب، أعلنت إيران اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وفقًا لوكالة فارس للأنباء، لكن هذه المحاكمات جرت بسرية تامة، وأدت في ست حالات على الأقل إلى إعدامات موجزة، مما يجعل من المستحيل تحديد مدى واقعية هذه الشبكة المزعومة أو كونها نتاج هستيريا رسمية، وعلى النقيض، في حالة الإسرائيليين المتهمين بالتجسس لصالح إيران، قدم الادعاء لوائح اتهام مفصلة، وعلى الرغم من صدور إدانة واحدة فقط حتى الآن من موجة الاعتقالات الأخيرة، تاركًا الحكم على الذنب الفردي للمستقبل، فقد اتضحت صورة جلية من وثائق المحكمة حول كيفية قيام إيران بنشر شبكة واسعة لاصطياد العملاء المحتملين. وعادة ما تبدأ عملية التجنيد الإيرانية لعملاء شبكات الظل برسالة نصية من مرسل مجهول، وعلى سبيل المثال، رسالة من مرسل يحمل اسم "وكالة أنباء" سألت: "هل لديك أي معلومات عن الحرب؟ نحن مستعدون لشرائها"، ورسالة أخرى، أرسلها "طهران-القدس" إلى مواطن إسرائيلي فلسطيني، كانت أكثر وضوحًا: "القدس الحرة توحد المسلمين. أرسل لنا معلومات عن الحرب"، وتضمنت الرسالة رابطًا لتطبيق تيليجرام، حيث يبدأ حوار جديد، أحيانًا مع شخص يستخدم اسمًا إسرائيليًا، مع عرض مالي لمهام تبدو بسيطة، وإذا أبدى المستلم اهتمامًا، يتم نصحه بإنشاء حساب على PayPal وتطبيق لاستقبال الأموال بالعملات المشفرة. وفي حالة أحد المشتبه بهم الذي اعتقل في 29 سبتمبر، كانت المهمة الأولى هي التوجه إلى حديقة للتحقق مما إذا كانت حقيبة سوداء قد دفنت في مكان معين، مقابل مبلغ يقارب 1000 دولار، ولم تكن هناك حقيبة، وأرسل المجند فيديو لإثبات ذلك، ولاحقًا، كُلف بمهام أخرى تتضمن توزيع منشورات، تعليق ملصقات، أو رش رسومات جرافيتي، معظمها بشعارات تهاجم بنيامين نتنياهو، مثل "كلنا معًا ضد بيبي" أو "بيبي أحضر حزب الله إلى هنا" أو "بيبي = هتلر"، والمرحلة التالية تضمنت التقاط الصور. تم توظيف إسرائيلي من أصل أذربيجاني لتصوير منشآت حساسة في جميع أنحاء البلاد، ويبدو أنه حولها إلى عمل عائلي، حيث حث أقاربه على التقاط صور لمرافق الميناء في حيفا وقاعدة نيفاتيم الجوية في النقب، بالإضافة إلى بطاريات القبة الحديدية ومقر قيادة الاستخبارات العسكرية في جليلوت. أهداف حساسة وطُلب من المجند الذي بحث عن الحقيبة السوداء تصوير منزل عالم نووي يعمل في معهد وايزمان، مركز الأبحاث العلمي الأول في إسرائيل، وكان المعهد هدفًا لاهتمام إيراني شديد، خاصة بعد مقتل خمسة علماء نوويين إيرانيين على مدى 15 عامًا سبقت الحرب، يُعتقد أن الموساد كان وراءهم، وفي سياق صراع إسرائيل للحفاظ على احتكارها للأسلحة النووية في الشرق الأوسط، أرادت طهران الرد، فضربت معهد وايزمان بصواريخ باليستية في حرب الأيام الـ 12، ويبدو أن الصور التي التقطها عملاؤها ساعدت في تحديد الأهداف، ومع ذلك، فشلت محاولة قتل علمائها، ولم تنجح وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية ولا الحرس الثوري في اغتيال أي من أهدافهم في حرب الظل الطويلة. وبينما اعتمد الموساد على زرع كوادر من العملاء المدربين تدريبًا عاليًا في إيران، كان النهج الذي اتبعته الاستخبارات الإيرانية هو اختبار مدى استعداد المجندين الجدد للمضي قدمًا، ووصف خبير استخبارات إسرائيلي يوسي ميلمان، هذا النهج بأنه "رش ودعاء، يسعى إلى تطوير عدد قليل من المجندين ذوي الجودة العالية من خلال استثمارات منخفضة المخاطر في آخرين كثر"، وبعد إنجاز المهام البسيطة، طُلب من المجندين القيام بالمزيد مقابل المزيد من المال، وبعد تصوير منزل عالم نووي من معهد وايزمان، عُرض على أحد المجندين 60 ألف دولار لقتل العالم وعائلته وحرق منزلهم، ووفقًا للائحة الاتهام، وافق العميل وشرع في توظيف أربعة رجال محليين، لكن محاولتهم لاغتيال العالم في 15 سبتمبر فشلت عند بوابات المعهد. تصعيد سريع وفي اليوم التالي للفشل، طلب العملاء الإيرانيون من المجند العودة إلى معهد وايزمان والتقاط المزيد من الصور، مستفيدًا من كونه يهوديًا إسرائيليًا يصل في وضح النهار، تمكن من تجاوز حراس الأمن وصوّر سيارة العالم، وحصل على 709 دولارات وطُلب منه تركيب جهاز تحديد المواقع على السيارة، لكنه رفض، ويتكرر هذا النمط مرارًا في لوائح الاتهام، وعلى الرغم من فعالية المجندين الإيرانيين في العثور على العديد من الإسرائيليين المستعدين لالتقاط الصور وتوزيع المنشورات مقابل المال الإيراني، يبدو أن العملاء في طهران كانوا في عجلة من أمرهم لتطوير عملاء على المدى الطويل، وطُلب من العديد منهم فجأة، بعد أيام قليلة من إنجاز مهامهم الأولى، ما إذا كانوا سيحاولون اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى، وطُلب من المجموعة الأذرية العثور على قاتل محترف لكنهم رفضوا، والمجند نفسه الذي رفض وضع جهاز تعقب على سيارة العالم طُلب منه بعد أيام ما إذا كان قد يفكر في إلقاء قنبلة حارقة على سيارة نتنياهو. وعندما تواصلت الاستخبارات الإيرانية مع مردخاي "موتي" مامان، 72 عامًا، في ربيع العام الماضي، كان قد تزوج مؤخرًا من امرأة بيلاروسية أصغر منه بكثير، وكان بحاجة إلى أموال بعد فشل عدة مشاريع تجارية، والتقى مامان بجهات اتصال إيرانية في تركيا، ثم تم تهريبه إلى إيران حيث عُرضت عليه آلاف الدولارات مقابل ثلاث مهام: ترك أموال أو أسلحة في مواقع محددة في إسرائيل؛ التقاط صور لأماكن مزدحمة؛ ونقل تهديدات إلى عملاء آخرين، خاصة الفلسطينيين الإسرائيليين الذين تلقوا أموالًا من إيران لتنفيذ مهام معادية لكنهم لم ينفذوها. وفي أغسطس، عرض الإيرانيون على مامان 150 ألف دولار لقتل أي من نتنياهو، أو رونين بار رئيس الشاباك، أو يوآف غالانت وزير الدفاع آنذاك، ووفقًا للادعاء، طلب مامان مليون دولار لتنفيذ المهمة، وكان هذا المبلغ مرتفعًا جدًا بالنسبة للإيرانيين الذين اقترحوا هدفًا أقل، رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار، ويُزعم أن مامان تمسك بطلبه المليون دولار وتوقفت المحادثات، وتم دفع 5000 دولار له وعاد إلى تل أبيب، حيث كان ضباط الشاباك في انتظاره. في 29 أبريل، حكم على مامان بالسجن 10 سنوات بعد إقراره بالذنب في تهمة الاتصال بعميل أجنبي والدخول غير المصرح به إلى دولة معادية.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ماذا أظهرت المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية؟
قال خبراء سياسيون وأمنيون إن العلاقات الخليجية – الإيرانية يمكن أن تصبح أكثر قوة ونمواً وازدهاراً في حال التزمت طهران بتصريحاتها وغيرت سلوكها بعيداً عن التدخل ودعم الجماعات المسلحة في المنطقة. ورأى الخبراء أن المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية الأخيرة أظهرت حاجة دول مجلس التعاون الخليجي للتفكير في الأمن الإقليمي، وتحويل رؤية دول المجلس للأمن الإقليمي إلى آليات واضحة لحماية الاستقرار والأمن وصولاً لإطار مشترك مع دول الجوار وعلى رأسها إيران والعراق. وانغ يي يتوسط رئيسي الوفدين السعودي الدكتور مساعد العيبان والإيراني الأدميرال علي شمخاني في بكين مارس 2023 (واس) وأشار الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، إلى تصريحات الرئيس الإيراني بزشكيان الأخيرة عن رغبة طهران في علاقات جيدة مع دول الجوار. وقال: «كل ما نريده من إيران اليوم أن تلتزم بما قالته بأنها لا تريد تدخلاً واعتداءً على الخليج. ولو غيّروا سلوكهم وأصبحوا من دون تدخل أو عدوان سيؤدي ذلك إلى مزيد من الأمن والاستقرار في المنطقة والنمو والرخاء في إيران والدول المجاورة لها». وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد صرح بأن طهران مستعدة لبدء صفحة جديدة في العلاقات مع دول الجوار بمنطقة الخليج. ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن بزشكيان قوله لأعضاء حكومته إن «سياسة الجوار وتطوير العلاقات مع دول المنطقة يعدّان من الاستراتيجيات الأساسية (للحكومة)؛ نظراً للحاجة إلى التضامن بين الدول الإسلامية، وبهدف توسيع التعاون الشامل». وأضاف بن صقر، خلال ندوة أقامها مركز الخليج للأبحاث، الاثنين، بعنوان «التصعيد والدبلوماسية: وجهات نظر خليجية حول الحرب الإسرائيلية - الإيرانية»: «نريد رؤية إيران بعيداً عن تلك المجموعات التي دعمتها طيلة السنوات الماضية مثل (حزب الله)، وأن تبني معياراً أمنياً في المنطقة ليس فيه اعتداء، سيكون لديهم كل الإشارات الجيدة من الخليج طالما تأتي إشارات جيدة من إيران، نحن ضد أي عدوان لتغيير النظام في إيران، هذا أمر إيراني خالص». من جهته، يحدد الدكتور صالح الخثلان، مستشار أول مركز الخليج للأبحاث، 3 مسارات يجب على دول الخليج اتباعها بعد الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل هي: الأول: الانخراط بشكل أكبر مع إيران وإيضاح عدم قبولهم لأي برنامج نووي عسكري، مع حقهم في امتلاك برنامج سلمي للأغراض المدنية. الثاني: أن تقوم دول الخليج بإيصال رسالة إيجابية لإيران بمساعدتها للخروج من العزلة إقليمياً ودولياً، شريطة تغيير سلوكها. الثالث: تقوية الأصوات المعتدلة في إيران. ويرى الخثلان أن «الحرب الأخيرة أظهرت حاجة دول الخليج للتفكير في الأمن الإقليمي». وقال: «منذ سنة عرضت دول مجلس التعاون رؤيتها لأمن الإقليم وتم إصدار وثيقة للأولويات والأهداف والسياسات، الوقت حان للانتقال للحديث عن آلية لجعل هذه الرؤية تتحقق لحماية الاستقرار والأمن في دول الخليج والوصول لإطار أمني مع جيرانها إيران والعراق بما يؤدي ما نسميه سلام مستمر». صورة تكشف آثار الضربات الأميركية والإسرائيلية على منشأة «فوردو» الإيرانية والأنفاق المتضررة وعمليات الإصلاح الجارية 29 يونيو 2025 (أ.ب) إلى ذلك، رجّح الدكتور مصطفى العاني، مدير برنامج الأمن والدفاع بمركز الخليج للأبحاث، أن تكون الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية دمرت نحو 90 في المائة من البرنامج. ونفّذت الولايات المتحدة هجوماً في وقت سابق من الشهر الحالي باستخدام قاذفات مزودة بقنابل خارقة للتحصينات استهدف المواقع النووية الإيرانية الرئيسية، وردّت إيران في اليوم التالي بهجوم صاروخي استهدف قاعدة «العديد» التي تستخدمها القوات الأميركية في قطر، ما أثار تنديداً من دول الخليج. ولفت العاني إلى أن الحملة الإسرائيلية والأميركية لم تكن وليدة اللحظة بل هي نتاج جمع للمعلومات الاستخباراتية لمدة 10 سنوات على الأقل. وتابع بقوله: «نتحدث عن عملية مخطط لها بشكل جيد (...) لم يكن تخطيطاً بسيطاً، ليس لدي أي شك أن البرنامج النووي دُمر بنحو 90 في المائة حتى الآن». واستبعد تعافي إيران مما تعرضت له، مشيراً إلى أن الحديث اليوم عن «بداية النهاية للصراع» في حال أراد الإيرانيون استكمال البرنامج النووي؛ حيث سيتم ضربهم، وقال: «السؤال الآن: هل يمكن لإيران أن تتعافى؟ لا أشك في ذلك بأنها لن تتعافى، خاصة أن الأميركيين والإسرائيليين سيعودون مرة أخرى لمنع بناء قنبلة، يمكن أن يضربوا في أي وقت».