
"شبكات الظل".. كيف جنّدت إيران جواسيس إسرائيليين؟
وتشير وثائق المحكمة إلى أن هذا التصاعد في جهود التجسس الإيرانية خلال العام الماضي لم يحقق أهدافه المرجوة، فرغم الطموحات الإيرانية في تنفيذ اغتيالات رفيعة المستوى لمسؤولين إسرائيليين، إلا أن هذه المخططات لم تكلل بالنجاح، ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن الحملة التجسسية قد حققت نجاحًا جزئيًا في جمع البيانات من مصادر جماعية حول مواقع إستراتيجية مهمة، تحولت لاحقًا إلى أهداف محتملة للصواريخ الباليستية الإيرانية، وفي المقابل، حققت إسرائيل نجاحات مدمرة في التجسس على إيران، مما سمح للموساد بتحديد مواقع واغتيال جزء كبير من القيادة العليا الإيرانية وعلماء الذرة في عملية خاطفة فجر الجمعة 13 يوليو، بالإضافة إلى أهداف أخرى، وفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية.
ومنذ بدء الحرب، أعلنت إيران اعتقال أكثر من 700 شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وفقًا لوكالة فارس للأنباء، لكن هذه المحاكمات جرت بسرية تامة، وأدت في ست حالات على الأقل إلى إعدامات موجزة، مما يجعل من المستحيل تحديد مدى واقعية هذه الشبكة المزعومة أو كونها نتاج هستيريا رسمية، وعلى النقيض، في حالة الإسرائيليين المتهمين بالتجسس لصالح إيران، قدم الادعاء لوائح اتهام مفصلة، وعلى الرغم من صدور إدانة واحدة فقط حتى الآن من موجة الاعتقالات الأخيرة، تاركًا الحكم على الذنب الفردي للمستقبل، فقد اتضحت صورة جلية من وثائق المحكمة حول كيفية قيام إيران بنشر شبكة واسعة لاصطياد العملاء المحتملين.
وعادة ما تبدأ عملية التجنيد الإيرانية لعملاء شبكات الظل برسالة نصية من مرسل مجهول، وعلى سبيل المثال، رسالة من مرسل يحمل اسم "وكالة أنباء" سألت: "هل لديك أي معلومات عن الحرب؟ نحن مستعدون لشرائها"، ورسالة أخرى، أرسلها "طهران-القدس" إلى مواطن إسرائيلي فلسطيني، كانت أكثر وضوحًا: "القدس الحرة توحد المسلمين. أرسل لنا معلومات عن الحرب"، وتضمنت الرسالة رابطًا لتطبيق تيليجرام، حيث يبدأ حوار جديد، أحيانًا مع شخص يستخدم اسمًا إسرائيليًا، مع عرض مالي لمهام تبدو بسيطة، وإذا أبدى المستلم اهتمامًا، يتم نصحه بإنشاء حساب على PayPal وتطبيق لاستقبال الأموال بالعملات المشفرة.
وفي حالة أحد المشتبه بهم الذي اعتقل في 29 سبتمبر، كانت المهمة الأولى هي التوجه إلى حديقة للتحقق مما إذا كانت حقيبة سوداء قد دفنت في مكان معين، مقابل مبلغ يقارب 1000 دولار، ولم تكن هناك حقيبة، وأرسل المجند فيديو لإثبات ذلك، ولاحقًا، كُلف بمهام أخرى تتضمن توزيع منشورات، تعليق ملصقات، أو رش رسومات جرافيتي، معظمها بشعارات تهاجم بنيامين نتنياهو، مثل "كلنا معًا ضد بيبي" أو "بيبي أحضر حزب الله إلى هنا" أو "بيبي = هتلر"، والمرحلة التالية تضمنت التقاط الصور. تم توظيف إسرائيلي من أصل أذربيجاني لتصوير منشآت حساسة في جميع أنحاء البلاد، ويبدو أنه حولها إلى عمل عائلي، حيث حث أقاربه على التقاط صور لمرافق الميناء في حيفا وقاعدة نيفاتيم الجوية في النقب، بالإضافة إلى بطاريات القبة الحديدية ومقر قيادة الاستخبارات العسكرية في جليلوت.
أهداف حساسة
وطُلب من المجند الذي بحث عن الحقيبة السوداء تصوير منزل عالم نووي يعمل في معهد وايزمان، مركز الأبحاث العلمي الأول في إسرائيل، وكان المعهد هدفًا لاهتمام إيراني شديد، خاصة بعد مقتل خمسة علماء نوويين إيرانيين على مدى 15 عامًا سبقت الحرب، يُعتقد أن الموساد كان وراءهم، وفي سياق صراع إسرائيل للحفاظ على احتكارها للأسلحة النووية في الشرق الأوسط، أرادت طهران الرد، فضربت معهد وايزمان بصواريخ باليستية في حرب الأيام الـ 12، ويبدو أن الصور التي التقطها عملاؤها ساعدت في تحديد الأهداف، ومع ذلك، فشلت محاولة قتل علمائها، ولم تنجح وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية ولا الحرس الثوري في اغتيال أي من أهدافهم في حرب الظل الطويلة.
وبينما اعتمد الموساد على زرع كوادر من العملاء المدربين تدريبًا عاليًا في إيران، كان النهج الذي اتبعته الاستخبارات الإيرانية هو اختبار مدى استعداد المجندين الجدد للمضي قدمًا، ووصف خبير استخبارات إسرائيلي يوسي ميلمان، هذا النهج بأنه "رش ودعاء، يسعى إلى تطوير عدد قليل من المجندين ذوي الجودة العالية من خلال استثمارات منخفضة المخاطر في آخرين كثر"، وبعد إنجاز المهام البسيطة، طُلب من المجندين القيام بالمزيد مقابل المزيد من المال، وبعد تصوير منزل عالم نووي من معهد وايزمان، عُرض على أحد المجندين 60 ألف دولار لقتل العالم وعائلته وحرق منزلهم، ووفقًا للائحة الاتهام، وافق العميل وشرع في توظيف أربعة رجال محليين، لكن محاولتهم لاغتيال العالم في 15 سبتمبر فشلت عند بوابات المعهد.
تصعيد سريع
وفي اليوم التالي للفشل، طلب العملاء الإيرانيون من المجند العودة إلى معهد وايزمان والتقاط المزيد من الصور، مستفيدًا من كونه يهوديًا إسرائيليًا يصل في وضح النهار، تمكن من تجاوز حراس الأمن وصوّر سيارة العالم، وحصل على 709 دولارات وطُلب منه تركيب جهاز تحديد المواقع على السيارة، لكنه رفض، ويتكرر هذا النمط مرارًا في لوائح الاتهام، وعلى الرغم من فعالية المجندين الإيرانيين في العثور على العديد من الإسرائيليين المستعدين لالتقاط الصور وتوزيع المنشورات مقابل المال الإيراني، يبدو أن العملاء في طهران كانوا في عجلة من أمرهم لتطوير عملاء على المدى الطويل، وطُلب من العديد منهم فجأة، بعد أيام قليلة من إنجاز مهامهم الأولى، ما إذا كانوا سيحاولون اغتيال مسؤولين رفيعي المستوى، وطُلب من المجموعة الأذرية العثور على قاتل محترف لكنهم رفضوا، والمجند نفسه الذي رفض وضع جهاز تعقب على سيارة العالم طُلب منه بعد أيام ما إذا كان قد يفكر في إلقاء قنبلة حارقة على سيارة نتنياهو.
وعندما تواصلت الاستخبارات الإيرانية مع مردخاي "موتي" مامان، 72 عامًا، في ربيع العام الماضي، كان قد تزوج مؤخرًا من امرأة بيلاروسية أصغر منه بكثير، وكان بحاجة إلى أموال بعد فشل عدة مشاريع تجارية، والتقى مامان بجهات اتصال إيرانية في تركيا، ثم تم تهريبه إلى إيران حيث عُرضت عليه آلاف الدولارات مقابل ثلاث مهام: ترك أموال أو أسلحة في مواقع محددة في إسرائيل؛ التقاط صور لأماكن مزدحمة؛ ونقل تهديدات إلى عملاء آخرين، خاصة الفلسطينيين الإسرائيليين الذين تلقوا أموالًا من إيران لتنفيذ مهام معادية لكنهم لم ينفذوها.
وفي أغسطس، عرض الإيرانيون على مامان 150 ألف دولار لقتل أي من نتنياهو، أو رونين بار رئيس الشاباك، أو يوآف غالانت وزير الدفاع آنذاك، ووفقًا للادعاء، طلب مامان مليون دولار لتنفيذ المهمة، وكان هذا المبلغ مرتفعًا جدًا بالنسبة للإيرانيين الذين اقترحوا هدفًا أقل، رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، مقابل 400 ألف دولار، ويُزعم أن مامان تمسك بطلبه المليون دولار وتوقفت المحادثات، وتم دفع 5000 دولار له وعاد إلى تل أبيب، حيث كان ضباط الشاباك في انتظاره. في 29 أبريل، حكم على مامان بالسجن 10 سنوات بعد إقراره بالذنب في تهمة الاتصال بعميل أجنبي والدخول غير المصرح به إلى دولة معادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 28 دقائق
- عكاظ
هدنة غزة تتصدر مباحثات ترمب ونتنياهو اليوم
تتصدر الهدنة المرتقبة في غزة مباحثات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما، اليوم(الإثنين)، في البيت الأبيض للمرة الثالثة منذ عودة ترمب إلى السلطة قبل نحو ستة أشهر. وعبر نتنياهو عن اعتقاده بأن مناقشاته مع الرئيس الأمريكي اليوم، ستسهم في دفع محادثات تحرير المحتجزين ووقف إطلاق النار في غزة، فيما يتوقع ترمب أن من الممكن التوصل لاتفاق هذا الأسبوع. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة أن إدارة ترمب مستعدة لضمان عدم عودة الحرب في غزة بعد مهلة الـ60 يوما إذا كان ذلك مناسبا، وأن مسألة المساعدات وتوزيعها في غزة لن تشكل عقبة للتوصل لاتفاق. فيما قالت إذاعة جيش الاحتلال إن الجيش أبلغ المستوى السياسي في الحكومة صعوبة تحقيق «هدفي الحرب بإعادة الرهائن والقضاء على حماس في وقت واحد»، وطالب الحكومة بتحديد ما يجب فعله أولا وأنه «يرى أن إعادة الرهائن من غزة يجب أن تكون أولا». ونفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تعثر المفاوضات في الدوحة. وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، أكد مسؤولون أن المحادثات تمضي قدما بإيجابية لكن من دون تحقيق اختراق، بالرغم من أن «رد حماس على مقترح ويتكوف كان أقل من المأمول». ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» عن مسؤول إسرائيلي قوله: إن وفد التفاوض في الدوحة أبلغ نتنياهو بأن المحادثات تمضي بإيجابية. وكان نتنياهو، قال أمس (الأحد)، قبل أن يصعد طائرته متجها إلى واشنطن إن المفاوضين الإسرائيليين المشاركين في محادثات وقف إطلاق النار لديهم تعليمات واضحة بالتوصل إلى اتفاق بشروط قبلتها إسرائيل. وأضاف: أعتقد أن النقاش مع الرئيس ترمب سيسهم بالتأكيد في تحقيق هذه النتائج، وأكد أنه مصمم على ضمان عودة المحتجزين في غزة والقضاء على تهديد حركة حماس لإسرائيل. وعبر ترمب عن اعتقاده أن من الممكن التوصل لاتفاق لتحرير الرهائن ووقف إطلاق النار هذا الأسبوع، الأمر الذي قد يؤدي إلى إطلاق سراح «عدد لا بأس به من الرهائن»، بحسب تعبيره. وأضاف في تصريحات للصحفيين قبل العودة إلى واشنطن بعد قضاء عطلة نهاية الأسبوع في نيوجيرسي: «أعتقد أن ثمة فرصة جيدة لإبرام اتفاق مع حماس خلال الأسبوع». وأفادت حماس، الجمعة، بأن ردها على اقتراح وقف إطلاق النار في غزة «اتسم بالإيجابية»، وذلك بعد أيام قليلة من قول ترمب إن إسرائيل وافقت على «الشروط اللازمة لوضع اللمسات النهائية» على هدنة مدتها 60 يوما. أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
المنظمة الدولية للهجرة: 450 ألف أفغاني غادروا إيران منذ مطلع يونيو الماضي
أفادت المنظمة الدولية للهجرة اليوم الإثنين، إن نحو 450 ألف أفغاني غادروا إيران إلى أفغانستان منذ بداية يونيو، بعدما طلبت طهران من الأشخاص الذين لا يملكون وثائق المغادرة قبل السادس من يوليو. وقال متحدث باسم المنظمة التابعة للأمم المتحدة لوكالة "فرانس برس"، إنّ 449218 أفغانيا عادوا من إيران منذ الأول من يونيو إلى الخامس من يوليو. وأضاف أنّ إجمالي العائدين منذ بداية العام هو 906326 شخصا.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب يرى «فرصة جيدة» للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة «هذا الأسبوع»
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، إن هناك «فرصة جيدة» للتوصل إلى اتفاق بشأن هدنة في غزة «خلال هذا الأسبوع»، وذلك قبل اجتماعه المرتقب في واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وصرّح ترمب للصحافيين: «أعتقد أن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق مع «حماس» خلال هذا الأسبوع، الأسبوع المقبل، يتعلق بعدد لا بأس به من الرهائن»، مع تزايد الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي لإنهاء الحرب في غزة. وتابع: «لقد نجحنا بالفعل في إخراج العديد من الرهائن، ولكن فيما يتعلق بالرهائن المتبقين، فسيتم إخراج عدد لا بأس به منهم. ونتوقع أن يتم ذلك هذا الأسبوع». وأضاف أن الولايات المتحدة «تعمل على قضايا عدة مع إسرائيل»، ومن بينها «ربما اتفاق دائم مع إيران». وأضاف أن الولايات المتحدة «تعمل على قضايا عدة مع إسرائيل»، ومن بينها «ربما اتفاق دائم مع إيران». ووصل نتنياهو، الاثنين، إلى الولايات المتحدة، حيث سيجتمع مع الرئيس ترمب ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية ماركو روبيو. وهبطت طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي في قاعدة سانت أندروز الجوية في الولايات المتحدة قبيل زيارته للبيت الأبيض. كان نتنياهو صرح أمس لدى مغادرته متوجهاً إلى الولايات المتحدة بأن إسرائيل تعمل على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة «وفقاً لشروط وافقت عليها». وأشار إلى أنه أرسل وفد التفاوض إلى الدوحة «بتعليمات واضحة» حول الاتفاق، مؤكداً عزمه إعادة جميع المحتجزين في غزة وضمان ألا يمثل القطاع أي خطر على إسرائيل. وبدأت مساء الأحد في الدوحة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل و«حماس»، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح رهائن في غزة. وخلال اللقاء في البيت الأبيض، سيناقش ترمب ونتنياهو خصوصاً المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً في قطاع غزة الذي مزقته حرب مستمرة منذ 21 شهراً بين إسرائيل و«حماس». تصاعد الأدخنة جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب) ومن بين 251 رهينة خطفوا في هجوم «حماس» عام 2023، لا يزال 49 محتجزين في غزة، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم. وأتاحت هدنة أولى لأسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وهدنة ثانية لنحو شهرين في مطلع 2025 تم التوصل إليهما عبر وساطة قطرية وأميركية ومصرية، الإفراج عن عدد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة في مقابل إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. ومع عدم التوصل إلى اتفاق للمرحلة التالية بعد الهدنة، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في منتصف مارس (آذار) وكثّفت عملياتها العسكرية في 17 مايو (أيار)، قائلة إن الهدف هو القضاء على حركة «حماس» التي تتولى السلطة في القطاع منذ 2007.