
الظاعن: تشغيل 'أمراض الدم الوراثية' 24 ساعة يعكس التزام الدولة بصحة المواطنين
وثمّنت الظاعن الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارة المستشفيات الحكومية، برئاسة د. مريم الجلاهمة، للارتقاء بمستوى الخدمات الصحية، مؤكدة أن مثل هذه المبادرات النوعية تعكس وعيا تخطيطيا واستجابة مدروسة لاحتياجات المواطنين، خصوصا الفئات الأكثر عرضة للحالات الطارئة أو التي تتطلب تدخلا طبيا سريعا.
وأشارت إلى أنها تقدمت في وقت سابق بمقترح لتخصيص مسار وكادر طبي يضم استشاريين متخصصين لعلاج مرضى السكلر في قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، بما يضمن حقهم في الحصول على رعاية صحية فورية، موضحة أن مرضى السكلر يعانون من أعراض حادة ومفاجئة تستدعي تدخلا طبيا عاجلا، وأن توفير العلاج السريع والفعال من شأنه أن يقلّل من معاناتهم ويمنع تفاقم حالتهم الصحية.
كما شددت الظاعن على أهمية الاستمرار في تطوير المرافق الصحية وتوسيع نطاق الخدمات المتخصصة، مؤكدة أن صحة المواطن ستظل في مقدمة أولويات الدولة، وهي مسؤولية وطنية تتطلب تكامل الأدوار بين مختلف الجهات المعنية.
وفي سياق متصل، أكدت الظاعن أهمية الفحص الجيني كأداة دقيقة للكشف عن الطفرات الوراثية المرتبطة بأمراض مثل فقر الدم المنجلي (السكلر) والبيتا-ثالاسيميا، مشيرة إلى أن هذا الفحص أكثر دقة من فحص ما قبل الزواج التقليدي، الذي قد لا يكون كافيا في بعض الحالات للكشف الدقيق عن الطفرات.
وأضافت أن فحص 'HPLC' المستخدم حاليا في فحوصات ما قبل الزواج قد يُظهر نتائج غير دقيقة أحيانا، حيث تبيّن وجود حالات أُبلغ أصحابها بأنهم يحملون الطفرة الوراثية، فيما أثبت الفحص الجيني عدم حملهم لها.
وفي هذا الإطار، دعت الظاعن إلى تشجيع الأزواج الحاملين لمرض السكلر أو البيتا-ثالاسيميا على إجراء 'تحليل جينات الأجنة قبل الغرس' (Preimplantation Genetic Testing - PGT)، الذي يُتيح اختيار الأجنة السليمة غير الحاملة للمرض بعد إجراء عملية أطفال الأنابيب، ما يسهم في الحد من انتقال هذه الأمراض الوراثية للأجيال القادمة.
كما أوضحت أنه في حال إنجاب طفل مصاب بالسكلر أو البيتا-ثالاسيميا، يمكن للوالدين الاستفادة من تحليل جينات الأجنة وفحص تطابق الأنسجة (HLA Typing)، لاختيار جنين سليم تتطابق أنسجته مع المولود المصاب، وبالتالي إمكان علاجه عبر التبرع بالنخاع أو الخلايا الجذعية من شقيقه السليم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
٢٠-٠٧-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
من حلم التسمير إلى عيادات الأورام.. الوجــــه القاتـــم لـ 'التــان'
لم تعد رغبة الحصول على لون برونزي مثالي مجرد موضة موسمية، بل تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى هوس اجتماعي يلهث خلفه شباب وفتيات من مختلف الأعمار، دون إدراك للعواقب الطبية والنفسية التي قد تترتب على ذلك. وبينما تنتشر ثقافة 'التان' صيفًا على الشواطئ أو في أجهزة التسمير الصناعية، تظهر أصوات طبية متزايدة تحذّر من أن هذا السلوك الجمالي قد يكون بوابة لأمراض خطيرة، في مقدمتها سرطان الجلد. تسمير محفوف بالمخاطر يرى أطباء جلد في مؤسسات صحية عالمية، أن التعرّض المفرط للأشعة فوق البنفسجية (UVA وUVB)، سواء من الشمس أو أجهزة التسمير، يُعد خطرًا صحيًا جديًا يهدد الجلد على المدى القصير والبعيد. ووفقًا لتقارير الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية (AAD)، فإن هذا التعرض يؤدي إلى تلف الحمض النووي في خلايا الجلد (DNA damage)، ويضعف المناعة الموضعية، ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد بجميع أنواعه، بما في ذلك سرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الخلايا الحرشفية، والميلانوما الخبيثة، الذي يُعد أخطرها وقد يكون مميتًا إن لم يُكتشف مبكرًا. وتُشير منظمة الصحة العالمية (WHO)، إلى أن ما يصل إلى 75 % من حالات الميلانوما مرتبطة بالتعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية، مشددة على أن الشيخوخة المبكرة للجلد، مثل البقع الداكنة والتجاعيد، ترتبط أيضًا بهذا التعرض المتكرر، حتى دون حدوث حروق ظاهرية. أما إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فتؤكد أن استخدام أجهزة التسمير ليس آمنًا إطلاقًا، إذ يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة تصل إلى 59 %، كما تُحذّر من البدء باستخدامها في سن مبكرة؛ نظرًا لارتباطها بحالات متزايدة من الميلانوما بين الشباب. أرقام تكشف عن الخطر تشير إحصائية صادرة عن جمعية السرطان الأميركية، إلى أن ما يقارب 5.4 مليون حالة من سرطانات الجلد غير الميلانومية شُخّصت في الولايات المتحدة وحدها، منها نسبة كبيرة ناتجة عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية، سواء من الشمس أو أجهزة التسمير. كما أفاد المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض (CDC)، بأن استخدام أجهزة التسمير يرفع خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة 59 %، وتزداد النسبة مع ازدياد الاستخدام. أنواع الحروق والتصبغات وتشرح استشارية الأمراض الجلدية د. مريم الناجم، أن حروق الشمس الناتجة عن 'التان' تتراوح بين احمرار بسيط في الجلد، وصولًا إلى حروق من الدرجة الثانية تصاحبها فقاعات والتهاب شديد، أما التصبغات، فقد تكون مباشرة مثل النمش والبقع الشمسية، أو غير مباشرة كزيادة في تصبغات آثار حب الشباب والندوب. وتشير إلى أن هناك حالات كثيرة وصلت إلى العيادات وهي تعاني بقعا مستعصية أو ندوبا مزمنة جراء التعرض المفرط لأشعة الشمس أو استخدام أجهزة التسمير، مؤكدة أن الفتيات أكثر عرضة لهذه المشكلات نتيجة البشرة الحساسة واستخدام المستحضرات بشكل غير مدروس. قصص من الواقع.. من التسمير إلى الندم في أستراليا، تحوّلت تجربة الشابة كلير أوليفر (Clare Oliver) إلى حملة وطنية بعدما توفيت بسرطان الجلد في عمر 26 عامًا، إثر استخدامها المكثف لأجهزة التسمير. وقبل وفاتها بأيام، أطلقت حملة توعية بعنوان 'لا مزيد من أجهزة التان'؛ ما دفع إلى منع استخدام أجهزة التسمير التجارية بولايات عدة في أستراليا، بعد أن تسببت في حالات إصابة متعددة بسرطان الجلد لدى شباب لم يتجاوزوا الثلاثين. وأظهرت تقارير الصحة الأسترالية أن أجهزة التسمير تسببت في أكثر من 200 حالة إصابة بسرطان الميلانوما في عام واحد فقط. الحرارة الخليجية وتفاقم الخطر في منطقة الخليج، حيث ترتفع درجات الحرارة لتتجاوز أكثر من 45 درجة مئوية صيفًا، يصبح التعرض للشمس بهدف 'التان' أكثر خطورة مقارنة بمناطق أخرى في العالم. ففترات التعرض الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة قد تؤدي إلى جفاف الجلد بشكل حاد، وفقدان السوائل، وزيادة احتمال الإصابة بحروق من الدرجة الثانية، حتى في حال استخدام واقيات الشمس. تفاوت المخاطر بين أنواع البشرة وتوضح الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية أن طبيعة البشرة تلعب دورًا في مدى التأثر بأضرار الشمس، إذ إن البشرة الداكنة تحتوي على نسبة أعلى من 'الميلانين' الذي يوفر حماية جزئية ضد أشعة UV، لكنه لا يمنع تمامًا خطر الإصابة بسرطان الجلد، خصوصا الميلانوما التي قد تظهر في مناطق غير معرضة للشمس مثل راحة اليد أو باطن القدم. ولهذا توصي الأكاديمية باستخدام واقي شمس لجميع أنواع البشرة دون استثناء. الهوس بـ 'التان'.. اضطراب أم موضة؟ لكن ماذا يدفع الأفراد إلى الإصرار على التسمير على الرغم من التحذيرات؟ تجيب استشارية الطب النفسي د. إيمان نور الدين، بأن المسألة تتجاوز حدود الجمال، وترتبط في بعض الحالات بما يُعرف باضطرابات صورة الجسد. وتقول 'الهوس بالتان ليس بالضرورة أن يكون اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، لكنه أحيانًا يرتبط بما يُعرف بـ Body Dysmorphic Disorder، حيث يرى الشخص عيوبًا في جسده لا يراها الآخرون، ويظن أنه بحاجة للتسمير كي يشعر بالقبول أو الثقة بنفسه'. الضغوط النفسية ومعضلة القبول الاجتماعي يشير مختصون في علم النفس إلى أن جزءًا من الدافع وراء الهوس بالتسمير يعود إلى ما يُعرف بـ 'القبول المشروط' في مجتمعات تُقَيِّم المظهر على حساب الجوهر. وتوضح د. نور الدين بأن الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان في مظهرهم الجسدي، قد يلجؤون لـ 'التان' كوسيلة لحصد إعجاب الآخرين أو للتماهي مع الصورة المثالية التي تُروَّج على منصات التواصل. وتتابع 'البعض يربط اللون البرونزي بقوة الشخصية أو الجاذبية؛ ما يجعل الأمر أكثر من مجرد رغبة تجميلية، بل مدخلا لصراعات داخلية تؤثر على تقدير الذات'. وتدعم هذه الرؤية دراسة نُشرت في دورية PubMed بالعام 2012 (Gillen & Markey)، تشير إلى وجود علاقة بين ضعف صورة الجسد والاكتئاب، والانجذاب إلى سلوك التسمير المتكررة. كما ربطت مراجعات علمية أخرى بين ما يُعرف بـ 'Tanorexia' واضطرابات تشويه صورة الجسد (Body Dysmorphic Disorder)، التي تجعل الشخص غير قادر على تقبّل شكله الطبيعي، ويرى في التسمير وسيلة للهروب من مشاعر الرفض أو القلق الاجتماعي. دور 'وسائل التواصل' في تغذية الهوس وتشير د. نور الدين إلى أن هذه الظاهرة تزداد بين المراهقين والشباب، الذين يواجهون ضغوطًا مستمرة من معايير الجمال المتغيرة، كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا خطيرًا في ترسيخ هذه الصور النمطية. وتضيف 'السوشيال ميديا خلقت واقعًا مزيفًا، حيث يُقارن الناس أنفسهم بصور معدلة ومفلترة؛ ما يخلق شعورًا بالنقص. من لا يحقق اللون المطلوب قد يتعرض للتنمر، ويقع في دوامة من العزلة، الاكتئاب، وربما محاولات لتغيير شكله بطرق غير صحية'. الوجه الآخر لصناعة التسمير في السنوات الأخيرة، تحوّلت صناعة منتجات التسمير إلى سوق تقدر بمليارات الدولارات عالميًا، إذ تُباع آلاف المنتجات التي تعد بتسمير مثالي دون التعرض للشمس. وعلى رغم الفوائد النسبية لبعض هذه المنتجات، إلا أن بعضها الآخر يحتوي على مواد مهيجة للجلد أو تسبب انسداد المسام، خصوصا عند استخدامها دون استشارة طبية. وتشير تقارير من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، إلى رصد شكاوى من مستخدمين أبلغوا عن تهيّج، واحمرار، وردود فعل تحسسية بعد استخدام مستحضرات غير مرخصة أو مقلدة. نصائح ذهبية لعشاق التسمير في البحرين، ينصح الأطباء بعدم التعرض المباشر للشمس في ساعات الذروة بين 11 صباحًا و4 عصرًا، واستخدام واقي شمس بمعامل حماية لا يقل عن SPF 50، وتجديده كل ساعتين. كما يُفضل ارتداء قبعات ونظارات شمسية، وتجنب استخدام الزيوت التي تسرّع التسمير؛ لما لها من تأثير عكسي ضار على خلايا الجلد. نقطة التوازن في نهاية المطاف، يبدو أن الهوس بـ 'التان' يعكس صراعًا بين الرغبة في التجميل والبحث عن القبول، وبين متطلبات السلامة الصحية. ويجمع الأطباء والمتخصصون الذين حاورتهم 'البلاد' على أن الطريق إلى الجمال لا يجب أن يكون مفروشًا بالحروق والتصبغات والمخاطر السرطانية، داعين إلى تعزيز الوعي المجتمعي، خصوصًا في الخليج، حيث الحرارة المرتفعة تزيد من فرص التعرض للأشعة فوق البنفسجية. ويبقى السؤال الذي يجب أن يطرحه كل من يسعى إلى اللون البرونزي: هل يستحق مظهر صيفي مؤقت أن نخاطر لأجله بصحتنا مدى الحياة؟


البلاد البحرينية
١٦-٠٧-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
الظاعن: تشغيل 'أمراض الدم الوراثية' 24 ساعة يعكس التزام الدولة بصحة المواطنين
أشادت النائب د. مريم الظاعن بإعلان المستشفيات الحكومية عن بدء تشغيل مركز أمراض الدم الوراثية بمجمع السلمانية الطبي على مدار الساعة، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية المتخصصة، وتعكس التزام الدولة المستمر بتقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين، لاسيما لمرضى فقر الدم المنجلي. وأكدت الظاعن أن تشغيل المركز على مدار اليوم يعزز من سرعة الاستجابة للحالات الطارئة، ويسهم في تقليص فترات الانتظار، وهو ما يُحدث فارقا ملموسا في حياة المرضى وراحة ذويهم، مشيرة إلى أن هذا التوجه يعكس رؤية صحية متقدمة ترتكز على الكفاءة وجودة الخدمة الطبية والإنسانية. وثمّنت الظاعن الجهود الكبيرة التي تبذلها إدارة المستشفيات الحكومية، برئاسة د. مريم الجلاهمة، للارتقاء بمستوى الخدمات الصحية، مؤكدة أن مثل هذه المبادرات النوعية تعكس وعيا تخطيطيا واستجابة مدروسة لاحتياجات المواطنين، خصوصا الفئات الأكثر عرضة للحالات الطارئة أو التي تتطلب تدخلا طبيا سريعا. وأشارت إلى أنها تقدمت في وقت سابق بمقترح لتخصيص مسار وكادر طبي يضم استشاريين متخصصين لعلاج مرضى السكلر في قسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، بما يضمن حقهم في الحصول على رعاية صحية فورية، موضحة أن مرضى السكلر يعانون من أعراض حادة ومفاجئة تستدعي تدخلا طبيا عاجلا، وأن توفير العلاج السريع والفعال من شأنه أن يقلّل من معاناتهم ويمنع تفاقم حالتهم الصحية. كما شددت الظاعن على أهمية الاستمرار في تطوير المرافق الصحية وتوسيع نطاق الخدمات المتخصصة، مؤكدة أن صحة المواطن ستظل في مقدمة أولويات الدولة، وهي مسؤولية وطنية تتطلب تكامل الأدوار بين مختلف الجهات المعنية. وفي سياق متصل، أكدت الظاعن أهمية الفحص الجيني كأداة دقيقة للكشف عن الطفرات الوراثية المرتبطة بأمراض مثل فقر الدم المنجلي (السكلر) والبيتا-ثالاسيميا، مشيرة إلى أن هذا الفحص أكثر دقة من فحص ما قبل الزواج التقليدي، الذي قد لا يكون كافيا في بعض الحالات للكشف الدقيق عن الطفرات. وأضافت أن فحص 'HPLC' المستخدم حاليا في فحوصات ما قبل الزواج قد يُظهر نتائج غير دقيقة أحيانا، حيث تبيّن وجود حالات أُبلغ أصحابها بأنهم يحملون الطفرة الوراثية، فيما أثبت الفحص الجيني عدم حملهم لها. وفي هذا الإطار، دعت الظاعن إلى تشجيع الأزواج الحاملين لمرض السكلر أو البيتا-ثالاسيميا على إجراء 'تحليل جينات الأجنة قبل الغرس' (Preimplantation Genetic Testing - PGT)، الذي يُتيح اختيار الأجنة السليمة غير الحاملة للمرض بعد إجراء عملية أطفال الأنابيب، ما يسهم في الحد من انتقال هذه الأمراض الوراثية للأجيال القادمة. كما أوضحت أنه في حال إنجاب طفل مصاب بالسكلر أو البيتا-ثالاسيميا، يمكن للوالدين الاستفادة من تحليل جينات الأجنة وفحص تطابق الأنسجة (HLA Typing)، لاختيار جنين سليم تتطابق أنسجته مع المولود المصاب، وبالتالي إمكان علاجه عبر التبرع بالنخاع أو الخلايا الجذعية من شقيقه السليم.


البلاد البحرينية
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
حقن الجمال تحت المجهر.. العيادات المرخصة في قفص الاتهام
من الخليج إلى الولايات المتحدة.. أرقام مرعبة تكشف عن الحقيقة بالبحرين، وتحديدا في يوليو 2020، داهمت الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية، بالتعاون مع الجهات الأمنية، 5 مؤسسات صحية مرخصة كانت تحقن حقنا تجميلية من دون تصريح، مع ضبط كميات ضخمة من مستحضرات طبية غير مرخصة. وفي العام 2023، أفادت الهيئة بضبط وافدة أجنبية تزاول مهنة الطب البشري وتقدّم خدمات المداخلات التجميلية 'الفيلر' و 'البوتكس' دون ترخيص في أحد الفنادق بالعاصمة. وأشارت إلى أنه تمّت حيازة كمية كبيرة من الأدوية غير المرخصة وغير المسجلة لدى الهيئة؛ ما يعد مخالفا لقانون الصيدلة، وكذلك حيازة إجازة طبية دون ترخيص وغير مسجلة من الهيئة؛ ما يعد مخالفا للأحكام والقوانين الصادرة عن الهيئة، مؤكدة أنه تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحويل القضية إلى النيابة العامة. الأحكام القضائية الصادرة في هذه القضايا اتسمت بتشديد العقوبات، وشملت السجن والغرامات المالية وسحب التراخيص، في محاولة لردع المخالفات التي باتت تهدد بشكل مباشر صحة وسلامة المجتمع البحريني. إقليميا وعربيا، لا يبدو الوضع بحال أفضل؛ ففي السعودية ضبطت وزارة الصحة في 2022، 494 مخالفة طالت 298 مؤسسة تجميلية مرخصة، شملت تجاوزات تتعلق باستخدام أجهزة غير معتمدة، ومواد طبية منتهية الصلاحية، وقيام غير متخصصين بإجراء الحقن التجميلية. أما في الإمارات، فقد شهدت مدينة دبي إغلاق 7 مراكز تجميل في 3 أشهر فقط، بعد رصد مخالفات صحية جسيمة، بينها إجراء حقن في شقق ملحقة بعيادات مرخصة بشكل مخالف للقوانين. دوليا، وتحديدا في الولايات المتحدة، كشفت جمعية المنتجعات الطبية الوطنية عن أن نحو 90 % من مقدمي خدمات 'البوتوكس' و 'الفيلر' في مراكز التجميل الطبية ليسوا أطباء مرخصين، وهو أمر قاد إلى حوادث صحية كارثية شملت حالات تسمم بوتولينيوم، وانتقال فيروس HIV. وفي المملكة المتحدة، أكدت دراسة حديثة لكلية لندن الجامعية أن 68 % من مقدمي الحقن التجميلية لا يحملون مؤهلات طبية معترف بها؛ ما دفع الحكومة إلى إصدار قوانين جديدة أكثر صرامة لتنظيم هذه الممارسات. تحذيرات من خبراء وفي هذا الصدد، أكدت استشارية طب التجميل د. مريم الناجم، أن هناك مراكز غير مرخصة تقوم بإجراء عمليات التجميل في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك إجراءات الحقن، وتزاول هذه المهنة في الخفاء. وأضافت أن مثل هذه المراكز كانت منتشرة في البحرين بشكل أكبر في السابق، لكن بفضل جهود الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية 'نهرا'، أصبحت هذه الظاهرة شبه منعدمة. وفيما يتعلق بالمراكز التي لا يكون اختصاصها طبيا واضحا، لكنها تقدم خدمات مثل حقن 'البوتوكس' و 'الفيلر'، فأوضحت د. الناجم أن المشكلة الأساسية تكمن في عدم وعي الناس بمخاطر هذه الممارسات؛ ما يدفعهم للانخراط خلف الإعلانات الجذابة والأسعار المغرية، مردفة أن المرضى قد يتعرضون لمضاعفات نتيجة المواد المستخدمة أو بسبب الممارس نفسه أو حتى من عدم جهوزية المكان للتعامل مع المضاعفات. كما حذّرت من استخدام مواد غير مرخصة ورديئة الجودة في هذه المراكز، مشيرة إلى أن بعض هذه المواد يصعب التعامل معها طبيا؛ ما يؤدي إلى معاناة طويلة الأمد للمريض قد تمتد لسنوات. وفي سؤال عن مدى الالتزام بتعقيم الأدوات في هذه المراكز، شدّدت الدكتورة الناجم على أن التعقيم يجب أن يكون وفق معايير منظمة الصحة العالمية، نافية أن يتوفر التعقيم فيها بصورة صحيحة. واختتمت بتأكيد أن بعض مراكز التجميل يمكن وصفها بأنها 'مراكز وهمية' أو 'خادعة' (Fake)، موضحة أن غياب الطبيب المتخصص الحاصل على الشهادات العلمية والممارس بناء على أسس طبية واضحة، يجعل هذه المراكز غير صالحة لتقديم العلاج أو إجراء أي تدخل تجميلي. بدوره، أكد استشاري جراحة التجميل د. حسين جمعة، أن معظم المراكز التجميلية في البحرين تعمل تحت إشراف الجهات المختصة، مشددا على أن وجود حالات فردية غير مرخصة لا يمكن استبعاده تماما، داعيا إلى ضرورة التأكد من الترخيص الرسمي والمصداقية قبل الإقدام على أي إجراء تجميلي. وفيما يخص قيام بعض المراكز غير المتخصصة في الطب التجميلي بإجراء حقن 'البوتوكس' و 'الفيلر'، أوضح الدكتور جمعة أن المشكلة لا تتعلق فقط بالتخصص الطبي، بل تمتد إلى عنصر الخبرة والمعرفة التشريحية الدقيقة، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات تتطلب مهارة طبية عالية، وأن إجراءها من قبل غير المتخصصين قد يؤدي إلى مضاعفات صحية مثل التورم، وعدم التناسق في الملامح، أو حتى انسداد الشرايين. وعن مستوى التعقيم في مراكز التجميل، أكد أن مستوى التعقيم في البحرين ممتاز، وأن هناك رقابة شديدة من قبل الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية 'نهرا'، إلا أن الوضع يختلف في بعض الدول السياحية خارج البحرين، حيث يتفاوت الالتزام بالمعايير الطبية للتعقيم من مركز إلى آخر. وحذّر من أن بعض المراكز الخارجية قد لا تلتزم بالتعقيم السليم؛ ما يعرض المرضى لخطر الالتهابات أو انتقال العدوى. وفيما يتعلّق بإمكان تصنيف بعض مراكز التجميل بالوهمية، قال الدكتور جمعة 'لا أعتقد أن هناك مراكز وهمية، لكن هناك تفاوت كبير في الجودة، ونوعية المواد المستخدمة، وخبرة الأطباء'. واختتم كلامه بأنه 'ينبغي عدم الانجذاب إلى الأسعار الأرخص عند اختيار المركز، بل الأهم هو اختيار الطبيب المختص الحاصل على شهادة معترف بها وخبرة موثوقة'. التشريعات البحرينية والدولية المحامية منيرة فرحان أكدت في هذا السياق، أن العقود الأخيرة شهدت تطورا متسارعا في مجالات الطب التجميلي، وأصبحت إجراءات مثل حقن 'البوتكس' و 'الفيلر' من أبرز الخدمات الطبية التي يقبل عليها الأفراد؛ لما لها من أثر مباشر على تحسين المظهر وزيادة الثقة بالنفس من دون الحاجة إلى تدخل جراحي كبير. وأضافت أن هذا الانتشار رافقته تحديات قانونية وتنظيمية عديدة تتعلق بمن يحق له ممارسة هذه العمليات، والشروط الواجب توافرها في الجهة والمكان المزمع تقديم هذه الخدمات فيه، بالإضافة إلى المخاطر الصحية والمسؤوليات القانونية المترتبة على الممارسة غير المرخصة. وأوضحت أن مملكة البحرين أولت اهتماما كبيرا بالخدمات الطبية، وحرصت على تطوير منظومتها الصحية والرقابية لتواكب المعايير الدولية؛ ما جعلها في مصاف الدول الرائدة التي تمتاز بوجود أطباء متخصصين في مجال جراحات التجميل والإجراءات التجميلية غير الجراحية، ضمن مؤسسات مرخصة ومعتمدة من قبل الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية. وأشارت إلى أن المشرع البحريني تصدى عبر المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2015 بشأن المؤسسات الصحية، لممارسة عمليات التجميل من قبل أطباء أو عيادات أو مراكز طبية تقوم بإنشاء أو إدارة منشأة تقدم خدمات صحية دون ترخيص، أو بعد صدور قرار بوقف الترخيص أو سحبه، أو تقديم خدمات غير مرخص بها. وبيّنت أن القانون يعاقب كل شخص يقدم على ذلك بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تجاوز عشرين ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفقا لنص المادة (25/أ - 1 و2). كما تشمل العقوبات الشخص الاعتباري (المنشأة) الذي ارتكبت الجريمة باسمه أو لحسابه أو لمنفعته، إذا ثبت أن ذلك تم نتيجة تصرف أو امتناع أو موافقة أو تستر أو إهمال جسيم، بغرامة لا تجاوز مثلي الغرامة المقررة للشخص الطبيعي. وعلى الصعيد عينه، قال المحامي جاسم العيسى، إن الآونة الأخيرة شهدت ظهور العديد من القضايا، تم تناولها في وسائل التواصل الاجتماعي، تتعلق بقيام بعض الأشخاص بانتحال صفة أطباء، وممارستهم لأعمال غير منصوص عليها ضمن الأنشطة المرخصة للعيادات، وهو ما يثير شبهة ارتكاب جريمتي النصب وتعريض حياة الغير للخطر. وأشار إلى أن هذه الظاهرة ترافقها حالات متعددة من الغلق الإداري لعشرات العيادات الطبية التي ثبت عدم حصولها على التراخيص اللازمة، على الرغم من كونها مملوكة لأطباء مرخصين، لكنها لم تستوفِ الشروط المحددة وفقا لقانون تنظيم المنشآت الطبية؛ ما يترتب عليه عقوبة إدارية في المقام الأول، لا جنائية، ما دامت العيادة مملوكة لطبيب. وأوضح العيسى أن هذه القضايا تسلط الضوء على خطورة فتح عيادة طبية من دون ترخيص، سواء في مجال الطب البشري أو طب الأسنان أو حتى في نطاق العيادات التجميلية. وأكد أن المشرّع البحريني حدد في القانون رقم (7) لسنة 1987 الخاص بإصدار قانون التجارة البحريني، وتحديدا في المواد من 3 إلى 7، طبيعة الأعمال التجارية سواء بحسب طبيعتها أو القائم بها أو الأهداف التي تجعل العمل تجاريا. وفي هذا السياق، أشار إلى نص المادة (5) التي نصت على عدّ بعض الأنشطة، ومنها النشر والطباعة والتصوير والإذاعة والصحافة والإعلان ونقل الأخبار والصور، أنشطة تجارية متى ما تمت مزاولتها على وجه الاحتراف. وتابع موضحا أن مفاد المواد القانونية المذكورة أن مزاولة الأنشطة التجارية لا تشترط كون القائم بها تاجرا مسجلا رسميا، وإنما يكفي أن تكون بغرض المضاربة والربح أو أن تتم على وجه الاحتراف، حتى تندرج تحت طائلة الأعمال التجارية وتخضع للتنظيم القانوني. وأبرز العيسى مثالا يتعلق بممارسات شائعة عبر الإنترنت، مشيرا إلى أن أصحاب حسابات 'إنستغرام' إذا توفر فيهم شرطان: تحقيق الربح، والمزاولة على وجه الاحتراف، فإن ذلك يضعهم تحت طائلة المخالفة، خصوصا إذا كانوا يقدمون خدمات صحية أو تجميلية، أما إذا انتفى أحد الشرطين، كأن لا يكون هناك ربح أو ألا تُمارس الأنشطة بصفة احترافية، فقد تنتفي المخالفة، ويُترك تقدير ذلك إلى المحكمة المختصة للفصل فيه. وقال، في حال تحقق الشرطين وثبوت المخالفة، يتم تطبيق القانون رقم (27) لسنة 2015 بشأن السجل التجاري، الذي يلزم كل من يزاول عملا تجاريا بالقيد في السجل التجاري. وتنص المادة (2) من القانون على التالي 'كل من يزاول نشاطا تجاريا' يخضع لأحكام القانون، أي أن عليه الترخيص الرسمي وتسجيل النشاط لدى وزارة الصناعة والتجارة. وفيما يتعلق بالعقوبات القانونية المقررة، فأكد المحامي أن المادة (27) من القانون ذاته تنص على التالي 'مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على مئة ألف دينار، كل من يزاول نشاطا تجاريا دون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة'. وفي سياق متصل، لفتت المحامية فرحان إلى أن المخالف الذي يرتكب الجرائم المذكورة، إذا قام بصرف أدوية إلى الأشخاص المترددين عليه، فإنه يكون تحت طائلة المسؤولية الجنائية. وذكّرت بأن القانون رقم (18) لسنة 1997 بشأن تنظيم مهنة الصيدلة والمراكز الصيدلية، يعاقب كل من أنشأ أو أدار مركزا صيدليا أو محلا لبيع المستحضرات الصيدلية دون ترخيص، بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع غلق المحل الذي وقعت فيه المخالفة، كما يعاقب كل من زاول مهنة الصيدلة دون ترخيص بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار ولا تجاوز عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، بالإضافة إلى معاقبة الشخص الاعتباري (المنشأة) بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف دينار إذا ارتكبت الجريمة باسمه أو لحسابه أو لمنفعته نتيجة موافقة أو تستر أو إهمال جسيم. وفي منطقة الخليج، اتخذت كل من السعودية والإمارات وقطر وعمان مسارا تصعيديا في تطبيق إجراءات إدارية وقضائية صارمة تشمل الإغلاق الفوري للمراكز المخالفة، الإحالة إلى النيابة العامة، وسحب التراخيص بشكل نهائي، في مسعى للحد من هذه الممارسات التي باتت تهدد بشكل مباشر الصحة العامة وسلامة المستهلكين. وفي مواجهة هذا الواقع المقلق، تحركت الحكومات في العالم لسن تشريعات أكثر صرامة في محاولة لاحتواء ظاهرة الممارسات التجميلية غير المرخصة، إذ تعد الولايات المتحدة واحدة من أكثر الدول تشددا في هذا الإطار، إذ تجرّم ممارسة الطب من دون ترخيص وتفرض على المخالفين عقوبات جنائية قد تصل إلى السجن لفترات طويلة، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات. بين الرقابة والوعي.. أين المخرج؟ يبقى أن نقول إن استعراض التجارب العالمية إلى جانب الوقائع المحلية في البحرين يؤكد أن أي تراخٍ في تنظيم قطاع الطب التجميلي يفتح الباب لمخاطر صحية وقانونية لا تُحمد عقباها. وقد أثبتت التجارب أن الحماية التشريعية الصارمة وحدها لا تكفي، ما لم يقترن ذلك بوعي المستهلك البحريني، الذي ينبغي أن يكون خط الدفاع الأول عبر التحقق من ترخيص الطبيب والمركز قبل الخضوع لأي إجراء تجميلي.