logo
إعلام إسرائيلي: اعتقال شخص بتهمة المشاركة في مخطط إيراني لاغتيال وزير الدفاع

إعلام إسرائيلي: اعتقال شخص بتهمة المشاركة في مخطط إيراني لاغتيال وزير الدفاع

الشرق السعوديةمنذ 15 ساعات

ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، السبت، أن السلطات كشفت النقاب عن اعتقال إسرائيلي (24 عاماً)، بتهمة التجسس لصالح إيران، مشيرة إلى أنه وضع متفجرات شديدة الانفجار قرب منزل وزير الدفاع يسرائيل كاتس، في إطار "مؤامرة إيرانية لاغتياله".
وقالت الصحيفة إن الادعاء وجه للمتهم روي مزراحي، الذي تم القبض عليه في أبريل الماضي، تهمة "مساعدة العدو في زمن الحرب".
كما ذكرت "القناة 12" في تقرير لها أن المتفجرات كانت معدة للانفجار عند مرور كاتس بالقرب منها، وأضافت أن الإيرانيين كانوا "على وشك النجاح".
وأضاف التقرير أن مزراحي تم تجنيده عبر موقع "تليجرام"، كما قام هو بتجنيد أحد أصدقائه ويدعى ألموغ أتياس، حيث قام الاثنان، بحسب التقرير، بتصوير مواقع مختلفة بما في ذلك مقر جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) وتسليم الصور لعميل إيراني يدعى أليكس.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دروس الزلزال والخرائط المعلقة
دروس الزلزال والخرائط المعلقة

الشرق الأوسط

timeمنذ 18 دقائق

  • الشرق الأوسط

دروس الزلزال والخرائط المعلقة

كانتِ الحربُ الأخيرةُ في الشرق الأوسط زلزالاً بمجرياتِها ونتائجها. زلزالٌ يضاف إلى زلازل سبقته مثل حرب 1967 وحرب 1973 وزيارة السادات إلى القدس وانتصار الثورة الإيرانية والغزو الأميركي للعراق. ومن عادةِ الزلازل أن تتركَ بصماتها على مصائرِ الشعوب والخرائط خصوصاً في ضوء ما يستنتجه أهلُ القرار في مسرح الزلزال وعلى أطرافه. كنت ذاتَ يومٍ أراجع مع الدكتور أسامة الباز مديرِ مكتبِ الرئيس حسني مبارك صفحات من تجربته. وكانَ الموضوع الأولُ رحلةَ الرئيس أنور السادات إلى القدس وما تبعهَا. حكَى لي قصةَ زيارة السادات إلى دمشقَ قبل الرحلة الشهيرة والانزعاج الذي بدا على وجهِ الرئيس حافظِ الأسد حين أبلغَه الزائرُ بقراره. نَقلَ عن السادات قولَه لاحقاً إنَّ على القائد أن يغامرَ أحياناً بقرار صعبٍ وغير شعبي إذا استنتجَ أنَّ القرار مصيريٌّ بالنسبة إلى مستقبل بلاده. وأضاف أنَّه يحترم قرارَ الأسدِ الذي أعطى الأولويةَ لسلامة نظامِه وصورته، لكنَّه أعرب عن خشيته من أن تضطرَ سوريا إلى سلوكِ طريق السَّلام في ظروفٍ أصعب وأن تحصلَ على ما هو أقلّ ممَّا كان يمكن أن تحصلَ عليه لو انضمَّ الأسدُ إلى السادات، والأمر نفسُه بالنسبة إلى ياسر عرفات. قالَ الباز إنَّ فكرة زيارة القدس لم تأتِ من الأميركيين بل من السادات وهي كانت نتيجةَ قراءته لأوضاع مصرَ الاقتصاديةِ وحاجتها إلى السلام وقراءته لميزان القوى وللعلاقة الاستراتيجية بين أميركا وإسرائيل وتضاؤل ثقلِ الاتحاد السوفياتي. وزاد أنَّ السياسات المفتقرة إلى بعد النَّظر لا تساهم إلا في إطالة الآلام. على دولنا أن تلتحقَ بركب التَّقدم والتنمية وأن تبحثَ عن استعادة حقوقها بغير المدافع والقتلى والجرحى. تذكرت كلامَ الباز وأنَا أتابعُ سلوكَ سوريا الحالية وقرارها الخروج من الشق العسكري على الأقل من هذا النزاع. تذكَّرته أيضاً وأنا أرَى المقاتلات الإسرائيلية تنهال بالموتِ على حاملي الطناجرِ الحالمين بإبعاد الجوعِ عن أطفالهم في غزة. واستوقفني سلوكُ الباز في نهايةِ الجلسة الثانية. شعرَ أنَّه ذهب بعيداً في امتداح السَّادات في ظلّ عهد مبارك. التفت إلى جدرانِ مكتبه، وقالَ يمكن أن نقولَ أكثر في عشاء في أحدِ مطاعم القاهرة وكأنَّه كانَ يلمّح إلى أنَّ للجدران آذاناً في بلداننا. استوقفني تلميحُه إلى السَّياسات قصيرة النَّظر. السَّياسات التي تفضّل تركَ الأزمات في عهدة طبيبٍ اسمُه الوقت أو تفضل الانتصار الحالي، على رغم تكاليفه، على الحلولِ الدائمة وعائداتها. بنيامين نتنياهو أستاذ في هذه السياسات التي أدمتِ المنطقة. في لقائه الأول مع عرفات قالَ له بصراحة تقترب من الفظاظة إنَّه ليس مؤيداً لاتفاق أوسلو. فعلَ لاحقاً كلَّ ما في استطاعته لإسقاط الشريك الفلسطيني الشرعي متمسكاً بحلم شطبِ الشعب الفلسطيني والاستيلاء على ما تبقَّى من أرضه. في المقابلِ يمكن الحديثُ عن الدَّور الذي لعبته العملياتُ الانتحارية التي أطلقتها «حماس» و«الجهاد الإسلامي». أدَّت العمليات الانتحارية إلى عسكرة الانتفاضة الفلسطينية وَوَقَعَ عرفات نفسُه في إغراء العسكرة لمنع «حماس» و«الجهاد» من استقطاب الشارع الفلسطيني. في هذا الوقت كانَ المجتمع الإسرائيلي ينطلق في رحلة الانحياز إلى اليمين وراح برنامج نتنياهو يتقدَّم. حاول الرئيس محمود عباس إبقاءَ القرار الفلسطيني في عهدة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لكنَّ انقلابَ التوازنات بعد الغزو الأميركي للعراق قلّصَ تماماً قدرتَه بعدما تقدَّمت إيران في برنامج الصواريخ والأنفاق ليصبحَ قرار الحرب مع إسرائيل في يدها. وهكذا صار مصير غزة والضفة والجولان ولبنانَ جزءاً من النزاع الإيراني - الإسرائيلي الذي دار بالواسطة لسنوات طويلة حتى انفجر أخيراً في مواجهة على مسرحه الفعلي أي على أراضي الطرفين. في السنوات الأخيرة بدت جملةُ خرائطَ في المنطقة معلقةً على مصير النزاع بين إيران وإسرائيل وعلى مصير الخلاف المستحكم والطويل بين أميركا وإيران. خلال هذه الفترة قالت طهران مراراً لزائرين بينهم الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني إنَّها مستعدة للتفاوض مع الأميركيين «من أفغانستان إلى لبنان» لكن التفاهمات لا تشمل «الغدة السرطانية» التي كانَ المرشد علي خامنئي يشدّد على وجوب استئصالها. نحن الآنَ أمام مشهد رهيب فعلاً. الآلة العسكرية الإسرائيلية في ذروة توحّشها وتفوقِها. وإيران مجروحةٌ من رؤية تشييع جنرالاتها وعلمائها بعد سيطرة المقاتلات الإسرائيلية على أجوائها على مدار أيام. والضربة الأميركية لمنشآتها النووية رسالة بالغة القسوة والدلالات حتى ولو أعلنت طهران انتصارَها في الحرب. واضح أنَّ أميركا هي حارسة وقف النار بين إيران وإسرائيل. وأنَّها الممر الإلزامي لإبرام اتفاق ينهي مذبحة غزة. وأنَّها الوحيدة القادرة على مساعدة لبنان إذا قرَّرت لجم التَّغول الإسرائيلي. والقادرة على إبقاء العراق خارج جاذبية النَّار وترسيخ إقامة سوريا في موقعها الجديد. لكن السؤال هو هل تستنتج إدارة ترمب أنَّه يجب إرغام إسرائيل على سلوك طريق السلام مع الفلسطينيين؟ مصير الخرائط معلَّقٌ أيضاً على ما يستنتجه نتنياهو من حروبه على الجبهات المتعددة. ومعلَّقٌ أيضاً على ما يستنتجه خامنئي بعد مشاهد التشييع والقصف الأميركي للمنشآت النووية. لا بدَّ من فترة هدوء لاستكشاف ما إذا كانت المراجعة ممكنة. هل يمكن أن تقوم في إسرائيل حكومة قادرة على اتخاذ قرار صعب من قماشة التوجّه نحو حل الدولتين؟ وهل يمكن أن تبرز في إيران رغبة في العودة إلى سياسات أقل خطورة ومجازفة؟ مصيرُ شعوب وخرائط معلَّق على ما يستنتجه ترمب ونتنياهو وخامنئي.

ماذا بعد الناتج الإجمالي؟
ماذا بعد الناتج الإجمالي؟

الشرق الأوسط

timeمنذ 19 دقائق

  • الشرق الأوسط

ماذا بعد الناتج الإجمالي؟

الناتج الإجمالي هو الرقم الأثير لدى الحكومات وصنّاع السياسات والمستثمرين، فهو المؤشر الذي يستخدم على نطاق واسع للحكم على صحة الاقتصاد، وتُبنى على أساسه الميزانيات، وتُقاس به الإنجازات الاقتصادية، وتُطلق على أساسه خطط النمو والازدهار، وهو المؤشر الذي يحتل العناوين، ويوجّه الرأي العام، كل ذلك لأنه ببساطة رقمٌ واحد، يمكن شرحه بسهولة متناهية، ويعطي انطباعاً عن النجاح أو الفشل، إلا أنه في النهاية يبقى رقماً واحداً، يعطي منظوراً أحادي الجهة، ولا يعكس أبعاداً كثيرة تهم الدول بل وتتمحور حولها توجهات العديد من الدول، فهو لا يعكس أهداف وتحديات التنمية المستدامة، ولا يقيس مدى التحول الرقمي، ولا العدالة المجتمعية وفوارق الدخل، فهل ما زال هذا المؤشر يتناسب مع العصر الحالي؟ عندما ظهر مفهوم الناتج المحلي الإجمالي في ثلاثينات القرن العشرين، كان العالم يغص بالكساد العظيم، وكان هذا المؤشر أداة طارئة لقياس نشاط الاقتصاد الكلي في وقت كانت قلة الأنشطة الاقتصادية مشكلة العالم، واستخدم لاحقاً خلال الحرب العالمية الثانية لتقدير الطاقة الإنتاجية للدول وتسخيرها في الحرب، وتبنّته بعد ذلك المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، ليصبح بعد ذلك المعيار القياسي لمقارنة اقتصادات الدول حتى وقتنا هذا، ولا شك أنه مفيد في قياس الحجم الاقتصادي، ولكنه قاصر في معايير جوهرية مثل الرفاه المعيشي وجودة الحياة وغيرها. وهناك عدة أمثلة لوجوه القصور في مؤشر الناتج الإجمالي المحلي، فهو لا يأخذ في الحسبان التفاوت في توزيع الثروة، فقد يُظهر أن بعض الدول ذات ناتج قوميٍّ عالٍ، وهي دول تتسع فيها الفجوة بين الفقراء والأغنياء كما هو الحال في الهند، وقد يُظهر أن بعض الدول في نمو مطّرد، وهي تعاني من مشاكل هيكلية داخلية قد تعصف باقتصادها كما هو الحال مع الصين، وعلى الرغم من أن الصين بالفعل معجزة العصر الحالي بانتشال مئات الملايين من تحت خط الفقر، ويرتبط ذلك ارتباطاً وثيقاً بنمو الناتج الإجمالي، فإن هذا المؤشر لم يوضح الصورة بأكملها، ودلالة ذلك أن هذا المؤشر لم يأخذ في الحسبان أزمة القطاع العقاري الذي يمثل ربع الناتج الإجمالي الصيني على الأقل، وينطبق الأمر نفسه على الدول التي تشهد تدهوراً بيئياً أو انخفاضاً في الخدمات الصحية أو غيرها من الأمور الجوهرية. وقد ظهرت مؤشرات عدة تعطي انطباعاً أكثر شمولية من الناتج الإجمالي مثل مؤشر التنمية البشرية الذي يجمع بين ثلاثة أبعاد وهي متوسط العمر المتوقع، ومستوى التعليم، ونصيب الفرد من الدخل القومي، ليعكس قدرة الإنسان على عيش حياة طويلة صحية مثمرة، كذلك مؤشر الحياة الفضلى الذي تبنّته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والذي ينظر في أحد عشر بُعداً للحياة منها جودة السكن والصحة والبيئة والعمل والمشاركة المجتمعية والتوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، جميع هذه المؤشرات تبدو أكثر ملاءمة لإعطاء فكرة أشمل عن الدول، فلماذا لا يتم استخدامها على نطاق واسع؟ الواقع أن هذه المؤشرات البديلة غالباً ما تكون معقدة وصعبة القياس وتفتقر إلى التوافق الدولي في منهجياتها، وغالباً ما تتبنى العديد من الدول مؤشرات تناسب حيثياتها، ولا تناسب بكل حال دولاً أخرى، ويسبب ذلك صعوبة في المقارنة بين عبر الزمن أو بين الدول، كما يتطلب حساب بعض هذه المؤشرات توفر بيانات دقيقة عن المحتوى المحلي، ولا تمتلك العديد من الدول الإمكانات لتوفير هذه البيانات، وهي بعد ذلك كله، تحتاج إلى شرح، بعكس الناتج الإجمالي الذي يمتلك جاذبية لا تضاهى، رقم واحد سهل الفهم، وقابل للتداول إعلامياً، يسهل حسابه ويعطي مرونة في المقارنات التاريخية والجغرافية. سيكمل مؤشر الناتج الإجمالي قرناً من الزمن بعد سنواتٍ قليلة، ولا يبدو أن هناك أي مؤشر قريب لمنافسته، ولا مجال للتشكيك بأهميته وقدرته على قياس حجم الأنشطة الاقتصادية، وقد كان كافياً خلال القرن الماضي لكنه قد لا يكون كذلك للعقود المقبلة، والتقدم الاقتصادي لا يقاس بعدد وحجم الأنشطة الاقتصادية فحسب، بل بجودتها وتنوعها ومناسبتها لتوجهات الدول، ولو كان هذا الرقم كافياً لما حرصت الدول على تنويع الاقتصاد، والتشجيع على العمل التطوعي، وتطوير التعليم، والارتقاء بالخدمات الصحية، والحفاظ على البيئة، كل ذلك لا يُقاس بالناتج الإجمالي، بل وبعضه لا ينعكس حتى عليه.

الدولة الضرورة: فلسطين كحجر زاوية في إطار أمني إقليمي جديد
الدولة الضرورة: فلسطين كحجر زاوية في إطار أمني إقليمي جديد

الشرق الأوسط

timeمنذ 19 دقائق

  • الشرق الأوسط

الدولة الضرورة: فلسطين كحجر زاوية في إطار أمني إقليمي جديد

الحربُ الإيرانيةُ - الإسرائيليةُ العابرةُ للحدود، التي بدأت بها إسرائيلُ في الثالثَ عشرَ من يونيو (حزيران) 2025، تطرحُ أمامَ جميع دولِ المنطقة ضرورةَ إعادةِ تشكيل إطار أمني إقليمي جديد قابلٍ للاستمرار. في مقالي هذا، أطرح مقاربةً مختلفة: نقل القضية الفلسطينية من إطارها التقليدي الذي يضعها كـ«قضية حقوق» أو «مطالب قومية»، إلى مربع الأمنِ الإقليمي بوصفها حجرَ الزاوية أو الدولة الضرورة في أي تصور جديد للأمن الإقليمي، يشمل العربَ واللاعبين غيرَ العرب في المعادلة (إسرائيل، إيران، تركيا). الفكرةُ هنا هي أنَّ قيامَ الدولة الفلسطينية ليس مجردَ استحقاقٍ تاريخيّ، بل ضرورة أمنيةٌ إقليميةٌ عاجلة. لذا، سأتطرق هنا لمعنى الأمن الإقليمي، فلكلّ دولة في المنطقة تصوُّرُها الخاصُّ لطبيعة التهديدات التي تواجه أمنَها القومي. الحالةُ الإسرائيلية مثالٌ لهذا القلق المفرط، حيث ترى كلَّ ما يحيط بها تهديداً وجودياً، سواء كان من دول كإيران، أو جماعات كـ«حزب الله» و«الحوثيين» و«حماس»... وغيرهم. كشفت الحربُ بين إيران وإسرائيل ما يمكن تسميته «ميزان العجز الأمني» لدى دول الإقليم كافة تقريباً، وأظهرت أنَّ التفوقَ التكنولوجيَّ قابلٌ للاختراق، ولا يشكّل بوليصةَ تأمين حقيقية. كمَا أنَّ التكنولوجيا النوويةَ لم تعد بعيدةَ المنال، وإيرانُ أوَّلُ من اقتربَ منها. ومن ثم، فإنَّ حلَّ المعضلة الأمنية المزمنة في الإقليم لا يكمنُ في تكنولوجيا العنف، بل في تصوُّرٍ أمنيٍّ جديدٍ شامل. إذا كانتْ دقةُ الوصفِ هي بداية المعرفة، فإنَّ أفضلَ توصيفٍ للشرق الأوسط كنظامٍ إقليمي هو: «السيولةُ الأمنيةُ والتوتراتُ المزمنة». وفي ظلّ غيابِ آليةٍ جماعيةٍ فعالة لإدارةِ هذه التهديدات وتفكيك النزاعات بعقلٍ بارد، تبقَى فكرةُ العجزِ في ميزانيةِ الأمنِ الإقليمي قائمةً، وتبقَى المنطقةُ عرضةً لانفجاراتٍ عنيفةٍ كلَّ عقدٍ من الزَّمن. فلو أخذنَا مثلاً إسرائيلَ نموذجاً لمقاربةٍ أمنيةٍ ناقصة، لوجدنا أنَّها اتخذتْ مسارين لتعويضِ شعورِها بانعدام الأمن: • الأول، مسارُ التَّطبيعِ مع دولٍ عربية، سواء أكان ثنائياً أم جماعياً جزئياً (كما في الاتفاقات الإبراهيمية). • الثاني، مسار الرَّدعِ والمواجهة العنيفةِ ضد أي تهديدٍ لأمنِها، كمَا في حروبِها مع غزة وحربِها مع إيرانَ في يونيو 2025. لكنَّ المشكلةَ هي أنَّ هذه المقاربةَ تضع إسرائيلَ في مركز الإقليم من دون مراعاةٍ لما تراه الدولُ الأخرى من تهديدات، ومن دونِ تفكيرٍ في التنافسات الإقليمية بين قوى كإيرانَ وتركيا والسعودية ومصر. في هذا السّياق، تمثلُ القضيةُ الفلسطينية «الديناميت» الذي يفخّخُ الأمنَ الإقليمي، ويجعلُ احتمالية الحروبِ مرضاً مزمناً يتفاقمُ في أي لحظة. أمَّا تأسيسُ تصورٍ أمنيّ جديدٍ، فيتطلَّبُ خيالاً استراتيجياً يتجاوز المقارباتِ المجزّأةَ، مثل معاهداتِ السَّلام المنفردة. في هذا التَّصور، لا تُطرَح القضيةُ الفلسطينية كملفٍّ تفاوضيٍّ هامشيّ، بل كشرطٍ بنيويّ ضروريّ لإعادةِ بناءِ النظامِ الأمنيّ الإقليميّ بشكلٍ مستدام يضمنُ الأمنَ لكلّ الأطراف. الطَّرحُ يستند إلى نظريةِ الأمنِ الإقليمي المركَّب كما صاغَها باري بوزان وأولي ويفر في كتابهما «Regions and Powers (2003)»، التي تجمع بين مستويَي التحليل الدولي والمحلي، وتسعَى لدمجِ بنية النّظام الدولي بالخصائصِ الإقليمية. مساهمتِي تتعلَّقُ بدمجِ هذه النظريةِ بمقارباتٍ واقعية، ليبرالية، وبنيوية، لإنتاج إطار تفسيري يتجاوز الهويات المتصارعة، خصوصاً في ظلّ وجود حكومةٍ إسرائيليةٍ يمينيةٍ متطرفة. هذا الإطارُ هو بداية عملية لمعالجةِ العجز الأمنِيّ المزمن الذي ينتجُ حروباً كلَّ مدَّة قصيرة من الزمن لا تتعدّى العقد، تُكلّف المنطقةَ والعالمَ كثيراً من الدماء والتوتر، وتعطّل التنمية. من الدَّولةِ كرمزٍ إلى الدولةِ كضرورةٍ أمنيةٍ، وبعد الحربِ الإيرانية - الإسرائيلية الأخيرة، نجدُ أنفسَنا أمام سؤال جوهريّ: هل نريدُ استمرارَ موجات العنف؟ وهل نستمرُّ في إعادةِ تدوير النماذجِ الأمنية ذاتِها، متجاهلينَ خللاً بنيويّاً عنوانُه غيابُ بنيةٍ أمنيةٍ مستدامة؟ الرَّدعُ التقليديُّ لم يعد كافياً، بل يزيدُ الحرائقَ اشتعالًا، كما ظهر في الرَّدِّ الصَّاروخِي الإيراني على مدنٍ إسرائيلية. هنا تأتي الدولة الفلسطينية نموذجاً للحلول المستدامة. نعرف أنَّ دولاً كثيرةً نشأت بوصفِها صماماتِ أمان في سياقات إقليمية مضطربة، لا كتجليَّات قومية؛ مثال: الدولة البروسية بعد حرب الـ30 عاماً، دولة البوسنة والهرسك كحلّ أمنيّ فيدراليّ في البلقان. ليست كل الدول وليدة حركات قومية أو بناء دولة تلقائي. أحياناً تُخْلَق الدول استجابة لحاجات أمنية ملحّة لتنظيم الفوضى، أو تأمين توازن إقليمي هش. أو حتى ما يُعرف بمفهوم «الدولة العازلة» التي ظهرت في القرن السابع عشر إثر تعدد الإمبراطوريات خوفاً من التصادم المريع بينها. نماذج مثل بلجيكا (1830) التي نشأت كدولة حياد مفروض لتجنب الحروب بين القوى الكبرى، أو بوتان التي كانت منطقة عازلة بين الهند والصين، أو أوروغواي التي شكلت حائلاً بين الأرجنتين والبرازيل، كلها دلالات مهمة للدولة الفلسطينية. أمَّا مملكةُ مراكشَ في العهد العثماني، فكانت دولةَ ضرورة للحفاظ على توازن القوى في شمال أفريقيا، وكانت تمثل حاجزاً واقياً بين النفوذ العثماني والطموحات الأوروبية. إذن، فالدولة الفلسطينية المتماسكة ضرورة أمنية إقليمية؛ لأنَّها تعيد ضبطَ المجال الجغرافي بين إسرائيلَ ومحيطها، وتمنع الاحتكاكَ المباشرَ المستمر، مثلها مثل بلجيكا أو بوتان أو مراكش. يمكن تصوّرُ دولة فلسطينية لا مركزية، تضم غزةَ والضفة، بدعم قوةٍ أمنية متعددة الجنسيات، بمشاركة من دول المنطقة، لا كمكافأة سياسية، بل كضرورةٍ هيكلية لتثبيت نظام الأمن الإقليمي. حين تبني إسرائيلُ أمنَها على قاعدة فلسطينية مستقرة، تنتقل التوتراتُ إلى فضاء تفاوضي عقلاني، ويصبح التطبيعُ مؤسساتياً قائماً على الأمن المشترك والاعتراف المتبادل مع دول الجوار والانتفاع المتبادل؛ ما يؤدي إلى نظام إقليمي مترابطٍ وليس تنافساً للهيمنة. هذا يتطلَّبُ إعادة نسج الاتفاقات الأمنية الفلسطينية - الإسرائيلية كعقد جديد، متجاوزاً اتفاقات أوسلو وغيرها. يكون دورُ الدولِ العربية ليس فقط ضامناً سياسياً بل شركاء في بناء الدولة الفلسطينية، ويكون الدور الإيراني والتركي مراقباً ذكياً ضمن نظام دولي يحمي التوازن. وباختصار في هذا التصور تصبح الدولةُ الفلسطينية دولةً ضرورة، وتُنْقل من مربع السرديات التاريخية إلى مربع الأمن الإقليمي. فلسطين الدولة كضمانٍ لا كمنّة من الغرب أو الشرق، فمثلما نشأت بلجيكا كأداة أمنية، يجب أن تولدَ الدولةُ الفلسطينية كشرطِ توازن، لا كمكرمة أو استثناء. الشرق الأوسط لا يحتاج صراعات غير منتهية إضافية أو مزيداً من النزاعات، بل يحتاج إلى نظام أمن إقليمي مبني على مؤسسات أمنية حقيقية تبدأ بقيام دولة فلسطينية ليست بشكل رمزي هش، بل كشرطٍ وجودي لضمان استقرار ورخاء الإقليم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store