
دعم إغاثي وحشد سياسي.. البريطانيون يرفضون تجويع أهالي غزة
فمنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة قبل 22 شهرا، لم تهدأ حملات الدعم والتضامن الشعبي في عموم بريطانيا، لكنها شهدت في الأسابيع الأخيرة تصعيدا ملحوظا، بعد أن تجاوزت معاناة الجوع في غزة، بالنسبة لكثير من البريطانيين، حدود الصمت الممكن، مع تجاهل حكومة بلادهم للمعاناة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
الأواني الفارغة
وللأسبوع الثاني على التوالي، خرج آلاف البريطانيين في تظاهرات متزامنة طالت أكثر من 60 بلدة ومدينة، حيث استخدم المتظاهرون الطرْق على "الأواني الفارغة" كرمز احتجاجي على سياسة التجويع الممنهج التي تمارَس على سكان غزة، رافعين صورا مؤلمة لأجساد أنهكها الجوع والقصف.
ودعت منظمات حقوقية بارزة مثل "تحالف أوقفوا الحرب"، و"حملة التضامن مع فلسطين"، و"المنتدى الفلسطيني في بريطانيا" إلى جانب منظمات أخرى للمشاركة في المسيرة الوطنية الـ30 المقررة نهاية الأسبوع المقبل.
وقال عدنان حميدان، القائم بأعمال المنتدى الفلسطيني في بريطانيا إن الحراك الشعبي منذ انطلاقته مع بداية العدوان على غزة يواصل ضغوطه على الحكومة البريطانية التي تتلكأ في اتخاذ مواقف حازمة، كفرض العقوبات الحقيقية على إسرائيل لإجبارها على وقف التجويع بحق المدنيين في القطاع.
وأشار حمدان في حديثه للجزيرة نت إلى أن قرع الأواني الفارغة هو تعبير عن صوت الفلسطينيين في غزة الذي تسعى آلة الحرب الإسرائيلية إلى إسكاته، بينما لا تترجم الحكومة البريطانية وعودها -كالوعد المشروط بالاعتراف بالدولة الفلسطينية- إلى خطوات تُنقذ الجياع فعليا.
مطالب بإنهاء التجويع
وبالرغم من التضييقات المتزايدة التي تواجهها مبادرات دعم الفلسطينيين في بريطانيا ، يؤكد المتضامنون أن المعركة السياسية لا تنفصل عن العمل الإغاثي، لا سيما بعد تصنيف حكومة حزب العمال لحركة " فلسطين أكشن" المناهضة لتسليح إسرائيل واعتبارها منظمة إرهابية، وإغلاق حسابات مصرفية لجمعيات خيرية تنشط في دعم غزة.
في هذا الإطار، وجهت 150 شركة بريطانية عاملة في قطاع الأغذية رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تطالبه بالتدخل العاجل لإنهاء سياسة التجويع الإسرائيلية، وضمان حق الفلسطينيين الإنساني في غزة في الحصول على الغذاء والماء وحمايتهم من كارثة المجاعة المحدقة بهم.
وبدورها، نشرت جمعية الأمم المتحدة في المملكة المتحدة، وهي منظمة مستقلة تُعنى بتعزيز دور بريطانيا في النظام الدولي، دعوة عبر موقعها الإلكتروني تحث فيها المواطنين البريطانيين على التواصل مع نوابهم البرلمانيين، وإرسال رسائل احتجاج تطالب بوقف حملة التجويع في غزة، والضغط على الحكومة البريطانية لوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
ورغم جهود المنظمات الإغاثية البريطانية، تبقى قدرتها على إيصال المساعدات محدودة بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق، وتُعد منظمة أوكسفام البريطانية، إحدى المنظمات البريطانية الإغاثية البارزة التي عملت لسنوات في القطاع المحاصَر لتوفير الأغذية للسكان، لكن روث جايمس، المنسقة الإغاثية لمنظمة أوكسفام لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تؤكد في حديثها للجزيرة نت أن "حجم المساعدات التي تقدمها المنظمة يظل محدودا في ظل الحصار الخانق المفروض على غزة".
وتضيف جايمس أن حملة التجويع الإسرائيلية ضد سكان غزة متعمدة ومفتعلة، ويمكن وضع حد لها إذا ما تم السماح بإدخال كميات كافية من المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، لكن السلطات الإسرائيلية تواصل عرقلة وصولها، مما يؤدي إلى وفاة المدنيين إما جوعا أو بسبب أمراض يمكن علاجها بسهولة لو توفرت المساعدات.
ودعت أوكسفام عبر موقعها الرسمي المتضامنين إلى رسم خطوط حمراء على أياديهم والتقاط صور تُرفع خلال التظاهرات، للتعبير عن رفض التطبيع مع سياسة التجويع، وتؤكد جايمس أن الغضب الشعبي يتزايد مع كل صورة جديدة لأطفال يتساقطون من الجوع في فلسطين ، في وقت يرى كثير من البريطانيين أن حكومتهم تتحمل جزءا من المسؤولية.
وتشير روث إلى أن طيفا واسعا من البريطانيين غاضبون من مشاهدة صور الأطفال وهم يتساقطون جوعا أمام عدسات الكاميرا، ويعتقدون أن حكومتهم متواطئة في حملة الإبادة لكنهم مصرون على الضغط عليها لتغيير نهجها.
الإجهاز على فرص الحياة
في الوقت الذي تبذل فيه منظمات إغاثية بريطانية جهودا لدعم القطاع الطبي في غزة، الذي لم يعد فقط يقدم الرعاية لضحايا القصف بل أيضا للمصابين بسوء التغذية، كشفت منظمة "مساعدة طبية من أجل فلسطين"، وهي من أبرز الجمعيات البريطانية التي تزود مستشفيات القطاع بالإمدادات الطبية، أن بعض العاملين معها في غزة اضطروا للانضمام إلى طوابير توزيع المساعدات الغذائية، بعدما بدأ أطفالهم يتضورون جوعا.
وبينما تواصل المنظمة حملات التبرع على موقعها الإلكتروني، تتهم الجيش الإسرائيلي بتعمد عرقلة وصول للمساعدات التي يتم ضخها للقطاع، والحرص على إشاعة حالة من الفوضى عبر فرض طرق لتوزيع المساعدات تتحكم فيها قواته.
ويشير غريم غروم الجراح البريطاني الذي تطوع في مستشفيات القطاع خلال الأشهر الماضية ضمن بعثات طبية بريطانية، أن أهالي غزة يعانون من مجاعة على مدى الأشهر الماضية بلغت ذروتها الآن، مؤكدا أنه كان شاهدا على رغبة إسرائيلية واضحة في تدمير القطاع الطبي وإنهاء كل فرص النجاة أمام الفلسطينيين في غزة.
ويضيف غروم في حديثه للجزيرة نت، أن المزيد من الأطباء البريطانيين مصرون على التوجه للقطاع لدعم زملائهم ومنع القطاع الصحي من الانهيار التام، بعد أن امتدت أزمة الجوع لتطال أيضا الأطقم الطبية التي تعمل في ظروف مزرية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 18 دقائق
- الجزيرة
آلاف النمساويين يتظاهرون أمام البرلمان دعما لغزة
تظاهر آلاف المحتجين في محيط البرلمان النمساوي بالعاصمة فيينا احتجاجا على الصور المروعة الخارجة من قطاع غزة. وطالب المتظاهرون بوقف فوري للإبادة الجماعية وإدخال المساعدات بشكل عاجل.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
تقرير إسرائيلي يكشف رفض نتنياهو إبرام صفقة تبادل
كشفت القناة الـ13 الإسرائيلية في تقرير خاص نشر مساء أمس الاثنين عن محادثات لمداولات حكومية أجريت قبل أشهر بشأن صفقة إنهاء حرب غزة وتبادل الأسرى، مشيرة إلى أن القيادة السياسية -وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – رفضت مقترحات أمنية كانت ستفضي إلى إطلاق سراح المحتجزين تمهيدا لاستئناف القتال لاحقا. وبحسب التقرير، فإن قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كانوا مقتنعين في مارس/آذار الماضي بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق السابق بأن التوصل إلى اتفاق شامل كان ممكنا، لكن القرار السياسي حال دون ذلك. وقالت القناة "مرت 6 أشهر على آخر صفقة تبادل، ومنذ ذلك الحين لا تزال إسرائيل عالقة بين محاولات فاشلة للمفاوضات وبين القتال والخسائر في حرب غزة". وتُظهر البروتوكولات المسربة أن أول هذه النقاشات أُجري في مطلع مارس/آذار الماضي حين صرح المسؤول عن ملف المحتجزين في الجيش نيتسان ألون أن الفرصة الوحيدة لإعادة المحتجزين هي عبر صفقة. لكن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر رفض المضي في هذا الاتجاه، قائلا إن "إسرائيل ليست مستعدة لإنهاء الحرب وحماس في السلطة". أما رئيس جهاز الأمن الداخلي (شاباك) رونين بار فعبر عن تفضيله المضي في صفقة تبادل لإعادة جميع المحتجزين، ثم إكمال القتال حتى هزيمة حماس، وفق تعبيره. ورفضت القيادة السياسية التوجه الرامي للتوصل إلى صفقة تبادل لإعادة المحتجزين، ولا سيما أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش رفض خيار وقف الحرب ثم العودة إليها بعد إطلاق سراح جميع المحتجزين، معتبرا أنه ينم عن جهل. رد عائلات المحتجزين بدورها، وصفت عائلات المحتجزين المحادثات المسربة بأنها "خطيرة"، وتثبت بشكل قاطع أن الحكومة الإسرائيلية تواصل الحرب لأسباب سياسية، ولا تهتم بإطلاق سراح المحتجزين، وتعمل على إحباط المفاوضات. وتقدّر إسرائيل وجود 50 أسيرا إسرائيليا في غزة، منهم 20 أحياء، في حين يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. وقبل أيام، انسحبت إسرائيل من مفاوضات غير مباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الدوحة بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة جراء تصلب مواقف تل أبيب بشأن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب والأسرى الفلسطينيين وآلية توزيع المساعدات. ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين، لكن نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية يتهرب بطرح شروط جديدة -بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية- ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
خبراء الأمم المتحدة يوصون بحظر تسليح إسرائيل وتفكيك "مؤسسة غزة"
أوصى خبراء الأمم المتحدة الدول الأعضاء بفرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بسبب انتهاكاتها المتعددة للقانون الدولي، كما دعوا إلى تفكيك " مؤسسة غزة الإنسانية" فورا، مؤكدين أنها تنفذ "أهدافا عسكرية وجيوسياسية" تحت غطاء توزيع المساعدات. وقال الخبراء في تقرير نشر اليوم الثلاثاء إن "الفلسطينيين يدفعون ثمن إخفاق المجتمع الدولي القانوني والسياسي والأخلاقي"، مشددين على أن "منع أو تأخير المساعدات جريمة حرب تهدف إلى تجويع المدنيين في سياق إبادة جماعية موثقة ومدانة". وأضاف الخبراء أن "رؤية الأطفال يموتون جوعا بين أيدي والديهم ينبغي أن تهزنا وتخرجنا من حالة التقاعس". وذكر التقرير أن "مؤسسة غزة الإنسانية التي أنشأتها إسرائيل في فبراير/شباط 2025 بدعم الولايات المتحدة وبزعم توزيع المساعدات في غزة تعد مثالا مقلقا للغاية لكيفية استغلال الإغاثة الإنسانية من أجل أجندات عسكرية وجيوسياسية في انتهاك خطير للقانون الدولي". وأضاف الخبراء "إننا نترك دولة متهمة بالإبادة الجماعية و جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية تتولى المسؤولية عن إطعام الشعب الذي تقع عليه الإبادة الجماعية من دون رقابة وبإفلات من العقاب". ودعا التقرير إلى تمكين الجهات الإنسانية في الأمم المتحدة والمجتمع المدني من استئناف توزيع المساعدات بغزة. ووصل تجويع الفلسطينيين في غزة جراء الحصار الإسرائيلي وحرب الإبادة المدعومة أميركيا إلى مستويات غير مسبوقة في الآونة الأخيرة وفق تقارير محلية ودولية، حيث تزايدت الوفيات جراء سوء التغذية والجفاف، وبلغ العدد الإجمالي 189 شهيدا -بينهم 95 طفلا- وفقا للمصادر الطبية بالقطاع. ومنذ أواخر مايو/أيار الماضي تقود "مؤسسة غزة الإنسانية" مشروعا أميركيا إسرائيليا للسيطرة على توزيع الغذاء في القطاع المحاصر بدلا من المنظمات الدولية التي رفضت هذا المشروع، ووصفته بأنه مصيدة لقتل المدنيين وأداة لـ"هندسة الجوع" وتهجير السكان وإذلالهم. ووثقت وزارة الصحة في قطاع غزة منذ بدء هذا المشروع استشهاد 1568 فلسطينيا وإصابة أكثر من 11 ألفا و230 آخرين بنيران جيش الاحتلال في نقاط توزيع الغذاء وطوابير انتظار المساعدات. وأكد خبراء الأمم المتحدة أن القوات الإسرائيلية والمتعاقدين العسكريين الأجانب يواصلون إطلاق النار من دون تمييز على طالبي المساعدات في ما تسمى "نقاط التوزيع" التي تديرها تلك المؤسسة. وختم الخبراء تقريرهم بدعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى "فرض حظر أسلحة شامل على إسرائيل بسبب انتهاكاتها المتعددة للقانون الدولي، وتعليق اتفاقيات التجارة والاستثمار التي قد تؤدي إلى إيذاء الفلسطينيين، ومساءلة الكيانات التجارية". ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدعم أميركي حرب إبادة على سكان قطاع غزة أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 150 ألفا وتشريد سكان القطاع كلهم تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية ، وفقا لما وثقته تقارير فلسطينية ودولية.