
ثورة الحسين ( علية السلام) في أحاديث المفكرين والأحرار
لقد بقي أثر هذه الثورة الخالدة ، راسخا منذ قيامها ولعصرنا هذا، لما تحمل من قيم نبيلة وشجاعة وتضحية، قلما يحملها الأبطال والمجاهدين. وظل يتشبه بها أحرار العالم في أقوالهم ومجالسهم ، ضد الظلم والعبودية والتحرر، ويتمجدون بمعانيها العظيمة ، ويزداد تخليدها عام بعد عام من قبل الشعوب المظلومة في مشرق الأرض ومغربها.
إن الأسباب الحقيقية لهذه الثورة العظيمة تكمن،كما رواها المؤرخون المنصفون، من أجل الحرية والعدالة والقضاء على الفساد، وليس اعتلاء كرسي السلطة الدنيوية ، وإعادة مباديء وقيم ننا الإسلاميدين محمد (ص) الى مساره الصحيح ، بعد أن حرفه الفاسدين، والغارقين في ملذاتهم الدنيوية، ممن استلموا الولاية الإسلامية بالخدعة والاحتيال والرشوة،والتنصل عن العهود المقطوعة من قبلهم للمسلمين، عن مبادئها الحقيقية في تطبيق العدالة والحرية .
قال الإمام الحسين (عليه السلام) في معركة الطف لأعدائه : إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد،فكونوا أحرارا في دنياكم. إن الإمام الحسين (ع) لم يخرج أشرًا ولا بطرًا ولا طالب ملك، ولكنه خرج لطلب الإصلاح، والإصلاح ؛ هو الجهاد في سبيل الله ومحاربة التسلط والظلم والفساد والطغيان من قبل الولاة الظالمين.
نسرد البعض منها :
– الأديب المصري؛عباس محمود العقاد، ثورة الحسين، واحدة من الثورات الفريدة في التاريخ، لم يظهر نظير لها حتى الآن في مجال الدعوات الدينية أو الثورات السياسية.. فلم تدم الدولة الأموية بعدها حتى بقدر عمر الإنسان الطبيعي، ولم يمضِ من تاريخ ثورة الحسين حتّى سقوطها أكثر من ستين سنة ونيّف .
– الإعلامي اللبناني؛ جورج قرداحي،: حينما جنّد يزيد الناس لقتل الحسين وإراقة الدماء، كانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الحسين،فكانوا يقولون، لو أننا نقتل سبعين مرّة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ، ونقتل مرة أُخرى أيضاً.
– الكاتب المصري؛ عبد الرحمن الشرقاوي:الحسين شهيد طريق الدين والحريّة، ولا يجب أن يفتخر الشيعة وحدهم باسم الحسين، بل إن يفتخر جميع أحرار العالم بهذا الاسم الشريف.
– الفيلسوف الاجتماعي العراقي؛ الدكتور علي الوردي : إن الحسين(ع) كان يمثل قيم الفروسية والبطولة، بينما كان يزيد يمثل قيم السلطة والتحضر، أن الصراع لم يكن مجرد صراع على السلطة، بل كان صراعاً على القيم والهوية.
– الزعيم الصيني؛ ما وتسي تونغ: عندكم تجربة ثورية وإنسانية فذة قائدها الحسين، وتأتون إلينا لتأخذوا التجارب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
عاشوراء بين التضحية والإيمان
يحلّ علينا يوم عاشوراء، بكل مسمياته ومعانيه، حاملاً في طياته أعظم دروس الفداء والصبر والإيمان، حاملاً كل معاني التضحية الحقيقية لنصرة الدين الإسلامي. ذلك اليوم الذي ارتبط فيه ضمير العالم الحر مع الوجدان الإسلامي بملحمة تاريخية لا يمكن وصفها بكلمات، لأنها بقيت خالدة على مر العصور. إنها ملحمة كربلاء، عندما وقف الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) بوجه الظلم والفساد، رافعًا راية الحق ضد الباطل، مضحيًا بنفسه وأهله وأصحابه في سبيل المبادئ التي آمن بها. نعم، إنهم آل بيت رسول الله، ومن منهجه الطاهر الشريف يستلهمون العبر… لم تكن واقعة كربلاء مجرد معركة عادية عابرة التقت فيها السيوف مع صهيل الخيول، بل كانت اختبارًا للإرادة الإنسانية، ومعنىً حقيقيًا للتضحية في أسمى صورها. فالإمام الحسين لم يخرج طلبًا للسلطة أو رغبة في الدنيا، بل خرج ليُصلح في أمة جده، ويُعيد روح الإسلام إلى مسارها الحقيقي، بعد أن عبث بها الطغاة. لم يكن يطلب كرسي السلطة لأنه من الأشخاص الذين طهرهم الله وأبعدهم عن كل منافع الدنيا ومغرياتها، وها نحن اليوم نستفيد الدروس الكثيرة ونتعلمها من يوم عاشوراء، وخاصة عندما نرى الإيمان وقد تجلّى في أبهى صوره، حين اختار الامام الحسين أن يواجه الموت على أن يبايع الظالم، حين حمل السيف وهو يعلم أنه ذاهب إلى الشهادة، لا النصر، لكنه نصرٌ من نوع آخر.… نصر المبادئ على المصالح، ونصر الكرامة على الذل. نصر المظلوم على الظالم ونصر الفقراء على الجبابرة. في هذا اليوم، لا نبكي الحسين فقط دون أن نستفيد من ذلك الدرس العظيم الذي تركه لنا لتتعلمه كل الأجيال، ونستلهم من موقفه الشجاعة في قول الحق، والثبات على المبدأ، والتضحية لأجل القيم التي نؤمن بها. فهو لم يُقتل ليُحزننا، بل ليستنهض فينا الضمائر، ويُذكّرنا أن الإيمان الحق لا يكتمل إلا حين يُختبر في ميدان الفعل، ليعطينا درسًا في القيم الأخلاقية ويجدد فينا مبادئ الإسلام الحنيف. إن يوم عاشوراء هو درسٌ خالد في الإباء، ونداءٌ مستمر لكل الأحرار في العالم. نداء نسمع كلماته وصيحاته وهو ينادي جميع المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها، ينادي شجعان العالم بحكمته وهو يقول للطواغيت كافة وعلى مر العصور الزمنية: 'هيهات منا الذلة'.


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
ثورة الامام الحسين (ع) مشروع إصلاحي وأيقونة خالدة بالتاريخ البشري
ثوره الامام الحسين بن علي كانت صرخه في وجه الظلم وصرخه في وجه السلطه التي حرفت مسار الرساله الالهيه والإسلام وجعلت من الحكم وسيله لاستعباد الناس لا لخدمتهم خرج الحسين لا من اجل سلطان ولا من اجل دنيا بل من اجل اصلاح ما فسد في جسد الامه وازاله ما علق بها من مظاهر الانحراف والضياع لقد وقف الحسين في كربلاء رافعا رايه الحق والكرامه وهو يعلم ان طريقه مفروش بالدم والدمع وان نهايته ستكون بالشهاده ومع ذلك تقدم بخطى ثابته وعزم لا يلين لانه كان يرى ان في موته حياه لدين جده وفي دمه نورا يهدي الامه من بعد ظلمه لم تكن ثوره الحسين لحظه عابره في التاريخ بل كانت حدثا غيّر الوعي الجمعي واثبت ان القوه ليست في السلاح بل في الموقف وان النصر الحقيقي هو نصر المبدا لا نصر المعركه ولذا بقي الحسين حيا في ضمائر الاحرار وبقيت كربلاء رمزا يتجدد كل عام في كل مره تحضر فيها عاشوراء يعود الحسين الى الواجهه لا كشخص بل كفكره وكقضيه تنبض بالحياه تلهم الثائرين وتوقظ النائمين وتعيد للامه وجهها الحقيقي وجه التضحيه والثبات والعدل لقد سقط الجسد في كربلاء لكن الروح ارتفعت لتسكن في قلوب الملايين ممن لم يروه ولم يعاصروه لكنهم امنوا به واحبوه وساروا على نهجه الحسين لم ينتصر بالسيف لكنه انتصر بالحق لم يسجل نصرا عسكريا لكنه سجل اعظم انتصار اخلاقي في تاريخ البشريه ومنذ ذلك اليوم والحسين لا يغيب عن ذاكره الضعفاء ولا عن قلوب المقاومين بل هو حاضر في كل صرخه ضد الاستبداد والظلم والطغيان والفساد وفي كل حركه تسعى للعدل والكرامه من كربلاء بدأ المسير ولن يتوقف ما دامت هناك كلمه حره وروح ترفض الذل. واليوم نجدد العهد والولاء لسيد الشهداء ونقولها بكل صوت وكلمة واضحة للعالم كله( هيهات من الذلة ) بهذه الكلمات نجسدها فعلا وقولاً ونموت واقفين ولن نركع لا لله .


موقع كتابات
منذ ساعة واحدة
- موقع كتابات
الحسين النور الذي بدد الظلمات في عاشوراء وإلى آخر الزمان
في العاشر من محرّم عام 61 للهجرة، وقف جيش الإيمان كلّه أمام جيش الكفر والنفاق والظلم كلّه. جيش الإيمان كان قليلا في عدته، نحيلاً في قوامه، معدودا في صفوفه كفتيل نورٍ نحيلٍ وسط ظلام دامس. أما جيش الظلم والنفاق فكان كبير الحجم، سمين العدة، عديد الصفوف متخماً بالسواعد والسلاح والخيول؛ يختلط غبار جلبته بالظلام فيرسم وجه عسكره ومنهم مجتمعين يرسم وجه السلطة التي قادتهم، في مشهدٍ موحشٍ مظلمٍ مغبرٍ، كأنّ الجيشُ المظلم وحشٌ خارجٌ من أصقاع جهنم يعيثُ في الأرض فساداً وخرابا. كانت هذه السلطة الشيطانية، وبجلبة جيشها الدامس، رغم ضخامتهما و وحشيتهما وقوتهما، خائفين من ذلك الوميض النحيل من النور، فخبطاه خبط عشواء بمخالب النفاق والظلم والجحود، يريدان طمسه، لينطفئ إلى الأبد ويكون الظلام في الأرض سرمدا، فيكون إحتفال الظلم والظلام إحتفال الجحيم الأبدي على أنغام إبليس، في عالمنا الدنيوي! حين بُعث الرسول برسالة الإسلام، وقف الأموييون بكل قوتهم ضد النبي وأتباعه القلائل. فعمدوا كل مكرٍ حازوه، وكل سبيل بصروه، ليطفئوا نوره إطفاء الشيطان نور الله بنفخته. فتدرجوا في القوة من شديد إلى أشد، وخداعٍ إلى أحط منه سبيلا. وما مكروا مكراً إلا وكان عاقبة مكرهم أنهم دُمروا، فلاذوا بالإسلام وهم يتهاوون فيفنون، ليتشبثوا بالبقاء فينظروا مكراً ويدبروا من جديدٍ أمرا. وحين فتح المسلمون مكة، لم يبق أمام كبير الأمويين وقومه سوى أن يدخلوا الإسلام مرغمين أذلاء، بعد أن حاربوه ثلاثة وعشرين سنة بكل ما أوتوا من قوة وعديد وعناد. وما لبث أن اشتدت سواعد الإسلام، وانكفأت ثعابين الشرك، وتوارت ضباع الكفر والظلم نحو جحور الظلام. وحين دخل المسلمون مكة فاتحين مزهوين بالنصر والإباء، وقد طُردوا منها قبل عشرٍ أذلاء، تحت وطأة الضرب والملاحقة وسلب كل ما ملكوا، وفي لحظة فوران الغضب والإنتقام وإلحاح العدالة، إذْ واتتهم الفرصة؛ أصدر النبي عفواً عاماً عن الظالمين المعتدين، الذين أذاقوا المسلمين صنوف الشر وأنواع الظلم وألوان العذاب. كان هذا فريداً في التأريخ كلّه، وسابقة في عالم السياسة والحروب، وخيراً وليداً لم تر عيون الأرض مثله أبدا. الظلمة والمعتدون الذين عفى النبي عنهم، سمّوا بالطلقاء ومسلمة الفتح. وما مرّ الكثير من الوقت، حتى دبّ هؤلاء الطلقاء بين المسلمين يستجمعون قواهم، ويلملمون غزل نسيجهم المنقوض، ويرممون أوكارهم وجحورهم. وحيث أوصى النبي المسلمين مراراً وتكراراً، وهو يذكرهم على مر السنون والأيام، يضع لهم القواعد ويرسخ البنيان، أصبح مقصده واضحا كالشمس لا يختلف عليه إثنان، أن النبي بوحي من ربه يريد علياً خليفة له من بعده ووصيا على المسلمين، وأنّى لهم أفضل منه علماً و ورعاً وتقوىً وحكمة؟! وإذْ لم يكن للطلقاء دورٌ في المجتمع الجديد، ولم تكن لهم كلمة في تقرير مصائر الدولة والمجتمع، فنسجوا كرّة أخرى في الخفاء مكرهم الجديد القديم، على منوال معاداة النبي وأهل بيته، فعمدوا إلى رجال كان لهم عليهم سطوة ومنّة ومكانة تبجيل في نفوسهم كانت قد نمت من عرى و وشائج القبلية وطبقيتها، منذ أيام الجاهلية حيث كان الأموييون جبّارين غشماء. وفي لحظة حرجة ومؤلمة وحاسمة، آوان وفاة النبي وإنشغال علي وقرابة النبي بتجهيز كفنه، ذهب الناس إلى السقيفة تحت أنظار ومراقبة الطلقاء، ليشكلوا النظام السياسي الجديد الذي لم يُحسب فيه لأهل بين النبوة أدنى حساب، بل وتعرضوا للإجحاف والإقصاء ومصادرة الحقوق، حتى بلغ بالقوم الإستيلاء على أرض ميراثٍ كان النبي تركها لبنته فاطمة وهي أم الحسين الذي كان النبي يشم رأسه ريحانةً يرويها بدموعه، مدركاً أن أمته ستذبحه وتهدر دمه كما أخبره الوحي. وكان المشهد مؤلماً، حيث جلبة الرجال عمدت بيت بنت رسول الله المفجوعة برحيل والدها الأعز الأكرم، وفي يدهم أعواد كالرماح تشتعل رؤوسها ناراً، وهم يطوقون بيت المفجوعة يريدون جرّ بعلها والمعتصمين ببيتها، للإقرار بنظام سياسي صنعوه على عكس ما أمر به النبي! فكانت الكارثة، إذْ سالت المصائب تتوالى، ودوائر الفتنة تتسع كقطع الليل المظلم. و وقعت المصيبة الأعظم فوق رؤوس عترة النبي الذين كساهم أمام الناس برداءٍ ليشرح لهم آية التطهير التي نزلت فيهم خصيصا، قلادةً حول أعناقهم، يُعرفون بها على مر الدهور والأزمان. وعبر سنين، ندم الذين صنعوا النظام السياسي وتمنوا لو أنهم لم يفعلوا، لأنهم رأوا بأم العين كيف تخرج الفتن بقرونها عقابيلَ لمقدمة لم يرسمها الوحي الإلهي. المصيبة كانت عظيمة فوق رؤوس أهل بيت النبوة، فماتت فاطمة مفجوعة حزينة، لم تتحمل مشهد وفاة والدها وأي والدٍ يأتيه الوحي من السماء، يشير إلى فاطمة ويقول لها: أنتِ بضعة مني فمن آذاك فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله. وبموتها، بُعيد وفاة النبي بشهور قلائل، تركت فاطمة ريحانتي النبي، الحسن والحسين، يتامى وهما طفلان لهما أقل من ثمانية أعوام من العمر! وحيث عاد الطلقاء أقوياء، وهم يتسترون بعباءة الإسلام، وأخذوا مدناً وأمصارا، يهيئون الواقع لتلقف كرة الخلافة بأي ثمن فكان لهم ما أرادوا؛ دبّروا الحرب والإغتيال والموت لعلي وأهل بيته وأصحابه، كما دبرّوا للنبي وأهل بيته وأصحابه في أمس غير بعيد. وحين استتب لهم الأمر والحكم، بدأ الوجه الحقيقي لهم خلف قناع الإسلام الذي لم يقتنعوا به يوما وهم يحاربونه لربع قرن في مكة والمدينة. وتجلّى ذلك في تبديلهم سنّة النبي، وهو أمرٌ أنبأه الرسول إلى المسلمين في حياته، أن رجلاً من بني أمية سيكون أول من يبدل سنته. وتوالى التبديل في الدين، وتعاظم الظلم والجهر بالعصيان والذنوب، وصار الإسلام بعد عزٍ ذليلا غريبا، حتى بكى أنس حزنا وكمداً على تبديل الدين قائلا: لم أعد أعرف شيئا مما كان على عهد النبي غير الصلاة التي أحدثوا فيها ما أحدثوا! وتمت ملاحقة الصالحين الأتقياء، وأبعدوا وعذبوا وقتلوا تقتيلا. وكان على رأسهم أبا ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وإبن مسعود، والحجر بن عدي وآخرون كُثر دفعوا حياتهم ثمناً للتمسك بخط النبي. كان نور النبي ورسالته بعد متقدين يتشعشعان، لكن قطع الليل المظلم، وغيوم الظلم والإنحراف، والتبديل في الدين بالإتكاء على السلطة والقوة قد هيمنّ في سماء الإسلام، وكأنّ الجاهلية عادت فخيمت على الناس، وكأنّ مشركوا أمس المحاربون للنبي ورسالته في طريقهم نحو نصر نهائي. في ثنايا هذه الظلمات والغيوم والتقهقر، وتحت أثقال الآلام والحيف والإجحاف الذي لحق ببيت النبوة، وإذْ تراكم الخوف والحزن واليأس والإستياء لما فعله الطلقاء وأعوانهم، من ظلم وتبديل وإطلاق للشر وقتلٍ للخير، وحيث قل أنصار الحق وعمّ الخوف والجبن والوهن، إمتطى الحسين نور رسالة جدّه، وخلفه أهل بيته يحملون مشاعل هداية الإسلام، وبضعة أعوان على الحق انضموا إليهم على مضض بعد أن كادوا لا يعرفون أن هذا هو نور الحق، فكان موكب الحسين إلى كربلاء قافلة من نور نبوي يشتعل بنبض الإيمان والعزم على تبديد الظلام وإشراق الحق، لتزول قطع الليل المظلم، فكانت ملحمة عاشوراء الحد الفاصل بين النور والظلمات، كسورٍ ضُرب بينهما باطنه في الرحمة وظاهره من قبله العذاب. في عاشوراء انقسم العالم الإسلامي، وكان العالم الحي الوحيد في الكرة الأرضية، إلى ثلاثة دوائر. الدائرة الأولى الظلمة وأعوانهم، وكانت الدائرة الأكبر والأعم. ودائرة أصغر بكثير، وهم اليائسون الذين فضلوا الصمت والإنزواء، لأنهم كانوا فقدوا الأمل وأرادوا إقناع الحسين لينضم إلى دائرتهم. وكانت هناك دائرة صغيرة جداً، تكاد لا ترى من شدة صغرها وضعفها الظاهر، في أحشاء إمبراطورية مترامية الأطراف، بعظيم قوتها وأساطيلها وجيوشها وأموالها وعدتها. هذه الدائرة الصغيرة الأصغر هي دائرة الحسين وأهل بيته. فكانت المواجهة الملحمية الكبرى في عاشوراء بأرض كربلاء، بين فئة قليلة من نحو سبعين فتيةٍ آمنوا بربهم وزادهم هدى يقودهم الحسينُ قامة نور وإيمان، وإمبراطورية تمتد من جزيرة العرب إلى آسيا شرقاً وإلى أصقاع أفريقيا وإلى تخوم أوروبا، وكانت أعظم دولة في الأرض قاطبة. في هذه المواجهة التي لم يكن فيها أدنى موازين التكافؤ والتوازن، ولا حتى بصيص أملٍ بتقبل أدنى معقولية للمشهد، انتصر ذلك الفتيل النحيل من النور على الجيش العرمرم من الظلم والظلمات، في بطولة مازالت مستمرة، ونورٍ مازال يشع، ونبض مازال حيّا بينما تلك الإمبراطورية ليست سوى أطلال رماد، ولا حتى رماد! في عاشوراء، سجل الكون أعظم مفارقة في تأريخ البشرية، حيث جيش كبير من الظلمات يبارز وميض نور نحيل ليطمسه وليطفئه بمخالب الظلم. على أرض المعركة كسب الظلام جولة الضرب، فظن أنه طمس النور إلى الأبد. لكن دم الحسين وأصحابه تناثر في الفضاء، ليشعل السماء نورا وشهباً بدد الظلام الذي غطى أعين الناس، وأظهر الدين من جديد وفق صورته النبوية، بعدما كاد يناله التشويه والإنحراف والتبديل. وبينما بقي النور يشع السماء، بدأ يرسل الشهب على تلك الإمبراطورية حتى أحرقها وحوّلها رماداً، وطغاتها جثثا تلاحقهم اللعنات على مر العصور. أما الحسين فمازال نور هداية يهدي الناس إلى الحق وشهاباً رصداً للطغاة والظالمين، يبدد الظلمات ويرسم الحدود بين الحق والباطل في كل زمان ومكان.