
لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟
بحسب ما كشفه المدير العام لمجموعة الإعلام المستقلة، علي جمالو، في حديثه لبرنامج "ستوديو وان مع فضيلة" على سكاي نيوز عربية، فإن الإعلان عن اللقاء لم يصدر من أي جهة رسمية سورية، لا بالنفي ولا بالتأكيد، بل جاء من خلال تغريدة نشرها المبعوث الأميركي توم باراك ، أثارت موجة من التغطيات الإعلامية.
التغريدة أشارت إلى لقاء تم مساء الخميس بين الطرفين السوري والإسرائيلي برعاية أميركية، وفتحت باب التكهنات واسعًا حول طبيعة التفاهمات التي جرى نقاشها.
ورغم أن البيان الأميركي لم يشر إلى نتائج ملموسة، فإن تأكيد جميع الأطراف على "مواصلة الحوار وتهدئة الأوضاع" اعتبر، بحسب جمالو، إشارة إلى نية مبدئية للانخراط في مسار تفاوضي، ولو بحدوده الدنيا.
أوضح جمالو أن الأزمات العالقة بين سوريا وإسرائيل لا يمكن تجاوزها في لقاء واحد، مشيرًا إلى أن "الملفات المتشابكة معقدة للغاية"، بدءًا من تمدد القوات الإسرائيلية خارج خط وقف إطلاق النار لعام 1974، مرورًا بالضربات الأخيرة على مواقع عسكرية وأمنية في السويداء ودمشق، وصولًا إلى استهداف مباشر لمبنى وزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي قبل أيام فقط من اللقاء.
وأضاف أن الولايات المتحدة تسعى منذ أشهر إلى "تبريد هذا الملف" عبر إطلاق ديناميكيات تفاوضية، مشيرًا إلى أن واشنطن تمارس ضغوطًا سياسية على الطرفين لخفض التصعيد. وهو ما أكدته تغريدة باراك، التي شددت على استمرار الجهود وعدم إغلاق باب الحوار.
سياق سياسي معقد: من شيبردستاون إلى باريس
لفهم دلالة هذا اللقاء، وضع جمالو الحدث في سياقه الزمني. فآخر لقاء رسمي رفيع مماثل جرى في مطلع العام 2000، في مدينة شيبردستاون بولاية فرجينيا الأميركية، وجمع حينها وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك ، برعاية أميركية. وقد حضر جمالو ذلك الاجتماع كعضو في الوفد الإعلامي المرافق، مشيرًا إلى أن المفاوضات حينها انهارت نتيجة تعقيدات داخلية وإقليمية.
وعلى هامش زيارة الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع إلى باكو قبل نحو أسبوعين، بدأت اجتماعات تقنية غير معلنة بين شخصيات دبلوماسية وخبراء من الجانبين، يبدو أنها مهدت للقاء باريس، رغم أن الظروف على الأرض كانت تسير باتجاه تصعيد ميداني، لا تهدئة سياسية، خصوصًا بعد الأحداث الدامية في السويداء.
إسرائيل والضغط: التهدئة مقابل "الابتزاز السياسي"؟
بحسب جمالو، فإن اللقاء لم يحمل عنوانًا سوى "الابتزاز السياسي"، على حد وصفه، معتبرًا أن إسرائيل تستثمر حالة الضعف العسكري والسياسي السوري لفرض شروط تفاوضية تصب في مصلحتها. وأضاف: "إسرائيل تريد أن تبتز الإدارة السورية التي لا تمتلك حاليًا القدرة العسكرية للرد، وهذه حقائق لا تحتاج إلى تجميل. أي محاولة للمواجهة تعني انتحارًا سياسيًا وعسكريًا."
بهذا المعنى، يضع جمالو هذا اللقاء في خانة إدارة الصراع وليس حله، مشيرًا إلى أن غياب التكافؤ في موازين القوى، والانقسام السوري الداخلي، والتوترات الإقليمية، تجعل من الحديث عن "تطبيع محتمل" أمرًا بعيد المنال.
لا يمكن فصل هذا اللقاء عن السياسة الأميركية الجديدة تجاه الملف السوري. فإدارة الرئيس دونالد ترامب – في ولايته الثانية – تعمل على إعادة هندسة المشهد الإقليمي، وتعتبر الجبهة السورية أحد المفاتيح المهمة لضمان استقرار الحدود الشمالية لإسرائيل من جهة، والحد من النفوذ الإيراني من جهة أخرى.
ووفق ما صرّح به باراك، فإن الهدف الأول للقاء هو الحوار وتهدئة الوضع، فيما لمّح إلى احتمال عقد جولة ثانية من اللقاءات، مما يشير إلى رغبة واشنطن في استثمار هذا التواصل لتأسيس قناة تفاوضية مستمرة.
هل هو لقاء سياسي أم أمني؟
رغم الطابع الرسمي للاجتماع، يعتقد محللون أن طبيعة الملفات المطروحة، مثل خفض التصعيد وضبط قواعد الاشتباك على الحدود، تحمل صبغة أمنية أكثر منها سياسية. وهو ما يدعم فرضية أن اللقاء كان أشبه بـ"غرفة تنسيق أمنية مؤقتة"، هدفت إلى منع انزلاق الأمور إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.
السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه بعد هذا اللقاء هو: هل نحن أمام مسار سلام جديد، أم مجرد "هدنة دبلوماسية" سرعان ما تنتهي؟
المؤشرات الحالية لا تسمح بالكثير من التفاؤل. فالدولة السورية لا تزال غارقة في أزماتها الداخلية، وتواجه تحديات متعددة، من الجنوب إلى الشمال. وإسرائيل، من جهتها، تستثمر الوقت لمواصلة استراتيجيتها بضرب النفوذ الإيراني داخل العمق السوري، سواء في الجنوب أو في محيط دمشق.
أما الولايات المتحدة، فهي تسعى إلى ضبط الإيقاع، وتفكيك العقد الإقليمية الواحدة تلو الأخرى، بدءًا من غزة، ومرورًا بلبنان، وليس انتهاءً بسوريا.
بين الرمزية والخداع السياسي
لقاء باريس ليس مجرد حدث بروتوكولي، بل مؤشر على تحول تكتيكي في التعاطي مع الملف السوري-الإسرائيلي، تقوده واشنطن وتسعى من خلاله إلى خلق مساحات تفاهم، ولو مؤقتة، بين خصمين تاريخيين. لكن كما يشير علي جمالو، فإن "الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا من التغريدات الدبلوماسية"، وما يبدو كخطوة نحو التهدئة قد لا يكون سوى محطة جديدة في مسار طويل من الابتزاز السياسي والضغوط الإقليمية المتقاطعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
انتخابات مجلس الشعب السوري خلال سبتمبر المقبل
أعلن رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، أمس الأحد، عن عقد انتخابات مجلس الشعب السوري في سبتمبر المقبل، فيما أعلن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أن التوترات في سوريا زادت مؤخراً، في إشارة إلى الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء الجنوبية الأسبوع الماضي، في حين أعلن الدفاع المدني السوري إجلاء 366 شخصاً كانوا عالقين في منازلهم في مدينة السويداء. وأفاد محمد طه الأحمد بزيادة عدد المقاعد في مجلس الشعب من 150 مقعداً إلى 210 مقاعد، وبالتالي ستزيد حصة المحافظات وفق الإحصاء السكاني لعام 2011، وسيعين الرئيس منهم 70 عضواً، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا».كما بين أنه بعد توقيع المرسوم الخاص بالنظام الانتخابي المؤقت، «سنحتاج إلى مدة أسبوع لاختيار اللجان الفرعية، ثم نمنح هذه اللجان 15 يوماً لاختيار الهيئة الناخبة، بعد ذلك نفتح باب الترشح مع منح المرشحين مدة أسبوع لإعداد برامجهم الانتخابية، ومن ثم تُجرى مناظرات بين المرشحين وأعضاء اللجان والهيئات الناخبة».وكان الرئيس السوري أحمد الشرع، تسلّم مساء أمس الأول السبت، النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت الخاص بمجلس الشعب.ووجّه الشرع المسؤولين بمواصلة التقدّم في هذا المسار، «بما يضمن إجراء مشاركة شاملة تعبر عن إرادة الشعب السوري»، وفق منشور للرئاسة السورية على منصة «إكس». من جهة أخرى، أعلن المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، أن التوترات في سوريا زادت مؤخراً، في إشارة إلى الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء الجنوبية الأسبوع الماضي. لكنه رغم ذلك أكد في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، أمس الأول السبت، على أن تلك التوترات في طريقها للتسوية بالفعل. جاء هذا بعد ساعات من إعلان ويتكوف عن اتفاقيات جديدة ستبرم في المنطقة، إذ قال: «نعتقد أننا سنصدر بعض الإعلانات الكبيرة جدًا بشأن الدول التي ستنضم إلى اتفاقيات إبراهيم». في غضون ذلك، أعلنت الداخلية السورية، أمس الأحد، إلقاء القبض على أحد قادة المجموعات الخارجة عن القانون، المتورطين في اعتداءات على حواجز أمنية ونقاط عسكرية بمحافظة اللاذقية شمال غربي البلاد. وقالت الوزارة، في بيان عبر قناتها بتلغرام: «ألقت قيادة الأمن الداخلي القبض على المجرم وضاح سهيل إبراهيم». وأوضحت أن إبراهيم «أحد قادة المجموعات الخارجة عن القانون، المتورطين في تنفيذ اعتداءات على حواجز أمنية ونقاط عسكرية خلال شهر مارس الماضي». ولأيام عدة في مارس الماضي، شنّ مسلحون موالون للنظام السابق هجمات على قوات الأمن في الساحل السوري، ما خلف 1426 قتيلاً و20 مفقوداً، حسب لجنة تحقيق رسمية. ومساء السبت، قال قائد الأمن الداخلي في اللاذقية العميد عبد العزيز هلال الأحمد إن المحافظة شهدت خلال الأيام الماضية سلسلة من العمليات النوعية الدقيقة. وأفاد بأن هذه العمليات «أسفرت عن توجيه ضربات موجعة للخلايا الإرهابية النشطة»، وفق محافظة اللاذقية عبر قناتها بمنصة تلغرام. و«تمكنت الوحدات الأمنية المختصة من إلقاء القبض على عدد من العناصر الإرهابية البارزة»، حسب الأحمد. وزاد أنه تم أيضاً «تفكيك خلايا إجرامية كانت تخطّط وتنفّذ هجمات تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ولا سيّما في الساحل السوري». إلى ذلك، أعلن الدفاع المدني السوري، أمس الأحد، إجلاء 366 شخصاً كانوا عالقين في منازلهم في مدينة السويداء، بسبب التوترات الأمنية في المحافظة. وقال الدفاع المدني في بيان عبر تلغرام إن غالبية الأشخاص الذين تم إجلاؤهم أطفال ونساء، مشيراً إلى أن عملية الإجلاء تمت ليلة السبت/الأحد، من الممر الإنساني في بصرى الشام. وأضاف أنه جرى نقلهم إلى مراكز الإيواء المؤقت في ريف درعا (جنوب). ولفت إلى أنه جرى تأمين خروج عائلات راغبة في الخروج من محافظة السويداء واستقبلتهم فرق الدفاع المدني من معبر بصرى الشام الإنساني إلى الجهة التي تختارها أو إلى مراكز الإيواء المؤقتة في ريف درعا. وبلغ إجمالي الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم من السويداء حتى مساء السبت 3 آلاف و227 شخصاً، إضافة إلى 20 جريحاً و34 جثماناً، وفق الدفاع المدني السوري. (وكالات)

سكاي نيوز عربية
منذ 3 ساعات
- سكاي نيوز عربية
"باستهداف كل السفن".. جماعة الحوثي تعلن التصعيد ضد إسرائيل
وقال المتحدث باسم الجماعة في بيان بثه التلفزيون إن شركات الشحن التي ستتجاهل تحذيراتهم ستتعرض سفنها للهجوم بغض النظر عن وجهتها. وقالت الجماعة في بيان إنها قررت تصعيد عملياتِها العسكرية ضد إسرائيل والبدءَ في تنفيذ المرحلة الرابعة من الحصار البحري، والتي تشمل استهداف كافة السفنِ التابعة لأيِ شركة تتعامل مع موانئ إسرائيل بغض النظر عن جنسية تلك الشركة، وفي أيِ مكان تطاله أيدي الجماعة. ودعت جماعة الحوثي المرتبطة بإيران كافةَ الشركات لوقف تعاملها مع الموانئ الإسرائيلية ابتداء من ساعة إعلان البيان، وقالت إن مثل هذه السفن ستتعرض للاستهداف بغض النظر عن وجهتها "وفي أيِ مكان يمكن الوصول إليه أو تطاله صواريخنا ومسيراتنا".


البيان
منذ 8 ساعات
- البيان
لبنان: الوساطة الأمريكية «ترنحت».. فهل «تسقط»؟
وفيما لبنان عالق بين تشدّد إسرائيل واستمرارها بتنفيذ أجندتها، وبين إصرار «حزب الله» على الضمانات، لفتت مصادر «البيان» إلى أن الأمور تزداد تعقيداً، وإلى أن الردّ الأمريكي على الملاحظات اللبنانية لن يتأخر، لكن لبنان ينتظر وصوله ليبني على الشيء مقتضاه، مع أن روحيّة الردّ باتت معروفة. وفيما «حزب الله» ماضٍ في إظهار تحديه للوساطة الأمريكية وإبراز تفاهمه مع رئيس الجمهورية جوزف عون، ورئيس البرلمان نبيه برّي، فإن ثمّة خشية من أن واشنطن قد نفضت يدها من الوساطة، فأصبح الوضع متروكاً لإسرائيل. كما أن ثمّة معلومات تشير إلى أن شبكة مواقف للدول الأساسية المعنية بلبنان تشكّلت، وتتجمع فيها مؤشرات تراجع الثقة الدولية بالسلطة اللبنانية ورموزها، بما لا يمكن معه تجاهل خطورة تداعيات هذا العامل.. فهل يكون لبنان على موعد وشيك مع اتساع التصعيد الإسرائيلي الذي عاد بشكل ملحوظ في منطقة الجنوب؟ هذا الطرح اصطدم بمعارضة دولية، وهو ما يفسّر تغريدة بارّاك على منصة «إكس» بأن «حزب الله يمثل تحدياً لا يمكن معالجته إلا داخل الحكومة».