logo
واشنطن بوست: شخص انتحل شخصية وزير الخارجية الأمريكي وحاول الاتصال بمسؤولين أمريكيين وأجانب

واشنطن بوست: شخص انتحل شخصية وزير الخارجية الأمريكي وحاول الاتصال بمسؤولين أمريكيين وأجانب

القدس العربي منذ 4 أيام
لندن: 'القدس العربي':
كشفت صحيفة 'واشنطن بوست' في تقرير حصري، أن منتحلا لشخصية وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، استخدم الذكاء الاصطناعي واتصل مع خمسة مسؤولين حكوميين، بمن فيهم ثلاثة وزراء أجانب وحاكم أمريكي لولاية، وعضو في الكونغرس.
وفي التقرير الذي أعده جون هدسون وحنا ناتنانصن، قالا فيه إن الشخص أرسل رسائل صوتية ونصية قلد فيها أسلوب كلام روبيو وكتابته مستخدما برمجية تعمل بالذكاء الاصطناعي.
وكشف مسؤول أمريكي وبرقية دبلوماسية لوزارة الخارجية، لصحيفة 'واشنطن بوست' عن تفاصيل الاختراق وانتحال الشخصية.
ولا تعرف السلطات الأمريكية من يقف وراء محاولات انتحال للشخصية، ولكنهم يعتقدون أن المدبر كان يحاول على الأرجح التلاعب بمسؤولي الحكومة المؤثرين، 'بهدف الحصول على معلومات وحسابات' حسب البرقية التي أرسلها مكتب روبيو في وزارة الخارجية إلى موظفي الوزارة.
وذكرت البرقية المؤرخة في 3 تموز/ يوليو أن المنتحل استخدم رسائل نصية وتطبيق سيغنال المشفر المستخدم على نطاق واسع في إدارة دونالد ترامب، واتصل مع خمسة أعضاء من غير وزارة الخارجية، بمن فيهم ثلاثة وزراء أجانب، وحاكم ولاية ونائب في الكونغرس. وتذكر البرقية أن حملة الانتحال بدأت في منتصف حزيران/ يونيو عندما أنشأ المنتحل حسابا على سيغنال باسم شبيه بعنوان روبيو:
Marco.Rubio@state.gov
وعلى ما يبدو، لم ينتبه المسؤولون الذين حاول المنتحل التواصل معهم أن العنوان غير صحيح. وتقول البرقية إن المنتحل 'ترك رسائل صوتية على سيغنال لشخصين مستهدفين على الأقل. وفي إحدى الحالات، أرسل رسالة نصية تدعو الشخص للتواصل عبر سيغنال'.
كما تشير إلى أنه تم انتحال شخصية موظفين آخرين في وزارة الخارجية باستخدام البريد الإلكتروني.
وعند سؤالها عن البرقية، ردت وزارة الخارجية الأمريكية بأنها 'ستجري تحقيقا شاملا وستواصل تطبيق الضمانات اللازمة لمنع تكرار ذلك مستقبلا'. ورفض المسؤولون مناقشة محتوى الرسائل أو أسماء الدبلوماسيين والمسؤولين المستهدفين.
وتأتي حادثة روبيو بعد عدة محاولات انتحال شخصية استهدفت مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى في الفترة الأخيرة. ففي أيار/ مايو، اخترق شخص ما هاتف رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، وبدأ بإجراء مكالمات ورسائل إلى أعضاء مجلس الشيوخ والحكام ومديري الشركات متظاهرا بأنه وايلز، وفقا لما ذكرته صحيفة 'وول ستريت جورنال'.
وقد دفعت هذه الحادثة إلى إجراء تحقيق في البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي)، على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب قلل من أهميتها، قائلا إن وايلز 'امرأة رائعة' و'بإمكانها التعامل مع الأمر'. ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على منتحل روبيو. ويعد انتحال شخصية ضابط أو موظف فيدرالي للخداع أو الحصول على شيء ما، جريمة.
وعلق هاني فريد، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا بيركلي، والمتخصص في الأدلة الجنائية الرقمية، إن عملية من هذا النوع لا تتطلب ممثلا متمرسا، لكنها غالبًا ما تنجح لأن المسؤولين الحكوميين قد يكونون غير مبالين بأمن البيانات. وقال: 'هذا هو بالضبط ما يمنع استخدام سيغنال أو أي قنوات غير آمنة أخرى للأعمال الحكومية الرسمية'.
وأشارت الصحيفة إلى فضيحة سيغنال في آذار/ مارس، والتي أضاف فيها مستشار الأمن القومي في حينه مايكل والتز، اسم صحافي إلى مجموعة دردشة على تطبيق سيغنال وإن بدون قصد، وهو ما أدى للكشف عن خطط الإدارة الأمريكية للحرب ضد الحوثيين في اليمن. وانتهت باستقالة والتز بعد تحمله المسؤولية.
وقلصت تلك الحادثة من الاستخدام الواسع النطاق للتطبيق في اجتماعات مجموعة الأمن القومي. ومنذ ذلك الحين، عين روبيو مستشارا للأمن القومي لترامب. ولكن على المستوى الفردي، يواصل المسؤولون الحكوميون في الولايات المتحدة وأماكن أخرى استخدام التطبيق في الاتصالات الشخصية والمهنية، نظرا لتشفيره الشامل والموثوق.
ويقول فريد إنه بمجرد حصول الأشخاص الراغبين بالتخريب على أرقام هواتف مرتبطة بحساب مسؤول على سيغنال، يصبح انتحال الشخصية سهلا، و'كل ما تحتاجه هو 15 إلى 20 ثانية من تسجيل صوتي للشخص، وهو أمر سهل في حالة ماركو روبيو. يمكنك تحميله على أي عدد من الخدمات، والنقر على زر يقول: لدي إذن باستخدام صوت هذا الشخص، ثم كتابة ما تريد منه قوله'، وأضاف فريد أن 'ترك رسائل صوتية فعال جدا لأنه ليس تفاعليا'.
ولا يعرف إن كان أحد من الذين حاول المنتحل الاتصال بهم قد رد عليه. وقد حثت وزارة الخارجية الدبلوماسيين الأمريكيين على الإبلاغ عن 'محاولات انتحال' لمكتب الأمن الدبلوماسي والذي يقوم بالتحقيق في الأمر. كما طلبت من الموظفين غير العاملين في الوزارة الاتصال مع مركز الشكاوى عن جرائم الإنترنت في 'أف بي آي'.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس الكوبي بعد أربع سنوات على احتجاجات غير مسبوقة شهدتها الجزيرة
واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس الكوبي بعد أربع سنوات على احتجاجات غير مسبوقة شهدتها الجزيرة

القدس العربي

timeمنذ ساعة واحدة

  • القدس العربي

واشنطن تفرض عقوبات على الرئيس الكوبي بعد أربع سنوات على احتجاجات غير مسبوقة شهدتها الجزيرة

واشنطن: أعلنت الولايات المتحدة الجمعة فرض عقوبات غير مسبوقة على الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل، بعد أربع سنوات على تظاهرات مناهضة للحكومة لم يسبق للجزيرة أن شهدت مثيلا لها. وأشار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في منشور على منصة 'إكس' إلى أن الوزارة فرضت قيودا على منح الرئيس الكوبي تأشيرة دخول إلى البلاد 'بسبب دوره في وحشية النظام الكوبي تجاه الشعب الكوبي'. كما تستهدف العقوبات وفق روبيو 'شخصيات بارزة في النظام الكوبي' على غرار وزيري الدفاع ألفارو لوبيز مييرا، والداخلية لازارو ألبرتو ألفايرز كاساس. (أ ف ب)

لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟
لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟

القدس العربي

timeمنذ 6 ساعات

  • القدس العربي

لماذا يبدو ترامب ضعيفا أمام بوتين؟

مع طغيان حوادث الحروب الأمريكية الإسرائيلية في منطقتنا، توارت إلى الظل وقائع حرب أوكرانيا، وإن بدت تطوراتها متصاعدة في عامها الرابع، رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل نحو عام، أنه سيوقف حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة من لحظة دخوله إلى البيت الأبيض مجددا، ثم مرت الشهور تلو الشهور، وقضى ترامب نصف سنة في رئاسته الجديدة، ولكن دون أن تنطفئ نار الحرب، بل زاد لهيبها، ربما لأن صاحب القرار في حرب أوكرانيا هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وليس ترامب، الذي أجرى مع بوتين ست مكالمات هاتفية رسمية مطولة، وأعرب بعد الاتصال الأخير عن إحباطه من بوتين، وأوحى بالعودة إلى مدّ أوكرانيا بالصواريخ والذخائر، بعد توقف جزئي محدود، فيما كان رد بوتين عاصفا في الميدان الحربي، ورقيقا ـ ربما ساخرا ـ في الميدان الدبلوماسي، وداعيا ترامب من خلال تصريحات الكرملين والخارجية الروسية إلى الاستمرار في بذل جهوده الحميدة لإحلال السلام. يد أمريكا تبدو طليقة ناهية آمرة في منطقتنا، بينما تبدو اليد نفسها مقيدة في مناطق أخرى، وربما مشلولة في حرب أوكرانيا ولكن ما هو الفارق؟ الذي يجعل كلمة الرئيس الأمريكي تبدو مسموعة آمرة في منطقتنا وحروبها، بينما يجرى تجاهلها بخشونة في حرب أوكرانيا، رغم إشارات ترامب المتعددة لعلاقة صداقة خاصة غامضة الدواعي مع الرئيس الروسي، الجواب المباشر ظاهر في حالة العالم اليوم، وهو يمر بمراحل انتقال عسيرة من عالم القطب الأمريكي الواحد إلى دنيا تعدد الأقطاب. وفيما تبدو منطقتنا المنكوبة أشبه بالربع الخالي، إلا من سطوة أمريكا المتصلة لعقود طويلة مريرة، بينما يطل النفوذان الصيني والروسي على نحو خجول، وعبر نوافذ متناثرة من إيران إلى مصر والجزائر، بينما الوضع في شمال العالم مختلف، ومن حول أوكرانيا وشمال المحيط الهادي بالذات، ورغم وجود اختراقات صينية اقتصادية غالبا في منطقتنا، غير أن أثرها الإجمالي يبدو محدودا، بالذات في حوض الثروة الخليجية، بينما تتصاعد أمارات التنافس في المنطقة الأوراسية، ومن حول الثقل الجبار للصين المدعوم من روسيا، وعبر تكتلات من نوع تحالف شنغهاي، وروابط روسيا مع كثير من جمهوريات آسيا الوسطى، الخارجة من معطف الاتحاد السوفييتي السابق، مع تضاعف معدلات التبادل التجاري والتكنولوجي بين بكين وموسكو، ما جعل اقتصاد روسيا يبدو عصيا على الكسر، رغم فرض الغرب ما زاد إلى اليوم على العشرين ألف عقوبة على الاقتصاد الروسي، إضافة لعلاقة تحالف متنامية بين السلاح الروسي والسلاح الصيني، وإن احتفظ كل طرف بهامش استقلال ضروري، جعل معدلات نمو وامتياز السلاح الصيني، تفرض نفسها، فالصين توالي تطوير أسلحتها البحرية، وتدخل باقتدار في مضمار صناعة حاملات الطائرات، إضافة إلى سبق مذهل تحققه في مجال صناعة القاذفات الشبحية، ونظم الدفاع الجوي الأحدث، وهو ما كان له أثره الظاهر في علو كعب باكستان خلال حربها القصيرة الأخيرة مع الهند، التي تفاخر ترامب بدوره في إيقافها، وإن ردت عليه الهند الأقرب للتحالفات الأمريكية بالإنكار، فيما سكتت باكستان الأقرب عسكريا للصين، وإن بدت الصورة في قلب آسيا وجنوبها أكثر تعقيدا، فلا تزال موسكو هي المورد الأول للسلاح إلى الهند، بينما الخلافات التاريخية الحدودية بين الهند والصين متصلة، ولا تعيق حركة التبادل التجاري، فالصين هي الشريك التجاري الأول للهند كما لباكستان ولروسيا نفسها، والوضع ذاته سائد لصالح الصين مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا ذاتها، فضلا عن الاجتياح الصيني التجاري مع افريقيا، وتلك حالة يحاول ترامب أن يحد منها بحروبه الجمركية، ولكن من دون نجاح كبير حتى اليوم، فالطاقة الإنتاجية للصين تعدت منافسيها بأشواط بعيدة، وربما لم يعد لأمريكا من امتياز ظاهر، إلا في مجال شركات التكنولوجيا الكبرى، وهو المجال الذى تزاحم فيه الصين بقوة، وتصنع لنفسها فضاء عالميا متسعا، بدا في توسع منظمة بريكس بلس، التي انضمت إليها إندونيسيا ـ أكبر دولة مسلمة ـ في قمة البرازيل الأخيرة، وتلعب الصين مع روسيا أدوارا متناسقة في دعم بريكس وتوسيع نفوذها الاقتصادي، وقد صار أكبر من النفوذ الاقتصادي لمجموعة الدول السبع الكبرى الملتفة حول واشنطن، وإن كانت مشكلة بريكس أنها جسد اقتصادي تجاري بلا ذراع عسكري جامع، بينما التعاون العسكري في قلب البريكس بين الصين وروسيا ذاهب إلى آفاق متطورة، لها الدور الأساس في خدمة صناعة السلاح الروسي المتقدم تكنولوجيا، وإلى حد أن مارك روته سكرتير حلف شمال الأطلنطي (الناتو) قال مؤخرا، إن روسيا تنتج سلاحا في ثلاثة شهور قدر ما ينتجه الغرب كله في سنة كاملة والمعنى ببساطة مما سبق، أن يد أمريكا تبدو طليقة ناهية آمرة في منطقتنا، بينما تبدو اليد نفسها مقيدة في مناطق أخرى، وربما مشلولة في حرب أوكرانيا مثلا، ويستطيع ترامب هناك أن يقول ما يشاء، لكن روسيا بدعم صيني هي التي تفعل ما تشاء، واللعبة هناك محجوزة مفاتيحها للرئيس الروسي، وهذا ما تشهد به وقائع الشهور الستة الأخيرة منذ عودة ترامب للرئاسة، فقد تصور ترامب أن ادعاءاته السلامية قد تجدي هناك، وأن بوسعه اقتسام كعكة أوكرانيا مع موسكو، وسارع إلى عقد اجتماعات ومفاوضات سلام من الرياض إلى إسطنبول، لكن بوتين احتفظ دائما بالكرة بين قدميه، وأرهق ترامب وأغرقه في دوامة الاقتراحات والمبادرات والمراوغات، التي كانت رؤية بوتين فيها ظاهرة بلا التباس، فهو يعطي ترامب من طرف اللسان حلاوة، لكنه لا يحيد أبدا عن أهدافه المعلنة في حرب أوكرانيا، وهو يدرك أنها حرب ذات طابع عالمي تجري في الميدان الأوكراني، تواجه فيها روسيا تحالفا من 54 دولة تقودها أمريكا، وسعى بوتين إلى تحييد واشنطن وإخراجها قدر الإمكان من ساحة المواجهة الجارية، ثم الانفراد بأوروبا وإنهاكها في الميدان العسكري، واستنفاد كثير من بهلوانيات ترامب وتنازلاته المعلنة لصالح موسكو، ومن نزعته العدوانية المتعالية على حلفاء أمريكا الأوروبيين، ومن احتقاره البادي للرئيس الأوكراني زيلينسكي، وعبر الشهور الستة الماضية، بدا أن خطة بوتين تؤتى أكلها، رغم عودة البنتاغون إلى مد أوكرانيا بشحنات صواريخ باتريوت بعد انقطاع موقوت، اشتكى فيه ترامب من نقص المخزونات الأمريكية، فيما واصلت أوروبا إمداد الميدان الأوكراني بكل ما تملك من سلاح، وتظاهرت بقبول شروط ترامب رفع إسهامها المالي في موازنة الناتو إلى 5% من الناتج القومي، وإن راوغت بتأجيل التنفيذ الكامل إلى عام 2035، لكن ترامب بدا سعيدا بإنهاك أوروبا، وهو ما ظهرت ملامحه في دول أوروبا الغربية الكبرى، ففيما بدت بريطانيا وألمانيا أكثر تصميما على مواجهة بوتين، وتصعيد نبرات العداء لروسيا في تصريحات وأفعال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني الجديد فريدريش ميريتس، وزيادة توريد المال والسلاح والصواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وتأييد ودعم اختراقات أوكرانية خاطفة، كان أهمها ضرب قاذفات استراتيجية في مطارات شرق روسيا، فيما بدا ترامب متفهما لضرورات الرد الروسي، الذي جاء خلافا لتوقعات كثيرة، وركز على قصف المطارات وقواعد الدعم الأوروبي في كل مساحة أوكرانيا، ولم يلجأ لقصف نووي تكتيكي، بل وجه طاقته لقضم تدريجي متسارع لأراضي المقاطعات الأربع التي أعلنت روسيا ضمها (لوغانتسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون)، وأضاف إليها بعد تحرير مقاطعة كورسك الروسية مقاطعات أخرى، لم تتوقف عند حد إقامة مناطق عازلة في مقاطعتي خاركيف وسومي، بل أضافت توغلا عسكريا مدروسا إلى قلب مقاطعة دنيبرو بتروفسك غرب نهر دنيبرو، ما أشار إلى انفتاح شهية روسيا لضم المزيد من أراضي أوكرانيا، ربما وصولا إلى أوديسا على شاطئ البحر الأسود، ولا يبدو بوتين في عجلة من أمره، ولا في حاجة إلى تغيير مسمى العملية العسكرية الروسية الخاصة، فهو لم يعلن الحرب كاملة حتى الآن، ولا حالة الطوارئ الشاملة، ويسعى لامتصاص الضربات المعادية المؤذية إعلاميا لهيبة روسيا، ويوفر جهده لكسب أراضي ما يسميه روسيا الجديدة أو نوفو روسيا، وإنهاك الخصوم الأوروبيين، ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمعاودة التواصل الهاتفي مع بوتين، ربما لحجز مكان في تفاوض محتمل مع روسيا، التي باتت أغلب الآراء الغربية تسلم بانتصارها في الميدان الأوكراني. وبالجملة، فات الميعاد على إمكانية قلب حقائق الميدان في أوكرانيا، وليس بوسع ترامب مواصلة استعراضاته السلامية هناك، حتى إن تحجج بخذلان بوتين، الذي يدير اللعبة ويصفع ترامب بهدوء قاتل، وبتماسك أعصاب لاعب الشطرنج المحترف، وليس بشطحات ترامب المغرم بإطلاق التصريحات، وليس بإطلاق القنابل والصواريخ والطائرات الأمريكية المهزومة في الميدان الأوكراني. كاتب مصري Kandel2002@

خيبة ترامب من بوتين: مدخل إلى عالم الهرج والمرج
خيبة ترامب من بوتين: مدخل إلى عالم الهرج والمرج

القدس العربي

timeمنذ 6 ساعات

  • القدس العربي

خيبة ترامب من بوتين: مدخل إلى عالم الهرج والمرج

يتواصل، منذ أربعين يوماً، الرد الروسي على هجمات «شبكة العنكبوت» الأوكرانية النوعية، التي شنت في الأول من يونيو، من داخل الأراضي الروسية نفسها، وفتكت في العمق، وبأكثر من اتجاه، من القرم حتى سيبيريا، مستهدفة الأسطولين، البحري والجوي معاً، فأتت على قسم كبير من الطائرات القاذفة الاستراتيجية، مبددة وهم الحصانة الجوية العميقة للداخل الروسي الشاسع. الهجمات الأوكرانية رسمت معالم تحول استراتيجي خطير بالنسبة الى موسكو، وأخطر ما فيها «قابليتها للتجدد» ولأن يتحول الأمر الى نموذج يعتمد ويُطوّٰر. لأجل ذلك، تسعى روسيا على مدى الأسابيع الأخيرة لإغراق الدفاعات الجوية الأوكرانية في جميع الاتجاهات، وإنهاك مخزون الصواريخ المضادة وتهديم البنية التحتية والسكانية. الرهان الروسي على أن تكون أسابيع التصعيد الجنوني الحالية هي الحاسمة، بشكل لا يعود بوسع حكومة كييف أو شعبها، إكمال الحرب. أدّى ذلك للاصطدام بدونالد ترامب، وإظهار هشاشة ما يملكه من تصور في الأساس للتوصل، ولو إلى هدنة أو حتى تبريد، في هذه الحرب. ففي الأساس، بالتصعيد الأوكراني أو من دونه، بالتصعيد الروسي المستمر على ذاك التصعيد، أو من دونه، فإن الإدارة الأمريكية لا تملك أي تصور، ولو بالحد الأدنى، لإنهاء الحرب. الإدارة السابقة كان لديها مثل هذا التصور: انتهاء الحرب ما كان يتصوره جو بايدن إلا بسيناريو واحد، وهو تقهقر روسيا. ترامب فطن إلى أن ربط مصالح أمريكا بهذا السيناريو الذي لا يبدو أن ثمة، إليه، من سبيل لتحقيقه، ضرب من ضروب المكابرة العالية الكلفة. لكن، وباستثناء التعديل في أسلوب مخاطبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل نوبة التشنج الترامبية الحالية تجاهه، وباستثناء محاولته المتكررة لإفهام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن هذا النوع من الحروب لا يمكن أن ينتهي بانسحاب الروس من كل الأراضي التي غزوها منذ 2022، ولا من شبه جزيرة القرم التي جرى ضمها من طرف واحد عام 2014. ذلك أن هذه الحرب لا يمكنها أن تنتهي أيضاً بالتعادل. منذ عودته إلى البيت الأبيض يلعب ترامب لعبة أن أوكرانيا ليست حربه. لكن الحرب لم تنخفض وتيرتها. بالعكس. وبشكل متعاقب للحظات التوتير والتصعيد: فعندما شعرت موسكو أن فولوديمير زيلينسكي بات في ورطة حقيقية جراء مشكلته مع ترامب زادت الهجمات، فكانت النتيجة الرد الأوكراني الاستثنائي الذي يكشف تطور القدرات الذاتية لكييف بالإضافة الى أهمية احتضانها من بولندا وألمانيا وبريطانيا، رغم الفتور الأمريكي تجاهها، منذ تبدلت الإدارة في واشنطن. من غير الواضح حتى الآن على أي أساس يمكن إيقاف هذه الحرب. روسيا تريد سلخ أكثر من ثلث أوكرانيا عن كييف، بأقل تقدير، ولا يبدو أن هناك في كييف من هو مستعد للقبول بذلك. إنما الأمور لا تتوقف عند هذا الحد: ما زالت روسيا تخوض الحرب على أساس هدف يتجاوز سلخ الأراضي إلى تحلل الكيانية الوطنية الأوكرانية بحد ذاتها، وما زال الأوكران يقاتلون على أساس هدف يتجاوز استرجاع أراض ومنع احتلال اخرى، إلى هدف أكبر، وهو إسقاط النظام البوتيني. ما زالت روسيا تخوض الحرب على أساس هدف يتجاوز سلخ الأراضي إلى تحلل الكيانية الوطنية الأوكرانية بحد ذاتها ولأجل ذلك، من الجهتين، يمكن، بمعنى معين، احتساب هذه الحرب على أنها استئناف للحرب الأهلية الروسية 1918-1921، وليست فقط حربا بين دولتين-أمتين سلافيتين، خارجتين من التجربة السوفياتية كلّ في اتجاه. فهذه الحرب الأهلية الروسية كانت صراعاً على طبيعة الدولة الروسية ما بعد القيصرية نفسها: هل تكون إمبراطورية مركزية تحت حكم سلطوي، أم خلاف ذلك؟ وكانت أوكرانيا آنذاك أحد مسارح هذا الصراع، حيث قامت محاولات لإقامة دولة أوكرانية مستقلة، لكن جرى قمعها في النهاية ضمن مشروع الدولة السوفياتية. الحرب تتعلق بالصراع على «طبيعة» روسيا نفسها، وعلى «وجود' أوكرانيا بحد ذاته. يبقى أن «خيبة الأمل» الترامبية تجاه بوتين، واعتزام الرئيس الأمريكي مضاعفة العقوبات على موسكو، يكشفان عن بداية انكفاء سردية «الصفقة الكبرى» التي روّج لها ترامب، بما هي يوفوريا لحظة عابرة حاولت أن تُقنع العالم بالصخب والهرج والمرج بإمكانية استبدال الجيوبوليتيك المعطوف على قضية وجود كيان من عدمه، ونظام من عدمه، بمنطق المفاوض التاجر. وإن كانت «وصفات ترامب» قد أحرزت قسطا سريعا من النجاح في لجم الحرب بين الهند وباكستان، وتمكنت من تجميد المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران الى حين، أيضا لأنها وصلت إلى لحظة لا يمكن للإدارة الأمريكية فيها أن تكتفي بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية دون التورط أكثر في الحرب وبالمباشر إن لم يجر تجميد الأخيرة، فإنها تبدو متعثرة أمام الصراع الروسي-الأوكراني. النتيجة «المنطقية» لذلك، فهي أن الإخفاق في تهدئة هذه الجبهة لن يظل حبيسها، بل سيعيد تنشيط التوترات والنزاعات المجمدة أو شبه المجمدة في مناطق أخرى من العالم. ويرتبط ذلك بالاقتراب من استحقاق انتهاء صلاحية معاهدة «نيو ستارت» في العام 2026، من دون أن تلوح في الأفق أي قابلية واقعية لتجديدها أو بلورة إطار بديل. فعلى الرغم من أنها كانت آخر ما تبقّى من البنية القانونية لضبط التسلّح النووي بين القوتين، فإن مناخ العلاقات بين موسكو وواشنطن لا يشي بإمكانية «استلحاق» واضحة. أساسا، منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، جُمدت معظم آليات التواصل العسكري والاستخباراتي بين موسكو وواشنطن، بما في ذلك آلية التفتيش الميدانية المنصوص عليها في معاهدة «نيو ستارت»، وصولا لإعلان موسكو تعليقها مشاركتها في المعاهدة، دون الانسحاب منها بالكامل. وواشنطن ترى الى أن أي معاهدة جديدة للحد من التسلّح لا يمكن أن تستمر بصيغة ثنائية موروثة عن الحرب الباردة، وتطالب بإدخال الصين طرفًا ثالثًا نظرا لنمو ترسانتها، فيما ترفض بكين ذلك، معتبرة أن ترسانتها لا تزال محدودة مقارنة بواشنطن وموسكو. لأوّل مرة منذ أكثر من نصف قرن، يقترب العالم من لحظة فراغ استراتيجي كامل، حيث لن يكون هناك أي إطار ناظم فعّال لضبط التسلّح النووي بين القوى الكبرى. بيد أن كل هذا يمكن وضعه في كفة، وفي كفة أخرى يُطرح سؤال المواكبة الأمريكية لأوكرانيا، وهل تستعيد زخمها الذي انقطع؟ بمعنى آخر، هل يستطيع ترامب زيادة الضغط على بوتين إذا لم يبادر إلى استئناف الدعم لأوكرانيا… على نهج جو بايدن الذي يمقت؟ كاتب من لبنان

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store