logo
الرئيس السوري يكلف فصائل محلية ووجهاء السويداء بحفظ الأمن

الرئيس السوري يكلف فصائل محلية ووجهاء السويداء بحفظ الأمن

الشرق للأعمالمنذ 9 ساعات
كلّف الرئيس السوري أحمد الشرع فصائل محلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء بعد أحداث دامية في المحافظة، تبعها هجمات إسرائيلية على مواقع حكومية، متعهداً بمحاسبة "كل من أساء إلى الدروز"، مشدداً في الوقت ذاته على وحدة البلاد، ورفض أي انفصال أو تقسيم.
وقال الرئيس السوري في كلمة متلفزة إن إسرائيل "عوّدتنا على خلق الفتن"، وتسعى إلى "تحويل أرضنا إلى ساحة فوضى، لتفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا"، في إشارة إلى الهجمات الإسرائيلية على دمشق ودرعا بزعم حماية الدروز في السويداء.
وأضاف أن تل أبيب لا تكف عن "استخدام كل الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلة أن السوريين رفضوا كل انفصال وتقسيم"، مشدداً على أن "الوحدة سلاحنا"، وعلى أن "الدروز هم نسيج من هذا الوطن، وسوريا لن تكون مكاناً للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها".
وتوجه الرئيس السوري إلى الدروز في السويداء، قائلاً إن "حماية حقوقكم وحريتكم من أولوياتنا، ونرفض أي مسعى يهدف لجركم إلى طرف خارجي أو إحداث انقسام داخل صفوفنا، فإننا جميعاً شركاء في هذه الأرض".
اقرأ أيضاً: ترمب يشطب 46 عاماً من العقوبات على سوريا.. ماذا بقي بعد؟
إسرائيل تتدخل لـ"حماية الدروز"
تأتي كلمة الشرع بعدما شنت إسرائيل غارات جوية استهدفت عدة أهداف في دمشق من بينها مقر وزارة الدفاع وقصر الرئاسة، بالإضافة إلى أهداف في محافظة درعا، على إثر الاشتباكات التي اندلعت في السويداء.
وشدد الشرع على أن الدولة تدخلت بكل مؤسساتها من أجل وقف ما جرى في السويداء من "اقتتال داخلي بين مجموعات مسلحة من السويداء ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة".
الرئيس لفت إلى أنه "بدلاً من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع، ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن"، معتبراً أن قادة هذه المجموعات هم "أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور طويلة، واضعين مصالحهم الشخصية فوق مصلحة الوطن، وارتكبوا جرائم بحق المدنيين".
اقرأ أيضاً: مستقبل سوريا: توازن القوى على المحك بعد الإطاحة بالأسد
الشرع: مؤسسات الدولة نجحت بإعادة الاستقرار
مؤسسات الدولة السورية نجحت وفق الرئيس، في "إعادة الاستقرار وطرد الجماعات الخارجة عن القانون رغم التدخلات الإسرائيلية"، مضيفاً أن "الكيان الإسرائيلي لجأ في هذه المرحلة إلى "استهداف موسع للمنشآت المدنية والحكومية بهدف تقويض هذه الجهود، ما عقد الوضع بشكل كبير ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق لولا التدخل الفعال للوساطة الأميركية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول".
وكالة الأنباء السورية "سانا" قالت في وقت سابق، إن قوات الجيش السوري بدأت، مساء الأربعاء، الانسحاب من السويداء تطبيقاً للاتفاق المبرم بين الدولة، ومشايخ الطائفة الدرزية، بعد "انتهاء مهمة الجيش في ملاحقة المجموعات الخارجة على القانون".
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إن بلاده على تواصل مع سوريا وإسرائيل من أجل "خفض التصعيد" بين الجانبين، ووصف الأوضاع في سوريا بـ"المعقدة"، مشيراً إلى وجود "خلافات تاريخية وطويلة المدى" بين الأطراف المختلفة "أدت إلى وضع مؤسف".
لفت روبيو من البيت الأبيض، إلى "وجود سوء فهم على ما يبدو بين سوريا وإسرائيل"، موضحاً أن الولايات المتحدة "تتواصل مع الطرفين.. ونحن نسير باتجاه خفض تصعيد حقيقي ومساعدة سوريا".
تكليف الفصائل المحلية بحفظ الأمن
الشرع لفت أيضاً إلى أن السلطة كانت بين خيارين بسبب هذه الأوضاع، إما الحرب المفتوحة مع إسرائيل "على حساب أهلنا الدروز وأمنهم وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة"، وبين فسح المجال لوجهاء الدروز لـ"العودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل".
وقال: "لسنا ممن يخشى الحرب... لكننا قدمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار"، فكان الخيار الأمثل هو: "تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء".
وأضاف أن الدولة السورية "حريصة" على "محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع من دون استثناء".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعرف على "الدول الثالثة" التي رحلت إدارة ترمب المهاجرين إليها
تعرف على "الدول الثالثة" التي رحلت إدارة ترمب المهاجرين إليها

الشرق السعودية

timeمنذ 17 دقائق

  • الشرق السعودية

تعرف على "الدول الثالثة" التي رحلت إدارة ترمب المهاجرين إليها

أصبح نقل المهاجرين غير الشرعيين، أو المُدانين بجرائم من الولايات المتحدة إلى "دول ثالثة" غير موطنهم الأصلي، ركيزة أساسية في استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتنفيذ أكبر عمليات ترحيل في تاريخ البلاد، إذ تشير تقارير إلى أن الولايات المتحدة تخطط لإبرام اتفاقيات مع 51 دولة حول العالم. وأشار موقع "أكسيوس" الأميركي، إلى أن العدد المتزايد في اتفاقات الترحيل إلى "بلدان ثالثة" التي أبرمتها الإدارة الأميركية، يُظهر رغبةً قوية في اتباع كل السبل الممكنة للوفاء بوعد ترمب بترحيل أعداد قياسية من غير المواطنين. وذكر الموقع، أن إدارة ترمب استأنفت رحلات الترحيل بعد أن قضت المحكمة العليا الشهر الماضي، بأن وزارة الأمن الداخلي يمكنها استئناف إرسال المهاجرين إلى بلدان ليست موطنهم الأصلي. وترتب على القرار، تعليق أمر سابق أصدرته محكمة أدنى درجة، كان يُلزم الإدارة الأميركية بإعطاء المهاجرين الوقت الكافي للطعن على عمليات ترحيلهم. خطط إدارة ترمب وقال مسؤول أمن الحدود في الولايات المتحدة، توم هومان، الملقب بـ"قيصر الحدود"، إن الولايات المتحدة تهدف إلى توقيع اتفاقيات ترحيل إلى بلدان ثالثة مع "العديد من الدول"، لدعم خطط الإدارة لترحيل المهاجرين. وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" في يونيو الماضي، بأن الإدارة الأميركية تواصلت أو تخطط للتواصل مع ما يقرب من 51 دولة لقبول ترحيل غير المواطنين من الولايات المتحدة. وأشارت الصحيفة، إلى أن دولتين على الأقل من تلك الدول، وهما إسواتيني وجنوب السودان، وافقتا على استقبال رحلات من الولايات المتحدة. ولم ترد وزارة الأمن الداخلي على طلب "أكسيوس"، مساء الأربعاء، التعليق على عدد الدول التي تم التواصل معها. كما أفادت تقارير أوردتها وسائل إعلام أميركية، بأن الإدارة ناقشت اتفاقات "البلدان الثالثة"، مع العديد من الدول التي ينطبق عليها وصف "آمنة". ولفت "أكسيوس" إلى أن ليبيا أو جنوب السودان، على سيبل المثال كلاهما يشهد اضطرابات وأعمال عنف منذ سنوات، والعديد من البلدان الأخرى المشاركة في هذه الاتفاقات من بين أفقر البلدان في العالم. والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية النيجيري، يوسف توجار، إن الولايات المتحدة تضغط على دول إفريقية لقبول ترحيل فنزويليين إليها، بعضهم يجري ترحيله بعد الخروج من السجن مباشرة، إلا أن أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان، لا يمكنها استقبالهم نظراً لمشكلاتها الخاصة. وكان مسؤولان مطلعان قالا لـ"رويترز"، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب طلبت خلال الأسبوع الجاري من خمسة رؤساء دول إفريقية لدى زيارتهم للبيت الأبيض استقبال مهاجري دول أخرى حين ترحلهم الولايات المتحدة. وبينما أثار احتمال ترحيل المهاجرين إلى بلدان تبعد آلاف الأميال غير مألوفة وغير مستقرة في كثير من الأحيان، قلق جماعات حقوق الإنسان، لكن الفكرة تحظى بدعم قوي داخل الإدارة. ورصد موقع "أكسيوس"، الدول التي قبلت بالفعل استقبال مرحلين ليسوا من مواطنيها، وهي: إسواتيني أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية، ترحيل 5 مهاجرين من كوبا وجامايكا ولاوس وفيتنام واليمن، إلى دولة إسواتيني الإفريقية الصغيرة، الثلاثاء الماضي. وكتبت المتحدثة باسم الوزارة، تريشيا ماكلولين، على منصة "إكس"، أن الرحلة كانت تحمل أشخاصاً مدانين بمجموعة من الجرائم التي تشمل القتل، والقتل العمد، واغتصاب الأطفال. السلفادور أرسلت إدارة ترمب ما لا يقل عن 238 مهاجراً فنزويلياً إلى سجن السلفادور ذي الحراسة المشددة، بموجب قانون "الأعداء الأجانب" في مارس الماضي، ووصفتهم بأنهم "إرهابيون وأعضاء في عصابة عنيفة". ووجد تقرير لشبكة CBS News الأميركية نشر في أبريل الماضي، أن 75% من المهاجرين الذين أُرسلوا إلى السجن، ليس لديهم سجل إجرامي. المكسيك أعلنت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، استقبال بلادها، ما يقرب من 6 آلاف مهاجر غير مكسيكي من الولايات المتحدة حتى أواخر أبريل الماضي. وقالت شينباوم، إن غير المكسيكيين الذين تستقبلهم بلادها لـ"أسباب إنسانية"، يشكلون عدداً صغيراً من نحو 39 ألف مهاجر رحّلتهم الولايات المتحدة إلى المكسيك منذ 20 يناير الماضي، حسبما ذكرت وكالة "رويترز". جواتيمالا أعلن رئيس جواتيمالا، برناردو أريفالو، في فبراير الماضي، موافقة بلاده، على قبول مواطني "دول ثالثة" من الولايات المتحدة، وستكثف رحلات الترحيل من الولايات المتحدة بنسبة 40%. وقال أريفالو في مقابلة مع شبكة NBC News، إن الاتفاقية لم يكن من المفترض أن توفر مساراً للأشخاص الذين يطلبون اللجوء في جواتيمالا، وبدلاً من ذلك، ستكون البلاد بمثابة محطة توقف في عملية إعادة الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية. كوستاريكا قبلت كوستاريكا، قرابة 200 شخص من رعايا دول ثالثة على متن رحلتين مختلفتين من الولايات المتحدة حتى نهاية فبراير، وفقاً لتقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في مايو الماضي. وكان على متن الطائرتين، ما لا يقل عن 81 طفلاً، واثنتين من الحوامل. وبعد الإعلان عن اتفاقية الترحيل، قال رئيس كوستاريكا، رودريجو تشافيز، إن بلاده تساعد "شقيقتها القوية اقتصادياً في الشمال". وقال مسؤولون كوستاريكيون، إن الولايات المتحدة ستغطي تكاليف إقامة الأشخاص المرحلين في البلاد، وكان من المتوقع أن يكون هذا الترتيب محطة مؤقتة في عملية الإعادة إلى الوطن. بنما رحلت الولايات المتحدة مئات الأشخاص إلى بنما منذ فبراير الماضي، في إطار اتفاق يقضي بأن تكون البلاد بمثابة "جسر"، بينما تتحمل الولايات المتحدة التكاليف، بحسب وكالة "أسوشيتد برس". وينتمي المهاجرون إلى دول من بينها إيران والهند ونيبال وسريلانكا وباكستان وأفغانستان والصين. رواندا ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن الولايات المتحدة دفعت للحكومة الرواندية، 100 ألف دولار أميركي لقبول مواطن عراقي في أبريل الماضي، وأنها وافقت على استقبال 10 مرحلين آخرين. ووفق الصحيفة، فإن المفاوضات التي تم التوصل إليها بشأن المواطن العراقي "أثبتت مفهوم برنامج الترحيل الجديد". جنوب السودان رحلت الولايات المتحدة، 8 رجال إلى جنوب السودان في يوليو، بعد معركة قانونية حولت رحلة ترحيلهم إلى جيبوتي استمرت لعدة أسابيع. وبعض الرجال الذين رُحلوا من الولايات المتحدة، كانوا من كوبا ولاوس والمكسيك وميانمار وفيتنام. كوسوفو وافقت الدولة البلقانية غير الساحلية في أوروبا، على استضافة 50 شخصاً من غير المواطنين المرحلين من الولايات المتحدة في يونيو الماضي. وسيسمح الاتفاق بـ"نقل غير المواطنين مؤقتاً" قبل إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. وأفادت تقارير بأن كوسوفو وافقت على قبول غير المواطنين من الولايات المتحدة على أمل أن تواصل الإدارة الضغط على الدول الأخرى، للاعتراف باستقلال البلد الصغير.

أزمة السويداء.. الوجه الآخر للأحداث اقتصادياً واجتماعياً
أزمة السويداء.. الوجه الآخر للأحداث اقتصادياً واجتماعياً

الشرق السعودية

timeمنذ 17 دقائق

  • الشرق السعودية

أزمة السويداء.. الوجه الآخر للأحداث اقتصادياً واجتماعياً

مع اندلاع أزمة السويداء في سوريا انقسمت السرديات في تفسير الأسباب. بعضها اعتبر أنها صراع طائفي وأعمال عنف متفرقة، في حين ذهبت أخرى إلى وصفها بأنها "عمل عسكري حكومي بهدف إخضاع المنطقة". لأي أزمة وجهان، وهذه الأزمة ليست استثناءً. فمحافظة السويداء لطالما عانت شحّاً بالموارد الطبيعية والاقتصادية، وتفاقمت أكثر مع انهيار مؤسسات الدولة، وصعود قوى محلية متنافسة. تعتبر السويداء معقلاً رئيسياً للدروز في سوريا. وبحسب آخر إحصاء رسمي صادر عام 2014، بلغ عدد سكان المحافظة 467 ألف نسمة، يعيش نحو الثلثين منهم في الأرياف، بينما يتوزع الثلث الأخير على مدن المحافظة وفي مقدمتها مدينة السويداء. نظام اقتصادي خاص أفرز التوزع الريفي نظاماً اقتصادياً خاصاً شكل سيفاً ذا حدين على أهل المحافظة. تعتمد السويداء بشكل رئيس على القطاع الزراعي الذي يشكل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للمحافظة، في حين تشكل التجارة والخدمات 40% أيضاً. رغم أن النظام الزراعي عادةً ما يكون أكثر استقراراً من ذلك المعتمد على الخدمات، إلا أن الظروف المناخية لم تساعد، خصوصاً مع اعتماد 90% من الأراضي على الزراعة البعلية، التي تعتمد على مياه الأمطار الطبيعية لري المحاصيل، ما يجعلها رهينة لمعدلات الهطول المطري. مع تراجع الأمطار هذا الموسم إلى أقل من 30% من المتوسط السنوي، تضررت المحاصيل بشكل واضح، ما أدى إلى تراجع إنتاج القمح إلى أقل من 2000 طن، رغم زراعة أكثر من 30 ألف هكتار. أما محاصيل الحمص والشعير فليست أفضل حالاً. تأثير الأمطار على الأشجار المثمرة كان أكثر خطراً، إذ بدأ عدد هذه الأشجار بالتراجع والموت بسبب الجفاف، ما دفع بالمزارعين إلى تحطيبها. وعلى سبيل المثال، تراجع إنتاج التفاح، الذي يمثل مصدر دخل لنحو 11 ألف أسرة، بنسبة 80%، في حين تواجه أشجار الزيتون والخرمة (كاكي)، خطر الزوال نتيجة هطولات مطرية لم تتجاوز 150 ملم سنوياً. وحذر مدير الزراعة في السويداء مالك الحلبي في مقابلة مع وسائل إعلام محلية، من أن ما يجري لا يُعد أزمة موسمية، بل "دخولاً فعلياً في مرحلة تصحر"، مشدداً على أن استمرار هذه الظروف لعامين فقط، "كفيل بتحويل المحافظة إلى صحراء". الجفاف والركود يضربان قطاعات الزراعة والتجارة والخدمات في حالات مشابهة، غالباً ما يتوجه المزارعون إلى الاستعانة بأنظمة الري لمواجهة الجفاف، لكن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المحافظة صعّبت من هذا الخيار. تواجه الآبار الجوفية خطر الجفاف، في حين أن ارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار، بالإضافة إلى الحرب، جعلت تقنيات الري خارج متناول معظم المزارعين. ونتيجة لذلك، خرج نحو 75% من الأراضي الزراعية عن الخدمة هذا الموسم. الكوارث الزراعية ترافقت مع تراجع في قطاعي الخدمات والتجارة بسبب الثورة التي بدأت في 2011 ضد نظام بشار الأسد. ورغم أن أبرز مناطق المحافظة الإدارية (مدينة السويداء، شهبا، وصلخد) لم تشهد الكثير من التوترات خلال الحرب بسبب انتماء العديد من أبنائها إلى الجيش وعدم انضمامهم إلى التشكيلات العسكرية المناهضة للنظام، إلا أنها لم تسلم من آثار تدهور القدرة الشرائية وانهيار قيمة العملة، وانقطاع سلاسل الإمداد مع المحافظات الأخرى. تُفسّر هذه العوامل كيف سقطت المحافظة سريعاً في أتون البطالة والفقر بعد 2012، حيث لم يكن هناك قطاع قادر على امتصاص الصدمات أو خلق فرص بديلة. خلاف تاريخي متجدد التاريخ كان حاضراً أيضاً ليزيد من معاناة أهل المحافظة، خصوصاً أن أحد جوانب الأزمة الحاصلة الآن في السويداء هو الخلاف التاريخي بين الدروز والبدو على الأراضي الزراعية ومصادر المياه، والذي يعود إلى عدة عقود سابقة، وهو ما لفت إليه الرئيس أحمد الشرع في خطابه الأخير. تعود جذور هذه النزاعات إلى بدايات القرن العشرين، عندما بدأ الدروز بالاستقرار في المناطق الزراعية الغنية بالموارد، بينما بقي البدو الذين يقدر عددهم بثلث سكان المحافظة، في أطراف البادية. وتفاقمت هذه الخلافات بعد الاستقلال نتيجة لضعف التسوية القانونية للأراضي، والاعتماد على معايير عشائرية أحياناً لتوزيع الملكيات. وتأججت الأزمة مع تغيّر المناخ ونُدرة المياه، مما حوّل بعض الآبار إلى موضع نزاع مسلح في السنوات الأخيرة، خاصة في المناطق القريبة من البادية، كقرى الحقف وملّاحة وبريكة. خرجت هذه الخلافات إلى العلن بشكل واضح خلال عام 2000، عندما أدت المواجهة الدامية على خلفية تعديات لبعض عشائر البدو على المناطق الزراعية، إلى سقوط مئات الضحايا والجرحى. وترافق مع ذلك اندلاع انتفاضة شعبية في المحافظة مثّلت تحدياً أمنياً للنظام السوري في بدايات حكم بشار الأسد الذي تولى السلطة بعد وفاة والده حافظ الأسد. حاول النظام التعامل مع الأحداث على أنها "فتنة" وقدم نفسه على أنه ضامن للمجتمع وخاصة الدروز، وروج لاستجابته لمطالب المنتفضين، من خلال إرسال تعزيزات أمنية بذريعة حماية أهالي المحافظة من اعتداءات البدو، فيما كان يعزز قبضته الأمنية على المحافظة. إلا أنه لجأ إلى اعتقال عدد من الشباب المشاركين في هذه التظاهرات، فيما قتل آخرين، وفق تقرير حديث صادر عن "مركز حرمون. الخلفيات التاريخية للاشتباكات الدامية من هنا يمكن فهم أسباب اندلاع الاشتباكات بين عشائر البدو والدروز، إذ أجمعت تقارير على أنها بدأت بعدما قامت مجموعات مسلحة بالاعتداء على تاجر درزي وسرقة ممتلكاته على طريق السويداء–دمشق الحيوي لأهل المحافظة، وهي اعتداءات باتت متكررة في الفترة الأخيرة. دفع ذلك بعض الجماعات المسلحة الدرزية إلى خطف عدة أشخاص من أبناء البدو، ما أطلق سلسلة من عمليات الخطف المتبادلة، قبل أن تتطور إلى اشتباكات دامية. عقود من الأزمات والاتهامات بالتخطيط للانفصال الشق السياسي من الأزمة لا يقل خطورة، ويمتد لما قبل حرب 2011. لعبت السويداء أدواراً وطنية مهمة في تاريخ سوريا الحديث؛ إذ كانت مهد الثورة السورية الكبرى عام 1925 بقيادة سلطان باشا الأطرش. رغم هذه الخلفية الوطنية، لطالما وُجهت اتهامات لبعض الأطراف في السويداء بالسعي للانفصال عن الدولة، ما أدى إلى أزمات متكررة مع السلطة. شهدت السويداء أولى أزماتها مع الدولة السورية عام 1947، إذ برزت ملامح صراع سياسي إثر الانتخابات التشريعية، حيث بقيت 4 مقاعد نيابية من أصل 5 مخصصة لتمثيل دروز السويداء، شاغرة لعام كامل. كما شهدت في العام نفسه تظاهرات واشتباكات مسلحة، بين الزعامة التقليدية لآل الأطرش، وحركة من الفلاحين أطلقت على نفسها اسم "الشعبيين". واتُهم رئيس البلاد آنذاك شكري القوتلي، بتشجيع "الشعبيين" على التمرد على نفوذ آل الأطرش، نتيجة علاقاتها الجيدة مع الأسرة الهاشمية في الأردن، ودعمها مشروع الهلال الخصيب. انتهت الأزمة بين الطرفين بالصلح، قبل أن تعود المواجهات في عهد الرئيس أديب الشيشكلي عام 1953، ثم بعد انقلاب فبراير 1966، ثم محاولة الانقلاب الفاشلة لابن السويداء الرائد سليم حاطوم في يوليو 1966، والذي أُعدم في يونيو 1967. هذه الاتهامات تكررت في سياقات مختلفة. فعلى سبيل المثال، واجهت الاحتجاجات السلمية في السويداء عام 2021 اتهامات بالرغبة في الانفصال عن سوريا. وعزز نظام بشار الأسد هذه الرواية لإبقاء السويداء في عزلة، كما سعى لتصوير مطالب أهالي السويداء بأنها غير مدعومة وطنياً. تكتيكات نظام الأسد.. من التجاهل إلى التحريض انتهج نظام الأسد تكتيكات خاصة للتعامل مع السويداء خلال أحداث الثورة السورية بعد 2011. فبينما شهدت محافظات أخرى احتجاجات، حافظت المحافظة إلى حد كبير على الحياد النسبي، ولم تنخرط فصائل كبيرة منها في القتال إلى جانب أي من الطرفين، بل ركزت على حماية مناطقها والدفاع الذاتي. أبرز مظاهر هذا الحياد تمثلت في الرفض الواسع للشباب الدروز لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية في جيش الأسد خلال سنوات الحرب. تحوّلت السويداء بذلك إلى ملاذ آمن لكثير من المتخلفين عن الخدمة، والمتوارين عن أنظار السلطات، والمطلوبين بسبب مواقفهم السياسية المعارضة. ورغم أن النظام ضيّق الخناق أحياناً عبر حملات تجنيد قسرية، إلا أنه غالباً ما تجنّب صداماً واسعاً مع الجماعة الدرزية، مفضلاً التعامل بوسائل غير مباشرة. اتّبع نظام الأسد أساليب غير تقليدية، مثل غض البصر عن انتشار الجماعات المسلحة وعصابات الخطف والسرقة، بالإضافة إلى محاولات لإثارة الفتن بين المحافظة وجوارها. كما اتُهم بتسهيل هجمات تنظيم "داعش" على المحافظة لترهيب أهلها، وخصوصاً مجزرة يوليو 2018 التي أسفرت عن سقوط أكثر من 250 مدنياً. ظهر هذا التعامل جلياً خلال فترة الحرب، إذ أدت أزمة ندرة الوقود إلى صعوبة ريّ المحاصيل ونقل المنتجات، وذلك بالتزامن مع غلاء أسعار البذور والأسمدة وضعف القدرة على توفير الأعلاف، فضلاً عن انهيار أسعار المحاصيل مقابل تكلفة إنتاجها. إلى جانب ذلك، شهدت الخدمات الأساسية مثل الكهرباء تدهوراً حاداً، كما تفاقمت أزمة مياه الشرب، مع معاناة بعض مناطق المدينة وريفها من انقطاع المياه بشكل كامل لفترات طويلة. ولم تسلم الاتصالات وخدمات الإنترنت، أما أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية فشهدت ارتفاعاً تجاوز قدرة معظم الأسر على تحملها. عسكرة المجتمع وانتشار المسلحين مع انسحاب الدولة فعلياً من السويداء منذ 2012، برزت ظاهرة الاعتماد على جماعات مسلحة محلية للحماية وتوفير مصادر دخل بديلة. ظهرت العديد من المجموعات المسلحة منذ 2013 تحت شعارات مثل "الدفاع الذاتي" و"حماية السويداء"، بعضها ذو طابع ديني، وبعضها ارتبط بشكل غير مباشر بأجهزة أمنية تابعة لنظام بشار الأسد. أما في صفوف البدو، فظهرت جماعات مسلحة محلية لحماية القرى أو للسيطرة على طرق التهريب، أبرزها مجموعات في خربة عواد والعمان. ووفق تقرير توسعت أنشطة هذه الجماعات من الحماية، إلى السيطرة على طرق التجارة الداخلية والتهريب عبر البادية، وصولاً إلى تجارة "الكبتاغون" وفرض الأتاوات. وتشير عدة تقارير إلى أن محافظة السويداء أصبحت إحدى المحطات الرئيسية لصناعة وتهريب الكبتاغون نحو الأردن والخليج، بفضل شبكات ميدانية ترتبط بأجهزة أمنية سورية وشخصيات محلية نافذة. وتُقدَّر عوائد هذه التجارة بمليارات الدولارات سنوياً، فيما كانت تتقاطع المصالح بين بعض الجماعات المسلحة المحلية، والفرقة الرابعة في جيش النظام التي قادها ماهر الأسد، وكانت تشرف على خطوط التهريب من درعا والسويداء إلى الحدود الأردنية. احتجاجات أغسطس 2023 في خضم هذا الواقع، اتخذت الحكومة السورية في أغسطس 2023 قراراً برفع دعم الوقود بشكل شبه كامل، مما ضاعف أسعار المحروقات بين ليلة وضحاها. وشكّلت هذه الخطوة الشرارة التي أطلقت سلسلة احتجاجات غاضبة في السويداء. خرج المئات من أبناء المحافظة إلى الشوارع مرددين شعارات ضد الغلاء والسياسات الحكومية، وقاموا بقطع الطرقات وإشعال الإطارات احتجاجاً. وكانت تلك الاحتجاجات بداية لتحول أكبر في المزاج الشعبي، إذ سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية أشمل، تبعها إغلاق عشرات المكاتب لحزب "البعث" في المدينة وريفها، وتحويل بعضها إلى مراكز خدمة مدنية. واجه بشار الأسد حراك السويداء بمزيج من التجاهل التكتيكي والإجراءات الأمنية المدروسة. فمن جهة، حاول احتواء الاحتجاجات عبر امتصاص الغضب وعدم اللجوء إلى المواجهة العنيفة المباشرة، ربما تفادياً لتأجيج المشاعر في منطقة تقطنها أقلية موالية تاريخياً للدولة، ومن جهة أخرى، بدأت الأجهزة الأمنية باتخاذ خطوات لإضعاف زخم الحراك. النظام استمر في اتباع سياسة إضعاف السويداء من الداخل. فهو لم يستجب لمطالب تحسين الخدمات فقط، بل قلّص مجدداً نشاط المؤسسات الحكومية الخدمية في المحافظة، كرد فعل على إغلاق المحتجين لمقار حزب "البعث". كذلك سعى النظام إلى ضرب وحدة الصف المحلي عبر تشجيع جماعات مسلحة مرتبطة بالأجهزة الأمنية وأخرى خارجة عن القانون في ريف السويداء الشرقي والغربي. هذه الجماعات تورطت في تهريب المخدرات وخصوصاً "الكبتاغون" عبر الحدود الأردنية، وكانت هذه الجماعات ترى في استمرار الاحتجاجات تهديداً لأنشطتها غير المشروعة. لكن سرعان ما تطورت الاحتجاجات إلى مظاهرات حاشدة في مدينة السويداء وبلدات أخرى مثل شهبا وصلخد والقريّا. بلغت الاحتجاجات ذروتها في أواخر أغسطس ومطلع سبتمبر 2023، حيث احتشد المئات يومياً في ساحة السير (ساحة الكرامة) وسط مدينة السويداء. وأظهرت مقاطع مصورة انتشرت آنذاك مشاهد غير مسبوقة؛ إذ أقدم متظاهرون غاضبون على تمزيق صور الأسد وإسقاط تماثيله في الساحات، كما أغلقوا مبنى فرع حزب "البعث" ورفعوا فوقه راية الثورة السورية (علم الاستقلال). استمرت المظاهرات بوتيرة متفاوتة، ولكنها خفتت تدريجياً بحلول 2024. بين التهميش الداخلي والتجاذبات الإقليمية بالإضافة إلى العوامل الداخلية، فإن السويداء تقع في قلب بيئة إقليمية شديدة التعقيد. فالمحافظة تحدّ الأردن من الجنوب، وتشترك معها في حدود طويلة، شكّلت تاريخياً معبراً للتهريب بأنواعه. خلال سنوات الحرب، ازدهرت تجارة المخدرات وخاصة أقراص "الكبتاغون" عبر الجنوب السوري، وشملت خطوط التهريب نحو الأردن مسار ريف السويداء. أدى ذلك إلى توتر متزايد مع الأردن الذي اعتبر تهريب المخدرات عبر حدوده الشمالية تهديداً لأمنه القومي. وفي مايو 2023 نُسب لسلاح الجو الأردني استهداف منزل أحد أبرز مهربي المخدرات في قرية خربة عواد شرق السويداء، ما أسفر عن سقوطه وعدد من معاونيه. وجهت عمّان بذلك رسالة حازمة بأنها لن تتهاون مع تحول الجنوب السوري إلى بؤرة تهدد استقرارها. الدور الإسرائيلي في أحداث السويداء على الجهة الأخرى من الجنوب السوري، سعت إسرائيل أيضاً إلى مراقبة مجريات الأحداث في السويداء عن كثب، في محاولة لاستغلال الفرصة وقضم المزيد من الأراضي، او إنشاء منطقة "موالية" منزوعة السلاح، كما صرح أكثر من مسؤول إسرائيلي. ويكتسب الموقف الإسرائيلي حساسية إضافية لوجود طائفة درزية في فلسطين المحتلة وفي الجولان المحتل؛ إذ حاولت الحكومة الإسرائيلية استثمار اضطرابات السويداء، وقبلها جرمانا، بزعم حماية الدروز في سوريا. وصدرت تصريحات عن مسؤولين إسرائيليين تتعهد بعدم السماح بتهجير أو تهديد أبناء الطائفة الدرزية في سوريا، في محاولة لكسب ودهم، وكمدخل لنفوذ إقليمي في البلاد، وهو الأمر الذي لاقى آذاناً صاغية عند فئة منهم، بينما عارضه آخرون. ترافق ذلك مع تقارير عن قنوات تواصل غير مباشرة بين شخصيات درزية سورية وجهات إسرائيلية. وتجلى الدور الإسرائيلي خلال الأحداث الأخيرة، من خلال مناشدة أحد مشايخ العقل حكمت الهجري إسرائيل من ضمن دول للتدخل لحماية الطائفة، وهو الزعم نفسه الذي بررت فيه إسرائيل ضرباتها الأخيرة على دمشق التي تبعد عن مدينة السويداء نحو 128 كيلومتراً. هذا المحتوى من "اقتصاد الشرق".

مسؤول سوري: غارات إسرائيل تعرقل البحث عن الأسلحة الكيمياوية
مسؤول سوري: غارات إسرائيل تعرقل البحث عن الأسلحة الكيمياوية

العربية

timeمنذ 17 دقائق

  • العربية

مسؤول سوري: غارات إسرائيل تعرقل البحث عن الأسلحة الكيمياوية

أعلن مستشار للحكومة السورية، الخميس، أن الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق تعرقل جهود العثور على مخزون الأسلحة الكيمياوية الذي يعود لحكم الرئيس السابق بشار الأسد وتدميره. وأضاف مستشار وزارة الخارجية والمفوض بملف الأسلحة الكيمياوية إبراهيم العلبي أن زيارة كانت مقررة لمفتشين من منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية تأجلت بالفعل، وفق رويترز. اجتماع الثلاثاء كما أردف العلبي أن المنظمة ستعقد اجتماعاً عاجلاً، الثلاثاء المقبل، لمناقشة الوضع وتأثير الهجمات الإسرائيلية. كذلك ختم قائلاً إن وزارة الدفاع السورية وفرت البنية التحتية المؤسسية اللازمة لتنظيم وتأمين زيارات مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية. وكانت إسرائيل قد شنت غارات جوية على دمشق، الأربعاء، ودمرت جزءاً من مقر وزارة الدفاع ونفذت قصفاً قرب القصر الرئاسي في تحرك قالت إنه يهدف إلى "حماية الأقلية الدرزية في جنوب سوريا". عدة زيارات يذكر أنه منذ مارس، قام مفتشون بعدة زيارات لمواقع إنتاج وتخزين أسلحة كيمياوية لم يُكشف عنها من قبل للتحضير لمهمة تدمير بقايا المخزون غير القانوني الذي امتلكه نظام الأسد. فيما تعهدت الحكومة السورية الانتقالية بالتخلص من الأسلحة الكيمياوية. وتعنى المنظمة بتطبيق معاهدة حظر الأسلحة الكيمياوية لعام 1997 ويقع مقرها في لاهاي وتضم 193 دولة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store