
تحقيق استقصائي لرويترز.. كيف حصلت مجازر الساحل السوري وما دور الإدارة الجديدة فيها؟
وتُظهر الشهادات التي استند إليها التقرير، إلى جانب مقاطع مصوّرة تم التحقق من مصداقيتها، أن عمليات القتل اتّسمت بطابع طائفي صريح. فالمهاجمون، بحسب إفادات الناجين، كانوا يسألون الضحايا عن انتمائهم الطائفي قبل تصفيتهم ميدانيًا.
إحدى العبارات التي كُتبت على جدران القرى المنكوبة كانت: "كنتم أقلية، والآن أنتم نادرة"، ما اعتبره مراقبون دليلاً على وجود نية للتطهير الطائفي، لا مجرد رد فعل أمني ميداني.
أما على مستوى البنية العسكرية التي نفذت المجزرة، فقد أشار تقرير رويترز إلى أن الفصائل المتورطة تضم تشكيلات مسلحة تنتمي إلى أطياف مختلفة من المعارضة المسلحة، أبرزها وحدات سابقة من "هيئة تحرير الشام" (الفرع السوري السابق لتنظيم القاعدة)، مثل كتيبة عثمان وجهاز الأمن العام، الذي تحوّل لاحقًا إلى وزارة الداخلية.
كما شاركت في العمليات فصائل مدعومة من تركيا، من بينها "فرقة السلطان سليمان شاه" و"فرقة الحمزة"، إضافة إلى فصائل سنية المذهب وتتصف بالتطرف مثل "جيش الإسلام" و"جيش الأحرار"، و"جيش العزة"، فضلاً عن مقاتلين أجانب من الإيغور والشيشان والأوزبك.
ووفقًا للتقرير، فقد شارك في عمليات القتل أيضًا مدنيون من أبناء الطائفة السنية، دفعهم الانتقام لمجازر سابقة ارتكبتها قوات الأسد بحقهم.
والخطير في ما كشفه التحقيق أن العديد من الوحدات المتورطة في المجزرة أصبحت لاحقًا جزءًا من الأجهزة الرسمية للدولة الانتقالية. وتحديدًا، أظهر التقرير أن الناطق باسم وزارة الدفاع المؤقتة، حسن عبد الغني المعروف بلقب "أبو عهد الحموي"، كان يدير غرف العمليات الميدانية عبر تطبيق تليغرام، ويُنسق تحركات القوات المتقدمة، مستخدمًا عبارات تشجيعية مثل "جزاكم الله خيراً"، ما اعتبره معدّو التقرير دليلًا على تورط رسمي مباشر.
وعلى الرغم من تعهد الرئيس أحمد الشرع في تصريحاته العلنية بفتح تحقيق في الحادثة، إلا أنه حتى تاريخ نشر التقرير لم تصدر نتائج رسمية، ولم يُحاسب أي من المسؤولين عن المجزرة.
وقد خلّفت المجزرة آثارًا كارثية على المستوى الإنساني، إذ نزح آلاف المدنيين العلويين من قراهم نحو مناطق أكثر أمنًا، أبرزها مخيمات مؤقتة في محيط قاعدة حميميم الجوية. وقد تحوّلت قرى بأكملها إلى مدن أشباح، فيما يعيش من تبقى من سكانها في حالة ذعر مستمر.
وعلى المستوى السياسي، فإن ترقية عناصر متورطة في الجرائم إلى مناصب داخل المؤسسات الرسمية الجديدة، أضعف الثقة الشعبية في مسار العدالة الانتقالية، وطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جدية مشروع الدولة ما بعد الأسد في إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري.
من جانب آخر، بقي ردّ الفعل الدولي، رغم خطورة المجزرة، محدودًا. وقد أشار تحقيق رويترز إلى أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات رمزية على بعض الفصائل المدعومة من أنقرة، مثل "الحمزة" و"السلطان شاه"، بينما لم تُصدر الولايات المتحدة أي موقف رسمي أو عقوبات مرتبطة بالمجزرة حتى الآن.
ويفسر بعض المراقبين هذا الصمت الدولي بالحسابات الإقليمية المعقدة، والخشية من انهيار الحكومة الانتقالية، لا سيما في ظل الانقسام الحاد داخل المجتمع السوري، واستمرار تهديد الجماعات المتطرفة.
ما توصل إليه التحقيق – الذي اعتمد على مقابلات مع أكثر من 200 من ذوي الضحايا و40 من المقاتلين والمسؤولين، إلى جانب تحليل مقاطع فيديو وبيانات حكومية – يضع القيادة السورية الانتقالية أمام اختبار مصيري. فالمجزرة لم تكن عملاً عشوائيًا أو معزولًا، بل جريمة ممنهجة ذات تسلسل قيادي واضح، بحسب التقرير، ما يضع البلاد أمام معضلة عميقة: كيف يمكن التأسيس لمسار عدالة حقيقية في ظل استمرار الإفلات من العقاب؟ وكيف يُمكن تحقيق مصالحة وطنية شاملة في بلد لم يشفَ بعد من جراح الطائفية والعنف المنظّم؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 5 ساعات
- يورو نيوز
بعد الضربات الإسرائيلية.. إيران جهّزت ألغامًا بحرية استعدادا لإغلاق مضيق هرمز
ذكرت وكالة "رويترز"، نقلًا عن مسؤولين أميركيين، أن إيران قامت بتحميل ألغام بحرية على سفنها في الخليج العربي خلال الشهر الماضي، في خطوة رُصدت من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية واعتُبرت مؤشرًا على نية طهران إغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات المائية في العالم، عقب الضربات الجوية الإسرائيلية على أراضيها في 13 يونيو/حزيران. وبحسب التقرير، فإن هذه التحركات التي لم يُكشف عنها سابقًا، وقعت بعد الهجوم الإسرائيلي الأول، لكنها لم تصل إلى مرحلة نشر الألغام فعليًا في المضيق. وأشار المسؤولان الأمريكيان – اللذان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما – إلى أن مجرد تحميل الألغام يُعد خطوة تصعيدية كان من شأنها أن تعرقل حركة الملاحة العالمية وتفاقم التوتر في المنطقة. في السياق، أعلن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، اليوم، أن الجمهورية الإسلامية ستواجه أي تهديد يصدر عن "العدو" برد شامل، مشددًا على أن هذا الرد لن يكون تقليديًا، بل سيعتمد على أساليب متنوعة وجديدة. ويمر نحو خمس الإمدادات العالمية من النفط والغاز عبر مضيق هرمز، ما يجعل أي محاولة لإغلاقه تهديدًا مباشرًا للاقتصاد العالمي. ومع ذلك، تراجعت أسعار النفط العالمية بأكثر من 10% منذ الضربات الأميركية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية، مع اطمئنان الأسواق بأن شحنات الطاقة لم تتأثر. بعد ساعات من الضربات الأميركية على منشآت إيرانية في 22 يونيو، نقلت وسائل إعلام رسمية في طهران أن البرلمان الإيراني صوّت لصالح قرار غير ملزم يدعو إلى إغلاق المضيق، على أن يتخذ المجلس الأعلى للأمن القومي القرار النهائي. وعلى الرغم من أن إيران كانت هدّدت مرارا بإغلاق المضيق، إلا أنها لم تنفّذ أبدا هذا التهديد. ولم يتضح بعد التوقيت الدقيق لتحميل الألغام، ولا ما إذا كانت لا تزال على متن السفن أو أُفرغت لاحقًا، وفق ما أفادت رويترز. ولم يُفصح المسؤولان عن الوسائل التي مكّنت واشنطن من رصد هذه التحركات، لكن عادة ما تستند هذه المعلومات إلى صور أقمار صناعية أو مصادر استخباراتية بشرية. وفي تعليق غير مباشر، قال مسؤول في البيت الأبيض إن "عملية مطرقة منتصف الليل" التي نفذتها الإدارة الأميركية، إلى جانب الضغط على الحوثيين وحملة "الضغط الأقصى"، قد أعادت الاستقرار للمضيق، وفرضت حرية الملاحة وأضعفت إيران بشكل كبير. ولم تُعلّق وزارة الدفاع الأميركية ولا البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة على هذه المعلومات حتى الآن. ممر استراتيجي في قبضة التجاذبات الدولية يمتد مضيق هرمز بين إيران وسلطنة عمان، ويربط الخليج العربي ببحر العرب. ويبلغ عرضه 34 كيلومترًا في أضيَق نقطة، فيما لا يتجاوز ممر الشحن فيه ميلين بحريين في كل اتجاه. وتعتمد دول الخليج، مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر، على هذا المضيق لتصدير أغلب إنتاجها من النفط والغاز، وهو ما يحدّ من رغبة إيران بإغلاقه رغم تهديداتها المتكررة. وبحسب تقديرات وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية في 2019، تمتلك إيران أكثر من 5,000 لغم بحري يمكن نشرها بسرعة بواسطة زوارق صغيرة وسريعة. ويقوم الأسطول الأميركي الخامس، المتمركز في البحرين، بمهمة تأمين الملاحة في المضيق، حيث يحتفظ عادة بأربع سفن مخصصة لمكافحة الألغام، جرى استبدالها مؤخرًا بسفن قتالية مزودة بتقنيات مشابهة. وقبيل الضربات الأميركية على المواقع النووية، تم سحب تلك السفن كإجراء احترازي تحسبًا لهجوم إيراني انتقامي على مقر القيادة في البحرين، إلا أن الرد الإيراني اقتصر حتى الآن على إطلاق صواريخ باتجاه قاعدة أميركية في قطر. رغم ذلك، لا تستبعد واشنطن أن تقدم طهران على خطوات تصعيدية لاحقة.


فرانس 24
منذ 19 ساعات
- فرانس 24
مالي: سلسلة هجمات منسوبة للجهاديين تستهدف مواقع عسكرية في عدة بلدات
ذكر الجيش المالي أن سلسلة هجمات جديدة، نسبت إلى جهاديين، استهدفت الثلاثاء عدة منشآت عسكرية في عدد من البلدات بغرب البلاد، بينها معسكر للجيش في مدينة كايس. وعلى الرغم من أن هجمات يوم الثلاثاء تحمل سمات جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بالقاعدة، إلا أنه لم يعلن أي تنظيم حتى الآن مسؤوليته عنها. وأعلن الجيش المالي في بيان بأن سبعة من مواقعه استُهدفت في "هجمات منسقة نُفّذت في وقت مبكر من هذا الصباح"، بينما أكد سكان وسياسي محلي وقوع هجمات في أربع بلدات على الأقل. وقال أحد سكان كايس "استيقظنا في حالة صدمة هذا الصباح. هناك إطلاق نار ويمكنني من منزلي رؤية الدخان يتصاعد باتجاه مقر إقامة الحاكم ... هناك إطلاق النار كثيف". وأكد مصدر عسكري سماع دوي انفجار من مقر إقامة المحافظ أولا، لكنه أضاف "بعد وقت قليل تبين أن إطلاق النار كان في المعسكر". من جانبه، أفاد مسؤول سياسي محلي يدعى سيكو نيامي باثيلي على فيس بوك بأن "منطقة نيورو استيقظت في حالة صدمة" وبأن بلدات نيورو وسانداري وغوغوي تعرضت إلى هجمات. وتقع البلدات التي ذكرها الجيش في غرب مالي، ومن بينها ديبولي الواقعة على الحدود مباشرة مع السنغال. وتسعى جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، من موقعها في مالي، إلى التوسع في السنغال وموريتانيا، بحسب دراسة لمعهد تمبكتو، وهو مركز أبحاث يتخذ من دكار مقرا له. وذكر الجيش المالي في بيان الثلاثاء أن الوضع الناتج عن هذه الهجمات يخضع "للمتابعة الدقيقة"، وأنه سيقدم المزيد من التفاصيل في وقت لاحق. سلسلة هجمات وجاء هذا الهجوم بعد يوم من غارة دموية أودت بحياة ما لا يقل عن 30 جنديا في وسط البلاد. وتأتي هذه الهجمات بعد مرور شهر على هجومين كبيرين أعلن الجهاديون مسؤوليتهم عنهما. وفي الثاني من حزيران/يونيو، استهدف هجوم منسق معسكرا في مدينة تمبكتو التاريخية بشمال مالي، بالإضافة إلى مطار المدينة. كما كثف الجهاديون هجماتهم في منطقة الساحل الكبرى خلال الأسابيع الأخيرة، مستهدفين ليس فقط مالي، بل أيضا بوركينا فاسو والنيجر. وفي دول الساحل الثلاث، قد تعهدت مجالس عسكرية وصلت إلى السلطة نتيجة انقلابات، بإعطاء الأولوية للمسائل الأمنية، لكنها تواجه صعوبات في احتواء تقدم الجماعات الجهادية. وقد أعلن الجهاديون مسؤوليتهم عن هجومين كبيرين ضد الجيش المالي خلال الشهر الماضي فقط. وتواجه مالي منذ العام 2012 هجمات تنفذها مجموعات على ارتباط بالقاعدة وتنظيم " الدولة الإسلامية"، إضافة إلى حركات انفصالية وعصابات إجرامية.


يورو نيوز
منذ يوم واحد
- يورو نيوز
ابتزاز.. قراصنة إيرانيون يهدّدون بنشر رسائل البريد الإلكتروني لمساعدي الرئيس ترامب
ونقلت وكالة "رويترز"، التي تواصلت مع عدد من القراصنة الإيرانيين الذين يطلقون على أنفسهم اسم "روبرت"، قولهم إنهم يمتلكون حوالي 100 غيغابايت من رسائل بريد إلكتروني من حسابات مساعدي الرئيس ترامب، مهددين بإمكانية بيعها، لكنهم لم يقدموا تفاصيل إضافية عنها، ورفضوا الكشف عن محتواها. بدورها، وصفت المدعية العامة الأمريكية بام بوندي الاختراق بأنه "هجوم إلكتروني غير أخلاقي"، ورد كل من البيت الأبيض ومكتب التحقيقات الفيدرالي ببيان أصدره مدير المكتب، كاش باتيل، قال فيه: "أي شخص متورط في أي خرق للأمن القومي سيتم التحقيق معه ومقاضاته إلى أقصى حد يسمح به القانون". واستدعى التهديد الإيراني ردًا من وكالة الأمن السيبراني الأمريكية "CISA"، التي علقت في منشور على منصة "إكس": "هذا الهجوم المزعوم ليس سوى دعاية رقمية، وأهدافه ليست مصادفة. إنها حملة تشويه مدروسة تهدف إلى الإضرار بالرئيس ترامب وتشويه سمعة موظفين عموميين شرفاء يخدمون بلادنا بتميز". في المقابل، التزم المساعدون المستهدفون الصمت، ولم يعلقوا على التهديدات التي يتعرضون لها. وكانت شبكة القراصنة الإيرانية قد نشطت خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2024، حيث زعموا أنهم اخترقوا حسابات بريد إلكتروني لعدة حلفاء لترامب، بما في ذلك وايلز. ووزعوا في ذلك الوقت رسائل على الصحفيين توثق ترتيبًا ماليًا بين الزعيم الجمهوري ومحامين يمثلون المرشح الرئاسي السابق روبرت إف. كينيدي الابن - الذي يشغل الآن منصب وزير الصحة في إدارة ترامب. كما كشفت التسريبات التي أكدت "رويترز" صحتها أن هناك اتصالات من حملة ترامب حول مرشحي الحزب الجمهوري ومناقشات حول مفاوضات تسوية مع دانيلز. وكانت شركة "مايكروسوفت" قد حددت عدة مجموعات إيرانية نفذت "حملات تضليل واختراق" تهدف للتأثير على الانتخابات الأمريكية التي فاز فيها ترامب. وتؤكد طهران أنها غير ضالعة في أي عمليات تجسسية أو حملات سيبرانية، غير أن وزارة العدل الأمريكية اتهمت في لائحة صادرة في سبتمبر 2024 الحرس الثوري الإيراني بإدارة عملية الاختراق التي نفذها "روبرت". وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد عرضت في وقت سابق من 2024 مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن مجموعة قراصنة إيرانيين أخرى تحمل اسم "سايبر أفنجرز"، يعتقد أنها قامت باختراق أنظمة تحكم بمرافق عامة أميركية حيوية.