
«ألغام» في طريق هدنة غزة
مناظر الأطفال الذين أصبح بعضهم هياكل عظمية نتيجة سوء التغذية والمجاعة المتعمدة في القطاع، وصور ضحايا الرصاص الإسرائيلي حول مراكز توزيع الإغاثة، لا تحرك الضمير العالمي بالشكل الذي يجعله يضغط بجدية على إسرائيل لإنهاء المأساة بهدنة فورية لإنقاذ المدنيين، مروراً بتفاهمات حول إدارة القطاع، وصولاً للحل النهائي الوحيد القابل لإنهاء مأساة الشعب الفلسطيني، وهو حل سياسي دائم يقوم على مبدأ الدولتين.
أكثر من مليون و700 ألف شخص يعيشون في ظروف نزوح قسري، داخل مخيمات مؤقتة تفتقر لأدنى مقومات الحياة. لا ماء نظيفاً، لا غذاء كافياً، ولا خدمات طبية تذكر. ومع دخول فصل الصيف بدأت المنظمات الصحية تنذر بتفشي المزيد من الأمراض مثل التهاب السحايا والكوليرا والتيفوئيد، بسبب تلوث المياه وسوء الصرف الصحي وموجة الحر مع النقص الحاد في الأدوية والعلاجات اللازمة.
أضف إلى ذلك أن الحصار الإسرائيلي المستمر، وتدمير الطرق والمعابر، أديا إلى شلل شبه كامل في إدخال المساعدات الإنسانية. فإسرائيل تستخدم التجويع أداة حرب، وتستغله أيضاً ضمن أدوات الضغط للتهجير، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. وقد أصبح واضحاً أن مراكز توزيع الغذاء من خلال مؤسسة غزة «الإنسانية» الممولة أميركياً وإسرائيلياً، ليست أكثر من مصائد موت. لذا طالبت 130 منظمة دولية بإغلاق هذه المؤسسة واستئناف المساعدات عبر الآليات والمنظمات الدولية المعروفة، بعد أن قتل أكثر من 500 فلسطيني أثناء تجمعهم قرب مراكز المساعدات. فالجنود الإسرائيليون يطلقون النار بشكل روتيني على الفلسطينيين العزل قرب نقاط توزيع المساعدات من دون أي مبرر، فقط تنفيذاً للأوامر كما كشفت مؤخراً صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية.
في ظل هذه الظروف المأساوية يجري الترويج للمباحثات التي ستعقد الاثنين المقبل بين ترمب ونتنياهو على أنها ستكون نقطة التحول لإنهاء حالة الجمود في المفاوضات بين «حماس» وإسرائيل. الرئيس الأميركي الطامح لجائزة نوبل للسلام ساهم في رفع التوقعات من لقائه مع نتنياهو قائلاً إنه سيضغط على ضيفه الزائر وسيكون حازماً جداً معه للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة، مضيفاً أن إسرائيل وافقت على الشروط اللازمة لإبرام وقف النار. تفاصيل هذا «الاتفاق» ما زالت غير معروفة، وما تسرب منها لا يعزز التفاؤل. فوفقاً للتسريبات ستكون الهدنة 60 يوماً يتم خلالها تبادل الرهائن والأسرى بين إسرائيل و«حماس». وسيكون من حق إسرائيل استئناف الحرب، بموافقة أميركية، إذا لم ينزع سلاح «حماس» خلال فترة الهدنة.
حتى كتابة هذا المقال لم تكن «حماس» قد ردت على المقترح، علماً أنها قالت من قبل إن نزع السلاح خط أحمر. أيضاً ليس من الواضح أي تفاصيل حول آلية نزع السلاح أو من سيقوم به. كما تقول «حماس» إنه لا يمكن القبول بتفكيك بنيتها العسكرية مقابل هدنة مؤقتة، وتتمسك بأن وقف النار يجب أن يكون بالتوازي مع انسحاب إسرائيلي كامل من غزة، ورفع الحصار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
الواضح أن هناك الكثير من العقبات والألغام في طريق التوصل إلى اتفاق «هدنة»، ناهيك عن التوصل إلى صفقة تنهي الحرب. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المدفوع بحساباته الخاصة في ظل سيف المحاكمة المرفوع فوق رأسه، وبالخطاب المتطرف لحلفائه المتعصبين، يصر على شروط تُصعِّب موافقة «حماس». فإلى جانب الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين، يريد نتنياهو تفكيك البنية العسكرية لـ«حماس»، وضمانات دولية تمنع الحركة من إعادة تسليح نفسها مستقبلاً، عبر رقابة ميدانية مشددة، تشرف عليها قوة دولية - عربية. هذا من الناحية العسكرية، أما بالنسبة للترتيبات السياسية في غزة، فتريد حكومة نتنياهو أن تدير قوى من العائلات والعشائر الفلسطينية القطاع بعيداً عن السلطة الفلسطينية في رام الله أو «حماس».
الهوة لا تزال كبيرة، وفي ظل غياب مبادرة شاملة تفرض تنازلات متوازنة، تبقى المفاوضات تدور في حلقة مفرغة، ويبقى الشعب الفلسطيني في غزة هو الخاسر الأكبر. فكل يوم تأخير في وقف إطلاق النار، يعني مزيداً من الجثث، مزيداً من الأيتام، ومزيداً من الركام، ومزيداً من المعاناة.
لا أحد يملك مفتاح الحل بمفرده، ولكن العالم يملك القدرة، لو شاء، على وقف هذه المأساة. فقط إن قرر أن يرى غزة لا كملف أمني، بل كمأساة إنسانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 21 دقائق
- العربية
سوريا: مستعدون للتعاون مع أميركا والعودة إلى اتفاق 1974
أعلنت وزارة الخارجية السورية أن دمشق مستعدة للتعاون مع واشنطن للعودة إلى اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974 مع إسرائيل ، وفقا لوكالة "فرانس برس". وأورد بيان وزارة الخارجية أن الوزير أسعد الشيباني أعرب خلال اتصال مع نظيره الأميركي ماركو روبيو، عن تطلع سوريا للتعاون مع الولايات المتحدة للعودة إلى اتفاق فض الاشتباك لعام 1974. كما أشار إلى أن الجانبين ناقشا الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الجنوب السوري. قوات إسرائيلية تتوغل أتى ذلك بينما توغلت قوات إسرائيلية في عدة مواقع في حوض اليرموك بريف محافظة درعا في جنوبي سوريا صباح الجمعة. وأفادت وسائل إعلام محلية سورية بأن 6 عربات تابعة للقوات الإسرائيلية توغلت في قرية صيصون بحوض اليرموك غربي درعا. كما أضافت أن قوة إسرائيلية أيضاً مكونة من 3 سيارات دخلت سرية عسكرية سابقة تتبع للواء 112 في قوات النظام السابق، والواقعة على أطراف قرية عين ذكر في حوض اليرموك. كذلك أكدت أن توغل اليوم يعدّ الثاني بعد سقوط نظام بشار الأسد، إذ سبق أن دخلت السرية العسكرية ونفّذت داخلها عمليات تخريب وتجريف. وكانت مصادر سورية بأن محادثات مكثفة تجري بضغط أميركي للتوصل إلى اتفاق سلام، لافتة إلى أن هناك ضغوطاً على الوسيط الأميركي للموافقة على خيار أقل حدة، مثل الإعلان عن ترتيبات أمنية على طول الحدود السورية الإسرائيلية، تتضمن انسحاباً إسرائيلياً من كل الأراضي السورية التي دخلتها بعد 8 ديسمبر/كانون الأول عندما أُطيح بنظام بشار الأسد، مقابل إعلان سوري أن البلدين لم يعودا في حالة حرب". أتى هذا بينما جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في مؤتمر صحافي، الاثنين الماضي، كلامه بأن إسرائيل مهتمة بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع سوريا ولبنان. كما شدد على أنها رغم ذلك لن تتفاوض على مصير هضبة الجولان السورية في أي اتفاق سلام. وأشار إلى أن الاتفاقية تنص على انسحاب إسرائيل تدريجيًا من جميع الأراضي السورية التي احتلتها بعد التوغل في المنطقة العازلة في 8 ديسمبر 2024، بما في ذلك قمة جبل الشيخ، على أن تُحوَّل مرتفعات الجولان إلى "حديقة للسلام"، من دون توضيح لمسألة السيادة النهائية. عشرات الغارات يذكر أن إسرائيل كانت شنت منذ ديسمبر 2024 وسقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، عشرات الغارات مستهدفة قواعد عسكرية جوية وبحرية وبرية للجيش السوري السابق. كما توغلت قواتها إلى المنطقة العازلة، وتوسعت في مرتفعات الجولان المحتل وجبل الشيخ، ومناطق أخرى في الجنوب السوري. أما إسرائيل فكانت احتلت حوالي 1200 كيلومتر مربع من مرتفعات الجولان منذ حرب الأيام الستة عام 1967، ثم ضمتها لاحقًا، في خطوة لم تحظَ باعتراف دولي سوى الولايات المتحدة.


عكاظ
منذ 30 دقائق
- عكاظ
ما تفاصيل هدنة الـ60 يوماً في غزة؟
وسط تفاؤل باحتمالات الإعلان عن هدنة غزة التي يتوقع أن توافق حماس عليها خلال الساعات القادمة، أفصحت مصادر مطلعة عن المزيد من التفاصيل حول اتفاق وقف إطلاق النار المقرر أن يستمر 60 يوما. وحسب المصادر، فإن الصفقة تتضمن جدولاً للإفراج عن 10 من الأسرى الإسرائيليين الأحياء، مقابل 1000 من الأسرى الفلسطينيين، بحسب ما أعلنت القناة 14 الإسرائيلية. ونص المقترح الأمريكي على: الإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء و15 جثة لأسرى إسرائيليين، على أن تحدد حماس هوية المفرج عنهم، إطلاق الأسرى الإسرائيليين الأموات على 3 دفعات منفصلة خلال فترة الـ 60 يوما، وأن تجري عمليات تبادل الأسرى من دون احتفالات. بالمقابل، سيتم الإفراج عما لا يقل عن 1000 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 100 محكومين بالمؤبد. ونص الاقتراح على دخول عشرات آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار، فيما لن تتنازل إسرائيل عن استمرار تشغيل مراكز توزيع المساعدات في جنوب القطاع. وحسب بنود المقترح، وبعد الإفراج عن 8 أسرى، سينسحب الجيش الإسرائيلي من مناطق في شمال غزة، حسب خرائط يتم التوافق عليها، كما ستتم عملية انسحاب إسرائيلي من مناطق في الجنوب في اليوم السابع، حسب خرائط متفق عليها. وتعمل فرق فنية على رسم حدود الانسحابات خلال مفاوضات سريعة تُجرى بعد الاتفاق على الإطار العام للمقترح. وأفاد المقترح بأن المفاوضات حول إنهاء الحرب يمكن أن تتواصل بعد انتهاء وقف إطلاق النار (60 يومًا)، طالما تتم بحسن نية، والولايات المتحدة ستكون ضامنة لتنفيذ هذا البند. في حين أنه لا يوجد التزام إسرائيلي بإنهاء الحرب، وفق القناة الإسرائيلية. ومع الشروع في سريان الاتفاق، تبدأ مفاوضات حول وقف دائم لإطلاق النار، تتناول 4 نقاط رئيسية تبادل ما تبقى من الأسرى، الترتيبات الأمنية الطويلة الأمد في غزة، ترتيبات «اليوم التالي» في القطاع، وإعلان وقف دائم لإطلاق النار. وفي اليوم العاشر، تقدم حماس كل المعلومات والأدلة حول الأسرى المتبقين وإذا كانوا أحياء أو قتلوا، مع تقارير طبية، فيما تقدم إسرائيل معلومات كاملة عن الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلوا من غزة منذ 7 أكتوبر 2023. على أن يقدم الوسطاء (الولايات المتحدة ومصر وقطر) ضمانات بأن مفاوضات جادة ستجري خلال فترة الهدنة. وكشفت المصادر أن هناك نقاطا خلافية ما زالت قائمة وتتضمن مطالبة حماس بالتزام واضح بإنهاء الحرب، إذ من المقرر أن تأتي بصيغة متفق عليها يعلن عنها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وإعلان رسمي من الرئيس الأمريكي عن الاتفاق، وتتمثل نقاط الخلاف في معارضة إسرائيل إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ومطالبة حماس بوجوب انسحاب إسرائيل إلى مواقع ما قبل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الأول في 18 مارس، وإضافة ترتيبات إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حيث تصر إسرائيل على بقاء مؤسسة غزة الإنسانية، فيما تطالب حماس بأن يتم توزيع المساعدات من خلال مؤسسات الأمم المتحدة. أخبار ذات صلة

العربية
منذ 34 دقائق
- العربية
الأونروا: الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية.. لا طعام ولا دواء
قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، اليوم الجمعة، أن الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية، مشيرة إلى أن الناس يسقطون مغشيا عليهم في الشوارع من شدة الجوع. كما بينت الوكالة الأممية أن سكان غزة يواجهون نفادا تاما في كل شيء من الطعام والدواء، مشيرة إلى أن آلية توزيع المساعدات الحالية في غزة "أهانت العائلات الجائعة والخائفة والمصابة والمنهكة، وسلبتها كرامتها الإنسانية". ودعت الأونروا، أمس الخميس، إلى إجراء تحقيقات في مقتل وإصابة فلسطينيين يحاولون الوصول إلى الطعام عبر توزيع الأغذية الحالي في غزة. إطلاق نار.. وسحق وقالت في منشور على صفحتها بموقع فيسبوك، إن "العائلات في غزة في أمس الحاجة"، مشيرة إلى أنه "عند محاولة استرجاع الطعام المحدود الذي سمحت السلطات الإسرائيلية بدخوله، تم إطلاق النار عليهم وسحقهم من قبل الشاحنات". وأضافت "الأمم المتحدة تدعو لإجراء تحقيقات في مقتل وإصابة فلسطينيين يحاولون الوصول إلى الطعام عبر توزيع الأغذية الحالي في غزة"، مطالبة برفع الحصار الآن. وشددت الأونروا على ضرورة أن يكون إيصال المعونة آمنا وكرامة وفي متناول الجميع"، قائلة: "دع الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا، تقوم بالعمل". رصاص حي في انتظار الجائعين وكشف تحقيق لوكالة "أسوشييتد برس" نشر، الخميس، مؤلف من إفادات ومقاطع فيديو مصورة، أن متعاقدين أميركيين يحرسون مواقع توزيع المساعدات في غزة يستخدمون الرصاص الحي والقنابل الصوتية أثناء تدافع الفلسطينيين الجائعين للحصول على الطعام. وتحدث اثنان من المتعاقدين الأميركيين للوكالة، شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، وقالا إنهما قررا التحدث بسبب شعورهما بالقلق إزاء ما وصفاه بممارسات خطيرة وغير مسؤولة في مراكز المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية. وأوضحا أن طواقم الحماية التي تم توظيفها غالباً ما تكون غير مؤهلة، ولم تخضع للفحص اللازم، ومسلحة بشكل كبير، ويتصرفون بحرية مطلقة. وتعد "مؤسسة غزة الإنسانية" منظمة أميركية مسجلة في ولاية ديلاوير، أُنشئت في فبراير لتوزيع المساعدات الإنسانية خلال الأزمة المستمرة في غزة. ومنذ بدء عمل مواقع المؤسسة في مايو الماضي، تطلق القوات الإسرائيلية النار بشكل شبه يومي باتجاه الحشود على الطرق المؤدية إلى نقاط التوزيع، والتي تمر عبر مناطق عسكرية إسرائيلية، وقتلت مئات الفلسطينيين. وأقر الجيش الإسرائيلي بتعرّض مدنيين للأذى في مركز توزيع المساعدات. ووفق وزارة الصحة في غزة قتل 600 فلسطيني، وأصيب أكثر من 4186 شخصا، أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية.