
الدويري: نسب نجاح هجمات المقاومة تتجاوز المعمول به عالميا
فقد نشرت الجزيرة اليوم السبت مشاهد حصرية لكمينين نفذتهما كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وسط خان يونس، ضمن سلسلة "حجارة داود"، وقتلت خلالهما جنودا ودمرت دبابات وآليات عسكرية.
وأظهرت المشاهد تفجير الآليات والاشتباك مع القوات من مسافة صفرية وفي مناطق مفتوحة، كما أظهر حديث المقاتلين خلال التنفيذ عن معرفة حتى بالسرية التي تنتمي لها هذه القوات وما تقوم به.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت إن المقاتلين الفلسطينيين باتوا يعرفون تحركات وتموضعات القوات الإسرائيلية ويهاجمون على أساسها.
لكن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري يقول إن ما تقوله الهيئة ليس جديدا، لأنه كان واضحا جدا في كل العمليات التي جرت طيلة شهور الحرب، لافتا إلى أن المهم في هذه العمليات "هو تطبيق الخطط بنسب نجاح تصل إلى 99%، بينما نسب التطابق المعمول بها عالميا تبدأ من 70%".
فعالية القيادة والسيطرة
ووفقا لما قاله الدويري -في تحليل للجزيرة- فإن هذا التطابق "يؤكد الفعالية الكبيرة لمنظومة القيادة والسيطرة لفصائل المقاومة، التي تمتلك معلومات دقيقة عن قوات الاحتلال تقوم بوضع خططها بناء عليها".
ولا يقف الأمر عند نسب النجاح المرتفعة في التنفيذ، لكنه يتجاوز ذلك إلى طريقة التنفيذ التي يقول الخبير العسكري إنها لم تحدث في أي حرب سابقة وإنها يجب أن تدرس في الجيوش والكليات الفنية، وخصوصا المتعلقة بالقوات الخاصة المعنية بالمهام الشديدة الخطورة.
فتحرك مقاتل القسام في منطقة مفتوحة وهو يحمل عبوة شواظ يزيد وزنها عن 20 كيلوغراما باتجاه دبابة تزن 60 طنا وتتحرك ببطء "ليس بالأمر السهل لأن هذه الآلية تثير القلق في نفس المقاتل حتى لو كانت متوقفة"، كما يقول الدويري.
ولم يسبق أن شهد العالم تقدما بهذه الطريقة وتصوير العملية من 3 جهات كما تفعل القسام، وهو ما يؤكد اعتماد المقاومة على نقاط ضعف هذه الآلية المتقدمة جدا تتمثل في مباغتتها من النقطة العمياء التي لا يمكنها رصد الشخص القادم منها، بدليل أن المقاتل تقدم باتجاه الدبابة بينما آمرها يقف في البرج.
غير أن التقدم باتجاه الآلية من نقطتها العمياء لا يعني سهولة العملية، لأن المقاتل يكون مطالبا بالتحرك سريعا في مساحة محدودة جدا، فضلا عن أن المسافة التي تفصل بين نزع فتيل العبوة وبين انفجارها لا تتجاوز 10 ثوان، حسب الخبير العسكري.
وأظهرت المشاهد التي حصلت عليها الجزيرة إغارة مقاتلين من القسام على آليات وجنود إسرائيليين في خان يونس أمس الجمعة وأمس الأول الخميس، حيث استهدفوا دبابات "ميركافا" وناقلات جند، بعبوات شواظ وقذائف "الياسين 105″، من المسافة صفر، واشتبكوا مع قوة إنقاذ إسرائيلية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 27 دقائق
- الجزيرة
الحرب تُبرمج: الذكاء الاصطناعي يربك قواعد القانون الدولي
لم نعد أمام مجرد تقدم تقني في أدوات الحرب، بل أمام نقطة تحول تزعزع جوهر العلاقة بين القانون، والقرار، والقتل. في عالم تُدار فيه المعارك بخوارزميات، وتُتخذ فيه قرارات إطلاق النار دون تدخل بشري، تظهر أنظمة قتالية ذاتية، تحلل وتختار وتنفّذ الهجوم خلال أجزاء من الثانية.. لم تعد الآلة تطيع، بل بدأت تأمر! وهكذا تنتقل حياة الإنسان من أن تكون مسؤولية سياسية أو عسكرية إلى أن تصبح ناتجًا لخوارزمية لا تملك ضميرًا، ولا تحاسب على خطأ. في هذا الواقع المتسارع، يقف القانون الدولي حائرًا أمام سؤال مصيري: من يحاسَب حين ترتكب الآلة مجزرة؟ ولفهم خطورة هذا التحول، لا بد من العودة إلى المفهوم الجوهري الذي بات يتصدر هذا الجدل القانوني والأخلاقي. أولًا: ما المقصود بالأسلحة الذاتية القاتلة؟ الأسلحة الذاتية القاتلة (LAWs) قد تكون قادرة على تحديد الهدف، وتقييم الخطر، وتنفيذ الهجوم، كل ذلك خلال أجزاء من الثانية، وبلا مراجعة بشرية، تشمل هده الفئة طائرات بدون طيار، وروبوتات برية مسلحة، وأنظمة بحرية ذاتية التشغيل. ويختلف ذلك عن "الأسلحة الموجهة" التي تحتاج لتأكيد بشري في لحظة إطلاق النار. ثانيًا: من يتحمّل المسؤولية القانونية؟ وفقًا للقانون الدولي الإنساني، يخضع استخدام القوة لمبادئ أساسية مثل التمييز، والتناسب، والضرورة العسكرية. لكن عندما تكون الآلة هي التي تتخذ قرار القتل، تظهر أسئلة شائكة : من يتحمل المسؤولية عند ارتكاب مجزرة؟ أهو المبرمج، أم القائد العسكري، أم الدولة؟ كيف يمكن التحقيق في "نية" الخوارزمية؟ هل يمكن أن تُحاكم آلة على "قراراتها" القتالية؟ ماذا عن القائد العسكري؟ في القانون الدولي، القائد مسؤول عن الأوامر التي يصدرها. لكن ماذا لو لم يكن هو من أعطى الأمر النهائي، بل كانت "الخوارزمية"؟ ماذا عن المبرمج أو الشركة المصنّعة؟ يمكن تحميلهما مسؤولية مدنية، لكن من الصعب إثبات "النية الجنائية" أو "القصد"، وهما عنصران أساسيان في القانون الجنائي الدولي. ماذا عن الدولة المستخدمة؟ هذه أقوى الاحتمالات؛ إذ إن القانون الدولي الإنساني يُحمّل الدولة المسؤولية عن أعمال قواتها أو أدواتها. لكن في حالة العمليات ذاتية القرار، قد تحاول الدولة التنصل بحجة "خطأ تقني" أو "سلوك غير متوقع". النتيجة: نحن أمام فراغ قانوني خطير؛ فالقانون لا يحدد بعد من هو الفاعل القانوني حين تكون الآلة هي من قررت القتل. القانون الجنائي يعتمد على الركن المعنوي (القصد أو الإهمال)، لكن الخوارزمية ليست كائنًا عاقلًا.. فكيف يمكن مساءلتها؟ أيُعدُّ الخطأ في البرمجة جريمة؟ ثالثًا: هل يمكن محاكمة خوارزمية؟ قانونيًّا، لا يمكن محاكمة خوارزمية، لأنها ببساطة ليست كيانًا قانونيًّا؛ فهي ليست شخصًا طبيعيًّا يمكن مساءلته جنائيًّا، ولا شخصًا معنويًّا يملك ذمة قانونية مستقلة، كما أنها لا تملك نية أو وعيًا، ولا تستطيع الدفاع عن نفسها أو تمثيل ذاتها أمام محكمة. وبالتالي، فإنها لا تخضع لأي من المبادئ الأساسية للمسؤولية الجنائية الفردية المعروفة في القانون الدولي أو الوطني. وعليه، لا تحاسَب الخوارزمية نفسها، وإنما يُوجَّه النظر نحو من صمّمها أو شغّلها أو أمر باستخدامها. لكن الإشكال القانوني الخطير يظهر عندما لا تتوفر نية إجرامية مباشرة، أو تقصير واضح من قبل أي عنصر بشري، فتدخل المساءلة في منطقة رمادية يصعب ضبطها قانونيًّا. لهذا السبب، يطالب كثير من الخبراء القانونيين والحقوقيين بإعادة التفكير في قواعد المسؤولية، واقتراح مفاهيم جديدة مثل "النية الآلية"، أو على الأقل فرض مبدأ دائم يُلزم بوجود "إشراف بشري هادف" (Meaningful Human Control) في كل قرار تتخذه الأنظمة القتالية الذاتية. وبدون ذلك، سيبقى القانون في موقع المتفرج أمام "قتل آلي" بلا محاسبة. رابعًا: كيف نقيّم "نية" الآلة؟ القانون الجنائي يعتمد على الركن المعنوي (القصد أو الإهمال)، لكن الخوارزمية ليست كائنًا عاقلًا.. فكيف يمكن مساءلتها؟ أيُعدُّ الخطأ في البرمجة جريمة؟ أم إن انحياز الخوارزمية في تحديد الأهداف هو نتيجة لبيانات منحازة؟ هذا يعقّد مسألة المسؤولية الفردية، ويُظهر الحاجة لإعادة تعريف النية في سياق الذكاء الاصطناعي. هل يمكن للقانون الدولي أن يُخضع التكنولوجيا لأحكامه؟ أم سنشهد ميلاد حروب بلا قانون؟ القانون الدولي، عبر تاريخه، أثبت قدرته على التطور بعد الكوارث لا قبلها.. تأسس ميثاق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وجاءت اتفاقيات جنيف ردًّا على الجرائم الجماعية، وتم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية بعد فظائع البوسنة ورواندا. لكن ذلك كان دائمًا رد فعل أكثر مما هو استباق. اليوم، الذكاء الاصطناعي لا يمنحنا هذه "الرفاهية الزمنية"؛ فالآلة التي تتخذ قرار القتل دون بشر تُعيد تعريف الحرب، والمسؤولية، والنية، والعدالة. وهي تفعل ذلك قبل أن يتشكل لها إطار قانوني ناظم. إذًا، نعم، يستطيع القانون الدولي أن يُطوّر نفسه، لكنه لم يفعل ذلك بعد. وحتى الآن، معظم ما يُطرح هو توصيات غير ملزمة، وجدل فلسفي أكثر منه أدوات ضبط حقيقية. هل نشهد ميلاد "حروب بلا قانون"؟ جزئيًا.. نعم، حين تُستخدم طائرات مسيرة في اغتيال خارج ساحة المعركة، دون إعلان حرب، وبلا مسؤولية قانونية واضحة، وحين تبرمَج خوارزميات لتحديد "أنماط التهديد"، فتستهدف أشخاصًا بسبب حركتهم أو صورتهم الحرارية، فنحن عمليًّا ندخل منطقة رمادية جديدة: حروب بلا قانون، وبلا قاضٍ، وبلا مدنيين محميين فعليًّا. القانون لم يختفِ لكنه لم يعد يسيطر، والذكاء الاصطناعي صار في بعض الحالات أقوى من كل المواثيق. نحن في عصر تتسارع فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصبح حاسمة في ساحات الحرب، يقف القانون الدولي أمام تحدٍّ وجودي سادسًا: معركة القانون.. أم معركة الكرامة الإنسانية؟ إنها الاثنتان معًا، لكنها في الجوهر معركة على جوهر إنسانيتنا. من يُقرر القتل؟ في القانون، الإنسان هو من يُقرر.. وفي التكنولوجيا، القرار انتقل إلى الخوارزمية! إننا نُخاطر بأن نُعطي الحق في إنهاء الحياة لكيان لا يعي معنى "الحياة" أصلًا. إعلان من يُحاسب؟ لا أحد.. كل طرف يشير إلى الآخر: القائد يقول "اتّبعنا البرمجة"، والمبرمج يقول "نفذنا الأوامر"، والدولة تقول "الآلة أخطأت". وإذا استمر كل طرف يُحمّل الآخر المسؤولية -القائد للبرمجة، والمبرمج للدولة، والدولة للآلة- فإن النتيجة الحتمية هي القتل بلا مساءلة. ختامًا، نحن في عصر تتسارع فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصبح حاسمة في ساحات الحرب، يقف القانون الدولي أمام تحدٍّ وجودي. إما أن يتطور ليضبط هذا الواقع الجديد، أو نشهد ولادة حروب بلا ضوابط، حيث تُتخذ قرارات القتل بلا ضمير، وتغيب المحاسبة. الإنسانية لا تحتمل أن يُترك مصيرها لمعادلات رقمية، والقانون لا بد أن يظل الحصن الحامي لكرامتها.


الجزيرة
منذ 41 دقائق
- الجزيرة
أزمات مفهوم الديمقراطية وانعكاساتها في أميركا وإسرائيل
تُعدّ الديمقراطية من أهم المفاهيم السياسية المعاصرة، التي تُقدم نفسها كضمان للحرية والعدالة والمساواة بين المواطنين. لكنها، عند التدقيق في بنيتها الفلسفية والسياسية، تكشف عن أزمات بنيوية عميقة تعرقل تحقيق هذه القيم على أرض الواقع. هذه الأزمات تنبع من أساس تشكيل الديمقراطية كنظام حكم يقوم على مبدأ حكم الأغلبية، أو كما يُطلق عليه "حكم الأكثرية". ورغم ما يبدو من بريق شعاري يبشر بالمساواة والحرية، فإن حقيقة الأمر أن الأغلبية قد تكون، وفق رؤية الفلاسفة الكلاسيكيين كأفلاطون وأرسطو، "غوغاء" أو "دهماء" و"رعاع"، ما يفضي إلى حكم فاسد لا يخدم مصلحة الجميع، بل مصلحة هذه الأغلبية ذاتها، التي قد تكون فاسدة ومحدودة في رؤيتها ومصالحها. تتجلى الأزمة الثانية في تمثيلية الديمقراطية التي تركز على فئة الأغلبية فقط، ما يحوِّل الفئات الأخرى إلى هامش سياسي يُحيَّد من خلاله صوتهم وقرارهم، ويُحسبون زوراً ضمن الأكثرية. هذا الوضع يحرم العديد من الأفراد والجماعات من المشاركة الفعلية في صنع القرار، ويُنتج استقطاباً اجتماعياً وسياسياً حاداً، يؤدي إلى إضعاف شرعية النظام الديمقراطي ذاته. أما الأزمة البنيوية الثالثة، فتتمثل في ازدواجية المعايير التي تتحكم بممارسة الديمقراطية؛ حيث تتبنى الدولة الأم شعارات الحرية والمساواة وسيادة القانون، بينما تطبق خارج حدودها سياسات وحشية شرسة ضد الشعوب الأخرى. هذه الازدواجية تكشف عن تناقض صارخ يستوجب إعادة النظر في تطبيق الديمقراطية كمفهوم عالمي، خصوصاً في سياقات الاستعمار الحديث والهيمنة الإمبريالية. الأزمة الرابعة ترتبط بصلاحية التقييم الديمقراطي، فغالباً ما يُترك قرار ما إن كانت ممارسة معينة ديمقراطية أم لا لجهات أو أطراف تمارس التلاعب بالمفهوم، خصوصاً حين يصبح القتل والتدمير أدوات لحماية الديمقراطية ومحاربة "التطرف"، ما يبرر العنف وينزع عن الديمقراطية طابعها الحقوقي والإنساني. أما الأزمة الخامسة، فهي التحول المريع للديمقراطية من نظام حكم إلى أيديولوجيا شمولية، حيث يسود التعصب والإقصاء تجاه المعارضين والمختلفين، ما يحوِّل الديمقراطية إلى أداة قمعية تخالف جوهرها الأصلي. تستخدم الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية شعارات الديمقراطية والحرية كغطاء لممارسات عنيفة واستعمارية، تشمل الاحتلال والاستيطان وانتهاك حقوق الإنسان، ما ينفي تطبيق القيم الديمقراطية الحقيقية خارج حدود الدولة الأم هذه الأزمات البنيوية أسفرت عن خمس نتائج واضحة، خصوصاً في التجربة السياسية لأميركا وإسرائيل. النتيجة الأولى هي تقويض مبدأ سيادة الشعب ، حيث يُفترض أن الديمقراطية تلتزم بإرادة الأغلبية، لكن على أرض الواقع في أميركا وإسرائيل، ورغم معارضة واسعة للحروب، مثل تلك الدائرة على غزة، تستمر قيادات مثل ترامب ونتنياهو في المضي قدماً في تلك الحروب، ما يجعل الديمقراطية مجرّد شعار بلا مضمون. النتيجة الثانية تتجلى في تمجيد هيبة الدولة على حساب الأقليات ، فتسود في أميركا سياسات تستهدف الأقليات الإثنية، بينما في إسرائيل تتعرض الفئات الفلسطينية للتمييز والاضطهاد، في ظل غياب تمثيل سياسي حقيقي لهم. النتيجة الثالثة هي ازدواجية القيم في السياسة الخارجية ، حيث تستخدم الولايات المتحدة والحكومة الإسرائيلية شعارات الديمقراطية والحرية كغطاء لممارسات عنيفة واستعمارية، تشمل الاحتلال والاستيطان وانتهاك حقوق الإنسان، ما ينفي تطبيق القيم الديمقراطية الحقيقية خارج حدود الدولة الأم. النتيجة الرابعة تتعلق بالعسكرة المفرطة للديمقراطية ، حيث يتم تبرير التدخلات العسكرية والحروب على أساس حماية الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، وهذا يعزز من ثقافة العنف ويضعف أسس التسامح والعدالة. أما النتيجة الخامسة فهي التحول إلى أيديولوجيا شمولية ، تظهر في تصنيف المعارضين على أنهم "متطرفون" في أميركا، وفي محاولة إسرائيل قمع أي نقد للصهيونية، ما يحوِّل الديمقراطية إلى أداة للقمع الفكري والإعلامي. في الختام، تؤكد هذه القراءة النقدية أن الديمقراطية، كما تمارسها الولايات المتحدة وإسرائيل، تحمل تناقضات جوهرية بين شعاراتها النظرية وممارساتها العملية، وهذا يستدعي إعادة تفكير جذرية في فهمنا للديمقراطية، ليس فقط كنظام حكم، بل أيضاً كنموذج سياسي وأخلاقي يحترم الجميع، ويضمن العدالة والحرية والمساواة حقاً لا مجرد خطاب.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
خشية تهدئة محتملة.. إسرائيل تسرّع التهجير والتدمير بشمال غزة
تسابق إسرائيل الوقت لاستكمال العملية العسكرية التي أطلقتها تحت اسم " عربات جدعون" بهدف إفراغ شمال قطاع غزة من الفلسطينيين وتوسيع المنطقة العازلة، وذلك قبيل اتفاق محتمل لإطلاق النار قد يقيد عملياتها العسكرية المستمرة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضمن حرب الإبادة التي تشنها على القطاع الفلسطيني المنكوب. ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر مقرب من الفصائل الفلسطينية، فضل عدم الكشف عن هويته، قوله إن "إسرائيل تحاول استغلال الأيام القليلة المتبقية قبل أي تهدئة مرتقبة، لتوسيع رقعة التدمير وإبادة المدن، خاصة شمال وشرق محافظة الشمال، وشرق مدينة غزة، وشرق خان يونس (جنوبي القطاع)". وأضاف أن "إسرائيل تسعى لتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في تلك المناطق، لاستنفاد أي فرصة لعودة الفلسطينيين إليها كما فعلت في مخيم جباليا" الذي دمرته بشكل شبه كامل خلال النصف الثاني من عام 2024. تغيير التوزيع الديموغرافي وقد أدت عملية "عربات جدعون" -التي بدأها جيش الاحتلال منتصف مايو/أيار الماضي- إلى تغيير جذري في التوزيع الديموغرافي للقطاع، إذ حصرت الكثافة السكانية في 3 مناطق ساحلية ضيقة: غرب مدينة غزة، غرب المحافظة الوسطى، غرب مدينة خان يونس. وحسب متابعة مراسل الأناضول، فإن هذه المناطق الثلاث مفصولة بشكل كبير عن بعضها البعض، حيث يواجه الفلسطينيون أثناء تنقلهم بينها استهدافات إسرائيلية بالقصف أو إطلاق نار. فغرب مدينة غزة مطوق بالكامل، إذ يحده من الشمال محافظة الشمال التي أحالتها إسرائيل إلى مدينة أشباح بعدما دمرتها وهجرت سكانها، ومن الشرق يحدها أحياء الشجاعية والزيتون والتفاح والدرج والبلدة القديمة التي يكثف الجيش الإسرائيلي عملياته فيها حاليا. بينما يفصل مدينة غزة وغربها -عن المناطق الجنوبية للقطاع- محور نتساريم (وسط) الذي يسيطر عليه الجيش الإسرائيلي من الناحية الشرقية، وغربا بنيران آلياته ومسيراته. كما يفصل غرب المحافظة الوسطى عن مدينة خان يونس، التي تعتبر بداية محافظة الجنوب، ما أطلق عليه الجيش الإسرائيلي اسم محور "كيسوفيم" والذي يخترق مئات الأمتار من شرق المحافظة. ويسيطر الجيش الإسرائيلي على المناطق الشرقية من خان يونس، ويحاول تعزيز وجوده وسط المدينة بالتعمق غربا بالقرب من "المواصي" المكتظة بالنازحين. وأما غرب مدينة خان يونس فيفصله عن مدينة رفح (جنوب القطاع) محور "موراغ" الذي يسيطر عليه جيش الاحتلال ويطلق نيرانه صوب أي حركة في محيطه. وبشكل شبه كامل، تخلو مدينة رفح من الفلسطينيين بعدما أفرغها الجيش الإسرائيلي من سكانها تحت تهديد النيران والقصف والمجازر. وتعرف المناطق الممتدة على طول الساحل الفلسطيني من جنوب مدينة خان يونس وحتى شمال دير البلح بـ"المواصي" وهي مناطق قاحلة تخلو من أي مقومات للحياة الحضرية والبنى التحتية. ويدّعي جيش الاحتلال أنها "منطقة إنسانية آمنة" لكنها لم تسلم من الغارات الإسرائيلية التي تقتل المدنيين وتحصد أرواحهم. ووفقا لتقديرات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، لا تتجاوز مساحة المناطق التي يتكدس فيها النازحون حاليا 15% من إجمالي مساحة القطاع الفلسطيني المدمر. ووفق هيئة البث الإسرائيلية، فإنه من المرجح أن تستمر "عربات جدعون" لعدة أشهر، متضمنة "الإخلاء الشامل لسكان غزة بالكامل من مناطق القتال، بما في ذلك شمال غزة، إلى مناطق في جنوب القطاع" حيث "سيبقى الجيش في أي منطقة يحتلها". استكمال عملية التدمير خلال الأسبوع الأخير، صعد الجيش الإسرائيلي من قصفه وعمليات تدمير المنازل، خاصة المباني متعددة الطوابق التي توفر رؤية إستراتيجية للأحياء المحيطة شمال وشرق غزة. واستهدف أيضا عددا من المدارس التي كانت تؤوي آلاف النازحين شمال وشرق غزة بعد إنذارها بالإخلاء، حيث اعتبر المصدر الفلسطيني ذلك "خطوة تهدف لمنع عودة الفلسطينيين إليها مستقبلا ضمن مساعي الجيش الإسرائيلي لتفريغ المنطقة من سكانها". وفي 30 يونيو/حزيران الماضي، شن الجيش الإسرائيلي غارات على 4 مدارس تؤوي نازحين بعد إنذارات بإخلائها، 3 منها متجاورة في حي الزيتون والرابعة بحي التفاح، كما استهدف في 3 يوليو/تموز الجاري مدرسة مصطفى حافظ دون سابق إنذار مما أسفر عن استشهاد 17 مدنيا بينهم أطفال ونساء، وكذلك قصف مدرسة الشافعي بحي الزيتون فجر أمس السبت مما أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين من عائلة واحدة. وأدى الاستهداف المتكرر لمراكز الإيواء إلى تقليص المساحات القابلة للسكن، مما دفع الفلسطينيين إلى نصب الخيام على الشريط الساحلي، وهو ما يتقاطع مع خطط إسرائيل لإجبارهم على التمركز بمناطق مكشوفة تفتقر للحد الأدنى من مقومات الحياة. وبحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) -نقلا عن المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية- فإن 85% من مساحة القطاع تقع ضمن مناطق عسكرية إسرائيلية أو خاضعة لأوامر بالإخلاء أو كلا الأمرين. تدمير بالمناطق الحمراء وفي السياق، قال المصدر الفلسطيني إن الجيش الإسرائيلي يمارس عمليات تدمير كبيرة وممنهجة في المناطق المصنفة "حمراء" على خرائط الإخلاء التي ينشرها، وهي مناطق يصعب الوصول إليها من الفلسطينيين لتقدير حجم الدمار. وأوضح أن سكان المنطقة يسمعون يوميا ما بين 20-30 انفجارا شديدا، ناجمة عن نسف المنازل في تلك المناطق خاصة شمال وشرق غزة، ويدوي صداها وسط القطاع. وأشار المصدر إلى مقطع فيديو نشره أحد المقاولين الذين تتعامل معهم إسرائيل لتدمير المباني شمال غزة، حيث أظهر دمارا هائلا بحي تل الزعتر ومدينة الشيخ زايد شمال القطاع "مما يؤكد حجم العمليات المنظمة لإبادة المدن في القطاع". تحقيق مكاسب يرى المصدر المقرب من الفصائل الفلسطينية أن إسرائيل تريد من خلال تكثيف عملها العسكري بغزة تحقيق مكاسب جديدة سواء ميدانيا -عبر تعزيز السيطرة على المناطقة العازلة التي تنوي فرضها- والتوغل في مناطق جديدة من القطاع. ويكون على الصعيد التفاوضي، عبر الضغط العسكري لتعزيز موقفها إزاء مقترح وقف إطلاق النار، وكذلك على المستوى الإستراتيجي فيما يتعلق بتهجير السكان وتغيير الواقع الديمغرافي وترتيبات بعيدة لما بعد الحرب على غزة، بحسب المصدر. والأربعاء، نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن مصادر أمنية أن الجيش "جاد في نواياه لزيادة نشاطه بغزة، وأنه يدفع بكامل القوات من أجل تحقيق نصر حاسم على حماس في غضون أيام أو أسابيع" في إشارة لتحقيق مكاسب جديدة ميدانيا. والخميس، قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن الجيش يستعد لاستكمال السيطرة على القطاع من خلال الفرق الخمس التي "تناور في الميدان" مما اعتبرته "أمرا ضخما لم يُشهد مثله منذ أكثر من عام". وتابعت "ضمن تلك الفرق، يعمل في منطقة رفح جنود من الفرقة 143، كما تعمل الفرقة 36 في خان يونس، وتعمل الفرقة 99 في مناطق جباليا وبيت لاهيا (شمال) ونتساريم (وسط)". وقالت القناة الإسرائيلية "يتركز القتال حاليا في حي الشجاعية (شرق مدينة غزة) حيث وسّع الجيش الإسرائيلي نطاق عملياته خلال الأسبوع الماضي". وأفادت بأن "الجيش يستعد لتطويق مدينة غزة والمخيمات الوسطى ومنطقة المواصي، وهي المنطقة التي نزح إليها معظم الفلسطينيين". ويأتي ذلك في ظل تقارير تفيد بإحراز تقدم في المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بغزة. ومن المقرر أن يغادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة- إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، حسب هيئة البث، حيث من المتوقع أن يعلن ترامب عن وقف إطلاق النار بغزة الاثنين المقبل، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت. ووفق التقديرات الإسرائيلية، يوجد 50 أسيرا إسرائيليا في قطاع غزة، منهم 20 أحياء، بينما تُغيب السجون الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة، خلفت نحو 193 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.