
علماء الأمة يطلقون "ميثاق طوفان الأقصى" لتوحيد الموقف الشرعي تجاه جرائم الاحتلال
إسطنبول- أطلق علماء الأمة الإسلامية اليوم الجمعة، "ميثاق علماء الأمة في طوفان الأقصى وتداعياته" في تجمع علماء حاشد عقد في مدينة إسطنبول ، بمشاركة واسعة من كبار العلماء والدعاة من مختلف الدول الإسلامية، إلى جانب مؤسسات علماء من شتى البلدان.
ويأتي الحدث ثمرةَ مشاورات موسعة استمرت أشهرا بين مؤسسات إسلامية وعلمية، في ظل استمرار المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023.
وشهد المؤتمر حضور عدد من كبار العلماء والدعاة من فلسطين، ومصر، وسوريا، والعراق، وتركيا، والمغرب العربي، واليمن، والسعودية، والسودان، وشرق آسيا، وغيرها، حيث بلغ عدد الهيئات ورابطات العلماء الموقعة على الميثاق 37 هيئة، بينما تجاوز عدد العلماء والشيوخ الموقعين 350 عالما وشيخا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
واجب تجاه فلسطين
حصلت الجزيرة نت على نسخة من الميثاق الذي اعتمد رسميا في المؤتمر، وهو وثيقة توجه رسالة للأمة ولعلمائها وحكامها بأن فلسطين، بكامل أراضيها ومقدساتها، هي جزء لا يتجزأ من هوية المسلمين، وأن الجهاد لتحريرها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى ، واجب شرعي لا يقبل التنازل.
ويؤكد الميثاق أن فلسطين أرض إسلامية، وأن الكيان الصهيوني باطل شرعا وقانونا، ولا يمكن القبول بأي شكل من أشكال التطبيع معه. كما يشدد على أن المقاومة واجب على كل مسلم، وأن الجهاد ضد هذا الاحتلال، هو جهاد دفع لا يتطلب إذنا من الحاكم أو تكافؤا في القوى، بل هو فرض عين على الأمة الإسلامية.
وتركز الوثيقة على ضرورة دعم المجاهدين في فلسطين في مختلف الجوانب: النفس، المال، والكلمة، باعتبارهم يمثلون طليعة الأمة في مواجهة الاحتلال. كما تدعو إلى مقاطعة جميع المنتجات والشركات التي تدعم الكيان الصهيوني، مؤكدا أن كل تعاون مع الاحتلال يعد خيانة لقضية فلسطين.
ويتناول الميثاق تفصيلاً الواجبات التي تقع على عاتق العلماء والحكام وأفراد الأمة في هذه المعركة المصيرية. إذ يطالب العلماء بتوجيه الأمة نحو الجهاد والتوعية بأهمية دعم المجاهدين، في حين يحمل الحكام المسؤولية الأكبر في قطع العلاقات بالاحتلال الإسرائيلي وتوجيه كافة الإمكانات لصالح المقاومة.
أما الأمة، فيشدد عليها بتربية الأجيال الجديدة على قيم الجهاد وحماية المقدسات الإسلامية، داعيا إلى التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني في محنته.
وختاما، يؤكد الميثاق، أن معركة طوفان الأقصى هي جزء من صراع مستمر ضد مشروع الاحتلال الصهيوني، وأن الأمة مطالبة بتكثيف تضحياتها في كافة المجالات، بما يتناسب مع التحديات التي فرضها هذا الاحتلال على أرض فلسطين والمقدسات الإسلامية.
توحيد الخطاب
أكد الدكتور عبد الحي يوسف، رئيس لجنة الميثاق، أن "ميثاق علماء الأمة بشأن طوفان الأقصى وتداعياته" يعكس الاستجابة الطبيعية لدور العلماء في بيان الحق وتوضيحه للأمة، لا سيما في مواجهة ما سماه حملة شرسة يقودها بعض الأشخاص الذين يتنكرون للدين، والذين حاولوا تزييف الحقائق وادعوا أن معركة "طوفان الأقصى" عمل غير مشروع وإرهاب.
وأوضح يوسف في حديث للجزيرة نت، أن الميثاق يتكون من خمسة أبواب تبدأ بديباجة توضح المصطلحات التي قد تكون غامضة، مثل الصهيونية، والسردية الصهيونية، والأقصى، وفلسطين، وحدودها وجهاد الدفع والمقاومة، مع توفير تعريفات "جامعة مانعة" لهذه المفاهيم لضمان فهم دقيق من الجميع.
وأشار إلى أن الميثاق يهدف إلى ضبط خطاب العلماء في مواجهة التطورات المختلفة. ولفت إلى أن التنسيق بين هيئة علماء فلسطين وبقية الهيئات الإسلامية من مختلف البلدان يتم لضمان أن يظل الخطاب موحدا ومتسقا في جميع القضايا المطروحة، بما فيها الإجابة عن الشبهات التي يروج لها بعضهم، مثل تلك التي تدعي أن تسليم سلاح المقاومة أو القبول بالتهجير هو حقن للدماء، مؤكدا أن هذه الكلمات قد تكون مغلوطة في سياق استخدامها لتحقيق أهداف مشبوهة.
وتحدث رئيس لجنة الميثاق عن ضرورة تنسيق خطاب العلماء في الفتاوى في النوازل، مثل تلك التي ظهرت عقب الحرب الإيرانية الصهيونية، التي أدت إلى اضطراب في آراء الناس وتعارض في بعض المواقف.
كما أشار إلى أن الميثاق يسعى لإنتاج خطاب علماء موحد يُوزع على المؤسسات العلمية لضمان أن يكون جميع العلماء في العالم الإسلامي على كلمة واحدة.
رسائل الميثاق
من جانبه، أكد الدكتور نواف التكروري، رئيس هيئة علماء فلسطين، أن الميثاق ليس مجرد بيان عاطفي، بل هو تأصيل علمي شرعي يعكس استجابة دقيقة لما يجري في فلسطين، ويعبر عن موقف الأمة الإسلامية الموحد تجاه العدوان المستمر في غزة. وأضاف أن الميثاق يتناول بالتفصيل أحكام ما جرى ويجري، وما ينبغي أن يحدث وما يجب أن يمنع، ليكون بمثابة مرجعية علمية توضح المواقف الشرعية في هذه القضية الكبرى.
وأشار التكروري في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا الميثاق صيغ بتعاون واسع بين أكثر من 35 مؤسسة علمائية و350 عالما من كبار العلماء، حيث يجمع بين تأصيل شرعي للمواقف المختلفة، بعيدا عن التوظيف السياسي والانحياز الإقليمي.
وفي حديثه عن الرسائل التي يحملها الميثاق، أكد التكروري، أنه موجه أولا إلى العلماء الذين يجب أن يكونوا في مقدمة المدافعين عن الحق، مؤكدا أن العالم الذي لا ينتصر للمظلوم ويصمت عن الظالم يفرط بالأمانة. كما أشار إلى أن الميثاق يدعو الحكام إلى تحمل مسؤولياتهم الشرعية والسياسية، محذرا من أن التخاذل أمام الجرائم الصهيونية لا يمكن أن يكون مقبولا.
كما وجه التكروري رسالة للمفكرين والإعلاميين، مؤكدا أن الدفاع عن غزة ليس خيارا عاطفيا، بل هو موقف حضاري يعيد تعريف العدل والحرية والكرامة.
وعن المجاهدين في غزة، شدد التكروري على أن سلاحهم هو سلاح عزة الأمة وكرامتها.
وقال إن هذا الميثاق يمثل "خطوة جديدة في العمل العلمي الجماعي"، داعيا جميع علماء الأمة ومؤسساتها للانضمام إلى هذا المسار وتوحيد الجهود لمواجهة مشروع الإبادة الذي يمارسه الاحتلال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
شهداء بغارات على غزة واستمرار المجازر بمراكز توزيع المساعدات
استشهد 21 فلسطينيا وأصيب آخرون -السبت- في غارات إسرائيلية على قطاع غزة ، في حين بلغ عدد الأطفال الشهداء نتيجة الجوع وسوء التغذية 66، مع استمرار الحصار وإغلاق المعابر وشح الغذاء. وأفاد مراسل الجزيرة بأن قصفا مدفعيا وجويا وإطلاق نار من مروحيات إسرائيلية استهدف وسط وشرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة. واستشهد 6 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين لعائلة أبو طعمية في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس. كما استشهد فلسطيني وأصيب عدد آخر في قصف إسرائيلي استهدف خيمة العرجا في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، وأُصيب 6 آخرون في قصف إسرائيلي لخيمة أخرى في المنطقة ذاتها. وأفاد مجمع ناصر الطبي باستشهاد فلسطيني وإصابة آخرين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز مساعدات شمالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة. ووسط القطاع، استشهد فلسطينيان بقصف إسرائيلي استهدف تجمعا لمدنيين شرق مدينة دير البلح. كما أُصيب 10 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي حيث أطلق نيرانه صوب منتظري المساعدات عند مركز التوزيع قرب محور نتساريم. وفي شمال القطاع، استشهد فلسطينيان، بينهما طفل، وأُصيب 12 آخرون في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة عدنان العلمي التي تؤوي نازحين شمال غرب مدينة غزة. وأفاد مصدر في مستشفى الشفاء باستشهاد 3 شهداء في قصف إسرائيلي على منطقة الصفطاوي شمالي مدينة غزة. كما استشهد 4 فلسطينيين، بينهم طفلان، في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في جباليا البلد بمحافظة شمال القطاع. ومساء الجمعة، أنذر جيش الاحتلال الفلسطينيين في عدة أحياء وسط قطاع غزة بالإخلاء الفوري، وسط مواصلته حرب الإبادة الجماعية للشهر الـ21، ومخططات التهجير القسري. 66 طفلا يموتون جوعا وفي سياق متصل، قال مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة بغزة للجزيرة إن 66 طفلا في غزة توفوا بسبب الجوع، مضيف أن الأوضاع في القطاع تزداد سوءا، والاحتلال وضع مجمع ناصر الطبي ضمن المنطقة الحمراء. بدوره، دعا المكتب الإعلامي الحكومي بغزة المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل والضغط على الاحتلال لفتح المعابر فورا. وفي سياق متصل، قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الاستجابة الصحية بقطاع غزة تواجه تحديات كبيرة أبرزها الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمرافق الصحية، بالإضافة إلى عرقلة الحركة الآمنة وعدم إدخال الإمدادات الطبية والوقود. من جهتها، ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن الفظائع لا تزال تتكرر في مواقع توزيع الغذاء التابعة للمخطط الإسرائيلي الأميركي في غزة الذي ينتهك كرامة الفلسطينيين. وطالبت المنظمة بالعودة إلى نظام توزيع المساعدات القائم على المبادئ الإنسانية والمنسق عبر الأمم المتحدة. وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو/أيار الماضي خطة لتوزيع مساعدات محدودة، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص. وحتى الأربعاء، قالت وزارة الصحة بغزة إن حصيلة الفلسطينيين الذين استشهدوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الأميركية الإسرائيلية قرب مراكز التوزيع منذ 27 مايو/أيار الماضي بلغ نحو 549 شهيدا وأكثر من 4066 مصابا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
قمة الاتحاد الأوروبي تتجاهل تقريرا يدين جرائم إسرائيل بغزة
بروكسل – في اليوم الـ622 من الحرب المستمرة على غزة ، وبعد أن تجاوز الشهداء الفلسطينيين 55 ألفا -معظمهم من النساء والأطفال- انعقدت في بروكسل أول أمس الخميس، قمة المجلس الأوروبي، وسط أجواء سياسية مشحونة بالتناقضات، ومثقَلة بصمت رسمي تجاه تقرير داخلي يدين إسرائيل بارتكاب انتهاكات خطيرة قد ترقى إلى "إبادة جماعية صامتة". وعلى عكس الإجماع الأوروبي الصارم الذي وُجِّه بسرعة نحو موسكو عقب غزوها لأوكرانيا، بدا الاتحاد الأوروبي هذه المرة عاجزا ومنقسما ومكتفيا بعبارات رمادية في ختام القمة، رغم تقرير صادر عن "دائرة العمل الخارجي الأوروبي" (إي إي إيه إس) يُحمّل إسرائيل مسؤولية انتهاكات منهجية ل لقانون الدولي الإنساني في غزة. هذا التباين في ردود الفعل حول أوكرانيا و فلسطين يطرح أسئلة حادة داخلية حول حيادية الاتحاد الأوروبي، وصدقية قيمه، ومدى خضوعه لضغوط الحلفاء والمصالح الاقتصادية والتاريخية، في وقت تتصاعد فيه المطالب الحقوقية والدبلوماسية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين. ورغم أن التقرير الذي سرّبته منصات كبرى مثل "بوليتيكو" و"يورونيوز" وصف ما تقوم به إسرائيل بأنه "انتهاك ممنهج للقانون الدولي الإنساني"، وأن الحصار المفروض على غزة يخلق "خطر مجاعة شاملا" قد يرقى إلى "جريمة إبادة جماعية صامتة"، فإن البيان الختامي للقمة اكتفى بعبارة عامة تنص على "أخذ العلم بالتقرير"، دون ذكره بالاسم أو التوصية بأي إجراء فعلي. وأثار ذلك موجة اتهامات داخل البرلمان الأوروبي وخارجه، وصفت المواقف الأوروبية بأنها "تواطؤ باسم الحياد"، و"تراجع حتى عن الحد الأدنى الأخلاقي". ويستند تقرير "إي إي إيه إس" إلى مصادر أممية وقرارات صادرة عن محكمة العدل الدولية ، ويخلص إلى أن إسرائيل انتهكت بنود القانون الدولي والإنساني، وخرقت بشكل صارخ المادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي تشترط احترام حقوق الإنسان، لكن رد فعل القمة الأوروبية لم يرقَ لمستوى خطورة المحتوى. ويقول النائب البلجيكي في البرلمان الأوروبي مارك بوتينغا، للجزيرة نت، إن "تقرير الدائرة الدبلوماسية الأوروبية يوثّق بوضوح انتهاكات خطيرة ترتكبها إسرائيل، تشمل خرقا للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة، ومع ذلك لم تُتخذ أي عواقب، وبالنظر إلى تمويل الاتحاد الأوروبي لوزارة الحرب الإسرائيلية، فإن هذا لا يُعد حيادا بل تواطؤا". وأضاف بوتينغا للجزيرة نت، أن تقرير "إي إي إيه إس" "ليس وثيقة تقنية، بل يحمل وزنا قانونيا وسياسيا ويُوفر أساسا لتعليق الاتفاق، ومع استمرار التجارة رغم علم الاتحاد بهذه الانتهاكات، فإن المسؤولية القانونية قد تطاله". مواقف متباينة وفي القمة ذاتها، برزت إسبانيا وبلجيكا كأشد المعترضين، حيث طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بـ"تعليق اتفاق الشراكة إذا لم تُحترم بنوده المتعلقة بحقوق الإنسان"، في حين شدد وزير خارجيته على ضرورة "وقف فوري لإطلاق النار وتحقيق دولي في المجازر". وأكدت وزيرة خارجية بلجيكا هدجا لابهبيب، أن "ما يجري في غزة لا يمكن السكوت عنه"، رافضة استمرار "التعامل كالمعتاد مع إسرائيل'. في المقابل، امتنعت دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا وإيطاليا عن تأييد أي صيغة تدين إسرائيل مباشرة، مما يمكن وصفه بـ"ضعف البيان الختامي". من جانبه، يوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل، البروفيسور كورت ديبوف للجزيرة نت جذور هذا التردد ويقول "دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا ما زالت تشعر بذنب عميق تجاه المحرقة، وهو ما يدفعها لدعم إسرائيل بلا شروط، كما أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ، وهي ألمانية، تتبنى مواقف غير متوازنة، مما يزيد الانقسام الأوروبي". ويرى ديبوف أن غياب موقف واضح من الاتحاد الأوروبي تجاه ما يحدث في غزة "أضعف بشدة مصداقيته، خاصة أمام العالم العربي والإسلامي، الذي بدأ يرد على هذا التناقض، مطالبا أوروبا بالكف عن إلقاء المحاضرات الحقوقية". خضوع أم مصالح وعلَّق مراسل الشؤون الأوروبية في وكالة "أسكا نيوز" لورينزو كونسولي، للجزيرة نت قائلا إن "القمة وإن لم تذكر التقرير صراحة، فإنها أدرجت المتابعة في جدول وزراء الخارجية في يوليو/تموز القادم". واستدرك "الموقف الفرنسي بدا مائعا، إذ رفضت باريس الانضمام للدول التي طالبت بتعليق الاتفاق رغم إدراكها لخطورة الانتهاكات، السبب هو مزيج من الحذر السياسي والمصالح الاقتصادية، خاصة صادرات السلاح". وأضاف أن الانقسام هذه المرة "حقيقي وعميق، خلافا لأزمات سابقة مثل أوكرانيا، حيث كانت المجر وحدها معارضة. الآن لدينا كتلة داعمة لإسرائيل وأخرى تطالب بالمحاسبة، لكن لا توجد آلية تلقائية لتفعيل الجزاءات، والقرار يتطلب إجماعا سياسيا عاليا". وختم كونسولي قائلا إنه في اللحظة التي تنسحب فيها واشنطن من التزاماتها الدولية، يُفترض أن تسد أوروبا هذا الفراغ. "لكنها اليوم، بخطابها المزدوج تجاه إسرائيل وأوكرانيا، لا تخسر فقط مصداقيتها، بل تضيّع فرصة نادرة لتكون قوة سياسية ذات معنى في النظام الدولي". وتساءل: هل فقد الاتحاد الأوروبي بالفعل القدرة على حماية القانون الدولي؟ أم أن غزة فضحت حدود نفاق سيثير الكثير من الجدل الداخلي لسنوات؟ من جهته يرى النائب بوتينغا أن خضوع أوروبا لإرادة واشنطن يُضعف قراراتها، ويقول "بعد قمة الناتو الأخيرة، لا أرى تحوّلا إيجابيا، العديد من الحكومات الأوروبية تتردد باتخاذ موقف ضد إسرائيل خوفا من غضب الولايات المتحدة". وتساءل: "إذا كنا مجرد تابعين، فكيف يمكننا الادعاء بالسيادة أو الدفاع عن القيم العالمية؟". إدانة حقوقية ولم تقتصر ردود الفعل على السياسيين، فقد أصدرت منظمات كبرى مثل العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش بيانات شديدة اللهجة، ووصفت الأولى التأخر في مراجعة الاتفاق بـ"الكارثة الأخلاقية"، ورأت الثانية أن "عدم تعليق التعاون مع إسرائيل رغم هذا الكم من الانتهاكات، يضع الاتحاد في خانة التواطؤ الصامت". وأشارت مؤسسات قانونية أوروبية إلى أن الاتحاد قد يواجه دعاوى أمام محاكم دولية، إن ثبت علمه بانتهاكات ترتقي إلى جرائم حرب أو إبادة، واستمر رغم ذلك في الشراكة الاقتصادية والدعم التقني.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ترامب يسعى لإقناع نتنياهو باتفاق لإنهاء الحرب على غزة
ذكرت تقارير إعلامية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة ، ويأتي ذلك بالتزامن مع ضغوط يمارسها الوسطاء للدفع نحو مفاوضات غير مباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل في المستقبل القريب. ونقلت مجلة نيوزويك -عن مصدر مطلع على المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة- أن التوصل لاتفاق في القطاع ممكن جدا، وأن ترامب يبذل قصارى جهده لإقناع الإسرائيليين بأن الوقت مناسب الآن بعد أن انتهوا من قضية إيران. وأوضح المصدر أن ترامب غير مهتم بهدنة مؤقتة ويسعى إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في غزة ووقف دائم لإطلاق النار، مما يؤدي لمفاوضات حول مستقبل اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. وكان ترامب قد أعرب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة خلال الأسبوع المقبل، وقال في تصريحات صحفية بالبيت الأبيض أمس الجمعة "غالبا ما أسأل عن غزة وقد تحدثت مع بعض الأشخاص المنخرطين في الملف.. هناك وضع مروع في غزة ونعتقد أنه بغضون الأسبوع المقبل سيتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار". تأتي توقعات ترامب في وقت لم تظهر فيه أي مؤشرات على تحقيق تقدم في المفاوضات بين حماس وإسرائيل. وقال متحدث باسم مكتب المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إنه ليس لديهم أي معلومات للكشف عنها سوى تصريحات ترامب. كان ويتكوف قد ساعد مستشاري الرئيس السابق جو بايدن في التوصل إلى اتفاق بوساطة قطرية ومصرية لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح محتجزين قبل أن يتولى ترامب منصبه بفترة وجيزة في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن الاتفاق انهار في مارس/آذار بعد تنصل إسرائيل ورفضها استكمال المراحل المتفق عليها. جلسة أمنية في غضون ذلك، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد جلسة أمنية مصغرة لمناقشة قضية الحرب في غزة وجهود استعادة المحتجزين، ومن المتوقع أن يعقد نتنياهو جلسة إضافية اليوم السبت. إعلان وأضافت الهيئة نقلا عن مصادر مطلعة أن ضغوطا من الوسطاء تمارس للدفع نحو مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في المستقبل القريب. ونقلت عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل مستعدة للمفاوضات غير المباشرة، لكن يجب أن تكون في إطار مقترح ويتكوف. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن الخلاف بين إسرائيل وحماس ما زال يتعلق بمسألة وقف الحرب. من جانب آخر، أظهر استطلاع لصحيفة معاريف أن 59% من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء حرب غزة والتوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى مقابل وقف القتال والانسحاب، مقابل 34% يؤيدون استمرار القتال مفترضين أن الضغط العسكري سيؤدي لعودة الأسرى. وعبر 48% من الإسرائيليين عن اعتقادهم أن استمرار الحرب في غزة خلفه أسباب سياسية، فيما يرى 37% أن استمرار الحرب يأتي لاعتبارات أمنية. وتشن إسرائيل حرب إبادة في غزة بدعم أميركي، خلفت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ودمار واسع وكارثة إنسانية غير مسبوقة.