أوقاف الفيوم تعقد ثلاث ندوات علمية على مستوى المحافظة
وزارة الأوقاف وتأتي هذه الندوات في إطار الدور العلمي والدعوي والتوعوي لوزارة الأوقاف، وضمن جهودها لتحقيق مقاصد الشريعة، وتقديم خطاب ديني مستنير، وتنفيذًا لمحاور الخطة الدعوية للوزارة، خاصة محور مواجهة التطرف اللاديني المتمثل في تراجع القيم والأخلاق، ومحور استعادة وبناء الشخصية المصرية الوطنية من منطلق ديني.تصحيح المفاهيم المغلوطة وتهدف الندوات إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتوعية المجتمع بخطورة الغش بكل صوره، وترسيخ القيم الدينية والأخلاقية في بناء الوعي العام بين أفراد المجتمع.ويأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبرعاية كريمة من الشيخ سلامة عبد الرازق، مدير المديرية، وبإشراف من الشيخ يحيى محمد، مدير الدعوة.inbound1193472488997374997 inbound6335605500572963528 inbound7916690678173812160 inbound2156512070847654776 inbound7751857362752107548

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

يمرس
منذ 7 ساعات
- يمرس
جدد التأكيد على الثبات في الموقف نصرة لفلسطين.. قائد الثورة : الإمام الحسين.. مدرسة ملهمة للأجيال في مواجهة الطغاة
وقال السيد القائد في كلمة له ايوم امس ، ضمن مسيرات إحياء استشهاد الإمام الحسين عليه السلام بأمانة العاصمة والمحافظات، "المخطط الصهيوني هو مخطط عدواني تدميري، يستهدف الأمة في دينها ودنياها، فلن نألوا جهدًا في مواجهة ذلك العدو مع إخوتنا في محور القدس والجهاد والمقاومة وأحرار الأمة". وأضاف "مهما كانت التحديات والصعوبات وحجم التضحيات ومستوى اللوم والضغوط والهجمات الإعلامية، وغير ذلك مما نواجه به من كل أشكال الحرب والاستهداف من أمريكا وإسرائيل وعملائهما الموالين والمؤيدين لهما والمعادين لأي توجه لا يقبل بالخنوع لأمريكا ، فإن ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم الذي لا يمكن التراجع عنه، مستعينون بالله ومتوكلون عليه، واثقون به وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير". وأشار قائد الثورة إلى ثبات الشعب اليمني على الانطلاقة الإيمانية في المشروع القرآني المبارك الذي يقوم على أساس التمسك بالقرآن الكريم وحمل راية الإسلام، والتحرك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدسة في الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأوضح أن إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين، مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولما يعنيه من امتداد من موقع الهداية والأسوة، مشيرًا إلى أن الإمام الحسين عليه السلام هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام. وأوضح أن الإسلام الذي مضى عليه الإمام الحسين عليه السلام هو الإسلام الذي يصنع السلام لا استسلام، مبينًا أن تحول المعالم الكبرى للإسلام أوصلت إلى أن يواجه سبط رسول الله الإمام الحسين الغربة والتخاذل. ولفت السيد القائد إلى أن الإمام الحسين عليه السلام، قدّم للأمة من بعده حتى قيام الساعة أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام والعزة الإيمانية، ومعه أهل بيته والقلة القليلة من الأنصار. وتابع "الإمام الحسين عليه قدّم أيضًا أعظم الدروس في الإيمان والصدق والوفاء والثبات على الحق، في أقسى الظروف والمراحل وكسر حاجز الصمت وأحيا في الأمة الحرية وتتابعت الثورات من بعده حتى أطاحت بطغاة بني أمية وأعطى للحق دفعًا وامتدادًا عبر الأجيال". واستشهد بكلمات خالدة للإمام الحسين حينما حاصره الأعداء الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء ووضعوه بين خيارين إما الذلة والاستسلام للطغاة والمجرمين، وإما الحرب والقتل والإبادة فقال عليه السلام "ألا وأن الدّعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، ونفوس أبية، وأنوف حمية، تؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام". مدرسة ملهمة وعد الإمام الحسين، مدرسة ملهمة للأجيال ومواجهة الطغاة في كل زمان ومكان، ولاتخاذ القرار الصحيح حينما توضع الأمة بين هاذين الخيارين، إما السلة وإما الذلة في كل ساحة من ميادين المواجهة وليبقى للحق امتداده وليسعى المؤمنون لاستعادة الإسلام في نقائه وكماله ومعالمه الكبرى ومبادئه الأساسية التي تتحقق بها ثمرته في الدنيا تحررًا من الطاغوت وسموًا في الأخلاق والقيم وعزًا وكرامة وعدلًا ونورًا وبصيرة ومنهجًا ربانيًا للحياة. وقال "إن معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي، والإسرائيلي، هي من منطلق ثورة الإمام الحسين، لما يمثله الأمريكي، والإسرائيلي من خطر على الأمة في طمس هويتها الدينية واستهداف مقدساتها والسعي للسيطرة عليها والاستبعاد لها وإذلالها واستباحتها". إبادة جماعية وأشار السيد القائد "إلى ما يرتكبه العدو بحق هذه الأمة بدءًا بما يفعله في فلسطين من إبادة جماعية وانتهاك لحرمة المقدسات وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي وفي حربه الناعمة الشيطانية، التي يستهدف بها الأمة، ومخططه العدواني الهادف لاحتلال الأوطان ونهب الثروات واستعباد المجتمعات، كل ذلك يحتم علينا كمسؤولية إيمانية دينية وأخلاقية أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، والتصدي لإجرامهما". التصدي للطغيان وأضاف "مسؤوليتنا الدينية أن نتصدى لإجرام الطغيان الأمريكي والإسرائيلي وأن نتحرك ضد فسادهم وباطلهم، وألا نقبل أبدًا بالخنوع لهم، ولا بالطاعة للطغيان الأمريكي والإسرائيلي، لأن في ذلك خسارة في الدنيا والآخرة". وأكد قائد الثورة، "أنه مهما كانت الصعوبات والتحديات وحجم التضحيات فالقضية مقدسة تستحق منا التضحية التي لها أعظم ثمرة في الدنيا والآخرة، في الدنيا أن نكون أحرارًا أعزاء، نتشرف بذلك ونتشرف بقيم الإسلام وننعم بذلك، وفي الآخرة ما وعد الله به من الجنة والرضوان والنجاة من عذاب الله والفوز العظيم، وهو الخيار الأسلم في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع التي ثمنها فظيع ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة". وتابع "إن انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقة تامة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة لأمتنا في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي". وتطرق السيد القائد إلى أن من النماذج الراقية، الصمود والثبات والاستبسال في غزة ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران وأحرار العراق والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان وأحفاد الأنصار بزخمها المليوني وتضحياتها الكبيرة وثباتها الحديدي وصبرها العظيم واستمرارها دون كلل ولا ملل". فيما يلي نص الكلمة : أَعُوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين. السَّلَامُ عَلَى سِبطِ رَسُوْلِ الله، سَيِّدِ الشُّهَدَاء الإِمَامِ الحُسَيْن، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات فِي كُلِّ السَّحَات وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛ وَعَظَّمَ اللَّهُ لنَا وَلَكُمُ الأَجْر، فِي ذِكْرَى الفَاجِعَةِ الكُبْرَى: ذِكْرَى اسْتِشْهَادِ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" الإِمَامِ الحُسَيْنِ، مَعَ أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِهِ الأَوفِياء، فِي كَرْبَلَاء، سَنةَ إِحْدَى وَسِتِينَ لِلهِجرَة. إن إحياءنا لهذه الذكرى هو أولاً: من المواساة لرسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، فلو كان رسول الله على قيد الحياة حين استشهاد سبطه وحفيده، لكان العزاء له، وفي منزله في المدينة. وثانياً: لما يعنيه لنا الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والامتداد الأصيل له في موقع الهداية، والقدوة، والقيادة، والأسوة، وهو كما قال فيه وفي أخيه الحسن "عَلَيْهِمَا السَّلَامُ": ((الحَسَنُ وَالحُسَين سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّة))، وكما قال عنه أيضاً: ((حُسَينٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسِين، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَينًا، حُسَينٌ سِبطٌ مِنْ الأَسبَاطِ))، إضافةً إلى غير ذلك من النصوص النبوية، التي تُعَرِّفُنا من هو الحسين، وماذا يعنيه لنا، وما هي منزلته عند الله تعالى، وعن دوره في الإسلام، وعن كماله الإيماني العظيم، الذي تجلَّى أيضاً مع النصوص النبوية في مسيرة حياته، وتجلَّى في أعلى المستويات في نهضته "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في مرحلةٍ مصيريةٍ، تُشَكِّل خطورةً رهيبةً جدًّا على المسلمين في إسلامهم؛ وبالتالي في حُرِّيَّتهم، وكرامتهم... وكل المبادئ والقيم العظيمة، التي أتى بها الإسلام، وأخرجهم بها من ظلمات الجاهلية، إلى نور الله ونهجه الحق، بكتابه القرآن الكريم، ورسوله خاتم النبيين محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ". فالحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام بأصالته ونقائه، وهي الحق الذي أرساه الإسلام نهجاً للحياة، وأساساً لمسيرة الأُمَّة المنتمية للإسلام. الإسلام الذي يُحَرِّر الناس من كل أشكال العبودية للطاغوت، إلى العبودية لله وحده ربِّ العالمين. الإسلام الذي يُزَكِّي النفوس، ويربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بالإنسان في قيمه وأخلاقه ومبادئه؛ فتتجلَّى في أعماله، ومواقفه، وتصرفاته، ويتطهَّر من الرذائل والمفاسد، ويتنزَّه من الجرائم، كما كانت مهمة التزكية من المهام الأساسية في الرسالة الإلهية؛ ولذلك أتى الحديث عنها في القرآن الكريم في هذا السياق: في الحديث عن مهام رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بقول الله تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ}، وتكرَّرت في القرآن الكريم كثيراً، وتحدث القرآن كثيراً عن أهمية التزكية في رسالة الله تعالى، وعن القيم والأخلاق التي تُحقِّق زكاء النفس. الإسلام الذي يَمْقُتُ الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويُقَدِّم العدل والقسط منهجاً، ونظاماً، وحكماً، ومسؤوليةً أيضاً لأتباعه والمنتمين إليه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}، وآياتٍ كثيرة عن هذا المعلم المهم للإسلام. الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه في إطار مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة، التي نهض بها رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والأخيار من الأُمَّة، وصفوتها وأبرارها، لتبقى مسؤوليةً قائمةً على الأُمَّة في كل زمان، تتحرَّك فيها على أساس القرآن الكريم منهجاً، والنبي قدوةً وهادياً، هذه المسؤولية التي تقترن بها خيرية الأُمَّة، وإذا أضاعتها فلا خير فيها، ولا يبقى لها أيضاً أي خير، وهي كما أعلنها الله في القرآن الكريم، في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}. الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه ليكونوا أُمَّةً مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنياناً ضعيفاً هشاً في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين؛ بل كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}، وكما قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، وكما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}، أُمَّةً تحقِّق لنفسها السلام الحقيقي، من موقع القوَّة، والقدرة، والثبات على الحق؛ وليس عبر الاستسلام، بالتنازل عن المبادئ والقيم، والعرض والأرض، والخنوع للكافرين، ثم تسمِّي ذلك سلاماً وتطبيعاً. الإسلام بنوره، وهدايته، وبصيرته، بالقرآن الكريم، والرسول "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، في معلمٍ أساسيٍ من معالم الإسلام، ومهام الرسالة الإلهية، كما في قول الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وكما في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}، بهذا النور، وبهذه البصيرة، وبهذا الهدى، مقترناً أيضاً بالهداة الذين يسيرون بالأُمَّة عليه، يرتقي الإسلام بأتباعه والمنتمين إليه، وبحسب إقبالهم، وتقبُّلهم، والتزامهم، إلى أرقى مستوى من الوعي والفهم، ويُحَصِّنهم ويحميهم من كل المضلِّين، والمخادعين، والملبِّسين، والمحرِّفين، والمزورين، والمنحرفين، من الكافرين والمنافقين، ومن كل وَسْوَاسٍ خَنَّاس، يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ. هذا الإسلام، أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بدءاً من نقطة الصفر، وصولاً إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا، وانتقل بالعرب من أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتَئِدُ البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالاً ولا حراماً؛ نقلها بنور الإسلام إلى صدارة الأمم؛ فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت- آنذاك- مكانتها المميَّزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر. هذا الإسلام، الذي هو إرث الأنبياء والرسل "صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِين"، بخاتمهم، وأكملهم، وأعلاهم منزلةً عند الله: رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، الذي اصطفاه الله، ليكون هو القائد، والقدوة، والأسوة، والهادي لهذه الأُمَّة، وللبشرية جمعاء؛ وبالقرآن الكريم، أعظم كتب الله، وأقدسها، والمهيمن عليها، والمحفوظ من الله في نصه المبارك إلى قيام يوم الدين، والنور التَّام، والهدى الكامل، والمعجزة الكبرى الباقية الدائمة للرسول والإسلام. هذا الإسلام، الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام، ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حدٍ كبير عن واقع الأُمَّة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أُمْنِيَّةٍ يتمناها من يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكون امتداده في الأُمَّة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محارباً، وغريباً، ومستهدفاً بكل أشكال الاستهداف، إلى درجة أن يكون سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ": الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو النسخة الأصلية الراقية للإسلام في كل معالمه تلك، وفي تلك المرحلة المبكِّرة من التاريخ، يواجه تلك الغربة، وذلك التخاذل، ثم يتجنَّد عشرات الآلاف لقتله، وقتل أهل بيته ورفاقه، في حادثةٍ لم يسبق مثلها في تفاصيلها الإجرامية والوحشية في تاريخ العرب، حتى في جاهليتهم الأولى، وفي يومٍ فريدٍ في حجم المظلومية والمأساة، وكان ذلك بقدر الموقف الجاهلي من القيم والحق والمبادئ الكبرى للإسلام، التي يحملها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، واستمرَّت مأساة الأُمَّة جيلاً بعد جيل، فما الذي حدث؟ إنَّه الانقلاب الأموي على الإسلام. إنَّ الزُّمرة الأموية، التي كانت تقود جبهة الشرك، وحملت رايته في محاربة رسول الله محمد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والإسلام، سعت بكل جهدها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وشنَّت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية... وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصدِّها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عاماً، حتى مكَّنه الله من فتح مكَّة، حيث ظهر أمر الله وهم كارهون، وحينها استسلمت الزُمرة الأموية- آنذاك- مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" ب (الطلقاء)؛ ليكون عنواناً يُبَيِّن حقيقتهم؛ حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين، أو الأنصار، أو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أو مِنَّةً على المسلمين. وقد يئست الزمرة الأموية بعد فتح مكَّة، وما تلاه من انتصاراتٍ أخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجاً، من إمكانية القضاء على الإسلام، من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن؛ فقررت الانتقال إلى مُرَبَّعٍ آخر، وهو مُرَبَّع النفاق؛ لتتحرك من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأُمَّة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات. وكان رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" قد حذَّر الأُمَّة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأُمَّة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كل تلك التفاصيل المهمة، وكشفت النَّهج الشيطاني، الإجرامي، المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أُمَيَّة، إذا استحكمت قبضتهم على الأُمَّة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة، قال عنهم: ((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))، إلَّا أنَّهم استفادوا من الغفلة، والأخطاء، وما هندسوا له من فتنٍ، وما مارسوه من أساليب الخداع والإغراء من بعد وفاة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"... وغير ذلك من الأسباب والأساليب التي استخدموها وساعدتهم للوصول- في نهاية المطاف- إلى موقع القيادة، والسلطة، والتحكُّم بالأُمَّة، ثم ساروا فيها بتلك السيرة، التي حذَّر رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" أمَّته منهم ومنها، فعملوا على الإفساد للناس، والتحريف لمفاهيم الدين، والاستعباد للناس بالترغيب والترهيب، وتحويل الأُمَّة وإمكاناتها ومقدراتها إلى ثروةٍ بشريةٍ وماديةٍ لهم، وفرَّغوا الإسلام من مضمونه الحقيقي، وأسسه الكبرى؛ لتبقى بعض طقوسه وشعائره مفصولةً عن أهدافها وغاياتها، ومحرَّفةً حتى في شكلها، ثم كانت الطَّامة الكبرى عندما أتوا بيزيد، ليجعلوه حاكماً على رقاب المسلمين، ومن هو يزيد؟ للاختصار نذكر ثلاثة عناوين، تكشف عن حقيقة شخصيته: العنوان الأول: كان يزيد في حقيقة أمره غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عِدَّة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهمية كبيرة جدًّا بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله: لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل وهو هنا يجحد بالوحي (بالقرآن الكريم)، وبالوحي على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وتصوره عن رسول الله أنَّه مجرَّد انتهازي ومخادع للناس باسم الوحي والرسالة، وهذه رؤية كفر، ونظرة كفر. ثانياً: كان حاقداً شديد الحقد على رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ويحمل عقدة الانتقام منه، ويريد أن يصفِّي حساباته في الثأر لجده عتبة، وكذلك لخاله الوليد، ولأخيه وقومه الذين قُتِلوا في غزوة بدرٍ الكبرى، وهم يقاتلون رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ"، ويقاتلون المسلمين، وكان قد اتَّخذ قراره أن يحقق هذا الثأر من رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" بقتل عترته، وقتل أيضاً من حضر من صحابة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ" في غزوة بدرٍ الكبرى، ممن بقي منهم على قيد الحياة، إلى حين وصل يزيد إلى موقع السلطة، فهو اتَّخذ قراراً بقتل من بقي منهم جميعاً، وكذلك بقتل الأنصار، والاستباحة لهم، (الأوس، والخزرج)، الذين يعتبر أنَّ لهم الدور الكبير في نصرة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ". ثالثاً: كان مستبيحاً لكل الحرمات، معلناً بالفسق والفجور، ومُحِلاً لما حرَّم الله، وكان صريحاً في ذلك، لا يُقِرُّ بحلال ولا بحرام، ينتهك كل الحرمات، ومعلناً بذلك. رابعاً: كان مستبيحاً لحرمة كل المقدَّسات؛ ولذلك استباح قتل عترة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والاقتحام لمدينة رسول الله، والاستباحة لحرمة مسجد رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، والقتل حتى للمستضعفين من أهل المدينة على قبر رسول الله حتى أغرقه بالدماء، والاقتحام لمكَّة، والإحراق للكعبة، والقصف لها بالمنجنيق. خامساً: كان غشوماً، مسرفاً في الدماء، ظلوماً، ليس لديه أي حرمة للنفس البشرية. بكل هذه المواصفات الإجرامية والفظيعة، كان تمكُّنه واستحكام قبضته على الأُمَّة، يعني: ضياع الإسلام، كما قال الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((وَعَلَى الإِسْلَامِ السَّلَام، إِذ قَد بُلِيَّتِ الأُمَّةُ بِرَاعٍ مِثْلَ يَزِيد)). وقد تجلَّت الآثار السيئة بشكلٍ كبير جدًّا للدور الأممي في واقع الأُمَّة، فحينما نهض الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو معروفٌ في أوساط الأُمَّة بمكانته، ومقامه، ومنزلته، إضافةً إلى أنَّه يحمل قضيةً هي حقٌّ واضح، وهي لنجاة الأُمَّة، ولمصلحتها وإنقاذها، فكان التخاذل في أوساط الأُمَّة إلى مستوىً رهيب، لم تستجب له، ولم تتحرَّك معه، رغم مكانته الواضحة والمعروفة، وقضيته الواضحة، والحق الواضح، وتجنَّد في المقابل عشرات الآلاف في صف الباطل. لقد كانت الوضعية كما عبَّر عنها الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" بقوله: ((أَلَا تَرَونَ أَنَّ الحَقَّ لَا يُعمَلُ بِه، وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، هذا هو التأثير للدور الأموي، يصل بالأُمَّة إلى ألَّا يبقى للحق لديها أي قيمة، الحق في الموقف، الحق في المبدأ، الحق في المعتقد، الحق في كل مجالاته، لا يبقى له أي قيمة في حيِّز الواقع، وفي مقام العمل، والالتزام، والاتِّباع، بقي عنواناً قد يُطْلَق على سبيل التحريف على مضامين باطلة. ((وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، وهي حالة خطيرة حينما تصل الأُمَّة إلى درجة التَّقَبُّل للباطل، الخنوع للباطل، عدم الاستيحاش من الباطل، فيبقى الباطل سائداً لا يُتَنَاهى عنه، ((لِيَرغَبِ المُؤمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ مُحِقًّا، فَإِنِّي لَا أَرَى المَوتَ إِلَّا سَعَادَة، وَلَا الحَيَاةَ مَعَ الظَالِمِين إِلَّا بَرَمًا وَشَقَاوَة))؛ لأنه إذا ضاع الحق من واقع الحياة، وحلَّ محلَّه الباطل؛ يَحِلُّ الظلم، والطغيان، والجبروت، ويسوء واقع الحياة، وتضيع القيم، يتحوَّل واقع الحياة إلى واقع سيء جدًّا. ومع كل ما عاناه الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، من جهة المتخاذلين، وأيضاً من الناكثين والغادرين، وما عاناه أيضاً من وحشية وطغيان وإجرام المجرمين، الذين تجنَّدوا مع الفراعنة الأمويين؛ إلَّا أنَّه قدَّم للأُمَّة من بعده، وإلى قيام الساعة، أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله، والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام، والعِزَّة الإيمانية، ومعه أهل بيته، والقِلَّة القليلة من الأنصار في قافلته، حيث قدَّم أعظم الدروس في الإيمان، والصدق، والوفاء، والثبات على الحق، في أقسى الظروف، وأصعب المراحل، وكسر حاجز الصمت، وأحيا في الأُمَّة الحُرِّيَّة؛ فتتابعت الثورات من بعده؛ حتى أطاحت بطغاة بني أميَّة، وأعطى للحق دفعاً وامتداداً عبر الأجيال، وكانت كلماته الخالدة، وقد حاصره الأعداء، الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء، ووضعوه بين خيارين: إمَّا الذِّلَّة، والاستسلام للطغاة المجرمين، أمثال: ابن زياد، ويزيد؛ وإمَّا الحرب، والقتل، والإبادة؛ فقال "عَلَيْهِ السَّلَامُ": ((أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي ابن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُهُ، وَالمُؤمِنُون، وَنُفُوسٌ أَبِيَّة، وَأُنُوفٌ حَمِيَّة، تُؤثِر مَصَارِعَ الكِرَامِ عَلَى طَاعَةِ اللئَامِ))، كانت هذه الكلمات وغيرها أيضاً في خطبه ورسائله، مصحوبةً ومقترنةً بأعظم المواقف، وأعظم التَّضحيات، مدرسةً هاديةً وملهمةً لكل الأجيال، ولمواجهة الطغاة في كل زمانٍ ومكان، ولاتِّخاذ القرار الصحيح، حينما توضع الأُمَّة بين هذين الخيارين: إمَّا السِّلَّة، وإمَّا الذِّلَّة، في كل زمان، وفي كل ساحةٍ من ميادين المواجهة، وليبق للحق امتداده، وليسعَ المؤمنون إلى استعادة الإسلام في نقائه وكماله، ومعالمه الكبرى، ومبادئه الأساسية، التي تتحقَّق بها ثمرته في الدنيا: تَحَرُّراً من الطاغوت، وسمواً بالأخلاق والقيم، وعِزّاً وكرامة، وعدلاً، ونوراً، وبصيرةً، ومنهجاً ربَّانياً للحياة. أيُّها الإخوة والأخوات في كل الساحات: إنَّ معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي هي من هذا المنطلق، فما يمثِّله العدو الأمريكي والإسرائيلي من خطرٍ على الأُمَّة: في طمس هويتها الدينية، واستهداف مقدَّساتها، والسعي للسيطرة عليها، والاستعباد لها، ولإذلالها واستباحتها، وما يرتكبه العدو بحق هذه الأُمَّة، بدءاً بما يفعله في فلسطين ، من: إبادةٍ جماعية، وهتكٍ للأعراض، وانتهاكٍ لحرمة المقدَّسات... وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي؛ وفي حربه الناعمة، المفسدة، المُضِلَّة، الشيطانية، التي يستهدف بها الأُمَّة والمجتمعات البشرية؛ وفي مخططه الظالم العدواني، الهادف إلى الاحتلال للأوطان، ونهب الثروات، واستعباد المجتمعات؛ كلُّ هذا يُحَتِّم علينا كمسؤوليةٍ إيمانيةٍ، دينيةٍ، أخلاقيةٍ: أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي. وأن نتصدى لإجرامهم. وأن نتحرَّك ضد فسادهم وباطلهم. وأن لا نقبل أبداً بالخنوع لهم، ولا بالطاعة لهم؛ لأن في ذلك الخسارة في الدنيا والآخرة، والخزي والذل. ومهما كانت الصعوبات والتحديات، وحجم التَّضحيات، فالقضية مقدَّسة، تستحق منَّا التَّضحية، التي لها أعظم ثمرةٍ في الدنيا وفي الآخرة: في الدنيا: أن نكون أحراراً، أَعِزَّاء، نتشرَّف بذلك، ونتشرَّف بالإسلام، بشرفه وقيمه، وننعم بذلك. وفي الآخرة: ما وعد الله به من الجنَّة، والرضوان، والنجاة من عذاب الله، والفوز العظيم. وهي الخيار الأسلم، في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع، التي ثمنها فظيع، ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة. إنَّ انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقةٍ تامَّة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة في أُمَّتنا، في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، ومن النماذج الرَّاقية: هذا الصمود والثبات والاستبسال في غزَّة، ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران ، وأحرار العراق ، والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان، وأحفاد الأنصار، بزخمها المليوني، وتضحياتها الكبيرة، وثباتها الحديدي، وصبرها العظيم، واستمرارها دون كللٍ ولا ملل. وإننا في يوم الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، يوم الوفاء والعطاء، والتأكيد على الثَّبات على الموقف الحق، نؤكِّد على التالي: أولاً: نؤكِّد ثباتنا على الانطلاقة الإيمانية القرآنية، في مشروعنا القرآني المبارك، الذي يقوم على أساس التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والتَّحَرُّك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدَّسة، في: الجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. ثانياً: نؤكِّد ثباتنا على موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني ، والعداء للعدو الإسرائيلي والأمريكي، الذي هو عدوٌ للإسلام وللمسلمين، ويشكِّل خطورةً على الأُمَّة الإسلامية بكلها، ومخططه الصهيوني هو مخططٌ عدوانيٌ تدميريٌ، يستهدف الأُمَّة في دينها ودنياها؛ ولذلك فلن نألو جهداً في مواجهة ذلك العدو، مع إخوتنا في المحور (محور القدس والجهاد والمقاومة)، ومع أحرار الأُمَّة. ثالثاً: مهما كانت التحديات والصعوبات، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى اللوم، والضغوط، والهجمات الإعلامية... وغير ذلك مما نُوَاجَه به من كل أشكال الحروب والاستهداف، من أمريكا وإسرائيل، ومن عملائهم الموالين لهم، المؤيِّدين لهم، المعادين لأي توجُّه لا يقبل بالخنوع معهم لأمريكا ، فإنَّ ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم، الذي لا يمكن التراجع عنه، ونحن مستعينون بالله تعالى، متوكِّلون عليه، واثقون به، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير. أَيُّهَا الْإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُم عَلَى هَذَا الحُضُورِ الكَبِير فِي هَذِهِ المُنَاسَبَة، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِلثَّبَاتِ عَلَى نَهجِهِ الحَقّ، فِي دَرْبِ الْإِمَامِ الحُسَينِ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، دَرْبِ الهُدَى، صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيم، طَرِيقِ الحَقِّ، وَالِاقْتِدَاءِ بِرَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، طَرِيقِ أَعْلَامِ الهُدَى، طَرِيقِ الأَخْيَارِ وَالصَّالِحِين مِنْ أَبْنَاءِ الأُمَّة. وَنْسَألُ اللهَ تَعَاَلَى أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء. السَّلَامُ عَلَى سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاء الْإِمَامِ الحُسَينِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- أَيُّهَا الْإِخْوَة- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛ رَعَاكُمُ اللَّه، وَكَتَبَ اللهُ أَجْرَكُم، وَبَارَكَ فِيكُم.

الدستور
منذ 8 ساعات
- الدستور
مستشار "أبومازن": نتوجه بالشكر لمواقف مصر بشأن القضية الفلسطينية
استضافت لجنة الشؤون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين، الأحد، د.محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى، فى لقاء مفتوح بمقر النقابة، وذلك حول التطورات الأخيرة بشأن وقف إطلاق النار فى غزة. فى البداية، رحب محمد السيد الشاذلي، رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين بمستشار الرئيس الفلسطينى في بلده الثاني، وبين أهله، وناجى الناجى، المستشار الثقافي لسفارة فلسطين بالقاهرة، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ستظل قضيتنا الأولى. وأضاف الشاذلي أننا سنبقى معا صوتًا واحدًا في وجه الظلم، ولن نتوقف عن دعم أشقائنا الفلسطينيين حتى ينكسر الحصار وتنتصر الحقيقة، مؤكدًا الدعم الكامل للقضية الفلسطينية، ووقوفنا الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله المشروع من أجل استرداد أرضه، ورفضنا الكامل لعمليات التهجير القسري الذي يقوم به الاحتلال الإسرائيلي. شدد "الشاذلي" على الإدانة لكل جرائم الاحتلال التى ترتكب بحق الأشقاء الفلسطينيين، مؤكدا تمسك نقابة الصحفيين بجميع قرارات الجمعية العمومية والخاصة بحظر كل أشكال التطبيع المهني والنقابي والشخصي مع الكيان الصهيوني. وأكد خالد البلشي، نقيب الصحفيين أن النقابة كانت وستظل بيتًا لكل الصحفيين، مشددًا على أن القضية الفلسطينية ستبقى دومًا القضية المركزية الأولى للنقابة، باعتبارها امتدادًا استراتيجيًا ووطنيًا لمصر، كما أن مصر تمثل بدورها عمقًا حيويًا لفلسطين وشعبها. وقال البلشي إن موقف نقابة الصحفيين كان واضحًا منذ اللحظة الأولى للعدوان، حيث أعلنت دعمها الكامل للقضية الفلسطينية، ووقوفها إلى جانب الزملاء الصحفيين الفلسطينيين الذين يواجهون آلة القتل والقمع في محاولاتهم لنقل الحقيقة. وأضاف: "نأمل أن نكون قد اقتربنا من الأيام الأخيرة لهذا العدوان الوحشي، وأن نجد مسارًا حقيقيًا لإنهائه، بما يفتح الباب أمام تحقيق انتصار حقيقي للرواية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة تحمي أرضه وهويته". وشدد نقيب الصحفيين على أن اللحظة الراهنة تفرض علينا جميعًا الوقوف في مواجهة عدو جامح لا يعرف الإنسانية، مشيرًا إلى أن ما نحتاجه اليوم هو واقع جديد يليق بصمود الشعب الفلسطيني، ويعيد الاعتبار للحق العربي في التحرر والاستقلال. وتابع "هذا أوان استعادة الحق، والدفاع عن كل من يدفع ثمن تمسكه بالحقيقة.. والسؤال الذي يجب أن نطرحه الآن: ماذا بعد انتهاء العدوان؟" وقال د.محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطينى، إن نقابة الصحفيين هرم من أهرامات مصر الثابتة لحراسة الحقيقة والوعي والعقل المصري والعربي، موجهًا التحية لكل الصحفيين المصريين، متذكرًا شهداء الصحافة الفلسطينية الذين استشهدوا وهم يحاولون الاستئثار بالصورة كما هي بعيدا عن تشويه بعض وسائل الإعلام بشأن ما يجري في فلسطين. ووجه 'الهباش' الشكر والتقدير لمواقف مصر قيادة وشعبا وهى مواقف ليست جديدة وليست طارئة أو افتعالية بينما هى حقيقية وانفعالية منذ بداية القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن مصر في كل معارك النضال من أجل فلسطين قدمت آلاف الشهدا والجرحى ولا ننسى أن مصر رفضت إقامة مخيمات للاجئين الفلسطينيين وتعاملت مع اللاجئين كالمواطنين المصريين؛ لأنها كنانة الإسلام التي تنافح وتدافع عن وجود الأمة واستمرارها. ووجه 'الهباش' التحية للجيش المصري العظيم الذي وصفه بالسد الأخير الذي بقي حاميا، موضحا أن الحديث عن فلسطين الآن يتجاوز التاريخ والجغرافيا إلى ما هو أهم من ذلك، فالحديث يتركز عن الغد أي اليوم التالي، متسائلا: "أليس من حق الشعب الفلسطيني أن ينعم بحياة كبقية الشعوب في تحقيق مصيره وحماية الفنون الدولي". وأكد أنه يؤمن بأن فلسطين الكاملة من البحر إلى النهر هي الوطن التاريخي للفلسطينيين ولا أحد يستطيع محو هذه الحقيقة، ففلسطين كلها وطننا التاريخي والطبيعي ولا أحد يملك الحق في مصادرة هذا الحقيقة. لفت إلى أن الاحتلال ارتكب مئات المذابح وجرائم الحرب، ودمر أكثر من ٥٥٠ قرية فلسطينية ولكنه لم ينجح في محو الحق الفلسطيني، وبقي الشعب متفوقا في وجوده، والآن نحن أغلبية ديموغرافية وبعد 20 عاما سنكون أغلبية مطلقة. وأكد أنه لا يوجد فلسطيني يتمنى الخروج بينما قد يضطر إلى ذلك في ظل الظررف الإنسانية الصعبة، لافتا إلى أن جولدا مائير قالت بعد عدوان يونيو 1967: أين هو الشعب الفلسطيني. والآن الشعب يفرض نفسه ووجوده حقيقة لا يمكن لأحد أن يتجاوزها. وأكد أنه لولا موقف مصر الصارم لعدم فتح الحدود قسرا لنجحت إسرائيل في هذه المؤامرة منذ زمن طويل وكذلك الموقف الأردني ومن خلفهم العرب والمسلمين، ليأخذ العالم بأسره هذا الموقف لتثبت الدول العربية أنها قادرة على إقناع العالم بموقفها، وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن رفض موسكو لتهجير الفلسطينيين يستند إلى الموقف العربي. واختتم الهباش حديثه بالتأكيد على 4 أولويات تمثل أساس الموقف الفلسطيني في الوقت الحالي، وهي أولا وقف الحرب فلا نريد مزيدا من الدماء كل شهيد هو خسارة استراتيجية للشعب الفلسطيني والخسائر ليست تكتيكية. وأضاف أن الأمر الثاني هو إفشاء المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين، وثالثا توفير الاحتياجات لبقاء الفلسطينيين في غزة، لافتا إلى نجاح السلطة الفلسطينية في إيصال ما استطاعت إيصاله رغم الحصار الإسرائيلي، مختتما حديثه بأن عدم عودة العدوان، هو أولوية كبيرة لمنع المزيد من الضحايا بغض النظر عن المصالح فلا توجد مصلحة أغلى من حقن الدم الفلسطيني.


الأسبوع
منذ 10 ساعات
- الأسبوع
ثورة 30 يونيو.. 12 عاما على الانطلاق «تصاعد الأزمة ومؤامرة الإخوان»
اقتحام السجون بقلم مصطفى بكري فى الحلقة الثانية من «ثورة ٣٠يونيو-٣يوليو» يتعرض الكاتب الصحفي مصطفى بكري إلى الأحداث الخطيرة التى شهدتها البلاد قبل أحداث الثورة المجيدة التى أسقطت حكم جماعة الإخوان، وفى هذه الحلقة يتعرض الكاتب لقضية اقتحام السجون وما أحدثته من غضب عارم فى الشارع ضد مرسي وجماعته، كما يتناول الكتاب تفاصيل بيان الثالث والعشرين من يونيو الذي أمهل الحكم والآخرين مهلة 7 أيام لإنهاء الأزمة المتفاقمة التى تعيشها البلاد. ويتناول الكاتب تفاصيل خطاب 26 يونيو، الذي ألقاه محمد مرسي وسط جمع من الحاضرين والمسئولين، وهو الخطاب الذى أكد أن الجماعة لن تقبل أبدًا بمطالب الشعب، وهو الأمر الذي وضح بعد ذلك في الإجراءات التي طالب الإخوان باتخاذها ضد المعارضين والصحفيين والإعلاميين والقضاة. قضية اقتحام السجون الداخلية أحبطت خطة للقبض على 36 صحفيا وإعلاميا وزير الداخلية محمد إبراهيم يتعرض لمؤامرة في قاعة الاحتفال مكتب الإرشاد يطلب من النائب العام المعين حصر القضايا وبدء القبض على المعارضين لماذا اتهم مرسى المستشار عبد المجيد محمود بأنه وراء غياب الأدلة في موقعة الجمل؟ تابع المصريون فى هذا الوقت، قضية اقتحام السجون، والاستماع إلى أقوال الشهود، الذين أدلوا بمعلومات خطيرة حول وقائع ما جرى ودور حركة حماس وجماعة الإخوان فى سيناريو الأحداث الذى شهدته البلاد فى أعقاب أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011. كانت محكمة جنح الإسماعيلية برئاسة المستشار خالد محجوب، قد أوشكت على إصدار حكمها فى هذه القضية المهمة والخطيرة. وفى يوم 22 من يونيو 2013، تابع المصريون مرافعة النيابة العامة فى هذه القضية بإعجاب منقطع النظير، وكان لهذه المرافعة، ردود فعل واسعة فى الشارع المصرى، خاصة أن النائب العام فى هذا الوقت «طلعت عبد الله» كان معروفًا بأنه صنيعة الإخوان وداعمًا لهم، وقد أصيب بصدمة قوية وفوجئ بمرافعة ممثل النيابة فى هذه القضية. لقد وقف «هيثم فاروق» ممثل النيابة العامة أمام المحكمة ليقول «إنه ثبت فى يقين النيابة العامة نفي أي تواطؤ أو مؤامرة تنسب إلى رجال الشرطة فى إطلاق سراح المسجونين».. وتساءل «لمصلحة من يهان القائمون على حماية البلد وتوفير الأمن على يد أناس وفئات ضل سعيهم فى الحياة الدنيا»؟!. وقال ممثل النيابة العامة «إن القضية المنظورة وما تحتويه من وقائع أقل ما توصف به، أنها تسطر صفحات من نور، ليعلم الشعب ما حاق به من مكائد على يد من يدعون أنهم أبناء هذا الوطن، وهم عملاء لخارجه، لذلك كان علينا أن نقرع الأسماع وندق نواقيس الخطر، ليعلم الجميع أى جرم وقع وتم فعله». وقال: «إن المأساة الحقيقية التى تضمنتها أوراق تلك الدعوى كانت حين تبين أن الدعاوى المحركة للمؤامرة وهى اقتحام السجون وتهريب السجناء، نبعت من قلوب مريضة أطلقتها خمر السلطة فأبت أن تفيق من سكرتها». واستشهد ممثل النيابة بأقوال الرائد محمد عبد الرحيم نجم الذى قرر أنه خلال استقبال 34 من قيادات تنظيم الإخوان وإيداعهم سجن وادى النطرون دار حوار بينه وبين القيادى الإخوانى «حمدى حسن» الذى أكد له أنهم سيخرجون اليوم أو غدًا، وأنهم هنا لتشكيل الحكومة الجديدة وتولى سلطة البلاد والقضاء على جهاز الشرطة. وقال هيثم فاروق: «من أجل ذلك ارتكبوا تلك الأفعال، من أجل ذلك قتلوا وسفكوا الدماء، من أجل ذلك راحت حمرة الخجل والحياء، حرام على هذا الوطن بعد اليوم أن يطعمهم من ثماره أو ترويهم قطرات ماءه أو يحملهم ترابه، هؤلاء الذين يدعون الإسلام والعلم بأحكامه تناسوا قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) «لست أخاف على أمتى غوغاء تقتلهم ولا عدوًا يجتاحهم، ولكنى أخاف على أمتى أئمة مضلين، إن أطلعوهم فتنوهم، وإن عصوهم قتلوهم». وتناول ممثل النيابة العامة الوقائع موضوع المحاكمة وقال «إن إطلاق سراح المتهمين الجنائيين من السجون المصرية كان أيضًا ضمن هذا المخطط بهدف إشاعة الفوضى فى البلاد، ولذلك طالب بإحالة محمد مرسى العياط وعصام العريان وسعد الكتاتنى وسعد الحسينى وصبحى صالح وحمدى حسن وأبو شعيشع الهاربين من السجن والضالعين فى المخطط ضمن الـ34 من قيادات الجماعة إلى النيابة العامة، ومعاقبتهم طبقًا لنص المادة 138 من قانون العقوبات. وفى صباح اليوم التالى، الأحد 23 يونيو، كان الحكم التاريخى الذى أصدرته المحكمة برئاسة المستشار خالد محجوب، والذى أكدت حيثياته بوضوح لا يقبل اللبس اتهام محمد مرسى و34 أخرين بالتخابر والتحريض على القتل والهرب واتهامات أخرى عديدة. واتهم الحكم حركة حماس بالمشاركة فى هذه الخطة من خلال تسلل عدد من عناصرها بمشاركة جماعة الإخوان، وعناصر من حزب الله فى تنفيذ الخطة الإجرامية. وكان أخطر ما احتوته حيثيات الحكم الطلب من النيابة العامة أن تأمر بالقبض على كل من محمد محمد مرسى العياط وسعد الكتاتنى وصبحى صالح وعصام العريان وحمدى حسن ومحمد إبراهيم ومحى حامد ومحمود أبو زيد، ومصطفى الغنيمى وسيد نزيلى وأحمد عبد الرحمن وماجد الزمر، وحسن أبو شعيشع وعلى عز، ورجب البنا، وأيمن حجازى، والسيد عياد، وإبراهيم حجاج الهاربين من السجون المصرية وشركائهم فى ارتكاب الوقائع وإحضارهم للتحقيق معهم فيما أثير بالأوراق عن اشتراك الأسماء الواردة والتى تم ذكرها من قيادات الجهاد والجماعات التكفيرية والقاعدة والسلفية، فضلًا عن تكليف وزارة الداخلية بالكشف عن باقى أسماء الأربعة وثلاثون معتقل من التنظيم الإخوانى والمعتقلين الهاربين أثناء تلك الأحداث واتخاذ النيابة العامة شئونها بشأن ما أثير بالأوراق، حتى يكون جميع المواطنين متساويين فى الحقوق والواجبات ولا يفلت جانى من جريمة قام بارتكابها، وأن ما أثير من وقائع وجرائم فى تلك الأوراق منسوبة للأسماء التى تم ذكرها، وهى تعتبر من أحط وأبشع الجرائم لما فيها من تعدى على سيادة الدولة وحرمة أراضيه واستقلالها التى قاموا بتدنيسها بأعمالهم الإجرامية التى استباحوا وسفكوا فيها دماء المصريين للوصول لأهدافهم ورغباتهم دون النظر لحرمة الوطن والدم والحق فى الحياة الآمنة لكل فرد على أرض هذا الوطن متعاونين مع عناصر أجنبية ضد مصلحة هذا الوطن لاكتمال المخطط الذى رسموه لأنفسهم لتحقيق مصالحهم فقط. وعندما أصدرت المحكمة حكمها النهائى بإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو ما تقدم، ثار محمد مرسى، وفقد أعصابه، وراح يجرى اتصالًا بالنائب العام طلعت عبد الله ويوبخه على اتهامات النيابة العامة له وللآخرين بالخيانة والقتل والتآمر والتخابر مع قيادات حماس. وعندما حاول المستشار طلعت عبد الله تهدئته، وقال له: إن هذا الحكم هو والعدم سواء، وإنه سيتم الاعتراض عليه، هدأت أعصاب محمد مرسى، وقال: أنا لا أعير مثل هذه الأحكام اهتمامًا، ولكن اتهامنا بهذه الاتهامات الخطيرة هو الذى آثار غضبى وحنقى على هذا الحكم والذى سوف يستغله المعادون لحكمى. وفى هذا اليوم أيضًا تجمع المئات من المصريين بالقرب من وزارة الدفاع وأمام ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بشارع الخليفة المأمون مطالبين بإسقاط حكم جماعة الإخوان. كنا قد التقينا مجموعة من الرافضين لحكم الإخوان فى صباح هذا اليوم بفندق رمسيس هيلتون لحضور اجتماع الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان والذى يترأسه المستشار نجيب جبرائيل، وكان من بين الحضور د.رفعت السعيد والمستشارة تهانى الجبالى والمستشار عدلى حسين وشريف دوس ورمزى زقلمه والشيخ مظهر شاهين. وكان الهدف من وراء هذا الاجتماع هو الرد على تصريحات السفيرة الأمريكية التى تعمدت فيها الإساءة للجيش المصرى، خاصة بعد لقائها بخيرت الشاطر فى مكتبه. وفى هذا اليوم أيضًا أعلنت حركة تمرد بقيادة محمود بدر عن أعداد الذين وقعوا الاستمارات التى تطالب بإجراء استفتاء على الانتخابات الرئاسية المبكرة، ووصل العدد إلى أكثر من 22 مليون مواطن، وكان محمود بدر قد حضر إلى مكتبى مع بداية الحملة ووقعت له الاستمارة ووقع العديد من الزملاء بصحيفة «الأسبوع». وفى صباح هذا اليوم عُقدت الندوة التثقيفية الخامسة التى أقيمت بنادى الجلاء بحضور الفريق أول عبد الفتاح السيسى والفريق صدقى صبحى رئيس الأركان وقادة الأفرع الرئيسية وجمع كبير من القادة والضباط والجنود، وقد استضافت الندوة للحديث كلًا من أحمد أبو زيد وزير الرى الأسبق ود.عبد المنعم سعيد المدير السابق لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام. وتحدث د.عبد المنعم سعيد عن الوضع السياسى والاقتصادى الذى كانت تعيشه البلاد فى هذا الوقت، وأكد فى محاضرته أن الدولة تمضى إلى طريق الانهيار السريع، وقدَّم بالأرقام حقائق الوضع الاقتصادى. وخلال فترة الاستراحة التقى القائد العام برئيس الأركان الفريق صدقى صبحى وقادة الأفرع الرئيسية، وتشاور معهم فى تطورات الأمر، خاصة بعد محاضرة د.عبد المنعم سعيد والتى حذر فيها من خطورة تردى الأوضاع، وكان رأى الفريق صدقى صبحى أن الأمور تمضى من سيئ إلى أسوأ، وأن الرئيس مرسى لايزال يعاند، ولا يريد الاستجابة للمطالب الشعبية، واستدل على ذلك بلقاء الأمس الذى جرى فى قصر القبة معه واستمر لمدة ثلاث ساعات، وأنه لابد للجيش من موقف حاسم لحماية البلاد من المخاطر. وتحدث أيضًا عدد من القادة الآخرين، وعندما جاء الدور على الفريق عبد المنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوى، تحدث عن ضرورة إنذار الكافة لأن البلاد تمضى نحو الهاوية وبعد المناقشات السريعة. قال السيسى: «استنادًا إلى الأحداث التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن، لابد أن يكون لنا موقفنا المحدد الذى يضع حدًا لهذه الفوضى ويحمى مؤسسات الدولة». كان القائد العام على ثقة بأن البلاد تمضى نحو الهاوية، وأن استمرار الحال على ما هو عليه كفيل بتصاعد الأزمات والدخول بالبلاد إلى مرحلة الحرب الأهلية، خاصة بعد أن رفض مرسى الاستجابة للمطالب التى حملها السيسى قبلها بيوم واحد. طلب القائد العام مجموعة أوراق، وراح يكتب البيان التاريخى الذى حذَّر فيه من مخاطر الفتنة وأعطى أسبوعًا للقوى السياسية لإنهاء الأزمة، وإن كان البيان موجهًا أساسًا لجماعة الإخوان.. وبعد أن انتهى الفريق أول عبد الفتاح السيسى من صياغة البيان، أطلع عليه الفريق صدقى صبحى، وبقية أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة الحاضرين فى هذا اللقاء، وافق الجميع على البيان، واستعد السيسى لإذاعته خلال خطابه المهم والشهير. لقد قال السيسى فى البيان الذى تلاه باسم القيادة العامة للقوات المسلحة «إن القوات المسلحة على وعى كامل بما يدور فى الشأن العام الداخلى دون المشاركة أو التدخل، لأن القوات المسلحة تعمل بتجرد وحياد تام وولاء رجالها لمصر ولشعبها العظيم». وأكد الفريق السيسى «أن القيادة العامة للقوات المسلحة منذ توليها المسئولية فى أغسطس من العام 2012، أصرت أن تبتعد بقواتها عن الشأن السياسى وتفرغت لرفع الكفاءة لأفرادها ومعداتها، وقال: «إن ما تم من إنجازات فى هذا الشأن خلال الثمانية أشهر السابقة يمثل قفزة هائلة». وأشار السيسى «إلى أن هناك حالة من الانقسام داخل المجتمع وأن استمرارها خطر على الدولة المصرية، ولابد من التوافق بين الجميع»، وقال: «يخطئ من يعتقد أن هذه الحالة فى صالح المجتمع، بل تضر به وتهدد الأمن القومى المصرى»، وأضاف «يخطئ من يعتقد أننا فى معزل عن المخاطر التى تهدد الدولة المصرية، ولذلك لن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد فى صراع تصعب السيطرة عليه». وقال السيسى: «أؤكد أن علاقة الجيش والشعب علاقة أزلية، وهى جزء من أدبيات القوات المسلحة تجاه شعب مصر، ويخطئ من يعتقد أنه يستطيع بأى حال من الأحوال الالتفاف حول هذه العلاقة أو اختراقها». وقال القائد العام «إن إرادة الشعب المصرى هى التى تحكمنا ونرعاها بشرف ونزاهة، ونحن مسئولين مسئولية كاملة عن حمايتها، ولا يمكن أن نسمح بالتعدى على إرادة الشعب، وأنه ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهلنا المصريين»، وقال السيسى بلغة حاسمة «الموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه». وانتقد السيسى فى البيان الإساءة المتكررة للجيش وقياداته ورموزه معتبرًا إياها إساءة للوطنية المصرية، وقال «إن الشعب المصرى بأكمله هو الوعاء الحاضن لجيشه، وأن القوات المسلحة لن تقف صامتة بعد الآن تجاه أى إساءة قادمة توجه إليها، وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومى المصرى. وأكد القائد العام للقوات المسلحة «أن الجيش المصرى هو كتلة واحدة صلبة ومتماسكة وعلى قلب رجل واحد يثق فى قيادته وقدرتها، وأنه تجنب خلال الفترة السابقة الدخول فى المعترك السياسى إلا أن مسئوليته الوطنية والأخلاقية تجاه الشعب تحتم عليه التدخل لمنع انزلاق مصر فى نفق مظلم من الصراع أو الاقتتال الداخلى أو التجريم أو التخوين أو الفتنة الطائفية أو انهيار مؤسسات الدولة. وانهى الفريق أول عبد الفتاح السيسى بيانه بالقول «إن القوات المسلحة تدعو الجميع، دون أى مزايدات لإيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها، ولدينا من الوقت «أسبوع» يمكن أن يتحقق خلاله الكثير، وهى دعوة متجردة إلا من حب الوطن وحاضره ومستقبله». ضجة القاعة بالتصفيق من الحاضرين، عمت حالة من الارتياح أوساط الشعب المصرى الغاضب، ولم يخف مرسى أو جماعته قلقهم من هذا الموقف الذى يمثل تحديًا لهم، وانحيازًا واضحًا لإرادة المصريين. فى هذا الوقت كان المثقفون والفنانون يواصلون اعتصامهم داخل مقر وزارة الثقافة، وقد عمت الفرحة جميع المعتصمين بعد سماعهم للبيان، وصمموا على الاستمرار فى الاعتصام حتى الثلاثين من يونيو. * • • أحدث البيان الذى ألقاه القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسى ردود فعل قوية لدى الشارع المصرى، بينما أثار حالة شديدة من القلق لدى جماعة الإخوان. فى البداية زعمت الجماعة أن البيان جاء بموافقة محمد مرسى إلا أن مصدرًا عسكريًا كذب هذه الادعاءات وقال «إن مرسى لم يلتق السيسى إلا فى الخامسة مساء، أى بعد إعلان البيان». فى كل الأحوال فإن اللقاء الذى جرى بين مرسى والسيسى شهد جدلًا واسعًا حول البيان الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة. لقد كان من رأى مرسى أن البيان يزيد الأمور اشتعالًا وأن جماعته ثائرة ورافضة لهذا البيان الذى هو من رأيه يشجع الرافضين لحكمه للخروج فى تظاهرات يوم الثلاثين من يوينو. وكان موقف السيسى واضحًا، عندما قال «إن القوات المسلحة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدى أمام المخاطر التى تهدد أمن البلاد، وأن عليه أن يستجيب للمطالب الشعبية وأبرزها إجراء استفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة. وبدلًا من أن يلجأ مرسى إلى صوت العقل راح يتحدث بغرور شديد بوصفه الرئيس المنتخب، والذى لا يتوجب التشكيك فى شرعيته. ولم يعط مرسى اهتمامًا لتحذيرات السيسى، وراح يؤكد أن الشعب يقف خلفه، باستثناء القلة المارقة والتى تحركها أهواء شخصية وطمع فى السلطة. وفى مساء هذا اليوم عقد اجتماع مصغر لمكتب الإرشاد، تقرر فيه إيفاد خيرت الشاطر نائب المرشد العام وسعد الكتاتنى عضو مكتب الإرشاد ورئيس مجلس الشعب السابق لمقابلة الفريق أول عبد الفتاح السيسى وتحذيره من مخاطر هذا البيان وتداعياته. وفى صباح اليوم التالى، الرابع والعشرين من يونية، طلب د.سعد الكتاتنى رئيس حزب الحرية والعدالة موعدًا عاجلًا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى للحضور إليه هو وخيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان. وقد أبلغه اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام، أن الموعد قد حدد له صباح باكر 25 يونيو، فى مساء ذات اليوم كان عدد من ينتمون إلى المذهب الشيعى يحتفلون بمولد الإمام المهدى حفيد الإمام على رضى الله عنه ف ليلة النصف من شعبان. وبينما كانوا مجتمعين فى منزل «حسن شحاته» أحد أبرز الشيعة فى مصر، هجم عليهم العشرات فى قرية زاوية أبو مسلم بالجيزة وقتلوا أربعة منهم وسحلوهم فى الشوارع وكان من بينهم حسن شحاته، كما أصابوا أخرين. وقد أحدث هذا الحادث حالة من الخوف والفزع لدى الكثيرين، خاصة أنه جاء بعد تحريض بعض أئمة السلفية خلال مؤتمر نصرة سوريا الذى عقد فى 15 يونيو بحضور محمد مرسى وقيادات مكتب الإرشاد وأكثر من عشرين ألفًا أخرين. فى صباح اليوم التالى، الرابع والعشرين من يونيو، كانت المظاهرات تزحف إلى مناطق متعددة فى المحافظات وأمام ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومناطق أخرى مهمة فى قلب القاهرة والجيزة. وفى صباح نفس اليوم، التقى الأستاذ محمد حسنين بعدد من شباب حملة «تمرد» وشدد عليهم خلال اللقاء على ضرورة الحفاظ على سلمية المظاهرات وعدم الانجرار إلى دعوات الإخوان وغيرهم التى تريد أن ينزلق الشباب إلى هاوية العنف فتضيع الحقوق مرة أخرى، وتمكين الإخوان من الاستمرار فى حكمهم. كانت حركة «تمرد» قد انطلقت فى الشوارع والميادين بهدف تعبئة المواطنين ليوم الثلاثين من يونيو، وكان الإخوان وأعضاء الجماعات المتشددة قد أنشأوا ما اسموه بحركة «تجرد» لمواجهة حركة تمرد. كانت الأجواء فى البلاد تنذر بتطورات مهمة وخطيرة وكان الإخوان وحلفاؤهم قد بدأوا فى تهريب الأسلحة إلى اعتصام رابعة، وبدأوا عمليات الحشد الواسعة انتظارًا ليوم الثلاثين من يونيو، بينما تصاعدت الدعوة إلى مظاهرات الجمعة المقبلة لدعم مرسى وحكم الجماعة. فى صباح الخامس والعشرين من يونيو، كانت حدة المظاهرات تشتد، وأعداد المعتصمين فى بعض المحافظات التى عين لها محافظون إخوان ومتطرفين تتزايد، بينما كان الجيش يتابع هذه التطورات عن كثب. فى وقت مبكر من هذا الصباح حضر خيرت الشاطر وبرفقته سعد الكتاتنى لعقد لقاء مع الفريق أول عبد الفتاح السيسى القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربى، وقد عقد اللقاء بمقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع وبحضور اللواء عباس كامل مدير مكتب القائد العام، وخلال اللقاء استمع السيسى لحديث خيرت الشاطر والذى استمر لأكثر من 45 دقيقة متواصلة. لقد نقل خيرت الشاطر إلى السيسى غضب مكتب الإرشاد والقوى الإسلامية من بيان التحذير الذى أعلنه أمام حشد من رجال القوات المسلحة ظهر يوم 23 يونيو، والذى حدد بمقتضاه مهلة أسبوع واحد للرئيس مرسى ولبقية القوى السياسية للتوصل إلى حل نهائى للأزمة التى تعيشها البلاد. كان وجه خيرت الشاطر عابسًا، وكان صوته عاليًا، مما أثار غضب السيسى الذى طلب منه تهدئة صوته والتحدث بهدوء أكثر من مرة. قال المهندس خيرت الشاطر: «إن البلاد تتعرض لمؤامرة خطيرة تشارك فيها قوي داخلية وقوي خارجية، وأن الأخطر أن هناك مؤسسات فى الدولة تساعد وتسعى إلى نشر الفوضي فى البلاد». وقال: «إنه يعز عليه وعلى جماعة الإخوان أن يصدر الفريق السيسى بيانًا هو أقرب إلى الإنذار ضد رئيس الدولة الشرعى، ويمنحه فيه سبعة أيام لإنهاء الأزمة، مع أن سيادتكم تعلمون من هو السبب وراء الأزمة والتصعيد الحاصل فى البلاد». وقال الشاطر: لقد استخدمتم سيادتكم لغة فى مخاطبة رئيس الجمهورية ما كان يجب استخدامها، وساويتم بينه وبين المخربين ودعاة الفوضى من جبهة «الخراب» التي نعرف أهدافها الحقيقية، إنه صراع على الكرسى يا سيادة الفريق بين أناس يريدون القفز على السلطة دون سند شرعى أو دستورى وبين رئيس منتخب انتخابًا حرًا مباشرًا. وقال: لقد تعرضت البلاد فى الفترة الماضية لأعمال عنف وتخريب، وأصارحك القول إننا تعجبنا لموقف الجيش من هذه الأحداث، والغريب أننا نري الآن جهاز الشرطة ينضم أيضًا إلى الجيش فى نفس موقفه، حيث أعلن وزير الداخلية أكثر من مرة أنه سيحمي المظاهرات السلمية مع أنه يعلم أنها مظاهرات تخريبية، والأخطر أنه صرح بأنه لن يحمى مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، وكأنه يمنحهم الضوء الأخضر لإحراقها، مع أنه يعرف ويعلم أن هذه المقرات مستهدفة من هؤلاء المخربين. وقال خيرت الشاطر: نحن حتى الآن نلتزم الهدوء وطلبنا من عناصرنا التحلي بالصبر حرصًا على أمن البلاد، ولكن الناس لن تسمع كلامي بعد ذلك وهي ترى المؤامرة تنفذ والجيش يحذر والشرطة تشجع.. أنت تعرف يا سيادة الفريق أول أن مصر بها آلاف الآلاف من المسلحين الإسلاميين دخلوا البلاد في فترة الثورة وما بعدها، وتعرف أن لديهم أسلحة متنوعة، ولا أحد يستطيع السيطرة على هؤلاء. وقد جاءتني معلومات موثقة أن هؤلاء لن يقفوا مكتوفى الأيدي وهم يرون المؤامرة تنفذ، ولن يسمحوا أبدًا بسقوط الشرعية وسقوط الرئيس، خاصة أنهم يعرفون أن الدولة «العميقة» أفشلت كثيرًا من تطلعات وطموحات الرئيس وكأنها أصبحت طرفًا فى المؤامرة ضده. وقال الشاطر: «إن هذا التحذير الذي أعلنته يزيد الأوضاع اشتعالًا ويشجع المخربين على الاستمرار فى مخططهم، وأرجوك ألا تنسي أن الرئيس مرسي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وأن بإمكانه اتخاذ أخطر القرارات، وهو رئيس له رصيده الشعبي الكبير، كما أن المجتمع الدولي وأمريكا لن يتركوا الأمور تمضي كما يريد البعض، بل سيدافعون عن الشرعية بكل ما يملكون». وقال: «نحن لا نريد أن نفتح الأبواب أمام تدخل دولي في شئون مصر، ولكن من يظن أن أمريكا والغرب سيظلان صامتين أمام أي محاولة للانقلاب على الشرعية فهو واهم ولذلك أطلب منك ياسيادة الفريق أن تسحب هذا الإنذار، وأن تحمى الشرعية وأن تحافظ على استقرار البلاد. ظل السيسى صامتًا، يستمع دون أن يحرك ساكنًا، كأنه أراد أن يعرف ويتعرف على آخر ما لديهم. السيسي لـ الشاطر: «لقد أضعتم كل شىء وخربتم البلد، وأفشلتم التجربة وأحبطتم الشعب الذى مارستم عليه القهر والإذلال» وأضاف السيسي «عندما وصلتم إلى السلطة لم نعترض طريقكم وارتضينا بخيار الشعب رغم الإرهاب الذى مارستموه على الجميع، انتظرنا منكم الكثير، لكن للأسف منذ البداية تعمدتم الإساءة للقوات المسلحة وللشرطة وللشعب المصري» وبعد أن انتهى الشاطر من حديثه، سأله الفريق السيسي قائلا: «أنتم عايزين إيه بالضبط، لقد أضعتم كل شىء وخربتم البلد، وأفشلتم التجربة وأحبطتم الشعب الذى مارستم عليه القهر والإذلال». وأضاف «عندما وصلتم إلى السلطة لم نعترض طريقكم وارتضينا بخيار الشعب رغم الإرهاب الذى مارستموه على الجميع، انتظرنا منكم الكثير، لكن للأسف منذ البداية تعمدتم الإساءة للقوات المسلحة وللشرطة وللشعب المصرى.. وإذا كان هناك من مسئول عن الأحداث التى تشهدها البلاد فهو أنتم، بعد أن أصدرتم الإعلان الدستورى فى شهر نوفمبر من العام الماضى والذى دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة فكان إعلانًا للفتنة». وقال السيسى: دعوني أقول إن «البلاد منذ هذا الوقت وهي تنتقل من مرحلة إلى مرحلة أخطر، وحتى عندما حاولت القوات المسلحة أن تدعو إلى مائدة حوار بين الجميع، رفضتم ذلك وعلمت أن د.محمود عزت اتصل بالرئيس وطالبه بإلغاء الحوار وعرفت أيضًا أنك لم تكن مشجعًا لهذا الحوار، رغم أننى تحدثت مع د.أحمد عبد العاطى وأبلغته بالهدف من وراء الحوار فاتصل بي الرئيس محمد مرسي بنفسه وأيد الفكرة، لقد تعمدتم وضع القوات المسلحة في موقف صعب، ومع ذلك تحملنا الإهانة وصمتنا، وليتكم صمتم، بل فوجئنا بالمرشد يتقول على القوات المسلحة ويحرض الجنود والضباط على قادتهم، وياليت الأمر توقف على ذلك، لقد كنا مستعدين أن نتحمل الإهانة ولكن إهانة الوطن وتهديد أمنه واستقراره أمر لم نكن نستطيع الصمت عليه». وقال السيسى: أنتم تعلمون أننى حذرت الرئيس أكثر من مرة، وقلت له فى شهر نوفمبر إن إعلانه الدستوري سيقود البلاد إلى فرقة وإلى عنف لن يتوقف بسهولة، وقلت له فى فبراير: إن مشروعه فشل ولم يحقق أي نتائج ترضي الجماهير بسبب سوء الإدارة وتعمد إقصاء المجتمع كله، وقلت له إن الولاء يجب أن يكون للدولة وليس للجماعة لكنه لم يستمع إلى النصائح المخلصة. وقال القائد العام: إن التحذير الأخير كان هدفه حث الجميع وأولهم الرئيس على انقاذ الموقف قبل 30 يونية وذهبنا إليه يوم 22 يونية، وقلنا له إن القوات المسلحة لن تسكت وستطالب جميع الأطراف بضرورة حل المشكلة قبل الانفجار المتوقع، لكن أحدًا لا يريد أن يسمع، وإذا سمع فهولا يلتزم ولا ينفذ ولا يستجيب. وأضاف: لقد أسأتم للدين وكفرتم المصريين جميعًا بالفتاوي التي لا تمت للدين بصلة، وأريد أن أقول لكما نحن لا نتهدد، وأنا أرفض اللغة التي تتحدث بها معي، وأرجو ألا أسمع هذا الكلام منك أو من غيرك مرة أخرى، وأرجو منك ومنكم جميعًا أن «تلموا» عناصركم وتوقفوها عن التطاول على القوات المسلحة، أنا أعلم أن حازم أبو إسماعيل وغيره لا يقول كلامًا إلا بالتشاور معكم، والجيش لم يعد مستعدًا للقبول بالإهانة، وأنا أهدئ من مشاعر الضباط والجنود، لكنى لم أعد أستطيع بعد أن وصلت الإهانات حدًا لا يمكن السكوت عليه. وقال: يؤسفنى أن أقول لك إنكم وضعتمونا أمام خيار من اثنين «يا إما تقتلونا أو تحكمونا» وهذا منطق مرفوض، أين حديثكم عن الديمقراطية وعن احترام إرادة الشعب، الناس لم تعد تثق فى هذه الوعود، وأنا أحذر مجددًا من التعامل بلغة الغرور والتعالى على الناس وعلى القوات المسلحة. - هنا تدخل د.سعد الكتاتنى وحاول تهدئة الأجواء وقال: «نحن نقدر للقوات المسلحة مواقفها المتعددة وحرصها على الاستقرار والأمن ولكن نحن الآن أمام مؤامرة تحاك ضد الشرعية، فما هو الحل». - قال الفريق أول السيسى: «المؤامرة هي في أذهانكم أنتم فقط، هذا شعب مسالم، لكنه ضج من الاستهانة به، انتظر الرخاء على أيديكم فإذا به يواجه القتل والمرض والجوع والخراب، انتظر بناء الدولة فإذا به أمام حكم الجماعة وأمام رئيس لا يخاطب سوى أنصاره من الجماعة والإسلاميين، ونسي أن هناك شعبًا قوامه 90 مليونًا، أنا أرفض تهديد الجيش من الميليشيات أو من أمريكا كما يحاول المهندس خيرت الشاطر أن يوحي فى حديثه، نحن لا نخاف من أحد، ولسنا طامعين فى السلطة ولا نريد العودة للمشهد السياسى مرة أخرى، فكفانا ما لاقيناه من إهانة منذ ثورة 25 يناير وكنا نعرف من الذي يحرك ومن الذى يحرض وظننا أنه بوصولكم للسلطة ستتعاملون مع الشعب والجيش بشكل مختلف، ولكن للأسف فإن ذلك لم يحدث، بل العكس هو الصحيح، لقد ازدادت شراستكم وأحدثتم الانقسام فى البلاد وأصبح الأخ يكره أخاه، وبدأ المصريون يشهدون أخطر مرحلة فى تاريخهم، وكان الكل يعى أنكم أنتم وراء ذلك، إن الحل فى تقديرى هو أن يقوم الرئيس والجماعة بالاستماع إلى صوت الشعب وتلبية مطالبه، وأنا لا أعرف عن أي استقرار يتحدث المهندس خيرت الشاطر وأنتم فى مشاكل مع الجميع: القضاء والشعب والشرطة والجيش ماذا تريدون بالضبط؟! حلوا مشاكلكم مع كل هؤلاء تنتهى الأزمة!! - قال الكتاتنى: ومن قال إننا ضد الحل، فقط نحن نلوم على صدور بيان من القوات المسلحة يحذر فيزيد النار اشتعالًا ويقوى العناصر المناوئة ويجعلها تصر على تهديد أمن البلد في 30 يونية. - قال السيسى: سواء أصدرت القوات المسلحة تحذيرها أو لم تصدر، فالشعب سيخرج في 30 يونية القادم وأنا أحذر من غضبة الشعب، وكان بيان القوات المسلحة هو إبراء للذمة أمام الجميع، ونحن لن نسمح أبدًا بسقوط الدولة أو إذلال الشعب، ولن يجرؤ ضابط أو جندي في أن يوجه الرصاص إلى صدور المصريين، لن يكون هناك حل أمني ولن نسمح به أبدًا وجيش مصر سيحمي شعب مصر، وأنا أحذر أيضًا من تهديدات الأخ خيرت الشاطر باستخدام السيسي ردا على تهديدات الشاطر بالميليشيات: «أقسم بالله العظيم أن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا على الشعب، حل الأزمة ليس بالتهديد أو الوعيد كما يقول الأخ خيرت، ولكن الحل فى يدكم أنتم، اطلبوا من الرئىس الاستجابة لمطالب الشعب» الميليشيات ضد الجيش أو الشرطة أو الشعب، أقسم بالله العظيم أن أولادنا حياكلوهم ويقطعوهم لو فكروا يعتدوا على الشعب، حل الأزمة ليس بالتهديد أو الوعيد كما يقول الأخ خيرت، ولكن الحل فى يدكم أنتم، اطلبوا من الرئىس الاستجابة لمطالب الشعب، الناس تريد الاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة، لماذا تخافون، لو كان الشعب معكم أهلًا وسهلًا، لو كان الشعب يريد انتخابات رئاسية مبكرة فلماذا لا نحترم رغبته، أرجوكم انقذوا البلد، الحل فى أيديكم ونحن سنكون سندًا وعونًا لكم إذا استجبتم لمطالب المصريين. - قال الكتاتنى: أعدك بأننا سنفكر فى الأمر جيدًا وسنتواصل مع الرئيس، بحيث يتضمن خطابه غدًا مفاجآت سارة للشعب تنهي الأزمة وتضع حدًا للخلاف. - قال السيسى: على بركة الله ونحن فى الانتظار لقد سبق أن قدمنا 3 تقارير للرئيس حذرنا فيها من خطورة الموقف، وطرحنا فيها حلولًا للأزمة لكنه لم يستجب لأي من المطالب المرفوعة، وسأعطيها لكما، ولكن المهم فى الأمر هو الاستجابة السريعة لمطالب الشعب، وهنا طلب السيسى من اللواء عباس كامل تسليم هذه التقارير إليهما. - قال الكتاتنى: سننظر فى الأمر ونبلغك بالموقف النهائى. انصرف الشاطر والكتاتنى، كان الغضب باديًا على وجهيهما اتجها على الفور إلى مقر جماعة الإخوان بالمقطم، كان المرشد العام محمد بديع وبعض أعضاء مكتب الإرشاد فى انتظارهم، استمعوا إلى عرض الشاطر عن وقائع ما حدث، واتفقوا على حشد عناصرهم فى اليوم التالى أثناء إلقاء مرسى لخطابه فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر. وكانت الخطة الأخرى، هى التحضير لاستفزاز السيسى وقادة الجيش الذين سيشاركون وأيضًا وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم والقبض عليهم جميعًا، وتجهيز اللجان النوعية للقبض على العناصر المستهدفة والاستعداد لاستلام المنشآت الاستراتيجية والسيطرة عليها، حال صدور تعليمات بذلك.