
نتنياهو إلى واشنطن: صفقة في غزة تمهيداً لمسار إقليمي شامل
واشنطن
، في زيارة هي الثالثة من نوعها إلى
الولايات المتحدة
خلال ستّة أشهر، غير أن هذه المرّة "يبدو الأمر مختلفاً" وفقاً لما أوردته صحيفة "معاريف"، اليوم السبت. فهي ليست رحلة أخرى لاستعراضات وديّة، أو إعلانٍ عن وحدة الحلفاء. وراء الزيارة بحسب الصحيفة "يجثم هيكل مختلف تماماً: خطة أميركية مُحكمة التنظيم، ورئيس أميركيٌ حازم، وضغطٌ من جميع الجهات، لم نشهد له مثيلاً منذ زمنٍ طويل".
طبقاً للصحيفة فإن، الرئيس الأميركي،
دونالد ترامب
، في نسخته الرئاسية الحالية -العدوانية، الحازمة، والعفوية- قليل الصبر وهو من يُملي وتيرة الأمور. ومع أنّ الإطار العام للصفقة هو نفسه تقريباً، مع تغييرات وتعديلات غير جوهرية، لكن الوضع ليس هو نفسه. وعلى هذه الخلفية يصل نتنياهو إلى البيت الأبيض مصحوباً برسائل تفاؤلية تسعى إلى تضييق الفجوة بين المنشود والقائم.
على جدول أعمال الزيارة صفقة لوقف إطلاق النار في غزة تمتد 60 يومياً، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس على دفعات، وتجديد إدخال المساعدات الإنسانية، وربما البند الأهم في المقترح هو الانتقال إلى محادثات حول إنهاء الحرب، فيما البند الأخير يتعلق برؤية ترامب حول الشروع في حوار سياسي إقليمي واسع، يتجاوز غزة.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب يُصر على كسب تأييد الجميع، وهو من يُحدد ما سيحدث أو لا يحدث؛ وقد حذّر في إحدى تغريداته: "لن يتحسن الوضع، بل سيزداد سوءاً". وكما تضيف الصحيفة، فإن السؤال المركزي ليس "ما الذي يريده ترامب؟"، وإنما ما الذي بإمكان نتنياهو تحصيله وبأي انعكاسات على إسرائيل. فالصفقة المطروحة على الطاولة ليست بعيدة عن المقترحات التي نوقشت سابقاً. وعلى الرغم من أنها غير مختلفة، فإن ما حرّكها هذه المرّة هو ترامب نفسه.
رصد
التحديثات الحية
نتنياهو يهاجم زامير لقوله إن الجيش لا يستطيع السيطرة على سكان غزة
وتقول الصحيفة إن الرئيس الأميركي لم يكن هذه المرّة حاضراً في المقترح فحسب، بل يُصرّ -كعادته- على أن يكون في محوره. فقد التقى مبعوثوه بمسؤولين إسرائيليين، ونُقل اقتراح أميركي مُحكم الصياغة إلى القطريين. ويُرافق الرئيس الحالي المفاوضات بتصريحات مكررة ومنشورات على شبكته "تروث سوشال". وحسب الصحيفة، فقد حدد الأميركيون هدفاً واضحاً وهو المضي قدماً في الاتفاق حتى الوصول إلى نتيجة خلال زيارة نتنياهو، ما يعني تحقيق اختراقة أو على الأقل مسارا لا رجعة فيه، بالنسبة إلى مفاوضات الصفقة.
إلى جانب المقترح السياسي، يطرح ترامب أيضاً دعماً استراتيجياً. ففي الأيام الأخيرة، نوقشت اتفاقية أخرى للمساعدة العسكرية لإسرائيل، تشمل تسليحاً دقيقاً لمنظومات الدفاع الإسرائيلية وأخرى للهجمات العميقة. والرسالة الأميركية خلف هذه المداولات "واضحة"؛ حيث يقول ترامب لإسرائيل: "إذا أبرمتم صفقة، سنضمن الأمن، وإن لم تُبرموها، فسنلجأ إلى أساليب أخرى".
نتنياهو وصراع البقاء السياسي
على الرغم من أن نتنياهو عمد إلى إحباط الصفقات السابقة، يبدو هذه المرة "معنياً بها" وفق الصحيفة. والسبب أنّ لديه مصلحة واضحة بالتوصل إلى اتفاق، وتستدل على ذلك بأن "من استمع إليه في المناقشات الأخيرة تكوّن لديه انطباع بأنه بين تصعيد القتال ووقف إطلاق النار، يُفضّل الخيار الثاني".
أسباب ما تقدّم تعزوها الصحيفة إلى أن إطلاق سراح الأسرى -حتى لو كان جزئياً- يُمثّل ورقة سياسية رابحة؛ تمكنه من تقديم "إنجاز أخلاقي"، وكبح الانتقادات الداخلية والخارجية، والمضي قدماً نحو آفاق سياسية جديدة. لكن ثمن إنهاء الحرب بحسبها يعني أن "حماس ستبقى في القطاع. (وخصم نتنياهو السياسي المنافس، رئيس الحكومة الأسبق) نفتالي بينيت في الخارج، وشركاؤه اليمينيون في الداخل -جميعهم بدأوا بالفعل في استيعاب القصة. نتنياهو في وضع كلاسيكي: المبدأ مقابل البقاء. وبالرهان على التجارب السابقة، فإن البقاء عادةً ما ينتصر"، في إشارة إلى أن نتنياهو طالما نجح في البقاء على سُدة السلطة رغم كل الصعاب التي اعترضت طريقه.
رصد
التحديثات الحية
تعطّل "عربات جدعون" في غزة لا يوقف الإبادة ودفع الغزيين نحو سيناء
وفي الأثناء، تتصاعد حالة التأهب والتوتر بالتزامن مع التقارير عن تقدم في محادثات صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وهي تقارير تهزّ، وفقاً للصحيفة، ليس فقط المجلس الأمني المصغر (الكابينت)، بل المنظومة السياسية برمتها؛ حيث يعود السؤال، الذي طواه النسيان نوعاً ما في الأشهر الأخيرة، إلى الواجهة من جديد: "هل ستُسقط الصفقة الحكومة؟" وبينما كانت الإجابة بديهية قبل فترة، فإنها "تبدو مغايرةً كلياً هذه الأيام".
وبحسب الصحيفة، فإن الافتراض الذي يُبنى عليه أي تقييم منطقي هو أن لا أحد يرغب في الانتخابات. لا الائتلاف ولا المعارضة. وبينما تبدو كلمة "انتخابات" مرعبة للجانبين على حدٍ سواء، يبدو أن نتنياهو اليوم هو الوحيد الذي لا يُصاب بالهلع عند سماعها. فرغم الكلام والتهديدات، الغالبية العظمى من أعضاء المعارضة لا يريدون انتخابات الآن. السبب الأول، وفقاً للصحيفة هو تقني-سياسي: فالمعارضة بأكملها منقسمة؛ حيث استقال غادي آيزنكوت من "المعسكر الوطني"؛ وينشر بينت تلميحاتٍ مثيرة (عن رغبته في خوض الانتخابات)، لكنه لم يُبرم أي اتفاق بعد؛ ويئير لبيد (رئيس حزب الديمقراطيون) ليس راضياً تماماً عن نتائج استطلاعات الرأي. وفي هذه الحالة، فإن المعارضة ليست مستعدة للمنافسة إطلاقاً.
والسبب الثاني، وفق "معاريف" يبدو أكثر تعقيداً: "فمن الواضح تماماً أن الليكود سيقف في الانتخابات المقبلة مع زعيمين سيقودانه في الحملة الانتخابية- بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب. ومع أن ترامب لا يمكن أن يكون لاعباً رسمياً في السياسة الإسرائيلية، إلا أنه سيكون جزءاً من الحملة". وتستدل على ذلك بالنصين اللذين نشرهما الرئيس الأميركي على منصته داعياً فيهما إلى إلغاء محاكمة نتنياهو. وطبقاً للصحيفة، فإن "ترامب ونتنياهو ينسقان بالفعل قبل الانتخابات، والمعارضة ترى ذلك بعين الريبة، فالليكود لا يزال قادراً على الفوز بدعم من واشنطن".
رصد
التحديثات الحية
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تفضل صفقة شاملة تنهي حرب غزة مؤقتاً
على المقلب الآخر، يقف بيني غانتس، الذي عاد أخيراً زعيماً لتحالف "أزرق أبيض" بعد استقالة آيزنكوت وتفكك "المعسكر الوطني". وبحسب الصحيفة، فإن وضعه يتدهور في استطلاعات الرأي منذ انسحابه من حكومة الطوارئ، وحتى خطابه الذي يُروج لـ"معارضة مسؤولة" لم يعد يُثير حماسة الجمهور. وتضيف الصحيفة: "لكي ينجح غانتس سياسياً، عليه أن يُجري تغييراً استراتيجياً، فهو لا يملك القدرة على منافسة زميليه في المعارضة لبيد وغولان". وفي هذه الحالة، فإن عودة غانتس إلى حكومة نتنياهو قد تخدمه؛ فإذا أقدم الأوّل على ذلك، ستُصوّر عودته إلى الائتلاف الحاكم، ليس كاستسلام، بل كقيادة لخط متوازن: ائتلاف وطني واسع، يهودي وصهيوني، ويكون قادراً على تحقيق خطوات مهمة تتجاوز صفقة التبادل؛ بينها قانون التجنيد، وإصلاحات اقتصادية، وغيرها. وعلى هذا الأساس فإن الرسالة التي قد ينقلها غانتس في سيناريو الانضمام إلى الحكومة ستكون على النحو التالي: "أنا لست بديلاً عن الليكود، أنا القوة القادرة على كبح جماح الليكود وشركائه (المتشددين) من الداخل".
معايير ويتكوف
يختلف الوضع الحالي للوزيرين، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، عن ذي قبل. يعارض الوزيران الصفقة، ومعارضتهما مبدئية. في الوقت نفسه، لا يتعجلان تفكيك الحكومة. والسبب بحسب الصحيفة هو أن سموتريتش لا يسيطر إلا جزئياً على حزبه، وأنصاره مترددون في الذهاب إلى الانتخابات في ظل استطلاعات رأي لا تبشر بالخير. أمّا بن غفير، الذي يستعد للانتخابات المقبلة، فيحاول بناء صورة وطنية أكثر توازناً، وهو يدرك أن الحملة ضد نتنياهو لا طائل منها حالياً.
وحتى لو انطلقت الصفقة، وما دامت ضمن المعايير التي وضعها المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، فمن المحتمل ألا يتعجل كلٌّ من بن غفير وسموتريتش خطوات الانسحاب. وعليه سيبقى الائتلاف مستقراً، وربما تتوسع قاعدته إذا فاجأ غانتس الجميع (بالانضمام إلى الحكومة).
وبالعودة إلى زيارة نتنياهو، فإن بنوداً استراتيجية حاسمة على جدولها إلى جانب صفقة التبادل، وأوّلها إيران؛ حيث يسعى نتنياهو إلى ترسيخ "حرية عمل" إسرائيل في إيران عسكرياً ويرغب في الحصول على ضمانات من الرئيس ترامب بذلك. أمّا البند الثاني فهو سورية والتوصل إلى اتفاق أمني معها وترتيبات معينة تبقي قنوات الاتصال مفتوحة بين الجانبين وتمهد لتعريف جديد للعلاقة بينهما.
وعلى الرغم من كل ما تقدّم، لم تجزم الصحيفة بتحقق أي شيء؛ حيث يعتمد الأمر سواء بالنسبة للحرب في غزة، أم مسار المواجهة مع إيران، أو "ترتيب العلاقات" مع سورية على ما سيحدث يوم الاثنين المقبل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
مجزرة بالنصيرات ومقتل وإصابة جنود في بيت حانون
بينما تعيش غزة تحت وطأة قصف إسرائيلي عنيف وغارات متواصلة تستهدف مناطق مختلفة من القطاع ، ونسف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، ووسط أزمة إنسانية خانقة وارتفاع أعداد الشهداء، يسود الترقب لما قد يعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمناسبة استقباله اليوم في البيت الأبيض رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويُعقد اللقاء فيما تتواصل الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة . ونقلت وكالة رويترز، أمس الاثنين، عن مسؤولَين فلسطينيين قولهما إن الجلسة الأولى من محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة انتهت من دون نتيجة حاسمة، مشيرَين إلى أن الوفد الإسرائيلي غير مفوض بشكل كاف للتوصل إلى اتفاق و"لا يملك صلاحيات حقيقية". ووصفت القناة 12 العبرية مفاوضات الدوحة بأنها "جيدة"، وقالت في تقرير وفق ما أوردته وكالة "الأناضول": "حتى الآن، فريق التفاوض لا يضم كبار مسؤولي الأجهزة الأمنية، (مثل رئيس الموساد ديفيد برنيع أو اللواء نيتسان ألون)، الذين سينضمون لاحقاً إذا اقتربت الأمور من الحسم". وأضافت: "مع ذلك، هناك تفاؤل حذر، حيث تنتظر جميع الأطراف ما ستُسفر عنه التفاهمات بين ترامب ونتنياهو". وكانت إسرائيل قد أعلنت، مساء السبت، أنها سترسل فريق تفاوض إلى قطر لإجراء محادثات تهدف إلى تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، وذلك بعد أن كانت حركة حماس هي الأخرى قد قالت، الجمعة، إنها "جاهزة بكل جدية للدخول فوراً" في مفاوضات بشأن آلية تنفيذ مقترح وقف إطلاق النار مع إسرائيل في غزة برعاية الولايات المتحدة وبوساطة مصر وقطر. من جانبها، أعلنت وزارة الصحة في غزة وصول 105 شهداء و356 مصاباً إلى مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرة إلى ارتفاع حصيلة الضحايا منذ استئناف الحرب في الثامن عشر من مارس/آذار الماضي إلى 6 آلاف و964 شهيداً و24 ألفاً و576 مصاباً، ومجمل الضحايا منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 57 ألفاً و523 شهيداً و136 ألفاً و617 مصاباً. "العربي الجديد" يتابع تطورات حرب الإبادة على غزة أولاً بأول..


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
تطبيع سورية وإسرائيل... الرحى تعرك السلام دائماً
بعد ثلاث سنوات تقريباً من صعود حافظ الأسد إلى رئاسة سورية وتخطيطه أن يكون الحاكم الأوحد إلى الأبد، ارتأى أن تعزيز ذلك لا بد أن يكون عبر إسرائيل، يتخذها جسراً للعبور عليه محققاً غاياته، فكانت حرب 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 التي اقتات عليها الأسد حتى نهاية حكمه، مستعيداً أجزاء من هضبة الجولان المحتلة ومدينة القنيطرة، فبنى عقيدة بقي يرفل بها حتى وفاته في العام 2000، وبأنه محرر البلاد، ومردداً بأنه يريد استعادة الجولان المحتل بالكامل. غرق حافظ الأسد في ثمانينيات القرن الماضي في صراعاته الداخلية مع جماعة الإخوان المسلمين، والعائلية مع شقيقه رفعت. وعندما استتب الأمر له حوّل أنظاره نحو لبنان، ودخل في حروبه الداخلية حتى استطاع فرض الوصاية السورية عليه. في تلك الفترة عاشت سورية عزلة دولية، وحصاراً اقتصادياً ضيّق الحياة على الناس وصارت المعيشة قاسية مضنية. الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، رئيس المخاطر والمتاعب لحافظ الأسد وعدوه "الأيديولوجي-السياسي"، الموجود على حدوده الشرقية، أنقذه من عزلته الدولية ووضعه الهش، بعد غزوه الكويت في العام 1990. جاءت الفرصة بقدميها إلى حافظ الأسد الذي لا يضيّع لحظات كهذه، ويجيد التعامل مع اللحظات البراغماتية والتوازنات الدولية، فسرعان ما انخرط في التحالف الدولي لإخراج العراق من الكويت، ساعياً إلى إعادة إدماجه في المنظومة العالمية، تحديداً الأميركية. وهو ما كان عندما وصل إلى البيت الأبيض الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون (1994) الذي بنى علاقة وثيقة مع الأسد، وسعى جاهداً إلى عقد سلام بين سورية وإسرائيل إتماماً لاتفاقي أوسلو عام 1993 ووادي عربة عام 1994. مفاوضات شاقة بين سورية وإسرائيل انخرطت دمشق في مفاوضات شاقة مع الإسرائيليين برعاية كلينتون، الذي خال أن السلام السوري الإسرائيلي سيطفئ نار المنطقة، حتى حصلت سورية على ما يعرف بـ"وديعة رابين" التي تعهد فيها رئيس وزراء الاحتلال الراحل إسحق رابين، بالانسحاب الكامل من الجولان والاتفاق مع الجانب السوري على تفاصيل أمنية وسياسية واقتصادية. فقد كان رابين يمنّي نفسه بإنجاز سلام مع سورية، يكمل به مشروعه في السلام مع "دول الطوق"، ويختتم به حياته السياسية، لكن اغتياله عام 1995 عطّل المفاوضات آنياً، إلى أن عادت في أواخر عهد حافظ الأسد، المريض والذي يهيئ الأجواء لتسليم ابنه بشار الرئاسة، بإصرار من كلينتون فكانت مفاوضات شيبردزتاون التي لم تصل إلى المرجو، بسبب الاختلاف على جزئيات حول بحيرة طبرية ومصادر المياه، وتنكر إسرائيل لـ"وديعة رابين"، فحاول كلينتون إعطاءها الأمل بلقاء الأسد في جنيف قبل وفاته في 10 يونيو/ حزيران 2000 بثلاثة أشهر. أدرك الأسد الأب أن السلام مع إسرائيل القطعة المفقودة التي ستوفر له ضمان حكمه وتوريث ابنه عقب استيعاب المنطقة عموماً، وسورية خصوصاً، تداعيات الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وسقوط نظام الرئيس صدام حسين، بدأ الطرفان السوري والإسرائيلي يتبادلان التصريحات عن استئناف المفاوضات من دون شروط. لكنها كانت تصطدم في سياقات مُجاورة توقفها في مكانها، كاغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري (2005) وحرب يوليو/ تموز (2006) والعدوان على غزة في ديسمبر/ كانون الأول 2008 والذي استمر 21 يوماً. ويقال إنه كان السبب في تراجع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عن لقاء مسؤولين إسرائيليين في تركيا بوساطة من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. أخبار التحديثات الحية ويتكوف: التطبيع بين إسرائيل ولبنان وسورية أصبح احتمالاً حقيقياً بقي السلام مع إسرائيل في عهد الأسدين كشعرة معاوية التي لا يريد الطرفان أن يقطعاها. الأسد الأب أدرك أنها القطعة المفقودة التي ستوفر له ضمان حكمه وتوريث ابنه، والأسد الابن جعلها عملاً يتقدم ويتأخر فيه بحسب المقتضيات والظروف الدولية، يرمي بها وقتما تتطلب مصلحته الشخصية، أو يسحبها عندما يوقن أن أوضاعه غير مهيأة ولا تتوفر له الظروف المنشودة. توغل إسرائيل في جنوب سورية اليوم، تتوغل إسرائيل في جنوب سورية، وتصل في مرات كثيرة إلى أماكن تبعد عن دمشق عشرات الكيلومترات فقط، تحتل أراضيَ وتثبت فيها نقاط ارتكاز وتدمر بيوت الأهالي وتعتقلهم وتقتلهم، محاولة تهجيرهم كي تتمكن من توسيع المنطقة العازلة بعد تخليها عن اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974، مطالبة بأن يكون الجنوب السوري خالياً من السلاح ومن وجود الجيش السوري، عقب تدميرها القدرات العسكرية جميعها. وما تزال مستمرة في تحطيم البنى التحتية للقواعد التي ظل النظام السابق يبنيها 51 عاماً ليحاربها بها، فقد كان يكوّم الأسلحة ويقتطع من ميزانية الدولة ويفقر الشعب لـ"الدفاع عن البلاد ومهاجمة إسرائيل" التي عاشت هدوءاً على الجبهة مع سورية بعد حرب 1973، فذاك السلاح المخزن منذ عشرات السنين وجد طريقه للاستخدام ضد الشعب الذي خرج إلى الشوارع ربيع عام 2011. ما انفك الرئيس السوري أحمد الشرع يدلي بتصريحات، منذ إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر 2024، بأن سورية لن تشكل تهديداً لأحد من جيرانها، فالقوة العسكرية مدمَّرة، والبلاد منهكة بلا موارد، حتى اعترف للمرة الأولى في 7 مايو/ أيار الماضي، رداً على مراسلة تلفزيون العربي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، بأن بلاده تخوض محادثات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء بهدف تهدئة الأوضاع. وأضاف، في ردّه على سؤال المراسلة: "استقرار سورية يعني استقرار المنطقة وأوروبا والعالم أجمع"، مبيناً أن على إسرائيل "وقف تدخّلها في سورية". إذاً حمّل كثر الشرع ما لا يريد، فهو منذ وصوله إلى دمشق لم يدعِ المقاومة، ولن يكون خط الدفاع الأول ضد إسرائيل، وبأنه لن يستقر على الحدود يحاربها، فلا قدرات عسكرية متاحة ولا جيش مهيأ لذلك. تتخذ السلطة السورية الحالية خطاباً سياسياً واقعياً براغماتياً، مستغنية عن الشعارات الثورية الرنانة. تتجه تحليلات عديدة إلى أن دمشق تسارع إلى تقديم تنازلات لتل أبيب أولاً وخلفها واشنطن، مبررة ذلك بأنه تجلى في رفع العقوبات الاقتصادية الذي تحقق سريعاً، وتواتر التصريحات الأميركية والإسرائيلية في الآونة الأخيرة بأنه يجب على سورية وإسرائيل الوصول إلى اتفاقية سلام. وتشير التحليلات إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يستنسخ تجربة بيل كلينتون في دفعه عملية السلام في الشرق الأوسط، ولا سيما أن ترامب بدأ ذلك في ولايته الأولى (2017-2021) بإدخال دول عربية عديدة في "اتفاقيات أبراهام" (التطبيع) كونه قادراً على التنفيذ، ويجعل الأقوال أفعالاً، وسعيه نحو جائزة نوبل للسلام واضح متجلٍّ، فهو ليس مهذاراً كما الشائع، بتغريدة يوقف حرباً ويشعل أخرى ويلقي أوامره على الملأ وما عليهم سوى التنفيذ. ترداد التطبيع والسلام مع إسرائيل يجعل السوريين يألفونه ويتعايشون معه الوقائع الحالية تظهر أن سورية تحث خطاها نحو التطبيع مع إسرائيل، فشاع أن التواصل أمسى مباشراً بتسريبات تأتي من هنا وهناك، والقيادة السورية لا تنفيها. إنها صامتة عن شرح ما ترمي إليه. ففي أواخر مايو الماضي، اكتفى قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء العميد أحمد الدالاتي بنفي مشاركته في مفاوضات مع إسرائيل، وقال إن هذه الادعاءات "تفتقد إلى الدقة والمصداقية". كان هذا النفي شخصياً، أي أن الدالاتي لم يشارك فيها، ولكن لم ينفها عموماً عن غيره، خصوصاً أن الشرع أكد وجود مشاورات في بدايات الشهر ذاته. أما في يونيو الماضي، فلم يمر يوم من دون ذكر لمحادثات ومشاورات سورية إسرائيلية، حتى أبدت إسرائيل، أواخر الشهر الماضي، "اهتمامها" بالتطبيع مع سورية ولبنان. أي ثمن للسلام... وبأي آليات؟ بأي ثمن سيكون ذلك، وبأي آليات؟ يتردد إسرائيلياً أن أي سلام سيكون بلا الجولان، وسورية ترد بأن السلام لن يكون إلا بعودته. انطلقت المشاورات السورية الإسرائيلية عبر قنوات عدة، أذربيجانية وإماراتية وتركية، حتى شاع أن الاجتماعات صارت مباشرة بين الطرفين على مستوى رفيع، بحسب تسريبات إعلامية، وبأن الاتفاق سيكون قبل نهاية العام الحالي، لكن مصدراً رسمياً في الحكومة السورية علّق على تلك الأنباء لقناة "الإخبارية السورية"، في 2 يوليو/ تموز الحالي، بأن "التصريحات المتعلقة بتوقيع اتفاقية سلام مع الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الراهن سابقة لأوانها". وأشار المصدر إلى أنه "لا يمكن الحديث عن احتمالية التفاوض حول اتفاقيات جديدة إلا بعد التزام الاحتلال الكامل باتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 وانسحابه من المناطق التي توغل فيها". يبقى الكلام والكلام المضاد اختباراً وضغطاً من كل طرف على الآخر، لكن الواضح أن المناقشات محتدمة بين الضفتين، بإشراف عربي ودولي. أما السوريون فهم منهكون، بيوتهم خراب، متأزمون اقتصادياً، رأيهم الجمعي تفتت، فكأنهم يرون أن رحى الحرب تعرك السلام دائماً. يبتغي السوريون هنا صوتاً موحداً جامعاً يمسك بيدهم ويرسم لهم معالم يهتدون بها ويسيرون وفقها. إن ترداد التطبيع والسلام مع إسرائيل يجعل السوريين يألفونه ويتعايشون معه كأنه أمر واقع خِيط لهم وهم غير مسؤولين عنه، مكررين "بدنا نعيش"، إذ لا يريدون أن يكون تمكين الحكم واستمراريته بحرب يعيشون عليها سنوات أو اتفاق سلام يحسبون أنه النهاية. تقارير عربية التحديثات الحية ماذا يعني انهيار "فض الاشتباك" بين إسرائيل وسورية؟


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
تحركات ومعلومات تشي بإصرار إسرائيل على تهجير الفلسطينيين من غزة
رغم النفي المتكرر من الإدارة الأميركية لاستمرار مقترح تهجير الفلسطينيين من غزة، إلا أن التحركات الفعلية على أرض الواقع، من خلال مؤسسة غزة الإنسانية والتصريحات والمعلومات التي تكشفها وكالات وصحف عالمية، تشير إلى استمرار المساعي الجادة في إطار تنفيذ هذا المقترح. وذكر وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن "خطة الهجرة يجب أن تنفذ" وأن إسرائيل لا تزال لديها رغبة في تشجيع ما يطلق عليه "الهجرة الطوعية" على حد زعمه، بينما تواصل قواته قنص المدنيين حول مراكز المساعدات الإنسانية التي تحولت إلى مصايد للموت. وصار لمتعاقدين أميركيين موطن قدم في غزة رسمياً منذ يناير/ كانون الثاني الماضي ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، بينما كان يدور النقاش منذ بداية 2024 على تنفيذ مخطط إسرائيلي سري بالسيطرة على ملف المساعدات الإنسانية من خلال شركة أمنية أميركية أسسها عميل الاستخبارات الأميركية السابق فيليب رايلي من أجل تنفيذ المخطط، الذي من خلاله أُنشئت مؤسسة غزة الإنسانية تحت غطاء أنها من أجل تقديم المساعدات، بينما تكشف المعلومات التي نشرتها وكالتا فايننشال تايمز ورويترز أن المؤسسة وضعت مع شركات متعاونة مخططات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. واقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 25 يناير/ كانون الثاني تهجير الفلسطينيين من غزة، ولاقت الفكرة رفضاً كاملاً من مصر والأردن، وهما الدولتان اللتان اقترحهما في البداية لقبول سكان القطاع، ولاحقاً، اقترح إمكانية نقلهم إلى دول أخرى. ويرغب الرئيس الأميركي في "امتلاك غزة"، وصرّح أكثر من مرة عن رغبته في تحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، وذلك تحت مزاعم إعادة إعمارها، قبل أن يذكر لاحقاً أن لا نية لديه لترحيل سكان القطاع. وفي مايو/ أيار الماضي، قالت الصحف الأميركية إن الإدارة ناقشت نقل الفلسطينيين إلى ليبيا، غير أن البيت الأبيض نفى الأمر آنذاك. وكشفت وكالة رويترز، الاثنين، عن أنه قد نوقشت في الآونة الأخيرة في البيت الأبيض خطة طرحت على إدارة ترامب قدمتها مؤسسة غزة الإنسانية، تتضمن إقامة مخيمات يطلق عليها "مناطق انتقال إنسانية في غزة وربما في خارجها لإيواء الفلسطينيين من القطاع، وأن هذه "الخطة تبلورت في وقت ما بعد 11 فبراير/ شباط". وأعلنت الخارجية الأميركية، الشهر الماضي، موافقتها على منح مؤسسة غزة الإنسانية 30 مليون دولار، بينما كشفت وكالة رويترز تفاصيل القرار وأنه صدر بموجب "توجيه ذي أولوية" من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأنه جرى صرف دفعة أولية قدرها 7 ملايين دولار، وأن المؤسسة لم تخضع للتدقيق الأمني الذي يجرى مع الشركات التي تحصل على منح لأول مرة. وفي وقت سابق من الأسبوع المنقضي، كشفت صحيفة فايننشال تايمز عن خطة أعدت لمؤسسة غزة الإنسانية لتنفيذ هذا المخطط تحت مسمى "التهجير الطوعي"، أُعدّت من خلال مجموعة بوسطن الاستشارية من خلال عقدها مع الشركات الأمنية التي تعمل في غزة، حيث أُعدَّ نموذج تضمن سيناريوهات لتهجير نحو 500 ألف فلسطيني من قطاع غزة. ونفذت شركة بوسطن هذا النموذج في إبريل/ نيسان الماضي، رغم أن الإدارة الأميركية كانت قد بدأت في التراجع علناً عن تصريحاتها بنيتها ترحيل الفلسطينيين من غزة. وتضمن السيناريو المصمم لـ"التهجير الطوعي" منح السكان حزمة مالية تقدر بـ5 آلاف دولار أميركي ودعماً للإيجار لمدة أربع سنوات، وللغذاء لمدة عام، وافترض السيناريو أن ربع سكان غزة سيغادرون، وأن ثلاثة أرباعهم لن يعودوا أبداً. وفي الوقت الذي يرفض فيه المجتمع الدولي ومؤسسات الإغاثة الأممية "عسكرة المساعدات الإنسانية في غزة"، تصرّ الولايات المتحدة وإسرائيل على عمل مؤسسة غزة الإنسانية الأميركية الإسرائيلية بدلا من مؤسسات المساعدات الدولية، وتتجاهل إدارة ترامب عمليات القنص اليومية للمدنيين الذين يرغبون في الحصول على الطعام؛ والتي اعترفت إسرائيل بالفعل بحدوث بعضها. تصرّ الولايات المتحدة وإسرائيل على عمل مؤسسة غزة الإنسانية الأميركية الإسرائيلية بدلا من مؤسسات المساعدات الدولية وتتزايد التساؤلات والمخاوف من أن إصابة أشخاص أميركيين أو وفاة بعضهم من المتعاقدين العسكريين في غزة قد تؤدي إلى تطور جديد في الأحداث في القطاع. وشهدت الأيام الماضية، مع الأنباء التي ترددت عن احتمالية الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، إعلان مؤسسة غزة الإنسانية عن إصابة متعاقدين أميركيين، وادعت أن "حماس" هي التي قامت باستهدافهم، بينما اتهمت وزارة الخارجية الأميركية حماس بالمسؤولية عن الهجوم وقالت إنه أدى إلى إصابة اثنين من موظفي الإغاثة الأميركيين بمؤسسة غزة الإنسانية، حسب ما نشرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس على منصة التواصل الاجتماعي إكس. أخبار التحديثات الحية ترامب يعتبر إنهاء حرب غزة أولوية قصوى.. وويتكوف إلى قطر هذا الأسبوع وتقدر أعداد المدنيين الذين يُقصفون في الأسابيع الاخيرة في غزة في حدود 50 شخصاً على الأقل يومياً، فيما تشير المؤسسات الدولية إلى أن استمرار القصف الإسرائيلي للمدنيين يستهدف استمرار ترهيب الفلسطينيين، وتعلن المؤسسات الدولية رفضها الخطط الداعية للهجرة الطوعية من فلسطين، مؤكدة أن "أي تهجير تحت القصف المستمر وسياسة التجويع ومنع دخول الماء والدواء لا يمكن أن يكون هجرة طوعية". وتسعى إسرائيل لاستمرار مؤسسة غزة الإنسانية في القطاع لكي يمكن من خلالها التحكم في الطعام والغذاء وفي تنفيذ مخططاتها، التي كان آخرها ما أعلن عنه اليوم وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه أصدر تعليمات لجيش الاحتلال بإعداد خطة لإقامة "مدينة إنسانية" على أنقاض رفح، والتي سيُجمّع فيها لاحقاً سكان قطاع غزة بالكامل. وبحسب كاتس، فإن الخطة تتضمن إدخال 600 ألف فلسطيني في المرحلة الأولى، خاصة من منطقة المواصي، إلى "المدينة الإنسانية" التي ستُقام. وأوضح أنه سيُدخَل الفلسطينيون إلى هناك بعد فحص أمني، ولن يُسمح لهم بالخروج منها.