
بين المهدي والماشيح: نبوءات الخلاص
في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، لم تعد التحليلات العسكرية وحدها كافية لفهم أفق هذا الصراع المتنامي. فثمة طبقات أعمق تُلامس الوجدان الديني، وتستدعي مفاهيم الخلاص والظهور، وتتجاوز منطق الجيوسياسة إلى منطقة تتقاطع فيها النبوءات مع القرار السياسي.
المفكر الروسي ألكسندر دوغين – أحد أبرز منظّري الفكر الأوراسي – يرى أن ما نشهده اليوم ليس مجرد نزاع سياسي تقليدي، بل مقدّمة لـ'حرب كونية دينية' قد تعيد رسم نهاية العالم كما نعرفه. لافتا الى أن المواجهة بين إيران وإسرائيل ليست صراعًا على النفوذ فحسب، بل ترجمة درامية لصراع عقائدي بين رؤيتين للخلاص.
إيران، ليست مجرد دولة شيعية فحسب بل انها مركز حساس وفاعل لديمومة الفكر الشيعي من جهة ومجابهة انداده من كل لون، بترسيخ مفهوم الثقلين انهما ' كتاب الله، والعترة الطاهرة' من جهة ثانية. وعلى اساس ذلك قامت ثورتها وفقا لمدرسة اهل البيت وعقيدة الانتظار المهدوي 'لتملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان تملأ جورا' وظلما.
وعلى الضفة الأخرى، تتحرك داخل إلكيان الاسرائيلي تيارات دينية متطرفة تعتقد أن العالم يقترب من نهاية الزمان، وأن الحرب مع إيران قد تكون بوابة لظهور 'الماشيح'** – المخلّص اليهودي – وبناء 'الهيكل الثالث' في القدس.وفي هذا الصدد يقول دوغين في إحدى محاضراته: 'ما يحدث الآن هو جزء من التحول النهائي في التاريخ، حيث تقترب النهايات التي تحدثت عنها كتب السماء.
• من المهدي إلى الماشيح: عندما تصبح الجغرافيا مسرحًا للنبوءات:
العقيدة الشيعية الإثنا عشرية تؤمن بأن المهدي ابن الحسن العسكري 'ع' سيظهر في زمن تغشاه الفتن، لتبدأ معارك فاصلة في الشام وفلسطين والجزيرة، تمهد لإقامة 'دولة العدل الإلهي'. أما في التصور اليهودي الماسياني*** المتطرف، فإن ظهور الماشيح لا يتحقق إلا بعد معارك كبرى مع 'أعداء الرب'، وفي بعض التفاسير يُشار إلى 'الفرس' كرمز ل'بابل الشر -وفق معتقداتهم' التي يجب أن تُمحى قبل اكتمال الوعد الإلهي.
يقول دوغين: ان 'إيران تمثل الانتظار النشط للمخلّص، بينما إسرائيل تُحرّكها نبوءات إقامة الهيكل..
الصراع إذًا ليس سياسيًا فقط، بل بين مخلّصَين يتقدمان من ضفتين متقابلتين من التاريخ.
الاول يلغي الثاني وينسفه ويؤكد انه الحقيقة المطلقة للمخلص المتتظر تتجسد بالإمام الثاني عشر. لان محمدا (ص) خاتم الانبياء والمرسلين، وان ( الدين عند الله الإسلام).
• المرجعيات بين المهدوية السياسية واللاهوت التعبوي:
رغم تباين الخطاب بين طرفين متناقضين، إلا أن البعد المهدوي حاضر – تصريحًا أو تلميحًا – في رؤية القيادات الشيعية الكبرى.
فالسيد علي خامنئي يرى أن زوال الكيان الإسرائيلي 'حتمي'، لكنه يُبقي خطابه في الإطار السياسي المقاوم، مع إشارات رمزية إلى البعد العقائدي..أما في الجانب الآخر، فإن العديد من الحاخامات في إسرائيل يعلنون بلا مواربة أن معركة كبرى – تقود إلى بناء الهيكل – تقترب، وأن إيران هي العدو العقائدي، قبل أن تكون تهديدًا استراتيجيًا.
• الغرب المادي بمواجهة الشرق الروحي: معركة ما وراء السياسة:
في فلسفة دوغين، لا يمثل الغرب خصمًا جيوسياسيًا فقط، بل تجسيدًا لروح التفكك والعدمية. ويقابله 'الشرق الروحي' ممثلًا في روسيا الأرثوذكسية وإيران الشيعية، حيث لا يزال الإنسان يتجاوز مادّيته نحو معانٍ أعمق.
يقول دوغين: 'إيران ليست وحدها من تقاتل، بل روح مقاومة عالمية تتجلى فيها… الغرب المادي يواجه الشرق الروحي في لحظة مصيرية. إنها معركة بين نبوءات متقابلة، وليست بين صواريخ متبادلة فقط.'
• نهايات مفتوحة: ثلاث سيناريوهات للمستقبل؛ أمام هذا المشهد المعقد، يمكن رسم ثلاث فرضيات محتملة:
– الاول- صراع محدود: ضربات محدودة متبادلة، ضمن حدود الردع والتكتيك، تبقي الوضع تحت السيطرة.
الثاني -حرب إقليمية كبرى: تتورط فيها أطراف عربية وغير عربية، فتُغرق المنطقة في فوضى شاملة
الثالث- حرب كونية دينية: تتجاوز السياسة والجغرافيا، لتتحول إلى مواجهة شاملة تقودها سرديات النبوءة والخلاص.
في المنتهى … ان الصراع لم يعد رمزيًا! في ظل التوتر الإيراني–الإسرائيلي المتصاعد، ولا تكفي الجغرافيا وحدها لفهم ما يحدث.فثمة نبوءاتٌ تتحرّك، وعقائد تُستدعى، وصراعٌ يتجاوز السياسة ليبلغ مشارف 'الخلاص' و'النهاية.
[ الهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة'].
*الكسندر جليفيتش دوغين فيلسوف روسي وعالم سياسي واجتماعي، مؤلف النظرية السياسية الرابعة التي ترى نفسها الخطوة التالية لانتهاء المدارس السياسية الثلاث: الليبرالية والاشتراكية والفاشية .
**الماشيح عند اليهود : هو المسيح، وهو شخصية متوقعة في نهاية الزمان، من نسل داود،

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ 3 ساعات
- الحركات الإسلامية
«الشهداء والمهاجرون» عندما يكون الدم ثمنًا للإيمان والانتماء للوطن
فى كتابها المثير للجدل والصادر عن جامعة نيويورك عام ٢٠٢٥ بعنوان "الشهداء والمهاجرون: الأقباط وسياسات الاضطهاد فى الإمبراطورية الأمريكية"، تقدم الباحثة الأمريكية كانديس لوكاسك دراسة إثنوغرافية جريئة تتقاطع فيها الأسئلة اللاهوتية بالسياسية، والهويات الدينية بالموقع العرقى والاجتماعى للمهاجر القبطى فى الولايات المتحدة. الكتاب لا يكتفى بتوثيق أحوال المهاجرين الأقباط بين صعيد مصر ومدن أمريكا، بل يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يُخضع مفهوم "الاضطهاد" نفسه إلى التشريح، كأداة فى صناعة التضامن الدينى الإمبراطوري، وكوسيلة لاستثمار دماء "الشهداء" فى إعادة رسم خريطة القرابة المسيحية عبر الأطلسي. تطرح الباحثة كانديس لوكاسك فى كتابها "Martyrs and Migrants" مفهومًا لافتًا بعنوان "اقتصاد الدم"، تصفه بأنه منظومة لاهوتية-سياسية يُعاد فيها إنتاج الدم القبطى المسفوك كشكل من أشكال القيمة الرمزية. بحسب لوكاسك، فإن هذا الاقتصاد لا يقتصر على تأبين الشهداء أو إحياء ذكراهم، بل يتعدى ذلك إلى تحويل دمائهم إلى رأس مال رمزى يُستثمر فى صناعة التضامن المسيحى الإمبريالي، ويُستخدم لإعادة تشكيل خرائط الانتماء والقرابة بين الشرق والغرب. فى هذا السياق، تقول المؤلفة: "هذا الاقتصاد الثيولوجى السياسى يتضمن تشكيل الجماعة المسيحية، كما يشمل إدارة علاقات القرابة وغير القرابة من خلال تقييم الدم – سواء كشهيد أو كمهاجر". ترى الكاتبة أن دماء الشهداء الأقباط باتت تُقدّم إلى الجماهير الأمريكية المحافظة بوصفها دليلًا دامغًا على "اضطهاد الإسلام للمسيحية" فى الشرق الأوسط، بما يعزز سردية راسخة فى الخطاب الإنجيلى مفادها أن "المسيحية فى خطر عالمي"، وأن على الولايات المتحدة - بوصفها حامية الإيمان - أن تتحرك. وهكذا، تُعاد صياغة مأساة الشهداء الأقباط داخل مشهد أمريكى يرى نفسه وصيًا على "المضطهدين فى الهلال الإسلامي". وتوضح لوكاسك هذه الديناميكية بالقول: "تمت إعادة تخيُّل الشهادة القبطية وتقييمها ضمن مشهد مسيحى أمريكي، يتخيل المسيحية – فى الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم – على أنها مهددة ومهمشة ومضطهدة". ولعل المثال الأبرز على هذا التوظيف ما رصدته الكاتبة من استخدام صورة الشهداء الأقباط الذين قُتلوا فى ليبيا عام ٢٠١٥، فى تغريدة كتبها الكاتب الإنجيلى إريك ميتاكساس عشية اقتحام الكابيتول عام ٢٠٢١. فقد نشر صورة الشهداء وهم راكعون على الشاطئ قبيل إعدامهم، وكتب: "ما الثمن الذى أنت مستعد أن تدفعه لما تؤمن به؟"، فى مقارنة مباشرة بين شهداء ليبيا ومناصرى ترامب الذين خرجوا فى هجوم سياسى داخلي. وهنا تُعلّق الكاتبة بمرارة: "صورة الشهداء تُعاد قراءتها ضمن سياق أمريكى داخلي، حيث يصبح المهاجمون على الكابيتول أشبه بشهداء الكنيسة القبطية، وكأن الطرفين يواجهان الاضطهاد ذاته". فى نهاية المطاف، ما تكشفه لوكاسك هو أن دماء الشهداء الأقباط لم تعد مِلْكًا لجماعتهم الدينية أو الوطنية فقط، بل أصبحت أداة توظيف فى خطاب إمبراطورى أمريكى يسعى لتوسيع نفوذه الروحى والسياسى عبر العالم. وهكذا، يتم استدعاء الشهادة لا لتكريم الضحية، بل لتكريس حدود "نحن" و"هم"، ولتعزيز سرديات الهيمنة باسم الدفاع عن الإيمان. تقول الكاتبة: "القرابة المسيحية الجديدة، العابرة للإمبراطورية، تتشكل فوق دم الشهداء، لكنها فى الوقت نفسه، تفصل بينهم وبين غيرهم بحدود الدم نفسه". تقاطع التضامن والوهم تتتبع الباحثة كانديس لوكاسك فى كتابها "الشهداء والمهاجرون" ما تصفه بـ"القرابة الجيو-لاهوتية"، وهى شكل من أشكال الانتماء الدينى العابر للحدود، والذى يقوم على مفهوم "وحدة الدم المسيحي"، كما يتجلى فى خطابات البابا فرنسيس مثل قوله: "لا فرق بين الكاثوليك أو الأرثوذكس أو الأقباط أو البروتستانت... دمهم واحد ويشهد للمسيح". لكن، ما تشير إليه الكاتبة هو أن هذه الوحدة اللاهوتية لا تصمد أمام اختبارات الواقع الاجتماعى والسياسى فى أمريكا، حيث سرعان ما يصطدم القبطى المهاجر بحدود هذه القرابة المفترضة. ففى حين يُحتفى بالمهاجر القبطى باعتباره "رمزًا للمسيحية المضطهدة"، خصوصًا فى دوائر الإنجيليين المحافظين، إلا أن المجتمع الأمريكى الأوسع، بما فى ذلك الأجهزة الأمنية، لا يراه كذلك. بل يُعامَل بوصفه جسمًا غير أبيض، غريبًا، ينتمى إلى الشرق الأوسط، وربما يحمل فى طياته تهديدًا أمنيًا. تصف الكاتبة هذا المفارقة بقولها: "القرابة الدينية التى تحتفى بالشهادة القبطية تظل مشروطة بالدم المسفوك، لكنها لا تمنح صاحب هذا الدم نفس الاعتراف فى الحياة اليومية، حيث يتعرض القبطى للتمييز نفسه الذى يطال المسلمين والعرب." تتفاقم هذه الهوة حين يبدأ القبطى فى إدراك أنه قد يكون "أخًا فى الإيمان" لكن ليس "أخًا فى العِرق"، وأن التضامن المبنى على الشهادة لا يُترجم إلى مساواة فى التعامل داخل المجتمع الأمريكي. إذ غالبًا ما يُختزل فى صورة "العربي"، بل والأسوأ، "المسلم المحتمل"، فى ظل إرث ما بعد ١١ سبتمبر. تشير الكاتبة إلى أن: "عمليات تصنيف الأقباط داخل الولايات المتحدة لا تقوم على كونهم مسيحيين بقدر ما تُقاس بأجسادهم، وألوان بشرتهم، ولهجاتهم، التى تُدخلهم ضمن مشهد الشرق الأوسط المسلم المشبوه." فى هذا السياق، تُصبح القرابة الدينية المعلنة أشبه بوهم: خطاب يُستحضر فى لحظات الشهادة، ثم يُتجاهل فى لحظات الحياة اليومية. تؤكد الكاتبة هذا التناقض حين تقول: "بينما يوظف السياسيون الأمريكيون دم الشهداء لتأكيد وحدة المسيحية العالمية، تُترجم هذه الوحدة عمليًا إلى علاقة غير متكافئة، تعيد إنتاج التراتب الإمبراطورى بين الغرب والشرق". فى النهاية، تدعو الكاتبة إلى فحص نقدى لفكرة التضامن الدينى العابرة للحدود، وتُحذر من اختزال الآخر "الشرقي" فى صورة شهيد فقط، فى حين يُنكر عليه حقه فى الانتماء الكامل والاعتراف الإنساني. فحين يتحوّل الشهيد إلى رمز، يُمحى الإنسان. أو كما تختتم المؤلفة: "الدم يربطهم، نعم، لكنه يفصلهم أيضًا." الاضطهاد بين الحقيقة والتضخيم: تفكيك السردية السياسية من أبرز ملامح الإسهام النقدى فى كتاب كانديس لوكاسك "الشهداء والمهاجرون" أنها لا تتعامل مع "الاضطهاد المسيحي" كمسلّمة أخلاقية أو دينية، بل تحاكمه كفكرة تم تحويلها إلى شعار سياسى فى الولايات المتحدة منذ التسعينيات، تحديدًا مع صعود التيارات الإنجيلية المحافظة. فقد أصبح "الاضطهاد" عملة رمزية يُستخدم فيها الألم القبطى فى مصر لخدمة أجندات التدخل الخارجي، وحشد الناخبين الإنجيليين، وتبرير الخطاب الإمبراطورى الذى يربط بين حماية المسيحيين والسيطرة الجيوسياسية. تشير المؤلفة إلى أن هذه السردية تضخّمت فى دوائر صنع القرار والكنائس الأمريكية عبر منظمات مثل Open Doors أو Voice of the Martyrs، والتى قدمت الأقباط باعتبارهم "دليلًا حيًّا على أن المسيحية تتعرض لأكبر موجة اضطهاد فى تاريخها"، كما تقول الكاتبة: "منذ الثمانينيات، أصبح موت الأقباط مفهومًا ومقروءًا لدى الجماهير الأمريكية (خصوصًا الإنجيليين) من خلال المخيلة الأخلاقية العالمية لفكرة 'الكنيسة المضطهدة." وتذهب الكاتبة إلى أبعد من ذلك، حين تُظهر أن هذا الخطاب، رغم تبنيه لألم المسيحيين، لا ينطلق من تحليل حقيقى للسياقات المحلية فى مصر، بل يعيد إنتاج صورة نمطية عن "مسلمين مضطهِدين" و"مسيحيين ضحايا"، وهى صورة تُستخدم لتغذية سياسات الخوف والإقصاء فى الداخل الأمريكى أيضًا. وتقول فى هذا الصدد: "الصور والخطابات حول اضطهاد الأقباط تُستخدم فى صناعة روايات حضارية عن الاختلاف الدينى والنزاع الطائفي، ويعاد تصديرها إلى الداخل المصرى ذاته لتغذية مزيد من الانقسام." أما على مستوى اللجوء، فتُظهر الكاتبة كيف أن كثيرًا من طلبات الهجرة أو اللجوء تُبنى على استدعاء هذه السردية السياسية، سواء بتشجيع من المحامين أو المنظمات الكنسية فى أمريكا، مما يؤدى إلى "تسييس المعاناة الشخصية"، وجعلها قابلة للتفاوض فى غرف المحاكم أو عند ضباط الهجرة. وتعلّق الكاتبة على هذه المفارقة بقولها: "حين يذهب الأقباط إلى السفارة الأمريكية، يقولون إنهم يهاجرون بسبب الاضطهاد... لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا، لأن هذه السردية باتت مفتاحًا للعبور أكثر من كونها توصيفًا دقيقًا للواقع." وربما تكمن أهم الإشكاليات فى أن هذا التوظيف السياسى للاضطهاد يخلق مفارقة مزدوجة فى حياة القبطى المهاجر: من جهة، يُحتفى به كضحية تستحق الإنقاذ، ومن جهة أخرى، يُنكر عليه حق الانخراط الكامل فى المجتمع الجديد، إذ يبقى محاصرًا بصورة "المسيحى الذى هرب من الإسلام"، وهى صورة تحرمه من التعبير عن تعقيد هويته. لذا تقول لوكاسك بوضوح: "الاهتمام الأمريكى بالاضطهاد القبطى خلق نوعًا من الانتماء الرمزي، لكنه لم يُترجم إلى تضامن حقيقي، بل أدى إلى عزلة مزدوجة، حيث يشعر المهاجر بأنه غريب عن وطنه الأصلي، وغير مندمج فى وطنه الجديد." من الشهادة إلى اللجوء: عندما تتحوّل المعاناة إلى وثيقة قانونية تُخصّص كانديس لوكاسك فصلًا محوريًا فى كتابها لدراسة التحول من المعاناة الروحية للشهادة القبطية إلى الخطاب القانونى فى سياق اللجوء والهجرة. توضح الكاتبة كيف تتم إعادة صياغة قصة الألم القبطى - سواء كانت حقيقية أو جزئية أو مضخّمة - ضمن أطر إجرائية تخضع لمنطق الدولة الحديثة، حيث لا تُمنح الحماية بناءً على الإيمان أو الصدق العاطفي، بل على القدرة على صياغة الألم بصيغة قانونية تقنع موظف الهجرة. تقول لوكاسك: "المهاجرون الأقباط لا يروون قصصهم كما عاشوها، بل كما يُنتظر منهم أن يسردوها ضمن نموذج البيروقراطية الأمريكية للهجرة». فى هذا السياق، تُصبح الشهادة القبطية، التى كانت تُقدّم فى إطار لاهوتى كعلامة على الإيمان والثبات، موضوعًا بيروقراطيًا تقنيًا، يعتمد على توثيق الحوادث وتواريخ الاعتداءات وشهادات الطلاق أو الاعتقال، بعيدًا عن بعدها الروحى أو الرمزي. وهنا تظهر مفارقة حادة: فالمهاجر القبطى مطالب بإثبات أنه "مضطهد بما يكفي"، لا مجرد "مؤمن بما يكفي". توضح الكاتبة أن: "المأساة الفردية لا تُحتسب إلا إذا أمكن قياسها بلغة القوانين الدولية، وهو ما يدفع كثيرًا من المتقدمين للجوء إلى تعديل أو اختصار أو حتى مبالغة فى روايتهم." تلفت الكاتبة النظر إلى أن الكثير من طلبات اللجوء المقدمة من أقباط صعيد مصر لم تكن مبنية على اضطهاد ممنهج بالمعنى القانوني، بل على استثمار خطاب 'الأقلية المضطهدة' المنتشر فى الإعلام الأمريكي. فمع الوقت، أصبح هذا الخطاب أشبه بـ"وصفة" يتم تداولها داخل الجاليات القبطية، ويجرى تعليمها للراغبين فى الهجرة، بهدف تحسين فرص القبول. وفى هذا السياق تكتب: "تمت قولبة خطاب اللجوء بحيث يتعلم المهاجر كيف يعرض نفسه كضحية، لا كفاعل، وكيف يختصر كل تعقيدات حياته فى عبارة واحدة: 'أنا قبطي، مضطهد فى مصر'." لكن هذا النمط من التقديم يفتح الباب لتساؤلات أخلاقية صعبة. إذ تطرح لوكاسك سؤالًا محوريًا: هل يسافر الأقباط فعلًا بسبب تهديد وجودى لطائفتهم؟ أم أن الكثيرين يستثمرون فى خطاب المعاناة لتحقيق الهجرة الاقتصادية؟ وتكتب فى نقدها لهذا التعقيد: "السردية القانونية المتمحورة حول الاضطهاد أصبحت جسرًا لعبور الحدود، لكنها أفرغت الشهادة من معناها اللاهوتي، وحوّلتها إلى وسيلة لعبور البيروقراطية، لا إلى موقف من الموت." الكنيسة والهوية.. بين القداسة والسياسة ترصد كانديس لوكاسك فى دراستها الأنثروبولوجية كيف خضعت الكنيسة القبطية فى المهجر، خاصة فى الولايات المتحدة، لتحولات جوهرية فى خطابها وممارستها، تحت تأثير البيئة السياسية والدينية الأمريكية. ففى سعيها إلى الحفاظ على وجودها وهويتها، تبنّت الكنيسة خطابًا أكثر قربًا من القيم المحافظة الأمريكية، خصوصًا فيما يتعلق بالأسرة، والجنس، والطهارة، والانتماء القومي. وتقول الكاتبة: "فى الشتات، لم تعد الكنيسة مؤسسة دينية فقط، بل تحوّلت إلى قوة سياسية ثقافية تعيد تعريف الإيمان وفقًا لقيم محافظة متأثرة بالسياق الأمريكي." غير أن هذا التكيف لم يكن سلسًا ولا موحدًا، بل أدّى إلى توتّر واضح بين الكنيسة والأجيال الجديدة من الأقباط المولودين فى أمريكا. فهؤلاء الشبان الذين نشأوا فى بيئة متعددة الثقافات، وينتمون إلى جيل رقمى ناقد، يجدون صعوبة فى التماهى مع خطاب كنسى ما زال يُكرّس سردية الشهادة والمعاناة القبطية كوسيلة لحماية الهوية. وتصف لوكاسك هذا الصراع بقولها: "الشباب القبطى فى أمريكا يواجه ما تسميه الكنيسة 'ضعفًا روحيًا'، لكنه فى الحقيقة تمزق هوياتى بين سردية الماضى وخيارات الحاضر." من جهة أخرى، يلفت الكتاب النظر إلى فجوة طبقية حادة داخل الجالية القبطية الأمريكية، حيث تهيمن نخب مهاجرة ميسورة (غالبًا من خلفيات حضرية فى مصر) على المشهد الكنسى والتمثيل الإعلامى والسياسي، بينما تُهمّش الطبقات العاملة القادمة من قرى الصعيد، والتى تعيش فى أحياء فقيرة فى مدن مثل ناشفيل أو جيرسى سيتي. تقول الكاتبة: "الطبقات العاملة من الأقباط يعيشون على هامش الكنيسة والسياسة فى آنٍ واحد، فهم لا يمتلكون اللغة أو الشبكات أو الظهور الذى يمنحهم سلطة التعبير." وتشير الكاتبة إلى أن هذا التفاوت لا ينعكس فقط على المستوى المادي، بل يُعيد إنتاج سرديات طبقية داخل الكنيسة نفسها، حيث تحظى بعض العائلات بمكانة خاصة، بينما تظل فئات واسعة من المهاجرين عالقة فى دوائر الخدمة والرعاية، دون أن تُمنح حق التأثير أو التمثيل. وتعلق على ذلك بقولها: "الكنيسة القبطية فى المهجر تعيد تراتبيات مصر الطبقية، وتُضفى عليها طابعًا دينيًا تحت شعار القداسة والخدمة". جدلية الإمبراطورية والمقاومة يمثل كتاب "الشهداء والمهاجرون" مساهمة نوعية فى دراسات ما بعد الاستعمار والدين والهجرة، إذ تنجح كانديس لوكاسك فى تفكيك البُنى اللاهوتية والسياسية التى تُعيد إنتاج الأقباط بوصفهم "شركاء فى الإيمان" و"ضحايا" فى سرديات المحافظين الغربيين. إنها تقرأ دم الأقباط من منظور ليس أخلاقيًا فقط، بل اقتصادي- رمزي، يكشف كيف تُستثمر الشهادة الدينية فى مشاريع سياسية تتجاوز حدود الطائفة والوطن، وتعيد رسم مشهد "الاضطهاد" ليصبح أداة فى الخطاب الإمبراطورى الأمريكي. مع ذلك، لا يخلو الكتاب من مواضع إشكال تتعلق بمنهجه وتركيزه. فقد اتهمه بعض النقاد بأنه يقلل من حدة الواقع اليومى للتمييز الذى يعيشه الأقباط فى مصر، من تهجير قسرى فى بعض القرى، إلى عدم تكافؤ الفرص، والعنف الطائفى المتكرر. فبينما يُسلط الكتاب الضوء على التوظيف الغربى لمعاناة الأقباط، فإنه لا يتوقف بما يكفى عند البُعد المحلى الداخلى للاضطهاد، بوصفه نتاجًا لبنية ثقافية وسياسية داخلية وليست مجرد مادة صالحة للاستهلاك الخارجي. كما يلاحظ فى الكتاب غياب أصوات بعض من ضحايا الاعتداءات أنفسهم، وغياب تتبّع للواقع القانونى والاجتماعى للمؤسسة القبطية داخل مصر. السؤال الأكثر إلحاحًا هنا هو: هل يسمح إطار التحليل الإمبريالى الذى تتبناه الكاتبة بإبراز صوت الأقباط كفاعلين مستقلين؟ أم أن الكتاب يعيد إنتاج مركزية غربية مقلوبة: هذه المرة باسم نقد الإمبراطورية؟ ففى كثير من فصول الكتاب، يظهر الأقباط لا بوصفهم صانعى خطاب، بل مادة لتحليل خطاب الآخرين عنهم. تقول الكاتبة مثلًا: "قصة الأقباط فى أمريكا ليست فقط عنهم، بل عن كيفية رؤيتهم من قبل الآخرين". وهو قول يحمل دلالة مزدوجة: فهو يكشف آليات التوظيف، لكنه يُبقى الأقباط، فى بعض المواضع، فى موقع "المفعول به" لا "الفاعل فيه". ويمكن القول إن لوكاسك، برغم تركيزها الأساسى على التحليل النقدى للخطاب الدينى والسياسى الأمريكي، تفتح الباب أمام مساءلة أخلاقية أوسع حول طبيعة التضامن، ومعنى الشهادة، وحق المجتمعات المهاجرة فى أن تُروى قصصها لا فقط من خلال من ينظر إليها، بل من داخلها. وربما كانت الخاتمة المفتوحة للكتاب هى بمثابة دعوة إلى المزيد من العمل الإثنوغرافى الذى ينطلق من صوت الأقباط أنفسهم، لا فقط من تمثيلاتهم فى الغرب. دماء لا تُنزف فى الفراغ يمثل هذا الكتاب مساهمة نوعية لفهم موقع الأقباط بين الشرق والغرب، بين الشهادة واللجوء، بين القداسة والسياسة. وهو دعوة لإعادة التفكير فى مفاهيم مثل "الاضطهاد" و"القرابة الدينية" و"الأقليات"، خارج قوالب الخطاب السياسى والإعلامي. يبقى السؤال الأهم: هل يحتاج الأقباط – أو غيرهم – إلى من يحتفى بدمائهم ليثبت أنهم أهل لهذا العالم؟ أم أن الزمن قد حان لبناء قرابة قائمة على الحياة لا الموت، على التعدد لا التبني، وعلى الكرامة لا الاستثمار الرمزي؟


موقع كتابات
منذ 7 ساعات
- موقع كتابات
بين المهدي والماشيح: نبوءات الخلاص
قراءة في تحليلات ألكسندر دوغين* وتقاطع الدين بالسياسة في صراع الشرق الأوسط في ظل تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، لم تعد التحليلات العسكرية وحدها كافية لفهم أفق هذا الصراع المتنامي. فثمة طبقات أعمق تُلامس الوجدان الديني، وتستدعي مفاهيم الخلاص والظهور، وتتجاوز منطق الجيوسياسة إلى منطقة تتقاطع فيها النبوءات مع القرار السياسي. المفكر الروسي ألكسندر دوغين – أحد أبرز منظّري الفكر الأوراسي – يرى أن ما نشهده اليوم ليس مجرد نزاع سياسي تقليدي، بل مقدّمة لـ'حرب كونية دينية' قد تعيد رسم نهاية العالم كما نعرفه. لافتا الى أن المواجهة بين إيران وإسرائيل ليست صراعًا على النفوذ فحسب، بل ترجمة درامية لصراع عقائدي بين رؤيتين للخلاص. إيران، ليست مجرد دولة شيعية فحسب بل انها مركز حساس وفاعل لديمومة الفكر الشيعي من جهة ومجابهة انداده من كل لون، بترسيخ مفهوم الثقلين انهما ' كتاب الله، والعترة الطاهرة' من جهة ثانية. وعلى اساس ذلك قامت ثورتها وفقا لمدرسة اهل البيت وعقيدة الانتظار المهدوي 'لتملأ الارض قسطا وعدلا بعد ان تملأ جورا' وظلما. وعلى الضفة الأخرى، تتحرك داخل إلكيان الاسرائيلي تيارات دينية متطرفة تعتقد أن العالم يقترب من نهاية الزمان، وأن الحرب مع إيران قد تكون بوابة لظهور 'الماشيح'** – المخلّص اليهودي – وبناء 'الهيكل الثالث' في القدس.وفي هذا الصدد يقول دوغين في إحدى محاضراته: 'ما يحدث الآن هو جزء من التحول النهائي في التاريخ، حيث تقترب النهايات التي تحدثت عنها كتب السماء. • من المهدي إلى الماشيح: عندما تصبح الجغرافيا مسرحًا للنبوءات: العقيدة الشيعية الإثنا عشرية تؤمن بأن المهدي ابن الحسن العسكري 'ع' سيظهر في زمن تغشاه الفتن، لتبدأ معارك فاصلة في الشام وفلسطين والجزيرة، تمهد لإقامة 'دولة العدل الإلهي'. أما في التصور اليهودي الماسياني*** المتطرف، فإن ظهور الماشيح لا يتحقق إلا بعد معارك كبرى مع 'أعداء الرب'، وفي بعض التفاسير يُشار إلى 'الفرس' كرمز ل'بابل الشر -وفق معتقداتهم' التي يجب أن تُمحى قبل اكتمال الوعد الإلهي. يقول دوغين: ان 'إيران تمثل الانتظار النشط للمخلّص، بينما إسرائيل تُحرّكها نبوءات إقامة الهيكل.. الصراع إذًا ليس سياسيًا فقط، بل بين مخلّصَين يتقدمان من ضفتين متقابلتين من التاريخ. الاول يلغي الثاني وينسفه ويؤكد انه الحقيقة المطلقة للمخلص المتتظر تتجسد بالإمام الثاني عشر. لان محمدا (ص) خاتم الانبياء والمرسلين، وان ( الدين عند الله الإسلام). • المرجعيات بين المهدوية السياسية واللاهوت التعبوي: رغم تباين الخطاب بين طرفين متناقضين، إلا أن البعد المهدوي حاضر – تصريحًا أو تلميحًا – في رؤية القيادات الشيعية الكبرى. فالسيد علي خامنئي يرى أن زوال الكيان الإسرائيلي 'حتمي'، لكنه يُبقي خطابه في الإطار السياسي المقاوم، مع إشارات رمزية إلى البعد العقائدي..أما في الجانب الآخر، فإن العديد من الحاخامات في إسرائيل يعلنون بلا مواربة أن معركة كبرى – تقود إلى بناء الهيكل – تقترب، وأن إيران هي العدو العقائدي، قبل أن تكون تهديدًا استراتيجيًا. • الغرب المادي بمواجهة الشرق الروحي: معركة ما وراء السياسة: في فلسفة دوغين، لا يمثل الغرب خصمًا جيوسياسيًا فقط، بل تجسيدًا لروح التفكك والعدمية. ويقابله 'الشرق الروحي' ممثلًا في روسيا الأرثوذكسية وإيران الشيعية، حيث لا يزال الإنسان يتجاوز مادّيته نحو معانٍ أعمق. يقول دوغين: 'إيران ليست وحدها من تقاتل، بل روح مقاومة عالمية تتجلى فيها… الغرب المادي يواجه الشرق الروحي في لحظة مصيرية. إنها معركة بين نبوءات متقابلة، وليست بين صواريخ متبادلة فقط.' • نهايات مفتوحة: ثلاث سيناريوهات للمستقبل؛ أمام هذا المشهد المعقد، يمكن رسم ثلاث فرضيات محتملة: – الاول- صراع محدود: ضربات محدودة متبادلة، ضمن حدود الردع والتكتيك، تبقي الوضع تحت السيطرة. الثاني -حرب إقليمية كبرى: تتورط فيها أطراف عربية وغير عربية، فتُغرق المنطقة في فوضى شاملة الثالث- حرب كونية دينية: تتجاوز السياسة والجغرافيا، لتتحول إلى مواجهة شاملة تقودها سرديات النبوءة والخلاص. في المنتهى … ان الصراع لم يعد رمزيًا! في ظل التوتر الإيراني–الإسرائيلي المتصاعد، ولا تكفي الجغرافيا وحدها لفهم ما يحدث.فثمة نبوءاتٌ تتحرّك، وعقائد تُستدعى، وصراعٌ يتجاوز السياسة ليبلغ مشارف 'الخلاص' و'النهاية. [ الهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الإسلام وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة']. *الكسندر جليفيتش دوغين فيلسوف روسي وعالم سياسي واجتماعي، مؤلف النظرية السياسية الرابعة التي ترى نفسها الخطوة التالية لانتهاء المدارس السياسية الثلاث: الليبرالية والاشتراكية والفاشية . **الماشيح عند اليهود : هو المسيح، وهو شخصية متوقعة في نهاية الزمان، من نسل داود،


شفق نيوز
منذ 8 ساعات
- شفق نيوز
الصابئة المندائيون في العراق والعالم يلغون الاحتفاء بعيدهم السنوي لتزامنه مع محرم
شفق نيوز – بغداد أعلن رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم، الشيخ ستار جبار حلو، مساء اليوم الاثنين، عن إلغاء الاحتفالات بعيد رأس السنة المندائية لتزامنه مع شهر محرم، حيث يحيي المسلمون الشيعة مراسم العزاء على مقتل الإمام الحسين حفيد رسول الدين الإسلامي في معركة الطف الشهيرة. وقال رئيس الطائفة في بيان ورد لوكالة شفق نيوز "أتقدم باسمي وأبناء طائفة الصابئة المندائيين بخالص المواساة والعزاء إلى أبناء شعبنا العراقي والعالم الإسلامي أجمع بذكرى عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين وصحبه الأبرار عليهم السلام". وأضاف أن "سيرته العطرة (الإمام الحسين) في رفض الظلم والتحلي بالشجاعة والعدالة والتواضع دليل نهج إصلاحي ملزم للجميع". وتابع رئيس الطائفة "وكونه نبراساً لكل ثائر وكل إنسان حر. ولمصادفة عيد رأس السنة المندائية يوم 16 من الشهر الجاري، واحتراماً وتقديراً وتضامناً منا في هذا المصاب الجلل قررنا إلغاء جميع مظاهر الاحتفال والاقتصار على المراسيم الدينية والدعاء إلى رب الأكوان الله جل جلاله أن يديم نعمة السلام والتآخي والمحبة في عراقنا الحبيب والإنسانيه جمعاء".