
الفراعنة وشعوب "الهلال الخصيب".. علاقة تاريخية يكشفها أقدم جينوم مصري
وكشفت الدراسة التي نشرت في دورية "نيتشر" ، عن مزيج غير متوقع من الأصول الجينية، وتوفر رؤى عميقة حول الروابط الحضارية لمصر القديمة.
واكتُشفت المومياء، التي خضعت للدراسة، في موقع "النويرات" بالقرب من بني حسن بجنوب مصر، وكانت مدفونة داخل إناء فخاري كبير في قبر منحوت في الصخر. وهذه الطريقة في الدفن تشير إلى مكانة اجتماعية "مرموقة" للفرد.
وتبرعت مصلحة الآثار المصرية بهذه المومياء بين عامي 1902 و1904 لمعهد الآثار بجامعة ليفربول، ثم نُقلت لاحقاً إلى المتحف العالمي في ليفربول.
"الشرق" حاورت مؤلفة الدراسة الأولى، أديلين موريس جاكوب، الباحثة في جامعة ليفربول، ومؤلف الدراسة المشارك، جويل أيريش، الباحث في معهد "فرانسيس كريك"، واللذان كشفا عن الكيفية التي تمت بها تلك الدراسة.
كيف تم استخراج الحمض النووي من رفات رجل دفن قبل أكثر من 4 آلاف عام؟ وما هي العوامل البيئية أو الخاصة التي ساعدت في الحفاظ على الحمض النووي؟
جويل: دفن الرجل داخل إناء فخاري، ووُضع داخل مقبرة منحوتة في الصخر. نعتقد أن هذه الطريقة ربما ساهمت في الحفاظ غير المعتاد على الحمض النووي مقارنة بالمنطقة.
ومع ذلك، فإن فقط 4-5% من الحمض النووي الذي استخرجناه كان يعود للفرد نفسه، وهو ما نُسميه الحمض النووي الداخلي أما الباقي فكان بمعظمه من الكائنات الدقيقة المحيطة التي غزت الجسد بعد الوفاة.
أدلين: تطلب الحمض النووي تحليل جينومه تقنيات متطورة. من استخلاص الحمض النووي في جامعة ليفربول إلى تحضير وتسلسل الجينوم في معهد فرانسيس كريك، استخدمنا أحدث البروتوكولات والتقنيات المطورة على مدى سنوات في مجال الحمض النووي القديم لاسترجاع أكبر قدر ممكن من الحمض النووي الداخلي.
ما مدى أهمية الرابط الجيني بنسبة 20% مع منطقة الهلال الخصيب الشرقي، وماذا يُشير ذلك بشأن علاقات مصر ببلاد ما بين النهرين في تلك الفترة؟
جويل: نرى بوضوح وجود صلة جينية مع أفراد سابقين من منطقة الهلال الخصيب الشرقي (حوض نهري دجلة والفرات والجزء الساحلي من بلاد الشام). لكن لم نتمكن من تحديد تاريخ دقيق لوقت حدوث هذا التداخل الجيني. لكن المؤكد أن المصريين القدماء تزاوجوا مع أفراد من الهلال الخصيب أحد التفسيرات أن هذا التداخل لم يكن نتيجة حدث واحد ومحدود زمنياً، بل ربما حدث تدريجياً وعلى مدى فترة طويلة، قد تمتد لمئات أو آلاف السنين.
بما أن جينوم فرد واحد فقط تم تحليله بالكامل، إلى أي مدى يمكن اعتباره ممثلاً لسكان المملكة القديمة؟
أدلين: يجب أن نتحلى بالحذر ونتذكر أننا أمام فرد واحد فقط. فالسكان قد يكونون متنوعين حسب الوضع الاجتماعي أو ما إذا كنا ننظر إلى المجتمعات الحضرية أو الريفية. ومع ذلك، لدينا أدلة جيدة تشير إلى أنه كان ممثلاً على الأقل لجزء من سكان تلك الفترة.
جويل: باستخدام نظائر كيميائية تشير إلى مكان الميلاد والنظام الغذائي، استنتجنا أنه كان على الأرجح محلياً من وادي النيل، أو على الأقل لا توجد دلائل على نشأته في مكان آخر. كما استطعنا تتبع أصوله الجينية لدى المصريين المعاصرين، بنسبة تتراوح بين 30 و70%، ما يُشير إلى أن هذه الأنساب الجينية كانت شائعة في مصر آنذاك، بدرجة كافية لتوريثها عبر 4 آلاف و500 عام.
هل تم اكتشاف صفات جينية أو مؤشرات صحية مفاجئة في الحمض النووي؟
أدلين: باستخدام أداة تُدعى HIrisPlex-S، استنتجنا أنه كان على الأرجح ذا عيون بنية وشعر بني، وبشرة تتراوح من بني داكن إلى درجات تميل للسواد، مع احتمال أقل لامتلاك لون بشرة متوسط. ومع ذلك، هذه الأدوات تعتمد على بيانات من البشر المعاصرين، ولا نستبعد احتمال وجود طفرات جينية أُلغيت لاحقاً أثرت على لون البشرة في الماضي بطرق لم نعد نراها اليوم.
هل هناك خطط لتحليل الحمض النووي لأشخاص آخرين من عصر المملكة القديمة أو فترات مُقاربة في مصر؟
جويل: يعمل مختبر الجينومات القديمة في معهد "فرانسيس كريك" حالياً على استكشاف فرص لتحليل بقايا بشرية من مناطق وفترات تاريخية لا تزال غير ممثلة جيداً في أبحاث الجينوم القديم. نهتم بشكل خاص بالحصول على عينات من أماكن تُعرف بسوء حفظ الحمض النووي، مثل البيئة المصرية الحارة والجافة. ورغم التقدم الكبير في تقنيات المختبر، لا تزال هناك درجة كبيرة من عدم اليقين عند العمل مع مواد مناخية قاسية كتلك.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 20 ساعات
- الشرق الأوسط
«ابن خلدون»... زيارة جديدة بعيون فرنسية
عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «ابن خلدون – فلسفته الاجتماعية» لعالم الاجتماع الفرنسي جوستون بوتول، الذي صدرت الطبعة الأولى منه 1930، الطبعة الجديدة من ترجمة غنيم عبدون، ومراجعة مصطفى كامل فودة، وتعدّ أحد أهم الدراسات المعاصرة حول أسرار عبقرية هذا العالم والفيلسوف والمؤرخ العربي الذي ولد بتونس، وعاش في الفترة من 1332 حتى 1406م. يتضمن الكتاب تأملات متفرقة من جانب بوتول حول أهمية آراء ابن خلدون كمؤسس لعلم الاجتماع الحديث، وأيضاً دوره كمؤرخ، حيث يقطع المؤلف في كتابه بأنه لولا ما كتب ابن خلدون في التاريخ لجهلنا اليوم ما كان عليه تاريخ أفريقيا الشمالية منذ الفتح الإسلامي حتى القرن الرابع عشر، فقد كان يرى أن جميع أنواع المجتمعات هى نتاج «ظواهر طبيعية». وعندما تناول تفسير الخصائص السيكولوجية لكل شعب من الشعوب، سعى جاهداً إلى أن يثبت أن سبب هذه الخصائص هو الظروف المادية لحياة أغلبية أعضاء هذه المجتمعات. لم يعتقد ابن خلدون في وراثة تلك الخصائص السيكولوجية، فهى تُكتسب بالتعليم وتثبت بالبيئة، حيث تساءل؛ ما الأسباب التي تساعد على تكوين طابع أي شعب؟ ويردّ بأن «المناخ» يسهم في تحديد نوعية أساليب وأنشطة الناس وأخلاقهم والمظهر العام لعقليتهم وطبعهم المألوف. ويقول إن الأجواء الحارة والجافة، على سبيل المثال، تحمل الناس على المرح وخفة الروح وعدم الحذر كما في مصر. في حين أن الأجواء الباردة الرطبة كما في مدينة فاس المغربية والمحاطة بهضاب باردة تجعل سكانها يسيرون مطأطئي الرأس كأنهم تحت وطأة الحزن. كما يمكننا ملاحظة ما لدى سكان المناطق الباردة من تحوط وحذر إلى حدّ أن أي فرد يدخر مؤونة من القمح كافية لعدة سنين، ويفضل أن يذهب كل عام إلى السوق ليبتاع غذاءه على ألا يمس ما خزنه. ويلاحظ ابن خلدون أن الشعوب الأقل تمديناً تقوم بأكثر الفتوحات اتساعاً، وهي حقيقة من شأنها أن تدهش أي مؤرخ يدرس أحوال الشرق في العصر الوسيط، لكنه يفسر ذلك تفسيراً اقتصادياً خالصاً بأن البدو والمتوحشين ليس لهم وطن ينحدرون منه ولا بلد يجنحون إليه. واستطاع ابن خلدون أن يبدي بشأن الدول التي رآها تنشأ من حواليه ملاحظة ذكية للغاية، فالشعوب التي تنجح في تحقيق انتصارات عسكرية كبيرة وحكم سياسي مستقر هي بالضبط الشعوب التي كانت حياتها خشنة وعاداتها قليلة التهذيب وحضاراتها قليلة التقدم. ويرى أن انتصار هذه الشعوب إذن لم يكن راجعاً إلى خصائص حضارية، وإنما إلى أسباب معنوية ترفع إلى أقصى درجة القوة الهجومية لدى القبائل التي تحيا حياة البداوة. وفي رأي ابن خلدون، أن المؤهل الوحيد لـ«النبالة»، أي ذلك الذي يجعل جماعة معينة مؤهلة لتقلد السلطة، هو «العصبية»، فإذا كانت الأسرة المالكة أو الجماعة كثيرة العدد، وإذا أتيح لها أتباع مخلصون حقّاً نتيجة إحساسها بالتكافل ونتيجة روح التضامن والولاء لدى أعضائها، فإنها تستطيع إقرار هيبتها. وكذلك يرى ابن خلدون أن فلسفة التاريخ تقوم على روح العصبية، لكنها ليست هي وحدها التي تقوم على تلك الروح، وإنما تقوم عليها أيضاً التغيرات المستمرة في أحوال الأفراد، وهي ما يسمى حالياً «الترقي الاجتماعي» لبعض الأفراد أو لبعض الأسرات. ويجب أن نلاحظ هنا الجرأة التي يبديها ابن خلدون في هذا الموضوع الحساس، موضوع النبالة، التي لا يرى فيها غير انعكاس لبعض ظروف الحياة لدى مجموعة من الناس في ظرف ما، على نحو يجعله سابقاً لعدد من علماء الاجتماع المشهورين.


عكاظ
منذ يوم واحد
- عكاظ
5 عادات بالهواتف تعزز قوة الدماغ
أثبتت دراسات حديثة، أن استخدام الهواتف الذكية بطرق معينة يساعد في تعزيز صحة الدماغ وزيادة التركيز وتقوية الذاكرة والوظائف المعرفية، منها: القراءة اليومية الرقمية تدوين الملاحظات حل الألغاز الذكية التأمل عبر التطبيقات متابعة المحاضرات العلمية أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ يوم واحد
- الشرق الأوسط
مصر لتسجيل «مقياس النيل» على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي
تضع مصر اللمسات النهائية على ملف تسجيل مقياس النيل في جزيرة الروضة (غرب القاهرة) ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي في منظمة اليونيسكو، وهو ملف تسجيل مشترك مع نقوش بايهيليانج الصينية، في ضوء حرص الوزارة على الاستفادة من الخبرات الدولية في مجال العمل الأثري وإدارة مواقع التراث العالمي. وأكّد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، أن المجلس يولي اهتماماً كبيراً بتسجيل وإدراج المواقع الأثرية المصرية الفريدة والمتميزة على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، ما يعكس حجم الإرث الحضاري الذي تتميز به الدولة المصرية. وأشار خلال بيان للوزارة، الثلاثاء، عقب اجتماع مشترك بين مسؤولي الملف من مصر والصين، إلى السعي لتبادل الخبرات العلمية والاستفادة من الخبرات لدى الجانب الصيني لتسجيل موقع مقياس النيل في جزيرة الروضة، المُسجل على القائمة المبدئية لمواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2003. وأنشئ مقياس النيل بالروضة في عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله، إذ تم بناؤه عام 247 هجرية - 861 ميلادية، لقياس مستوى الفيضان، وبناء على ذلك تنظيم أمور الزراعة وتحديد الضرائب، والمقياس عبارة عن عمود رخامي مثمن الشكل بطول 19 ذراعاً، يحمل علامات القياس لتحديد ارتفاع الفيضان، ويقع وسط بئر مبطن بالحجر، ويدور حول البئر سلم حلزوني يصل إلى القاع، وتحمل جدران المقياس زخارف من الآيات القرآنية. مقياس النيل مزين بالزخارف والنقوش من الفن الإسلامي (تصوير: عبد الفتاح فرج) وخلال اجتماع بين الجانبين المصري والصيني لمتابعة إجراءات إعداد الملف المشترك، أوضح رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار بالمجلس الأعلى للآثار، الدكتور هشام الليثي، الإجراءات التي تم اتخاذها عن طريق المجلس في إعداد الملف الخاص بموقع مقياس النيل بجزيرة الروضة، لافتاً إلى أن المجلس بصدد «وضع اللمسات الأخيرة على الملف والنظر في التقدم إلى المنظمة لتسجيله خلال هذا العام حال اكتمال الملف الخاص بالجانب الصيني». بينما استعرض رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، الدكتور جمال مصطفى، موقف استيفاء الملف وفقاً للمعايير المقررة من منظمة اليونسكو، والمتضمنة وصف الموقع الجغرافي لجزيرة الروضة والوصف الأثري لموقع مقياس النيل، وقيمته التاريخية المعمارية والثقافية والعلمية، وحالة الحفظ الحالية للموقع الأثري، وخطط الترميم والصيانة الدورية. وتضم مصر العديد من المواقع المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي باليونسكو، من بينها «آثار النوبة من أبو سمبل حتى فيلة»، و«طيبة القديمة» و«منف وجبانتها»، و«القاهرة التاريخية»، و«منطقة أبو مينا» و«دير سانت كاترين والمنطقة المحيطة به». وعن مقاييس النيل في مصر وتطورها عبر العصور، تناول معاون وزير السياحة والآثار لتنمية الموارد البشرية، الدكتور أحمد رحيمة، أوجه التشابه بين موقع مقياس النيل بجزيرة الروضة ونقوش بايهيليانج الصينية بمنطقة فولينغ المسجلة على القائمة المبدئية لمواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2008، باعتبارهما أهم مواقع التراث الهيرولوجي التي لا تزال قائمة بحالة حفظ جيدة. جانب من الزخارف الإسلامية داخل المقياس (تصوير: عبد الفتاح فرج) وقال خبير الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إن «السعي لتسجيل مقياس النيل بالروضة مع نقوش بايهيليانج الصينية يطلق عليه في اليونسكو الممتلكات العابرة للحدود حيث تشترك دولتان أو أكثر في إعداد الترشيحات الخاصة بهذه الممتلكات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن اقتراح توسيع نطاق ممتلك مدرج يقع في دولة واحدة ليصبح ممتلكاً عابراً للحدود، وهذا يحدث لأول مرة في مصر بخصوص التراث الثقافي المادي. أمّا التراث اللامادي فقد سجّلت مصر ممتلكات عديدة بالاشتراك مع الدول العربية، أحدثها السمسمية مع المملكة العربية السعودية». وتقدم الترشيحات في 30 سبتمبر (أيلول) من كل عام، وينظر في الترشيحات الكاملة قبل الأول من فبراير (شباط)، لكي تنظر اللجنة في إدراجها في العام التالي، ويجب أن تكون الترشيحات مدرجة في القوائم المؤقتة للبلدان، وفق ريحان. مدخل مقياس النيل في جزيرة الروضة بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج) ومن الجانب الصيني، استعرض سكرتير لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمنطقة فولينغ ببلدية تشونغتشينغ، لي يونغ، أبرز الملامح الثقافية لمنطقة فولينغ الصينية وموقفها الاقتصادي الحالي، كما تناول الموقف الحالي للملف الصيني الخاص بموقع نقوش بايهيليانج، وتناول الاجتماع مناقشات بين الحضور لمراجعة خطة العمل خلال الفترة المقبلة، وما يجب اتخاذه من إجراءات للتقدم بالمستندات الرسمية للجنة التراث العالمي المختصة التابعة لمنظمة اليونسكو لإدراج المواقع بالقوائم النهائية. وبخصوص المعايير التي تؤهل مقياس النيل للتسجيل كتراث عالمي باليونسكو، أوضح عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن «مقياس النيل بالروضة يمثل قيمة تاريخية ومعمارية وفنية عظيمة، ويمثل إبداعاً معمارياً، فهو عبارة عن عمود رخامي مدرّج ومثمن يعلوه تاج روماني، حفرت عليه علامات القياس، ويتوسط العمود بئراً مربعة مشيدة بأحجار مهذبة، روعي في بنائها أن يزيد سمكها كلما زاد العمق»، ولفت إلى أن طريقة التشييد هذه «تدلّ على أن المسلمين كانوا على علم بالنظرية الهندسية الخاصة بازدياد الضغط الأفقي للتربة كلما زاد العمق إلى أسفل».